|
Re: المقامة الخرطومية (Re: عبدالرحمن الحلاوي)
|
ذهبنا وصديقي في وضح النهار صوب قندهار ، القابعة خلف سوق ليبيا ، فوجدناها سوقا كبيراً ، وقبل أن إلى المشاوي ، رأينا رجلاً منتصب القامة ، عظيم الهامة ،كثيف اللحية ، عليه هيبة ويرتدي جبة ، يجلس في سيارة مكشوفة والناس حوله ملمومة ، ويتكلم من مكبر صوت وهو يقول : وَهْوَ يَقُولُ: أَيُّها النَّاسُ إِنَّكُمْ لَمْ تُتْرَكُوا سُدَى، وَإِنَّ مَعَ اليَوْمِ غَداً، وَإِنَّكُمْ وَاردُوها، فَأِعُّدوا لهَا مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ، وَإِنَّ بَعْدَ المَعَاشِ مَعاداً، فَأَعِدُّوا لهُ زَاداً، أَلا لاَ عُذْرَ فَقَدْ بُيِّنَتْ لَكُمُ المَحَجَّةُ، وَأَخِذَتُ عَلَيْكُمُ الحُجَّةُ، مِنَ السَّماءِ بِالخَبَرِ، وَمِنَ الأَرْضِ بَالعِبَرِ، أَلا وَإِنَّ الَّذِي بَدَأَ الخَلْقَ عَلِيماً، يُحْيِ العَظامَ رَمِيماً، أَلا وَإِنَّ الدُّنْيا دَارُ جَهَازٍ، وَقَنْطَرَةُ جَوَازٍ، مَنْ عَبَرَها سَلِمَ، وَمَنْ عَمَرها نَدِمَ، أَلا وَقَدْ نَصَبَتْ لَكُمُ الفَخَّ وَنَثرَتْ لَكُمُ الْحَبَّ؛ فَمَنْ يَرْتَعْ، يَقَعْ، وَمَنْ يَلْقُطْ، يَسْقُطْ، أَلا وَإِنَّ الفَقْرَ حِلْيَةُ نَبِيِّكُمْ فَاكْتَسُوهَا، وَالغِنى حُلَّةُ الطُّغْيَانِ فَلاَ تَلْبَسُوها، كَذَبَتْ ظُنْونُ المُلْحِدِينَ، الَّذَينَ جَحَدُوا الدِّينَ، وَجَعَلُوا القُرْآنَ عِضِينَ إِنَّ بَعْدَ الحَدثِ جَدَثاً، وَإنَّكُمْ لَمْ تُخْلَقُوا عَبَثاً، فَحَذَارِ حَرَّ النَّارِ، وَبَدَارَ عُقْبَى الدَّارِ، أَلا وَإِنَّ العِلْم أَحْسَنُ علَىَ عِلاَّتِهِ، وَالجَهْلَ أَقْبَحُ عَلَى حَالاتِهِ وَإِنَّكُمْ أَشْقَى مَنْ أَظَلَّتْهُ السَّماءُ، إِنْ شَقِيَ بِكُمُ العُلماءُ، النَّاسُ بِأَئِمَّتِهمْ، فإِنِ انْقَادُوا بِأَزِمَّتِهِمْ، نَجَوْا بِذِمَّتِهمْ، وَالنَّاسُ رَجُلاَنِ: عَالِمٌ يَرْعَى، وَمُتَعَلِّمٌ يَسْعَى، وَالبَاقُونَ هامِلُ نَعامٍ، وَرَاتِعُ أَنْعَامٍ، وَيْلُ عَالٍ أُمِرَ مِنْ سَافِلِهِ، وَعَالِمِ شَيْءٍ مِنْ جاهِلِهِ، وَقَدْ سَمِعْثت أَنَّ عَلِيَّ بْنُ الحُسَيْنِ كَانَ قَائِماً يَعِظُ النَّاسَ وَيَقُولُ: يا نَفْسُ حَتَّامَ إِلى الحَياةِ رُكُونُكِ، وَإِلَى الدُّنْيَا وَعِمَارَتِهَا سُكُوُنُكِ؟ أَما اعْتَبَرْتِ بِمَنْ مَضَى مِنْ أَسْلاَفِكِ، وَبِمَنْ وَارَتْهُ الأَرْضُ مِنْ أُلاَّفِكِ، وَمَنْ فُجِعْتِ بِهِ مِنْ إِخْوَانِكِ، وَنُقِلَ إِلَى دَارِ البِلَى مِنْ أَقْرانِكِ؟؟ فمال صاحبي نحوي وقال لي أخذنا العطش والجوع ، فهلم إلى الشواء نصب منه غداء ، فطلبنا من صاحبة الشواء طيب اللحوم المكتنزة بالشحوم ، وما هي نصف ساعة وإلا فالشواء تتسايل جوانبه وتفوح رائحته فأكلنا حتى لا نجد له في البطن مسلكا ثم أتتنا بشراب خليط بين الشامبيون والروب لنفثأ به الصارة وتلك الشطة الحارة ثم دفعنا ثمن ما أكلنا وعدنا من حيث أتينا ...بين صدى ذلك الشيخ وابتسامات صاحبة الشواء . النص مختار بتصرف من المقامة الوعظية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المقامة الخرطومية (Re: عبدالرحمن الحلاوي)
|
توقفت عن المقامة الخرطومية بسبب هول الفاجعة في جلد فتاة كغرائب الإبل ..ففي الخرطوم يبدو أن السماء ملبدة بالغيوم ففي الجنوب إستقلال وفي الشمال يسمونه إنفصال ، وفي الغرب حرب وفي الشمال الناس حيرى ، خبط عشواء تسير أمورنا ..نسأل الله اللطف في البلاد والعباد
| |
|
|
|
|
|
|
|