|
وكنتُ على عَجَل ! ***
|
وكنتُ على عَجَل ! شاذلي جعفر شقَّاق
تقول الطرفةُ إنَّ الرجلَ الذي تعْتور داخل أعماقه كثيرٌ من المشاغل اليومية والالتزامات الحياتيَّة التي ينوء بحملها كاهلُه ، كان يقز حثيثاً نحو سُرادق العزاء ليقوم بواجب المواساة ، ولكن نفْسه التي بين جنْبَيْهِ تهطرق - مثل مصباحٍ أوشك زيتُه على النفاد – بما يجب أن يفعله بعد فراغه ، وكيفيَّة التعامل مع ما سقط سهْواً من برنامجه ، أو رُفع إلى أجلٍ غير مُسمَّى ، أو تفرَّق دمُه بين المشاوير أو لحق (أُمَّات طه) بيروقراطيَّاً ! وعندما أصبح صاحبُنــا على بعد خطوات من السرادق ؛ فكَّر بصوتٍ مسموعٍ : ( سأقف أمامهم أقول : الفاتحة ..سيقدِّمون لي القهوة ..سانصرف مباشرةً لمقارعة ما تبقَّى من بلاوي متلْتلة ) .. وفي اللحظة التي هبَّ فيها الجميع لاستقباله ؛ تحسَّس صاحبُنا عمامتَه ..تنحنح ..ثم قال بصوتٍ جهوريٍّ : القهوة !!!! ما دفعني لقراءة هذا الفنجان هو ما آلتْ إليه حياتُنا التي فيها معاشنا وقد طفقتْ تلهث سحابةَ نهارها وهزيع ليلها الثاني أو الثالث أحياناً ، ثم تعود أدراجها بأحد خُفَّى مأربها إذا ما كُلِّل سعْيُها بالنجاح ! تُرى لماذا انكمش الزمن مثل (طَرَقة ) كسرة (مكنْكِشة ) ..ما الذي دها عقارب الساعة ؟ هل أدغم بعضُها في بعض أم خُصخصتْ بعضُ دقائقها وأُحيلتْ بعضُ ثوانيها إلي الصالح العام ؟! أم أنَّ هنالك عوامل أُخرى خارج إطار الساعة جعلتْ من نسبة الجهد المبذول أضعافاً مضاعفةً مقابل القليل النذر من المحصِّلة النهائية للمُبتَغى ؟! أم أنَّ (شيتاً كُتُرْ ) محَق كلَّ شئٍ ؛ إلاَّه ؟!! فأنت – يا هداك الله – لا تستطيع إنْ أرخيتَ أُذنَكَ للسمْعِ أو لم ترْخِها إلاَّ أن تسمع كلَّ يومٍ وفي أىِّ مقامٍ عباراتٍ مثل : ( مشغولين مشغوليَّة شديدة خلاس – جري شديد والله – راسنا ده ما لاقين طريقة نحُكُّو - ربَّنا يثبِّتْ الكُراع إنشاء الله ) وهكذا .. أمَّا العبارات التي ندر استخدامُها وكسدتْ تجارتُها على أرفُفِ الذاكرة وأصبحت تُعاني الفاقة والبطالة والعطالة مثل : (الوَصا =أىْ الوصية= بالمَهَلَة - كان قعدتَ للحول ما تقوم بى خاطر زول – ودرب السلامة لا الحول قريب – كل تأخيرة فيها خيرة – وصباحات الله بُيُض ) وغيرها من اللائي لم يجِدْنَ وسيطاً يوظِّفهنَّ – بمقابل أو غير مقابل – في مؤسَّسة الكلام ! أمَّا المصافحة فأصبحتْ ملامسة والسلام ..وإنْ شئتَ قُلْ سلام (السَّنْدقيقة ) ، والسندقيقة بالنسبة للحناكيش هي تروس الساقية وهي بالطبع خشبيَّة ، بالكاد تقبِّل بعضها بعضاً - كقُبلة أمرؤ القيس المائة – حال دوران الساقية !! ولمَّا لم نجد فكاكاً من هذه الساقية المدوِّرة كان لا بدَّ لنا من ملاحظة الكثير من اللغة الجسديَّة التي تشي بما يعتمل داخل النفوس بفعل هذا الضغط المكثَّف واللهاث العجيب .. فأنتَ إنْ هربتَ من حالتك الخاصَّة إلى حالات الغير ؛ لتريَنَّ ارتعاشات الشفاه – على الوجوه الكالحة – تلهج بكلامٍ ساخطٍ غير أنَّه كاتم صوت ..ولترصدنَّ عضَّاً للشفاه بالقواطع .. والكثير المثير من علامات التعجُّب التي ترسمها الحواجب والأكتاف ، وقبضات الكفوف التي تهمُّ بلكْمِ الهواء ! هذا إذا لم تركب الظلط – يا حماك الله – وتسوِّي (ايدك جَمَل ) عاااع عاااع !!
*** نُشر بالوفاق - الخميس 3/5/2012م
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: وكنتُ على عَجَل ! *** (Re: محمد عبد الماجد الصايم)
|
Quote: أمَّا المصافحة فأصبحتْ ملامسة والسلام ..وإنْ شئتَ قُلْ سلام (السَّنْدقيقة ) ، والسندقيقة بالنسبة للحناكيش هي تروس الساقية وهي بالطبع خشبيَّة ، بالكاد تقبِّل بعضها بعضاً - كقُبلة أمرؤ القيس المائة – حال دوران الساقية !!!! |
سرد شاعري جميل
و طبعا" يا شاذلي غير ظروف المعيشة و الهموم، في فرق في الساعة البيولجية بين الريف و المدينة و الساعة في الريف زي ثواني في المدينة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وكنتُ على عَجَل ! *** (Re: shazaly gafar)
|
Quote: و طبعا" يا شاذلي غير ظروف المعيشة و الهموم، في فرق في الساعة البيولجية بين الريف و المدينة و الساعة في الريف زي ثواني في المدينة |
اتَّفق معك عيدروس فيما يتعلَّق بفروقات الزمن بين الريف والمدينة ، ولكنَّ المشكلة
تكمن في ترييف المدينة حتى أصبح قاطنوها - وإنْ شئتَ قُل أطرافها - كُراع في البلد وكُراع
في (الصفيراء أو الخديراء ، أو أم كُلُعْلُعْ ) !! شكري يا جميل ..
| |
|
|
|
|
|
|
|