|
خربشـات في دفتر الذاكِرة
|
........................... خليلُ عَزَّة..................................
حتى نستدعي سيرة الخليل, لابد لنا من وقفة خشوع على قبرهِ..نتأمل فيها نقوش عبدالهادي الصديق (نقوش على قبر الخليل)....أبدع عبدالهادي نقوشِهِ تلك بإزميل فدياس وروحاً عبقرية, فجاءت تحمل الكثير من الدلالات والمعاني التي تجبرك على إقتفاء أثر الخليل ومتابعة مسيرته الإبداعية, وتأخذك في سياحة وجدانية لذلك الزمن الأجمل, تُحلِّق بك في فضاءاتِهِ حتى تشهد حرارة اللقاء وحميمية العِناق بين ( الأزرق والأبيض ) كعاشِقين التقيا بعد طول فِراق.... كثيرةٌ هي الوِهاد والفيافي التي قطعاها في رِحلة العِشقِ تلك وهما يندفِعانِ لنُقطة التلاقي في إيقاعٍ بديع.. وهاهو الأزرق يحيط توتي بذراعِهِ اليمنى ويضمها إليه فبدا وكأنه يصطحبها لتشهد ذلك اللِقاء........تصوّر روعة المشهد!
إرتبط خليل فرح بالزمان والمكان والناس ..عاش ظروفاً سياسية واجتماعية تفاعل معها وعبَّر عنها..عبَّر عن هموم الوطن ونبض الناس فجاء شعره مُفعماً بوطنية صادقة مهَّدت طريق دخولهِ للقلوب فعبَّرت عنهُ الحناجر..رددتهُ في المظاهرات التي انتظمت تلك الفترة المضيئةمن تاريخ أمتنا النضالي.
إحتفى خليل فرح بالنيل كما لم يحتفي به أحد قبله ولا بعدُه.. إتخذ منه رمزاً يُنتَمى إليهِ كما الأرض..عبَّر عن الذات السودانية بشموخِها وعزِّها, بعنفوانها واندِفاعها,بغيرتها على الأرض والعِرض والعِزَّةِ والكرامة:
نِحنَ ونِحنَ الشرف الباذِخ دابي الكَرْ شباب النيل نِحنَ الصوله ونِحنَ الدوله نِحنَ برانا نحمي حِمانا نِحنَ نموت ويحيا النيل
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: خربشـات في دفتر الذاكِرة (Re: اميمة مصطفى سند)
|
. . . .
شهادة أعتز بها من بت أستاذي صاحب البحر القديم,غشِيت قبره سحائب الرحمة.
كم بخلت علينا أميمة بقصائدك وكتاباتك المبدعة زمناٍ بحساباتنا طويل طويل وإن قصُر....أكتبي أميمة ففيما تكتبين زاد للروح يريحنا من (غبشة) الرؤيا و(عُتمة) المشهدالذي نعيش الآن!
كامل الود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشـات في دفتر الذاكِرة (Re: محمد فضل الله المكى)
|
. . . المتتبع لسيرة خليل فرح .. يتنقل بين (نقوش) عبدالهادي الصديق و (ملامح) عمنا حسن نجيلة كمن يسعى بين الصفا والمروة,إذ لا يكتمل السعي إلا بالهرولة بينهما والوقوف عند كلٍ منهما.... لقد شهدت دار فوز ميلاد قصائد الخليل التي ظلت حية في وجدان أهل السودان. تُجدد نفسها وتساير الأجيال.... قصة جميلة جميلات الخرطوم التي خلدتها (زهرة روما) والتي لا تُدانيها إلا (بدور القلعة) التي خلد فيها أبو صلاح حسناء حِسان ام دُر,تُعتبر قصيدة لوحة!!
قيل إن أغنية زهرة روما جعلت شباب الخرطوم يحجون إلى دارها راجلين وعلى العجلات , وكل منهم يُمني النفس بنظرة إليها أو منها.. كما إن كل زائر للخرطوم كان يطلب من مستقبليه رؤية زهرة روما قبل أن يغادرها.
أنا لا أستطيع قراءة شعر الخليل مُجرداً من لحنِهِ........ فهلا فعلتم!
