|
هل يدفع النائب الاول .......فاتورة المرحلة الجديدة
|
عودة مصر الي السودان: الانقلاب الثالث؟ 2003/05/06 د. عبدالوهاب الافندي الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس المصري محمد حسني مبارك للعاصمة السودانية الخرطوم الاسبوع الماضي كانت مثيرة للاهتمام خاصة لجهة توقيتها. فزيارات الرئيس المصري للسودان نادرة، خاصة خلال العهد الحالي الذي لم يزر السودان خلاله إلا مرة واحدة للمشاركة في احتفالات اعياد الاستقلال في يناير (كانون الثاني) 1990. ولهذا فمن المنطقي الخلوص الي ان أمرا جللا دعا الرئيس المصري الي اتخاذ هذه الخطوة النادرة، خاصة في ظل تاريخ التوتر في علاقات البلدين. الملفت للانتباه كذلك في توقيت الزيارة هو انها تأتي بعد أقل من شهر علي زيارة سابقة قام بها الرئيس السوداني الفريق عمر حسن احمد البشير للقاهرة لتنسيق المواقف بعد نهاية الحرب علي العراق وسقوط بغداد. وهذا يطرح سؤالا حول ما استجد خلال الاسبوعين الماضيين لكي يكون دافعا لزيارة تاريخية من هذا النوع؟ لا يقل أهمية عن ما سبق كون الزيارة جاءت في غياب النائب الأول لرئيس الجمهورية، علي عثمان محمد طه الذي كان بدوره يقوم وقتها بزيارة خاطفة ومفاجئة للعاصمة البريطانية لندن. وهذه مصادفة سعيدة، لأنها ترفع الحرج عن الرئيس المصري الذي ظل يرفض بانتظام عقد أي لقاء مع طه رجل النظام القوي لأنه يحمله، كما تقول مصادر مصرية، المسؤولية في دعم الجماعات المعارضة التي حاولت اغتياله في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا في عام 1995. وفي العام الماضي رفض مبارك لقاء طه الذي زار القاهرة لترؤس الجانب السوداني في اللجنة الوزارية المشتركة، ولكنه التقي بعد مغادرته بيوم واحد مسؤولا سودانيا أدني مستوي جاءه مبعوثا للرئيس السوداني. ولكن هل كان غياب نائب الرئيس السوداني اثناء زيارة الرئيس المصري مجرد مصادفة؟ الذي حدث هو ان علي عثمان استدعي فجأة الي العاصمة البريطانية للقاء مع مسؤول امريكي من الصف الرابع لمناقشة امور مهمة لم يفصح عنها في ذلك الوقت، وعندما وصل وتم اللقاء لم يخرج ما دار فيه عن الرسائل المعهودة التي ظلت واشنطن تبعث بها للخرطوم عن ضرورة الاسراع باتمام مفاوضات السلام والاستمرار في التعاون ضد الارهاب. ولم يكن في ما جري جديد يدعو الي عقد اجتماع خاص، ناهيك عن ان تكون هناك حاجة لاستدعاء الرجل الثاني في النظام الي عاصمة غربية علي عجل لعقد مفاوضات سرية. الاستنتاج هو ان هناك تنسيقا بين مصر والولايات المتحدة حول السودان، وان هذا التنسيق يرتبط بما دار بين الرئيسين المصري والسوداني خلال زيارة الأخير للقاهرة الشهر الماضي، وبمحاولة كل من البلدين التأقلم مع ذيول حرب العراق وانهيار نظامه والتهديدات الناجمة عن ذلك. ويتضح من الخطوات التي تم الاتفاق عليها، والمتمثلة في اعادة العمل باتفاقية التكامل بين البلدين والتي وقعت في عهد الرئيسين انور السادات وجعفر نميري (عام 1976) ان البلدين قررا العودة الي صيغة العمل التي كانت متبعة في تلك الحقبة، وتلعب فيها مصر دور الشقيق الأكبر والولايات المتحدة الشقيقة الأكبر جدا، بينما تتولي الحكومة السودانية تنفيذ تعليمات الشقيق الثاني التي تأتي عبر الأول. والمعروف ان هذا كان المطلب المصري منذ بداية عهد ثورة الانقاذ الوطني في عام 1989، فمصر كانت أول دولة في العالم