< الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 11:50 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-06-2010, 05:25 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
< الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض

    < الكِتاب الأزرق > نكتِب فوقو الموجود في دارفور ومِن دارفور ... علشان نشوف ناس دارفور عِندهُم شنو ... يِمكِن ما عِندهُم حاجة ... ويِمكِن عِندهُم ... عاوزين نحصِر ناس دارفور الشغالين في الخِدمة المدنِية الإتِحادِية والولائِية ، مِن يوم إنْقِلاب الإنقاذ لِيوم الليلة ده ... عاوزين نعِد المُستشفيات الجديدة والإتْعاد تأهيلا في دارفور ... المدارِس ... المشاريع ... الخدمات القامت ... التعويضات البدفعا أنا ده مِن عرقي فوق الصُلُح البِتِم بين القبايِل كدِيات وترضِيات ...

    [أ] الخِدمة المدنِية :
    (1) الصف الأول (وزير/زوير دولة/مشير-فريق-لواء)
    (2) الصف الثاني (وكيل وزارة/مُستشار)
    (3) الصف الثالِث ( مُساعِد وكيل وِزارة/مُدير/والي/مُحافِظ)
    (4) الصف الرابِع (نائِب والي/نائِب مُحافِظ/موظِف كبير)

    [ب] المُستشفيات
    [ج] المدارِس
    [د] الطُرُق والكباري
    [هـ] المياة
    [و] الصلح والدِيات والتعويضات
    [ز] مُنشآت أمنِية (مركز/نُقطة/بسط أمن)
    [ح] مُنشآت أُخرى
    [ط] مشاريع (زِراعِية ... إلخ)


    وساعدونا ... عاوزين في النِهاية يِكون عِندنا معلومة على أساسا نبني مواقِفنا
                  

08-06-2010, 09:25 PM

Mohamad Shamseldin
<aMohamad Shamseldin
تاريخ التسجيل: 02-17-2006
مجموع المشاركات: 3074

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    بس يا عزام أحسب لينا صاح ... و ركز علي المصادر و التدقيق و الاسس يعني مثلا أحفاد علي دينار القاعدين في الخرطوم تعدهم مع منو)
    ما زي الكتاب الاسود لصق أي زول في الاقليم الشمالي
    أمثلة :
    الكتاب الاسود قال سعاد الفاتح من الاقليم الشمالي ... و قبر جدها في أم درمان ليهو مائة سنة
    و قال عبدالباسط سبدرات (إبن القطينة) من الشمالي
    و التيجاني الماحي و ابن أخته بدرالدين سليمان (إبناء الكوه) من الاقليم الشمالي
    عصام أحمد البشير (تنداتي) من الاقليم الشمالي
    تصور أبوالقاسم محمد إبراهيم الجد حبوبتو من الهاشماب ذاتو طلعوه من الاقليم الشمالي
                  

08-07-2010, 08:55 AM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: Mohamad Shamseldin)

    Mohamad Shamseldin
    Quote: بس يا عزام أحسب لينا صاح ... و ركز علي المصادر و التدقيق و الاسس يعني مثلا أحفاد علي دينار القاعدين في الخرطوم تعدهم مع منو)
    ما زي الكتاب الاسود لصق أي زول في الاقليم الشمالي
    أمثلة :
    الكتاب الاسود قال سعاد الفاتح من الاقليم الشمالي ... و قبر جدها في أم درمان ليهو مائة سنة
    و قال عبدالباسط سبدرات (إبن القطينة) من الشمالي
    و التيجاني الماحي و ابن أخته بدرالدين سليمان (إبناء الكوه) من الاقليم الشمالي
    عصام أحمد البشير (تنداتي) من الاقليم الشمالي
    تصور أبوالقاسم محمد إبراهيم الجد حبوبتو من الهاشماب ذاتو طلعوه من الاقليم الشمالي

    الشِمال غير الإقليم الشِمالي ... الشِمال البقصُدو ياهو الجا في نيفاشا بِالضبط ، الشِمال بِكِده حيكون فوقو -حتى حين- خارِطة دارفور ... لما ينفصِل الجنوب -بِإذن الله- دارفور حتكون تبع الشِمال ... نعم < الكِتاب الأزرق > على مِنوال < الكِتاب الأسَود > بس ما شرط يِبقى لينا عُمدة ... لأننا عاوزين نضع النِقاط فوق الحُروف ... عاوزين نجاوُب على سؤال واحِد بس :

    - هل دارفور الإنسان والأرض مظلومة بِالصورة التي يُسَوِقُها لنا الدارفورِيين؟

    علشان كِده لو مثلاً بِقى ، مني أركو مناوي ، أُمو مِن عبري ومشلخة وعِندها حبِل في ساقِية ، حيتْحسِب في قائِمة ناس دارفور ، وفي حالة إتْغابى فوقُم العِرفه ، يبقى برضو دارفوري إتغابى فوق أهلو العِرفه ... بِالبساطة دي ... < الكِتاب الأزرق > علشان الناس تقدر تبني مواقِفا بِناءً عن حقائِق ... يِمكِن يِكون فِعلاً ناس دارفور مظلومين ، يِمكِن ... وبرضو يِمكِن يِكونو ما مظلومين ... ما لازِم زول يسوو < الكِتاب الأزرق > ولا نبقى مجرورين مِتْل الشوك ، ده يِقول لينا تهميش تصفِق ليهو ... ده يِقول لينا في تنمِية ظاهِرة ، نصفِق ليهو ، هو نِحنا يا كافي البلا خلقنا الله لِنُصفِق ولا شنو؟

    وبرضو أنا عاوِز مِن < الكِتاب الأزرق > أشوف مدى شفافِية أهل دارفور الأعضاء معانا هِنا ده ... يعني المفروض يجي عضو دارفوري يكتِب إنو فُلان الفُلاني وزير في الحِته الفُلانِية مِن حفرة النِحاس
                  

08-07-2010, 03:17 PM

Omer Sakin

تاريخ التسجيل: 10-25-2008
مجموع المشاركات: 275

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    الأخ عزام
    تحية واحتراماً
    سامحني إن كان حديثي معك سيطول، ولكن ساجعله في مقاطع أفصل بينها بيتبع
    أثني عليكم فتح هذا الخيط الذي أتنمى أن يكون الحوار فيه شفافاً كما طلبتم،
    في البدء دعني أؤكد أن شمال السودان الشمال الحقيقي أو شرقه أو جنوبه ليس بأحسن حال من ناحية التنمية من دار فور على الأقل قبل 1989.
    الاختلاف هو أن الشمال ظل صامتاً ولم يتحدث عن ذلك رغم حظه العاثر من التنمية، باستثناء تذمر سكان حلفا على خلفية الظلم الذي وقع عليهم في عهد عبود.
    الحديث عن التنمية غير المتوازنة بدأ منذ عام 1964 في عهد الديمقراطية الأولى بعد حكم عبود عليه رحمة الله.
    أعتقد أن تكوين روابط مطلبية جهوية في تلك الفترة كان أول ارهصات رفض المركزية في الحكم في بلد مترامي الأطراف مثل السودان. للأسف لم يعر المسئولون في ذلك الوقت الاهتمام لذلك رغم اهتمامهم بالجنوب ربما لحكمة السلاح.
    بالأحرى كيان الشمال الذي ظهر مؤخراً كان يمكن أن يكون أضافة حقيقية لقوى الهامش ورفض سلطة المركز لو ظهر في عام 1964 باجندة مطلبية ضاغطة للسلطة المركزية.
    أعتقد أنك توافقني بأن رئاسة جعفر نميري للسودان لا تعني شيئاً لقرية ود نميري التي بلغني بأنها لم تنل حظاً من التنمية.
    الأزمة الحقيقية أزمة نخبة حاكمة متسلطة أطبقت بكلتا يديها على المركزية والتسلط ودعمتها بالفساد والمحسوبية.
    بوادر الأزمة في دار فور كانت واضحة منذ فترة طويلة عبر تاريخ السودان الحديث ولكن لم يدركها الجميع، خاصة أهل المركز بكل أحزابهم.
    أرسلت دارفور رسالتها الثانية بعد الأولى في 1964، برفض تسلط المركز في الثمانينات عندما طالبت بتعين حاكم للإقليم من أحد أبنائها أسوة ببقية أقاليم السودان وقد كان النميري حكيماً بل يبدو لي أنه استفاد من فترة عمله في دار فور فتراجع عن قراره رغم أنه القائل في أدبيات ثورته بأن " الثورة تراجع ولا تتراجع".
    خلاصة المقطع الأول من حديثي أن الأزمة الحقيقية في البلاد هي أزمة ديمقراطية وتمركز سلطة في نخبة محددة ومحسوبية مع غياب دستور وقانون يلتزم به الحكام في إدارة شئون الدولة. وهذا يحتاج إلى تضافر الشعب السوداني بأكمله لإعادة الموازين إلى نصابها لا للتساؤل كما قال الراحل قرنق مستنكراً سؤال الشماليين " الجنوبيون عاوزين شنو؟" أو التساؤل عن ظلم جهة ما من البلاد لتبرير أخطاء الحكم. بنظرة تفحصية سريعة لرؤساء الأحزاب، ستعرف الأزمة الحقيقية في السودان.
    الجهوية والقبلية في السودان كرستهما بشكل أعمق وسافر الحكومة الحالية، (راجع اعترافات المحبوب عبد السلام في كتابه الحركة الإسلامية"
    يتبع
                  

08-07-2010, 03:18 PM

Omer Sakin

تاريخ التسجيل: 10-25-2008
مجموع المشاركات: 275

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: Omer Sakin)

    تحدثت عن الظلم في دار فور والتنمية.
    شح التنمية أو عدمها في تقديري يتمثل في عدم وجود مستشفيات، مدارس، أو كل ما يتعلق بمشاريع البنية التحتية . . . التي تكفل للإنسان فرص الحياة الكريمة. وللحقيقة دار فور تعاني شحاً في ذلك.
    سأروي لك ما شاهدته العام الماضي في مدينة زالنجي المرشحة لأن تكون عاصمة ولاية مقترحة وهي المدينة الثانية في ولاية غرب دار فور.
    - عدد المستشفيات، مستشفى واحد تم بنائه على ما أعتقد منذ الخمسينات أو الستينات.
    - طريق مسفلت، صفر
    - جامعة، جامعة زالنجي التي كانت مدرسة متوسطة. (ما كانت لترتقي لمستوى معهد المعلمين أو معاهد التربية أو حتى مدرسة ثانوية).
    - الطريق الذي يربط بين زالنجي ونيالا تم تشييده في عهد النميري وتهشم بشكل لا تستطيع السير فيه.
    - الكهرباء من الساعة السابعة – العاشرة مساء كل يوم
    - المياه 4 ساعات اسبوعياً
    قد تكون هناك مدن أخرى في مناطق أخرى غير دار فور بحظ أقل من هذا في التنمية ولكن هذا لا يمنع بأن يصمت أهل زالنجي أو دار فور لأن أي مطالبة بحقوقهم في التنمية سيهضم حقوق الآخرين. بل تجدني أشجع أية قرية في أقصى الشمالية للمطالبة بحقه وتلك مسئولية الدولة لأن تجيب لتساؤلاتهم لا لضربهم وتشريدهم مثلما تفعل هذه الحكومة. لأن أجدد مبرراً للحكومة بأن تسحق تمرداً في قرية ود بانقا لأن الرئيس أحد أبنائها. ولكن الشاهد أن دو بانقا لن تتمرد حتى ولو أذاقها إبنها الرئيس ويل العذاب! ! وذاك دأب الشمال المهمش باستثناء ضحايا سد كجبار.

    إضافة يتبع

    (عدل بواسطة Omer Sakin on 08-07-2010, 03:21 PM)
    (عدل بواسطة Omer Sakin on 08-07-2010, 03:58 PM)

                  

08-07-2010, 03:19 PM

Omer Sakin

تاريخ التسجيل: 10-25-2008
مجموع المشاركات: 275

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: Omer Sakin)

    رغم أني أختلف مع كثيرين في رؤيتي بشأن المطالبة بسقف محدد في السلطة مثل نائب رئيس أو مساعده أو حتى توظيف في وزارات توصف بالسيادية، لأنها في تقديري شكليات لن تضيف شيئا سوى تعميق الأزمة الحقيقية التي تعاني منها البلاد وهي أزمة حكم ودستور وديمقراطية، ارجو أن تضيف الاسماء التالية إلى كتابكم الأزرق، عطفاً على مثالكم بشأن مناوي. ربما وجد عمر البشير أيضا حكمة في إلحاقهما بكتابه الابيض الموعود.
    - مأمون بحيري أول محافظ لبنك السودان يقال أنه سليل السلطان علي دينار.
    - الصادق المهدي أصغر رئيس للوزراء في السودان يقال أيضا أنه سليل أحد سلاطين دار فور.
    تجربة دار فور وتمردها يا اخ عزام فرصة لإعادة الموازين في السودان لا للتساؤل عن ظلم دار فور أو حظها من التنمية أو الوظائف السيادية!!
    رجاء أن تكتب لي بالفصحى لأني أجد عنتاً في استنباط معاني ما تكتبه بالدارجة. أعلم أنكم تملكون ناصية الكلمة فارجو أن يكون الحوار مثمراً بتلك المعطيات.
    انتهي

    (عدل بواسطة Omer Sakin on 08-07-2010, 03:33 PM)

                  

08-07-2010, 03:57 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: Omer Sakin)

    الأخ / Omer Sakin
    كيف حالك؟ علك طَيِب

    Quote: الأزمة الحقيقية أزمة نخبة حاكمة متسلطة أطبقت بكلتا يديها على المركزية والتسلط ودعمتها بالفساد والمحس

    هذِهِ النُخبة الحاكِمة المُتسلِطة ، هل هي إثْنِية؟ أنا أتحدث عن يَوم الناس هذا
    ـــــــــــــــ
    Quote: تجربة دار فور وتمردها يا اخ عزام فرصة لإعادة الموازين في السودان لا للتساؤل عن ظلم دار فور أو حظها من التنمية أو الوظائف السيادية!!

    مُطالبة الجِهات ، لا بأس بِها ، لكِن الذي بِهِ بأس ، أن تُقرِن المُطالبة بالإنْفِصال ... إذا كُنا سوف نتحدث عن الظُلم والتهميش ، لن تجِد قرية في كُل سودان اليَوم تعيش في يُسْر. < الكِتاب الأزرق > الهدف الأساسي منهُ أن نُتيح لِلبشر المعلومة الصحيحة ، فأنا لا أستطيع أن أقِف مع أحد أو جِهة أو إثْنِية ما لم أعلم بعض المعلومات ، كَيف ولِما وأين ... إلخ. ظللنا نسمع سنوات ، عن التهميش الذي أصاب دارفور ، وخرجت بِعتادِها مِن أجل إحقاق الحق ، هل تُريد مِني أن أثِق في شخص لا أعرفهُ ، وأعْتمِد قَولهُ لي : دارفور مُهمشة؟ لا أفعل ذلِك إلا إذا إمْتلكت المعلومة ، لِذا إفْترعت هذا العمود ، لِنرى ما في دارفور ، ثُم نعقِد المُقارنات ، ثُم نُقرِر ، هل دارفور اليَوم 07/08/2010م مُهمشة.

    ــــــــــــــــ
    هل أستطيع أن أعرِف رأيك في الإتِجاة الدارفوري الذي يُطالِب بِالإنْفِصال ... هل تؤيِد هذا المطلب أم لا ، ولِماذا؟


    إحْتِراماتي ،،،
                  

08-07-2010, 04:30 PM

Omer Sakin

تاريخ التسجيل: 10-25-2008
مجموع المشاركات: 275

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    الأخ عزام
    تحية واحتراما مرة أخرى
    يسر الله لي أن أزور بعض مناطق السودان شرقاً حتى بورتسودان، وقطعت فيافي ورمال دار فور وكردفان حتى أم درمان، وكنت أتساءل في أحيان كثيرة عن سبب تمسك الكثيرين في شمال دار فور وكردفان بأرض قفراء لا تملك مقومات الحياة.
    التهميش موجد في السودان بنسب متفاوتة ولكن هذا لا يمنع أبدا أن يطالب الناس بحقوقهم.
    وودت أن لو عرفت المعايير التي تستندون عليها لتقرير صحة المعلومة وبالتالي احقاق الحق.
    لو كان لكم الوقت الكافي يمكنكم احقاق الحق بزيارة دار فور لترى بنفسك مدنها ومعسكراتها وليس من رآي كمن سمع وعند عنئذ ربما ناقشت لن تنازعك نفسك في احقاق الحق.
    فيما يتعلق بموقفي من انفصال دار فور. بكل شفافية أقول لكم أني لم افكر يوماً بالانفصال، رغم المآسي والالام التي شاهدتها بنفسي لما ألحقه البشير بدار فور.
    أعتقد يا أخ عزام أن المشكلة الحقيقية فينا هي تركيبتنا الانفعالية المتعجلة التي لا تتريث أو تتفحص الأمور بتروٍ
    اللواء التجاني آدم الطاهر زرانا هنا في طوكيو، ونقل إليّ عنه قوله بكل تبجح بأن قرنق لن يستطيع أن يأخذ الحكم منهم. رهانه كان مبنياً على سلوك سوداني انفعالي، محض رجالة لا غير.
    التجاني آدم الطاهر أرجو أن تضيفه لسجلك الأزرق ! ! فهو الذي وصف زمرة خليل بالعاطلين عن العمل.
    الموقف الذي مر به جعفر نميري في الثمانيات كما أوردته في عاليه لا يختلف كثيرا عن موقف التمرد الأول في اعالي جبل مرة رغم أن مؤتمراً جامعاً لأهل دار فور بالفاشر نظمته الحكومة كان قد أوصى بحل التمرد بالجودية التي يجيدها أهل دار فور ولكنه بطبيعته العسكرية فضلا عن طبعيته السودانية المتعجلة والإنفعالية آثر حلها بالطريقة العسكرية وكانت الكارثة.
    التمرد بدأ في دار فور في 2003 والآن 2010 سبع سنوات ودار فور في حالة حرب. تنمية متوقفة لسبع سنوات وقد أشار إليها كثيرون في هذا المنبر من غير دار فور خاصة المحسوبين لطرف الحكومة يستميلون أهل دار فور في خطاب عاطفي بأن بقية الأقاليم تزدهر بينما دار فور تتقهقر بسبب الحرب. وعلى ذلك أعقد المقارنات
                  

08-07-2010, 04:15 PM

Mohamad Shamseldin
<aMohamad Shamseldin
تاريخ التسجيل: 02-17-2006
مجموع المشاركات: 3074

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: Omer Sakin)

    عزام
    Quote: مني أركو مناوي ، أُمو مِن عبري ومشلخة وعِندها حبِل في ساقِية ، حيتْحسِب في قائِمة ناس دارفور ، وفي حالة إتْغابى فوقُم العِرفه ، يبقى برضو دارفوري إتغابى فوق أهلو العِرفه
    و الاخ عمر ساكن أضاف
    Quote: الصادق المهدي أصغر رئيس للوزراء في السودان يقال أيضا أنه سليل أحد سلاطين دار فور.
    ما هو أساس أن الشخص من دارفور أو من غيرها.. بالام .. أو الاب... أو من فيه دم من دارفور باي نسبة ؟ أم تختار نسبة 25% مثلا
    هناك شخص مثل اللواء/ حسن بشير نصر... أبوه شايقي و أمه من الزغاوة و كان بتكلم العربي و لغة الزغاوة , و بشير ود نصر كان من قواد علي دينار... تحسبو مع منو مع الشمالية و لا مع ناس الحلفايا و لا مع ناس دارفور ؟
    هذه كمعضلة تعريف من هو الشخص الاسود في الغرب !
    و تحيات
                  

08-07-2010, 04:30 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: Mohamad Shamseldin)

    Mohamad Shamseldin

    ياخ أنا كُنت برُد على سؤالك ... لكِن سؤالك حيدخلنا في متاهة من هو الجنوبي وما مصير الجنوبي الأبوهو شِمالي ... ده ما هدف العمود ده ولا دايِر أنجرِف فيهو ... دارفور بِتقول إنها مُهمشة ، عاوزين نعرِف هل هي مُهمشة ولا ما مُهمشة ... بس ياخ
                  

08-07-2010, 04:54 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    Omer Sakin
    Quote: وودت أن لو عرفت المعايير التي تستندون عليها لتقرير صحة المعلومة وبالتالي احقاق الحق

    لا تجعل يا أخي الأمر يكون بَين [أنتُم] و[نحنُ] على الأقل في هذا العمود الإسْتيضاحي
    سوف نعتمِد على ما إعْتمد علَيهِ < الكِتاب الأسَود > ... على ماذا إعْتمدوا؟
    أنت مثلاً ذكرت أن بِزالنجي مُستشفى واحِد مُتهالِك أو كما قُلت ... سوف نُسجِل المعلومة ونعْتمِدُها في الكِتاب الأزرق ، بعد البحث والتحري ...

    ــــــــــــــ
    Quote: لو كان لكم الوقت الكافي يمكنكم احقاق الحق بزيارة دار فور لترى بنفسك مدنها ومعسكراتها وليس من رآي كمن سمع وعند عنئذ ربما ناقشت لن تنازعك نفسك في احقاق الحق.

    هل زُرت يَوْمًا قُرى المحس؟ هل عِشت في البُطانة؟ لِذا أُريد أن أعقِد المُقارنات ، حتى أقِف مَوقِف مع/ضِد دارفور وأنا على بَيِنةٍ مِن أمري ... هل في هذا مِن بأس أخي الفاضِل
    ــــــــــــــ
    Quote: تنمية متوقفة لسبع سنوات وقد أشار إليها كثيرون في هذا المنبر من غير دار فور خاصة المحسوبين لطرف الحكومة يستميلون أهل دار فور في خطاب عاطفي بأن بقية الأقاليم تزدهر بينما دار فور تتقهقر بسبب الحرب. وعلى ذلك أعقد المقارنات

    وهل تُريدُني أن أعتمِد أقوال المحسوبين على المؤتمر الوطني؟ هؤلاء شُركاء الله في مُلْكِه ، عِندما قذفت الإنقاذ بِشباب الخِدمة العسكرِية في أتون حرب الجنوب ، وقُتِلوا بِأحراشِها ، جعلوهُم في حواصِل طَيرٌ خُضر ، ثُم باتوا فطايس بعد طلاق البشير/التُرابي ... هل تُريدُني أن أعتمِد على أقوال مِثل هؤلاء؟!

    تنمِية ... هل تتحدث عن التنمِية في الشِمال ... أين هذِهِ التنمِية التي ثبتوها ثُم جعلوها تزدهِر؟ هل هذِهِ التنمِية حدثت بِحفر تُرعتي كِنانة والرهد ، التي حفر البشير وزُمْرتِهِ حُفرة بِيدَيهِ المُجردة وترك مِعْولِهِ جوار حُفرتِهِ ، دليل حضرنا ولم نجِدكُم ، وعاد إلى سراياه بِالخُرطوم ، هل تعني هذِهِ التنمِية؟!

    (عدل بواسطة عزام حسن فرح on 08-07-2010, 04:57 PM)

                  

08-07-2010, 05:26 PM

Omer Sakin

تاريخ التسجيل: 10-25-2008
مجموع المشاركات: 275

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    الأخ عزام
    رغم أنه قد أيلل ليلناهنا، ولكن لا بأس الحديث معكم.
    لا أريد أن أدخل في معارك اللغة العربية ليقيني بأني سأنهزم فيها. ولكن تأكد بأني لم أقصد أطلاقا المعني الذي خطر ببالكم في مخاطبتكم بالجمع (راجع مخاطبتكم) ربما اتضح لكم المنعرج اللغوي فيه.
    ومرة اخرى هي العجلة السودانية التي أخذتكم إلى الظنون.
    قرات الكتاب الأسود مثلك وربما قراته أنت بتدبر أكثر مني. ذلك أني قرأته على عجل.
    اتيحت لي الظروف لزيارة بعض مناطق البطانة، وهي ليست بأحسن من كثير من مناطق دار فور في حظ التنمية! ! وقد أكدت هذا في البدء ولكن هذا لا يمنع من ثورتهم وتمردهم. الثورة هنا ضد مركزية السلطة التي كان فيها البشير رئيساً وابراهيم سليمان وزيراً للدفاع (أضفه إلى سجل الكتاب الأزرق) ! !
    أخ عزام لماذا يصمت الناس؟ لماذا لا يتحدثون عن الظلم؟
    أنا لا اتحدث هنا عن ثورات الأحزاب لأنها في تقديري لا تختلف كثيراً عن هذه الحكومة، فجميعها شاركت في تمركز السلطة في نخبة محددة شمولية المزاج وكرست للفساد والمحسوبية.
    المعادلة ستختلف لو تحدث الجميع.
                  

08-07-2010, 08:25 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: Omer Sakin)

    بِريمة حديدة الحِمار
    Quote: سيدة نساء الأنصار

    سَيِدة نِساء الأنصار في عينك
    ــــــــــــــــ
    Quote: عملت نفس العملو حِزب < الأُمة > و< الإتِحادي الديمُقراطي > مع < علي عبداللطيف > ، رفضو يِسانِدوهو لأنو < عب > وما عِندو أُصول (والغريبة السَيِدة / مقبولة أُم السَيِد عبدالرحمن المهدي زُنجِية 100% مِن غرب السودان)

    يعني الرفضو يِساندو علي عبداللطيف مُش عزام فرح ... الرفض ده حِزب الأمة والإتحادي الديمُقراطي والكلام ده ما مِن عِندي ، هاك الكلام :
    عن مَوقِف حِزب الأُمة والإتِحادي الديمُقراطي مِن حركة علي عبداللطيف ، يقول د. منصور خالِد في كِتابِهِ [جنوب السودان في المخيلة العربية] صفحة 469/سطر 16 [ ... أما الآخرون (الاعيان والوجهاء ومن تحلق حولهم من المثقفين) فقد عبروا عن رأيهم بجلاء في "حضارة السودان" الصحيفة التي كانت تصدر باسم السيدين. كتب "ابن النيلين" (ويحسب بعض المؤرخين أنه اسم رمزي لرئيس تحرير الصحيفة السيد حسين شريف كما يقول آخرون إنه سليمان كشه وهذا هو المرجح) عند اختيار علي عبداللطيف لرئاسة الحركة: "أهينت البلاد لما تظاهر أحقر وأوضع رجالها دون أن يكون لهم مركز في المجتمع ... من هو على عبداللطيف وإلى أي قبيلة ينتسب". ] (إنتهى)

    أها إنت علشان زول ما أمين إقْتبست كلامي بإسْتِقْطاع وما جلبت الرابِط بِتاعو البِوضِح سِياق الكلام

    ـــــــــــــــــ
    Quote: نسأل عزام هل تغيرت وجهة نظره تجاه السيدة مقبولة بأنها خادم لعرقها الزنجى ..؟

    مقبولة وأي زنجي حايِم وقتذاك أنا نقلت تصنيفُمْ مِن الوثائِق البريطانِية ... بس إنت بِتقوم تسْتقطع الكلام بِطريقة [لا تقربوا الصلاة] لو فِعلاً إنت زول أمين جيب لينا الرابِط الأنا كتبت فيهو إنو مقبولة خادِم لِعرقِها الزنجي ... ما حتجيبو ... أتحداك ...

    أها نرجع لِتصنيف الوثائِق البريطانِية ونشوف بتقول شنو :
    في كِتاب محمد إبراهيم نقد [علاقات الرق في المجتمع السوداني] صفحة 212 [ الأهالي ترجمة natives أ, السكان المحليين، تستخدم الوثائق الكلمة للنوبة في المديرية الشمالية تمييزاً لهم عن الزنوج الأرقاء والعرب.] (إنتهى)

    ولامِن الخواجة الكافِر طلع قانون لإلغاء الرق في السودان ... إبن سَيدِة نِساء الأنصار عبدالرحمن المهدي + علي الميرغني + يوسُف الهندي كتبو مُذكِرة إلى مُدير المُخابرات ، بترجوهو ما يمنع الرِق في السودان ، ده جزء منا :
    [ 6 مارس 1925
    إلى مدير المخابرات، الخرطوم

    نرى من واجبنا أن نشير إليكم برأينا في موضوع الرق في السودان، بأمل أن توليه الحكومة عنايتها.

    ... وكما تعلمون تمام العلم، فإن العمل في الظرف الراهن هو أهم قضية في السودان، ويتطلب علاجها الاهتمام الأكبر.

    ولابد أن الحكومة وموظفيها، قد لاحظوا خلال السنوات القليلة الماضية، أن أغلبية الأرقاء الذين أعتقوا، أصبحوا لا يصلحون لأي عمل، إذ جنح النساء منهم نحو الدعارة، وأدمن الرجال الخمر والكسل.

    ونتمى أن تأخذ الحكومة هذا الأمر بعين الاعتبار، وأن تصدر أوامرها لكل موظفيها في مواقع السلطة، بأن لا يصدروا أي أوراق حرية ] (إنتهى)

    ـــــــــــــــــ
    Quote: وهاك قائِمة بِالمِهن الشريفة ... النزيها ... الأغلبا بِيعمل فوقا أهلك يا بريمة محمد :
    - (كُل) المكَوجِية.
    - (كُل) غسالين العربات (شارِع النيل/ومحطات البِنزين).
    - (أغلب) الخادِمات (منازِل/مطاعِم/كافتيريات).
    - (أغلب) أعمال الطِباخا (مطاعِم شعبِية).
    - (أغلب) سِتات الشاي (بس شوف السوق الشعبي كمِثال).
    - (أغلب) الفارشين في الأسواق (مساويك/أمواس حِلاقة ... إلخ).
    - (أغلب) سواقين اللواري.
    - (أغلب) العتالا.
    - (أغلب) الكماسرا.
    - إلخ ... برضو (أغلب)

    وزمان شُفنا بِعِيونا دي ... في الشعبِية بحري ... أيام الأدبخانات أُم جردل كانو هُم العُمال البِشيلو جرادِل فضلات الناس ... لحد ما طلع قرار مِن نميري بِإلغاء هذِهِ المِهنة ...

    وفي المحس فوق هِناك (كُل) :
    - البِلقِحو النخيل مِن ناسك يا بريمة.
    - البِحفِرو الأبار (ماء/سايفون).
    - أعمال البِناء.
    - تنظيف الأرض الزِراعِية.
    ...

    (أغلب) القُصر المَوجودين في < الإصلاحِيات > مِن ناسك يا بريمة محمد ... (أغلب) أطفال المايقوما (فاقِدي الأبَوين) مِن ناسك يا بريمة محمد ... (أغلب) سراريق (حرامية) البِيوت مِن ناسك يا بريمة محمد

    ده برضو إقْتبستو مِن سِياقو ... وين الرابِط حقو ... إتحداك تجيبو ... ما حتجيبو ... الكلام ده كان في عمود ليك يا بريمة يا حديدة الحِمار ... عمود حقك إنت ، وكان إسمو :
    [وجهة نظر يجب منع السودانين فى العمل فى السواقه والطباخة وخدم البيوت لدى العرب]

    وأنا كنوبي عِندي أهل كُتااااار شغالين طباخين وسواقين ... وفي العمود ده الأعضاء مسحو بيك الأرض لامِن بقيت مِتِل فوطه المطاعِم

    ـــــــــــــــــــ

    الكِتاب الأزرق ده حيِتْنفذ غصبًا عنك يا بريمة الحِمار ... بِمُناسبة بريمة الحِمار دي ، النشرح ليكُم حِكايتا ... في قاموس عَون الشريف قاسِم ، صفحة 89 / عمود 2 / سطر 20 :

    بِرِّيمَة : حلقة مِن الحديد تنتهي بِها قلادة الحمير


    كلو مِن كراسي ماف حاجة مِن راسي

    (عدل بواسطة عزام حسن فرح on 08-07-2010, 08:57 PM)

                  

08-07-2010, 09:05 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    sudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudan.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


    ده بريمة حديدة الحِمار قال إنو عربي ولامِن سألوا الناس دليلك شنو قال : [شعر حبوبتو كان لِنُص ضهرا وخيلانو طُوال وسمحين وكانو بِريدو] تأملوأ!




    36.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    وده أنا بقول نوبي عجمي



    333.bmp Hosting at Sudaneseonline.com

    وده فيل

    (عدل بواسطة عزام حسن فرح on 08-07-2010, 09:08 PM)

                  

08-07-2010, 09:16 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    ولو إنت راجِل تمام يا بريمة ورينا كتبت في خانة السؤال عن العرق شنو ، لامِن عملت أوراقك البِموجِبا عايِش بيها هسع في أمريكا ... يعني كتبت [عرق عربي] ولا [زنجي] ولا [آسْيَوي] ولا شنو؟ لأنك هِنا مِتْجدِع لينا أنا عربي أنا عربي ، حبوبتي شعر راسا لِنُص ضهرا ... خيلاني طُوال ... خيلاني سمحين ... خيلاني كانو بِريدوني ... بِالله دي سِمات العرب إنهُم يِكونو طوال وسمحين وبريدو ود أُخُتُمْ ... ياخ إنت إتخطيت مرحلة المُراهقة كيف؟ ياخ إنت ألم وجع ، صحي القلم ما بزيل بلم ، قدُر ما تقرا وتِتْعلم برضو الراس يا كافي بلا فااااضي
                  

08-07-2010, 10:00 PM

الصادق يحيى عبدالله
<aالصادق يحيى عبدالله
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 926

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    Quote: علشان نشوف ناس دارفور عِندهُم شنو


    عزام... مبروك المولود (ما كنت عارف في بوست دارفور الاول)
    What is it all about??? لانك اصلا ما عاوزنا ضمن السودان الحالي!!
                  

08-08-2010, 00:07 AM

cantona_1
<acantona_1
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 6837

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)


    هذا ما كتبه عزام حسن فرح
    [أ] الخِدمة المدنِية :
    (1) الصف الأول (وزير/زوير دولة/مشير-فريق-لواء)
    (2) الصف الثاني (وكيل وزارة/مُستشار)
    (3) الصف الثالِث ( مُساعِد وكيل وِزارة/مُدير/والي/مُحافِظ)
    (4) الصف الرابِع (نائِب والي/نائِب مُحافِظ/موظِف كبير)

    (ب] المُستشفيات
    [ج] المدارِس
    [د] الطُرُق والكباري
    [هـ] المياه
    [و] الصلح والدِيات والتعويضات
    [ز] مُنشآت أمنِية (مركز/نُقطة/بسط أمن)
    [ح] مُنشآت أُخرى
    [ط] مشاريع (زِراعِية ... إلخ)
    =====================================

    الحديث عن التنمية وغيابها وظلم جهات دون أخرى في السودان لا علاقة له بما ورد أعلاه المتسلسل من (1) إلى (4). هذه وظائف سمِّها ما شئت سيادية أو خلافه لا تمنح بموجب جهوية إ لا في حالات نادرة قد زادت في الآونة الأخيرة. فوظيفة مدير هي وظيفة خدمة مدنية. ينبغي أن يصلها من تدرج في السلك الوظيفي من الدرجة كيو (Q) درجة خريج الجامعة و بعدها الدرجة (DS) وبعدها الدرجة (B) وبعدها الدرجة (CS) المعروفة بالدرجة الرابعة أي درجة المدير. هذا هو التصنيف القديم حين تخرجنا من الجامعة والذي تركه الإنجليزية كنظام للخدمة المدنية السودانية التي قالوا عنها بالحرف الواحد: تركنا في السودان نظام الخدمة المدنية البريطاني والذي لم يتركوا مثله في كل مستعمراتهم الأخرى. ولكن خربه السودانيون بشعار (التطهير واجب وطني) بعد أكتوبر 1964. ولكن في عهد الإنقاذ شاهدنا حاجات غير ما كنا نعرف. مثل الطبيب الذي أصبح وكيل وزارة الخارجية. وهذه خارج نطاق الترقيات المعهودة. ولا تحسب كقياس حتى ولو كان ذلك الشخص من أي منطقة كانت. وعليه قس.
    ثانياً: أي وظيفة أو رتبة عسكرية تمنح بموجب إلتحاق المعني بالجهة العسكرية المعنية. وبناءً على نظام تلك القوة النظامية يتدرج العسكري حتى يصل رتبة اللواء أو حتى الفريق. ولهذا لا يمنك أن تحسبها من ضمن الوظائف التي تبؤاها أهل دارفور.
    هل تعلم أخي عزام أن بعد غزو محمد نور سعد 1976 ماذا تمّ بما يخص القبول بالكلية العسكرية. أرجع لخريجي الدفعات 1978-79-80-81- وأحصي عدد أبناء غرب السودان الذين قبلوا بالكلية العسكرية والذين تخرجوا فيها. ستجد المحصلة صفر أو رقم قريب من الصفر لمجموعة سكان يقارب عددهم نصف عدد سكان السودان. والذين أفلتوا من مصيدة عدم قبول أبناء غرب السودان بالكلية العسكرية كان ذلك نتيجة حسابات خاصة لا علاقة لها بالعدل والمساواة في الفرص.
    حتى لا تذهب مهمتك أدراج الرياح أعقد مقارنة بين: المديرية الشمالية (واليوم تعني الولاية الشمالية وولاية نهر النيل) وبين مديرية دار فور. ولا تقل غرب السودان. غرب السودان يشمل من كوستي وحتى الجنينة. وكما تقول النظرية الإحصائية المعروفة، يجب عليك مقارنة المتشابهانز Compare like to like. أي لا تعقد مقارنة بين أحلى السكر أو أسرع الحصان. هنا مجال المقارنة مفقود. وحتى لا يضيع مجهودك سدىً خذ القائمة (ب) وما تحتها من مداخلتك أعلاه، وأضف إليها تعديلي التالي ليسِّهل عليك مهمتك وتصل لنتيجة مقنعة لك ولمن يودون محاورتك في الموضوع.
    1- عدد السكان.
    2- عدد مدارس مرحلة الأساس. (بنين – بنات)
    3- عدد المدارس الثانوية (بنين – بنات)
    4- عدد الجامعات. (توصيف الجامعات بكلياتها مهم لتكون المقارنة مقبولة).
    5- عدد المستشفيات.
    6- عدد الأطباء الأخصائيين. (تفصيل كل التخصصات).
    7- عدد نواب الأخصائيين.
    8- طول الطرق المسفلتة في كل من الشمالية ودارفور.
    9- مساهمة كل إقليم في الدخل القومي.
    10- عدد الكيلووات من الكهرباء.
    11- طول خطوط الضغط الكهربائي العالي في كل من المديريتين.
    12- عدد المدن المنارة إنارة كاملة (24 ساعة في اليوم) في كل من المديريتين.
    13- عدد المدن التي بها شبكة مياه صحية في كل من المديريتين.
    14- مساهمة دار فور في الدخل القومي مقارنة بمساهمة المديرية الشمالية فيه؟
    لم أفهم قصدك من نقطة الصلح والديات؟ الصلح تقوم به الحكومة والديات تدفعها القبائل وما تقرأه في الصحف أن الحكومة دفعت كذا وكذا فهو كذب صراح. وعدم استقرار المنطقة وتكرار القتل وخلافه سببه إلتزام الحكومة بدفع الديات والتنصل من دفعها مما يضطر أهل المقتول على أخذ الثأر لأنهم يرون القاتل طليقاً ولم يستملوا ديتهم في قتيلهم بعد. فالحكومة تعد ولا تفي. ولا يمكنك محاسبة أهل دار فور بوعود عرقوب الحكومية.
    كما تقول العرب: (الحصان بقودوه من قدام). والآية الكريمة تقول: (أدعوهم لأبائهم). ولهذا أمثال الصادق المهدي وحسن بشير نصر وغيرهم لا يمكن حسابهم على أنهم من دار فور لأن جداتهم من هنالك. فلم نسمع أن حسن بشير نصر قال يوماً أن أمه زغاوية ودائماً نسمع أنه شايقي. وعلى هذا الأساس ينسب كل لقبيلة أبيه.
    تتحدث عن المشاريع الأخرى وخاصة الزراعية فهي غياب كامل في دار فور إلا في مواقع من أجل الShow وبس.

    (العوج راي والعديل راي)

    (عدل بواسطة cantona_1 on 08-08-2010, 00:10 AM)

                  

08-08-2010, 06:59 AM

أحمد ابن عوف
<aأحمد ابن عوف
تاريخ التسجيل: 04-26-2010
مجموع المشاركات: 7610

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: cantona_1)

    متابعين

    احترامي للكل

    لدي اضافات من كتاب صدر في 1985 ، وفيه ما يفيد عن التنمية في دارفور وتخلفها.

    ساحاول اختصار واقتباس المفيد لهذا البوست.

    تحياتي
                  

08-08-2010, 07:19 AM

عبد اللطيف عبد الحفيظ حمد
<aعبد اللطيف عبد الحفيظ حمد
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 779

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    الأخ عزام
    أولاً أنا معاك إنه دارفور مظلومة

    بس السودان كله مظلوم...... من حكومة السودان!!!


    وكونه تبقى المسألة توزيع حصص وتجزئة قضايا وجغرفتها.... دي برضو إضعاف للقضية الرئيسية وهي النضال ضد حكومة السودان!!!

    الجغرفة: ربط ممارسات بأمكنة بعينها ويكون المكان والناس ليس لهم ذنب فيما يحدث!!!