فوق جناين الشاطي وبين قُصور الروم حيِّ ( زهرة روما) وابكي يا مغروم
دُره سالبه عقولنا ولبَّسوها طقوم ملكه آسره قلوبنا تبيت عليهاتقوم الطريق ان مرَّت بالخُلوق مزحوم كالهلال الهلا الناس عليها تحوم
شوف عناقِد ديساتقول عنب وكروم شوف وريدا المايل زي زجاجة روم القوام اللادِن والحشا المبروم والصِدير الطامِح زي خليج الروم
خِلِّي جات متبوعه الصافيه كالدينار في القوام مربوعه,شوفه عاليه منار موضه وآخر موضه,هيفا غيرِ زِنار روضه داخِل روضه غنّى فيها كنار
الجبين الهلَّ ضوَّ فيهو فنـار مِنّو هلَّ الشارع مِنو بقَّة نـار طلعه ما بتتقابل زي لهيب النار تحرِق البِتهابل والبعيــد في نار
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشـات في دفتر الذاكِرة (Re: محمد فضل الله المكى)
|
................................ الخليل ينعي نفسه ...............................
كان مجلس الأصدقاء في دار فوز لا ينفض سامره إلا ليجتمع في المساء التالي, وقد قيل إن خليل فرح هو أول سوداني يعزف على العود بإتقان , فكانت ليالي الأصدقاء حافلة بشجيِّ االأنغام وحلو الكلام.... الخليل يرفع عقيرته بالغناء فتتبعه فوز بصولو منفرد أو تقوم بترديد الكوبليه من بعده بطبقة صوت مليئة بالشجن والرقة والعذوبة, فيرتقي القوم أعلى مراقي الطرب و(السلطنة).
إن استرجعت سيرة الخليل حتماً ستعيش عصرِهِ, ويبلغ بك الخيال مبلغاً تتصور معه إنك جالس تتمايل .. فوز عن شمالك والخليل عن يمينك, وضحكات الأصدقاء وغفشاتهم تأتيك من هنا وهناك............
ولكن يا للأسى!!!!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشـات في دفتر الذاكِرة (Re: محمد فضل الله المكى)
|
يقول الراوى,
ـ ظلت حياتنا تسير هادئة حيناً صافية حيناً, مضطربة حيناً ما حتى كانت الكارثة يوم فوجئنا بأن الخليل قد أصيب بذات الرئة, وتقبل الخليل الأمر بشجاعة فائقة, وأعد العُدة للسفر للقاهرة للراحة والعلاج..وفي دار فوز أقمنا له ليلة الوداع.. ويا له من وداع باكي وإن كان قد أرغمنا على أن نضحك ونمرح , وملأ قلوبنا شجىً مرير حتى إذا أوشك الليل أن يدبر أمسك الخليل بالعود ونظر إلينا نظرةً حانية ثم قال:ألا أسمعكم أغنية الوداع ؟ لقد بدأت أنظم بعض أبياتها ولعلي أتمها في القاهرة , وأرخينا أسماعنا وأخذ هو يدندن مع نغمات العود كعادته:
ماهوعارف قدموالمِفارِق يا مَحَطْ آمالي الســلام
ثم يلتفت إلى فوز وإلى الرفاق ويواصل:
يا جميل يا نور الشقايق أملا كاسك واصبر دقايق مجلِسك مفهوم شوفو رايق عِقدو ناقِص زول ولاّ تام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشـات في دفتر الذاكِرة (Re: محمد فضل الله المكى)
|
أكمل الخليل قصيدة الوداع تلك في القاهرة وهو في أشد الشوق لوطنه الكبير السودان , ووطنه الأثير ام درمان,ثم حنينه إلى حيث يجتمع الأحبة ويكتمل عقدهم.... كان دائماً في حالة ترقُّب للبريد الآتي من السودان عله يحمل إليه أخباراً تُطفئ نار اشتياقه لهم, فيجد في العود ملاذاً يلجأ إليه:
يا بريد الجو فوقو حالِق ميل على الروح ليها خالِق قُلْ لِي كيف امسيت وانت عالِق مقرن النيلين كيلو كـــام
في يمين النيل حيثُ سـابق كُنا فَرْق أعراف السـوابِق الضريح الفاح طِيبو عابـِق الســلام يا المهدي الإمام
والمرض ينهش صدره وقد تمكن منه, لم يستطع الخليل مقاومة حنينه للوطن.. ودون أن يكمل علاجه ودَّع مصر شاداً الرحال للسودان..لكنه كان يًُعاني..وفي ليلة حالكة السواد أسلم الخليل الروح لبارئها فكانت صدمة لكل محبيه وعشاق فنه....ذهب الخليل وترك إرثاً من الإبداع يتجدد كلماتعاقبت الأجيال.