أيدت الانقلاب، وروجت له، ولكن العلاقة بين البلدين توترت بعد ان اتضح ان الحكومة السودانية الجديدة لم تكن أخوية بما فيه الكفاية، وتعرضت العلاقة لانهيار كامل بعد رفض السودان مسايرة الموقف المصري من حرب الخليج الثانية ومساندة الموقف الخليجي ضد العراق. منذ ذلك الوقت تبنت مصر موقفا رسميا يفرق بين المجلس العسكري الحاكم بقيادة الفريق البشير وبين حلفائه الاسلاميين بقيادة الدكتور حسن الترابي، وقد اقنعت مصر حلفاءها العرب والأجانب بضرورة العمل علي اضعاف موقف الترابي كمفتاح لحسم الخلاف بين البلدين، واتهمت مصر الترابي بممالأة الحركات الاسلامية المتطرفة في مصر وغيرها، وبناء شبكات سرية لدعم الارهاب، ودعت الحكومة الي التنصل من الترابي وأعماله، ولأن الترابي كان الحاكم الفعلي وقتها، فان هذا الموقف المصري كان بمثابة اعلان حرب علي الحكومة السودانية ردت عليه بالمثل. مصر كانت بالتالي أول من رحب بالخلاف بين البشير والترابي واقصاء الأخير من كل مواقع السلطة وقامت بحملة لحشد الدعم للبشير في صراعه مع حليف الأمس. ولكن احدي نتائج الصراع كان قيام انصار الترابي باطلاق اتهامات علنية لعلي عثمان بأنه كان وراء محاولة اغتيال مبارك، وبغض النظر عن لا أخلاقية هذا النوع من الاتهامات (فالجميع كانوا شركاء في كل ما جري) فان الحكومة المصرية اقتنعت علي ما يبدو بها واتخدت موقفا من النائب الأول علي أساسها. هناك سبب اضافي للتوجس المصري من علي عثمان، وهو ان المشروع المصري لن ينجح في ظل وجود شخص قوي يتحكم في مفاصل السلطة. وفوق ذلك فان هناك اقتناعا روجت له اطراف داخل وخارج السلطة واصبح علي ما يبدو قناعة لدي الادارة الامريكية، مفاده ان علي عثمان اصبح يمثل العقبة الأكبر في طريق ابرام صفقة سلام مع المتمردين فالصفقة المطروحة علي المائدة تحتم ان يتنازل النائب الاول من موقعه لزعيم حركة التمرد جون قرنق. ويؤكد كثيرون ان تمسك النائب الاول بمنصبه هو السبب الرئيسي في صعوبة ابرام اتفاقية السلام. ازاحة علي عثمان من موقعه ستخدم بالتالي اهداف مصر والولايات المتحدة، اضافة الي قوي سودانية كثيرة، ولكن تحقيق مثل هذا الانقلاب لن يكون من السهولة بمكان، فالرجل يمسك بالمفاصل المهمة للحكم، ويهيمن علي الأجهزة الأمنية والادارية منذ عام 1989، ويتمتع بدعم قوي في الجيش، بالطبع للرجل خصومه داخل وخارج الحكم، وقد ينافسه الرئيس فيما يتمتع به من دعم داخل الجيش. ولعل نجاح المخطط ضده يعتمد علي وجود تعاون قوي من داخل اجهزة الحكم، وهو تعاون يبدو انه متوفر، لأنه من المستبعد ان ينجح المخطط شبه المكشوف لابعاد طه عن العاصمة السودانية اثناء زيارة الرئيس المصري ومناقشة ترتيبات واستحقاقات ما بعد سقوط بغداد، إلا اذا كان هناك تعاون سوداني علي أعلي المستويات، وعلي كل فان الشيخ الترابي كان يتمتع بسند شعبي أكبر ونفوذ أقوي، ومع ذلك أطيح به. من الناحية القانونية فان ابعاد النائب الأول أسهل بكثير، لأنه يكفي اصدار قرار باقالته من رئيس الجمهورية، ولكن المستبعد ان ينجح هذا الانقلاب في حسم مشكلة النظام. من التبسيط المخل بالطبع تحميل النائب الأول اشكالية النفق المسدود الذي دخله النظام حاليا، لأن المسألة تخص تركيبة النظام بكاملها، ولعل من المفارقة ان صعود علي عثمان ساعد نوعا في اضفاء بعض الاستقرار علي نظام كانت أزمته الأكبر هي ازدواجية السلطة بين