    وهل يعيش أهل الشمال (الجغرافي) في النعيم ويعيش غيرهم في الجحيم؟؟؟ كلا
                  

08-08-2010, 07:36 AM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عبد اللطيف عبد الحفيظ حمد)

    cantona
    Quote: هل تعلم أخي عزام أن بعد غزو محمد نور سعد 1976 ماذا تمّ بما يخص القبول بالكلية العسكرية. أرجع لخريجي الدفعات 1978-79-80-81- وأحصي عدد أبناء غرب السودان الذين قبلوا بالكلية العسكرية والذين تخرجوا فيها. ستجد المحصلة صفر أو رقم قريب من الصفر لمجموعة سكان يقارب عددهم نصف عدد سكان السودان.

    لم أكُن أعلم هذا ورب السماء ، لِذا إفْترعت هذا العمود ، لأعلم ... وما حدث (الأقتباس أعلاه) حدث بِالضبط مع الحلفاوِيين بعد إغراق حلفا دِغيم ... لا أعلم حلفاوي واحِد في الجيش السوداني ...

    قائِمتك المُعدِله لِقائِمتي أشمل وأدق ... فقط أردت أن أضع عناوين نستهدي بِها لِتنفيذ < الكِتاب الأزرق >
                  

08-08-2010, 07:45 AM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    عبداللطيف عبدالحفيظ
    كيف حالك؟ علك طَيِب

    Quote: أولاً أنا معاك إنه دارفور مظلومة

    تعديل بسيط : أنا ما قُلت دارفور مظلومة ... أنا قُلت عاوِز أعرف إذا كان دارفور مظلومة ولا ما مظلومة وده عبر < الكِتاب الأزرق >
                  

08-08-2010, 07:50 AM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    ود عوف
    Quote: لدي اضافات من كتاب صدر في 1985 ، وفيه ما يفيد عن التنمية في دارفور وتخلفها

    يا سلام عليك ياخ ... راجيك
                  

08-08-2010, 12:12 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    Quote: عبد المنعم خليفة خوجلي
    ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
    تقديم:هذه ترجمة مختصرة لجزء يسير من أطروحة أكاديمية بعنوان: "القطاع العام في السودان"، قدمها الأستاذ/ عبد المنعم خليفةخوجلي لنيل درجة الماجستير من جامعة ليدز ببريطانيا عام 1972م. اعتمد المؤلف في هذا الجزء من الأطروحة على كتاب "الحركة العمالية في السودان" لمؤلفه د/ سعد الدين فوزي، والصادر في عام 1957م، ومحاضر البرلمان السوداني لعام 1955م، وإصدارات مصلحة الإحصاء في عام 1959م ومصادر أخرى عديدة.
    شهدت أعوام الخمسينات الباكرة نهضة تنموية كبيرة في السودان. فقد تم تأميم مشروع الجزيرة في عام 1950م عند انتهاء فترة امتياز الشركة الأجنبية التي كانت تملكه، وصار المشروع يدار بواسطة مؤسسة وطنية هي مجلس إدارة مشروع الجزيرة (يعرف عند العامة ب "الجزيرة بورد")، وبدا أن الحكومة قد تخلصت من حرج وجود مالك أجنبي للمشروع تورط كثيرا في صراعات مع المزارعين، مما استدعي أن يقوم اتحاد المزارعين (ويضم في عضويته خمسة وعشرين ألفا من المزارعين) بإضراب عام في عام 1946م احتجاجا على علاقات الإنتاج غير المنصفة التي كانت الإدارة (ممثلة في شركة السودان للزراعة) تنتهجها مع المزارعين. وبالإضافة لمشروع الجزيرة تم أيضا في بواكير الخمسينات تأميم الشركات الخاصة التي كانت مسئولة عن خدمات المياه والكهرباء في الخرطوم وواد مدني.
    شهدت كذلك سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية زيادة ملحوظة في نشاط القطاع العام، إذ تم في هذه الفترة ولأول مرة برمجة وتخطيط ميزانية مخصصة للصرف على التنمية في القطاع الخاص. قامت الحكومة في الفترة بين عامي 1946م و1951م بتمويل لبرنامج التنمية قدره 14600000 جنيها سودانيا، أتت كلها من فوائض ووفورات الحكومة. كان قد سبق برنامج الخطة الخمسية الأولي تلك خطة أخري أكبر منها، تم إطلاقها في عام 1951م وبلغ مقدارها 45500000 جنيها سودانيا. كان السبب الرئيس وراء ذلك الصرف الكبير نسبيا هو الزيادة المهولة في أسعار السلع التي حدثت في بدايات الخمسينات، حين وصل دخل الحكومة حدا عاليا غير مسبوق نتيجة لزيادة لم يسبق لها مثيل في أسعار القطن. وبذا تمكنت حكومة السودان من تمويل برنامجها للتنمية بين عامي 1951م و1956م من مواردها الذاتية الخالصة.
    كان لتطورات تلك الفترة السياسية والاجتماعية أثر كبير على أولويات تلك البرامج التنموية، إذ ضاعف تطور التجارة بوتيرة كبيرة ومتسارعة، وتمدد الطبقة الوسطي والمتعلمة من الطلب على توسيع وتطوير الخدمات الاجتماعية بمعدل أكثر من إنشاء مشاريع إنتاجية أساسية. جاء تقسيم ما صرف على التنمية في الفترة ما بين عامي 1951م و1956م على النحو التالي: 28.1% للخدمات الاجتماعية، و26.8% للاتصالات، و13.8% للإدارة، و14.5% للمرافق العامة، وخصص ما تبقي (16.8%) للمشاريع الإنتاجية. دافع وزير المالية عن خيارات أولويات وزارته قائلا إنها متطلبات ضرورية لعملية التنمية، إذ أن "الإنتاج لن يزيد، ولن تكون هنالك تنمية حقيقية دون التوسع في خدمات الصحة والتعليم".
    كانت المواقف والنظرة العامة نحو عملية التنمية تتسم بالتحفظ، ولعل السبب في ذلك كان يعود (على الأقل نسبيا) إلي ضعف الإدارة العامة، والتي زاد من ضعفها برنامج "السودنة". لهذا السبب وضعت سياسة تنموية تعتمد على تقوية آلية التخطيط والرقابة والتنفيذ للمشاريع التنموية قبل الشروع في أي توسع أو زيادة في برامج التنمية. على الرغم من هذه السياسة شهدت تلك السنوات تنفيذ مشرع المناقل (وهو يمثل زيادة 80% في مساحة مشروع الجزيرة). قام هذا التوسع في ذلك المشروع الحكومي على أسس عملية، إذ أنه كان مشروعا منتجا في مجال للدولة فيه سابق خبرة، ومشروعا لا يتطلب الكثير من الكوادر الإدارية.
    الإقليمية (الجهوية)Regionalism
    أشعلت عملية اقتصار وتركيز التنمية في مناطق معينة ومحددة من البلاد شرارة الدعوات المطالبة بتوزيع أكثر عدلا لفرص التنمية. ومع "الغبطة المفرطة" التي صاحبت أيام الحكم الذاتي الباكرة، تزايدت هذه المطالبات. لقد حفظت لنا محاضر البرلمان الأول ما قاله بعض النواب في هذا الجانب، مثل السادة رحمة الله محمود (وسط دارفور) وحماد أبو سدر (الجبال الشمالية شرق بجبال النوبة) وميرغني زاكي الدين (البديرية الأبيض)، الذين خاطبوا البرلمان منتقدين للميزانية وقالوا ما يفيد بأنه: "ليس في هذه الميزانية من جديد لرفع مستويات المناطق الأقل نموا، مع أن وعودا كثيرة كانت قد قطعت لتنمية هذه المناطق. ليس في هذه الميزانية ما يلبي احتياجات مواطني كردفان ودارفور. إن هذا أمر محبط ومخيب للآمال ".
    مثل التمرد في الجنوب في عام 1955م انعكاسا أشد خطرا لحالة عدم الرضا والتذمر المتزايد، وأبان المسح الإحصائي القومي في عام 1956م، وبوضوح تام، هذه المشكلة التي لا تزال تراوح مكانها. واجهت الحكومة الوطنية الأولي (التي تعلقت بها أفئدة المواطنين وآمالهم) ومنذ لحظة قيامها المشكلة المستفحلة الكبرى ألا وهي مسألة "الوحدة الوطنية". لقد أثرت مشكلة "الجهوية" بلا ريب على استراتيجية التنمية، إذ أنه كان لابد من مراعاة الجهة أو الإقليم الذي سيقام فيه أي مشروع تنموي معين عند عمل دراسة جدوى ذلك المشروع. كانت للحكومة بالطبع القدرة على تحديد أوليات الجهات أو الأقاليم التي كانت ستقام عليها مشاريع القطاع العام التنموية، فتلك قرارات سياسية تعتمد على سياسات جهوية تعكس بوضوح اتجاه القطاع العام للاستثمار والتخطيط والبناء.
    يوضح الجدول التالي قيمة ما كان يصرف على الفرد في السودان في أربع مناطق في السودان في مجالات التعليم والصحة والإسكان والخدمات الاجتماعية والاستثمار(1955 – 1956م)


    قيمة الصرف على الفرد


    المنطقة أ
    جنيه

    المنطقة ب
    جنيه

    المنطقة ج
    جنيه

    المنطقة د
    جنيه
    جملة المصروف

    3.019

    1.396

    1.188

    0.923
    الصرف على التعليم

    0.781

    0.412

    0.300

    0.265
    الصرف على الصحة

    الصرف على الإسكان والخدمات الاجتماعية

    0.905

    0.241

    0.375

    0.050

    0.162

    0.068


    0.201

    0.047
    الاستثمار

    1.320

    0.5514

    0.335

    0.185




    (المنطقة أ): الخرطوم – الشمالية – كسلا


    (المنطقة ب): النيل الأزرق- النيل الأبيض


    (المنطقة ج): دارفور – كردفان


    (المنطقة ب): بحر الغزال- الاستوائية – أعالي النيل
    --------------------------------------

    المصدر:الدخل القومي السوداني (1955-1956). مصلحة الإحصاء، الخرطوم، مارس 1959 م.

    فترة ما بعد الاستقلال (1956م – 1969م)
    شهدت السنوات التي أعقبت الاستقلال قفزات كبيرة في التوسع في القطاعين العام والخاص. وكان الاستثمار قبل عام 1956م محدودا جدا بقدرات الاقتصاد السوداني، وما توفره القطاعات المختلفة. وبما أن الاستقلال قد تحقق، فلقد لجأت الحكومة للاستعانة، وبشكل كبير، على الديون الخارجية. وعلى الرغم من أن الديون الخارجية غدت من العوامل الهامة في تنمية السودان،إلا أنه ينبغي تذكر أن نفس الفترة قد شهدت أيضا –ولأول مرة- بروز بعض مصانع الإنتاج التي يملكها سودانيون. توسعت التجارة الخارجية، ومع ارتفاع نبرة "الوطنية" فلقد انتعش القطاع الخاص السوداني، وبدأ نشاطه في التوسع والتنوع، وطفق ينافس الشركات الأجنبية في كثير من أوجه التجارة وحتى الصناعة.
    كان التخطيط فيما مضى حكرا على القطاع العام، بيد أنه، وبعد الاستقلال تم إطلاق خطة شاملة ومتكاملة من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكان الهدف من تلك الخطة هو مقابلة مطالب الطبقات السودانية "الجديدة" التي بدأت في البروز، من خلال سياسات فصلتها تلك الخطة. استعرضت الخطة العشرية للتنمية السياسات الاقتصادية التي سادت في تلك الفترة، وعن تأثيرها على القطاع العام. وكان التخوف الأساس هو ذلك العبء الكبير الذي ستضعه تلك النهضة التنموية المتنامية والمتغيرة على القدرات الإدارية في البلاد، إذ أن التنمية قد طالت أوجها غير تلك التي كانت مألوفة مثل مشاريع الزراعية المروية. زارت بعثة من البنك الدولي للإنشاء والتعمير السودان في عام 1965م، ووصفت القدرات الإدارية للقطاع العام بأنها في "عنق الزجاجة"، خاصة وأن التنمية تتوسع في مجالات مختلفة أكثر تعقيدا لم تعهدها البلاد من ذى قبل، وتتطلب قدرا كبيرا من المهارات الإدارية. وبالإضافة إلي ذلك، وبغض النظر عن التحول المحتمل في طبيعة وتوجهات الاستثمار العام المناسب في المستقبل، فإن معدل تلك الاستثمارات كانت مرشحة للزيادة. كان هذا وحده كافيا لزيادة الضغوط على الآلية التي تتحكم في إدارة التنمية العامة.
    قامت العديد من مشاريع التنمية في الفترة التي تلت الاستقلال مباشرة (بالإضافة لمشروع الجزيرة)، مثل مشاريع الزراعة المطرية في القضارف، ومكننة زراعة الذرة. فكرت الحكومة (التي كانت تمتلك الأرض) في تمليك قطع زراعية للمواطنين كي يستغلوها في الزراعة، فمنحت كل مواطن يرغب في الاستثمار في الزراعة مساحة قدرها ألف فدان. ما أن انقضي عقد من الزمان حتى كانت 1297000 فدانا تحت إدارة مستثمرين سودانيين. احتفظت حكومة السودان لنفسها بملكية الأرض في منطقة القضارف (تماما كما فعلت في مشروع الجزيرة) لذا لم تتكون في السودان طبقة مالكة للأراضي الزراعية. تعرضت سياسة تملك الحكومة للأرض الزراعية وما نتج (أو لم ينتج عنها) للنقد من بعض الخبراء الغربيين بدعوى أن الحكومة باحتكارها لملكية الأراضي الزراعية لم تفعل سوي أن ضيقت الفرص على المستثمرين وأضرت بكامل عملية الاستثمار.
    ما لم تفعله الحكومة هو أنها لم تقم بتأثير سلبي يحجم من ظهور طبقة تجارية (رأسمالية)، بل على العكس من ذلك، قامت الحكومة بإصدار قانون الميزات الممنوحة في عام 1956م، والذي يهدف أساسا لتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في القطاع الصناعي، من خلال منحه مساعدات قانونية ومالية. كانت الصناعة التحويلية آنذاك في بداياتها، وتحتاج لكل مساعدة يمكن أن تقدم لها حتى يتمكن المستثمرون من هجر منافذ الاستثمار التقليدية التي ألفوها والتي يعتقدون أنها تدر ربحا أكثر من غيرها. لخص وليام دايموند كل ذلك حين قال في كتابه "بنوك التنمية" والصادر في عام 1957م بما يلي: "في الظروف السائدة في كثير من الدول الأقل نموا، فإن عوامل عدم استقرار الحكومات، وعدم ثبات قراراتها الاقتصادية، والتدهور المستمرفي قيمة العملة المحلية، وقلة خبرتها بالتكنلوجيا الحديثة، ومحدودية الأسواق، فإنه من المنطقي (وليس العكس) أن يتجه الاستثمار نحو الأوجه التقليدية مثل العقارات والمضاربة في السلع وتجارة العملات الأجنبية".

    http://www.sudaneseonline.com/index.php?option=com_content&view=article&id=17597:2010...8-09-42-42&Itemid=55
                  

08-08-2010, 02:03 PM

محمد ادم الحسن
<aمحمد ادم الحسن
تاريخ التسجيل: 04-22-2009
مجموع المشاركات: 2177

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    السيدعزام تحياتي

    بعيداً عن المناطحات أعتقد أن مراجعة كل التجارب السودانية لا سيما تجارب دارفور السياسية قد تسفر عن كثير من الدروس المستفادة
    وممكن أن يسفر هذا البوست ببداية المداخلة الرائعة للأستاذ عمر ساكن عن درس في غاية الإفادة.
    حيث أن الكتاب الأسود يعبر عن رؤيا أيدلوجية لحركة العدل والمساواة.. بالتالي سحبه علي كل دارفور يعبر عن نوع من الخلل المنهجي للبحث
    المنتظر...وبالطبع النتائج وهو ما جر الحديث بعيداً عن الموضوع...لسوء ترتيب أولويات النقاش

    مشكلة دارفور في نظري تتعلق بأزمة مركزية السلطة في السودان ، والتهميش بابعاده الثقافية ، والإقتصادية والسياسية.
    إذا كنت علي إستعداد لتفيك صور هذا التهميش سوف نناقش، أما إذا كان (كمناطحة طواحين دون كيخوت) فلك منا العذر.

    ولك ودي_____________
    ملحوظة
    ياعزام أزمة مركزية السلطة في السودان في نظري ونظر المتداخلين لا تشملك ، رغم محاولاتك لي عنق الحقيقة.
                  

08-08-2010, 02:07 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    Quote: ( 1 )

    التهميش: المصطلح و الدلالات في الواقع السوداني



    إن كلمة التهميش ليست جديدة في اللغتين العربية والإنجليزية بقدر جدتها في الدلالات والمدلولات والظلال السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي ارتبطت بها خاصة في السودان خلال العقدين الأخيرين وبصورة اكثر كثافة وضراوة خلال الخمسة سنوات الأخيرة بعد تفجر الأوضاع في إقليم دارفور وتعاظم وتيرة العنف في الشرق وبوادر التحرك في كردفان والشمال. ومصطلح التهميش يوازى في اللغة الإنجليزية مفردتي: marginalization والتي تعنى حرفياً وضع الأشخاص أو الجماعات على هامش الأحداث والأفعال ومصطلح social exclusion والذي يعني العزل أو الإقصاء أو الاستثناء او عدم الشمول او عدم الإدماج في الكيان القومي الاكبر بكل تدافعاته وما يتبعها من جنى الثمار. ويقيني أنّ مصطلح social exclusion (بمعنى الإقصاء أو الأبعاد) لـه ظلال ودلالات سياسية ربما كانت أكثر إرتباطاً بالواقع السوداني الراهن من كلمة marginalization والتي هي اكثر محدودية وضيقا في المعانى والدلالات. ومفهوميا فإنّ التهميش جزء من العزل الاجتماعي وليس صنو لـه. وكذلك فانّ مصطلحات الإستثناء أو العزل أو التهميش الإجتماعي كلها تعني اغتراب أو تغريب بعض الناس أو الجماعات داخل المجتمع وعزلهم. وهي حالة ترتبط أحياناً بالطبقة (class) أو بالوضع التعليمي أو مستوى الحياة ومدى تأثير كل ذلك في الحصول على الفرص الحياتية المختلفة. وينطبق ذات الأمر (العزل) على مجموعات الأقليات الإثنية أو العنصرية أو الأقليمية أو المعاقين وذوى الحاجات الخاصة أو النساء والأطفال والمسنين وغيرهم من أهل الحظوة الأقل في المجتمع. وبالتالي فإن أي شخص يجد نفسه في وضع مختلف (او منحرف نوعيا لا كميا) من الوضع الاجتماعي العام للناس في المجتمع فإنه يعتبر في حالة أستثناء أو تهميش أو عزل أو إقصاء إجتماعي. والتهميش في بعض جوانبه يعني عدم قدرة المجتمع على تفعيل كل أفراده بالدرجة التي يحققون فيها ذواتهم ويفعلون فيها مقدراتهم وقدراتهم ومواهبهم وطاقاتهم. وبالتالي فإن التهميش لا يعني ولا ينبغي ان ينحصر في النواحي الاقتصادية الضيقة بل ذو دلالات ثقافية واجتماعية وسياسية وحضارية ورمزية أيضاً (symbolic) حيث أن التهميش في هذا المضمار يعني غياب الإعتبار lack of recognition وغياب المعنى lack of meaning وغياب القيمة (valueless) لجماعة ما. وبالعامية السودانية فإن التهميش يعني "عدم الإعتنا" و"التجاهل" و"الطناش" في سياق الصيرورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وكل هذه المعاني يمكن تنزيلها بالضرورة على الواقع الإجتماعي السياسي العام في المجتمع بذات المدلولات لتعنى الفكرة وذات المفهوم حول التهميش.

    ورغم الضبابية في التمييز الدقيق، فإن المصطلح الاكثر شيوعاً ورواجاً في الساحة السياسية السودانية هو التهميش بمعنى الإقصاء وعدم الاندماج في داخل المجتمع. وحركياً يعني عدم المشاركة بفعالية في مختلف الفعاليات السياسية والاقتصادية والإجتماعية والحضارية في المجتمع السوداني. وذات المصطلح بمعنى social exclusion هو الأكثر شيوعاً في الغرب خاصة في مدن الميتروبوليتان (المدن المليونية الكبيرة) والتي فشلت تركيبتها الإثنية المتنوعة (والتي في الغالب تسيطر عليها اثنية محورية طليعية في السياسة والاقتصاد والمجتمع) والتي بدورها قد فشلت في أن تستوعب كل الناس (على تباينهم وتنوعهم واختلافهم) في الحراك الاجتماعي –الإقتصادي-السياسي سواءاً كان في لندن أو نيويورك أو سيدني. وظل البعض مثل مجموعة واسب (WASP) في الولايات المتحدة الأمريكية وهي اختصار لمصطلح: White Anglo Saxon Protestants والتي تعنى: البيض الإنجلو ساكسون البروتستانت والذين هم يلعبون دور الدينمو الفاعل والمحرك لكل فعاليات المجتمع الأمريكي الإقتصادية والاجتماعية والسياسية في حين ظل الآخرون على أحسن الفروض في موقع المتفرج أو المتلقى أو المفعول به. أما على مستوى الأفراد فإن التهميش يعني فقدان زمام المبادرة في الأفعال حتى فيما يخص تقرير مصير الشخص أو تحديد فرصه وكسبه في عراك الحياة وتدافعاتها اليومية وفي محصلتها النهائية بما فيها ما يتحقق للإنسان من وضع طبقى ومن وضع مميز في مراكز التأثير والنفوذ والقوة بمعناها السوسيولوجي وهي القدرة في التأثير على الآخرين وعلى مصائرهم وكسبهم الحياتي. وكذلك الحال بالنسبة للجماعات والمجتمعات المهمشة التي تفقد القدرة على المبادرة وعلى إعادة إنتاج ذاتها وعلى التوثب والنماء وعلى التأثير على الآخرين، وتصبح في حالة إنتظار سرمدى لفعل الفاعل الخارجي والذين هم الجماعات المحورية القابضة على السلطة وعلى الثروة وبالتالي هي التي تحدد مسار الحياة والتاريخ ومرجعيات الثقافة والقيم للمجموعات المهمشة.

    بهذا المعنى فإن التهميش أو الإقصاء هو حقيقة أزلية كامنة في طبيعة المجتمعات الحديثة والتي تخطت مرحلة البساطة (او البدائية) كما يحلو لعلماء الانثروبولوجيا اليمينيون ان يطلقون عليها. وأيضاً قد تخطت أغلب المجتمعات الآن تلك المراحل من تطورها التي تميزت فيها بالمساواة المطلقة absolute egalitarianism أو ما يسمى بمرحلة انعدام الطبقات والتراتبية في المجتمع (classlessness). ان التهميش والاستحواذ كجدليتين متلازمتين على اختلاف وتناقض غالباً ما يتمان على أسس طبقية أو هوية أو اثنية أو دينية.

    وقد اصبحت هاتان الجدليتان من أهم مكونات وملامح الحراك السياسي والإجتماعي والاقتصادي في أغلب أو كل المجمعات الإنسانية. والتهميش هو النتيجة الحتمية لذلك التطور (الحتمي أيضاً). إذن يوجد التهميش (ليس دائماً بالضرورة) حيثما يوجد الاستحواذ [والتكويش] والظلم الاجتماعي والذي يأخذ منحى اجتماعياً (لا فردياً) كبيراً (large scale) ويكون على أسس غير الكفاءة الموضوعية مثل الانحياز للجهة أو الاثنية او الدين او غيرها من الأرضيات التي تحكم سلوك البشر في اطار المجتمع. وحتى في ظل المعطيات الموضوعية فإن الحد الأدنى من الشمول والإندماج لكل الناس أصبح أمراً ضرورياً في الممارسة وفي الفكر الإجتماعي والسياسي والإقتصادي الحديث وذلك تمشياً مع روح وجوهر العدالة التي تنشدها تجربة الحقوق المدنية التي تميّز الدولة القومية-المدنية الحديثة. وبعيداً عن الحساسيات السياسية والدلالات والإرتباطات والظلال التي أصبحت تعنيها مفردة التهميش لابد من الإشارة إلى أن هذه الظاهرة لها ما يسندها من الشواهد والمؤشرات الحياتية في كل دول ومجتمعات العالم وهي ليست قمينة فقط بالحالة السودانية. وهذه الشواهد الدالة على وجود الظاهرة قد تعارف عليها علماء الإنسانيات وراسمى السياسات في السياسة العامة (social policy) باسم المؤشرات أو (indicators) والتي هي في الغالب قياسات إحصائية موضوعية بعيدة كل البعد عن الانحيازات الشخصية والذاتية. وبالطبع قد تكون بعض هذه القياسات أو الشواهد نوعية (qualitative) وبعضها كمية (quantitative) ولعلماء الاجتماع والأنثروبولوجيا وسائر أو معظم العلوم الاجتماعية الأخرى طرائق منهجية موثقة لقياسات الشواهد والمؤشرات النوعية للسلوك الإجتماعي أو لمختلف الإنجازات في مجال التنمية الاجتماعية أو التنمية البشرية بصورة عامة. اذن إن ظاهرة التهميش قابلة للدراسة علميا وموضوعيا بغرض التقصي والتوثيق، وفوق ذلك لوضع المعالجات في شكل سياسات وإجراءات وترتيبات منهجية وادارية تكون كفيلة بإعادة توازن المجتمع المختل بسبب اختلال طرفي معادلة التهميش والاستحواذ. وبالطبع لا يتم ذلك إلا اذا توفرت أولاً الإرادة السياسية (political will) للقائمين على الأمر وثانياً إذا توفر الفهم والمعيار الصحيح الذي يضع موضوع التهميش في خانة المُلِحْ والعاجل لإنعكاساته على تماسك الأمة السودانية في هذه اللحظات المفصلية من تاريخها الحديث.

    ومما لا شك فيه أن هنالك تمايزات واختلافات واختلالات فيما تحقق لمختلف جماعات المجتمع السوداني وأقاليمه مقاساً بمؤشرات التنمية البشرية والتي تشمل الآتي: الحصول على الثروة والمال مقاساً بالدخل السنوي أو متوسط دخل الفرد؛ الحصول على السلطة السياسية مقاسا بالقدرة على التأثير على الآخرين؛ الحصول على التعليم؛ الحصول على الخدمات الصحية؛ الحصول على الخدمات الاجتماعية؛ وغيرها من القياسات. وبالطبع تتعدى التمايزات الانجازات المظهرية إلى أخرى اكثر بعداً وتأثيراً مثل متوسط حياة الفرد (Life expectancy) ومثل وتيرة المرض (morbidity) ووتيرة واعداد الوفيات (mortality) مقاساً بالألف من أفراد المجموعة.

    اذن الحديث عن التهميش يجب الا ينحرف (في حالة إستغلاله بواسطة البعض) ولا يجب أن يفهم بأنه أمرٌ كذبٌ وفارغ من الحقيقة وديماجوجيا يستغل هذه الأيام لدغدغة العواطف. وأيضاً لا يجب محاكمته سياسياً بأنه ليس اكثر من شعار للتكسب السياسي الانتهازى، ولا يوصف المنادين بشعاراته بالعنصرية او مخالفة الإجماع الوطني أو الخيانة وغيرها من الأوصاف الدالة على عدم تحمل الرأي الآخر المخالف لرأي السلطة السياسية والقابضين عليها.

    هناك مؤشرات موضوعية يجب النظر اليها حينما نتحدث عن ظاهرة التهميش التي أصبحت الشعار الاكثر رواجاً في الحراك والتدافع السياسي في السودان. وأرجو الا تقمع الحقيقة في نقاش ظاهرة بهذه الخطورة اذ أصبحت تهدد البناء القومي السوداني بالتشرزم والتشظى في حالة الاستمرار في الإنكار خاصة من جانب الدولة صاحبة المسؤولية الأخلاقية الأكبر في الحفاظ على تماسك هذا الكيان السوداني القومي وفي تحقيق العدالة في داخلة والانسجام بين كل مكوناته.
                  

08-08-2010, 02:09 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    Quote: د. حامد البشير ابراهيم

    ( 2 من 14 )

    التمايز الاقليمي في مجال التعليم و عدم التوازن في صناعة وتخريج النخب



    هناك عدة مؤشرات (indicators) دالة ومؤكدة على وجود التهميش وعلى عدم التوازن في المكاسب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في السودان كما سبق ذكره. وهذه المؤشرات قد تكون ظرفيه (circumstantial) وقد تكون إحصائية (statistical) أو كمية (quantitative) أو نوعية (qualitative) كما سبق الأشارة أيضاً.

    وهذه المؤشرات يمكن أن تكون مصدرها ثانوي (secondary source) مثل التقارير والاحصاءات الرسمية ومنها ما هو أولي (primary source) وهو ما يستدعى الحصول عليها إجراء البحوث والمسوحات الميدانية لجمعها وتوثيقها وتأكيدها. ويمكن أن أشير إلى المؤشرات المتاحة الآن في مصادرها الثانوية في تقارير الدولة الرسمية وفي البحوث الأكاديمية وفي تقارير المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي وغيرها من المنظمات الدولية والاقليمية التي لا تعمل في الدولة الا من خلال توأمة وتناغم تامين مع ماكينة الدولة وبرامجها وآلياتها الادارية والتخطيطية والخدمية خاصة في القطاع الاجتماعي الذي يشتمل على الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية والمياة والصرف الصحى وغيرها.

    أولاً: هناك ما يؤكد وجود فوارق إقليمية كبيرة في كل الخدمات الإجتماعية بين مختلف أقاليم السودان-وبالضرورة بين إثنياته ومناطقه حسب منطوق الأشياء في التطورات الراهنة في السودان. إن احصائيات وزارة التربية والتعليم السودانية تؤكد أن نسب الإنخراط في التعليم العام (والجامعي) تقل في جنوب السودان وفي اقاليم غرب السودان والشرق والنيل الأزرق بصورة أقل من المستوى القومي بكثير وبدرجات متفاوتة بالضرورة. المصدر في ذلك كله التقارير والإحصاءات السنوية لوزارة التربية والتعليم منذ الستينيات وحتى الآن. ويحمد لوزارة التربية والتعليم السودانية خاصة في عملها مع المنظمات الدولية أن حددت بأن أحد الأهداف الأساسية لبرامجها التعليمية خلال العقود القادمة هو ردم الفجوات المهولة في التعليم العام بين أقاليم السودان، خاصة المذكورة أعلاه. واذكر في يوم من الأيام وخلال عملي البحثي والبرامجي في هذا المجال أن كانت نسبة الانخراط في التعليم الأساسي في احدى الولايات (تحديداً غرب بحر الغزال) لا تتعدى 10% وجنوب كردفان (24%) في نهاية التسعينيات (بالـتأكيد الحرب كانت واحدة من الأسباب لكن ليست كل الأسباب)، في حين ان في ولاية أخرى كانت النسبة تتعدى 85%.

    وليس ذلك فحسب (أي دخول التلاميذ وتسجيلهم بالمدرسة) بل أن بقاء التلاميذ (retention) وإستمراريتهم وكسبهم الأكاديمي والمعرفي او ما يعرف بالتحصيل المعرفي (learning achievement) كلها مؤشرات تؤكد على الفوارق المناطقية والإقليمية المذهلة في السودان. ودوننا من ذلك إحصاءات وزارة التربية والتعليم والبحوث الأكاديمية التي تكتظ بها رفوف مكتبات الجامعات السودانية وتقارير المنظمات الدولية أيضاً. ومؤشر آخر اكثر دلالة (في اطار العملية التعليمية) هو تسرب التلاميذ من المدارس (drop-out) حيث أن في بعض الولايات بلغت نسبة التسرب 92% وسط جيل واحد من الأطفال (cohort) بين الصف الأول والصف الثامن في حين أنّ في بعض الولايات نسب التسرب لا تزيد عن 20% خلال الثمانية سنوات. وتبقى الأسباب المعهودة للتسرب بدلالاتها الإدارية والسياسية والاقتصادية مرتبطة جدلياً ومفهوميا بظاهرة التهميش وتشمل هذه الأسباب: غياب المعلم (لعدم وجود الإشراف والضبط الإداري)؛ عدم جاهزية المعلم (لغياب التدريب والتأهيل)؛ احباط المعلم (لغياب المرتب والإعتبار)؛ عدم جاهزية مبنى المدرسة (لغياب التمويل)؛ تدهور البيئة المدرسية مثل إنعدام الماء والمرحاض والأنشطة (لغياب التمويل)؛ اغلاق الداخليات في واقع ريفي متباعد جغرافيا ومتأثر بالجفاف وتدهور البيئة مثلما في غرب وشرق السودان (أيضاً لغياب التمويل المركزي)؛ بعد المدرسة عن المنـزل حيث تصل المسافة احياناً إلى اكثر من عشرة كيلومترات في بعض الولايات؛ عدم توفر الأمن حيث بعض المجتمعات قد أوكلت لها مسؤولية حماية نفسها حتى يتاح للدولة التركيز في حرب الجنوب وفي حماية المدن في الوسط التي أصبحت تعج بالنازحين ممن يوصفون بأنهم قنبله زمنية أضحت تميز مدن الوسط النيلي؛ عدم وجود التمويل في إطار الحكم الفدرالي بشكله الحالي حيث المحليات مفلسة في بعض الولايات يمكن فهمه بأنه إجراء قصد منه تقنين الفوارق التاريخية وتقنين التهميش والابقاء عليه حيث من المعلوم أن بعض المناطق والأقاليم فقيرة بحيث لا يتأتي لها تمويل التنمية والخدمات الاجتماعية بإمكانياتها الشحيحة وفي محيطها الاداري الكبير دون الدعم المركزي؛ وأحياناً رغبة الدولة (ضمناً) لا (صراحة) وهكذا يظن المهمشون أن أغلاق المدارس قد تم حتى يتفرغ الأطفال واليافعون في بعض الولايات الطرفية المهمشة ليكونوا وقوداً للحرب الأهلية من خلال الانخراط في التشكيلات شيه العسكرية والمليشيات القبلية التي كانت ترعاها الدولة خلال فترة التسعينات وما زالت. إذن فإن وجود ذات المدرسة ذات الفصول الثمانية في ولايتين أو منطقتين متباينتين يعني مخرجات مختلفة تماماً في كل حالة: في بعض الولايات تكون مخرجات المدرسة في الاقليم (المميّز) هو طالب يصل المرحلة الجامعية ويصبح رقماً في الحياة العامة وبالطبع فرداً في الطبقة الوسطى ذات الفعالية والتأثير في الحياة الاجتماعية والسياسية في المجتمع. وفي الغالب الأعم تكون مخرجات ذات المدرسة في الاقليم المهمش وفي انعدام المعينات والبيئة الغير مواتية هو تلميذ فقد حظه وفرصته في التعليم وربما في مقتبل الأيام أصبح ناقماً على الدولة (الظالمة) (والغير محايدة) ودخل الغابة أو الصحراء (وهو محق). وهذا ينطبق على كل المناطق التي توصف بالتهميش ويكون الوصف محقا بلا شك.

    ويقيني أنه لا سبيل لتحقيق العدالة إلا بإحداث إصلاحات هيكلية في كل القطاع الاجتماعي من منطلق أن هناك خللاً هيكليا وبنيويا ومنهجياً في إدارة الشأن العام في السودان إدارياً وإقتصاديا وسياسيا وفي مختلف الأقاليم.

    إن التعليم في المجتمع السوداني وفي كل مجتمع في العصر الحديث أصبح هو الوسيلة الاكثر فعالية لتحقيق الاستقواء الإجتماعي (Social empowerment) أو للتمكين الاجتماعي بمعناه الواسع (سياسياً واقتصادياً واجتماعيا) والذي يؤدى إلى التحولات الاجتماعية أو المجتمعية الكبرى ويدعم التراتبية والترقي الاجتماعي حيث أن التعليم أصبح أحد أدوات الإنخراط في الطبقة الوسطى التي تشكل الرأي العام في مختلف ضروب الحياة في المجتمع الحضرى والريفي على السواء. كما وإن أهمية التعليم في تحقيق الوحدة الوطنية تكمن ليس فقط في القيم التي يغرسها في الأطفال وتمجيده للقواسم المشتركة بين فئات المجتمع بل لأنه إحدى المهارات الفعالة والاستراتيجيات الضرورية لتوزيع ثمرة التنمية ولتذويب الفوارق الثقافية والاقتصادية (جهوياً واثنياً ودينياً وطبقياً) وأيضاً لتمكين الأشخاص والجماعات من الترقي والصعود اجتماعياً واقتصادياً مما يحقق بدوره فعالية المشاركة السياسية.

    ثانياً: هناك فوارق كبيرة بين أقاليم السودان ومناطقه وهذا بالضرورة يعني إثنياته في الغالب الأعم لتلازم الأثنين في انخراط الطلاب والطالبات في التعليم الجامعي، وتقارير مكتب القبول القومي ووزارة التعليم العالي السنوبة تؤكد ذلك. وأيضاً يؤكد ذلك الدراسة الضافية التي قام بإعدادها ونشرها خلال الثمانينات أستاذ الاقتصاد (بجامعة الخرطوم سابقاً) والخبير بالهيئة العربية للاستثمار والانماء الزراعي حاليا الدكتور صديق ام بده رابح وغيرها من الدراسات التي تؤكد ذلك بصورة قاطعة لا تدع مجالاً للشك. ويقيني أيضاً أن كل هذه الحقائق قد تواثق عليها الباحثون والأكاديميون السودانيون وغير السودانيين والذين ربما لم يجدوا القنوات المعتبرة (والسالكة) لتوصيل هذه الرؤى والأفكار والحقائق للقيادة وللمؤسسة السياسية بالرغم من أنها مسلمات أكاديمية وعلمية (وإجتماعية أيضاً) لا خلاف حولها. هناك حاجة وضرورة لأن تنتهى القطيعة والجفوة بين الدولة والمؤسسات الأكاديمية الراسخة مثل جامعة الخرطوم ولكن نلاحظ على النقيض من ذلك أن الدولة قد لجأت لإنشاء معاهد استشارية متخصصة بديلة ذات طاقات بحثية واستشارية متواضعة بالضرورة. وذلك لعدم الثقة في الجامعات والمؤسسات البحثية الراسخة في السودان. هناك حاجة ملحة – في هذا السياق- لأن يتم تواصل صحى وإيجابي بين المؤسسة الأكاديمية البحثية في البلاد وبين المؤسسة السياسية: حيث الأولى تكون بمثابة البوصلة ومصنع الأفكار (Think Tank) التي تهتدى بها الثانية (الدولة أو الحكومة) في رسم السياسات الكفيلة بتحقيق مشروع نهضوي متكامل للسودان يقضى على جذور التهميش ويكفل العدالة بين أجزاء السودان وأقاليمه وإثنياته. وفي غياب المؤسسة الاكاديمية من المشاركة بفعالية في تحليل المشكلات ورسم السياسات ستظل المؤسسة السياسية تنكر حقيقة راسخة مثل حقيقة التهميش الجهوي والإثني في السودان.

    إن الفوارق في التعليم الجامعي بين مختلف الأقاليم لا تقف فقط عند حد الأرقام الاحصائية الباردة وهي أرقام الانخراط مقاسة بالنسب المئوية (للبنين والبنات). لكن تتعداها لتصل إلى نوعية الكليات التي ينخرط فيها الطلاب من مختلف الأقاليم. هناك إحصاءات تشير بصورة مؤكدة من مكتب القبول وموثقة في بحوث أكاديمية في جامعة الخرطوم وغيرها إلى أنّ بعض الولايات في السودان تساهم بأقل من 1% من الطلاب الذين يدرسون الطب في جامعة الخرطوم والجزيرة وجوبا والاسلامية (دون التحدث عن الجامعات الخاصة ذات التكلفة الدولارية العالية والتي هي خارج نطاق ما يمكن أن تلتقطه أحلام المهمشين والفقراء).

    أنّ هذه الولايات في الاقاليم المهمشة (او الاًقل حظاً أو الأقل نمواً) تساهم بأقل من 5% بقليل من مجموع الطلاب الذين يدرسون الطب والهندسة وتقنية المعلومات وغيرها من التخصصات التطبيقية في كل السودان في الجامعات الخاصة والحكومية على السواء. وحتى لا تكون هناك مغالطات في هذه الحقائق فإنها أمور قابلة للبحث وللاستقصاء بقصد التأكيد او النفى لمن أراد. إذن النتيجة الحتمية لهذا التباين هو أن ميكانيزمات وآليات صناعة وتخريج الصفوة والنخب المستقبلية في السودان تعاني من إنسدادات في بعض الأقاليم ووسط بعض المجموعات الاثنية والثقافية والاجتماعية مثل قطاع البدو والذي جله يعيش في الأقاليم الأقل نمواً (بلغة الدولة) أو المهمشة بلغة المهمشين أنفسهم. وهذه الإنسدادات بدورها تديم وتبقى على عمليات التهميش والتراتبية الاجتماعية والاقتصادية الإثنية والمناطقية والجهوية والتي هي حقيقة ما ثلة الآن لا تقبل الجدال. وعلى صعيد آخر إن الإبقاء على التهميش وتطابق وتمركز الإثنية والجهوية والطبقية في البناء الاجتماعي هو جوهر النـزاع في السودان الآن والذي إن لم يتم تدراكه حتما سيتطور إلى صراع رؤى وهويات تكون نتيجته الحتمية هي الشتات والتمزق القومي. ومردود عدم التوازن وعدم العدالة في فرص التعليم الجامعي على الخلل البنيوي في تكوين وتركيبة الخدمة المدنية والمهنية في السودان مما جعل الهيمنة الإثنية والجهوية أمر واضح لا تخطئة العين المجردة.