ودع الخليل الوطن في شخص ام درمان, وودع ام درمان من خلال الأمكِنة التي يحمل لها ذكريات حبيبة في نفسه.... حقيقةً رثى الخليل نفسة بتلك القصيدة الخالدة.
من علايل ابروف للمزالق من فِتيح للخور للمغالق قدله يا مولاي حافِي حالِق بالطريق الشاقِّي التُرام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشـات في دفتر الذاكِرة (Re: محمد فضل الله المكى)
|
............. عمر دفع الله (التشاشي) الذي أشعل فتيل الثورة ضد الإنجليز ...............
عبد الخالق حسن مامور سجن ام درمان.. مصري .. أحبه أهل ام درمان كما لم يحبوا ظابط سجن قبله ولا بعده, (ربِّنا افتكرو) في 19 يونيو 1924.... قيل إن من شيعوه إلى مثواه الأخير كانوا حوالي عشرين ألفاً (بشهادة مستر ولس ملاحظ بوليس ام درمان). وعندما انتهت مراسم الدفن وبدأ المشيعون في التفرق إذ بالشيخ عمر دفع الله التاجر بسوق ام درمان يهتف( يسقط الإنجليز) ويهتف معه المشيعون, فكانت الشرارة التي أشعلت فتيل الثورة, فتصدى رجال اللواء الأبيض لقيادة الجماهير وقامت سلسلة من المظاهرات وامتلأت السجون والمعتقلات بالثوار.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشـات في دفتر الذاكِرة (Re: محمد فضل الله المكى)
|
............................ يا شعب أصبح مِرجلاً يغلي .............................
وكانت أخطر مظاهرة شهدتها العاصمة هي تلك التي خرج فيهاطلبةالمدرسةالحربيةفي الخرطوم بملابسهم الرسمية,يحملون السلاح مزودين بالذخيرة,وذلك في صبيحة يوم9/8/1924م حيث طافوا بأهم شوارع العاصمة, وكان الشعب يحييهم,والنساء يزغردن, وفد قصدوا منزل علي عبدالطيف الذي كان معتقلاً هو وقادة الجمعية في سجن كوبر,فأدوا لدار البطل السجين التحية العسكرية,فخرجت لهم زوجته وتلقتهم بالزغاريد.ومن هناك اتجهوا لسرايا الحاكم العام,ثم إلى الخرطوم بحري حتى بلغوا سجن كوبر, وهناك أمام السجن وقفوا وأدوا التحية العسكرية لسجناء الحركة الوطنية خلف الغضبان ثم غفلوا راجعين إلى ثكناتهم وتحصنوا فيها. بعد ذلك تأتي عملية إعتقالهم ووضعهم في باخرتين رستا في عرض النيل, وتمت محاكمة واحد وخمسين طالباً بالسجن هم كل طلبة المدرسة الحربية, ويشهد التاريخ إنهم قد حجزوا لهم مكاناً بارزاً في حركة الجماهير.
تبعت حركة طلاب المدرسة الحربية مباشرة حركة الضباط الأحرار التي انتقلت من طور المظاهرة إلى الصدام المسلح....عبد الفضيل الماظ,حسن فضل المولى,ثابت عبدالرحيم,علي البنا,سليمان محمد,وسيد فرح وتحت قيادتهم سرية قوامها مائة جندي..دخلوا في معركة شرسة مع الجيش المحتل استمرت خمسة عشر ساعة حتى نفذت ذخيرتهم. استشهد عبدالفضيل الماظ ممسكاً بمدفعه الرشاش....تم إعدام جميع الضباط عدا سيد فرح الذي عبر النيل الأزرق سباحةً وانضم للقوات المصرية في بحري.