منظمة سرية تحكم من الباطن، وهيكلية سلطة ظاهرة ولكنها جوفاء لا حول لها ولا قوة، فتولي علي عثمان وظيفة رسمية في القصر قلل من مشكلة الازدواجية، وان لم يقض عليها تماما، فالتعليمات لكبار المسؤولين اصبحت علي الأقل تصدر من القصر، وان كانت القرارات الهامة ما تزال تطبخ خارج أروقة السلطة الرسمية، وبعيدا عن الحكومة والبرلمان. الاستقرار النسبي تحقق ايضا عبر التخلي عن الطموحات الراديكالية داخليا وخارجيا، بحيث اصبح همه الأول الحفاظ علي السلطة والاشتغال بمشاريع التنمية، شأنه شأن الحكم العسكري الأول في مطلع الستينات، وساعده في أمره هذا تدفق النفط وما تبعه من ازدهار اقتصادي معقول، ولولا استمرار الحرب لربما كان النظام سيستمر في تعثره الي ان يقضي الله أمرا كان مفعولا، شأنه شأن الأنظمة العربية المفلسة الأخري. ولكن استمرار الحرب، وانفجار العنف مجددا في دارفور، واستحقاقات ما بعد سقوط بغداد، كلها تضافرت لكي تدفع القوي الاقليمية والدولية للتحرك باتجاه حسم القضية السودانية بأسرع وقت حتي لا يؤثر عدم الاستقرار فيه في بقية دول المنطقة، ويبدو ان مصر قد اخذت علي عاتقها مهمة الملف السوداني في اطار تعريف جديد للأدوار في عالم ما بعد صدام، وانها باشرت الآن بهمة دورا يراد له ان يكون أشبه بدور سورية في لبنان. ويبدو كذلك ان النائب الأول سيكون أول من يدفع القسط الأول من فواتير المرحلة الجديدة. هذا لا يعني بالضرورة ان الأمور في السودان ستتطور نحو الأفضل نتيجة لهذا، لأن المسؤولين المصريين ليست لديهم معرفة أفضل أو قدرات أكبر من اخوانهم السودانيين علي معالجة قضايا الخلافات السودانية، ولو كانت لهم مثل هذه القدرات لكنا رأينا ثمرتها في أرض الكنانة. وبالمقابل فان عجز المسؤولين السودانيين عن حسم القضايا الملحة وعلي رأسها قضية السلام هو دعوة مفتوحة لكل من رغب وقدر علي التدخل في الشأن السوداني، واذا استمر الحال علي ما هو عليه فان الكثيرين سيرحبون بهذا التدخل مثلما رحب غالبية العراقيين بالغزو الامريكي. 9
ارسل هذا الخبر الى صديق بالبريد الالكتروني نسخة للطباعة
هل تثق بقدرة محمود عباس على تحقيق حل سياسي وامني مقبول للشعب الفلسطيني؟ نعم لا
من 29-04-2003 الى 05-05-2003
alquds forum
Alquds PDF archives
بحث داخل الموقع ادخل الكلمات التي تريد البحث عنها
بحث في موضوع كامل الموقع الصفحة الأولى شؤون عربية و عالمية تحقيقات سياسية صحف عبرية أدب و فن منوعات مذكرات رياضة و شباب اقتصاد و مال مدارات رأي الأخيرة
Send email
أخبار الأمس
باول يحذر: دمشق ستتحمل عواقب سوء النية بعملية السلام تنازلات سورية خطرة امريكا تحذر من السفر للسعودية خشية هجوم جديد من القاعدة مجاهدي خلق تتهم الجيش الايراني بمهاجمة قواعدها في العراق امريكا تعتقل الملا حويش مسؤول التصنيع العسكري في العراق الاصلاحيون السعوديون اصيبوا بخيبة امل من التغيير الوزاري الاخير انهيار اسعار النفط الي ادني مستوياتها في خمسة اشهر يوم الهجمات علي المارينز: 7 جرحي في الفلوجة.. وثامن بالسعودية صيف امريكي ملتهب بالعراق الصحاف: العلوج اسقطوا تمثالا لشبيه صدام.. وقواتنا تقترب من واشنطن الرياض: تعديل وزاري يبقي الاساسيين ويستحدث وزارات ويلغي اخري المارينز يفتحون النار مجددا علي المتظاهرين في الفلوجة الانتخابات اليمنية: دجاجة لكل صوت في الريف والناخبات يسقطن مرشحا أساء لسمعتهن