    ثالثاً: هناك تباينات اقليمية لا تخطئها العين حسب التقارير والاحصاءات الرسمية لوزارة الصحة الإتحادية والولايات وتؤكدها أيضاً البحوث والدراسات والمسوحات العلمية خلال الأربعة عقود الأخيرة. وهذه التباينات والتمايزات تشمل الصحة الأولية (Primary) والثانوبة (secondary) وعلى المستوى الثالث (tertiary). وهناك بعض الأمثلة للفوارق والتباينات الواضحة في مجال الصحة ومردوداتها على التاس في الاقاليم المختلفة في السودان، وهذه التباينات يمكن قياسها بالمؤشرات التالية: نسب السكان لعدد الأسرة بالمستشفيات حسب الاقاليم والمناطق؛ نسب السكان لعدد الاطباء المدربون؛ نسب النساء (في سن الولادة) لعدد الأطباء المدربون كإختصاص توليد؛ نسب الاطفال لإختصاصيي الأطفال؛ وجود الخدمات الصحية الملازمة مثل الأشعة والأسنان والتخدير وغيرها حسب الأقاليم؛ نسب السكان للمعاون الصحى الريفي؛ معدلات الوفيات الاجمالية وسط السكان (mortality rates) حسب الأقاليم.

    وأهمية هذه الاحصائيات مع دلالات تبايناتها السياسية في عملية التهميش تكمن في ان الفهم الطبي – الاجتماعي- السياسي لها أنها كلها وفيات أو امراض يمكن تلافيها في حالة وجود الخدمات الصحية ذات الكفاءة وفي حالة وجود الدواء في متناول اليد. وهذان الشرطان هما المكونان والمحددان لما يعرف بالحصول على العلاج أو حرفياً الوصول إليه (access to treatment and care). وأيضاً في جانب آخر فإنّ الحصول على الدواء مرتبط بالدخل الذي هو المؤشر الأبسط للانتماء الطبقى وللقدرة على الشراء. ومن منطلق فهم الاقتصاد السياسي المرتبط بتقديم الخدمات الصحية وعلاقة ذلك بالتهميش, أن وجود الخدمات الصحية في المجتمع, ما هو في التحليل النهائي إلاّ نتاج لحراك يعقبه قرار سياسي وتحكمه علاقات النفوذ والقوة والتأثير والذي في هذه الحالة قد امتازت بها أو انتفعت بها جماعات نفوذ دون أخرى واقاليم ذات نفوذ وحظوة دون أخرى (إما صراحة أو ضمناً). وهو في النهاية قرار يصدره صاحب السلطة لإعتبارات ذاتية في حين أن الموضوعية تقتضى العدل لا الإنحياز والتحيز على أي أساس كان. والواقع يقول أنه في سنوات الإنقاذ أصبح هذا التحيز هو السمة الغالبة في توزيع الخدمات، وبالضرورة فإن صفة التحيز هذه يقابلها على الطرف الآخر من المعادلة: التمييز والظلم وهي بلا شك أدوات التهميش والإقصاء. ولكن ولو علم القابضون على الأمر فإنها أيضاً معاول الهدم للاندماج والتوحد القومي والاستقرار والسلام الإجتماعي – جوهر ما أفتقده ويفتقده السودان خلال العقدين لأخيرين.
                  

08-08-2010, 02:11 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    Quote: ( 3 من 14 )

    التمايز الاقليمي في الخدمة المدنية و في التركيبة السياسية في السودان



    رابعاً: إن التركيبة السياسة الحالية في السودان وأعني بها تركيبة القوة (power structure) وتوزيع الأدوار السياسية لا تعكس بأي حال من الأحوال التنوع والغنى الموجود في التركيبة الديمغرافية والاجتماعية (سياسياً واثنيا وجهويا) في السودان. ان وزارات محورية مثل المالية والطاقة والداخلية والخارجية (قبل لام أكول) الذي جاء في اطار تسوية نيفاشا، ظلت وزارات تحت السيطرة الكاملة لجماعات تحمل ذات الملامح "الفكرية" والجهوية والإثنية. وأن "الغرباء" من "الغربان البيض" الذين فرضتهم التسويات السياسية (الضرورية لبقاء النظام) ليدخلوا بين افراد "العقد الفريد" في مجلس الوزراء ظل دورهم هامشيا مقابل دور مَن هم مِن (بيت الكلاوي) ومركز القرار السياسي (صناعة وإتخاذا). وفي بعض الأحيان كان دور هؤلاء الغرباء أشبه بدور مصدات الرياح أو ما تعارفت عليه الفرنجة بالـ Trouble shooters أو "متلقين الحجج" بالعامية السودانية خاصة في دفاعهم المستميت عن أخطاء وجرائم الانقاذ خاصة في دارفور ومحاولاتهم اليائسة بسترة سوءاتها التي تكشفت أمام العالم أجمع.

    إن الأمانة تقتضي القول بأن الدولة السودانية خلال فترة حكم الإنقاذ قد أنحرفت كثيراً في السلوك والممارسة عن منهاج وحيدة الدولة القومية. وعلى النقيض من ذلك لقد أتبعت نهجاً قربها اكثر فأكثر من نموذج الدولة الإثنية أو دولة القبيلة اودولة (الشلة) أحياناً. والشواهد على ذلك كثيرة للعوام وأصبحت حديث الشارع وحديث القرى والأرياف والأندية الثقافية.



    خامساً: أما فيما يتعلق بالخلل وعدم التوازن في الخدمة المدنية, فنأخذ على سبيل المثال اذا كان سكان كردفان ودارفور والشرق يشكلون مالا يقل عن 50% من سكان السودان فان تمثيلهم مجتمعين في وزارة الخارجية يقل عن 10% من مجموع الدبلوماسيين ويقل عن 5% من السفراء داخل الجسم الدبلوماسي.

    وبالتأكيد يمكن إيراد ذات الأرقام والنسب المتواضعة للمشاركة في مختلف فروع الخدمة المدنية خاصة في الوزارات الاتحادية مثل المالية والطاقة والتجارة والصناعة والزراعة والقضاء والإعلام. وأنا على يقين أن نسبة تمثيل بعض الولايات (الأقاليم) في هذه الوزارات ضئيلة للغاية و تمثيلها في الوظائف العليا لا يتعدى ان وجد 5% مقارنة بنسبة السكان في هذه الأقاليم التي تصل إلى خمسين في المائة من سكان السودان. إن هذا التمايز موجود وقد أصبح أمر مسلمٌ به في الواقع السوداني لدرجة أنه لا يثير التساؤل وأحياناً لأن المؤسسة السياسية وذراعها الأمنية تعتبر هذه الملاحظات (كزنا العين) من المحرمات والإفصاح عنها كالمنكر رغم تفشي الظاهرة للدرجة التي أضحت تهدد النسيج الاجتماعي والنسيج السياسي و أوشكت ان تعيد تعريف الدولة القومية والمدنية إلى دولة اثنية أو دولة القبيلة القرو-وسطوية والمحروسة أمنيا بالجيش (القومي) والذي ذاته يعاني كغيره من إختلالات مهولة في بنيته.

    ان تركيبة الخدمة المدنية أصبحت تعكس بصورة مخلة إنحيازاً إثنيا وجهوياً مستفزّاً لمشاعر الوحدة والتوحد والعدل والمساواة. وكذلك تعكس خللاً بنيوياً منحازاً بصورة واضحة ومفضوحة لولاءات دينية وسياسية مرتبطة بتنظيم الإسلاميون والذي للأسف قد تمحور وأنكمش أخيراً خلال العقد الأخير إلى كيان إثني حصري ضيق في كل ملامحه وعازل للآخرين خاصة بعد المفاصلة بين قطبى الرحى الفكرية – الروحية والعسكرية – الدنيوية (المنشية والقصر). وفي هذا السياق يمكنني أن أورد القصة التالية التي حكاها لي بالخرطوم أحد الأصدقاء قبل بضع سنوات، وهي أن مسؤولاً تنفيذيا كبيراً قد حضر من جنوب أفريقيا للسودان في زيارة رسمية. والزيارة بالطبع قد شملت عدداً من الوزارات وتضمنت كثيراً من الإجتماعات مع كبار المسؤولين في تلك الوزارات.

    وبعد إنتهاء الزيارة حكي الوزير الجنوب أفريقي لصديق لـه سوداني: "أنكم يا أخى لا تعلمون مشكلتكم بالتحديد وأنا في خلال أربعة أيام إستطعت أن أتحسس جزء من هذه المشكلة. وزاد قائلاً إنكم يا أخى لا تمثلون بصورة عادلة كل فعاليات وتنوعات المجتمع السوداني في الخدمة المدنية وفي توزيع السلطة. ما رأيته خلال زياراتي لمختلف الوزارات يؤكد ذلك وأوضح حديثة قائلاً: انني عند كل زيارة لأي وزارة أحس بعدم التوازن عندكم منذ دخولي ومقابلتي للحراس على الباب مروراً بمختلف المكاتب والسحنات التي تميز شاغليها على إختلاف مناصبهم مروراً بكبار الموظفين والمستشارين وصولاً للسيد الوزير في نهاية النفق. إنّ التركيبة الاثنية وملامح الناس داخل الوزارات لا أراها تشبه التركيبة الاثنية المتنوعة في الشارع السوداني العام. ان هذا الاختلال في الخدمة المدنية هوانعكاس لاختلال في موازين القوى وفي توزيع الفرص وختم الوزير الجنوب أفريقي حديثه لصديقه السوداني قائلاً: طبعاً ليس هنالك شخص في العالم يمتلك حاسة ادراك التمييز بمختلف أشكاله مثل ما نمتلكها نحن في جنوب أفريقيا حيث تجربة التمييز العنصري وبعدها الفصل العنصري (الأبارثايد) قد إستمرت عندنا لحوالي نصف قرن قبل أن تزول وإلى الأبد في عام 1992م.

    لا ريب إن ملاحظة الوزير الجنوب إفريقي ليست ضرباً من اليوتوبيا والميثولوجيا الأفريقية التي كم صورناها (في خطابنا الرسمي) بمعاداتها للسامية ولعروبة السودان. ان الملاحظة بها قدر كبير من الصحة والصدقيه تسندها الاشارات السوسيولوجية الدقيقة التي تتبين من الوهلة الأولى في التركيبة الديمغرافية في خارطة الخدمة المدنية وتراتبيتها في كل وزارة بدءاً بحارس الباب مروراً بالخفراء والمراسلات وانتهاءاً بذوي الياقات البيضاء من المهنيين والتنفيذيين وإنتهاءاً بالعشرة الكرام حول الوزير (اذ ان الوزير ربما أملت وجوده ضرورات التسوية السياسية التي تديم التمايز على الأقل في حده الأدنى (فيما دون مرتبة الوزير). وذلك تحديداً ما يعكسه حديث الشارع عن بعض الوزراء الذين هم من خارج أهل الحظوة (أهل الحضرة) وهم يجدون أنفسهم أسرى للعشرة الكرام والذين هم الشخصيات العشرة الاكثر نفوذاً في كل وزارة أو مصلحة. وهم في الحقيقة يمثلون الادارة الحقيقية (الخفية) التي تدير دولاب الوزارة ورسم السياسات وما على الوزير (الذي هو من خارج أهل الحظوة) إلا الإمضاء وحضور الإجتماعات وحفلات التشريف والبروتوكولات وربما السفر إلى الخارج ليعكس وجه السودان المشرق المتنوع إثنيا وجهوياً. وهذا تماماً ما وصفه البعض (بالمكياج) السياسي الذي يسعى النظام ان يكتسب به عالمياً ومحليا شرعية القبول واكتساب صفة القومية بتأمين المشاركة العريضة المتنوعة. وفي التحليل النهائي هو إبقاء على التهميش بمسميات وتمظهرات جديدة حالما يتكشف امرها امام التحليل الموضوعي لتركيبة وممارسات السلطة في عهد الإنقاذ.
                  

08-08-2010, 02:14 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    Quote: د. حامد البشير ابراهيم

    ( 4 من 14 )

    التحيزات الجهوية والإثنية في بنية ميزانية التنمية القومية في السودان



    سادساً: إن تركيبة وبنية ميزانية التنمية القومية في السودان خاصة خلال السبعة عشر عاماً الأخيرة من عمر الإنقاذ قد عكست نفس التحيزات والتشوهات الجهوية والإثنية الضيقة.

    وهناك ما نشره قبل أشهر في الصحف الدكتور صديق ام بده رابح الخبير بالهيئة العربية للاستثمار بأن نسبة الصرف من ميزانية التنمية القومية على دارفور خلال ذات الفترة الزمنية لم تتعدى 2% من جملة ما صرف في السودان. اذن لقد أضحت التنمية على قلتها واضحة الانحياز الجهوي بصورة تجافي نظرة الإنسان العادل الذي يرى السودان بعيون واسعة تشمل كل أقاليمه واثنياته وقومياته. ان الدولة التي إستعصى عليها أن تحقيق العدالة بين جميع الناس كان حري بها أن تساوي الناس في الظلم. وكما ذكر الشيخ حسن الترابي في جريدة السوداني العدد 6/مايو 2007: بأن الظلم قد لحق بدارفور التي تأوى 6 مليون نسمة ولم تحظ بطريق الإنقاذ الغربي في حين أن ولاية لا يتعدى تعداد سكانها 1.5 مليون تحظى بشارعين أساسيين خلال العقدين الأخيرين وهذا غير السدود والخزانات التي أصبحت شعار المرحلة رغم مجافاتها للأولويات التنموية في البلاد ومجافاتها للمعايير الأخلاقية في أساسيات الحكم والإدارة التنموية.

    وهناك حادثة طريفة لابد من إيرادها في هذا السياق لتأكيد ما ذهبت اليه: مع بداية الألفية الحالية ذهبت إلى نيويورك ثم دلفت إلى واشنطن لزيارة الأخ والصديق الباحث الاقتصادي في البنك الدولي الدكتور إبراهيم البدوي عبد الساتر والذي كان يقيم لي مأدبة إفطار صغيرة مع بعض اصدقائه السودانيين في تلك المؤسسة. وعند مدخل البنك الدولي التقينا صدفة انا والدكتور إبراهيم مجموعة من الإخوة والاصدقاء العاملين بوزارة المالية السودانية والذين حضروا للمشاركة في اجتماعات في البنك الدولي وربما في صندوق النقد أيضاً. وتسامرنا بعض الوقت عند مدخل البنك الدولي إلى ان ذكر أحدهم وهو شخص مشهود لـه بالذكاء والتميز الأكاديمي والتجرد، ذكر بالحرف الواحد: "بأنني في يوم من الأيام سألت السيد وزير المالية وقلت لـه يا سيدي الوزير: هل انتم لا تريدون دارفور وبعض الأقاليم الطرفية ان تبقى في السودان مستقبلاً؟ فرد عليه الوزير وماذا تعنى بذلك؟ فرد عليه صديقنا قائلاً: أعنى أننا في خلال عقد من الزمان ركزنا التنمية بصورة كاملة في بعض اجزاء القطر دون الأخرى وخاصة دارفور. فسكت الوزير ولزم صديقنا المهني التكنقراط الجريئ حدود اللياقة مع رئيسه المباشر. وبعد ذلك بأربع سنوات ثارت دارفور ضد التهميش والاقصاء وظلم الحكام في الخرطوم وما هدأت. وعندها انطلقت رصاصة الجهاد ضد التهميش والذي يبدو انه سيستمر إلى ان ينال المجاهدون احدى الحسنيين: اما تحقيق الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى عندها الجميع؛ أو تقسيم السودان إلى دويلات على نسق يوغسلافيا وحينها ستصبح دارفور هي صربيا وجبال النوبة هي الجبل الأسود والنيل الأزرق هي ماسيدونيا وفقط في ذلك الأثناء ستجلس النخب الإسلامية في الخرطوم وهي مملوءة بالحسرة على ما فرطت فيه مثل أمراء الأندلس "الفاشلين". وعندها ستردد النخب في السودان بحسرة بالغة أغنية الربوع: ام در يا ربوع سوداننا…. وحينها لن يتبق من (تربيعة) السودان إلا قطعة رقيقة على خاصرة النيل سماها إنفصاليو الشمال بالسودان المحوري (وذلك شأن أخر سنفرد لـه مساحة أيضاً).

    سابعاً: كان حرى بعلماء الانسانيات والتنفيذيين والخبراء الذين يستشيرهم نظام الإنقاذ في سياساته وتحديد أولوياته التنفيذية ان يقولوا كلمات صادقة وجريئة في حق الوطن وفي حق العدالة. كانت الامانة تقتضى على كل الخبراء بما فيهم الخبراء في وزارة المالية والتخطيط وعلى رأسهم الأخ والزميل الوزير الحالي الزبير محمد الحسن والأخ الصديق الشيخ المك والذين سبقوهما ان يتساءلوا أسئلة نقدية للذات وللواقع الذي حولهم وهم القابضون على زمام الأمر الاقتصادي والمالي بالبلاد: أين تنمية غرب السافنا؟ ذلك المشروع الطموح والذي يعتبر الأول والأخير من نوعه في الشمول على طول حزام السافنا الغربي في كل كردفان ودارفور حيث أشتمل على الزراعة وتربية الحيوان معاً. إنه المشروع التنموي الوحيد في سافنا دارفور وفي سافنا كردفان وقد حُكم عليه كغيره من الكائنات في دارفور بالإبادة في بداية التسعينيات بدعوى الاستخصاص وتصفية القطاع العام. اذن الناس في دارفور اليوم يموتون ويحتربون لغياب التنمية وللفقر وللفاقة وللتهميش و"لحراق الروح" أيضاً من جراء ذلك.

    في عام 1992م أوكلت إلي مهمة تقييم الجزء الخاص بحيازات الأراضي وبالثروة الحيوانية في مشروع السافنا في جنوب دارفور والذي كان يديره وقتها البروفيسور القدير بابو فضل الله (آدام الله لـه العافية والصحة). وقد قمت باعداد الدراسة الضافية وفي توصيتي الأخيرة حول مستقبل المشروع قلت لهم: أتركوا مشروع السافنا قائما في جنوب دارفور لعدة أسباب:

    (أ) إنه المشروع الريفي التنموي المتكامل الوحيد (زراعة رعي) خارج نطاق نموذج مشروع الجزيرة في المنطقة المروية والنماذج التي تلته على ذات النهج في غرب الجزيرة والمناقل وخشم القربة وحلفا الجديدة والفاو. ذكرت لهم بالحرف الواحد : دعوه يعيش حتى يكون نموذجاً يحتزى في كل حزام السافنا الفقير والمكتظ بالسكان في أن واحد.

    (ب) إن مشروع السافنا هو الوجود التنموي الوحيد الذي يشعِر المواطن في دارفور بوجود الدولة في صورة مشروع يستهدف حياة الإنسان وميعشته (livelihood) وتلك في حد ذاتها قيمة معنوبة ورمزية كبيرة لاتقاس ولا تقدر بثمن. وأيضاً ذات مردود في تأكيد شرعية الدولة وفي تأكيد ولاء المواطن لدولته وشعوره بأنه مواطن ذو قيمة.

    (ج) وبالعامية السودانية وكما ذكرت في مرافعتي في عام 1992م لصالح مشروع السافنا قلت لهم بالحرف الواحد: أتركوا مشروع السافنا على الأقل "لزوم الغُلاط" (والمغالطة مع أهل دارفور حينما يتهمون حكومة المركز في يوم من الأيام بغياب التنمية وعدم "الإعتنا" والتهميش). وقبل أن أغادر نيالا تمّ معى التحقيق من قبل الأجهزة الأمنية وأنا في مطار المدينة مما سبب حرجاً بليغاً لمضيفي البروفيسور بابو فضل الله وذلك شأن آخر عفوت عنه من أجل الوطن وأهله ومن أجل مشروع السافنا. ورغم ذلك حَلَّت الدولة مشروع غرب السافنا بعد أقل من عام وصدقت نبوءتي حينما قامت دارفور بجرد الحساب مع المركز الذي كان خالي الوفاض ومعدوم الرصيد لمقارعتها الحجة. وانفجرت دارفور غضباً وسالت شلالات الدم من جبل مرة الذي حتى قبل وقت قليل كان يعتصر من اعاليه عصيراً للحب وللعشاق حتى تغنى بها الكابلي: لوزرت مرة جبل مرة. والآن لقد أصبح ذلك الجمال مرتعا للعنف وللحرب ولشلالات الدم وأصبحت تقطنه الكيانات المتحاربة وهجره المواطنون الذين عاشوا فيه أنضر سنوات حياتهم ليعيشوا في المعسكرات المهينة حول أطراف المدن وفي صقيع الصحراء القاحلة في دارفور.

    وعلى أصدقائي الذين ذكرتهم عاليه ان يتساءلوا: أين مشروع ساق النعام لتنمية وتطوير المراعي في دارفور وتوأمه مشروع جريح السرحة غرب ام بادر حاضرة الكواهلة في بادية كردفان الشمالية؟ وقد أصبحا كلاهما أثراً بعد عين ولا أثر فيهما حتى لمباني قديمة تدل على وجودهما في قديم الزمان أو تدل على أن هذا الجزء من الوطن كانت لـه حقوق كما للآخرين. وتلك قسمة ضيزي ولدت الأحقاد الناتجة من الشعور بالظلم وقادت إلى إقتتال الأخوين في دارفور. ولأنّ "المتجاورات متعاورات" فالحرب قادمة نحو كردفان لا محالة. وعلى الدولة إن كانت لها مشروعات تنموية في دارفور وكردفان لتنمية القطاع الرعوى غير هذين المشروعين الذين حلتهما في التسعينات فعليها الرد والتوضيح. والمشروع الأول (غرب السافنا) كان الوحيد في كل دارفور من الصياح وفوراوية والطينة شمالاً حتى ام دافوق جنوباً ومن الجنينة غرباً وحتى اللعيت جار النبي. والمشروع الثاني كان هو الأوحد في كل كردفان من سودرى شمالاً إلى الليري جنوباً ومن ود عشانا شرقاً حتى غبيش غرباً.

    ثامناً: وفي مجال التنمية الزراعية أين مشروع تنمية جبال النوبة في كردفان أو ما عرف في السابق بمؤسسة جبال النوبة الزراعية والتي أنشأت عام 1925م وتعتبر الباعث الأول للنهضة الزراعية في ذلك الجزء من الوطن وساهمت بفاعلية في تحديث الاقتصاديات الريفية وفي استقرار الرحل وفي هجرة المجموعات النوبية من سفوح الجبال إلى الوديان وفي تمدد الاقتصاد النقدي وفي زيادة الاستهلاك ونمو المدن وفتح الطرق وترابط المجتمعات وزيادة وتيرة التداخل والتوادد الإثني وغيرها من بواعث وإشراقات التنمية والنهوض الريفي والمجتمعي. رغم ذلك لم يتبين القائمون على الأمر الأهمية الاستراتيجية للتنمية حتى في شكلها ووجودها البسيط وللوجود الفاعل للدولة في جبال النوبة خاصة في شكل الخدمات الأساسية ذات الدلالة الرمزية في دولة حديثة التكوين وهشة الأوصال ومترامية الأطراف مثل سلاحف النينجا. وعليه, فحينما تمرد أبناء النوبة في منتصف الثمانينات واستعرت الحرب في التسعينات كان المخزون الاستراتيجي للدولة من الحجج والمشاريع التنموية التي تقارع بها المتمردون الحجة وتتودد بها إلى المواطن العادي (غير المتمرد) كان ذلك المخزون قد نضب مع حل ذلك الجسم التنموي العملاق (مؤسسة جبال النوبة الزراعية). وبالمقابل لقد أصبحت الدولة كالمحتال الذي يبيع للمواطن في جنوب كردفان الخطط التنموية والنوايا الحسنة مثل إنشاء الطريق الدائري منذ العام 1990م وحتى الآن إلى أن خرج ذلك الطريق من دائرة الاحلام إلى مربع احلام اليقظة والذي سيتطور إلى احتجاج وربما إلى عنف وتمرد في المستقبل.

    وتساءل الناس كثيراً في تلك الانحاء عن ماذا قدمت الدولة للزراعة الآلية التي ربما أتت في المرتبة الثانية أو الثالثة بعد القضارق والدمازين. لم تصرف الدولة فلسا واحداً في التنمية خلال عشرات السنوات في تلك الانحاء المهمشة من السودان. ولا غضاضة أنه حتى بعد السلام إن الشباب, خاصة من القبائل العربية, قد اختاروا الانضمام للحركة الشعبية بدلاً من الوقوف في خانة الحكومة التي يرون فيها صورة (راجل الأم) الظالم الذي فقد مقومات العدالة في التوزيع بين أبنائه وأبنائه بالتبني (Step children). ورغم التعبئة التي أستمرت لعشرات السنين, اختار الشباب من القبائل العربية في غرب السودان (خاصة قبائل البقارة) الذين كنتم – يا رجال الإنقاذ – تضعون عليهم أعينكم وأيديكم, أختاروا الإنحياز "لعدو الأمس" والذي ربما توسموا فيه العدالة "والخير" اكثر من "حليف الأمس" وهم الحكام رافعي شعار المشروع الحضاري. أما كثير من الشباب من الطرف الآخر من النوبة فقد أظهر قدراً من العداء ليس لمشروعكم الحضاري بل حتى للثقافة العربية والإسلامية لدرجة الاستعداء الغير مبرر أحياناً وذلك زرعكم وحصدكم في تلك الانحاء من السودان.

    وبعد حل مشروع تنمية جبال النوبة ومن قبله مؤسسة جبال النوبة الزراعية إنهارت أيضاً الزراعة الآلية وهجرها المستثمرون. وفي الوقت الراهن أصبح لا وجوداً تنموياً للدولة تقارع به أهل جنوب كردفان (نوبة وعرب) حينما يتحدثون عن التهميش وعن التحيز التنموي وعن التفضيل وعن "الخيار والفقوس" في توزيع فرص التنمية في السودان. وهذا بالضبط ما واجهته القيادة السياسية في آخر زيارة لها لجنوب كردفان حينما واجهها بذلك المواطنون و"المسؤولون المتمردون" في إشارة إلى معتمد ابوجبيهة الذي ندد بغياب الدولة في جنوب كردفان وندد بالتحيز التنموي للدرجة التي أثار فيها حفيظة النائب الأول. اذن هذا هو التهميش بكل ألوانه وصوره واضح لا تخطئة العين وهذه هي ردود أفعاله المتوقعة. وكما يذهب المثل الشعبي في كردفان: إن الذي تفعله كريت (الماعز) في القرض تجده في جلدها (لا حقاً): ومن يزرع الشوك لا يحصد الورد.
                  

08-08-2010, 03:23 PM

بريمة محمد
<aبريمة محمد
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 13471

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    عزام
    فى لحظة واحدة فقدت رابطة الجأش وأصبحت كالتور فى مستودع الخزف
    أنظر أيها القارئ الكريم هذا البؤس والخواء النفسى والفكرى .. وأتفرجوا عدييل ..
    Quote: بِريمة حديدة الحِمار

    ده بريمة حديدة الحِمار قال إنو عربي
    ولو إنت راجِل تمام يا بريمة ورينا كتبت في خانة السؤال عن العرق شنو ، لامِن عملت أوراقك البِموجِبا عايِش بيها هسع في أمريكا
    وللعلم يا عزام فى أمريكا لو كتبت أن عرقى هو "حديدة الحمار" .. لا يسألنى أحد لا فوق لا تحت .. تقبل هكذا أن عرقه حديدة الحمار ..! هل فهمت أن الناس مؤتمنة على أعراقها .. وليس هناك فى الدنيا إنسان يعرف عن أعراق الناس أكثر منهم عن ذاتهم .. ثم لماذا سؤال العرق فى أمريكا؟ .. الدولة تدرس فى مؤسساتها الرسمية الأحصاءات الأثنية حتى تتعرف على مواضع الخلل فى السياسات تجاه المكونات السكانية .. دعنى أضرب ليك مثل: فى خلال الأزمة المالية الأمريكية الحالية ثبت أحصائياً أن الأقليات مثل السود والأسبان تأثروا بنسبة كبيرة جداً فى فقدان وظائفهم .. والأحصاءات أيضاً تشير أن المرأة ربة المنزل (وما أكثرهن فى الغرب) تأثرت كغير المرأة التى تعيش حياتها فى خارج إطار الأسرة .. حينما عرفت الدولة الخلل وضعت برامج أقتصادية وتنموية لسد الثغرات ..

    أنت يا عزام فقدت الحاكمية الأخلاقية تجاه أبناء الغرب .. the moral authority وتفقد الحساسية تجاه الأعراق السودانية .. ما يسمى ب racial insensitivity ..

    وهاك العليقة دى:
    عزام أنت تعرف عن نفسك الكثير وأكثر من أى إنسان أخر .. ما أعرفه عنك أنك زول راسب فى جامعة الخرطوم .. إنسان ديسمس .. تم طردك من جامعة الخرطوم على وضح النهار .. أصغر واحد فينا من أبناء الغرب فى هذا البوست هو الأخ محمد أدم الحسن .. والله يا عزام أمثال محمد من أبناء الغرب يفوقونك سنين ضوئية من حيث منهج تفكيرهم .. وتفكيك الأزمة السودانية ..


    أنت يا عزام بالنسبة لى عينة معملية ممتّازة لأظهار أفكارى عن سوء أستغلال تعددنا الأثنى والتراثى فى السودان .. والتى تعتبر ثروتنا الحقيقية، وقوتنا التى لا تضاحيها قوة مادية .. وأمثالك منذ قرون مازالوا يخربوا فيها ..

    بائس بكل ما تحمل الكلمة! .. لاحظ فى منبر عام تكتب "لو أنت راجل" !! .. أنت لا تستطيع أن تكرب الضحوة مع أمرأة من نساء الغرب ناهيك عن رجل غرابى وبقارى متربى فى البادية مثلى ..

    بريمة

    (عدل بواسطة بريمة محمد on 08-08-2010, 03:27 PM)

                  

08-08-2010, 02:19 PM

محمد ادم الحسن
<aمحمد ادم الحسن
تاريخ التسجيل: 04-22-2009
مجموع المشاركات: 2177

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    السيدعزام تحياتي

    بعيداً عن المناطحات أعتقد أن مراجعة كل التجارب السودانية لا سيما تجارب دارفور السياسية قد تسفر عن كثير من الدروس المستفادة
    وممكن أن يسفر هذا البوست ببداية المداخلة الرائعة للأستاذ عمر ساكن عن درس في غاية الإفادة.
    حيث أن الكتاب الأسود يعبر عن رؤيا أيدلوجية لحركة العدل والمساواة.. بالتالي سحبه علي كل دارفور يعبر عن نوع من الخلل المنهجي للبحث
    المنتظر...وبالطبع النتائج وهو ما جر الحديث بعيداً عن الموضوع...لسوء ترتيب أولويات النقاش

    مشكلة دارفور في نظري تتعلق بأزمة مركزية السلطة في السودان ، والتهميش بابعاده الثقافية ، والإقتصادية والسياسية.
    إذا كنت علي إستعداد لتفيك صور هذا التهميش سوف نناقش، أما إذا كان (كمناطحة طواحين دون كيخوت) فلك منا العذر.

    ولك ودي_____________
    ملحوظة
    ياعزام أزمة مركزية السلطة في السودان في نظري ونظر المتداخلين لا تشملك ، رغم محاولاتك لي عنق الحقيقة.
                  

08-08-2010, 03:12 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: محمد ادم الحسن)

    Quote: د. حامد البشير ابراهيم

    ( 5 من 14 )

    لفظ " الحزام الأسود " أحد إسقاطات الدولة العنصرية



    تاسعاً: إن الثروة الحيوانية حتى قبيل انتاج وتصدير البترول في السودان كانت تساهم بما لا يقل عن 20% من عائدات العملة الصعبة على البلاد. وما زالت تساهم باكثر من 90% من احتياجات البروتين الحيواني ومن منتجان الألبان بالبلاد. وقطاع الثروة الحيوانية (التقليدي) يستوعب بين 15-20% من سكان القطر وذلك تبعاً لتباين التعريف العلمي للبدو وللبداوة. وبما أن القطاع الرعوي بأكمله قد عاني الاهمال والتهميش في كل السودان لكن تبقى الغالبية العظمى من هذا القطاع ومن الرعاة اجمالاً هم في غرب السودان وشرقه والنيل الأزرق وجنوب النيل الأبيض والبطانة في شمال السودان (وهم ما نطلق عليهم الأباله والبقارة والغنامة حسب الحيوان الغالب في نمط الإنتاج البدوي). وذلك باستثناء الرعاة في جنوب السودان والذين يرعون الأبقار للضرورة البيئية والمناخية. اما في شمال السودان فإن الغلبة العددية لتواجد الرعاة هي منطقة الساحل (حدود الصحراء الجنوبية) و في منطقة السافنا في اقليمي كردفان ودارفور الواسعين وفي شرق السودان. وبالطبع هي ذات الأقاليم- بلا إستغراب- التي يشكو أهلها التهميش وهم محقون في دعواهم ما لم تقدم الدولة كشف حساب منذ الاستقلال وحتى الآن حول نمط وكميات الصرف على التنمية في هذا القطاع الهام وفي أهله (الرعاة) الذين يفوقون الملايين. والاسئلة المشروعة التي يثيرها الرعاة هي:

    (أ) أين مشروعات مياة الشرب للرحل وللبدو التي بدأت في الستينات وتبخرت كما يتبخر الماء في الصحراء؟

    (ب) كم صرفت الدولة على الخدمات الصحية (المتنقلة او المستقرة) وعلى صحة الرعاة الذين تفوق نسبة وفياتهم ووفيات اطفالهم ووفيات الأمهات كل المعدلات القومية؟

    (ج) كم صرفت الدولة على القطاع الرعوى وخاصة في صحة الحيوان الذي في كثير من المناطق تموت منه الآلاف بإمراض كان يمكن معالجتها بأقل التكاليف مما يسبب هدراً للموارد القومية وإفقاراً لنسبة مقدرة من السكان الريفيين؟

    (د) كم صرفت الدولة على تعليم أبناء الرحل الذين لا تتعدى نسبة الانخراط في أوساطهم 10% رغم الجهد الذي بذلته منظمة الأمم المتحدة للأطفال (اليونيسيف) من خلال مبادرة الأخ حامد تورين ورفاقة الميامين من الاساتذة الأجلاء محمد سليمان بلح وحامد سعد وغيرهم في دارفور. ووفقني الله ان قدمت مبادرة لتعليم الرحل في كردفان أعان وعاون فيها حاكم كردفان في ذلك الوقت الاستاذ محمد الحسن الأمين والوزراء في شمال وجنوب وغرب كردفان والاساتذة الأجلاء سالم حامد مكي ومحمد إدريس موسى والاستاذ المراد في ولايات كردفان الثلاث حتى تحقق حلم للملايين من الرعاة بالرغم من أنه لم تتعدى تغطيته 1% من أبناء الرحل في كل ولايات كردفان ودارفور الذين يصل عددهم إلى حوالي 2 مليون من جملة الأحدى عشر مليون نسمة في الولايتين (على أحسن تقدير).

    (ه) وما زال يتساءل المواطن الرعوى عن ماذا قدمت الدولة في مجال تحسين نسل الثروة الحيوانية وتنميتها.

    (و) وماذا قدمت الدولة لتطوير القطاع الرعوى ولتنظيم الرعي تفادياً للمشاكل والتصادمات التي ميزت كل هذا القطاع في علاقته التصادمية والتنافرية مع القطاع الزراعي. حيث الحكمة تقتضى الوئام والانسجام بين هذين القطاعين المحوريين الذين يعبران عن تقسيم عقلاني ودقيق للعمل في منطقة السافنا الجافة.

    (ز) وماذا قدمت الدولة في تسويق الماشية وفي تنظيم سوق الماشية قومياً ليكون مفيداً للمنتح وللراعي البسيط الذي تركته البنوك الإسلامية التي تمول التجار والمضاربين، تركته نهباً لظلامات الرأسمالية التي تميز العلاقة الاستغلالية بين الرأسمالي والمنتج في اطار نمط انتاج قبل- رأسمالي الذي ينتمي إليه القطاع الرعوي.

    وعلى النقيض من ذلك لقد أتاحت البنوك للمستثمر الرأسمالي ما عرف في ادبيات الاقتصاد السياسي بالتراكم قبل الرأسمالي والذي أهم ما يميزه الابتزاز والاستغلال وشعور الراعي بأنه أجير عند حضرة رأس المال. وأكاد أجزم أن الدولة ليس لها قيد أنملة من السياسات تجاه هذا القطاع وأهله من الرعاة طالما أنه قطاع يعمل في صمت في ركن قصى من البلاد وبأقل التكاليف. وبحكم تركيبته وتنشئة الرعاة فيه والتنافس الحاد على الموارد الشحيحة مما يسهّل تسخيرهم في حروب الدولة ضد بعض مواطنيها المزارعين خاصة في ظل الصراع والتنافس المعهود حول الموارد في تلك الأنحاء من السافنا والصحراء في غرب السودان. وأتمنى من الدولة ان تقوم بدراسة (audit) لتحدد حالة هذا القطاع واشكالاته واماكن القصور والتطور المستقبلي لتنميته ولشمول وإدماج الرعاة في نبض التنمية القومي. وأيضاً ان تقوم الدولة بدراسة تحدد فيها اعداد الموتي والجرحى والمعاقين من الرعاة خلال العقدين الأخيرين واعداد ما فقدوه من ثروة وحيوانات نتيجة لحروب التماس الطويلة وكم منهم إنتهى به المطاف إلى أطراف المدن يقتسم قطعة من الصحراء (وقطعة من العذاب) في غرب ام درمان في معسكرات النازحين التي أطلقوا عليها صدقاً لا تندراً: زقلونا وجبرونا وكلها عبارات تدل على التهميش والاقصاء والنسيان. وللاسف فقد وجد هؤلاء النازحون من الرعاة أنفسهم وهم يقتسمون ذات القطعة من الأرض اليباب في أطراف المدن مع من حاربوهم بالأمس من الاثنيات المضادة كما يقول خطاب الدولة الرسمي.

    وفجع الطرفان (خصماء الأمس) (ورفقاء اليوم) حينما سمعا أحد فقهاء الدولة يوصفهما معاً "بالحزام الأسود" الذي يحيط بالخرطوم احاطه السوار بالمعصم، وقد كان ذلك التوصيف أحد إسقاطات الدولة العنصرية. إن واقع النازحين من غرب السودان ومن جنوبه حول الخرطوم والحياة المزرية التي يعيشون فيها ما هي إلا اسوأ صور التهميش وتجسيداته. وهي تأكيد إلى ان التهميش قد أتى من تلك الانحاء ما شيا على رجليه ليبقى قريباً من القصر الرئاسي البارد حتى يدمغ ويوصم دولة ما بعد الاستقلال بخيباتها المتكررة حتى وهي في أبهى عباءاتها الوطنية التي أطلقت عليها المشروع الحضاري.

    ان النازحين الآن في السودان يقارب عددهم سكان السودان عند الاستقلال وذلك يؤكد لنا مجدداً خيبات النخب الحاكمة المتكررة تجاه شعبها ووطنها السودان بعد خمسين عاما من الاستقلال.

    كم تمنيت ان تقوم الدولة بجرد حساب مع البدو الرحل قبل ان يكونوا نازحين وبعد أن أصبحوا نازحين يشكلون الطليعة في فقراء المدن وفي بروليتاريا التهميش والإجحاف وهي بروليتاريا لم تكن معروفة من قبل لأنها غير مرتبطة بأي من الانماط الانتاجية من تصنيع او زراعة. هذه الشريحة ينطبق عليها توصيف فرانز قانون بأنهم: "المعذبون في الأرض". وفي أي دراسة تحليلية ضافية ستجد الدولة, ونتيجة لغيابها التام, إن هذا القطاع الرعوي أصبح مسكونا بالعنف وبالأمية وبالمرض وبالعزلة والانزواء, حتى أضحى تجسيدا لغياهب التاريخ الذي يشاطرنا الحاضر واستشراف المستقبل. وان قليلاً من الرعاة قد وجد حظه ليجنى بعضاً من ثمار الحياة العصرية ومن ثمار الدولة المدنية التي لم يسمع بها الكثيرون منهم منذ أن تمت مقايضة المستعمر الإنجليزي بالآخر الوطني متمثلاً في الأنظمة العسكرية والأوتقراطية التي داست على كرامة المواطن و"فرشت" كرامة الوطن في كل أسواق وبورصات العالم. إن الأنظمة الديكتاتورية والعسكرية في السودان أصبحت احدى متلازمات الأمراض المستوطنة التي تنهش في خاصرة وجسد الوطن المقعد.