هذه القصيدة التي صاغها (عبيـد عبدالنـور) في مستهل أحداث 24 كانت عامل شحن معنوي لطلبة المدرسة الحربية,كانوا يرددونها خلال المسير الذي جابوا فيه شوارع المدن الثلاثة, وكانت الجماهير المحتشدة في الطرق ترددها معهم:
يا ام ضفاير قودي الرسن واهتفي فليحيا الوطـن
أصلو موتاً فوق الرقاب كان رصاص أو كان بالحراب البدور عندالله الثواب اليضَحِّي وياخد العِقاب يا الشباب الناهِض صباح ودِّع اهلك وامشي الكِفاح قوِّي زِندك وموت بارتياح فوق ضريحك تبكي المِلاح
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشـات في دفتر الذاكِرة (Re: محمد فضل الله المكى)
|
جمعية اللواء الأبيض
وتاريخ هذه الجمعية ما هو الا تاريخ حياة رئيسها وبطلها المغفور له الملازم أول على عبداللطيف . ولد فى حلفا سنة 1892 حيث كان والده جنديا فى الجيش المصرى وأتم تعليمه الابتدائى بالخرطوم والتحق بالمدرسة الحربية تخرج بعدها سنة 1914 برتبة ملازم ثان وتنقل فى خدمة الكتائب السودانية فى الجيش المصرى وكأدارى برتبة نائب مأمور . وعرف بدماثة الأخلاق وطيب المعشر ، له مروءة عالية وشجاعة تصل حد التهور ، وفى آخر مرة كان يخدم الجيش سنة 1921 نفس السنة التى شهدت مولد جمعية الاتحاد السودانى وأصبح منزله ناديا للسمر والمناقشة فى الأمور العامة وخاصة من زملائه الضباط وقابلهم نائب المدير البريطانى فى الطريق ولم يؤدوا له التحية وعند مناقشتهم فى هذا الأمر أجابه على عبداللطيف بأنهم كضباط فى الجيش غير ملزمين بتحية الملكيين الا مدير المديرية فى مناسبات خاصة . وتمت اتصالات بين نائب المدير والقومندان الانجليزى أدت فى النهاية الى احالته للاستيداع فسافر للخرطوم حيث تفرغ للأعمال السياسية المناهضة للانجليز . وكتب مقالا لم ينشر فى حضارة السودان لأن رئيس التحرير أرجأ نشره الى حين تمكن مدير المخابرات من سجنه من الحضارة وتقديمه للمحاكمة بموجبه وبنشره فى الصحف المصرية والمقال لا يحتوى غير مطالبته بتوسيع فرص التعليم ونزع احتكار السكر من يد الحكومة ونقد لمشروع الجزيرة . وحكم عليه بالسجن سنة .
وعند خروجه من السجن بدأ نشاطا سياسيا واضحا يرمى الى ربط قضية السودان بقضية مصر . وأثناء ذلك حدث تصريح 28 فبراير سنة 1922 الذى منح مصر الاستقلال مع التحفظات الأربعة ومن ضمنها أن تبقى مسألة السودان على ما هى عليه دون تغيير . وعندما تكونت لجنة لوضع الدستور على أساس هذا التصريح فى مصر اقترحت أن يكون اللقب الملكى " ملك مصر والسودان " وكادت تحدث أزمة سياسية توعدت بريطانيا وهددت وأخيرا كتبوا نصا يقول بأن لقب الملك يرجأ الى ان تحل مشكلة السودان . وفى سنة 1924 كانت نتيجة الانتخابات أغلبية كاسحة لحزب الوفد وحسب العرف الدستورى ألف سعد زغلول الحكومة وفى نفس السنة تكونت جمعية اللواء الأبيض وبدأت نشاطها بارسال التلغرافات مؤيدة المطالب المصرية بالاستقلال الكامل لمصر والسودان . ( منقول من كتاب السودان عبر القرون للدكتور مكى شبيكة – صفحة رقم 524 و 525 – دار الجيل بيروت - الطبعة الثالثة 1991 )
و نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشـات في دفتر الذاكِرة (Re: محمد فضل الله المكى)
|
قصيدة الخليل الرمزية التي عاشت بين مختلف الأجيال وستظل.... ما مرت مناسبة قومية إلا وكانت حاضرة في قلوب الناس قبل حضورها في شفاههم.... عزَّه.
