|
تحرُّش فى الزِّحـام !!
|
*** تحرُّش فى الزِّحـام !! شاذلى جعفر شقَّاق
وانعتقتْ الشياطين من سلاسل الشهر العظيم ...! وتمرَّغتْ الأسواق - يوم الوقفة - تحت أقدام الزبائن ؛ لتتَّسخ ملابسها القديمة والجديدة ..وتختلّ موازين الميزانية بعد أن اُنتُزعتْ رحمةُ الشهر الكريم .. تدبُّ الأسواق دبيباً بين أفواج الرَّاجلين على كثبان القمامة ؛ فتضيق ذرعاً بالضجيج والغبار والعرق والاحتكاك حدَّ النَّفَس ..! والبائس هو من لم يستطع ورودَ هذا المَعْمع فى هذا الموسم ..! والأطفال الثلاثة يجلسون على حافة انتظار حائر ..وفى كل مرَّة يلقون بحجر السؤال فى بحيرة صمت امِّهم ؛ فينداح الوجوم ..! وفجأة يدخل (محمد أحمد ) .. وهو يُلقى تحية العشم على ابتسامة (حنان) : - لمَّنْ قنعنا من الماهية ؛ ياااا الله لقينا لينا سلفية .. غايتو بتْعيِّد للأولاد ..! - الحمد لله ، يلا انا ح اسوق معاى (مجاهد) واخلِّى ليك ديل .. نشترى ليهم سريييع من طرف السوق ونجى ..! كان (مجاهد)أكبر من طفلٍ غُيِّبتْ عنه بعضُ الحقائق؛ وأصغر من مُلِمٍّ بكل ما حوله ..! وكانت (حنان) تسبح بين الأربعين والخمسين ؛ ولكنها تعوم بنَفْسٍ هادئٍ ؛ مطمئنةٍ على أنوثةٍ جذَّابةٍ ، وجسد ممشوقٍ ، وقامة هيفاءَ ومقسَّمة مثل (ماهية الموظَّف) ..! تسخر من انجابها ثلاثاً .. ورغم انها خطفت ثوبها - دون أن تجلس الى المرآة - وخرجت إلى الشارع إلاَّ انها خطفتْ عيونَه وهى تُمسك بيد وليدها (مجاهد) نحو السوق ؛ حتى يجرفها فيضانه الهائج ...ويتقاذفها التيَّارُ من موجةٍ الى موجة .. الزوبعة والزحام .. العَرَق ، سخانة الطقس ..سخانة السوق ..سخانة الجيب .. وأدوات التحرُّش البذئ منتصبةٌ ؛ لا تقيل صغيرةً ولا كبيرة ؛ ولا تنفك تمارس صيدها ؛ ما ضرَّها إن كان إِلْيةً أو صدراً أو ذراعاً أو فخذاً أو ظهراً أو بطناً حتى ..! لم ترعوِ أمام نظرةٍ حانقةٍ أو تنهيدة غاضبة أو ذمَّة شفتين ممتعضتين ، أو تعريض بالكلام أو وخذة كوع نفد صبرها ...!!! وبعض الأصوات تتعالى بالشجب صادقةً ، وبعضها غير ذلك .. والصامتون الصامتون أولئك شرُّ من لا يختشون ؛ قامة منتصبة ..ازدراد ريق بحلقة فى المجهول ..أنفاس متوترة ..حركة مضطربة ..أيادى فارغة ..جيوب خاوية ..ضمائر (بيش) .. لم يفُت على (حنان) أنها صيدٌ مغرٍ بما أُوتيتْ مما يصلح فى مثل هذا المقام الآسن .. ولكن حرصها على ابنها أخذ منها الأهمية ؛فسقطت فى ترعة اللا أخلاق النتنة ..! ولكن ما عساها أن تفعل ؟ ثمة جندٍ ملثَّمين يحومون حول زنزانة الغضب الحبيس ... ميولُها الجارف لتجاوز هذا الموقف العصيب فى أضيق اطار ممكن ، وعيون الآخرين الذين يظنون أنَّ مجرَّد خوض المرأة فى هذا الكلام دفاعاً عن نفسها نشازٌ واختراقٌ للأدب ..! والظلال التى تُلقيها الضوضاء - حال تفجيرها للغضب - على مكامن الحرج من زوجها وأهلها .. والأسئلة والاجابات .. وعين القانون العمشاء التى تقلِّب البيِّنة بين كفيها ؛ ولا تبسط ذراعها على كتف التعزير ...! وعندما قذفت موجةٌ (حنان) الى حيث تستطيع أن تنحنى دون وجلٍ يُذكَر ؛ وضعت ما فى يدها أرضاً لتصلحَ ثوبها وهى تغمغم وتسخط على كل شئ قبل أن تقع يدها على تلك البقعة القذرة على طرف ثوبها ..! ودون أن تشعر قرَّبتها من أنفها حتى بصقت على وجه آدم القبيح : - أكيد ده يكون ساعة اشتريت اللعبة .. الله ينتقم منك فى العيد ده ... يا الماك ود حلال ...!!***
مِن(بوحُ الأرائك) الإهداء : إلى منى خوجلى أينما كانت . وكلّ عام وهى وسائر أبناء وبنات هذا الحوش الكبير ، وقراءهم الكرام والأمَّة قاطبة بألف خير ، وبلادنـــأ الحبيبة كم نحبُّ ونشتهى .. عيد سعيد
|
|
|
|
|
|