|
الشعلة ......كوستي وعشية عيد الميلاد
|
Quote: الشعلة ......كوستي وعشية عيد الميلاد
في كل عام وعند وقت العصر من عشية يوم عيد الميلاد المجيد، في مدينة كوستي، يحتشّد ويصطف الأشقاء المسحيين في صفوف متسقة. جلّهم من الطلاب والشباب والأطفال ومعظمهم من الجنوب الحبيب، ومعهم بعض الاقباط. هذا الاحتفال السنوي يخطط ويعدّ له الإخوة المسيحيين جيدا حتى يخرج في ثوب قشيب.
المشاركون تميزّهم ملابسهم الزاهية، وخاصة القمصان البيضاء، وعلى أعناقهم تتدلى مناديل حمراء، وفي يد كل واحد منهم شعلة متقدة، متوسطة الحجم مازلت أشم رائحة الجازولين المنبعثة منها حتى الآن. هناك فرقة موسيقية تتقدّم الموكب، تعزف مقطوعات شجية، تلقى تجاوبا ًوترحابا من الجماهير الذين اصطفوا وملأوا الطرقات ليظفروا بمشاهدة هذا الحدث الفريد، والذي لا يتكرر إلا مرة واحدة كل عام. الموكب يردد ترانيم دينية منغمة تتحدث عن السلام والوئام والمحبة.
خلف حملة المشاعل هناك عربة المطافئ التى تسير على مهل وفوقها وخلفها يسير رجال الأطفاء في كامل ملابسهم وعدّتهم مشاركين في هذا الموكب، وبين الفينة والأخرى تطلق صفارتها المميزة ابتهاجا، ومشاركة في هذا الاحتفال السنوي. هناك أيضا الشرطة والتى تسير أمام وخلف الموكب، ليس لحماية الموكب ولكن لحفظ النظام وقيادة الموكب في الشوارع الرئيسية.
كان عندما يمرّ هذا الموكب أمام الآلاف من الجماهير، كانوا يلهبون أيديهم بالتصفيق الحار، والنساء يزغردن ابتهاجا وسرورا بذلك الحدث السعيد. لا أذكّر بالضبط من أين يبدأ هذا الموكب، ولكن كنا نجري وراءه عندما يمرّ بحيّ المرابيع حيث كنت أقطن، ومنها إلى المستشفي ثم ينعطف شمالا إلى الحلة الجديدة عابراً خط السكة الحديد المتجه من الشرق إلى الغرب قاطعا المدينة إلى نصفين. في الحلة الجديدة- وهي ليست بالجديدة- فهو حيّ عريق، يكون للموكب طعم ومذاق آخر،فيدخل ويخرج الكثير من الأطفال، وطلاب المدارس في الموكب لا يمنعهم المنظمين ولا- ينهرونهم- بل يتبسّمون في وجوههم، ولا يمنعهم أهليهم أو أولياء أمورهم من التفاعل والمشاركة في هذا الحدث المجيد الذي كان وما يزال عطلة رسمية.
من المشاركين في هذا الموكب طلاب وشباب الكنائيس الكاثوليكية والبروتستانية، والأنجليكانية، والكنيسة القبطية، مع مشاركة معتبرة من قطاعات مختلفة من كوستي فبالإضافة إلى الشرطة، والمطافئ هنالك أيضاً فرقة الكشافة.
مدينة كوستي، مع إنها معروفة كمعقل لطائفة الانصار إلا أنها مشهورة بالتسامح وقد يكون مرد هذا لانتشار التعليم وموقعها الجغرافي كملتقى طرق للشمال والجنوب والشرق والغرب لاسيما دور السكة حديد في نشر المعرفة والتنوير.
هذا الموكب الذي شاركنا فيه ونحن اطفال وأيفاع ثم شباب لا أعرف هل مازال قائما؟! أم اختفي كغيره من الأعياد والمناسبات الجليلة كعيد العلم ويوم الشجرة، وثورة اكتوبر ويوم النظافة - ومازلت أذكر حين شارك فيه دكتور جرجس عياد إسكندروأسرته في حملة نظافة ميدان الحرية. دكتور جرجس عياد إسكندر هو من الأطباء المشهورين الذين عملوا في كوستي منذ أيام الانجليز، أمد الله في أيامه.
وبمناسبة ذكري عيد الميلاد المجيد أبعث التحية لكل الإخوة المسيحيين في كل أرجاء المعمورة وخاصة في مدينة كوستي. المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة.
عمر عبد الله محمد علي
عشية الميلاد 2010-12-24 مونتري-كلفورنيا
|
|
|
|
|
|
|