    لقد أضحى القطاع الرعوي في كل السودان مرتعاً للتهميش والذي شمل أيضاً بدو البطاحين حول الخرطوم والذين بالرغم من جوارهم القريب للسلطان الا أنهم ظلوا بعيدين عن عطفه ورحمته ومن دائرة التنمية التي تشملهم. ويبدو أن اللعنة أصابتهم من كونهم أهل أبو حريرة اليسارى المذاق (حسب رأي النظام) وأيضاً من أهل صديق طلحة الذي ألتزم بالمعارضة في خانة الإتحادي الديمقراطي وما تزحزح مع علمه بأن الإنقاذ تحاكم القبائل والمناطق بجرائر أبنائها البررة. وذلك صنف جديد من الفهم الشمولي لضرورات التنمية والخدمات أتانا مع رياح التغيير التي هبت مع الثورة (من الثور) التي نطحت البلاد في العام 1989م وما برحت. وأيضاً يشمل فيروس التهميش رعاة وبدو الحسانية الذين تقطعت بهم السبل في الصحراء الشمالية حول بيوضة والعتمور وفي بوادى النيل الأبيض الغربية والشرقية وأيضاً بدو الجنوب وبدو البجا والشكرية والزبيدية في الشرق. وفي حالة البدو فإن التهميش ليس لـه اثنية محددة الملامح لكن لـه جغرافيا وتاريخ يمثل محمورها البدوي في السودان الذي لم تشمله تدافعات الحياة العصرية وفضاءاتها وخيراتها التي إستحوذ عليها اهل المدن من صحة وتعليم ومياه شرب نقية وفائض دخل يصرف جزء منه في السكن الفاخر وما تبقى يصرف على السياحة التي كنيت بالحج الفاخر أيضاً… أنهم فعلاً مفخرة الوطن.

    عاشراً: وعلى صعيد آخر لقد ضرب الجفاق دارفور وكرفان وشرق السودان حتى تقاسم الناس القوت مع النمل الكريم. وتقاسموا بعض الثمار البرية مع الطير النبيل. ولقد كانت ضربات الجفاف متواترة وموجعة منذ الستينات ومازالت مما أنهار معها أساس الاقتصاد الريفي الذي تميز لسنوات طويلة بالكفاية وبالكفاءة وأيضاً بإنتاج الفائض التجاري أحياناً للدرجة التي ِأنتج فيها جنيناً رأسمالياً أمبريونيا (embryonic) أولي خرج من رحم نمط الإنتاج الفلاحي وقبل الرأسمالي (pre-capitalist). وأدى بدوره إلى بروز إبتدائي لرأسمالية زراعية ريفية كانت قمينة بأحداث النهضة في الريف، ولكن نتيجة للجفاف المتعاظم دون دعم من الدولة على تحمل تبعاته ووقف زحفه, هجر الرجال والنساء والاطفال الريف بعد نضوب الزرع والضرع (مع غياب الدولة) وأقاموا مدن الصفيح والكرتون حول المدن. ويبقى السؤال: ماذا قدمت الدولة من مشاريع لدرء الجفاف والتصحر؟ وماذا قدمت لتخفيف الآثار التي أقعدت بالإقتصاد الريفي وأخرت حيويه المجتمع الريفي أيضاً؟ اين دولة الرعاية الاجتماعية وصناديق الزكاة ودورها تجاه الملايين الذين اكتظت بهم معسكرات النازحين حول أغلب مدن غرب السودان وشرقه والوسط النيلي؟ لقد غاب دور الدولة تجاه هذه المأساة الإنسانية الصامتة التي بدأت ومازلت شاخصة منذ الثمانينات وحتى الآن ولم نسمع بقيام صندوق لهذا الغرض أو مشروع تنموي لأعادة التأهيل أو لتقديم الخدمات لهؤلاء المعذبون من النازحين وهذا بلا شك ملمح من ملامح التهميش. وفي ذات السياق أين دور الدولة تجاه قطاع الصمغ العربي الذي كان يميز سافنا كردفان ودارفور بالإضافة لجنوب النيل الأبيض وجنوب النيل الأزرق (في حالة صمغ الطلح)؟ هذا القطاع يستوعب ما لا يقل عن ثلاثة مليون نسمة في كردفان ودارفور ويضيف لاقتصاد السودان تنوع المصادر بالإضافة للسمعة العالمية التي حققها بإنتاج السودان لما يقارب التسعين في المائة من إنتاج العالم. لم تقم الدولة بتوفير الماء ولا الطرق الفرعية ولا التمويل للمنتج ولا التسويق الكفء بضمان الأسواق التقليدية ولا بحسن إدارة شركة الصمغ العربي حتى إنهار، انتاج الصمغ العربي أحد أعمدة الاقتصاديات الريفية في السافنا الغربية والوسطى. وزاد فقر المنتجين الذين أضطروا بعد ذلك للنزوح كعمالة موسمية لمشروع الجزيرة قبل موته السريري حينما حقنته الدولة بفيروس الأيديولوجيا في التسعينات وقرأت على قبره تعويزة "نأكل مما نزرع" ليموت آخر حلم أخضر في الوطن الصحراوي. وبعدها بقليل ماتت أيضاً الأيديولوجيا وبُلعت الشعارات ولبس الحاكم والمحكوم جلباب البنك الدولي وعمامة صندوق النقد وتسربل الوطن كله بجيوش الأمم المتحدة وأصبح حاكمة الحقيقي هو (بريمر) الذي يقيم في كل عواصم الغرب (والشرق) كناية عن تدويل الشأن السوداني وتفرق دمه بين قبائل العالم من "النصارى والمجوس وعبدة النار والطاغوت والشيطان الأكبر… وكل من دنا عذابه". وتحول العمال الزراعيون الذين كانوا منتجين للصمغ العربي من غرب السودان ووسطه إلى فقراء في المدن يبيعون الماء البارد (برِّد…برِّد) في صيف الخرطوم الحار وأحزانهم الدفينه في عيونهم, وتكسو وجوههم وأجسادهم النحيلة التي هي شخوص تجسد التهميش وظلم المركز وقسوة أولي الأمر من حكام المسلمين في أرض السودان.
                  

08-08-2010, 03:15 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    Quote: د. حامد البشير ابراهيم

    ( 6 من 14 )

    المهمشون يركبون قطار الحرب و"المضطر بركب الصعب"



    حادي عشر: أين دور الدولة خلال العقدين الأخيرين مقاسا بالصرف من ميزانية الخدمات او التنمية على مياة الشرب في الأقاليم الطرفية خاصة في غرب السودان الذي اصبح فيه الماء مقطوعة مستديمة في بنية الغناء الشعبي حيث يتغنى به العشاق قبل ذكر المحبوبة: "قفا نبكي من ذكرى حفيرٍ وموردِ". بدلاً عن: قفا نبكي من ذكرى حبيبٍ ومنـزلٍ… التي زينت الشعر العربي حتى في صحراء الربع الخالي. ان مياه الشرب في أغلب مناطق شمال كردفان وشمال دارفور تستهلك مالا يقل عن 30% من ميزانية الأسرة السنوبة وأنّ 70% من المشاكل والصدامات الاجتماعية تكون حول المياة بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ومن المأسى الراسخة ان الناس في غرب السودان ما زالوا يموتون بالنـزاع حول شجرة التبلدى التي تختزن الماء في جوفها. وهي ذات الجماهير التي يسعى المؤتمر الوطني لخطب ودها وهي عطشى وتموت حول شجرة التبلدية.

    وعلى الرغم من أن الماء عصب الحياة للإنسان وللحيوان الا وأن الصرف عليه قد إنتفى مع إنتفاء دولة الرعاية الإجتماعية. ومعاناة العطش تواصلت وتفاقمت حتى عمت المدن بما فيها الأبيض حاضرة شمال كردفان وغيرها من مدن غرب السودان. ان النيل الذي غطته السدود والخزانات (بسبب وبدون سبب) كان الأولى به أن يسقى 11 مليون سوداني في غرب السودان, هم جزء من الوطن وجزء من التاريخ رغم غيابهم وتغييبهم من الحاضر, اذا كانت هنالك إرادة سياسية والتزام سياسي وعدالة ونبل أخلاق من جانب الحكام لكانت قد أخترقت ترعة من النيل الأبيض إلى كردفان التي كانت وما زالت عطشى "من زمن حفروا البحر".

    ولازم شح المياة في تلك الإنحاء تفشى الأمراض المرتبطة بالمياه والتي تشكل 90% من الأمراض المستوطنة مما أرهقت به كاهل المزارع الفقير اصلاً بفعل التهميش والإهمال في حالة بحثه عن العلاج الذي أستوطن في المدن على أيدي الباعة المتجولين أو في المراكز والعيادات الصحية الخاصة والتي أضحت أشبه بشركات ترويج السياحة التي صممت أصلاً لعلاج المرض الفاخر الذي غالباً ما يصيب القطط السمان.

    ان قطاع المياه هو احدى القطاعات الريفية الاستراتيجية التي خذلت فيها الدولة المواطن في غرب السودان وفي شرقه وفي أجزاء واسعة منه. وفي تحليل هذا القطاع وأداء الدولة فيه ووتيرة صرفها أقليمياً تكمن احدى أهم محددات وإثباتات ظاهرة التهميش التي لا تخطئها العين البصيرة ولا القلب الكبير.

    إثني عشر: إن اكثر الأقاليم فقراً وتهميشا في السودان هي تلك التي إستعرت فيها الحروب الأهلية في دلالة على الصراع حول الموارد ودلالة أيضاً على الرفض والاحتجاج ضد الفقر والتهميش و"عدم الإعتنا" وان المهمشين كاصحاب حاجة لقد اضطروا إلى هذا الخيار (خيار الحرب) أضطراراً وبذلك قد سلكوا طريقاً ليس بمحض إختيارهم … و"المضطر بركب الصعب" وقد ركبوا وما نزلوا. ومن قبل قد ركبت الانقاذ ذلك الجواد الجامح واستعصى عليها النزول. وخيار المهمشين للحرب قد سلكه الناس في جنوب كردفان والنيل الأزرق والجنوب ودارفور وكلهم يدرك قابلية الدولة واستجابتها للعنف الذي أنهك الوحدة السودانية وأنهك إدارة الدولة التي أضحت تعمل بسياسة رزق اليوم باليوم وتقلب رأسها ذات اليمين وذات اليسار بحثا عن اتجاهات الريح القادمة من عواصم الغرب البعيد ومن الشيطان الأكبر. والتهميش لـه أبعاده النفسية والسياسية لأنه أيضا يعنى الخضوع في بعض جوانبه والتمييز والتبعية السياسية والقابلية للاستغلال (عند المهمش) وهذا ما تعارف عليه علماء الإجتماع السياسي بما يميز علاقة الزعيم بالتابع (Patron-client relationship) والتي بموجبها يسخر الأول (الزعيم) الثاني (التابع) لأجندته الآنية الخاصة كما حدث في دارفور (في صراع التوائم) وفي جبال النوبة في (صراع الاشقاء) وعلى طول حزام التماس (في صراع الأخوة) مستغلين في ذلك التناقضات الإثنية العادية التي تتميز بها كل المجتمعات الريفية خاصة في إطار تنافس معهود على الموارد في منطقة حزام يمتاز بشح الموارد من مراعى ومياه وأراضي زراعية. تلك النـزاعات كانت دائماً تأخذ الطابع المهنى الاجتماعي حسب تقسيم العمل وتقسيم المتاح من البيئة المحلية بين الرعاة والمزارعين، لكن – وبقدرة قادر – رأى حكماء الدولة ضرورة أن تتحول تلك النـزاعات من نزاعات رعوية وزراعية إلى نزاعات اثنية: عرب وغير عرب تتصارع فيها الهوية وتتمزق فيها أشلاء الأخوين على طول حزام التماس حيث يصعب للعين المجردة تمييز ما هو المقصود من هذه البلوكات والحوائط الاثنية (عرب –غير عرب) التي أنشأتها الدولة وغذّتها وبعثت فيها حيوية لم تشهدها هذه القبائل منذ ان مات غردون في الخرطوم وانشأ دراويش تلك القبائل نواة لأول كيان قومي للدولة السودانية الحديثة والتي للأسف – أضحت تتراجع القهقري، وتتقدم نحو الخلف وتصعد إلى أسفل. وفي الاطار العام للتهميش وسيطرة علاقة الزعيم – التابع غير المتكافئة في الأقاليم المهمشة لم يحتاج الحكام في الخرطوم لاعادة اختراع العجلة (re-inventing the wheel) بل اتبعوا نفس الاستراتيجيات التي كان يتبعها الاستعمار البريطاني حسب مقتضيات سياسة فرق تسد بل وزادوا على ذلك بأن حوّروا مفهوم الإدارة غير المباشرة التي إبتكرها العبقري الاداري الانجليزي لوقارد وطبقها لأول مرة في نيجريا عام 1918م قبل أن تطبق في السودان عام 1922م. لقد طور الحكام في السودان في عهد الانقاذ مفهوم الإدارة غير المباشرة وأستبدلوه بالحروب غير المباشرة أو سمها الإبادة غير المباشرة (إن شئت). وهو ذات ما أطلق عليه اللسان الشعبي في غرب السودان مصطلح "برازة الشوك" والتي غالباً ما يلقى بها في النار مع ما كنسته من حشائش "ضارة" في المزرعة (الوطن) وأن مصيرهما معاً هو الحرق (سياسة الارض المحروقة) والإبادة أيضاً. ولم يخطئ إختصاصي الزراعة حينما تحدثوا عن "إبادة الحشائش الضارة"، ولا أدرى في هذا السياق ماذا سيكون مصير الجنجويد والذين أغلبهم من الرعاة المهمشين والذين أصبحوا ضحية بين مطرقة الجفاف وتمرد البيئة وسندان الدولة التي تخلت عنهم تقربا إلى المجتمع الدولي حتى ولو باعدهم ذلك من العلي القدير الذي حرّم نقض العهود والمواثيق.

    في عام 2001 أذكر أن أجرت معى جريدة ألوان لقاءاً صحفياً دار حول عدة محاور في السياسة القومية وعرج النقاش نحو الشأن الأقليمي. وسألتني الصحيفة عن ما هي الأسباب التي أدت إلى الأداء الضعيف لحكومة اللواء مهندس باب الله بريمة في جنوب كردفان. فكان ردى لـه في الحال ان تلك الحكومة والتي لم أعرف أي من أعضائها بما فيهم الحاكم، لم تفشل لكن قصدت الحكومة المركزية والنخب المركزية ان تفشلها لسبب بسيط هو ان الحاكم جاء نتيجة اختيار شعبي رغم أنف الحكومة التي كانت تريد كادراً إسلاميا يسبح بحمدها. هذا العسكري اللواء باب الله بريمة رغم حداثة تجربته في العمل السياسي الا وأن إختياره كان باجماع شعبى وتلاحم اثنى بارع من كل اثنيات وقبائل المنطقة في جنوب كردفان. وكان حضوره واختياره ضد رغبة النخبة الحاكمة في الخرطوم التي تسعى كدأبها أن تعين لها وكلاء في الاقاليم منقوصي الارادة والسلطة ويديرون أقاليمهم نيابة عن النخب المركزية بطريقة الادارة غير المباشرة التي كان يدير بها المستعمرون مستعمراتهم في أدغال أفريقيا.

    وهذا ليس هو المحك كما أوردت للصحيفة, بل قلت لـها أن هنالك استراتيجيات تتبعها النخب في المركز لترويض نخب الأطراف من المسؤولين مثل الحكام وهي: صعوبة الحصول على الميزانية الضرورية لتنفيذ المشروعات حسبما مصدق به في الميزانية، ومن المعلوم ان تصديق الميزانية هو فقط المرحلة الأولى حيث التنفيذ الفعلي لهذه الميزانية من توفير المال اللازم هي العقبة الكؤود. وينتهي الأمر ببعض الولايات بأن نسبة التنفيذ في الميزانية لا تتعدى فيها 50% من الميزانية المصدقة؛ ان توفير المال اللازم من الميزانية المصدقة يعتمد على علاقات متشابكة ومعقدة بين المسؤول الاقليمي (الحاكم) وبين المسؤولين المركزيين وأحياناً "العشرة الكرام" الذين يحيطون بالوزير (وهم يمثلون الحكومة الخفية). وطالما أن الأمر كله يخضع للعلاقة غير الرسمية العلنية الواضحة للعيان والتي لا تبدو من توصيف الألقاب الرسميةِ، فإن المسؤول الأقليمي غالباً ما يجد نفسه أسيراً لهذه (التنظيمات السرية) وربما يمنع من الوصول إلى المسؤول الاكبر النافذ والذي وان وصله من ناحية رسمية فإن امره سوف لن ينقضى طالما هو خارج دائرة التنظيم الاسلاموي الذي يدير الأمور في الدولة بماسونية وسرية أشبه بأساليب المافيا؛ ان النخب الإسلاموية الحاكمة في المركز احياناً تسعى لإفشال النخب التنفيذية الصاعدة من أبناء الاقاليم حتى تضع حداً لتيار أصيل من المطالبات ولتنامى النـزعة القومية المحلية الصادقة التي حتماً ستطيح بالنخب المركزية وتلك التي تعمل بالإنابة عنها وبالوكالة. كان ذلك هو الخوف من صعود الحاكم باب الله بريمة المفاجئ في جنوب كردفان؛ وساعد في كل ذلك غياب المعايير المحددة لتصديقات الميزانية الأقليمية وفي كثير من الاحيان يترك الأمر "لشطارة" الحاكم والمسؤول الأقليمي الذي يكثر من عمليات الوساطة ويكثر من الزيارات المنـزلية (بصحبة بعض الاخوان) للمسؤول المركزي والتوصيات من الشيخ فلان عضو مجلس الشورى لكي تحل لـه مشكلة مرتبات المعلمين التي أنقضت عليها اكثر من عشرة شهور وجعلت وجود الحاكم أمراً مستحيلاً في ولايته بسبب ذلك وبسبب الضغوط الناجمة عن ذلك. والتطور المنطقى للأمور أن يوصِّل المركز (نتيجة للمتاريس الكثيرة) المواطن في الاقليم الطرفي إلى القناعة الحتمية: ان إبنكم قد فشل في ادارة شؤونكم. والتطور الحتمى أيضاً لهذا البناء والتسلسل المنطقى هو أن تأتي الحكومة المركزية بشخص كفء من أقليم آخر (من اقاليم الحظوة) ليدير شؤون الناس في أقليمكم الذي فشل في ادارته أبناءكم: وتستمر سياسة فرق تسد وتحطيم الذوات النفسية وتحطيم الكفاءات الإقليمية النامية ليستمر التهميش وتستمر علاقة الزعيم – التابع التي أضحت النموذج الفاعل في علاقة المركز – الهامش وفي استمرارية التهميش.
                  

08-08-2010, 03:17 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    Quote: د. حامد البشير ابراهيم

    ( 7 من 14 )



    البترول و قبائل التماس و عنصرية الدولة الوطنية



    ثلاثة عشر: في عام 1978 تم اكتشاف البترول في حوض المجلد الذي تقدر مساحته بثلاثين ألف كيلومتر مربع بواسطة شركة شيفرون الأمريكية والذي غطى أيضاً مساحات تقع إداريا في جنوب السودان وجيولوجياً هي في حوض المجلد.

    استبشر السودان خيراً وفرح الناس في كل مكان وكانت فرحة سكان المنطقة من المسيرية (الاثنية الغالبة) والدينكا والمعاليا وغيرهم من القبائل اكبر. وانتابت المنطقة حركة دؤوبة من كل اجزاء السودان حيث أصبح الناس من الوسط ومن كل مكان في السودان يتسابقون لشراء الأراضي في تلك القرية والمدينة ذائعة الصيت ليست لأنها مقعد نظارة عموم المسيرية الحمر والزرق بل أيضاً رئاسة مجلس دار المسيرية الذي رأسه في يوم من الأيام السيد دينج مجوك. وأيضاً هي القرية التي درس فيها الدكتور فرانسيس دينج مجوك المرحلة الأولية. هب الناس من كل مكان لشراء لأراضي في تلك القرية التي ستصبح دبى في غرب السودان او الدوحة أو احدى مدن البترول في جزيرة بروناي كما كانت تقول أحلام الغلابا. وأذكر وأنا حديث التخرج في جامعة الخرطوم, حيث كنت أعمل معيداً بالجامعة, كلفني استاذي وصديقي الدكتور محمد عثمان السماني باجراء دراسة في عام 1981م عن الآثار المتوقعة على اكتشاف البترول على القطاع الرعوي في منطقة غرب كردفان. وقد أتاح لي ذلك فرصة نادرة لدراسة المكان والسكان وفهم ديناميات اكتشاف البترول على المنطقة. وانا على يقين ان كل المترتبات الضارة على البيئة المحلية وعلى استغلالات الأرض وتحويل مجرى أفرع الأنهار وإختلال وربكة نمط الحياة الرعوى كلها لم يتم لها التوثيق ولم يتم تناولها بشفافيه تحفظ للمواطن المحلي حقه ليس في الظلم (كما هو الحال الآن) بل في العدل المفقود (منذ ان مات عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز).

    ولكن توقفت شيفرون عن العمل لأسباب سياسية وفنية في منتصف الثمانينات لتأتي حكومة الإنقاذ وتزيح الغطاء عن بئر البترول الأولى في أبو جابرة وبانتيو وعندها دخل البترول في حسابات الدخل القومي إلى ان اصبح يشكل مالا يقل عن 60% من الدخل القوميِ. يبقى السؤال: ماذا تحقق للسكان المحليين من ذلك الحدث التنموي الأكبر في تاريخ السودان المعاصر بعد نجاح مشروع الجزيرة خلال سبعين عاماً من 1925-1995م قبل أن يموت تحت حوافر الشعارات وتقطع أنفاسه الأيديولوجيا قصيرة النظر والتي من قبل قد اقعدت بتنزانيا حينما رفع المعلم نيريري شعار الإعتماد على الذات في اطار المشروع الحضاري والتأصيلي الأفريقي الذي أطلق عليه حينها "الاشتراكية الأفريقية" African Socialism ويبقى السؤال الكبير: ماذا جنى السكان المحليين في حوض المجلد وفي كل حزام التماس الغني بالنفط؟ ماذا جنوا بعد أن أصبح البترول يشكل 70% من الدخل القومي؟

    حينما تسافر في تلك الانحاء من مناطق انتاج البترول وعلى طول حزام التماس تحس بأنك تسافر عبر التاريخ وعبر سنوات من الماضي وأنك تمر عبر دهاليز من غابر الأزمان. وأن كل شيء في أوساط تلك المجتمعات المحلية يعبر عن الحرمان وعن النسيان والإهمال والاقصاء والتهميش أيضاً.

    إن الذين إلتقيتهم وسامرتهم في عطلاتي, وما قرأته من بحوث ودراسات وتقارير تعج بها المكتبات والمواقع الالكترونية والصحف السودانية, يشير إلى استمرار الملامح التالية للتهميش وسوء الإدارة والتخطيط المرتبط بقطاع البترول على المستوى المحلي:

    (1) إن الأمانة التنموية والتخطيطية كانت تقتضى ان تقوم المصفاة في ذات موقع الإنتاج (في حوض المجلد) حتى يكون مردودها التنموي كبيراً وفاعلاً في المحيط المحلي لكل تلك المنطقة. وحينها كانت ستكون ثورة تنموية كبرى في كردفان تعيد من جديد صياغة القطاع الرعوي والزراعي التقليدي بانسانه الكادح لينعم بخيرات باطن أرض جادت بها طبيعتها. كانت تلك أولى أخلاقيات واساسيات العمل التخطيطي والتنموي في رحاب دولة قومية عادلة في المنهج وفي المقصد. ولكن, ولدهشة السكان المحليين كما اورد لي كثيرون ممن التقيتهم, جاء قرار انشاء المصفاة الكبرى في الجيلي حول الخرطوم والصغرى (للتمويه) في الأبيض. وليت سلطات البترول تملك الشجاعة حتى تشرك الرأي العام السوداني والمحلي حول تلك القرارات والخيارات. والتي وصفها الرأي العام المحلي بأنها تمثل استمراراً لعنصرية الدولة الوطنية التي ابتدعتها الانقاد لتثرى بها تجارب الحكم السيئة والفاسدة في أفريقيا. وبالضرورة فإن المواطن محق في كل الاوصاف والنعوت التي يلصقها بالدولة التي لا تشركه في القرار حتى في الخيارات التنموية التي تخصه وتحدد مستقبل أجياله القادمة إن بقى منهم أحد في ظل الحروب المتجددة في المنطقة. وأذكر أن قال لي احد الذين استفسرتهم, أن أحساسهم هو ان الدولة لا تثق بهم ولا بالجنوبيين, على حد قولهم, لذلك قررت ان تنقل المصفاة إلى جوارها وإلي حيث عشيرتها. وحتما سيرد عليه احد الاعضاء الفاعلين في كيان الشمال بأنه لاغضاضة طالما أن خليفة المهدي قد استنجد بعشيرته وحكم ام درمان قبل أكثر من قرن من الزمان.

    وذكر مواطن آخر بأن سياسة الدولة خاصة في قطاع البترول تتميز "بالخيار والفقوس" في كناية عن التمييز والتحيز الجهوى والاثنى الذي اضحى صفة غالبة تميّز السياسات الرسمية للدولة في التعيين للوظيفة العامة وفي خيارات وتوزيع التنمية.

    (2) كان من المفترض ما تبقى من قرار البترول بعد "تهجير المصفاة إلى الجيلي" ان ينعم المواطن المحلي بقدر كبير من فرص العمل المحلية. وأن يكون هناك تشريع واضح وفي اطار خطه للتنمية الريفية المتكاملة تسعى للنهوض بهذه المنطقة المنتجة للبترول والتي دفع الإنسان فيها ثمناً غالياً لفاتورة البقاء ومن قبل دفع فاتورة الفناء حينما كان محارباً (في صفوف المليشيات والدفاع الشعبي) إلى أن أنهكته الحروب الأهلية وإنهار عليه الإقتصاد الريفي ووصلت نسب الفقر عنده إلى اكثر من 90% ولكن رغم ذلك ظل الانسان قابضاً على الجمر ووفيا للمكان وللزمان قبل أن يجور به عليه بحكام الإنقاذ. ولقد كانت دهشة المواطن المحلي عظيمة حينما رأى أنّ الشركات الأجنبية والحكومية تأتي بعمالتها المستوردة (من داخل ومن خارج السودان) إلى تلك الديار ولم تترك للسكان المحليين سوى قليل من الوظائف الهامشية. وبعض هذه الوظائف قد يكون تحرش قبيلة بأخرى او اثنية بأخرى حتى يتم تفريغ الأرض والحجز عليها لصالح شركات التنقيب وذلك وجه آخر من اوجه حروب الوكالة والحروب غير المباشرة التي تتناغم مع مبدأ الادارة غير المباشرة الذي اتبعته الدولة في تلك الانحاء من الوطن. والمعلوم أن القليل من الوظائف الهامشية التي أتيحت للسكان المحليين ليس من شأنها بالضرورة ان تحدث أي تنمية أو تحول في اطار المجتمع المحلي، لكنها ربما تعين على استمرارية الكفاف وعلى بقاء الإنسان حياً على وجه الأرض التي ذهبت خيراتها من باطنها كما ذهبت الخيرات التي على ظهرها بسبب الضغط السكاني والتدهور البيئي ونوبات الجفاف المتواترة وأيضاً بسبب التنقيب الذي أغلق المراحيل وحاصر المراعي وجفف كثيراً من مناهل المياه التي يتعارف عليها المواطنون باسم "الرقاب" وهي احدى روافد بحر العرب الكثيرة التي تمثل اماكن استقرار موسمية لبدو ورحل المسيرية في الصيف في الاجزاء الجنوبية من ديارهم والتي أصبحت الآن جزءاً من مغالطة نيفاشا.

    إنّ الآثار البيئية الضارة التي ترتبت على إكتشاف واستغلال البترول لم يتم التوثيق لها بصورة أمينة من قبل الدولة لكن مما لا شك فيه أن المنطقة غير قادرة بعد البترول لأن تستوعب 4/1 الثروة الحيوانية التي كانت تستوعبها في الستينات. وأنّ هذه الآثار البيئية لا تشتمل على الآثار المباشرة التي ترتبت على: القطع الكثيف للأشجار؛ تحويل مجارى الأنهار الفرعية وأغلاق بعضها تماماً؛ التنقيب على حساب المراعي بحجز آلاف الكيلومترات من الأراضي الرعوية؛ الاعتداء الكثيف على لأراضي الزراعية.

    كل هذه التحولات قد أدت بدورها إلى تحولات بيئية كبرى انعكست على ضعف القطاع النباتي، وتناقص كميات الأمطار نتيجة لتضاؤل القطاع النباتي وانجراف التربة وبلغت المأساة قمتها بالنتيجة الحتمية وهي الزحف المتسارع للصحراء وبالتالي مزيداً من التنافس حول المرعي والماء ومزيداً من الاحتكاك والتوتر. وكثيرون من السكان يرون أن التعويضات الضئيلة التي تلقاها بعضهم لا تتعدى أن تكون "عطية مزين" ومن نوع الإكراميات والهبات حيث أنها تفتقد إلى المنهجية العلمية الكفيلة بجبر الضرر وبالتعويض والتي يفترض أن تتم في إطار خطه وإجراءات تنموية شاملة لكل المنطقة والتي تضمن لها التحول التدريجي السلس من قطاع رعوي إلى قطاع خدمي مرتبط بالبترول. لكن كل ذلك لم يحدث حيث أن المنطقة الآن بأغلبها تعيش مرحلة تحول تدريجي نحو بروليتاريا النفط الذين لا يرتدون أي ياقات: حيث الياقات الزرقاء (العمال المهرة) والبيضاء (من الاداريين والتنفيذيين) جمعيها قد تكفل باحضارها السيد وزير البترول الذي ادخل فرية القبيلة في أورنيك التقديم للخدمة في هذا القطاع. ويبدو ان واحدة من القبائل التي تقطن تلك الأنحاء من الوطن لم ترق لـه حتى يشملها في معية ذوي الياقات (حيث اللون لا يهم). ان هذه البروليتاريا النفطية الجديدة والتي هي في طور التكوين والصياغة ما هي الا الصورة الجديدة للنازحين ولكن هذه المرة دون أن يفارقوا ديارهم وهنا تتجلى رحمة الدولة بالمواطن الذي قررت أن توفر لـه تكلفة المواصلات الطويلة من غرب كردفان حتى ضواحي ام درمان في حالة النزوح التقليدي والذي بدوره ما زال مستمراً أيضاً.

    وما هذه إلا بعض من خواطر إقتسمها معى البسطاء من أهلي الرعاة والمزارعين في القرى والأرياف النائية في تلك الانحاء من الوطن بما فيها قريتي التي يجاورها خط البترول العابر والذي يتجه حسب قانون الجاذبية وتبعاً لخط تقسيم المياه الجيلوجي في تأكيد لحقيقة حتمية هي " المي بجري محل مِدّنكِس" أي الماء يسير حيث الانحدار والميلان وفي هذه الحالة يميل حيث مالت السلطة وتركيبتها المُختلّة في السودان. وان خط البترول الذي يجاور القرى ويمر عبرها مرور الكرام لم ير الناس منه الا اكوام التراب المحيطة بالأنبوب ولكنهم لا يدرون ماذا يحمل في داخله وإلى أين يتجه (حمده في بطنه). ويبدو أن للمواطن في تلك الانحاء صلة حميمة بالتراب: حيث نصيبه منه فقط الاكوام في حالة مشروعات التنمية ونصيبه "العجاج" الذي تطلقه عربات المسئولين في زياراتهم الربع قرنية، والتي غالباً ما تكون للتأكد من كونهم أحياء حتى تشملهم كشوفات الانتخابات القادمة وهذا غير مهم كما ذكر أحد المواطنين بأن الانتخابات الأخيرة في قريتهم قد شارك فيها الأموات طالما ان نصيب الصوت كان أوقيتان من السكر الصافي للأحياء. وتلك فرية أتت بها الإنقاذ في اطار ما يعرف بالإجماع السكوتى والذي شمل الموتى الذين اسكتهم الموت ولكن يظل تواصلهم مع الأحياء (عبر الانتخابات) في تحديد خيارات المشروع الحضاري العظيم. وهذا هو تأصيل الديمقراطية عند هؤلاء القوم الفاسدون.

    (3) ان الدولة لم تفصح عن القدر الهائل من التهجير الذي تم للسكان المحليين والتحولات البيئية السالبة التي أضرت ضرراً بليغاً بنمط حياتهم البدوي او الزراعي خاصة وسط المسيرية والرزيقات والدينكا والنوير والحوازمة والنوبة على السواء. ان هنالك مجموعات سكانية بأكملها قد تمت إزاحتها قسراً وقهراً حتى تتمكن شركات البترول من التنقيب الذي حتماً في نهاية المطاف يدر في خزينة دولة الحزب وحزب الدولة وكلاهما سيان, وذلك شأن آخر. إن المهم في الأمر أن المهجّرين قد فقدوا مساكنهم ومراعيهم وحتى الساحات التي يلعب فيها اطفالهم وتلك التي يدفن فيها موتاهم. المهم أنهم لم يجنوا ثمار البترول ولو تعويضاً يسيرا للخراب البيئي الذي حل بالمنطقة وبالطبع لم يجن ثمار البترول كل الشعب السوداني طالما ان الذهب الأسود الذي اكتنف أمره – مع ذهب أرياب الاصفر– ضباب كثيف من التعتيم. ومع ذلك فاحت رائحة الفساد من قطاع البترول حتى شممناها في كل عواصم الشرق والغرب وتجاذبت أخبارها "القِبَلْ الأربعة".

    (4) لقد تساءل الناس كثيراً في سمرهم ومجالس أنسهم في تلك الأنحاء في الريف الغربي وبحثوا عن تفسير لعدم إنشاء المصفاة في موقع الانتاج او حتى قريب منه في ذات المنطقة. منهم من قال ان الاسباب تعود لما يعرف بالخطة (ب) (Plan B) او الخطة البديلة كما يعرفها التفكير الاستراتيجي حيث أن كل تلك الاجزاء لا تقع في اطار السودان المحوري الذي حددته الإنقاذ على لسان عرابها الاقتصادي السيد عبد الرحيم حمدي بأنه السودان الذي كانت تحكمه مملكة سنار (السلطنة الزرقاء) التي حكمت بالإسلام وهي تشمل المثلث من (دنقلا – سنار- كردفان الشمالية). وقال آخر ان عدم توطين المصفاة في المنطقة ناتج عن عدم الثقة في ولاء الناس (اغلبهم من الأنصار) (أو من الحركة الشعبية) في تلك الانحاء من السودان, وذلك يعني عدم الولاء للموقع والجغرافيا أيضاً. وفي كل الحالات قال بعضهم أنه تمييز تقوده الدولة ضد بعض اجزاء الوطن وضد بعض "أجزاء المواطنين". ان تلك "الحقارة" قد أكلها أهالي غرب كردفان "على اللباد" حتى ظهرت شهامة والآن انضم عشرات الآلاف منهم ومن ابناء الحوازمة للحركة الشعبية كناية وتعبيراً عن غضب الحليم وما علمت الخرطوم ان المسيرية والحوازمة والرزيقات هم أبكار المهدية رغم عدم إنصاف التاريخ لهم حيث لم يذكرهم بخير أو شر إذ اكتفى بوصفهم "بالدراويش". حيث أن التاريخ قد كتبه أبناؤها من الطرف الآخر للنهر… ومن الأبناء من ظلم العمومة والخؤولة. ويبدو أن التاريخ في السودان ما زال يسير على ذات المنوال من التقسيم الجزافي من قبل مئات السنين حتى صاغت لـه كتب التاريخ مصطلحى "أولاد البحر" و"أولاد الغرب". إنه حتماً تاريخ حكته الحبوبات وتشربه الأبناء (بعكورته) وورثوه (صُرّة في خيط) للأجيال الحاكمة الآن والتي ما زالت تحمل في نفسها شيئاً من حتى وان تدثرت بعباءة الوطن وبالدين وبالعلم. ولذا نقول لهم: أنزعوا عنكم ذلك الجلباب أيها الأخوة فإنه جلباب من حديد لا تستطيعون معه الحركة والحراك بحرية وموضوعية في وطن تبلغ مساحته مليون ميل مربع وتقطنه أكثر من ستمائة قبيلة. ونضيف: تخلصوا من تلك الاثقال والأحمال من التاريخ الكاذب ومن أهواله وقفشاته التي تجرأت حتى أطلقت على أنضر سنوات التكوين الوطني ألفاظ الفوضى والبدائية والبوهيمية مثل: "إنت قايل الحكاية مهدية". ويبدو أن بعض فصول التاريخ القاتمة هي في الحقيقة ما زالت مسرحيات وروايات وممارسات يومية حية تعيش بيننا على الرغم من أن شخصوها الفاعلين يرقدون بجوارنا في الجزء الشمالي من ام درمان في كرري وفي ضواحي النيل الأبيض غرباً في ام دبيكرات وفي صحراء كردفان وفي شيكان والبركة وكازقيل.

    ان حقول البترول قد إقتطعت الاف الكيلومترات من مزارع المسيرية ومراعيهم ولم نسمع بإنشاء الصندوق القومي لتعويضهم ولا بالطفرة الإنمائية التي حولت ارضهم وديارهم إلى مناطق بترول. وأقصى ما يصبو اليه الكثيرون منهم وظائف عمالية إذ أنّ الأفندية والمهندسين وغيرهم من ذوى الياقات البيضاء فيؤتي بهم من حيث أتى الحكام من أقاليم الحظوة واثنيات الحظوة وأتضح أن العلاقة التي ميّزت السلطة الحاكمة بالمسيرية خلال ما يقارب العقدين الأخيرين هي علاقة "إستكرات" و"استغلال" تنعدم فيها المصداقية المرجوة في الحلفاء خاصة من جانب الدولة الحليف الاكبر والخادع الأكبر في ذات الوقت. وقد ذكر لي احد الذين حادثتهم بأن رجال المسيرية الأشاوس ماتوا ومن قبلهم مات رجال الحوازمة والرزيقات وكل قبائل البقارة في حزام التماس من ام دافوق حتى كاكا التجارية، وأخيراً جاءت معاهدة الأمس مع الحكومة التي عرفت بمعاهدة نيفاشا. وبما أن الإسلام يجب ما قبله, فالمعاهدة الأكبر كذلك تجب تلك الصغرى التي مات بسببها فقط بضع آلاف من رجال ونساء القبائل: وضاعت أبيي وضاع بترول حوض المجلد وتلك أقسى صور التهميش حينما تعنى الاستغلال والإبتزاز ونقض العهود للدرجة التي يحس معها المجنى عليه بأنه ليس أكثر من برازة شوك يلقى بها بقسوة في قارعة الطريق بعد انتفاء الغرض وأصبح حال الناس لا يختلف عن حال الهنود الحمر الذين أخذت أرضهم وحجزوا في سجون المحميات: تتعدد القارات والظلم واحد.

    ان ما يجب ان يقال وبالصوت العالي هو أن نخب المركز قد فشلت في ادارة التنوع الاثنى والديني والجهوي في السودان الواسع وذلك بالإبقاء على المعادلة الغير عادلة لتقسيم السلطة والثروة وحتى إقتسام الهوية والتي سيكون تقسيماً قسريا وقيصريا لو أطلقنا الهوية العربية حتى على شمال السودان السياسي. اما نخب الهامش التي قدر لها أن تكون في موقع القوة فإنّ قوتها منقوصة وسلطتها منقوصة وهيبتها أيضاً منقوصة طالما لا تسندها الثقافة الغالبة ولا البناء الاجتماعي المتوازن. وأيضاً لأن التهميش المزمن قد أفرز تهميشا نفسيا ليديم ويبقى على العلاقات السياسية الغير متوازنة بين نخب الهامش والنخب المحورية في المركز والتي تنظر إليهم كوكلاء لا شركاء. وهذا نتاج للعلاقة الغير مكتوبة بين المهمّش والمهمِّش والتي خير ما يجسدها علاقة الزعيم بالتابع وهي علاقة يغلب عليها الامتنان من صاحب السلطة الأكبر في المركز إلى صاحب السلطة الأصغر في الاقليم الهامشي. زائداً على ذلك ان اختيار النخب الطرفية في الأنظمة الشمولية يتم على اساس عقد متميّز بالذاتية لا بالموضوعية وغالباً ما يتميز بالإبتزاز بين مسؤول ومسؤول آخر. وذلك وجه من وجوه التهميش لم يجد حظه من الدراسة والتحليل لارتباطه بالسلطة ولحساسيته أيضاً. اما الوجه الآخر والذي هو اكثر وضوحاً أن النخب التنفيذية التي تأتي من الأطراف دون إختيار المركز – مثل اختيار الولاة في نهاية عقد التسعينات فإن الولاة الذين اختارتهم القواعد الشعبية رغم أنف النظام كان مصيرهم الفشل والتفشيل وذلك ببساطة عن طريق حجب الدعم والمساندة المركزية لهم خاصة في الإفراج عن الاستحقاقات المالية لتلك الولايات. وكثيرون من أولئك الحكام ذكروا بأن تلك سياسة مقصودة لافشالهم وسط أهلهم حتى يؤتي لهم بمن هو كفء من أهل الحظوة وأهل الحضرة، وهكذا تتوالى وتتوالد صيرورات التهميش في تعقيد فريد يعكس رغبة وإصرار المركز ونخبه الحاكمة في الأبقاء على السلطة والثروة حتى من خلال ابتزاز واستغلال النخب الطرفية. وبالطبع كل هذا بخلاف النخب البلاستيكية التي تضعها النخب المحورية من المركز في الأقاليم من باب الادارة غير المابشرة وهو نمط من انماط الادارة الأهلية التاريخي تمّ توليفه الآن في إطار الادارة الحديثة للدولة وإدارة الاقاليم والاطراف الهامشية.
                  