عَّزَّه في هواك,عزَّه نِحنَ الجبال لي البخوض صفاك,عزَّه نِحنَ النِبال
عزَّه ما بنوم الليل مُحال أحسِب النجوم فوق الرِحال أخلق الزاد كِمِل أنا حالي حال مِتين أعود أشوف ظبياتنا الكِحال
عزَّه ما سليت وطن الجمال ولا ابتغيت بديل غير الكمال وقلبي لي سِواك ما شفته مال خذيني باليمين أنا راقِد شمال
عزَّه في الفؤاد سِحرِك حلال ونار هواك شِفا وتيهِك دلال ودمعي في هواك حِلو كالزُلال تزيدي كلُّ يوم عظَمه وجلال
عزَّه جِسمي صار زي الخُلال وحظي في الرِكاب صابو الكلال وقلبي لِسه ما عِرِف الملال أظِنُه ود قَبيل وكريم الخِلال
عزَّه ما نِسيت جنَّة بِلال وملعب الشباب تِحتَ الظِلال ونِحنَ كالزِهور فوق التِلال تِشابي للنجوم(وتشيل)الهلال
عزَّه شُفتي كيف نهضو العِيال وجدَّدوا القديم صرفوا الخيال روحِك ام سماح سرى كالسيال شجى الفؤاد وحيّا مسود الليال
عزَّه ما اشتهيت نوم الحِجال ولا السوار بكى في يمينو جال وعزَّ في الفريق ليْ ضيق مجال قبيله بِت قَبيل ملأ الكون رِجال
عزَّ في حِزا الخرطوم قُبال وعزَّه من جِنان شمبات حِبال وعزَّه لي ربوع ام دُر جبال وعزَّه في الفؤاد دوا يشفي الوبال
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خربشـات في دفتر الذاكِرة (Re: محمد فضل الله المكى)
|
............................ في رِحاب ديار (السير) علي التوم...........................
عندما التقى الأديب حسن نجيلة بالشاعر محمد سعيد العباسي (غشتهما سحائب الرحمة) في بادية الكبابيش , كان الأول مدرساً لأبناء الشيخ علي التوم, أما الثاني فقد كان عاشِقاً لتلك البادية مُحِباً لأهلِها. كانت مجالِس الأدب تُزيِّن ليالي الصديقين فتغشاهم نسائم ليل البادية مُحملة بغناء البدويات الرعابيب الآتي من بعيد. يقول عمنا حسن نجيلة: وفي تلك الليالي الزاهِرة إنساب إلى مسامِعنا صوت بدوي حنون يُنشد:
يا ابْ لوناً سمري يا ابْ حديثاً تمري بدور آنيــي با الله تجمع شملي
وعلى الفور يقوم العباسي بمجاراة ذلك بالشعر الفصيح: اللونُ لونُ الذهبِ والقولُ حُلو الرُطبِ لي إربٍ في ذا الرّشا يا ربي فاقضي إربي
وقد أشفع الصوت الآتي من بعيد, تلك بهذي:
خَتّاته خُتِّي وزيدي بكريكي بي مجيدي شوفي ليْ حبيبي في البلد البعيدي
والكِرى هو الإيجار, وبكريكي تعني أمنحِك أجراً . وفي زمان سابق كنا نسمع هذه الكلمة مستخدمة في بعض نواحي السودان إذ يقولون هذا (الولد كرِي ناس فُلانه) يعني أجيرهم....وهي في الخليج مستخدمة فسيارات التاكسي في الدوحة مكتوب عليها (كروة) أي أُجرة.... أما المجيدي فهو الريال العثماني الذي كان متداولاً في فترة الحكم التركي , وهو ذات الريال الذي عناه أهلنا عندما قالوا (عشرة في تُربه , ولا ريال في طُلبه). نعود لمجلس الأديبين العلمين لنرى كيف جارى العباسي ذلك بالفصيح:
عرّافةُ العربِ زيدي ومن ندايَ استزيدي فكيف حالُ حبيبٍ أمسى بغفرٍ بعيدِ
| |
|
|
|
|
|
|
|