عودة مصر الي السودان: الانقلاب الثالث؟ 2003/05/06 د. عبدالوهاب الافندي الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس المصري محمد حسني مبارك للعاصمة السودانية الخرطوم الاسبوع الماضي كانت مثيرة للاهتمام خاصة لجهة توقيتها. فزيارات الرئيس المصري للسودان نادرة، خاصة خلال العهد الحالي الذي لم يزر السودان خلاله إلا مرة واحدة للمشاركة في احتفالات اعياد الاستقلال في يناير (كانون الثاني) 1990. ولهذا فمن المنطقي الخلوص الي ان أمرا جللا دعا الرئيس المصري الي اتخاذ هذه الخطوة النادرة، خاصة في ظل تاريخ التوتر في علاقات البلدين. الملفت للانتباه كذلك في توقيت الزيارة هو انها تأتي بعد أقل من شهر علي زيارة سابقة قام بها الرئيس السوداني الفريق عمر حسن احمد البشير للقاهرة لتنسيق المواقف بعد نهاية الحرب علي العراق وسقوط بغداد. وهذا يطرح سؤالا حول ما استجد خلال الاسبوعين الماضيين لكي يكون دافعا لزيارة تاريخية من هذا النوع؟ لا يقل أهمية عن ما سبق كون الزيارة جاءت في غياب النائب الأول لرئيس الجمهورية، علي عثمان محمد طه الذي كان بدوره يقوم وقتها بزيارة خاطفة ومفاجئة للعاصمة البريطانية لندن. وهذه مصادفة سعيدة، لأنها ترفع الحرج عن الرئيس المصري الذي ظل يرفض بانتظام عقد أي لقاء مع طه رجل النظام القوي لأنه يحمله، كما تقول مصادر مصرية، المسؤولية في دعم الجماعات المعارضة التي حاولت اغتياله في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا في عام 1995. وفي العام الماضي رفض مبارك لقاء طه الذي زار القاهرة لترؤس الجانب السوداني في اللجنة الوزارية المشتركة، ولكنه التقي بعد مغادرته بيوم واحد مسؤولا سودانيا أدني مستوي جاءه مبعوثا للرئيس السوداني. ولكن هل كان غياب نائب الرئيس السوداني اثناء زيارة الرئيس المصري مجرد مصادفة؟ الذي حدث هو ان علي عثمان استدعي فجأة الي العاصمة البريطانية للقاء مع مسؤول امريكي من الصف الرابع لمناقشة امور مهمة لم يفصح عنها في ذلك الوقت، وعندما وصل وتم اللقاء لم يخرج ما دار فيه عن الرسائل المعهودة التي ظلت واشنطن تبعث بها للخرطوم عن ضرورة الاسراع باتمام مفاوضات السلام والاستمرار في التعاون ضد الارهاب. ولم يكن في ما جري جديد يدعو الي عقد اجتماع خاص، ناهيك عن ان تكون هناك حاجة لاستدعاء الرجل الثاني في النظام الي عاصمة غربية علي عجل لعقد مفاوضات سرية. الاستنتاج هو ان هناك تنسيقا بين مصر والولايات المتحدة حول السودان، وان هذا التنسيق يرتبط بما دار بين الرئيسين المصري والسوداني خلال زيارة الأخير للقاهرة الشهر الماضي، وبمحاولة كل من البلدين التأقلم مع ذيول حرب العراق وانهيار نظامه والتهديدات الناجمة عن ذلك. ويتضح من الخطوات التي تم الاتفاق عليها، والمتمثلة في اعادة العمل باتفاقية التكامل بين البلدين والتي وقعت في عهد الرئيسين انور السادات وجعفر نميري (عام 1976) ان البلدين قررا العودة الي صيغة العمل التي كانت متبعة في تلك الحقبة، وتلعب فيها مصر دور الشقيق الأكبر والولايات المتحدة الشقيقة الأكبر جدا، بينما تتولي الحكومة السودانية تنفيذ تعليمات الشقيق الثاني التي تأتي عبر الأول. والمعروف ان هذا كان المطلب المصري منذ بداية عهد ثورة الانقاذ الوطني في عام 1989، فمصر كانت أول دولة في العالم أيدت الانقلاب، وروجت له، ولكن