08-08-2010, 03:18 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    Quote: د. حامد البشير ابراهيم

    ( 8 من 14 )

    قبائل التماس: بروليتاريا النفط في ظل الدولة الإثنية القابضة



    وكما ذكرت في الحلقة السابقة, في عام 1981م وأنا حديث التخرج في جامعة الخرطوم وأعمل معيداً بمركز الدراسات والبحوث الإنمائية بالجامعة, كلفني أستاذي الدكتور محمد عثمان السماني بالقيام بدراسة ميدانية وكتابة بحث عن "الآثار المتوقعة على إكتشاف البترول على القطاع الرعوى وسط المسيرية في غرب كردفان". والدراسة التي أعددتها قُدِّمت بذات العنوان في المؤتمر الذي إنعقد حول آثار البترول في عام 1982م ولم أحضره حيث كنت في بعثه دراسية خارج البلاد.

    ولتنفيذ الدراسة حزمت أمتعتي وسافرت بالقطار للدبيبات ثم بالعربات بدأ من دميك و"نمر شاقو" ولقاوة في ديار المسيرية الزرق حتى المجلد وبابنوسة والفولة والأرياف المترامية وصولاً إلى بانتيو حيث تمت إستضافتى في فندق شركة شيفرون الفاخر. وحسب مناهج وطرائق البحث العلمي التي انتهجتها تحدثت مع كل الناس في المنطقة على مختلف انماط حياتهم: الموظفين والمهندسين من الأجانب والسودانيين. وتحدثت مع المسؤولين في المجالس الريفية ومع قطاعات التجار والشباب والمرأة ومع الرعاة في فرقانهم ومع المزارعين المستقرين في قراهم ومع زعماء العشائر والقبائل ومشائخ القرى والمعلمين والنخب المحلية. وشملت لقاءاتي حتى الأطفال, بنين وبنات, في المدارس وخارج المدارس (حيث كن الأغلبية). وكل المقابلات والحوارات وحلقات النقاش كانت تدور حول البترول المكتشف حديثاً وماهيته والآثار التنموية المترتبة على المنطقة من جرائه خاصة على القطاع الرعوى وعلى القطاع الزراعي التقليدي (الإعاشي-الإكتفائي). وأيضاً شمل الحوار مردودات إقتصاديات البترول والتنمية المصاحبة لـه على الراعي وعلى المزارع البسيط في المنطقة وعلى البناء الاجتماعي وعلى الثقافة المحلية وهل سيسير التطور على ذات النهج التنموي الذي حدث في منطقة الخليج والذي في كثير من الأحيان قد ذوّب الثقافة المحلية وفي بعض الأحيان أبقى عليها بالدرجة التي أنتجت ازدواجية ثقافية اقتضت تواجد الخيمة بجوار العمارة الشاهقة والسوبر ماركيت الكبير وهكذا. وفوق ذلك شملت الدراسة الآثار البيئية التي ربما تترتب على إكتشاف واستغلال البترول خاصة الآثار الناجمة من القطع الكثيف للأشجار والحفريات وشق الطرق والتي أشار الكثيرون ممن التقيتهم إلى أنها بدأت تغير في مجرى أفرع بحر العرب وفي مجرى كثير من الرقاب (الأنهار الفرعية الصغيرة) مما تطلب ذلك أن تغيّر بعض مجموعات الرحل أماكن نزولهم وإستقرارهم في حركتهم البندولية في فصلى الخريف والصيف.

    لقد رسم الناس على اختلاف أعمارهم ومهنهم ومشاربهم وأدوارهم الاجتماعية صوراً وردية للآثار المرتقبة على إكتشاف واستثمار البترول في المنطقة: فمنهم من صوّر ديار المسيرية بأنها ستصبح أشبه بجزيرة بروناى (التي تجاور ماليزيا) او بدول الخليج (وخاصة الكويت) أو شرق المملكة السعودية، للدرجة التي ذكر فيها بعض الظرفاء بأنهم الآن يعدون انفسهم للبس "العقالات" وإرتداء القفاطين المصنوعة من الحرير تمشياً مع الحياة الجديدة المرتقبة بعد النفط في المنطقة وحينها سيودعون الرعى التقليدي والزراعة التقليدية التي تناقص إنتاجها دون الإكتفاء الذاتي للمزارع وأسرته. وذكر آخرون بأنهم سيوقفون الهجرة الموسمية للعمالة سواءاً كان في مشاريع الزراعة المروية أو الزراعة الآلية في وسط السودان وشرقه. وبدلاً من ذلك سيقومون بالترتيبات والتجهيزات اللازمة من عمران وخلافه لاستقبال المهاجرين الذين سيغمرون المنطقة للعمل في قطاع النفط وقطاع التجارة والاستثمارات والخدمات التي حتماً ستزدهر تبعاً لإزدهار إقتصاديات النفط. وحلم الجميع حتى الأطفال بحياة جديدة في ظل النفط وكذلك بتعليم جديد بمفاهيم وأدوات وبيئة مدرسية جديدة. وحلم الجميع بنمط حياة مفعم بالأمل النضير وبالعيش الرغد وبالإستجمام والرفاهية في ظل إقتصاديات النفط. وتمددت الأحلام بطول حوض المجلد بتمدد تلك الديار حتى تيجان ديار الدينكا والنوير جنوباً وحتى فيافي الرزيقات غرباً وحتى جبال النوبة وديار الحوازمة شرقاً.

    وبالفعل, لمست في تلك الأيام بداية حركة دؤوبة في مدينة المجلد والتي أحاطت بها الآلاف من قطع الأراضي المحجوزة والمسوّرة من كل جانب حيث تناقلت أخبارها كل مدن السودان وقراه، وكل من استطاع قد حضر للمجلد لاقتناء قطعة أرض (في الجنة المرتقبة) والتي ربما أصبحت لصاحبها في المستقبل عمارة تستأجرها إحدى شركات النفط أو نادياً لموظفي شركة البترول أو صالة للبليارد أو مقهى انترنت أو نادياً للألعاب الرياضية والساونا أو سوبر ماركت أمريكي على شاكلة ستوب آند شوب. أو غيرها من الإنشاءات الخدمية التي لا غنى للمجتمع النفطى الحديث عنها. وحينها ستعود للمجلد تلك المكانة التاريخية التي اكتسبتها من كونها عاصمة لمملكة الداجو قبل خمسة قرون خلت حتى كنّاها أهلها إستحلاءاً بلفظة: داردينقا ام الديار. لقد حلم الناس طويلاً وكثيراً في ديار البترول: انها أحلام نسجت حول البترول وإرتبطت به ودارت حولـه. وقد كان حلماً مباحاً ومبرراً وضرورياً في ظل المعطيات الماثلة من آبار للبترول وشركات النفط وأجانب يجوبون المنطقة شرقاً وغرباً. واستمرت الأحلام في أثناء الحرب وبعد الحرب. ولكن هنالك شخصين أو ثلاثة لم يحلموا كثيراً حتى وصفهم بعض أعضاء المجتمع بالتشاؤم.

    في عام 1978م بدأت شركة شيفرون الأمريكية عمل التنقيب في حوض المجلد الذي تبلغ مساحته 30 الف كيلو متر مربع. وهو الحوض الذي يحتوى على جل البترول السوداني، وتوقفت شيفروت عن التنقيب في عام 1985م. جاءت حكومة الإنقاذ لتعيد فتح الآبار المغلقة وتفتح مجالات التنقيب أمام الشركات الآسيوية والصينية، وقد أعيد انتاج البترول بكميات تجارية كبيرة شكلت مالا يقل عن 60% من اجمالي الدخل القومي للسودان حسب احصائيات عام 2006.

    وفي عام 2007 أتيحت لي فرصة لزيارة عابرة لمنطقة المسيرية وأيضاً التقيت بكثير من الأهل والأصدقاء من أبناء وقيادات المنطقة, القبلية والسياسية, في الخرطوم حيث تبادلنا حديث عميق حول البترول كان دوري فيه مستمعاً اكثر منه مبادراً بالنقاش طالما انني قد انقطعت لبعض الوقت عن المنطقة ولم يتوفر لي سوى القراءات والتقارير والنشرات التي أطلع عليها من المواقع الالكترونية ومن أجهزة الاعلام السودانية. ورغم ذلك هذه بعض ملاحظاتي الميدانية, من زيارتي للمنطقة, والاستنتاجات من النقاشات والحوارات مع بعض النخب من الأصدقاء في الخرطوم:

    أولاً: إنّ التنقيب والحفريات وحجز الأراضي الواسعة وقطع الغطاء النباتي وازالته وشق الطرق وإغلاق مجارى الخيران وأفرع الأنهار (ما يعرف محلياً بالرقاب) والتي أحدثت خللاً بيئياً رهيباً كان مردوده- على المستوى القصير والبعيد- سيئاً على مجمل النظام البيئي (Eco system) وعـلى القطاعين الرعوى والزراعي في تلك المنطقة وعلى طول حزام التواصل الاثنى والذي يشمل قبائل المسيرية والرزيقات والحوازمة والنوبة والدينكا والنوير في شمال بحر الغزال وغيرهم. فنتيجة للتدخلات البيئية الضارة، تمت محاصرة قطاعات الثروة الحيوانية الهائلة في حيز رعوى ضيق. وإنقطعت أيضاً وارتبكت وتيرة الرعى السنوية المتواترة بصورة أخلَّت بالمنطق الرعوى المستمد من التنوع البيئي في المنطقة والذي تمليه أيضاً الضرورات المناخية وبدونه تفقد الثروة الحيوانية قدرتها على البقاء في حال الاحتفاظ بها في الجزء الشمالي الجاف مقارنة بالأجزاء الجنوبية الرطبة حول بحر العرب حيث تتوافر مراعي التيجان (جمع توج) الخضراء ومياه الشرب المتوفرة من الرقاب (أفرع النهر) في فترة الصيف. والآن أختلت هذه المنظومة التي يرتكز عليها جل نشاط القطاع الرعوى في هذه المنطقة التي تحتوى على الملايين من رؤوس الماشية جيدة النوع خاصة للحوم التي تغطى حوالي 30% من احتياجات السوق السوداني. نتيجة لكل تلك التشوهات البيئية, فقد كثير من الرعاة ثروتهم الحيوانية وأصبحوا يعيشون الفاقة وبؤس الحال والإضمحلال. أما المزارعون فقد حجزت شركات البترول والدولة على أراضيهم (للصالح العام)، إنهار تبعاً لذلك الاقتصاد التقليدي. والمزارعون الذين فقدوا أراضيهم مع الرعاة الذين فقدوا ماشيتهم كونوا طبقة جديدة في المنطقة يمكن أن يطلق عليها بروليتاريا النفط، والتي حتما ستكون المصير الطبقي لكل القبائل في حزام التماس.

    إنّ طبقة بروليتاريا النفط هي ليست النتاج الطبيعي الذي يلازم تطور النظام الرأسمال في شكل التصنيع ذو الحجم الكبير. إنما هي نموذج جديد للتهميش الذي يعني فاقد التنمية وفاقد النمو الإقتصادي والإقصاء الإقتصادي المرتبط بالنفط في ظل التنمية غير المتوازنة التي تنتهجها حكومة الانقاذ تجاه هذه المجموعات السكانية من خارج دائرة الحظوة الرسمية والإعتبار الإثني.

    ثانياً: ما زالت مؤسسات القطاع الاجتماعي الخدمى في منطقة المسيرية وأيضاً على طول حزام التماس تعاني الضمور في مجالات الصحة الأولية والثانوية والتخصصية وفي مجال الرعاية الاجتماعية. إن نسب الإنخراط في التعليم العام في غرب كردفان لا تتعدى 40% (أقل من المتوسط القومي بكثير) وأنّ كثير من المدارس ما زال يفترش تلاميذها الأرض ويعاني معلموها من ضيق ذات اليد بالإضافة لنقص المعينات المدرسية والتدريب وتأخر المرتبات وإغلاق الداخليات. كثيرون من المواطنين في تلك الانحاء ذكروا أنهم يسمعون عن البترول فقط من المذياع أو عند زيارة مسؤول كبير يصطحب "الخواجات". والدولة التي كانت تطمح في كل تفاعلاتها في خروج المواطنين للاستقبالات الجماهيرية الضخمة كسلوك تعويضي عن أزمة الشرعية المفقودة والمزمنة، أصبحت الآن لا ترغب في مقابلة المواطنين عند زيارة المسؤولين الأجانب حتى لا يستمعوا إلى شكاوى وأنين المواطنين المخدوعين بالنعيم الدنيوي الذي تحول إلى سراب وإلى خراب ديار. وأيضاً حتى لا يرى الأجانب حال السكان المحليين الذين يعيشون شظف العيش والحرمان وهم أصحاب الأرض التي أنتجت ذلك الذهب الأسود. إن الدولة أصبحت (تُلبّد) المواطنين المحليين عند زيارة الأجانب حتى تحجبهم من رؤيتهم وحتى لا تصيب الضيوف الأجانب وخزة الضمير بأن المليارات من الدولارات التي تجنيها شركات البترول والنخب الإثنية الحاكمة في الخرطوم هي من أرض ذلك الراعي وذلك الفلاح الذي تقوس ظهره وضمرت بطنه والذي بفعل التنقيب اصبح خالي اليدين إلا من ذكريات جميلة يحتفظ بها في "مخلايته" وأخرى في "مخيلته" حول تلك الأيام النضرة من العهد الماضي التليد (The good old days).

    ثالثاً: تحدث الناس في تلك الانحاء بمرارة عن المصفاة التي قررت الحكومة أن تضعها في جوارها الرحب وعلى مقربة من القصر الجمهوري (في ضاحية الجيلي) بدلاً من أن تضعها حيث منطقة الانتاج وحيث الانسان الاكثر حاجة إلى التنمية البشرية والاجتماعية ولتفيد قطاعات من المواطنين السودانيين من المسيرية والرزيقات والحوازمة والنوبة والدينكا والنوير عانت كثيراً من ويلات الحرب الأهلية ومن ويلات التهميش والعزل الاجتماعي (Social exclusion) ومن الإقصاء المقصود من المركز. وأيضاً لتزيد من فرص التنمية الاجتماعية والتماسك القومي عن طريق زيادة وتيرة التداخل الإثني والمساكنة والإندماج والشعور بالمساواة وتحقيق الذات وإقتسام خيرات الوطن حتى ينمو في دواخلهم ذلك الوطن (الاحساس) الذي وهبوه أعز ما يملكون من النفس والولد خلال سنوات الحرب الطويلة والتي أبلوا فيها أيما بلاء. وهذه أبجديات التنمية والتحول الاجتماعي في دولة ما زالت تنشد الترابط القومي مطلباً ملحاً وضرورياً. ورغم كل ذلك, قررت الحكومة ان تضع المصفاة في الشمال (الجغرافي) امعاناً في الإثنية والقبلية والعنصرية والتي اضحت مع الاعتبارات الأمنية تمثل المحدد الأول والأخير في توزيع فرص التنمية في السودان كما ذكر أحد الذين إلتقيتهم وقد قال بالحرف الواحد, كما جاء في حلقة سابقة: "إنّ الحكومة لا تثق فينا نحن المسيرية وكل قبائل البقارة كما لا تثق في الجنوبيين والنوبة. نحن تعتبرنا أنصار (بالميلاد) وأولئك حركة شعبية بالميلاد أيضاً. وأن الحكومة لا تثق إلا في عصبيتها الاثنية والقبيلة والجهوية. وأصبح خيارنا اما أن نحارب ونخرّب بلدنا أو نصبر ويكون مصيرنا مثل مصير الهنود الحمر في أمريكا: بالرغم من انهم أصحاب الحق الأصليين لكن تم إيداعهم في محميات بشرية وحجبت عنهم التنمية يميناً وشمالاً ليبقوا خارج عجلة التاريخ".

    رابعاً: أما فيما يخص العمالة في قطاع البترول للسكان المحليين فإن 90% من وظائف البترول أصبحت حصرية لبعض الإثنيات والقبائل والجهويات التي تحددها الدولة حسب الأورنيك الرسمي للتقديم للوظيفة. وبالطبع هذه القبائل ذات الحظوة لا تشمل قبائل السكان المحليين في هذه المنطقة. إنّ الدولة والقائمين على أمر البترول ينحازون لعصبيتهم الاثنية بصورة مخجلة ومستفزّة للشعور القومي السليم.

    خامساً: في خلال الخمسة عشر عاماً الأخيرة وأثناء دفاعهم عن الوطن الكبير والصغير مات اكثر من 20000 شاب من شباب المسيرية والحوازمة والرزيقات الأشاوس في حروب التماس وأصابت الجروح والاعاقة أكثر من 40000 وترملت أكثر من 15000 أمرأة أغلبهن في أعمار يافعة وصغيرة، وفقد أكثر من 150 ألف طفل فرصة التعليم نتيجة لإغلاق المدارس وبرامج التعبئة للحرب وكل ذلك كان دفاعاً عن حياض ورياض الوطن، وبذات النسب كان الثمن المدفوع من الاثنيات الأخرى.

    وتوقفت الحرب, وضخت آبار النفط, وامتلأت الجيوب الكبيرة والصغيرة بكل أنواع الذهب. ومع ذلك ساءت حالة السكان المحليين وحالة الأرامل والإيتام ويئس المجاهدون الذين فقدوا كل ثروتهم وهم في إنتظار الدمج واعادة التأهيل وكل شيء لم يتحقق. والأطفال الذين فقدوا حظهم في التعليم وتشردوا, فقدوا أيضاً آباءهم وأخيراً تمت إضافتهم لبروليتاريا النفط خاصة بعد أن نضبت قطعان الماشية وأفدنه الزروع من جراء حجز الأراضي للتنقيب ولاستخراج النفط الذي "سيفيد كل الوطن يوماً ما". ان كثيراً من القبائل المحلية في مناطق التنقيب أضحت تعاني من موجات النـزوح الداخلي. ان رحمة الدولة إقتضت هذه المرة أن تريح السكان المحليين من عناء النزوح إلى الخرطوم وبدلاً عن ذلك لقد تم تهجريهم وتشريدهم و"تنجيعهم" داخلياً وفي اطار المنطقة وبدون تكبد عناء السفر الطويل أو الصرف على بند المواصلات والانتقال. يالها من حكومة رحيمة كما ذكر لي أحد الشيوخ الساخرين الذين إلتقيتهم في الخرطوم. وأخيراً تبخرت أحلام النفط وأضحت "كأحلام ظلوط" وتبددت معها صورة الوطن العادل الشامل الذي يشمل الجميع بالعدل والمساواة وبالإعتبار والقيمة لكل افراده. لقد بدلت قيادة الانقاذ تلك الصورة المثالية للوطن بأخرى واقعية هي أن السودان أضحى: "وطن الخيار والفقوس"؛ وان الحكومة هي حكومة القبيلة؛ وأن الدولة القومية قد توفيت إلى رحمة مولاها في 30 يونيو 1989 وأن التي تعيش بيننا هي الدولة الاثنية. أي والله، إنه النموذج الاكثر حداثة في الحكم الذي جادت به قريحة الحكام الملهمين في الخرطوم. ان قدر هؤلاء الناس من قبائل التماس، أنهم ليسوا من اقليم الحظوة؛ ولا من إثنية الحظوة؛ ولا من قبيلة الحظوة حتى يروا من خيرات البترول ولو النذر اليسير. لقد حكمت عليهم النخبة الإثنية الحاكمة في الخرطوم بأن ينضموا جميعاً إلى بروليتاريا النفط التي تمثل مصدات لغبار ناقلات النفط الضخمة ولخطوطه العابرة. وهكذا منطق الأشياء إذ أنّ ماء النهر يجرى حيث الانحدار:

    " ألمى بجرى محل مِدّنكِسْ ".
                  

08-08-2010, 03:20 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    Quote: د. حامد البشير ابراهيم

    ( 9 من 13 )

    الإسلاميون الجدد ام الإنجليز القدامى: تأملات في صناعة الفقر في ريف الهامش



    في كل مرة أذهب فيها إلى قريتي الصغيرة الحاجز في جنوب كردفان يحتفي بي الأهل والأصدقاء والجيران من قريتي والقرى المجاورة في محلية الدبيبات المضيافة أيما إحتفاء وقد كان آخرها في عطلتي الصيفية في يوليو من العام الماضي (2006). وفي الصباح من كل يوم يبدأ الترحاب بعشرات الذين يحضرون بضيافتهم من الشاي و"اللقيمات" ليتناولوه معى في منـزلي بالقرية وحينها نتبادل أطراف الحديث عن شؤونهم وشؤون البلد والزراعة والمواشي والمدارس والمراكز الصحية (إن وجدت) والشفخانات وتكلفة العلاج وتكلفة التعليم ويتواصل حديثنا عن إنتشار جرائم العنف والنهب المسلح وغلاء السلع وننتهى بتدني أسعار المحاصيل والتي "إنبطح بعضها على الأرض "كما قال أحدهم، وأصبح لا يحرك ساكناً مثل الفول السوداني المحصول النقدي الأساسي في تلك الأنحاء من السودان (من جنوب وشمال وغرب كردفان وجنوب دارفور). ان الفول السوداني قد كسد وبار وأنهارت أسعاره نتيجة لغياب سياسات التسويق ولسياسات الاستيراد الرسمية التي أغرقت أسواق الزيوت بكميات هائلة من زيت الأولين المصنوع من الشحوم والذي لا يستعمل في الطعام خارج السودان لاحتوائه على كميات هائلة من الكولسترول الضار بالصحة. تت

    وفي الضحى (بين الصبح والظهر) غالباً ما تمر عليَّ مجموعات من الأصدقاء من القرى المجاورة أو من المعلمين والمعلمات المملوئين بحب الوطن الصغير والكبير والباذلين الجهد المضنى في تعليم الصغار رغم ان المدارس قد أنهارت على رؤوسهم مثل مدرسة الدبيبات العريقة (تأسست في الخمسينيات) والتي يجلس أكثر من 50% من أطفالها على الأرض تحت ظلال ما تبقى من أشجار وعلى الأحجار وبقايا الطوب الذي تساقط من المبنى لغياب الصيانة ولإنتهاء العمر الافتراضي للمبنى. وبما ان المباني كلها آيله للسقوط فان إحساس التلاميذ والمعلمين بأن اقلّ إعصاراً او أمطاراً ربما تؤدي إلى إنهيار المبنى على رؤوس الأطفال فكان الخيار الأصوب أن ينصرف الأطفال نحو بيوتهم مع بدايات تكوين السحب والرياح التي تسبق الأعاصير. لقد كانت مدرسة عريقة بناها الأنجليز قبل اكثر من خمسين عاماً كما ذكر أحد الحضور. وبعدها نعرج نحو الحديث عن المحصلة النهائية للتعليم وللعملية التربوية في المنطقة والتي غالباً ما تصل إلى نسبة 10% من الأطفال قد يجدون حظهم في النجاح والإنتقال إلى المرحلة التي تليها (الثانوية) وان أقل من ذلك بكثير يحرزون الشهادة السودانية. وينتهي بنا الأنس جميعاً إلى أن نضع يداً على يد ونوجم في صمت من هول الخراب في الريف لا نخرج منه الا بدخول زائر. وقد كان: حيث في ذلك الأثناء دخل علينا شيخ تجاوز الثمانين بكثير وهو يتحرك بعربة تجرها الحمير (كارو) أصر أن يحضر ليسلّم عليّ و"يتونس" معى تقديراً لعلائق تربطنا وتربط أسرتينا ولا يعرف الفضل إلا أهل الفضل. فجلس الشيخ وبعد التحايا والسلام وتناول الأفطار قال في صوت غلبت عليه المرارة قبل الحزن: "إنت يا ولدي الجماعة ديل معاهم انجليز بحكموا معاهم ولا شنو؟

    فقلت لـه ومن هم هؤلاء الجماعة؟

    فقال: الجماعة ناس الحكومة القاعدين في الخرطوم ديل.

    فقلت: وكيف يكون ذلك؟

    فرد قائلاً وبصوت واثق: أنا حضرت زمن الإنجليز وكنت شاباً أعمل بجوار والدي في الزراعة وفي الرعي في ذات القرية. كانت سياسة الإنجليز ليست في مصلحتنا نحن المزارعين والرعاة بل في مصلحتهم هم. كانوا يشترون منا الفول والسمسم والقطن بالرخيص وقد منعوا أيضاً صناعة الدمور اليدوية حتى يجبروا الناس على شراء المبلوسات المستوردة الغالية من ذات القطن الذي نزرعه هناك في الصعيد ويصنع هناك.

    وزاد قائلاً: في هذا الوقت الزراعة عندنا هنا إنتهت خالص خالص وكل شيء نزرعه هنا لا يأتي بدخل. فقط تسمع أنو سعر الصادر غالي في السمسم وفي الفول وفي المواشي لكن هنا المزارع نصيبه منها صفر.

    وشدد قائلاً: الواضح أنو في زول هناك في الخرطوم مستفيد من شقاوتنا وتعبناه ده. عشان كده أنا قلت الزول المستفيد من "شقاوتنا" وفقرنا ده لازم يكونوا ديل الانجليز ولا حاجة. لأن الانجليز "بركتهم قليلة" "وما عندهم نفع للمسلمين ولا للبلد.

    وأوضح قائلاً: أنا قلت يمكن الإنجليز غشوا جماعتنا ديل في الخرطوم وجوا راجعين وشاركوهم في الحكم عشان كده ناس الحكومة بقوا يعملوا عمايل الانجليز الزمان ايام الإستعمار. وطالما انتو كلكم متعلمين بتجيبوا خبر بعض وبتعرفوا بعض فدايرك تفتيني في الكلام ده شنو؟

    ووجمت طويلاً أمام الشيخ وجالت في ذاكرتي ذكريات أليمة تأخذ بشغاف القلب: ذكريات سبعة عشر عاماً مرت على حكم الإسلامويين الذين ملؤوا العالم ضجيجاً بالمشروع الحضارى الذي جاء كمحاولة أخيرة لتحقيق كرامة الإنسان السوداني البسيط ولتحقيق الرفاه الذي إنتظره الشعب طويلاً على أيدي الفئة المؤمنة المتوضأة التي أتت لنجدة أمتها وشعبها ولتضرب مثالاً في الطهر والنقاء وعفة اليد وسلامة المقصد وتحقيق المعنى السامي للإنسانية وترد الإعتبار لإنسانية الإنسان السوداني. وبعد ذلك تحقق النهضة الكاملة والحداثة للبلاد التي كان قد وصفها "ثوار الإنقاذ" بأنها منكوبة رغم غنى الامكانيات الطبيعية والبشرية، ووصفت قديماً من قبل بعض المستشرقين بأنها: رجل أفريقيا المريض (ويبدو أنه سيظل). لقد ظل الاعلام الحكومي ولعشرات السنين منذ مجئ نظام الانقاذ يردد وما فتئ بأن مشكلة السودان كانت في قيادته وفي الابتعاد عن جزور الأمة الحضارية وفي الإرتداد عند ثوابت الدين وثوابت الأمة وفي الفساد وفي المحسوبية. لكن ماذا حدث؟

    لقد فعلت الانقاذ أضعاف ما رددته زوراً ضد الآخرين حتى وصلت مرحلة أن أصبحت وصمة الفساد والعنصرية والقبلية والجهوية أهم ملامح المشروع الذي دفع الوطن فاتورته داخلياً: في الشتات والفرقة والاحتراب والفقر والمرض وربط الأحزمة على البطون إفساحا للمجال لميزانية الحرب ولسد رمق المفسدين الذين نموا كالمشروم (mushroom) السام بإسم المشروع الحضاري من ذوي الحظوة التنظيمية والجهوية والإثنية.

    وعالمياً أصبح السودان نموذجاً للدولة المتردية الأكثر فساداً والأكثر فقراً والأكثر إرتباكاً سياسياً وعدم إستقرار والأكثر حصاراً من المجتمع الدولي والأكثر فتكاً بمواطنها الريفي بآليات الإقتصاد مرة وبالجنجويد والمليشيات المدعومة مرات وبالقصف الصاروخي وبالطيران مرات ومرات. في عهد الانقاذ أصبح السودان يعيد انتاج دولة الصومال ويرسِّخ في الذهنية العالمية الصورة النمطية عن الإسلام السياسي حينما يصل إلى السلطة سواءاً كان في افغانستان أو في السودان أو في الصومال. إنها دولة تعبر عن خواء الفكر والممارسة والضمير… وهكذا ينظر إليها العالم من حولها. ان مشروع الإنقاذ الإقتصادي لا يختلف في حيثياته ومراميه عن مشروع الدولة الكولونيالية (الاستعمارية) والتي كان جل همها إعادة صياغة الاقتصاد الوطني ودمجه في الاقتصاد العالمي (وخاصة اقتصاد الدولة الأم- الاستعمارية) حتى تتسنى لها عملية الحلب (milking) وتمرير الأرباح (siphoning) لإشباع غرائز الطبقة الحاكمة وما جاورها من الرأسمالية التجارية (commercial capitalism) والبرجوازيون الذين ينمون بجوار المؤسسة السياسية.

    وبالتالي فإن مشروع الانقاذ الاقتصادي هو ذات المشروع الذي أفقر الريف في حين أغدق العطايا (من ريع الريف وعرقه) للمستعمرين الجدد من ذوي السحنة السمراء من ذات أبناء الوطن. انه إستعمار رأس المال "الوطني" الطفيلي الذي يمتص مقدرات الوطن والمواطن المغلوب ومسلوب الارادة ومدهوس الكرامة ومربوط البطن كما ذكر أحد الحاضرين.

    ان كان للدولة الإسلامية في السودان سياسة إقتصادية (كما تساءل البعض مثل الدكتور التجاني عبد القادر في مقالاته عن (الإسلاميين الرأسماليين) فهي حتماً قد بنيت على حيثيات الظلم والاستغلال والفساد الهيكلي في بنية الدولة ذاتها والتي فُصِّلت ميزانيتها وبنود صرفها على حتمية إفقار الريف الذي أفرغ من أهله وألقى بهم في اطراف المدن ومعسكرات النازحين: جوعى ومرضى ومتسولين وتفتقد مساكنهم الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة: المياه النقية والصرف الصحى ومؤسسات التعليم والصحة الأساسية. إن هؤلاء "الناجعين" من الريف حتماً سيكونون وقوداً للثورة القادمة ضد مشروع "الانجليز الوطنيين" والذي أعتمد كاستراتيجية على التنويم المغنطيسي باسم الدين وباسم القومية والقبلية وأخرها بدعوى "الاستعمار الجديد" القادم مع فيالق حفظ السلام من ذوي القبعات الزرقاء.

    إن تدهور أسعار الحبوب الزيتية قد أغرق الريف بكم هائل من جيوش الفقر والمحرومين والذين ترى البؤس والحرمان في كل حركاتهم وسكناتهم بدءاً بالظهور التي تقوست عند الأربعين مروراً "بالمشى على ثلاثة" عند الخمسين "ولزوم الجابرة" عند الستين، وذلك ممن كتب الله لـه عمراً اذ أن متوسط الاعمار في السودان اكثر من الخمسين بقليل وفي تلك الأنحاء من السودان خاصة في الريف فانه في حدود الأربعين عاماً. لقد وجد المرض في الريف "جسداً خالياً فتمكنا"، تماماً كما تمكنت الانقاذ وكما تمكن الرأسماليون الإسلاميون وحلفائهم من كل مفاصل الإقتصاد وكذلك مصائر العباد حتى أولئك الذين نؤوا بعيداً في الريف ظانين أنهم ناجون من قبضة السوق ومن "عضة" الرأسمالية الإسلامية وهيهات: أينما ذهبتهم الموت يدرككم، هكذا يقولون لفقراء الريف الذين طالتهم سياط عذاب السوق (الغير متكافئ) وهم في خلوتهم وعزلتهم البعيدة في إصقاع الريف الأقصى والأدنى.

    إن الفقر الذي أنتجته آليات السوق بعلاقاته التبادلية غير المتكافئة مع الاقتصاديات الريفية (الزراعية والرعوية) قد تضاعف مردوده على الانسان. مضافاً إلى ذلك أنّ السّوق قد اختطف أعز ما تميَّز به المزارع التقليدي وهو مقدرته على انتاج قوته من الغذاء مضافاً إليها إنتاج ذاته (Social reproduction) من خلال مقدرته على الإيفاء بالتزاماته الإجتماعية (التي تجعل منه شخصاً لـه قيمته الإجتماعية). لقد انهارت كل تلك البني المتينة التي تميّزت بها المجتمعات الريفية إقتصادياً وإجتماعياً. ومضافاً إلى الفقر الاقتصادي والاجتماعي الذي لحق بالريف تضاعفت نسب سوء التغذية الناتجه من ضعف الكميات المتناولة يومياً من الطعام والتي في تقديري لا تتعدى 1000 سعرات حرارية في اليوم (مع العلم ان الجسم السليم للشخص البالغ يحتاج إلى حوالي 2200 سعراً حرارياً في اليوم). ذلك بدوره قد ترك فقراء الريف والحضر جسداً هزيلاً تفتك به الأمراض ولا علاج "لمن تنادى".

    على عكس النمط التاريخي الذي ربط تكوين البروليتاريا كإحدى نواتج الحركة الواسعة للتصنيع في ظل النظام الرأسمالي، فإنّ السياسات الاقتصادية للدولة المنحازة كلياً للرأسمالية الطفيلية قد حوّلت الفلاح (المكتفي ذاتياً عبر التاريخ) إلى بروليتاريا نازحة في المدن دون عمل. وحينما تضيق بها السلطات زرعاً تصفها بأسوأ الأوصاف والنعوت بما فيها العنصري كقول أحد علماء السلطة عن معسكرات النازحين وأطراف المدن: بأنه الحزام الأسود حول الخرطوم وغيرها من عبارات الإفلاس. إنقذوا الريف يا حكام الخرطوم من جور واستغلال الرأسماليين الإسلاميين وحلفائهم الذين يعيشون على فائض قيمة المزارع التقليدي والراعي الفقير في الريف قبل أن تحاصركم جيوش الفقراء النازحون إلى المدن كما حاصر أنصار المهدي الخرطوم وقتلوا (غردون). وأعلموا ان (غردون) كان ظاهرة سياسية إجتماعية جسدت الظلم والاستبداد والاستغلال ومصادرة كرامة الانسان السوداني في العيش الكريم. والظاهرة السياسية والاجتماعية قد تلبس أي لبوس لكنها تظل هي هي وإن تلفحت بالشالات الصفراء وحملت "الكتب الصفراء" و(إلتحت). إن علاج مشكلات الريف تكمن في الإصلاح الهيكلي للزراعة وللرعي وللبدء فوراً في مشروعات كبرى تستهدف تنمية السافنا: في الزراعة وفي الرعي وفي تنمية الثروة الغابية والحياة البرية ومشاريع المياه ووقف زحف الصحراء. وفوق ذلك لا بد من إعادة النظر في صيغه العلاقة التبادلية التجارية بين ما ينتجه المزارع البسيط من محصولات نقدية وما يمتصه الرأسمالي (الإسلامي في أغلب الأحيان) من عرق هذا الفلاح الذي أضحى أسيراً للحلقة المفرغة للفقر وللدورة الرتبية في الزراعة التقليدية. على الدولة ان كانت لها رؤية اقتصادية أن تسعى وبجديه في خلق الاصلاح الهيكلي والتأسيس لعلاقة تبادلية تجارية متوازنه بين المزارع التقليدي في الريف وبين الرأسمالية الشرسة التي أكلت زرع المزارع التقليدي في الريف أخضراً ويابساً حتى ظن المزارع أنهم "إنجليز جُدُدْ" وليسوا "أولاد بلد".
                  

08-08-2010, 03:22 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    Quote: د. حامد البشير ابراهيم

    إنّ العلاقة بين التهميش والإقصاء من جهة والتكويش والاستحواذ والإستفراد بالسلطة والثروة من جهة أخرى, هي علاقة جدلية إذ لا وجود لأحدهما دون الآخر. و"التكويش" والاستحواذ يزيد على حساب التهميش. وجود المهمشين في نقطة التهميش البعيدة والمزرية هو الذي حدد وجودنا في نقطة التكويش والاستحواذ المريحة هذه.

    وكما ذكر أ. سيفاناندان أن العنصرية ليست فقط وسيلة للتمييز بل هي احدى أدوات الاستغلال والإقصاء والتهميش. ومع ذلك يغلب النظر إليها كظاهرة ثقافية تكمن معالجتها في الأطر الثقافية مثل دعم الهويات الإثنية ونشر وتوسيع التعليم المتعدد الثقافات multi-cultural education. إنّ العنصرية قد صاغتها وشكلتها عوامل وأوضاع اقتصادية محددة لكن التفاوض حولها غالباً ما يتم عبر مناظير الثقافة والدين والأدب والعلوم والإعلام. إنّ وجود شخصين أو ثلاثة من المهمشين في أجهزة الإعلام القومية لا يعدو أن يكون ديكورا ومن نوع اللعب على الدقون. إنها من نوع الإجراءات التي تعالج التمظهرات والأعراض دون مشقة وعناء الغوص في أعماق وجذور المشكل وهو المشاركة الفاعلة في أجهزة الدولة وفي تحديد توجهاتها واستراتيجياتها وبرامجها وأهدافها القريبة والبعيدة, ومحاولة معالجة الأسباب الجذرية التي تقف خلف التباينات في فرص الحياة بين الكيانات الإثنية والجهوية. دون الخوض في مثل هكذا تفاصيل فإننا لا نقدم عربوناً للوحدة ولاصداقاً للوئام الاجتماعي-الاقتصادي والذي هو لحمة وسداة الوئام والاستقرار السياسي. إنّ محاولات احداث الوئام الاجتماعي و"العدل" والاستقرار بالبندقية وبالقوانين المكبلة للحريات وكل ترتيبات وإجراءات القهر ما هي إلا وضع للعربة أمام الحصان وأيضاً تنم عن جهل عميق بصيرورات وحراك المجتمعات الاجتماعي والسياسي في الماضي وفي الحاضر وفي كل الأزمان. إذن لا بد من إبتداع وصفة لإستقرار الوطن وللملمة أطرافه التي أضحت تتآكل من جزام السياسة (فاقدة الوعي والضمير) والتي قرر قادتها أن يتجهوا بالمركب القومي نحو العنصرية والجهوية والقبلية ناسفين إرثاً تركه الأجداد وذوي الضمائر المتقدة من القادة القوميين من قبل مئات السنين.

    والوصفة العلاجية على بساطتها وقسوتها تستدعى ربط الواقع الاقتصادي بالصيرورات الاجتماعية والسياسية. ان الذين أنتجتهم سياسات الدولة "الإسلامية" من فقراء الريف والحضر وجيوش المتسولين وضحايا الجريمة الاجتماعية وشريحة الشباب المحبط وملايين النازحين وغيرهم من الذين تم إقصاءهم لا بد من شمولهم وضمهم وإعادة إدماجهم في دورة الاجتماع ودورة الاقتصاد ودورة السياسة – وكلها دوائر متداخلة ومترابطة ترابطاً عضوياً وجدلياً على مستوى الأسباب والنتائج.

    إنّ جيوش الفقراء التي ألقينا بها في أطراف المدن وأحزمة الفقر هي نتاج لسياسات الدولة التي أشعلت حولهم الريف (ومن كل الإتجاهات). ونشرت فيهم الدولة فيروس الانفلات الأمنى والمليشيات المبررة سياسياً وتحت مختلف المسميات حتى تلك التي وضع عليها مسوح القداسة. والدولة هي التي نشرت في أوساطهم السلاح (بدلاً عن التعليم) حيث أن ملايين القطع النارية الآن تتجول في بوادي السودان المختلفة. وباركت الدولة جماعات "النهب المسلح" ضمناً أو صراحة وبذلك حولت كل الريف (الغربي خاصة) إلى جحيم لايطاق كما حدث في دارفور وعلى طوال حزام التماس.

    وبسياسات الدولة المنحازة للأغنياء وبتحطيم دولة الرعاية الاجتماعية وتسخير مؤسسات مثل ديوان الزكاة لتجنيد الفقراء سياسياً ولكسب موالاتهم، بكل ذلك لقد إستأنست الدولة الفقر ورعته حتى تكاثر بنفس الوتيرة التي تكاثر بها أثرياء "الحركة الإسلامية" ومحاسيب الحظوة الإثنية من طفيلي الإقتصاد والسياسة والانحياز الإثنى والجهوى. لقد أنتجت الدولة أضعاف الفقراء في أرياف كردفان حيث في خلال أقل من عقدين تعدت نسب الفقراء 90% في حين انها كانت, حسب دراسات وتقارير الأمم المتحدة في بداية التسعينات, لا تتعدى 15%.

    إنّ إنهيار الاقتصاد الريفي ليس فقط نتاج لتراجع الطبيعة في العطاء (الجفاف وشح المطر) بل نتيجة لإنهيار الأسواق والتوزيع وعلاقات المنتنج البائع مع المشتري المُصدّر (والاخير إنحازت لصالحه سياسات الدولة ضد الاول).

