|
Re: شكراً بحجم الوطن للأستاذ القامة محمد آدم، أبو الثقافة العربية في سيول (Re: AnwarKing)
|
Quote:
(2 ) مصنع الشباب: 2010-08-17
كوريا دولة تهرول بسرعة مخيفة نحو الشيخوخة بسبب التناقص الكبير في معدلات الزواج والإنجاب لأسباب اجتماعية وحياتية واقتصادية متعددة ، وبسبب تزايد معدلات الطلاق والإحجام عن الزواج وطول العمر والمسئوليات الجسام المتزايدة والمترتبة على تكوين أسرة، حتى بات الشباب في المجتمع الكوري يشكل نسبا متراجعة من إجمالي أعداد السكان. لكن ورغم ذلك فكوريا من بين الدول التي تولي اهتماما كبيرا ورعاية خاصة لتربية وتوجيه وإعداد وتأهيل شبابها بدنيا ومعنويا وعقليا وتعليميا، وهناك أعداد ضخمة من الجماعات والمعاهد والمراكز البحثية والأكاديمية والتدريبية والأندية والمنشآت الترفيهية والرياضية والمعسكرات والمهرجانات والمسابقات والمنافسات الموجهة بشكل خاص للشباب. وكوريا لم تقصر اهتمامها بإعداد وتأهيل الشباب على كوريا فقط أو للكوريين وحدهم ، فهي حريصة على مد ونشر مثل هذا الاهتمام ليشمل الكثير من الشباب في مناطق مختلفة ومتعددة من العالم ، حرصا منها على نقل التجربة الكورية للعالم، ومد جسور التواصل بين الشباب الكوري والشباب العالمي على امتداد المعمورة ، وقد بد ذاك جليا في حرصها على نقل التقنيات الكورية التي صارت مذهلة التطور للشباب في مختلف بلدان وقارات العالم ، من خلال تقديم المنح والبعثات وتوفير فرص كبيرة للتدريب والدراسة والالتحاق بجامعاتها ومعاهدها العليا ومن خلال إقامة الكثير من الدورات والمعسكرات التي ينخرط فيها الشباب من كل حدب وصوب ، وقد استفاد الكثيرون من الشباب في العديد من الدول النامية ومنهم كثيرون من الشباب العرب والأفارقة من مثل هذه الفرص. أحرص بانتظام على قراءة مجلة "كوريانا" الفصلية المصورة التي تصدر أربع مرات في العام ، وفي أكثر أعداد المجلة التي قرأتها مؤخرا ، صادفتني في كل عدد قصة نجاح بطلها شاب من دولة أجنبية نامية أتاحت له كوريا فرصة إبراز وتطوير وتنمية إمكانياته ومواهبه
ففي عدد الصيف الأخير في يوليو الماضي، قرأت باهتمام حكاية الشاب السوداني المقتدر أنور فتح الرحمن مهندس الكومبيوتر الناجح والباحث في قسم هندسة الحاسبات في جامعة تشونغ بوك الوطنية ، حيث روى قصته مع كوريا منذ بدياتها في عام 2002 عند انطلاق دورة الأولمبياد الدولية للمعلومات وهي دورة أولمبية معلوماتية تهدف لتحفيز الشباب صغير السن للانخراط في مجال الحاسب الآلي وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. يقول أنور إن أكثر ما لفت نظره خلال مشاركته في تلك الدورة روح التطوع العالي عند الشباب الكوري واحترامهم للضيوف وانضباطهم والتزامهم بالمواعيد والتقيد التام بالبرامج والجداول الزمنية ، وكشاهد من أهلها، يحكي لنا أنور قصة من الواقع وهي قصة شاب كوري شاب لم يتعد عمره 26 عاما ولم يرث عن والده سوى عقلية نيّرة صار بموجبها وهو في ربيع العمر صاحب أربع شركات متنوعة ومستشارا في عدد من كبرى المؤسسات الحكومية والأهلية وحصل على عدة جوائز حتى تم تضمين اسمه في قائمة أفضل رجال الأعمال في آسيا من قبل مجلة بيزنس ويك المرموقة المتخصصة.
وفي العدد الذي سبق ، عدد الربيع في إبريل الماضي، كنت على موعد آخر مع قصة نجاح آخر، وللمصادفة مع شاب سوداني آخر هو نصر الدين محمد شريف وهو طالب دكتوراه في قسم طب المعامل والجينات البشرية بجامعة سونغ كيون كوان، وهو يسرد لنا تجربة مثيرة وناجحة أخرى ويعرض لنا بأسلوب لطيف انطباعاته مع كوريا والكيفية التي نجح بأن يتكيّف معها مع حياة ال"بالي بالي" و ال" بابيو بابيو" التي تتسم بالإيقاع السريع وعدم التفريط في الوقت الثمين وإضاعته فيما لا يفيد . مقالا الشابين الطموحين أنور ونصر الدين يستحقان وقفة متأنية للحديث عنهما وهو ما قد لا يسمح به مع الأسف ضيق الوقت المخصص لهذه الحلقة. وهما ،على كل حال، نموذجان جيدان ومثالان ممتازان لقصص نجاح كثيرة ومتعددة أبطالها عشرات الشباب المتميز من مختلف دول العام ممن أسهمت كوريا في إعدادهم.
الشباب هو نصف الحاضر وكل المستقبل ، وكوريا عندما تفتح ذراعيها لاستقبال وتأهيل شباب من دول العالم النامي بالذات تعرف جيدا أن هؤلاء الشباب هم قادة وزعماء تلك الدول في المستقبل القريب ، وإن كوريا صارت جزءا لا يتجزأ من وجدان وتكوين كل واحد منهم ، ووقتها سيعرف هؤلاء الشباب كيف يردون الجميل بأحسن منه، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
|
| |
|
|
|
|
|
|
|