العلاقة بين البلدين توترت بعد ان اتضح ان الحكومة السودانية الجديدة لم تكن أخوية بما فيه الكفاية، وتعرضت العلاقة لانهيار كامل بعد رفض السودان مسايرة الموقف المصري من حرب الخليج الثانية ومساندة الموقف الخليجي ضد العراق. منذ ذلك الوقت تبنت مصر موقفا رسميا يفرق بين المجلس العسكري الحاكم بقيادة الفريق البشير وبين حلفائه الاسلاميين بقيادة الدكتور حسن الترابي، وقد اقنعت مصر حلفاءها العرب والأجانب بضرورة العمل علي اضعاف موقف الترابي كمفتاح لحسم الخلاف بين البلدين، واتهمت مصر الترابي بممالأة الحركات الاسلامية المتطرفة في مصر وغيرها، وبناء شبكات سرية لدعم الارهاب، ودعت الحكومة الي التنصل من الترابي وأعماله، ولأن الترابي كان الحاكم الفعلي وقتها، فان هذا الموقف المصري كان بمثابة اعلان حرب علي الحكومة السودانية ردت عليه بالمثل. مصر كانت بالتالي أول من رحب بالخلاف بين البشير والترابي واقصاء الأخير من كل مواقع السلطة وقامت بحملة لحشد الدعم للبشير في صراعه مع حليف الأمس. ولكن احدي نتائج الصراع كان قيام انصار الترابي باطلاق اتهامات علنية لعلي عثمان بأنه كان وراء محاولة اغتيال مبارك، وبغض النظر عن لا أخلاقية هذا النوع من الاتهامات (فالجميع كانوا شركاء في كل ما جري) فان الحكومة المصرية اقتنعت علي ما يبدو بها واتخدت موقفا من النائب الأول علي أساسها. هناك سبب اضافي للتوجس المصري من علي عثمان، وهو ان المشروع المصري لن ينجح في ظل وجود شخص قوي يتحكم في مفاصل السلطة. وفوق ذلك فان هناك اقتناعا روجت له اطراف داخل وخارج السلطة واصبح علي ما يبدو قناعة لدي الادارة الامريكية، مفاده ان علي عثمان اصبح يمثل العقبة الأكبر في طريق ابرام صفقة سلام مع المتمردين فالصفقة المطروحة علي المائدة تحتم ان يتنازل النائب الاول من موقعه لزعيم حركة التمرد جون قرنق. ويؤكد كثيرون ان تمسك النائب الاول بمنصبه هو السبب الرئيسي في صعوبة ابرام اتفاقية السلام. ازاحة علي عثمان من موقعه ستخدم بالتالي اهداف مصر والولايات المتحدة، اضافة الي قوي سودانية كثيرة، ولكن تحقيق مثل هذا الانقلاب لن يكون من السهولة بمكان، فالرجل يمسك بالمفاصل المهمة للحكم، ويهيمن علي الأجهزة الأمنية والادارية منذ عام 1989، ويتمتع بدعم قوي في الجيش، بالطبع للرجل خصومه داخل وخارج الحكم، وقد ينافسه الرئيس فيما يتمتع به من دعم داخل الجيش. ولعل نجاح المخطط ضده يعتمد علي وجود تعاون قوي من داخل اجهزة الحكم، وهو تعاون يبدو انه متوفر، لأنه من المستبعد ان ينجح المخطط شبه المكشوف لابعاد طه عن العاصمة السودانية اثناء زيارة الرئيس المصري ومناقشة ترتيبات واستحقاقات ما بعد سقوط بغداد، إلا اذا كان هناك تعاون سوداني علي أعلي المستويات، وعلي كل فان الشيخ الترابي كان يتمتع بسند شعبي أكبر ونفوذ أقوي، ومع ذلك أطيح به. من الناحية القانونية فان ابعاد النائب الأول أسهل بكثير، لأنه يكفي اصدار قرار باقالته من رئيس الجمهورية، ولكن المستبعد ان ينجح هذا الانقلاب في حسم مشكلة النظام. من التبسيط المخل بالطبع تحميل النائب الأول اشكالية النفق المسدود الذي دخله النظام حاليا، لأن المسألة تخص تركيبة النظام بكاملها، ولعل من المفارقة ان صعود علي عثمان ساعد نوعا في اضفاء بعض الاستقرار علي نظام كانت أزمته الأكبر هي ازدواجية السلطة بين منظمة سرية تحكم من الباطن، وهيكلية