    لقد انحازت الدولة للمستورد والمُصدّر "الإسلامي" الذي غمر الأسواق بملايين الأطنان من الزيوت وفتح باب الاستيراد لتلك السلع والتي بدورها أحدثت كساداً وبواراً في الاقتصاديات الريفية وكسد تبعاً لذلك الفول والسمسم وغيرها من المنتجات التي تمثل ركيزة للمجتمع وللاقتصاد في الريف. إنّ إنهيار الاقتصاد الزراعي الريفي لا يمكن أن نلقى به في شماعة التدهور البيئي ولا في شماعة "كسل الفلاح" والتي هي أشبه بالنظريات الإستعمارية المهينة في تفسير سلوك الرعية. وكذلك لا يمكن أن نفسرها بإنتشار التعليم في الريف مما عنى إحجام المجموعات المتعلمة عن الزراعة. إنّ إنهيار الزراعة التقليدية خاصة في أرياف كردفان ودارفور وفي كل السودان تقف وراءه جملة وتفصيلاً سياسات الدولة المجحفة في التسويق سواءاً كان للحبوب الزيتية أو للصمغ العربي أو للثروة الحيوانية والتي إحتكرتها جماعة الحظوة وأمعنت فيها الإحتكار لدرجة أن عائد المزارع يصل أحياناً إلى أقل من 30% من سعر الصادر الذي يجنيه المصدر. والمستفيد الأول والأخير من ذلك هم الرأسماليون الإسلاميون وغيرهم من أصحاب الحظوة الجالسون على المكاتب المكيفة والكراسى الوثيرة ينتظرون التربال والأجير والراعى (وكلهم ضحيا فاقد القيمة) حتى يأتي من "ضحوته" ليستلموا منه الانتاج (ذو القيمة الزهيدة) ثم يذهبون هم إلى قيلولتهم الباردة تحت مكيفات الفريون وبجوارهم الحور العين ممن تزوجوا منهن مثنى وثلاث. أما محمد أحمد الراعى والمزارع والأجير يكون قد رجع إلى "سرحة" المساء وإلى "محاحاة" الطير والسباع تحاصر زراعته وماشيته من الجانب الآخر من النهر. وبطنه مربوط من الجوع الذي لم تغذية سوى لقيمات من "البليلة" وقد باع المحصول وماشيته (منقوصة القيمة) إلى ذوى البطون التي إنتفخت من جراء ضمور بطنه: وتلك جدلية الجوع والتخمة. وهي أيضاً علاقة إقتصادية تلقى بظلالها الاجتماعية والسياسية أيضاً. ولعل الشيء المفقود فيها هو نظرة الدولة وسياساتها الاقتصادية لها بأنها علاقة إنتاج وعلاقة بين رأس المال وبين الفلاح والراعي. وفوق ذلك لا بد من النظر اليها كعلاقة اقتصاد سياسي بين (ذلك) الشخص الضامر و(هذا) الممتلئ الوجنتين والمنكبين والبطن. إنها علاقة أرزاق في حدها الإعتقادى لكنها علاقة تبادل حيوى ناتج من قرارات سياسية واقتصادية تشرِّع وتخطِّط لها الدولة وتحميها بالقوانين المدونة في الغازيتة الرسمية للدولة. ان كان الفهم لهذه العلاقة بأنها علاقة توزيع أرزاق بين منتج (تعيس الحظ) ورأسمالي إسلامي –إثني (سعيد الحظ) فهذا بالتأكيد بتراً للحقيقة وفصل لها من أعظم مقاصد التشريع الإسلامي في التبادل والعدالة الاجتماعية في حدها الأدنى التي يلتقى فيها المشرِّع الإسلامي مع المصلح الاجتماعي وإن اختلفت الأديان والمناهج.

    لا أظن أن القائمين على أمر الاقتصاد والسياسة في السودان لا يدركون أن العدالة ركن ركين في الإسلام بل وفي التجربة الإنسانية الماثلة امامنا الآن والتي عبرت عن أهميتها بالغنى والزخم الإجرائي والتشريعات والسياسات التي امتلأت بها دساتير وبرامج دول العالم وملفات الأمم المتحدة. إنهم يدركون فهم العدالة في إطار ترابط الأشياء وفي إطار ترابط مصالح البعض بالاستمرار في إحباط البعض الآخر. وقد عبَّر عن هذه الجدلية الخليفة الراشد عمر بن الخطاب حينما وجد رجلاً في مجزر يشترى لحماً كثيراً لعياله فزجره قائلاً: أما يريد أحدكم ان يربط بطنه لجاره أو إبن عمه. وكان فهم الخليفة الراشد لأبسط عمليات الترابط الجدلى في الإستهلاك بأن الغلو والمبالغة في الإنفاق والإستهلاك عند شخص يعنى أنّ ذلك قد تم على حساب شخص آخر.

    هل غابت هذه المعانى البسيطة والأساسية عن خبراء الاقتصاد في البنك المركزي وفي وزارة المالية والتجارة وغيرها من الوزارات الاقتصادية والتي نجحت حتى الآن بسياساتها الخاطئة والمنحازة للأغنياء في تفريخ الفقر والحرمان والفاقة حتى أصبح السواد الأعظم من الشعب كأهل الصفة ينتظرون ثواباً وخيراً في عالمٍ آخر خالٍ من هؤلاء الرجال الظالمون.
                  

08-08-2010, 03:24 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    Quote: د. حامد البشير ابراهيم
    ( 11 من 14 )
    الإنقاذ و محاولة إعادة تخطيط الوطن السوداني لصالح اليوتوبيا

    ان التفكير الرسمي داخل الدولة في عهد الإنقاذ أضحى مزجاً من الفكر الهلامي عديم الملامح الذي يتحدث عن الدولة الإسلامية بكثير من النوستالجيا والحنين للماضي المشرق مقابل الواقع المذرى خاصة الذي وجدت فيه الدول الإسلامية ذاتها (بما فيها السودان) في إطار منظومة دولية متعولمة بقيت على أثرها هذه الدول في أوضاع تابعة وطرفية تدور في محور المركز, وهو الغرب والولايات المتحدة الأمريكية.
    هنالك تيار آخر داخل الإسلاميين يرى إمكانية قيام دولة حداثية مدنية تعيش وتتعايش وتتفاعل في عالم اليوم، ولكن هذه المدرسة ما برحت حيز التفكير الأكاديمي الذي ما زال في طور التكوين والنقاش ولا يستهدى بنموذج وان تبدت لـه من على البعد تجربة ماليزيا وتركيا وإندونيسيا وجميعها لا ترى في ذاتها دولاً إسلامية بل ديمقراطية – ليبرالية.
    بين هذين التيارين تتأرجح تجربة الحكم الإسلاموية في السودان ويحفها في ذات الأثناء كثير من التخبط والتجريب في محاولة للتعلم بالعمل Learning by doing وإتباع محاولة التجريب للصواب والخطأ trial and error. وفي هذا الواقع المفعم بالضبابية المفهومية والمنهجية والحركية وحصار العالم والمجتمع الدولي بالإضافة لعداء الجيران الأفارقة وتجاهل الجيران العرب، ظهر تيار قوى داخل المنظومة الحاكمة من الإسلامويين في السودان ينظر إلى التنوع الاثنى والجهوى والثقافي الذي يزخر به السودان خاصة في أقاليمه الطرفية أو ما عرف بالهامش بأنه عبء ثقيل على كاهل الدولة المركزية في الوسط، والتي لانت قبضتها كثيرا على الأطراف المترامية خاصة في ظل الثورة المتنامية ضد التهميش. أصبحت هنالك تيارات نافذة في الحكم في السودان ترى أن مكمن الخطورة في هذا التنوع الإثني والثقافي والجهوي لا يقتضي اقتسام عادل للسلطة والثروة فحسب, بل لإعادة تعريف الهوية الثقافية والحضارية للدولة والتي تشتمل أيضاً على وجهتها وارتباطاتها الكونية والتي ربما أجهضت فكرة الإسلامويين للدولة الإسلامية المرتقبة في السودان.
    وعلى صعيد آخر فإن حكومة الإنقاذ ترى ان هذا التنوع الثقافي والحضاري والإثني الذي يزخر به السودان في أقاليمه الهامشية والطرفية المترامية ما هو إلا عقبة كأداء في تحقيق حلم المشروع الحضاري للإسلامويين في السودان والذي يقوم على إعادة بعث وترسيم الهوية السودانية على أساس عربي – الإسلامي يميزه كثير من النقاء والصفاء ولا تشوبه في ذلك الشوائب (Pure and ideal state). إنّ كثير من الكيانات الإثنية في الأطراف, أما هي غير عربية أو غير اسلامية أو الاثنين معاً (كما في حالة بعض المجموعات في جبال النوبة والنيل الأزرق)، وهذه بالتأكيد تمثل شوائب ربما عكرت صفو المشروع وربما لا تسهل انسيابية ما يُطلق عليه المشروع الحضاري الذي يفترض كشرط ضروري ولازم, وجود نقاء ثقافي (إثنياً ودينياً). وهذا الشرط الغير مكتوب بالنسبة لقيام ونجاح المشروع الحضاري ربما يمكن أن يوصف من جرائه جل المشروع الذي تتبناه الإنقاذ والنخب الإسلاموية بأنه مشروع إقصائي وعنصري يقوم على مفهوم الأبارثايد الأثنى والديني في كثير من جوانبه رغم المسوح والتدليك الكثيف بالشعارات والأكليشيهات الدينية والسياسية (مثل حكومة الوحدة الوطنية الحالية).
    وجدلية أخرى يفرضها واقع التطور الإقتصادي والبنيوي الأقل نمواً والمتباطئ في وتيرة النمو في إقتصاديات الأقاليم الهامشية والطرفية التي تحتوي على ذات الكيانات الدينية والاثنية (المُشاتْرَةْ للمشروع الحضاري بصوره النقية المرتقبة). وذلك يعني زيادة المسؤولية المالية على المركز بالصرف خاصة على البنيات التحتية وعلى القطاع الاجتماعي الخدمى حتى يتم تحقيق قدر معقول من التنمية الاجتماعية وسط هذه الكيانات (من صحة وتعليم ورعاية إجتماعية) وإلاَّ تعاظمت نبرتها المطلبية والتي ربما لازمتها صحوة قومية وشعوبية ودينية مخالفة لنهج وطموحات المشروع الحضاري.
    إنّ الصرف على التنمية الاقتصادية والاجتماعية على هذه الأقاليم من شأنه أن يمثل حملاً ثقيلاً على ميزانية المركز وخاصة أن العائد من هذا الصرف لا يعني بالضرورة ضمان التأييد والولاء من الجماعات الأقلية الاثنية والدينية في الأطراف لمشروع الدولة الإقصائي (والذي بالضرورة إقصائي لذات المجموعات التي يرجو تأييدها). وفوق ذلك أصبحت ميزانية الدولة تعاني من كثرة الالتزامات المالية خارج الميزانية التي تبلغ عشرات المليارات في العام ومنها الصرف على المليشيات العسكرية وشبه العسكرية وشراء الولاءات السياسية وتفكيك الاحزاب المعارضة ومختلف صور الفساد المالي والسياسي ذات التكلفة العالية. هذه الجدلية المتناقضة قد مثلت عقبة مفهومية ومنهجية أخرى للدولة في عهد الإنقاذ جعلتها تفكر في الهروب وتفضيل خيار الانفصال النابع من الشمال (المركز) طالما أن الوحدة ستقف حجر عثره أمام المشروع "القومي" الجديد وامام بقاء الإسلامويين على كرس السلطة المغتصبة في السودان منذ العالم 1989م. ومن هنا تكون قد إكتملت الشروط الموضوعية لتفكير الإسلامويين في السودان بانشاء ما تم التعارف عليه مؤخراً في الدوائر (إلى أن خرج على العلن دون قصد) باسم مشروع السودان المحورى الذي يشمل مثلت دنقلا – الأوسط – كردفان.
    حكومة الانقاذ ومشروع الدولة الاثنية: إن الخطأ النظري والمنهجي المفصلي الذي وقع فيه كثير من الأكاديميين وكل راسمي السياسة الاجتماعية في السودان هو قصور وضمور مفهوم القبيلة واقتصاره فقط على الملامح الثقافية الضيقة التي غالبا ما تعتبر هذه القبيلة بأنها كيان ستاتيكي (Static) جامد غير مستجيب لما يحدث حوله من تغيرات وتفاعلات. وان النظام أو الكيان القبلي جسم منغلق على ذاته معزول من العوالم المحيطة به في صورها المختلفة سواء أكانت كيانات قبلية أخرى أو بنيات سياسية قومية أو مؤسسات خدمة مدنية حديثة أو نظام الحكم السياسي بشكله العام.
    ان السودان, وهو دولة قدر لها أن تطابق في الاسم والملامح إقليما جغرافيا اسمه السودان، ممتدا من جنوب الصحراء الكبرى حتى خط الاستواء جنوبا، ومن البحر الأحمر شرقا حتى المحيط الأطلنطي غربا… هذا الامتداد الجغرافي هو الذي عرف تاريخيا بالسودان. والسودان السياسي (المتمثل في الدولة الآن) يحمل كثيرا من ملامح الإقليم الجغرافي الكبير الممتد والغني بالتنوع والاختلاط من قبل آلاف السنين.
    في السودان (القطر) كما في السودان (الإقليم)، فالقبيلة ما هي إلا ظاهرة تكوينية لجسم منداح وفي حالة حراك مستمر مما جعلها تمثل ظاهرة أيديولوجية وحالة ذهنية أكثر منها انتماءاً عرقيا أو سلاليا بالمعنى الضيق للكلمة. هذه الخاصية المتمثلة في المرونة والديناميكية والبعد الأيديولوجي في البناء القبلي والهوية القبلية، هي في الحقيقة سر المنعة في البناء الاجتماعي السوداني ككل، حيث أن الناس عندما يتحدثون عن القبائل في السودان يتحدثون بمستويين: عصبية في ظاهر الأمر ومرونة غير محدودة في وعي الناس الأعمق. وهذه المرونة نابعة من إدراك داخلي حقيقي بان هذا الكيان المعروف بالقبيلة هو كيان تكويني أنتجناه نحن في عقولنا وفي حياتنا اليومية بصورة واعية لنضمن من خلاله تحديد هويتنا مقابل الآخرين ونضمن من خلاله أيضاً الترابط والتماسك والتعاضد الضروري في واقع اجتماعي اقتصادي تنعدم فيه الضمانات بخلاف تلك التي توفرها القبيلة بوظائفها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المختلفة للفرد وللجماعة. و في هذه الحقبة من تطورنا الاقتصادي والاجتماعي الذي ما زال بسيطاً وذو احتياجات أساسية بسيطة أيضاً خاصة في ارياف هذا الحزام الوسيط (الحزام السوداني) النشط بالتواصل من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب ومن الغرب إلى الشرق, كشكل من أشكال التنظيم الاجتماعي ذي الوظائف المتعددة في السودان, ان القبيلة هي الأقدم مقارنة بغيرها من أشكال التنظيم الأخرى، خاصة الأحزاب السياسية (التي نشأت في أواخر الأربعينيات) أو الطرق والجماعات الصوفية التي انتشرت في القرنين السابع عشر والثامن عشر للميلاد.
    وهذه الخاصية التاريخية التي تفردت بها القبيلة في السودان كونها الأقدم في أشكال التنظيم الإنساني هي التي جعلتها المستهدف الأول من قبل الدعاة ورجال الحكم الأجانب والوطنيين. وأنّ زعماء القبائل هم الذين استهدفهم رجال الدين الأوائل ليلجوا من خلالهم بدعوتهم الدينية إلى بقية الناس.
    وفي التاريخ الحديث، فإنّ التجربة الرائدة المتمثلة في تحريك القبائل تجاه هدف قومي واحد كان هو النموذج الأنصع في علاقة الدولة بالقبيلة في السودان.
    لقد تمكنت المهدية، بقوة أيديولوجية الدين ودافعية بناء الوطن المستوعبة لسواها، من استيعاب القبيلة وتحريكها من اجل المشروع الوطني الكبير، وكان النجاح عظيما ومذهلا، حيث تمكنت المهدية، في حقبة لا تتعدى العشر سنوات، من صهر التنوع القبلي في بوتقة كبيرة أصبحت هي الملامح الأولى والأساسية للوطن السوداني وللشخصية السودانية.
    وما أن انقضت فترة عقدين من الزمن حتى أتت الضربة الموجعة للمهدية من منفذ القبيلة، حين تعاونت بعض القبائل المعادية للمهدية مع الجيش الغازي، حيث كانت النهاية لبداية مشروع الحكم الوطني الأول في السودان. لكن التجربة المهدية تركت بصماتها الناصعة على المشروع الوطني السوداني الذي جسدته أم درمان والجزيرة آبا والسودان بكل سحناته ولهجاته ومعتقداته وعاداته وقبائله في الأركان الأربعة. وأنّ المتلازمة الأساسية على مستوى البناء الفوقي Super Structure للقبيلة بمعناها الرحب الفضفاض والديناميكي، كانت تتمثل في القبول التلقائي بالأخر وللآخر وقبول التنوع وتفشي أدب الخلاف والاختلاف.
    وعُبّر عن هذه القيم وطبيعة الانتماء القبلي اصدق تعبير في الحكمة العامية السودانية القائلة أن "الناس وِلِفْ ما جِنِسْ" أو أن "الناس أولاف ما أجناس"… مؤكدة مرة أخرى أن وعينا القومي اكبر مما صوره السادة الانجليز في تدافعهم المحموم نحو استعمار أفريقيا وتبريرهم الخجول بعبء الرجل الأبيض خاصة تجاه أفريقيا التي شرذمتها القبلية. وبذات القدر فإن الوعي القومي عند أفراد القبائل يفوق ذلك الذي حظيت به الدولة وبعض النخب الذين يستثمرون كثيراً في (بنك) القبيلة الذي أصابه الإفلاس حتى أصبح الواقع فيه يمتاز بالتصادم لا التعايش في كل السودان.
    وعلى صعيد آخر فان الصفوة الحديثة في السودان قد صورت القبيلة بأنها صنو التخلف والبدائية ناسية أنها, أي القبيلة, ما استمرت في البقاء إلا استجابة لثغرات تضاءل عنها مجهود الدولة الحديثة التي انصب معظم جهدها في الصرف على بقائها. واخص بالذكر في هذا السياق الأنظمة الشمولية والأيديولوجية والتي ولدت فاقدة للشرعية السياسية مما جعل معظم همها ولهثها وراء شرعية معدومة تبحث عنها تحت حوافر خيول شيوخ القبائل أحيانا وأخرى تحت سجادات رجال الطرق الصوفية وكلاهما أبنية تقليدية يكال لها السباب وتنعت بالصفات السالبة في وضح النهار أحيانا في حلقات النقاش المغلقة والعامرة بالنخب الأيديولوجية في الغالب الاعم.
    وقد كرس الاستعمار الأوروبي في أفريقيا القبلية بشتى الوسائل والاستراتيجيات, أشهرها على الإطلاق ما عرف في أدبيات الإدارة العامة الاستعمارية بسياسة الحكم غير المباشر (indirect rule) عن طريق خلق الإدارات الأهلية والقبلية وتعريف حدودها وهي أيضاً تعرف بسياسة فرق تسد.
    كانت تلك الفترة هي التي شكلت (في تاريخ أفريقيا) وفي السودان على وجه الخصوص إعادة رسم الحدود القبلية، وإعادة تكوين القبيلة وضخ دم سياسي في شريان القبيلة التي كانت قد تصلبت بفعل الدعوة والخطاب القومي القوي الذي أفرزته المهدية للخروج بالقبيلة من الحيز الثقافي التقليدي الحصري إلى حيز أرحب وأشمل يتصل ببناء المشروع القومي الكبير. وقد كان قانون شيوخ القبائل وشيوخ الرحل في عام 1927م هو بداية هذه الصياغة الجديدة وإعطاء الشرعية والوصف الوظيفي الجديد للقبيلة والمجموعة الإثنية على النحو الذي يجهض المشروع القومي الكبير.
    والمتأمل لما يدور الآن في أطراف السودان تتضح لـه جليا الانتكاسة الكبرى في المشروع القومي الكبير والذي كان نتاجا حتميا لسياسات حكومية فاقدة للبصيرة والإخلاص للوطن ولمشروعاته الكبرى. إن المشروع القومي السوداني يتهدده الخطر الحقيقي الآن أكثر من أي وقت مضى خاصة بعد الأطروحة الجديدة التي أفصح عنها – دون قصد – المؤتمر الوطني على لسان العضو الفاعل الأستاذ عبد الرحيم حمدي وزير المالية الأسبق في العام الماضي والقائلة بفصل دارفور وشرق وجنوب السودان مفسحة المجال لسودان متجانس دينيا وعرقيا محوره دنقلا – الأوسط – كردفان. وتبع ذلك سياسات الدولة على الأرض والتي أصبحت تحركها بوصلة إثنية لا تخطئها العين في خيارات التنمية والخدمات واصلاح "معايش" العباد. إن خطوات وسياسات الانقاذ في هذا لاتجاه هي الأولى من نوعها والأكثر خطورة في إتجاه التأسيس لمشروع الدولة الاثنية كبديل للدولة القومية.
    الإنقاذ وبدعة المبايعة: وهناك بدعة سياسية جديدة ابتدعتها الانقاذ في علاقة الحاكم بالمحكوم وفي علاقة المركز بالهامش وبالأطراف وهي بدعة المبايعة للمؤتمر الوطني. وأصبح الرأي العام الشعبي في ذلك هو ان مجتمعاً معيّناً أو قبيلة معيّنة ما لم تبايع المؤتمر الوطني (على المنشط والمكره) فإنها لن تحصل على الخدمات والتنمية. وهذا أيضاً ما تسوِّق لـه القيادات المحلية وقد تكون محقه فيما ذهبت اليه اذ ان ذلك يمثِّل توجيهاً من القيادات العليا في الحزب. هناك عدة اسئلة لا بد من محاولة الاجابة عليها:
    هل هذا المسلك ديمقراطي في مظهره أوفي محتواه؟ الاجابة لا. ان تحريك الجماهير امر مشروع لكن إنّ إشتراطية تقديم الخدمات هذه يمليها عقد المواطنة والعقد الاجتماعي وطبيعة تكوين وتخويل الدولة المدنية ممثلة في ذراعها التنفيذية وهي الحكومة. ان عطاء الحكومة للمواطن من خدمات وأمن وحماية ليس أمراً مربوطاً بالولاء للتنظيم السياسي في السلطة أو في المعارضة إنما حق وامتياز للمواطن يمليه على الدولة شرعيتها المستمدة من شمولها لكل فرد من أفراد الوطن على أرضها وتحت سمائها وإقليمها الجغرافي.
    هل مسلك المبايعة للحزب على أساس القبيلة او المنطقة سليم إجرائياً؟ الاجابة لا. لأن مثل هذا الإجراء يصادر الحرية الشخصية ويصادر الفروق الشخصية بين الناس وهذا ليس من الاسلام الذي نعرفه أو حتى من الديمقراطية التي تعطى وزناً لكل صوت ولكل فرد مهما صغر. ثمّ ان النيابة القبلية او المناطقية للتحدث بالإنابة عن الآخرين أو عن كيان شامل هذا أمر يؤكد من جديد مبدأ الشمولية والتي لا تعير اهتماماً ولا تعطى وزناً للخصوصيات والفردانية وتجعل من الناس جميعا كم واحد متطابق حتى في رؤاه واتجاهاته وخياره السياسي. وهذا خطأ جسيم يضر بالعملية الديمقراطية ويجزّر للشمولية على مستوى "القبائل" و"المناطق" والمستويات التحتية في المجتمعات الريفية.
    ان مبدأ المبايعة الذي إبتدره المؤتمر الوطني لضمان الولاء السياسي ما هو في الحقيقة الا إستمرار لعلاقة الزعيم – التابع الغير متوازنة وابتزاز المواطن بالخدمات الضرورية مثل الماء والصحة لشراء ولاءه السياسي و بدوره يعني محاولة لإعادة الاقطاعية في العمل السياسي والتي حتماً سيكون المستفيد الأول منها هم الوكلاء وسماسرة التنظيم الذين أصبحوا ينتشرون كالمشروم خاصة وأن التنظيم هو القابض على ميزانية الدولة التي غابت عنها الشفافية من قبل قرابة العقدين من الزمان, وهو القابض على البترول الذي لم يجد منه المواطن المحلي سوى "عجاج القلابات" التي ساهمت في التصحر وافقار البيئة وإفقار المواطن رغم انتفاخ جيوب القابضين على السلطة في الخرطوم.
    والبيعة ستظل شكل جديد من أشكال التدليس والتهميش الذي أكسبه النظام لبوس الدين في واقع ريفي بسيط يسيطر عليه الإسلام الشعبي المتسامح والصدّيق والذي لا يتخيل ان هنالك من برع "باللعب بالدين" وكذلك اللعب بمصائر الوطن.
                  

08-08-2010, 03:27 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    Quote: د. حامد البشير ابراهيم
    ( 12 من 14 )

    الإنقاذ و محاولة إعادة تخطيط الوطن السوداني لصالح الإيديولوجيا


    في هذه اللحظات المفصلية من تاريخ السودان المعاصر فاجأنا كبار رجالات الاسلامويون بفكرة مفادها إعادة تعريف الوطن وإعادة رسم حدوده في خطوة اقل ماتوصف به بانها " أبارتيد إسلامويه" في تعبير عن حالة الإحباط والعتمة التي وصلت إليها بعض المجموعات في داخل جسم الإسلامويين في السودان .
    قبل حوالي عامين قدم الأُستاذ عبد الرحيم محمود حمدي، وزير المالية الأسبق في السودان مشروع السودان المحوري. الأُستاذ عبد الرحيم حمدي تم على يديه إلغاء دولة الرفاهية وإحلال محلها إقتصاد السوق المسيطر على كل جوانب الحياة بما فيها التعليم ( المدرسة الخاصة) والصحة ( العيادة الخاصة ) وزيادة معدلات الفقر لتصل الى ارقام تقارب التسعين في المائة (90% ) او تزيد وماترتب على ذلك من ظواهر سلبية شملت كل مناحي الحياة : الفساد حيث السودان هو الدولة الاولى عربيا حسب ترتيب منظمة الشفافية العالمية، والتفسخ الأخلاقي ، والتفكك الاسري، وإرتفاع نسب عطالة الشباب والمتعلمين (حوالي 60%)، تنامى الوعي الإثنى كاستراتيجية للتكيف مع الإحباط وانعدام الوجهة وغيرها من الظواهر السالبة للمشروع الاقتصادي والتي في مجملها ضربت "المشروع الحضاري " في مقتل . يضاف الى ذلك الرصيد الاجتماعي السالب والصورة المرسومة سلبا في العقل الجمعي والمجتمعي عن " الإسلاميين" في السودان بعد سنين حكمهم الطويل والمنفرد للسودان . إن الأُستاذ حمدي ورغم أنه هو الذي كتب هذه الورقة كشخص إلا وأنه بماضيه التليد وموقعه المتميز في الحركة الإسلامية وبإمساكه بتلابيب الحراك الاقتصادي وسط الحركة الاسلامية، فإنه حتما (بهذه الصفات) يمثل تيارا بل وتيارا فاعلا في جسم الحركة الاسلامية واسمها الحركي ( المؤتمر الوطني ) . إن أي تعامل مع هذه الورقة بخلاف ذلك يعتبر إنكارا لحقائق ومسلمات سوسيولوجية أساسية في بنية وتوجهات الحركة الاسلامية في السودان وأهدافها الإستراتيجية البعيدة المدى ونمط تفكيرها وتكتيكاتها المرحلية والآنية .

    حيـثـيات أطروحة السودان المحوري :

    1- تحدثت الأطروحة عن مستقبل الاستثمار في السودان في الفترة الإنتقالية خلال الست أعوام القادمة .
    2- أكدت الورقة بصورة جازمة بأن تفويض الحكومة يأتي من الحزب وليس من الدولة وبالتالي فإن مصلحة الأول ( الحزب) تطغى على مصلحة الثاني ( الدولة ) وتسود عليها .
    - أكدت الورقة بأن خيار الوحدة غير وارد بل وأن الإنفصال هو الأكثر تأكيدا. وعليه فعلى الحزب الحاكم أن يعد العدة كاملة لخيار الإنفصال وهو الأرجح .
    4- السودان المحوري (الشمالية – الوسط + كروفان ) يمثل اقليما متجانسا تاريخيا – ثقافيا- اثنيا ودينيا .
    5- جهد الحزب الحاكم خلال الفترة الإنتقالية يجب أن ينصب في هذا الإقليم المحوري والذي يحمل كل مقومات الدولة المستقلة ( ثقافيا واقتصاديا وسياسيا ) ولا غضاضة من إنفصال بقية الاقاليم عنه وهذا حادث لامحالة كما يُستنبط من الورقة .
    - أكدت الورقة بأن حروب الهامش التي تستعر في الغرب الأقصى ( دارفور) والشرق الأقصى من (البحر الأحمر- كسلا ) هي في الأساس جزء من مخطط أجنبي قصد منه إملاء شروط الأقليات ( مضافا إليها الجنوب ) غير العربية وأيضا غير الإسلامية على شاكلة وضعية المسلمين في نيجيريا والسنغال واثيوبيا . سميت هذه الدول بدول الحزام العازل للإسلام .
    على أسوأ الفروض وطالما ان حربا يصعب كسبها أمام هذا التيار اللاعربي- لاإسلامي فمن الأجدى الإنسحاب كلية وتشكيل دولة جديدة متجانسة دينيا وشعوبيا( إسلامية – عربية ) تخرج من حزام العزل (الإسلامي) لتعيش في سلام داخلي وإستقرار بعيد عن تعكير صفوها بعناصر افريقيه وغير إسلامية .
    - بهذه الخيارات سيتمكن الحزب الحاكم لامحالة من الإستمرار في الحكم خاصة وان ذلك يمكن أن يأتي بقليل من الجهد الإستثماري في هذا الإقليم المحوري ذو الوعي العالي والإستجابة العالية للخدمات والتي من مردوداتها التصويت لصالح حزب المؤتمر الوطني في حالة تقديم الخدمات المناسبة ( مساكن شعبية ، تخفيف الجوع بصورة مباشرة، التشغيل ومحاربة العطالة خاصة وسط المتعلمين والمبعدين عن العمل) وغيرها من نماذج تخفيف الفقر وسياسات النمو المنحازة للفقراء pro-poor growth policies .
    - هذا البرنامج ( السودان المحوري) والإستثمار الداعم له يجب أن ينفذه فقط من يؤمنون ويؤتمنون على الفكرة وذلك يعني ضمنا عزل الآخرين في مسعى تكرار الماضي يعيد من جديد خاصة فيما يتعلق بالتفضيل في الخدمة العامة .
    - الورقة على البعد السياسي تتعامل وكأن اتفاقية السلام لاوجود لها وغير ملزمة للحكومة خاصة فيما يتعلق بضرورات الاجراءات والخيارات السياسية التي تجعل الوحدة خيارا جاذبا وحسب الورقة أن الخيارات السياسية المتاحة للسودان تحددها قوى دولية خفية لاصيرورات وتفاعلات داخلية .


    منـاقشــات اســاسـية :

    في هذا القسم سأسعى لمناقشة بعض ماورد في الأطروحة )للاستاذ حمدي( خاصة تلك الاراء ذات الدلالات الكبيرة والبعيدة . وأيضا إعتمدت في هذه المناقشات على المنهج التفكيكي حيث أن بعض ماورد في الورقة لايمكن فهمه إلا برده "للصورة الكبيرة" Bigger picture"" المتمثلة في سياسات نظام الإنقاذ ومواقفه أو مواقف بعض اللاعبين الاساسيين فيه.

    اولا : تقول الورقة:
    "التكليف يجئ من حزب سياسي وليس من الدولة .. ولهذا يفترض ان تُراعى الإجابة عليه مصلحة الحزب في الإستفادة من الإستثمار خلال الفترة الإنتقالية …الخ ".
    هذه الجملة حتما بها كثير من الأخطاء " الأخلاقية " الفادحة حيث ان التكليف يجئ من جماهير ليست بالضرورة منضوية لحزب بل منحازة لبرنامج يصبح – حين يتم إختياره جماهيريا- برنامجا للحكومة “Government” والتي هي اليد الفاعلة للدولة (State) والتي بدورها الممثلة للأمة أو للوطن أو للناس جميعا .
    وبالتالي المقولة أو الحيثية الصحيحة التي كان يجب أن تنطلق منها الورقة هي أن مايجب أن يُراعى هو مصلحة الدولة ومصلحة الأُمة وإن تقاطعت مع مصلحة الحزب . وقديما قد إنحاز المرحوم اسماعيل الأزهري لخيار الإستقلال حينما كان مطلبا جماهيريا سودانيا وليس حزبيا ، مما دفعه ورفاقه لإعلان الإستقلال من داخل قبة البرلمان وذلك على الرغم من البرنامج الاستراتيجي المعلن لحزبه وهو وحدة وادي النيل .
    ثانيا :
    في الحديث عن مميزات السودان المحوري(دنقلا – سنار+ كردفان) والتي من اهمها تزايد الوعي فيه وكذلك التعليم مما يجعله سريع الإستجابة التصويتية في حال تقديم خدمات له بالمقارنة مع السودان الآخر الذي يمكن الاستغناء عنه ( تنمويا لانه ينعدم فيه الوعي وحساسية اللإستجابة لتقديم الخدمات والذي يُفهم صراحة وضمنا بانه ميؤوس منه إنتخابيا).
    ألم يسال الاستاذ حمدي نفسه ماهو كان دوره في زيادة او تدني نسب التعليم والوعي في هذه الاقاليم التي قرر عزلها من السودان المحوري :
    ألم يتوقف طريق الإنقاذ الغربي في عهد الاستاذ حمدي وبدلا عنه قامت طرق أقل أهمية اقتصادية منه .
    هل كان الاستاذ حمدي ورفاقه يستقرؤن الاحداث بانه يجب ان يتوقف هذا الطريق لانه يوما ما سيكون طريقا قاريا يربطنا مع دولة جارة (هي دارفورحسب استقراء حمدي) ويقع خارج اطار السودان المحوري ؟
    (ب) ألم يتم في عهد الإنقاذ تحويل مسؤولية التعليم العام للمحليات والتي كانت وما زالت عاجزة حتى من سداد مرتبات العاملين عليها. نتيجة لذلك توقفت المدارس في أغلب الولايات الطرفية لحوالي عشرة سنوات . والفاقد التربوي كان وقودا للحرب الأهلية بالوكالة وبالإنابة عن دولة تعيش نخبها في ابراج نخبوية بعيدة . أرجو من الاستاذ حمدي أن يُراجع نسب الإنخراط في التعليم العام في تلك السنوات والتي إنحدرت إلى أقل من 30% في بعض الولايات . وان من كل مائة طفل دخلوا الصف الاول فقط ثمانية منهم يصلون الصف الثامن .. كل هذا يحدث في الاقاليم " قليلة الوعي " والتي حُكم عليها أخيرا بالفصل تعسفيا من السودان المحوري ولصالحه العام .
    والمؤسف ان يأتي هذا الحكم من شخص كان هو المؤتمن على المال العام في كل السودان وهو الذي كان يُرجى منه احداث التغيير المنشود وبحيادية وحيدة مرجوة فيمن يشغل منصبا بذلك الحجم . وحزنت مؤخرا أكثر حينما علمت ان وزير مالية آخر قد قرر الانحياز لمشروع السودان المحوري بإختياره الجلوس في منبر السلام العادل الذي ينادي بفصل الشمال عن الجنوب.
    ثالثا :
    إن أُطروحة السودان المحوري التي تقول بخلق وطن جديد قوامه (دنقلا – سنار+كردفان) هي من أولها لآخرها أُطروحة عنصرية تقوم على فرضية التجانس العرقي والتجانس الديني. وتقوم على مبدأ الفصل على أساس هاتين المعطيتين ( العرق والدين ) لاأظنني أُضيف كثيرا إن قلت أن المرادف لمصطلح الفصل العنصري هو ماعرف بلغه الأفريكانا بال (APARTTHEID) والتي هي مصطلح يرجع للكلمة الانجليزية (APARTNESS) أي الفصل بين الاعراق .
    بقصد أو بدون قصد إن أُطروحة السودان المحوري هي وجه اخر "للأبارتايد" وهذه المرة داخل الوطن الواحد وباللذين ينتمون لذات العرق وإن توهموا وعظموا صغائر التفاصيل والفوارق.
    المؤسف حقا أيضا هو أن هذه الاطروحة قد أعطت وزنا أكبر للعرق أكثر من الدين وإلا بماذا يُفسر عزل دارفور والشرق عن هذا السودان المحوري رغم الخطأ التاريخي في التبرير بانه العمود الفقري للدولة الاسلامية في السودان خلال الخمسة قرون الماضية. لماذا تضاءل طموح الاسلامويين حتى يكون "الميس" هو مملكة سنار بدلا عن الدولة المهدية التي غطت معظم مساحة الوطن الحالي وتمددت دعوتها غربا حتى بلاد الفولاني " وأسماء دان فوديو وحياتو بن سعيد" وغيرهم ممن تزين بأسمائهم أسماء الشركات الغير ربحية والمعفاة من الضرائب والمتمتعة بكل الإمتيازات في الاحياء الراقية في الخرطوم شاهد تاريخي على ذلك التواصل .
    لماذا يتم الحكم بلا اسلامية دارفور وهي الرابط القويم للإسلام المتمدد والمتصل بين غرب وشرق إفريقيا عبر رحلات الحج التي شهدتها القارة منذ حوالي اربعة عشر قرنا… كيف يتم ذلك ودارفور هي كاسية الكعبة في رحلات كانت توصف برواق دارفور مؤكدة بذلك اتصال افريقيا بشبه جزيرة العرب حيث ان البحر الاحمر كان عبر التاريخ رابطا لاعائقا ومن قبل قد عبره أول المهاجرين الى الحبشة حينما ضاق بالدعوة والدعاة الأمر وكان حينها النجاشي ملك الحبشه .
    انه محزن للغاية ان يتضاءل الخطاب والمنظور الاسلامي الإستراتيجي الى آخر عرقي ضيق يردهم إلى جاهلية ماقبل الإسلام تماما كما ارتدت حركة طالبان إلى عصبية البشتون عند نهاية المشوار القصير من تأسيس الدولة . إن العنصرية هي عندما تبنى الصيرورات السياسية على أساس ديني أو عرقي. وحينما تكون الخيارات السياسية مبنية على الدين او العرق ذلك هو من صميم التفكير العنصري ومن صميم التوجهات الفاشية (حيث في المانيا كانت النازية هي تلاحم المسيحية المتطرفة مع سيادة الجنس الاري) وكذلك كانت تجربة الفاشية في ايطاليا موسيليني ، وتجربة الفاشية في المنطقة العربية حيث توأمة الفكر الشعوبي العروبي مع الاشتراكية والتي في نهاية المطاف أنتجت صدام حسين، وحلبجة ، ومآس الاكراد ، وانهيار الدولة ذات الامكانيات الأوفر للنهضة في المنطقة العربية. ما نشاهده الآن أمام أعيننا في العراق وقلوبنا تدمي ، هي النتيجة الحتمية لذلك التطرف : إن الدمار الكبير يأتي من فكرة صغيرة وكذا الخلاص الكبير .. إن لكم في دهركم نفحات .

    رابعا : ان اطروحة السيد حمدي هي بلا شك اطروحة المؤتمر الوطني خاصة وانه لم يثبت ماينفي ذلك وانه لم يتم أي اعلان عن رفضها . وان روح الورقة وابعادها الاستراتيجية تعبر عن روح تفكير الاسلامويين في السودان والذي في الآونة الأخيرة أفرز كثيرا من الشوائب العنصرية ممثلة في افكار المهندس الطيب مصطفى والدكتور حسن مكي ( صاحب نظرية الحزام الاسود في اشارة للنازحين حول الخرطوم( ، مضافا اليها سياسات الإنقاذ على الارض خاصة تلك المتمثلة في تشجيع وتغذية الحروب الاثنية في حزام التواصل بين النوبة والعرب وبين الدينكا والعرب وبين الشلك والعرب وبين العرب والزُرقة في دارفور مستغلين في ذلك سياسيين ونخب محلية تعمل بشروط خدمة متفق عليها ليس من بينها مصلحة الرعايا المحليين .
    خامسا :
    إن اطروحة السودان المحوري تتناغم مع كثير من الاكليشيهات التي كثيرا ماتزين خطاب الانقاذ (Discourse) المتمثل في أن "العروبة في خطر " وأن السودان مهدد بان يكون "أندلس آخر نبكي على عروبته " وتأسيس كيانات وهمية عنصرية برعاية حكومية مثل ماعرف بتنظيم قريش " وغيرها من التشكيلات الشعوبية الضيقة التي وصلت حتى داخل الوزارات الحكومية والتي أصبح الإفصاح عنها كلمة السر ومطلبا رسميا في بعض دواوين الدولة خاصة عند طلب الحصول على وظيفة . الدولة السودانية في عهد الانقاذ خلقت لنفسها عدوا إفتراضيا هو الافريقانية وتقمصت في ذلك شخصية دون كويكزوت ذلك الذي يحارب طواحين الهواء في غير مامعترك .
    سادسا :
    ان البعد العنصري في اطروحة السودان المحوري يمكن رده للإطار النظري الكبير الذي تأسس في بدايات الإنقاذ ممثلا في المؤتمر الشعبي العربي- الاسلامي الباعث الاول لتيار النهضة الشعوبية في السودان خلال العقدين الاخرين . للاسف خلال سنوات حكم الاسلاميين قد تم تنشيط القبلية والإثنيه في مناطق كانت هي نماذج للتعايش والحوار في وطن مازال يتحسس طريقه نحو الوحدة والتوحد بكل ابعاد الإنتماء : العربية ، الافريقية ، الاسلامية ، المسيحية وكريم المعتقدات.
    في تقديري كانت سياسات الدولة خلال العقد الماضي تتسم بالتخوف من ذلك الإنسجام الإجتماعي التلقائي وكان لابد من القضاء عليه بازكاء الشعوبية والعنصرية . وببساطة كان ذلك لضرورات ان يتناسب الواقع مع تفصيلة المشروع الحضاري ببعده العربي - الاسلامي النقي والذي كان جلبابا من حديد لبسه الاسلامويون . إن خطورة هذا المنهج والذي يقضي بتفصيل الواقع ليناسب المشروع حتما سيقود الاسلاميين – وهم القابضون على تلابيب السلطة - الى حالة مستمرة من اعادة التفصيل ورسم حدود للوطن المتناسب مع المشروع المرسوم في الذهن .
    الخوف كل الخوف ان هذا المشروع سيتناقص كلما حاصرته التناقضات حتى ينكمش على مقاس عمارة الفيحاء او كما قال احدهم في حدود القصر الجمهوري او على اسوأ الافتراض ان يكون فقط جمهورية فاضلة على شاكلة جمهورية افلاطون وتكون حبيسة في العقول او بين دفات الكتب .
    سابعا :
    إن نموذج السودان المحوري يقودني الى الاعتقاد الجازم بان الاخوة الاسلامويون وهم يفكرون في ذلك كانت تجربة باكستان في مؤخرة دماغهم. وطالما انهم مولعين بافكار أبي الأعلى المودودي فنموذج الدولة الباكستانية والذي يمثل تلاحم فريد بين الاثنينة والدينية، يتمنون أن يعيدوا انتاجه في الحزام السوداني المتنوع اصلا . ويكون النموذج المماثل لباكستان هو السودان المحوري والعدو الهندوسي الافتراضي هو : دارفور – الجنوب - الشرق ( الجزء المفصول قسرا ) حسب تصور السودان المحوري.

