|
كــان صبــاحــاً عاديَّـاً !!
|
كــان صبــاحــاً عاديَّـاً** شاذلي جعفر شقَّاق
كان صباحاً عاديَّاً عندما شقْشقتْ أطيارُ (ودْ ابرق) و( عاشة بِتْ كَدِّي ) في فناء دارنا مُعلنةً ميلاد القصيد لملء فراغات أسئلةٍ متوقَّعةٍ ليستْ صعبةً بأيةِ حالٍ من الأحوال ، ولكن ليستْ لها إجابات نموذجيَّة ، ممَّا يجعل أمر الاجتهاد للسائل والمسئول فيها شيئاً تستصيغه أُذنٌ عشَّشتْ وباضت وفرَّخت فيها بُغاثُ التسويف والمماحكة واللامبالاة لكلِّ القضايا الحياتيَّة العالقة منها و (المحكَّرة ) على (عنقريب) قيلولتها تفلِي خلوتَها الشمطاء وتعلِّل عُزلتها الرحيبة بضوضاء الذكريات وجلبة الاجترار ! أخرجتُ محفظة نقودى ،عفواً أ أ أقصد وعودي .. دسستُ في يدِ زوجتي وعداً بأنَّ اليوم سيفترُّ عن دُريهماتٍ كنتُ قد قضمتُ في سبيلهنَّ جزءاً من الليل وسكونه بعد ساعات دوام عملي .. ثم اندلقتُ مع المُندلقين لا ألوي ، لا نلوي علي شئٍ إلاَّ كلمتين نملأ بهما فراغ السؤال الأول الإجباري ؛ أبجد (كسرة) هوَّز (مُلاح ) ! الآن وصلتُ موقع عملي منتشياً أفرك راحتىَّ ..استقبلني أملٌ كعطرٍ نسائيٍّ بهيجٍ وشيَّعنى إلى آخر الرواق حيث همهمات هاتفيَّة مُمعنة في التَّجلِّي حدَّ التصوُّفِ والتَّهيام كأنَّها التعاويذُ ، وهسهسات كأنَّها الضراعات .. درتُ حول نفسي وتقهقرتُ متحيِّزاً إلي براحٍ يحفظ وجهي من ضجَر المُضيف ! وعندما عدتُ مرَّةً أُخرى اتلمَّس دُريهماتي شملتْنِي نظرةُ صدٍّ من أعلى رأسي الأصلع إلى أخمص قدمىَّ المنتعلين خُفَّي حُنين ، أن قد نسينـا إدراج ورقتك هذه ضمن ميزانية هذا الشهر وما الشهر القادم ببعيد يا سعيد .. ما ضاع حقٌّ تأخَّر ، أليس ذلك بصحيح ؟! تأبَّطتُ رُفاة أملي ويمَّمتُ وجهي شطرَ وُريْقة أخرى تنتظر شبقةً زُهــاء عشرين يوماً أن يعتصرها الختم البارز في جُحر ضبٍّ خرِب في أحد دهاليز الشئون البيروقراطيَّة ..قلتُ في نفسي : سأجدها ممهورةً بعُصارة العَرَق والجهد المُضني والانتظار الطويل .. سأجدها مضغوطةً بأضراس شرعيتها ، بميسم اليُسر بعد العُسر ..لأخرج بها وضَّاحة المُحيَّا كابتسامة ما بعد الطلْقِ تغسل دموعَ الألم وترسم ملامح الفرَج الذي يجُبُّ كلَّ ما مضى من عَنَت ومشقَّة .. ولكن هيهات ، فإنَّ الرجل (الكاتِلْ ضُلُّو ) فقد فعل فعلته إذ أضاعها بين رُكام القصاصات والأوراق المتكدِّسة فى سلَّة واحدة لأغراض شتَّى .. لتستمرَّ بعد ذلك عملية البحث عنها أياماً أُخَر لا يهم إنْ كنتَ مريضاً أو على سَفَر ! أين المفر إذن يا أخا عصاه و(بُقجة) أساه ! علَّلتُ نفسي عن كلِّ ما جرى بالسُلُّوِ واحتمال القلم شاهراً وُجهتي هذه المرَّة في وجه الإياب، وخُطاى تكشط الأرض أنْ سحقاً للغنيمة والشمس تسكب روحها عسجداً بمداد الشفق .. ألا ما أجمل التغزُّلَ في وجه الشروق ..ازورَّتْ عني يساراً ، يميناً .. ثم قالت بل الغروب .. قلتُ : الشروق .. قالت الغروب ..تحسَّستُ آخر خيوط الذهب المغزولة بضفيرة الغَبَش لأُدركَ إنِّي مُقبلٌ على صباحٍ سيكتب سيرتَه الذاتيَّة بذات المداد !!
** نُشر بالوفاق - اليوم الخميس 10-5-2012م
|
|
|
|
|
|