سلطة ظاهرة ولكنها جوفاء لا حول لها ولا قوة، فتولي علي عثمان وظيفة رسمية في القصر قلل من مشكلة الازدواجية، وان لم يقض عليها تماما، فالتعليمات لكبار المسؤولين اصبحت علي الأقل تصدر من القصر، وان كانت القرارات الهامة ما تزال تطبخ خارج أروقة السلطة الرسمية، وبعيدا عن الحكومة والبرلمان. الاستقرار النسبي تحقق ايضا عبر التخلي عن الطموحات الراديكالية داخليا وخارجيا، بحيث اصبح همه الأول الحفاظ علي السلطة والاشتغال بمشاريع التنمية، شأنه شأن الحكم العسكري الأول في مطلع الستينات، وساعده في أمره هذا تدفق النفط وما تبعه من ازدهار اقتصادي معقول، ولولا استمرار الحرب لربما كان النظام سيستمر في تعثره الي ان يقضي الله أمرا كان مفعولا، شأنه شأن الأنظمة العربية المفلسة الأخري. ولكن استمرار الحرب، وانفجار العنف مجددا في دارفور، واستحقاقات ما بعد سقوط بغداد، كلها تضافرت لكي تدفع القوي الاقليمية والدولية للتحرك باتجاه حسم القضية السودانية بأسرع وقت حتي لا يؤثر عدم الاستقرار فيه في بقية دول المنطقة، ويبدو ان مصر قد اخذت علي عاتقها مهمة الملف السوداني في اطار تعريف جديد للأدوار في عالم ما بعد صدام، وانها باشرت الآن بهمة دورا يراد له ان يكون أشبه بدور سورية في لبنان. ويبدو كذلك ان النائب الأول سيكون أول من يدفع القسط الأول من فواتير المرحلة الجديدة. هذا لا يعني بالضرورة ان الأمور في السودان ستتطور نحو الأفضل نتيجة لهذا، لأن المسؤولين المصريين ليست لديهم معرفة أفضل أو قدرات أكبر من اخوانهم السودانيين علي معالجة قضايا الخلافات السودانية، ولو كانت لهم مثل هذه القدرات لكنا رأينا ثمرتها في أرض الكنانة. وبالمقابل فان عجز المسؤولين السودانيين عن حسم القضايا الملحة وعلي رأسها قضية السلام هو دعوة مفتوحة لكل من رغب وقدر علي التدخل في الشأن السوداني، واذا استمر الحال علي ما هو عليه فان الكثيرين سيرحبون بهذا التدخل مثلما رحب غالبية العراقيين بالغزو الامريكي. 9
ارسل هذا الخبر الى صديق بالبريد الالكتروني نسخة للطباعة
هل تثق بقدرة محمود عباس على تحقيق حل سياسي وامني مقبول للشعب الفلسطيني؟ نعم لا
من 29-04-2003 الى 05-05-2003
alquds forum
Alquds PDF archives
بحث داخل الموقع ادخل الكلمات التي تريد البحث عنها
بحث في موضوع كامل الموقع الصفحة الأولى شؤون عربية و عالمية تحقيقات سياسية صحف عبرية أدب و فن منوعات مذكرات رياضة و شباب اقتصاد و مال مدارات رأي الأخيرة
Send email
أخبار الأمس
باول يحذر: دمشق ستتحمل عواقب سوء النية بعملية السلام تنازلات سورية خطرة امريكا تحذر من السفر للسعودية خشية هجوم جديد من القاعدة مجاهدي خلق تتهم الجيش الايراني بمهاجمة قواعدها في العراق امريكا تعتقل الملا حويش مسؤول التصنيع العسكري في العراق الاصلاحيون السعوديون اصيبوا بخيبة امل من التغيير الوزاري الاخير انهيار اسعار النفط الي ادني مستوياتها في خمسة اشهر يوم الهجمات علي المارينز: 7 جرحي في الفلوجة.. وثامن بالسعودية صيف امريكي ملتهب بالعراق الصحاف: العلوج اسقطوا تمثالا لشبيه صدام.. وقواتنا تقترب من واشنطن الرياض: تعديل وزاري يبقي الاساسيين ويستحدث وزارات ويلغي اخري المارينز يفتحون النار مجددا علي المتظاهرين في الفلوجة الانتخابات اليمنية: دجاجة لكل صوت في الريف والناخبات يسقطن مرشحا أساء لسمعتهن
|
|
|
|
|
|