    نحن حتما في حاجة ماسة لدراسة سوسيو- سايكولوجية متعمقة لهذا النمط من التفكير ودوافعه النفسية . ولكن حتى ذلك الحين سيفقد السودان الكثير ونصبح نحن في سودانات مختلفة اختارها لنا " بدم بارد" السيد حمدي . لماذا لاينظر الإسلامويون في السودان الى نموذج الصومال حيث لم يغن التماثل الإثني والديني من انهيار الدولة نتيجة لتصلب شرايينها من جراء الحكم الشمولي الطويل والمليء بالفساد في منطقة في غاية الأهمية للإقليم وللعالم. ووجه الشبه بين هذا وذاك حتما لاتخطأه العين .
    ثامنا:
    الاقليم السوداني المحوري ليس متجانسا لاعرقيا ولا دينيا حيث ان عاصمة البلاد (الخرطوم) الواقعة في قلب هذا الوطن الجديد بها ما لايقل عن 50% من غير العرب وحوالي 30 % من غير المسلمين وكذا مدن وأجزاء أخرى داخل هذا الاقليم المحوري وبنسب متفاوته.
    تاسعا :
    الاطروحة الجديدة تضع الاخوة أعضاء المؤتمر الوطني من الأقاليم التي قرر السيد حمدي والمؤتمر الوطني فصلها ( دارفور- الجنوب والشرق) في مأزق كبير : اما الانحياز للاقليم المحوري الجديد حيث يكونون اقليات او الإنضمام لأقاليمهم المفصولة وبالتالي يكون المؤتمر قد استعملهم " واستغلهم" مرحليا ثم لفظهم أو كما يقول المثل الانكليزي" تركهم في الصقيع" “Left them out for the cold "
    حتما تفكير الاستاذ حمدي ودهاقنة المؤتمر الوطن يسعى مستقبلا للاحتفاظ بهذه النخب في دور " مخالب القط" في الاقاليم المفصولة قسرا من بقية السودان وبالتالي : يكون المؤتمر الوطني قد ضمن العناصر الضرورية "لعكننة" الجيران الجدد.
    هناك عدة استنتاجات وتساؤلات مشروعة تثيرها ورقة السودان المحوري :
    والمؤتمر الوطني لم يكن قوميا وحدويا محايدا وبالتالي يمكن وصفه بأنه كان متحيزا في سياساته التنموية والاستثمارية خارج اطار السودان المحوري .
    هل هذا التفكير الاقصائي عند الاستاذ حمدي وبالطبع عند رجال الانقاذ هو السبب في انهاء المشروعين التنمويين الاساسيين في غرب السودان : مشروع السافانا في دارفور ومشروع تنمية جبال النوبة في جنوب كردفان ( خارج اطار السودان المحوري ).
    هل هذا التفكير الانتقائي هو السبب في عدم تنفيذ الطريق الدائري في جنوب كردفان ؟
    هل هذا التفكير الاقصائي هو السبب في تدني نسب التعليم في اقاليم الهامش (حوالي 50%) مقارنة بالسودان المحوري اكثر من 80% .
    هل تبرع المؤتمر الوطني )والسيد حمدي( اخيرا ليعطينا الاجابة الشافية في عدم تنفيذ طريق الانقاذ العربي .
    وهل ما قاله السيد حمدي اخيرا هو التفسير للإبقاء على النسب العالية لمرض الدرن في شرق السودان حتى اصبح كارثة قومية وذلك نتيجة لتوطين الجوع في هذا الاقليم وفي السودان عامة !
    هل هذا التفكير هو الذي يُبرر النشاط المتصل في الآونة الاخيرة في مشروعات التنمية في الاقليم شمال الخرطوم ( العمود الفقري للسودان المحوري)؟
    هل اقليم كردفان الذي اضيف اضافة لهذا الاقليم المحوري ينظر اليه" كـ لفقة" مرحلية (fellow traveler ) ، وايضا كاحتياطي لتوريد العمالة الرخيصة للاقليم المحوري ولتوفير الجندية التي اشتهر بها ( خاصة وانه ظل مصدرا لخدمات الدفاع الشعبي( لتصفية خصومات النظام العنصرية في المناطق المتاخمة للسودان المحوري ؟
    وربما يقول قائل إن إقليم كردفان قد تم ضمه للسودان المحوري نسبة لمرور البترول به وربما ايضا للثروة الحيوانية مصدر البروتين الحيواني لسودان المؤتمر الوطني وكذلك مصدر مهم للعملة الصعبة. وربما ايضا كحديقة خلفية للسودان المحوري في مقابل السودانات الجنوبية والغربية التي حكم عليها المؤتمر الوطني )والاستاذ حمدي( بالانفصال والتشال .


    خـــاتــمـــة و محاكمـــة

    ورقة السودان المحوري هي رمزا وتحليلا تعبر عن رؤية الاسلامويين و المؤتمر الوطني او غالبية كبيرة منهم حيث ان الورقة تتناسق مع سياسات الدولة والحزب فيما يتعلق بالحدود والفواصل الإثنية والعرقية ودور الدولة في ذلك . وكذلك الدور الذي لعبته الدولة ممثلة في حزبها الحاكم في تأجيج الصراع الاثني والعرقي في دارفور بدعمها مجموعة ضد اخرى على اسس عرقية .
    إن مشروع السودان المحوري لم يأت من فراغ بل عُبرّ عنه كثيرا وبكثافة في سياسات الدولة خلال الخمسة عشرة سنة الماضية . مايحمد لحمدي حقيقة شجاعته في القول صراحة ماظلت تقوم به الحركة الاسلامية رمزا وعملا في سياساتها التي حتما ستؤدي الى انهيار المشروع القومي السوداني .
    إن مشروع السودان المحوري حتما هو محاولة الاسلاميين الاخيرة لانقاذ مايمكن انقاذه من وطن يتآكل ويتضاءل امام سياسات حكامه الانانيين الذين يخشون حكم وطن متنوع لان مشروعهم اضيق من المليون ميل ولا يسع غير حدود النقاء العرقي والنقاء الديني المُتخيل .
    لحسن الحظ ان السودان المحوري الذي يطرحه الاسلامويون هو ايضا مليء بالتناقضات التي حتما ستحاصرهم ليتضاءلون وينكفؤون حول فكرة لا مكان لها على ارض الواقع السوداني الجميل بالوانه والزاهي بتنوعه .

    بعد اكثر من ستة عشر عاما من الحكم المنفرد للسودان وبقوة الحديد والنار
    لم تتمكن الحركة الاسلامية من احداث تغيير هيكلي على الارض يسهم في بناء الدولة السودانية الحديثة ويؤكد على قبول برنامجها في المجتمع السوداني بشكل اجمالي . استولت الحركة الاسلامية على السلطة بشعارات اسلامية ولكنها ظلت بعيدة عن فقراء المدن القاطنين مدن الصفيح وعن الطبقة الوسطى التي تلاشت . وتقاصرت الحركة واطروحتها ايضا امام قطاعات الطلاب ، وصغار المنتجين ، واضمحل المشروع الحضاري امام قطاعات المرأة والمثقفين والمبدعين . وفوق كل ذلك فقد تم حصار الحركة وحكومتها محليا ودوليا وضاقت ذرعا بالعولمة ، واصبح المشروع الحضاري " صاروخ ضل هدفه، يسير على غير هدى " (Mis-quided Missile) ، ويلفظ انفاسه إلا من بعض عنصرية وبعض فاشية وبعض كلماتي امام الله
                  

08-08-2010, 03:29 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    Quote: (13)
    الهامش في مخيال السلطة الحاكمة
    د. حامد البشير
    ان التهميش بقدر ما انه حالة (situation) أو وضعية (status) يكون عليها الناس، هو أيضاً عملية (process) أو صيرورة (سيرورة) اجتماعية- اقتصادية- سياسية تتم في إطار الزمان والمكان، وهو بذلك يكون أيضاً حالة زمانية وتاريخية تجد التفسير في علاقات القوة والسلطة وتدافعات الأحداث والأجيال التي قضت والآنية والتي ستأتي في إطار المجتمع ببنائه الاجتماعي (social structure) وبثقافته (culture) المتميزة.
    لكن من المؤكد ان التهميش كحالة نفسية- اجتماعية (psycho- social) أو حالة ذهنية (state of mind) تصيب كل من الضحية (victim) والجاني (culprit) لم يجد حظه من التوثيق والتحليل والتنقيب.
    ان الهامش والمهمش كلاهما قد يموت فيه الإبداع والابتكار والمبادرة والطاقات الكامنة حيث تلك تمارين للعقل والرورح قد افتقداها نتيجة للحرمان الطويل وللاقصاء المزمن، وفي كثير من الأحيان ان ذلك كان نتيجة لسقوفات الترقي الاجتماعي المتدنية التي وضعها وصاغها النظام الاجتماعي والسياسي والذي أضحى يقاتل بيديه وأسنانه في عهد الإنقاذ ليبقى على الفوارق والتي للأسف قد تطابقت فيها الطبقة الاجتماعية(social class) و الاثنية (ethnic group) والجهة/ المنطقة (region) وبالطبع فإن ذلك أمر مشين لدولة بعد خمسين عاماً من استقلالها تتراجع القهقري في القارة الافريقية التي خرجت لتوها من ظلامات الاستعمار والتمييز العنصري لتعيد إنتاج ذات الظلامات بجلباب وثوب وطنيين وعليهما عمامة الدين والقداسة.
    ومن لم يعلم فإن فكرة الأبارتايد قد نشأت في الأساس في كنف الكنيسة الهولندية القديمة في جنوب افريقيا ومن هناك اكتسبت مشروعية القداسة وتمسحت بالدين الذي ناهضها وقاومها به القس ديسمون توتو.
    وبالطبع هذا ما تبرر له الصهيونية أيضاً (بدعوى شعب الله المختار) حتى أصبح الظلم المقدس في إسرائيل- فلسطين يجتر أحزانه الفلسطينيون الشرفاء ذوو الحق المسلوب من قبل أكثر من نصف قرن ويزيد، وليس من الانصاف في هذا المنعطف ان نحول النقاش حول جدلية المركز والهامش إلى تحليل نفسي إذ ان ذلك يمثل إحدى المناطق غير المحبذة لعلم الاجتماع الذي يستمد علميته في فهم وتفسير الظواهر من موضوعيته المبنية على الحيثيات والشواهد الأمبيريقية لا الذاتية .(subjective)
    ولكن ان أخطر ما يتولد من حالة التهميش المزمن والمستمر هو الشعور بالاستعلاء وتضخم الذات لدى الجاني (culprit) ويقابله شعور بالضمور النفسي و(الدونية) والرضوخ القدري لواقع ظالم مع ضعف الإرادة عند الضحية إلى الدرجة التي يتطور فيها ذلك الاحساس القاتل (لدى الطرفين) إلى ما يمكن توصيفه بحالة العنصرية والتمييز والتي تصل أقسى صورها عندما تكون واقعاً ملموساً في علاقات الأطراف الشريكة في الوطن وتأخذ صوراً شتى تعبر عنها الثقافة بشكلها الاجمالي والتفصيلي في التراث والمناهج والقصص الشعبي والتناول الإعلامي والتنميط (رسم الصور النمطية) والقولبة وحتى في النكتة الشعبية التي تمجد من تمجد وتفعل مادون ذلك (بالآخر) المرسوم في العقل الجمعي وفي الثقافة الغالبة للدرجة التي تصل فيها أحياناً إلى مرحلة الزينوفوبيا (xenophobia) أو الخوف من الغرباء البعيدين والمبعدين في تلك النقطة النائية من وعينا إذ انهم هم الذين يأكلون الناس أحياناً.

    ان صوراً كثيرة قد تشكلت في الواقع الاجتماعي – الثقافي السوداني مسنودة بواقع التهميش والاقصاء وقد تسربت لتصبح (حقيقة) ثقافية ونحن في غفلة وتغافل عن مواجهة الاختلالات العميقة في الاقتصاد والاجتماع والسياسة في واقعنا السوداني، حتماً ان الاختلالات في توزيع الثروة والسلطة والمساواة بين أفراد المجتمع تولد التباين في الأوضاع الطبقية والتراتبية وحتى في المفاهيم والتصورات حول ماهية العدالة والانصاف والحق، وكلها بلاشك هي مضامين وضمانات للوحدة والتوحد القومي الصادق وقد أطاحت بها سياسات النظام الحاكم في السودان.

    لقد تشكل الهامش في كثير من رؤى المركز حتى أضحى مدرسة (منهجية) عند البعض من الأكاديميين والسياسيين يمكن ان يطلق عليها مدرسة (الاستهماش) تماثلاً مع مدرسة (الاستشراق--
    orientalism) التي أسهم في نقدها الراحل المفكر الفلسطيني- الأمريكي الدكتور أدوارد سعيد والتي كم صورت الشرق بموطن الأساطير التي شذت عن ادراك العقل الجمعي الأوروبي وعن حضارته وثوابته ذات التراث الكنسي الراسخ وكما أضحى الشرق مرتعاً للطامعين والطامحين فكذلك أضحى الهامش ومازال وان اختلفت الوسائل والاستراتيجيات في ظل الإدارة غير المباشرة والحكومات الاقليمية غير المباشرة والضرائب غير المباشرة وكذلك الحروب الاثنية غير المباشرة وحتى الابادة غير المباشرة التي يقتل فيها الأخ ابن عمه بايحاء وتوجيه وتحفيز من المركز الذي يوزع أوسمة الفروسية لفرسان القبائل ولحراس القبائل بعد ان يقسم الناس (بالسكين كما يفعل الجزار) إلى ثنائيات حادة: عرب – زرقة، مسلمين، غير مسلمين وينشأ لذلك الوحدات المعرفية الرسمية (think tank) التي تتعامل مع ذلك وتحفزه من خلال بنية أجهزة الدولة الحديثة.
    لقد صور رواد مدرسة الاستهماش من السياسيين والأكاديميين الذين يجلسون بجوارهم، الهامش، بأنه عبارة عن كيانات قبلية تعيش فيما قبل التاريخ وفي غابر الأزمان طالما انها قمينة بإنتاح حروب داحس والغبراء في بوادي مثل بادية دارفور، وعندهم ان حرب دارفور ماهي إلا حرب قامت بسبب سرقة جمل كما أورد ذلك الخطاب الرسمي للدولة، وإذن:
    لقد مات أكثر من مائتي ألف شخص في دارفور بسبب جمل!
    وتشرد أكثر من مليونين بسبب سرقة جمل!
    وتكونت عشرات الحركات المسلحة التي تقاتل الدولة بسبب سرقة جمل!!
    وحضر مجلس الأمن إلى الخرطوم وزار دارفور ليرى (موقعة الجمل)!!
    واجتمعت قمة الدول الثمانية الأكبر والأقوى في العالم لمدى ست ساعات تناقش قضية الجمل في دارفور!!
    واخيراً أصبح مناوي مساعداً كبيراً لرئيس الجمهورية في إطار تسوية سرقة الجمل!
    وفقدت الدولة عقلها بالاحباط والهزائم الدبلوماسية المتكررة في مشكلة الجمل بدارفور، ووافقت على دخول 26 ألف جندي ذوي قبعات زرقاء فضاًَ للاشبتاك الذي نشأ حول ذات الجمل!
    وهذه هي الصورة النمطية المرسومة رسمياً حول دارفور، وهذا يعني ضمن ما يعني ان دارفور اقليم لم يعرف القانون والمساكنة في يوم من الأيام وان السرقة فيه أمر شائع وان الحياة في هذا الاقليم (التعيس) ما زالت تدور حول الجمل وبالجمل وللجمل.
    (تماماً كحالة العصارة التي تدور في الفاضي وبالجمل أيضاً) إذن هذا هو التمثيل الرسمي لدارفور في مخيال السلطة الحاكمة (official representation of darfur) وفي خطاب الدولة الاثنية القابضة وكذلك في تصورات المركز والنخبة الحاكمة حول الهامش وبالطبع فإن ذلك ينطبق على كل أطراف الهامش المشابهة لواقع دارفور المزري في التنمية والخدمات وغياب الدولة.
    ان هذه التصورات الرسمية قد ألغت كل تاريخ دارفور والذي أهم ما يميزه هو ظهور السلطة المركزية الحاكمة (central state system) من قبل أكثر من ألف عام أو تزيد والتي التف حولها مزيج من كل قبائل السودان ومن خارج السودان أيضاً كما يصوره الآن التنوع الاثني الماثل في مدن وأرياف وبوادي الاقليم الشاسع. كل ذلك التاريخ الناصع لدارفور والذي شمل تأثيره وتلاقحه ثلاث قارات:
    لقد تمدد غرباً إلى ممالك تمبكتو وممالك البرنو ووداي وشمالاً حتى قاهرة المعز وجامعة الأزهر حيث (رواق دارفور (في افريقيا وحتى الآستانة (مقعد الخلافة الإسلامية) (في اوروبا الآن) وشرقاً حتى جزيرة العرب حيث مناسك الحج التي أسهمت فيها دارفور بالسقيا (آبار علي) وبالكساء - كسوة الكعبة- وهذه في آسيا.
    لكن كل هذا التاريخ الذي أثرى كل الحياة السودانية (في الماضي وفي الحاضر) وأثرى المنطقة الإسلامية حولنا لم يصمد أمام تعسف التصورات والصور النمطية التي تعج بها مخيلة المركز ونخبه الحاكمة التي طغى عليها الاستعلاء والظلم حتى ماثلت واقع دارفور الآن مع ماضي جزيرة العرب ابان الفترة الجاهلية حيث حروب داحس والغبراء ووأد البنات أحياء وطالما ان الصور النمطية لا عقل لها ولا تخضع للمنطق فكيف تتناسق هذه الصورة عن دارفور مع ذلك اللقب الذي زينته بها النخبة الحاكمة في أيام نشوتها الأولى حينما جادت على دارفور بلقب (ولاية القرآن)؟!!
    وفي المخيال الرسمي للسلطة الحاكمة في الخرطوم فإن الهامش هو ذلك المكان (الآخر) المسكون بالجوع ونقص الغذاء وبمرض السل، وبالقبلية وبالنهب والجريمة وبالقبائل (المجرمة) والقبائل (الشجاعة) التي تصلح للجندية (دون مرتبة الضباط)، وفوق ذلك يسكنه ذلك الإنسان (الطيب) الساذج النبيل (the noble savage) الذي أهم ما يميزه الاخلاص والولاء والطاعة حتى حينما تأمره السلطة بأن يقتل أخاه ثم ينتحر: وهذا ما حدث (وما زال يحدث) على طول حزام التماس بين الشمال والجنوب وفي دارفور بين العرب والزرقة وبين الثنائيات المصنوعة أيضاً في الأطراف الأخرى من الوطن.
    وابداً تحضرني تلك الصورة المروعة التي جمعت بين ابن ووالده في ميدان المعركة في شرق السودان: أحدهما في جيش الحركة والآخر في جيش الحكومة كما أوردها أحد الكتاب على صفحات الجريدة الإلكترونية (سودانايل).
    لقد صور علماء الاستهماش مناطق الهامش بأنها بؤر ينعدم فيها الضوء ويوجد فيها الظل المستديم وذلك على خلاف الحكمة التي قال بها المهاتما غاندي بأنه: يوجد الظل حيثما يوجد الضوء، ان الهامش في مخيلتهم ماهو إلا منطقة مظلمة فقط يوجد فيها الظلام ولا يوجد فيها الضوء ولا تشرق فيها الشمس، وتعيش في براثن القرون الوسطى وفي بعض جوانبها توجد فيها (الثقافة العربية القحة) أو تلك (الافريقية) الممعنة في البدائية و(المجون) والتي ليس بينها وبين الإنسان الأول حجاب وفوق ذلك ان الهامش بلا تاريخ (people without history) وان وجد فهو صدى لأحداثهم هم.
    وعند بعض السياسيين خاصة في ظل الأنظمة الشمولية وتحديداً النظام الحاكم الآن، لقد أضحى الهامش حديقة خلفية وبنكاً للأصوات تحركه وتديره نخب الوكالة ووكلاء النظام من أبناء الهامش وأحياناً رصيداً حربياً لتجنيد المليشيات والقوات والقوات المضادة وفي ذلك استغناء عن القوات المسلحة النظامية باهظة التكاليف واستبدالها بقوات القبائل قليلة التكاليف وسهلة الحركة حيث لا تحتاج إلى العناء الإداري واللوجستي المعهود وباهظ التكاليف.
    وعليه لقد وصل التهميش ذروته حينما قدر للهامش ان يجلد ذاته، ويحرق ذاته وينتحر أمام الملأ الوطني وأمام العالم في صورة أشبه بالدراما الاغريقية القديمة الممعنة في الغيبية والتغييب والخيال وتغبيش الوعي بمسميات الاثنية (عرب – غير عرب) وباسم الدين أحياناً.

    والطريف ان الهامش ذاته لا يعتبر من الأطراف حسنة الإسلام بل يعتبر إما ان يكون إسلامه رقيقاً (وسط القطاع الرعوي) أو صوفياً ممعناً في ملامحه الافريقية أو غير موجود على الاطلاق حينما أعلن المركز الجهاد ضد بعض الأطراف المسلمة (من الوطن) خلال فترة التسعينيات. كل هذه التصورات والصور النمطية تتم تبعاً للقراءات التبشيرية السطحية للنظام الذي يتمسح بالدين وهو يمارس السياسة والإدارة الوطنية على حالة التيمم وهو بجوار النيل العظيم
                  

08-08-2010, 03:31 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    Quote: (14)

    الهامش والانتحار قبل الرأسمالي

    بعد أكثر من خمسين عاماً من استقلال السودان وبتشجيع من الدولة الوطنية واجهزتها الرسمية اطلت الايديولوجية الاثنية والمناطقية (الجهوية) حتى أضحت طاغية في الخطاب الرسمي وفي الممارسة الروتينية للدولة للدرجة التي اعادت فيها تعريف الدولة ذاتها وكذلك المجتمع والنظام الاجتماعي السائد فيها أيضاً.
    والمؤسف حقاً أنه في غفلة من الجميع فإن هذه التطورات العميقة خلال العقدين الأخيرين قد اضاعت أو أوشكت أن تضيع ملامح القومية السودانية التي تشكلت من عناء التاريخ وتدافعات الاجتماع خلال حقب مضت، وكذلك قد اضاعت (هذه التطورات الأخيرة) ملامح الحداثة والنمو على قلتهما، حيث كلاهما قد اسئ توزيعهما جهة وفئة ومكاناً تاركاً الآخرين في الهامش البعيد خارج تلك المسيرة الحياتية على تواضعها، وهذا ما يمكن أن يطلق عليه العزل والاقصاء أيضاً.
    إن سياسات الدولة في عهد الانقاذ هي بلا شك قد اعادت رسم خريطة لأمة موزعة ومقطعة الانتماء اثنياً وجهوياً وعقائدياً حتى بين أهل القبلة وتلك لعمري لهي الطامة الكبرى والمأساة الحقيقية في كل تجربة الإسلامويين في حكم السودان-منفردين- خلال العقدين الأخيرين.
    لقد نُحتت الاثنية في الواقع السوداني من جديد للدرجة التي تمفصلت فيها وتطابقت وتداخلت وتساكنت أيضاً مع بنية الدولة الحديثة وفي كل مؤسساتها الحيوية، بما فيها تركيبة النظام البيروقراطي و التركيبة الإدارية، وقد هيمنت ذات البنية الاثنية المتخلفة على مفاصل الاقتصاد والخدمة المدنية والعسكرية والإعلام والدبلوماسية والقضاء ما عدا الرياضة فقط ظلت مفتوحة وديمقراطية على مصراعيها على أهل الهامش، وعليه لقد أمكن حفظ الاثنيات المهمشة و(المقصية) بسلام في سجن التراتبية الاجتماعية (المقبولة اجتماعياً) والتي تحميها القوانين و(الأعراف) التي تبرر التمكين الاثني بعد انقضاء مرحلة التمكين التنظيمي، وفي اطار ذلك السجن الكبير وخلف جدار العزل الاجتماعي الجديد حتماً يتاح لاثنيات الهامش وغيرهم من المغضوب عليهم سياسياً دخول كل المؤسسات بمقدار والعمل في كل خاناتها الصغيرة كـ(التروس) دون الوصول إلى المفاصل الكبيرة وإلى قلب الدينمو.
    إن يد الاثنية والعنصرية الخفية التي ترعاها الدولة في الخفاء والعلن، ستظل تفعل فعل السحر في اضعاف البناء والتماسك القومي من خلال ترسيخ الفوارق في البناء الاجتماعي وتعميقها على أسس اثنية حادة وهي على المدى البعيد حتماً ستضر بكل الأطراف في الوطن، الذين يتم لصالحهم الانحياز والذين يتم ضدهم التمييز، وتلك جدلية شرطية للمساكنة المستقرة لا المتنافرة في اطار الوطن الواحد.
    إن الحقوق وهي الضامن للمساواة والعدالة لا تحميها القوانين بل يحميها النظام الاجتماعي والنظام السياسي، والضمير الاجتماعي الجمعي، والأخلاق، والمبادئ، والتي للأسف قد اصابها التغيير مؤخراً لصالح الاستعلاء والتمييز الاثني والجهوي والديني الذي لا يتأتي وأبسط مبادئ العدالة في اطار وطن يفترض فيه الاتساع للجميع وشمولهم.
    إن معظم الفئات وخاصة من فصائل الشباب في الهامش لم يكن أمامها مجال للعمل في القطاع الحديث للدولة سوى الجندية ومن لم يجد حظه فيها فحتماً سيجد حظاً في الحركات المسلحة المناوئة للدولة والتي هي في حالة تزايد مستمر.
    في بداية الثمانينيات وفي أوج الحرب العراقية الإيرانية تبادلت المجالس في السودان طرفة مفادها أن وفداً عسكرياً عراقياً زار السودان بقصد تجنيد المتطوعين السودانيين للحرب، وقد زار الوفد معظم اقاليم السودان بما فيها الاقليم الجنوبي، ولدهشة الوفد العراقي والمرافقين لهم من السودانيين أن هناك اعداداً كبيرة من المواطنين في جوبا قد اصطفوا للتطوع لصالح العراق، وأخذ الوفد عدداً قليلاً كان هو المطلوب-فيما يبدو- لخلق التوازن الضروري في قضية الانتماء في السودان، وشكر الباقين الذين امروا بالانصراف، ولكن لدهشة الجميع فقد سألت جموع المصطفين من أبناء الاقليم الجنوبي: طيب إذا كانت العراق قد اخذت كفايتها من المتطوعين فهل هذا يعني أن ايران أيضاً لا تريد متطوعين، وهذا للأسف يماثل ما هو حادث الآن أمام شريحة الشباب في الاقاليم الطرفية، وأن أصدق ما ذكر حول انعدام الفرص أمام شريحة الشباب خاصة بعد انهيار عرى الاقتصاد الريفي لسياسات الدولة الخاطئة تجاه القطاع الزراعي الريفي (أو لغياب السياسات أحياناً) هو ما قال به الدكتور التجاني عبدالقادر الكادر الإسلامي والاكاديمي الذي جهر لاخوته بالحق إذ قال: إن تكسر الاقتصاد الريفي في اقاليم الهامش الطرفية وحتى في الوسط الزراعي، قد لازمه أيضاً تكسير في المجتمع وأصبح لا سبيل لابنائه للولوج في القطاعات الحديث غير الجيش (القومي)، ومن لم يجد فيه حظاً فيذهب إلى الحركات المسلحة وعندها يلتقي الاخوان في الميدان ويتقاتلان ويموتان معاً، وبالطبع فإن هذا أقصى ما يفعله الاقصاء والتهميش حينما تكون الدولة هي الراعية للأسباب وللنتائج وأن قدر الهامش أن يكون هو الذي يقاتل، وهو الذي يُقاتَل، وهو المعتدي، وهو المعتدى عليه، وهو القاتل وهو المقتول.
    وكل ذلك يتم بابنائه من الطرفين وإن اختلفت (الازياء) والشعارات التي يرتديها كلاهما، وهذا للأسف ضرب من ضروب (الانتحار البسيط قبل الرأسمالي) يمارسه الهامش على ذاته بايحاء وبتشجيع من نخب المركز الحاكمة!!.
    إن الحرب في دارفور قد صنعتها الدولة واستفحلت على يدها وتحت رعايتها ولسوء إدارتها، وعندما اعياها الحل قررت أن تلقي بكل المشكلة وابعادها وما يترتب عليها على الواقع الاجتماعي في دارفور (المكون من العرب وغير العرب)، وأرادت الحكومة أن تقول في النهاية لكل العالم: إن القبائل في دارفور والتي تتصارع بسبب جمل حسب الرواية الرسمية، هي قبائل جاهلة وبدائية وخارجة على القانون وقاسية تجاه بعضها البعض لدرجة الابادة وأن على العالم أن يتعاطف مع حكومة الخرطوم (المسكينة) والتي زج بها حظها (التعيس) في أن تحكم اناس مثل هؤلاء الاشقياء، هذه تماماً هي المحطة الأخيرة التي وصل عندها منطق الدولة الرسمي في تفسير قضية ومشكلة دارفور خاصة في المحاولات اليائسة لاستمالة الموقف العربي في الضغط على الغرب، وأخيراً دعمتهم الجامعة العربية مشكورة بذات البيان الذي كتب عام 1967م ليشجب العدوان الثلاثي ويدين النكسة (لا اكثر ولا اقل).
    ذكر لي أحد رجال الإدارة الأهلية من دارفور واصفاً ما وصل إليه الحال بذكاء شعبي متقد احاط بجل الاشكال:
    كان الناس هنا حينما يتشاجرون يموتون باعداد بسيطة لأن السلاح المستعمل في الشجار كان هو من نوع (الفرار)، و(السكين)، و(العكاز)، و(الحربة)، وكذلك الايدي والأسنان احياناً، وكلها أدوات تتيح مساحة للحجاز وللمقاومة أيضاً.
    أما الآن وخلال سنوات الإنقاذ فإن الناس أصبحوا يتشاجرون (بالقرنيت) وبالكلاشنكوف والجيم – ثلاثة والـ RBG (المضاد للدبابات) وحتى المدافع التي تجرها الخيول والجمال والثيران وزاد محدثي قائلاً: ان هذا السلاح قد توفر اما بواسطة الحكومة أو نتيجة لغيابها التام على الأرض (أو لأنها عاملة أضان الحامل طرشاء). وقد ترك الهامش ليحكم نفسه (بالوكالة) وليحاكم نفسه بالأصالة.. وينتحر.
    ان التهميش بكل ملامحه وأبعاده قمين بالظهور تحت أي نظام سياسي، لكن احتمال تفشيه وتفاقمه أكثر وأكبر في ظل نظام شمولي مهموم بقضية الشرعية وببقائه على السلطة بأي ثمن، وفي ذات الوقت منعدم الشفافية ومحجوب من المساءلة بحسب تكوينه الأحادي. وهذا بالضبط ما حدث وماهو حادث الآن من إقصاء لكثير من الكيانات الاثنية والجهوية والسياسية في ظل النظام الشمولي الحالي مقارنة بالأنظمة الديمقراطية على قصر مدتها، ودوننا من ذلك تجربة الديمقراطية الأخيرة التي تسنمت الأقاليم الهامشية تمثيلاً متوازياً حتى على مستوى رأس الدولة والوزارات الحساسة التي ظلت تتبادلها – بصورة أشبه بتبادل الكراسي- نخب (التنظيم) و(الاثنية) و(الشلة) خلال العقدين الأخيرين دون ان يدخل بينها (مشاتر) ان الديكتاتورية والشمولية يشكلان البيئة الخاصة لتفريخ التهميش والاقصاء والابعاد للآخرين وافقارهم وأيضاً لخلق الظروف المؤدية- حتما- لتحلل الوطن وتشظيه في الاتجاه الذي تسير عليه الأمور الآن، وفوق ذلك توفر الظروف الضرورية لرهن الوطن للإرادة الأجنبية، ان الديمقراطية الحقة هي التي توفر البيئة الصالحة ليس لمعالجة قضايا التهميش ودفن كل البؤر والأسباب المؤدية إليه، بل هي الشرط الضروري للاستقرار الاجتماعي والسياسي ولبناء الأمة وتماسكها ولتوفير أسباب نهضتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ان الصيغة الحاكمة الآن في السودان هي بلا أدنى شك الوصفة الكاملة لتشظي الوطن والدخول في حروب بين أطرافه المتشظية كما حدث في الصومال التي تلاشت أمام أعين بنيها.
    ان المنعة العسكرية ليست شطراً كافياً لقيام أمة قوية ولا المنعة الاقتصادية أيضاً كما تردد النخبة الحاكمة في السودان وان أنصع مثال على ذلك هو نموذج الاتحاد السوفيتي والذي تمدد عبر قارتين من اوروبا شرقاً إلى أواسط آسيا، وقد انهار كل ذلك البنيان في غياب الديمقراطية والحرية والمشاركة الحقيقية لقد انهارت عرى الدولة وعرى المجتمع وبقيت المفاعلات النووية الضخمة والمحطات الفضائية العالقة في الفضاء في حين تقسم الناس إلى عشرات الدول والدويلات وأصبحوا ينظرون إلى أيام (المجد) السوالف في ظل (الاتحاد السوفيتي العظيم) بأنها كانت أيام استعمار تحت هيمنة الدولة الروسية وهيمنة قومية الروس، ان مليون منشأة عسكرية أو صناعية مثل (أمجاد) لا تستطيع ان تبنى أمة وان غياب التنوع العرقي والاثني والتباين الديني في الوطن الواحد ليس شرطاً ضرورياً لخلق أمة متجانسة ومتماثلة ومتماسكة، ودوننا من ذلك تجربة الدولة الصومالية ذات العرق الواحد والدين الواحد لكن في ظل النظام الشمولي القابض الرافض لمشاركة الجميع والذي فشل في العدل بين مكونات المجتمع انهار النظام وانهارت الدولة وانهار معها المجتمع أيضاً، وصارت الصومال في قائمة الدول المفقودة (lost and found) والتي ينتظر المجتمع الدولي عودتها حيث ان مقعدها ما زال شاغراً في الأمم المتحدة، ان أمة كاملة قد تفرقت بين دول العالم وأضحت في حالة لجوء بكل مكوناتها وذاك ما أهداه الدكتاتور سياد بري لشعبه الكريم، ومات سياد بري أيضاً لاجئاً ودفن جثمانه في الملجأ وبعده لجأت الأمة الصومالية في كل العالم.
    ان الدولة الهندية التي يعيش في كنفها أكثر من مليار نسمة يتوزعون على مئات الطوائف (castes) والطبقات (classes) والاثنيات (ethnic groups) والأديان قد حافظت على تماسكها ووحدتها (بعد انفصال باكستان) وأضحت الديمقراطية الأكبر في العالم والآن لقد اكتملت كل العوامل الشرطية لأن تقدم الهند للعالم مارداً اقتصادياً وعلمياً جباراً في خلال عقود من هذا القرن.
    ان الهند بكل هذا الزخم السكاني والتنوع قد تمكنت من ان تكون من أقوى عشرة اقتصاديات في العالم (قياساً بمعدل النمو السنوي الذي قارب العشرة بالمائة) وأضحت قوى اقليمية حول اقليم الهملايا والمنافس الأول للصين في آسيا بل وفي التنافس التجاري حول افريقيا وابداً سيظل واقع الديمقراطية المستقرة منذ العام 1948 هو التفسير الأول – مع عوامل ثانوية أخرى- لاستقرار ونهضة الهند وتفوقها الحالي والمرتقب.
    على النخبة السودانية الحاكمة ان تتعلم من التجربة الهندية حيث ان الغالبية العظمى من السكان يدينون بالديانة الهندوسية في حين ان رئيس الجمهورية (السابق) كان مسلماً (وهو البروفيسور ابو الكلام مؤسس البرنامج النووي الهندي)، مع ان المسلمين يشكلون حوالي 20% من السكان حسب الاحصاءات الرسمية، وان رئيس الوزراء (البروفيسور ماكموهان سنج) من قومية السيخ الذين يشكلون حوالي 5% من السكان وان زعيم حزب المؤتمر الهندي الحاكم هو السيدة سونيا غاندي (أرملة راجيف غاندي رئيس الوزراء الأسبق) وهي ايطالية الأصل، ان هذا ما يمكن ان يطلق عليه (ايثار) (الأغلبية) في سبيل خلق المناخ المواتي والمفضي للتوحد ولتطييب خواطر الأقليات والاثنيات الهامشية التي عانت كثيراً من الاقصاء والأبعاد.
    ان الأوطان الكبيرة تبنيها القلوب الكبيرة والعقول المستنيرة والنوايا الصادقة والإرادة الجمعية القوية (collective will).
    ان البندقية لا تبني وطناً ولا الديكتاتورية المسنودة بالقوانين المكبلة للحريات ولا الاستفراد بالسلطة وان طال أمده، ولا حتى الرفاهية التي تطعم الناس بملاعق من ذهب في غياب الحرية والعدالة، ان الأوطان تبنيها الحرية - التي في حدها الأدنى- تعني تحقيق الذات الفردي (self realization) وذوبانها في الأنا الجمعي (we) والذي نطلق عليه الأمة ذات الوجدان الواحد.
    والحرية تعني المشاركة في اختيار الطريق المشترك والسبيل المشترك والغاية المشتركة التي تحددها الإرادة الجمعية للأمة.
    والحرية- في حدها الأعلى- تعني المساواة والعدل ليس لأنه ضرورة للتوحد بل لأنه قيمة يتم حولها الاجتماع والاجماع، وكل ذلك لا سبيل له غير الديمقراطية وهي الصيغة الأمثل التي تعارفت عليها البشرية حتى الآن لتبادل السلطة سلمياً ولتحقيق الحرية والعدالة والمشاركة وكلها ضمانات أساسية للنهضة وللاستقرار وللسلام الاجتماعي الذي افتقده السودان في ظل النظام الشمولي الحاكم.
    وفي غياب كل ذلك تكون النخبة الحاكمة في السودان قد قدمت وصفة سحرية لانتحار الهامش والذي يعقبه انتحار الوطن وانتحار النخبة الحاكمة نفسها.
                  

08-08-2010, 03:34 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    Quote: د. حامد البشير ابراهيم

    (15 )

    نموذج مقترح للمعالجة ووقفات للتأمل والمراجعة والتقويم



    Avatar

    في البدء هذا النموذج لا يشير بالضرورة إلى دولة محددة بعينها, لكنه يمكن ان ينطبق على كل دولة بما فيها الحالة السودانية. وهذا النموذج ينبني على ملاحظات نظرية ومنهجية مستقاة من كل منظومة الدول النامية (وأحياناً المتطورة أيضاً) التي لازمها كثير من الخلل والإضطراب في الوصول إلى صيغة متوازنة ومستقرة لتقسيم السلطة والثروة بين مختلف فعاليات المواطنين فيها. وفي هذا السياق فإنّ الولايات المتحدة الأمريكية هي حتماً إحدى تلك النماذج، وكذلك كينيا التي سيطرت عليها ثقافيا وإقتصادياً وسياسياً إثنية الكوكويو لردحٍ من الزمان قبل ان تكون الغلبة السياسية لاثنية الكلنجن التي ينتمي اليها دانيال أراب موى, والأولى ينتمي إليها جومو كينياتا. أو في أمريكا التي سيطرت عليها مجموعة الـ (WASP) كما ذكرت سابقاً. أو في حالة رومانيا التي يمثل فيها الغجر (gypsies) أكثر من 10% من السكان ولكنهم يمثلون ايضا أكثر من 60% من فقراء ذلك البلد, ومشاركتهم في السلطة تقل عن 1%. وظل الغجر لقرون مبعدين من مراكز صنع القرار في رومانيا التي أتوها من الهند قبل اكثر من خمس قرون كعبيد مهجرين في زمن الامبراطورية الرومانية عبر درب الحرير الشهير الذي يعبر من الصين إلى أوربا براً ويمر عبر أوروبا الشرقية.

