|
الى عشاق الشعر ..هل توجد علاقة بين أوزان الشعر واغراضه؟؟؟
|
أول من تطرق لصلة وزن القصيدة بموضوعها هو الناقد الاندلسى (القرطاجلى) حيث قال: ((ولمَّا كانت اغراض الشعر شتَّى وكان منها ما يُقصد به الجِد والرصانة وما يُقصد به الهزل والرشاقة ومنها ما يُقصد به البهاء والتفخيم وجب أن تُحاكى تلك المقاصد بما يناسبها من الاوزان ويهيأها للنفوس ,فاذا قصد الشاعر الفخر حاكى غرضغ بالأوزان الفخمة الباهية الرصينة واذا قصد فى موضع قصداً هزلياً أو استخفافياً وقصد تحقير شيء ام العبث به حاكى ذلك بما يناسبه من الأوزان الطائشة القليلة البهاء وكذلك فى كل مقصد)). نلاحظ أن القرطاجلى استقى هذه الافكار من الموسيقى الشعرية ومدَّها جسراً بين الشاعر والمتلقى لتؤثر فى الاخير كما اثرت فى الاول. ويواصل الناقد قوله محاولاً تطبيق رؤيته النظرية بين امواج البحور الشعرية: ((العروض الطويل نجد فيه ابداً بهاءً وقوةً,ونجد فى البسيط سباطةً وطلاوة, ونجد فى الكامل جزالةً وحسن انطلاق ,وفى الخفيف جزالةً ورشاقةً ,وفىالمتقارب طلاقةً وسهولة ,وفى الرمل ليناً وسهولة ,ولمَّا كان فى المديد والرمل من لينٍ كانا أليق بالرثاء وما جرى مجراهما منهما لغير ذلك من الأغراض)). نلاحظ ان الناقد الاندلسى فى وصفه لمحاسن البحور الشعرية وغزله فى موسيقاها يجعل فى كثير من الاحيان صفاته هذه قاسماً مشتركاً بين البحر والآخر,الأمر الذى يجعل اختيار الشاعر للوزن الشعرى الذى يناسب موضوع قصيدته أصعب من كتابة القصيدة نفسها-هذا فى تقديرى طبعاً-. ومن النقاد المحدثين الذين تناولوا هذا الموضوع العالم العلامة الراحل المقيم بروفيسير عبدالله الطيب(طيَّب الله ثراه) حين قال فى سفره القيم(المرشدالى فهم أشعار العرب): ((بمرادى أن أحاول بقدر المستطاع تبين أنواع الشعر التى تناسب البحور المختلفة ,وقد يقول قائل ما معنى قولك هذا؟ أتعنى أن اغراض الشعر المختلفة تتطلب بحوراً بعينها وتنفر عنه بحوراً بعينها هذا عين الباطل أليس نجد مراثى فى الطويل والمنسرح والبسيط وهلمَّ جرَّا ألا يدل هذا على أن أى بحر يصح أن ينظم فيه ,وجوابى هو بلى كما يبدو ويظهر فى الظاهر ولكن كلَّا وألف كلَّا لو تأمَّل الناقد ودقَّق وتعمَّق ,فاختلاف أوزان البحور نفسه معناه أن أغراضاً مختلفة دعت الى ذلك والا فقد كان أغنى بحرٌ واحد ووزنٌ واحد وهل يتصور فى المعقول أن يصلح بحر الطويل الأول بالشعر المعبر عن الرقص والنقزان والخفة)). نلاحظ ان الناقد الاندلسى قد أخذ من تعدد الاغراض الشعرية دليلاً على علاقة الوزن بموضوع القصيدة ,بينما اخذ عالِمنا عبد الله الطيب دليله من واقع تعدد البحور الشعرية نفسها . ومن المحدثين الذين أدلو بدلوهم فى هذا الجب العميق الاديب ابراهيم انيس اذ بقول: ((هل اتخذ القدماء لكل موضوع من الموضوعات وزناً خاصاً أو بحراً من بحور الشعر التى رويت لنا؟ ان استعراض القصائد القديمة وموضوعاتها لا يكاد يشعرنا بهذا التخير والربط بين موضوع الشعر ووزنه فهم كانوا يمادحون ويفخرون ويتغزلون فى كل البحور ,ويكفى المعلقات التى قيلت كلها فى موضوع واحد تقريباً ونذكر انها قيلت فى الطويل والبسيط والخفيف والوافر والكامل لنعرف انهم لم يتخيروا وزناً خاصاً لموضوع خاص)) نلاحظ هنا ان ابراهيم انيس يعارض القرطاجلى وعبد الله الطيب فى طرحهما ويُشهر دليله فى وجهى دليليهما ,ولكنه يستدرك ويُشير الى الحالة النفسية للشاعر ويقول: ((هى التى تجعله يتخير وزناً وفق ذلك,وحتى المراثى التى كُتبت فى الجاهلية على بحر الطويل انها كُتبت بعد فترةٍ طويلةٍ من الحدث)). نلاحظ أنَّ العروض قد استمد وجوده من الشعر ,وليس العكس صحيح ,لان العروض عندما دخل الحانة وجد الشعر مخموراً حتى الثمالة ,او بمعنى آخر ان علم العروض قد خطه العالم الجليل الخليل بن احمد الفراهيدى بينما يمارس الشعر حياته منذ الخليقة,هذا من جانب ومن الجانب الآخر كيف لشاعرٍ أن يحدد وزن قصيدته وتفعيلتها قبل الشروع فى كتابتها ,اذن ما الفرق بين الشاعر و (الترزى), وهذا لا يعنى الدفاع عن القصيدة الحرة. فماذا انت قائل؟؟؟
|
|
|
|
|
|