    وهكذا الحال في كثير أو أغلب دول العالم الثالث التي يطغى على تركيبتها الديمغرافية التعدد الإثني والولاءت الجهوية. في الهند مثلاً ان مجموعات (الداليت) او المنبوذين المعزولين (untouchables) يصل عددهم إلى أكثر من 160 مليون أي حوالي (9%) من جملة سكان الهند البالغ اكثر من مليار نسمة، إلا ان مشاركتهم (الداليت) في السلطة والثروة ظلت هامشية إلى حدٍ بعيد وأن مسألة إدماجهم في المجتمع وإشراكهم في التفاعل السياسي والعمل الإقتصادي ظلت احدى هموم القطاع الاجتماعي والتنمية الاجتماعية في الهند وتعاونها في ذلك كل برامج الامم المتحدة والقروض والاعانات الدولية الأخرى.

    كما أن الحروب الإثنية في نيجيريا (بيافرا) وحروب البحيرات العظمى (الكونغو) وصراعات السلطة في يوغندا بين النوبيون والبوقاندا والكاراماجونج) وصراعات التوتسي, القبيلة الأقلية الممسكة بزمام السلطة والهوتو الأغلبية العددية المستضعفة تاريخياً، وصراعات السودان المسلحة بين الشمال والجنوب ودارفور وجبال النوبة وشرق السودان والنيل الأزرق وغيرها من الصراعات السياسية التي ميزت الحراك السياسي لدول ما بعد الاستقلال في أفريقيا. وتبعاً لذلك, أرتدت الأجندات القومية وتراجعت من بناء الدولة الحديثة وتوفير الرفاهية لعامة الشعب بخروج الاستعمار في الخمسينيات، وتراجعت تلك الأجندات إلى أساسيات وهموم تعريف الدولة القومية ذاتها وحدودها ومجرد بقاءها كمخلوق معنوي. إن هذا التراجع والانحدار السياسي ليس فقط لغياب المشروع النهضوي في الاطار الأفريقي بل إلى إبتداع النخب الحاكمة لاليات للحراك والتنافس السياسي تتنافي مع مبدأ إقتسام وتداول السلطة بصورة سلمية نزيهة وسلسلة. وأيضاً لاستخدام هذه النخب للأثنية والقبلية كوسائط سياسية تديم عمر النخب الحاكمة وتكسبها جزءاً من الشرعية المفقودة وأيضاً لتمكنها من البقاء في الفاعلية السياسية إلى الدرجة التي أحدثت فيها ضرراً بليغاً ببناء الدولة القوميةِ.

    ولكن, طالما أن كثيراً من الحركات السياسية المناوئه قد رفعت شعار العدالة (الذي أخلَّت به الدولة) فلا بد اذن من إبتداع نموذج أولي ومبسط لتحليل ظاهرة عدم التوازن الاثنى والجهوي (أي التهميش) في إقتسام السلطة والثروة كما تعكسه بنية الدولة الحديثة في أفريقيا وكما يعكسه حراك وتطور وتراتبية المجتمع فيها أيضاً.

    يمكن تحليل إقتسام السلطة (المركزية) على ضوء البناء الرسمي للدولة الحديثة والتي تتكون الحكومة فيها من الأجهزة التالية:

    أولاً: الجهاز السيادي في الدولة ويشمل رئاسة الجمهورية. والسؤال الأساسي في هذا المحور هو عن وتيرة تداول السلطة على مستوى رئاسة الجمهورية بين مختلف الاقاليم والقوميات او الجماعات الثقافية المكونة للنيسج الإجتماعي القومي.

    ثانياً: تحليل وبنية الجهاز التنفيذي في الدولة والذي يمكن تقسيمه إلى القطاعات التالية:
    القطاع الاقتصادي: ويشمل وزارات المالية والتخطيط ؛ التجارة الصناعة؛ الزراعة؛ الطاقة والبترول؛ الثروة الحيوانية؛ الري البنك المركزي, البنوك المملوكة للدولة, البنوك التجارية, الشركات والمؤسسات الكبرى المملوكة كلياً أو جزئياً للدولة مثل الناقل الوطني (الخطوط الجوية) والخطوط البحرية, الضرائب.

    وتحليل بنية هذا القطاع تشتمل على الآتي: وتيرة تداول قيادة الوزارات والمؤسسات الاقتصادية المذكورة أعلاه خلال فترة زمنية معينة يمكن ان تمتد إلى خمسين عاماً. ويشتمل التحليل أيضاً على: من هم الوزراء لهذه الوزارات؟ من هم المدراء للادارات والهيئات؟ ما هي اهم خمسة شخصيات في كل وزارة خلال الفترة الزمنية المحددة بما فيها مدراء الإدارات الذين يرسمون السياسة لتلك الوزارة او المؤسسة؟ وأخيراً يجب ان يستوعب التحليل الإنتماء الاثنى والثقافي والجهوي والإداري لشاغلي المناصب بحيث يتسنى للباحث تحديد أوجه الخلل والإنحرافات المعيارية.

    ثالثاً: القطاع السيادى ويشمل: وزارة الخارجية؛ وزارة العدل؛ المحكمة الدستورية؛ النائب العام.

    وفي هذا الاطار يمكن إسقاط المتغيرات الاساسية, وهي الجهة والمجموعة الثقافية والإثنية والإدارية, على التواتر الوظيفي في قيادة هذه المؤسسات الأربعة. وبصورة أدق واعمق يمكن تحليل بنية الكادر الدبلوماسي من السفراء ونواب السفراء والوزراء المفوضين والمستشارين حسب المناطق والتركيبة الإدارية والاثنية/الثقافية في السودان. وبذات القدر يكون التحليل لقضاة وزارة العدل حسب تراتبيتهم ووظائفهم. وكذلك الحال يكون الأمر لوزير العدل خلال الفترة الزمنية المحددة وكذلك لنوابه ولأهم الشخصيات في الوزارة التي تكون معه النواة لرسم السياسات ولتنفيذها ولإدارة وزارة العدل. وكذلك الحال للنائب العام وأيضاً لرئيس وقضاة المحكمة الدستورية.

    رابعاً: القطاع الأمني والدفاعي ويشمل: وزارة الدفاع, وزارة الداخلية, الأمن والاستخبارات. وتحليل هذا القطاع لا يختلف عن غيره من القطاعات الاخرى ولكن بالضرورة الإجابة على اسئلة اضافية من شاكلة: ما هي المجموعات الاثنية والأقاليم التي ينتمي إليها معظم قادة الجيش والشرطة والأمن والاستخبارات في البلاد؟ وما هي المجموعات الإثنية والاقاليم والمجموعات الثقافية التي ينتمي اليها معظم صف الضباط والجنود في بنية القوات الأمنية والشرطية والدفاعية في البلد المحدد؟ وما هو التناغم بين نسبه الضباط والجنود على قياس نسبة المجموعات الاثنية أو الإقليمية من جملة السكان في البلاد؟ وإلى أي مدى يمثل ذلك إختلالاً؟

    خامساً: القطاع الإجتماعي (Social Sector) ويشتمل على: التعليم, الصحة, الرعاية الاجتماعية, الكهرباء, المياة, الزكاة, الشباب والرياضة. والتحليل هو بلاشك نفس التحليل: ما هي اهم ملامح بناء القوة وتركيبه السلطة في وزارات القطاع الاجتماعي ويشتمل ذلك على: تحليل الذين احتلوا قيادة الوزارة او المصلحة خلال فترة زمنية محددة. من هم مدراء الادارات خلال ذات الفترة و يشمل ذلك انتماءاتهم الثقافية والاقليمية والاثنية والإدارية أيضاً. وبالطبع هناك اسئلة وموجهات عامة يقتفيها التحليل النقدي مثل: من هم (من ناحية اثنية وإقليمية) الذين يسيطرون على الوزارات الأهم في الدولة خلال الخمسين عاماً الأخيرة. وتشتمل هذه الوزارات على المالية، الدفاع، الداخليةِ، البترول والمعادن (الطاقة) ثم الوزارات التي تليها مثل التجارة والصناعة ثم وزارات القطاع الإجتماعي الخدمية مثل الصحة والتعليم والرعاية الإجتماعية والشباب والرياضة.

    سادساً: الإعلام: ومن الأهمية بمكان تحليل بنية الجهاز الاعلامي وشاغلي الوظائف الاساسية فيه والاعلاميين والصحف القومية والصحفيين طالما ان كل هذه الأجهزة تعبر عن الثقافة الغالبة وعن تشكيل وصياغة الرأي العام. ومن الضروري الإجابة على الاسئلة المحورية التالية في أثناء التحليل: من هم قادة الأجهزة الاعلامية خلال خمسين عاماً مثلاً تركيبتهم الاثنية والثقافية وانتماءاتهم الاقليمية وتبعيتهم الإدارية؟ وكذلك الحال للمالكين للصحف القومية. ولمدراء التحرير. ولكبار قادة العمل الصحفى.

    سابعاً: المؤسسة الأكاديمية: وفي ذات الاطار يكون تحليل كبريات المؤسسات الأكاديمية والبحثية التي تسهم أيضاً في صياغة النخب وفي تشكيل الرأي العام وذلك عن طريق القيادات والادارات الفاعلة فيها خلال فترة زمينة محددة. وفي هذا المحور يكون السؤال عن من هم الذين يكتبون التاريخ القومي ومن هم الذين قد كتبوه؟ هل هم يتكونون من مجموعات اثنية وثقافية من معظم أجزاء القطر؟ وهل أنعكس ذلك التنوع (إنْ وُجِدْ) في كتابة التاريخ وفي عكس كل حيثياته وتدافعاته وصيروراته واحداثه بحيادية ام كان هناك تحيزاً قد طغى فيه البعد أو المنظور الاثني والجهوي في قراءة الأحداث التاريخية وسردها مع التركيز على بعضها دون الآخر. أم هل عمل الذين كتبوا التاريخ على تنميط بعض الاثنيات بمعنى ان خلقوا منها صوراً نمطية تشكلت في أيديولوجيا وفكر الكبار والصغار عن طريق التنشئة (socialization) ولتكون دعماً للبناء الاجتماعي غير المتوازن (sub-structure)؟

    ثامناً: مشروعات التنمية القومية: وفي هذا الاطار يمكن تحليل الآتي خلال مدة زمنية محددة (خلال خمسين عاماً): ما هي مشروعات التنمية القومية الكبرى وتوزيعها حسب الاقاليم؟ ما هي النسبة المئوية للصرف على التنمية حسب الأقاليم؟ ما هي نسبة السكان للخدمات الاجتماعية (من صحة وتعليم وغيرها)؟ ما هي وتيرة زيارة المسؤولين للاقاليم المختلفة؟

    تاسعاً: ردود الافعال لعدم التوازن التنموي: من أي الاقاليم والاثنيات برزت تنظيمات وكيانات سياسية؟ هل هذه المجموعات الاثنية والإقليمية هي الأقل نمواً في حدود القطر؟ هل هذه المجموعات الإثنية هي الأقل مشاركة في توزيع الثروة وفي السلطة على المستوى القومي؟ كم نسبة هذه المجموعات الإثنية من مجموع سكان القطر؟

    الخاتمة :

    إن التهميش كظاهرة كان موجوداً منذ عقود وقبل مجيء الانقاذ للحكم بكثير. بل كان موجوداً منذ العهد الاستعماري في السودان (1899-1955). وخلال سنوات الحكم الوطني في فترة ما بعد الاستقلال كان التهميش وعدم التوازن يتم نتيجة لترتيبات ادارية على ايدي بيروقراطية الخدمة المدنية. لكن خلال سنوات حكم الانقاذ حدث تغير نوعى في صناعة وادارة التهميش بأن أصبح خطاً وخطاباً ونهجاً سياسياً بالإضافة إلى كونه برنامجاً للدولة يرعاه ويخطط لـه ببراعة التنفيذيون والسياسيون ويترك امر التنفيذ فقط للخدمة المدنية على خلاف العهد القديم. وهذا تحديداً ما يمكن ان يطلق عليه لفظة "تسييس الظلم" والابقاء على التهميش مع سبق الإصرار. إنّ لأغلب دول العالم تجارب ثرة في دراسة ظاهرة التهميش والإختلالات القومية وفي وضع السياسيات والإجراءات الإدارية الكفيلة بتحقيق الاندماج القومي (social inclusion) بحيث ان كل فرد في المجتمع – وخاصة من المجموعات المهمشة (socially excluded groups) يحس احساسا عميقاً وصادقاً بالإنتماء نتيجة لمشاركته ولإسهامه ولشعوره بأنه جزء مهم من منظومة المجتمع الكلية وله دور وعطاء ومعنى في هذه المجموعة بل لدرجة ان ينتابه شعور بالفخر والاعتزاز بالإنتماء إلى مجتمعه الكبير المرحاب الجامع (inclusive society).

    وأيضاً أن مثل هذه الدراسات قد أصبحت وسيلة هامة للدولة التي تعتمد التفكير والتخطيط العلمي لحل مشكلاتها خاصة في تحقيق الاندماج الإجتماعي لبعض فئات المجتمع المهمَّشة أو المعزولة مثل مجموعات المهاجرين الجدد لعواصم الغرب وأمريكا الشمالية وكذلك مجموعات الأقليات الإثنية والدينية.

    ان هناك وقفات ضرورية للدول والمجتمعات الناضجة والواعية للتأمل والتدبر بقصد مراجعة وتقويم سيرورات الحراك والاندماج الاجتماعي القومي وأيضاً لتحليل أوضاع المجموعات التي تركت خلف حراك المجتمع وتدافعاته (left-out) أو حدث تجاه بعض المجموعات شيء من التمييز – عفو الخاطر أو غير ذلك – في اثناء مسيرة حياة وتطور ذلك المجتمع أو تلك الأمة. وعليه فما زال الأمل كبيراً أن يخرج السودان من مأزق التهميش ومتلازمات الحروب الأهلية والتفكك القومي لا بالوعود التي لا تتحقق ولا بالاتفاقيات الجزئية والتي هي "كالمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى"، بل بالموضوعية والمنهجية العلمية والتحليلية المسنودة بقياسات علمية محايدة تغوص عميقاً في جذور المشكلات لا في أعراضها وتمظهراتها وإفرازاتها.

    للخروج من هذا المأزق التاريخي الذي وجد فيه السودان ذاته، ولقطع الطريق امام المغالطات المفضية لمزيد من الحروب الجهوية والإثنية فانني أناشد رئاسة الجمهورية والجهاز التشريعي وقيادات الاحزاب القومية وكل فعاليات المجتمع المدني بما فيه المؤسسات الأكاديمية، اناشدهم جميعاً بتكوين ودعم لجنة قومية بتفويض مقدر ومعتبر لدراسة ظاهرة التهميش وعدم التوازن في السلطة والثروة, دراسة مستفيضة وشاملة ورفع تقريرها وتوصياتها لرئاسة الجمهورية وللبرلمان لتحقيق الآتي:

    أولاً: تحديد الأسباب الجذرية (root causes) التي تقف خلف ظاهرة التهميش وأشكالها وتمظهراتها وآثارها.

    ثانياً: دراسة عميقة للأسباب الثانوية وتمظراتها.

    ثالثاً: تحديد الأقاليم والمجموعات الإثنية والفئوية مثل الرعاة الأكثر تأثراً بهذه الظاهرة.

    رابعاً: إيراد توصيات محددة لمعالجة الظاهرة وآثارها عن طريق إجراءات ومعادلات ادارية وسياسية واقتصادية واجتماعية مثل التمييز الايجابي وتخصيص كوتات أو مخصصات (Reservations) في مجالات التعليم والصحة والتنمية اسوة بكثير من دول العالم التي تعاني من بعض إشكاليات عدم التوازن التنموي وعدم الاندماج الإجتماعي المرتبط بالتنوع الاثني والجهوي. وخير نماذج لهذه المعالجات توجد في بلدان مثل الهند التي استطاعت عن طريق مثل هذه الترتيبات المحافظة على كيان قومى في غاية التنوع والتباين لكنه رغم ذلك ظل متحداً ومترابطاً ومقدماً للعالم أكبر ديمقراطية في العصر الحديث قوامها فقط ستين عاماً لكنها حافظت على كيان دولة يزيد تعداد سكانها عن المليار نسمة بقليل.

    ان الأنظمة السياسية الأمينة والحادبة على مصالح شعوبها وأممها هي التي تهتدى بالعلم والمعرفة والموضوعية بعيداً عن الإنكار ودفن الرؤس في الرمال. وطالما أن هذه اللجنة ستلعب دوراً حاسماً – إن قدر لها النجاح – في تحديد إتجاهات وتدافعات الحراك السياسي الصحى في البلاد وتساهم بفعالية في تنشيط خلايا التوحد في النسيج السوداني وتقود إلى السلام الإجتماعي المفضى إلى بناء الأمة ونهضتها, أقترح أن تقودها عشرة شخصيات مشهود لها بالكفاءة والموضوعية والسجل العلمي والمهنى الحافل بالعطاء في السودان وعلى مستوى العالم: البروفيسور على عبد القادر على؛ البروفيسور يوسف فضل حسن؛ البروفيسور الطيب زين العابدين؛ البروفيسور قاسم يوسف بدرى؛ البروفيسور آدم الزين محمد؛ البروفيسور أحمد حسن الجاك؛ الأستاذ دفع الله الحاج يوسف؛ البروفيسور فدوى عبد الرحمن علي طه؛ الدكتورة الرضية آدم؛ الدكتور الطيب شمو.

    أختم وأقول: إننا لا يمكن أن نحمِّل الحاضر (والمستقبل) كل أوزار الماضي، الا اذا كان هناك ما يؤكد ان الحاضر (الاجتماعي) يستثمر في امتيازات الماضي ومخلفات التاريخ وكذلك يريد ان يبقى هذا الحاضر وشخوصه الفاعلين على الأوضاع كما هي في شكلها المعوج ويديمها لتصبح أيضاً سمة للمستقبل. هذا بالتأكيد مرفوض جملة وتفصيلاً وكذلك ليس من العدل ان نحمّل الأفراد والجماعات ذات الحظوة اليوم أخطاء الماضي الاجتماعي الذي أفرزته تدافعات وتفاعلات خلال حقب وبنى اجتماعية قد اندثرت (وإن بقى منها القليل). إنّ الأفراد الذين أوجدهم قدرهم في هذه الأوضاع المميزة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا (وتاريخياً) هم غير محاسبون بأخطاء حتميايتهم التاريخية التي أوجدهم فيها الأجداد والآباء – تلك صفحة من التاريخ يجب أن تطوى ما لم تظل تلقى بظلالها ويتشبث بها البعض لتحقيق مكاسب آنيَّة أو في المستقبل. إن التكسب بالتاريخ وبناه الاجتماعية الغير متوازنة وامتيازاته الضارة بالآخرين مرفوض في كنف الدولة القومية الحديثة التي تنشد المساواة بين مواطنيها والنهضة لهم جميعاً. ويقيني ان كل الممارسات التي تديم التهميش وتبقي على عدم التوازن التنموي في السودان هي وصفات (للعكننه) القومية وضارة في محصلتها النهائية بالنسيج الاجتماعي وبالمشروع القومي الوحدوي والنهضوي للسودان.
                  

08-08-2010, 03:35 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    Quote: د. حامد البشير ابراهيم

    ( 16 )

    الخاتمة : وقفات للتأمل والمراجعة والتقويم

    Avatar




    إن التهميش كظاهرة كان موجوداً منذ عقود وقبل مجيء الانقاذ للحكم بكثير. بل كان موجوداً منذ العهد الاستعماري في السودان (1899-1955). وخلال سنوات الحكم الوطني في فترة ما بعد الاستقلال كان التهميش وعدم التوازن يتم نتيجة لترتيبات ادارية على ايدي بيروقراطية الخدمة المدنية. لكن خلال سنوات حكم الانقاذ حدث تغير نوعى في صناعة وادارة التهميش بأن أصبح خطاً وخطاباً ونهجاً سياسياً بالإضافة إلى كونه برنامجاً للدولة يرعاه ويخطط لـه ببراعة التنفيذيون والسياسيون ويترك امر التنفيذ فقط للخدمة المدنية على خلاف العهد القديم. وهذا تحديداً ما يمكن ان يطلق عليه لفظة "تسييس الظلم" والابقاء على التهميش مع سبق الإصرار. إنّ لأغلب دول العالم تجارب ثرة في دراسة ظاهرة التهميش والإختلالات القومية وفي وضع السياسيات والإجراءات الإدارية الكفيلة بتحقيق الاندماج القومي (social inclusion) بحيث ان كل فرد في المجتمع – وخاصة من المجموعات المهمشة (socially excluded groups) يحس احساسا عميقاً وصادقاً بالإنتماء نتيجة لمشاركته ولإسهامه ولشعوره بأنه جزء مهم من منظومة المجتمع الكلية وله دور وعطاء ومعنى في هذه المجموعة بل لدرجة ان ينتابه شعور بالفخر والاعتزاز بالإنتماء إلى مجتمعه الكبير المرحاب الجامع (inclusive society).

    وأيضاً أن مثل هذه الدراسات قد أصبحت وسيلة هامة للدولة التي تعتمد التفكير والتخطيط العلمي لحل مشكلاتها خاصة في تحقيق الاندماج الإجتماعي لبعض فئات المجتمع المهمَّشة أو المعزولة مثل مجموعات المهاجرين الجدد لعواصم الغرب وأمريكا الشمالية وكذلك مجموعات الأقليات الإثنية والدينية.

    ان هناك وقفات ضرورية للدول والمجتمعات الناضجة والواعية للتأمل والتدبر بقصد مراجعة وتقويم سيرورات الحراك والاندماج الاجتماعي القومي وأيضاً لتحليل أوضاع المجموعات التي تركت خلف حراك المجتمع وتدافعاته (left-out) أو حدث تجاه بعض المجموعات شيء من التمييز – عفو الخاطر أو غير ذلك – في اثناء مسيرة حياة وتطور ذلك المجتمع أو تلك الأمة. وعليه فما زال الأمل كبيراً أن يخرج السودان من مأزق التهميش ومتلازمات الحروب الأهلية والتفكك القومي لا بالوعود التي لا تتحقق ولا بالاتفاقيات الجزئية والتي هي "كالمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى"، بل بالموضوعية والمنهجية العلمية والتحليلية المسنودة بقياسات علمية محايدة تغوص عميقاً في جذور المشكلات لا في أعراضها وتمظهراتها وإفرازاتها.

    للخروج من هذا المأزق التاريخي الذي وجد فيه السودان ذاته، ولقطع الطريق امام المغالطات المفضية لمزيد من الحروب الجهوية والإثنية فانني أناشد رئاسة الجمهورية والجهاز التشريعي وقيادات الاحزاب القومية وكل فعاليات المجتمع المدني بما فيه المؤسسات الأكاديمية، اناشدهم جميعاً بتكوين ودعم لجنة قومية بتفويض مقدر ومعتبر لدراسة ظاهرة التهميش وعدم التوازن في السلطة والثروة, دراسة مستفيضة وشاملة ورفع تقريرها وتوصياتها لرئاسة الجمهورية وللبرلمان لتحقيق الآتي:

    أولاً: تحديد الأسباب الجذرية (root causes) التي تقف خلف ظاهرة التهميش وأشكالها وتمظهراتها وآثارها.

    ثانياً: دراسة عميقة للأسباب الثانوية وتمظراتها.

    ثالثاً: تحديد الأقاليم والمجموعات الإثنية والفئوية مثل الرعاة الأكثر تأثراً بهذه الظاهرة.

    رابعاً: إيراد توصيات محددة لمعالجة الظاهرة وآثارها عن طريق إجراءات ومعادلات ادارية وسياسية واقتصادية واجتماعية مثل التمييز الايجابي وتخصيص كوتات أو مخصصات (Reservations) في مجالات التعليم والصحة والتنمية اسوة بكثير من دول العالم التي تعاني من بعض إشكاليات عدم التوازن التنموي وعدم الاندماج الإجتماعي المرتبط بالتنوع الاثني والجهوي. وخير نماذج لهذه المعالجات توجد في بلدان مثل الهند التي استطاعت عن طريق مثل هذه الترتيبات المحافظة على كيان قومى في غاية التنوع والتباين لكنه رغم ذلك ظل متحداً ومترابطاً ومقدماً للعالم أكبر ديمقراطية في العصر الحديث قوامها فقط ستين عاماً لكنها حافظت على كيان دولة يزيد تعداد سكانها عن المليار نسمة بقليل.

    ان الأنظمة السياسية الأمينة والحادبة على مصالح شعوبها وأممها هي التي تهتدى بالعلم والمعرفة والموضوعية بعيداً عن الإنكار ودفن الرؤس في الرمال. وطالما أن هذه اللجنة ستلعب دوراً حاسماً – إن قدر لها النجاح – في تحديد إتجاهات وتدافعات الحراك السياسي الصحى في البلاد وتساهم بفعالية في تنشيط خلايا التوحد في النسيج السوداني وتقود إلى السلام الإجتماعي المفضى إلى بناء الأمة ونهضتها, أقترح أن تقودها عشرة شخصيات مشهود لها بالكفاءة والموضوعية والسجل العلمي والمهنى الحافل بالعطاء في السودان وعلى مستوى العالم: البروفيسور على عبد القادر على؛ البروفيسور يوسف فضل حسن؛ البروفيسور الطيب زين العابدين؛ البروفيسور قاسم يوسف بدرى؛ البروفيسور آدم الزين محمد؛ البروفيسور أحمد حسن الجاك؛ الأستاذ دفع الله الحاج يوسف؛ البروفيسور فدوى عبد الرحمن علي طه؛ الدكتورة الرضية آدم؛ الدكتور الطيب شمو.

    أختم وأقول: إننا لا يمكن أن نحمِّل الحاضر (والمستقبل) كل أوزار الماضي، الا اذا كان هناك ما يؤكد ان الحاضر (الاجتماعي) يستثمر في امتيازات الماضي ومخلفات التاريخ وكذلك يريد ان يبقى هذا الحاضر وشخوصه الفاعلين على الأوضاع كما هي في شكلها المعوج ويديمها لتصبح أيضاً سمة للمستقبل. هذا بالتأكيد مرفوض جملة وتفصيلاً وكذلك ليس من العدل ان نحمّل الأفراد والجماعات ذات الحظوة اليوم أخطاء الماضي الاجتماعي الذي أفرزته تدافعات وتفاعلات خلال حقب وبنى اجتماعية قد اندثرت (وإن بقى منها القليل). إنّ الأفراد الذين أوجدهم قدرهم في هذه الأوضاع المميزة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا (وتاريخياً) هم غير محاسبون بأخطاء حتميايتهم التاريخية التي أوجدهم فيها الأجداد والآباء – تلك صفحة من التاريخ يجب أن تطوى ما لم تظل تلقى بظلالها ويتشبث بها البعض لتحقيق مكاسب آنيَّة أو في المستقبل. إن التكسب بالتاريخ وبناه الاجتماعية الغير متوازنة وامتيازاته الضارة بالآخرين مرفوض في كنف الدولة القومية الحديثة التي تنشد المساواة بين مواطنيها والنهضة لهم جميعاً. ويقيني ان كل الممارسات التي تديم التهميش وتبقي على عدم التوازن التنموي في السودان هي وصفات (للعكننه) القومية وضارة في محصلتها النهائية بالنسيج الاجتماعي وبالمشروع القومي الوحدوي والنهضوي للسودان.
                  

08-08-2010, 03:38 PM

بريمة محمد
<aبريمة محمد
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 13471

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    الأخ ياسر
    سلامات ..
    أرجو أن لا تغرق البوست .. ضع الوصلات كلها فى وصلة واحدة ..

    أنا مهتم بقراءة المادة التى جلبتها للأخ الدكتور حامد ..


    تحياتى

    بريمة
                  

08-08-2010, 05:37 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: بريمة محمد)

    Quote: أرجو أن لا تغرق البوست .. ضع الوصلات كلها فى وصلة واحدة

    يا بريمة العربي الحُرررر ، أنا لغاية هسِع مُلتزِم بِشرح قاموس عَون الشريف قاسِم ، لإسمك [بريمة : حديدة حِمار] ما تِضطراني أتجاوز الشرح القاموسي إلى التشريح السريري ... يِغريقو ولا يِخْنِقو إنت مالك يا سئيل ... العمود ده إنت إفْترعتو ... حقك يا حديدة الحِمار ... والله إنت لو عِندك راس كُنت قريت الكلام الجلبو لينا ياسِر ده كلمة كلمة ، لأنو بِصُب تمامًا في هدف ها العمود ... بس نقول شنو فوق حاجتين غلبت البشر :

    - الشلاقا
    - البلم
                  

08-08-2010, 06:20 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    بريمة حديدة الحِمار
    Quote: وللعلم يا عزام فى أمريكا لو كتبت أن عرقى هو "حديدة الحمار" .. لا يسألنى أحد لا فوق لا تحت .. تقبل هكذا أن عرقه حديدة الحمار ..! هل فهمت أن الناس مؤتمنة على أعراقها .. وليس هناك فى الدنيا إنسان يعرف عن أعراق الناس أكثر منهم عن ذاتهم .. ثم لماذا سؤال العرق فى أمريكا؟ .. الدولة تدرس فى مؤسساتها الرسمية الأحصاءات الأثنية حتى تتعرف على مواضع الخلل فى السياسات تجاه المكونات السكانية .. دعنى أضرب ليك مثل: فى خلال الأزمة المالية الأمريكية الحالية ثبت أحصائياً أن الأقليات مثل السود والأسبان تأثروا بنسبة كبيرة جداً فى فقدان وظائفهم .. والأحصاءات أيضاً تشير أن المرأة ربة المنزل (وما أكثرهن فى الغرب) تأثرت كغير المرأة التى تعيش حياتها فى خارج إطار الأسرة .. حينما عرفت الدولة الخلل وضعت برامج أقتصادية وتنموية لسد الثغرات ..

    مُش قُلت ليكُم ما حيِكْتِب كتب شنو في خانة السؤال عن العِرق في إسْتِمارة طلب الإقامة في أمريكا ... مُمكِن أخمِن يا بريمة حديدة الحِمار؟ كتبت [زنجي] لو أنا غلطان قول حاجة
    ــــــــــــــــــ
    Quote: أنت يا عزام فقدت الحاكمية الأخلاقية

    Quote: أنت لا تستطيع أن تكرب الضحوة مع أمرأة من نساء الغرب ناهيك عن رجل غرابى وبقارى متربى فى البادية مثلى ..

    شوفو ... مثلاً

    وإنت فقدت شنو ، لامِن إتبريت مِن عِرقك وإتدعيت إنك عربي؟ في سقوط أخلاقي أكتر مِن كِده؟ لا ما سقوط أخلاقي ، أنا سحبت الوصف ده ... لأن السقوط زاتو عاوِز درجة مِن الذكاء ... إنت ما براك يا زول ... شايِل تفاصيل كلاسيكِية للزنجي (لون/نخره/شعر قُرقُدي ... إلخ) وبتقول لِلبشر أنا والله عربي ... أفتكِر الموضوع كِده أخد أبعاد تانِية ... إنت ما تراجع طبيب ... عادي ... فيها شنو؟

    ــــــــــــــــــ
    Quote: الأخ محمد أدم الحسن .. والله يا عزام أمثال محمد من أبناء الغرب يفوقونك سنين ضوئية من حيث منهج تفكيرهم .. وتفكيك الأزمة السودانية ..

    طَيِب وين المُشكِلة؟ حصل قريت لي إني بدعي إني عبقري أو مُفكِر ... عادي جِدًا يِكون محمد آدم الحسن وعُثمان عبدالفضيل وأبوبكر طه وجعفر قاسم و ... و ... و بِفوقوني علم وتفكير وطبع كمان ... المُشْكِلة وين؟ (دايِر تصطاد في الميعه ... حليلك)
    ــــــــــــــــــ
    كتب بريمة :
    Quote: لاحظ فى منبر عام تكتب "لو أنت راجل" !! ..



    كتب عزام :
    Quote: ولو إنت راجِل تمام يا بريمة

    المعنى المريض الإنت فهمتو أنا تربيتي ما بتخليني أوصلو ... للأسف فهمت كلامي حسب عقليتك العفنه
    ــــــــــــــــــ
    وبعدين شايفك مريت على المُستند الجلبتو ليك الفوقو توقيع عبدالرحمن المهدي إبن سَيِدة نِساء الأنصار ، البِحنِس فوقو الخواجا الكافِر ، علشان ما يلغي الرِق في السودان ...

    وبعدين التاريخ العندي مرجعو ... بِقول عبدالرحمن المهدي (إبن سَيِدة نِساء الأنصار ، حسب وصفك) + سَيِدة نِساء الأنصار (حسب وصفك) كانو عايشين في ضنك بِقرية مِن قُرى النيل الأبَيض ... في الوكت داك ، الأنصار كانو وين؟ ولو فِعلاً ، المره عِندكُم بِوصفك الكتبتو إنت ده

    Quote: أنت لا تستطيع أن تكرب الضحوة مع أمرأة من نساء الغرب ناهيك عن رجل غرابى وبقارى متربى فى البادية مثلى ..

    تبقى حاجة غريبة؟ ليه هملتو عبدالرحمن المهدي (إبن سَيِدة نِساء الأنصار) ومقبولة (سَيِدة نِساء الأنصار) ولولا الخواجا ، مَول عبدالرحمن المهدي بِالفلوس ، علشان يِوازِن الكفه مع علي الميرغني ، كان الناس ديل راحو شمار في مرقة ... موقف الأنصار مِن مقبولة (سَيِدة نِساء الأنصار) بخليني أسأل ليه عملتو كِده ... ما لقيت خِيارات كتيره :
    - يا إما إنتو ما أنصار والحِكاية كانت مصالِح وبس
    - يا إما مقبولة لا سَيِدة نِساء الأنصار ولا شِتين

    ـــــــــــــــــــ
    Quote: أنت لا تستطيع أن تكرب الضحوة مع أمرأة من نساء الغرب ناهيك عن رجل غرابى وبقارى متربى فى البادية مثلى ..

    ياخ على الأقل أنا عملت عمود كامِل لإقامة دعوى قضائِية فوق التُرابي ... إنت وغيرك عملتو شنو في حديث <الغرباوِية/الجعلي>؟ لبتو مالكُم يا كافي البلا؟
                  

08-08-2010, 06:35 PM

محمد ادم الحسن
<aمحمد ادم الحسن
تاريخ التسجيل: 04-22-2009
مجموع المشاركات: 2177

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    إذن
    في موضوع البوست نقول

    جزء من الصراع في دارفور هو عدم توفر الخدمات والبرامج التنموية (وهنالك خلفية تاريخية لها أثر) سوف نشير إليها كمقدمة للنقاش.
    سلطنة دارفور كانت مملكة منذ الحرب العالمية الأولي وعضو في عصبة الأمم ، عندما قامت الحرب العلمية الثانية وقفت الي جانب تركيا وألمانيا
    وعقاباً لموقفها ذلك تم غزوها وضمها إلي السودان الحديث سنة 1916 وإمعاناً في إذلالها طلب الانجليز عدم تقديم أي فرص تنموية وخدمية لها.
    - أول مدرسة ثانوية كانت سنة 1956 التي تحولت في عهد الإنقاذ إلي مركز لتمويل مليشيات الدفاع الشعبي ومن ثم ضمت الي جامعة الفاشر.
    أقام الانجليز مشروع الجزيرة لزراعة القطن لتمويل مصانع لانكشير في بريطانيا
    – فوجئ الانجليز بأن السكان في الجزيرة قبائل رعوية ولا يميلون إلي العمل اليدوي
    – وكان لديهم اعتقاد أن العمل اليدوي عمل دوني.
    في حين أن مملكة دارفور كانت هضبة زراعية جلبوا منها أعداد كبيرة من العمال ليشتغلوا في مشروع الجزيرة.
    To stay as shoulders stock
    - البقارة في دارفور لهم ميول عسكرية.
    - تم حرمان دارفور وكردفان من خدمات التعليم لتكونان مصدر للأيدي العاملة في مشروع الجزيرة من ناحية ، وكمصدر أيضاً للجنود من ناحية أخري. لما تمت السودنة
    – سودنة الوظائف اقصد تم توزيع 888 وظيفة كان حظ كردفان ودارفور منها (ولا وظيفة واحدة)
    - سنة 2005 إتعملت إحصائية كان 80% من الجنود في القوات المسلحة من غرب السودان وكان هنالك 7500 ظابط في القوات المسلحة 5700 منهم من شمال السودان - لم يكن هنالك اي مشروع تنموي البته في عهد الإنجليز.
    - لما جاءت الحكومات الوطنية وتعاقبت بعد خروج الاستعمار ، تم إنشاء مشروعين فقط
    1- مشروع سمي : مشروع العناية البيطرية في جنوب دارفور – منطقة الغزالة جاوزت
    2- مشروع ساق النعام في شمال دارفور
    - في دارفور هنالك طريق واحد فقط معبد هو طريق (نيالا – كاس – زالنجي) طوله 186 كم انشأ سنة 83 بمنحة من حكومة ألمانيا لان دارفور كانت لها علاقة صداقة بولاية سكسونيا السفلي.
    إقليم بحجم فرنسا وليس فيه شارع ظلط واحد
    هل تعلم لغاية الان في ولاية غرب دارفور ماشافوا شارع معبد نهائي.

    أواصل الحديث...
                  

08-08-2010, 06:42 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    السَيِد / محمد آدم الحسن
    كيف حالك؟ علك طَيِب

    Quote: أعتقد أن مراجعة كل التجارب السودانية لا سيما تجارب دارفور السياسية قد تسفر عن كثير من الدروس المستفادة وممكن أن يسفر هذا البوست ببداية المداخلة الرائعة للأستاذ عمر ساكن عن درس في غاية الإفادة.

    ده كلام صاح وأنا معاهو ظاهِر وباطِن
    ـــــــــــــ
    Quote: الكتاب الأسود يعبر عن رؤيا أيدلوجية لحركة العدل والمساواة.. بالتالي سحبه علي كل دارفور يعبر عن نوع من الخلل المنهجي للبحث المنتظر...وبالطبع النتائج وهو ما جر الحديث بعيداً عن الموضوع...لسوء ترتيب أولويات النقاش

    لا لا أنا ما دايِر أسحب الكِتاب الأسَود على كُل غرب السودان ... أنا إسْتئنست بيهو بس ، في العِنوان والمنهج والغاية ... أنا ذكرت الكِتاب الأسَود ، علشان أقرِب بس فِكرة < الكِتاب الأزرق > لِلناس
    ـــــــــــــ
    Quote: مشكلة دارفور في نظري تتعلق بأزمة مركزية السلطة في السودان ، والتهميش بابعاده الثقافية ، والإقتصادية والسياسية.
    إذا كنت علي إستعداد لتفيك صور هذا التهميش سوف نناقش، أما إذا كان (كمناطحة طواحين دون كيخوت) فلك منا العذر.

    يا محمد ياخ أنا فتحت عمود وشرحت هدفو ولُغتي ما فوقا تعدي على زول إلا مَن سلطنا علَيهِ الله تعالى بِذنبِهِ وما فعلت يداه ، عاوِز تفكك صُور التهميش الحاصِل في دارفور حبابك وبكيل ليك مِن ماعونك ... عاوِز تصنِف العمود وخِطابي (كمناطحة طواحين دون كيخوت) إنت حُر والله لا عادك ... وطالما أنا قِدرت أتخطى مرحلة المُراهقة ، بقدر أدير عمودي ده برضو ... يعني ما تِشْترِط علي شُروط مُسبقة علشان تكتِب في عمودي وتِداخل معاي ... أكتِب زي ما عاوِز ... الوضع بعدين ما عجبك ... تفتح الباب وتمشي بِوشك ... بس كِده
    ـــــــــــــ
    Quote: ياعزام أزمة مركزية السلطة في السودان في نظري ونظر المتداخلين لا تشملك ، رغم محاولاتك لي عنق الحقيقة.

    أنا عارِف كِده والبِقول غير كِده ساذج ... أنا ما حاولت لي عُنق الحقيقة ... أنا الحقيقة زاتا ... لو حبيت تستفيض في النُقطة دي بستفيض وأكون ليك ممنون
    ـــــــــــــ

    إحْتِراماتي

    (عدل بواسطة عزام حسن فرح on 08-08-2010, 06:54 PM)

                  

08-08-2010, 06:51 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    محمد آدم الحسن
    Quote: إذن
    في موضوع البوست نقول

    جزء من الصراع في دارفور هو عدم توفر الخدمات والبرامج التنموية (وهنالك خلفية تاريخية لها أثر) سوف نشير إليها كمقدمة للنقاش.
    سلطنة دارفور كانت مملكة منذ الحرب العالمية الأولي وعضو في عصبة الأمم ، عندما قامت الحرب العلمية الثانية وقفت الي جانب تركيا وألمانيا
    وعقاباً لموقفها ذلك تم غزوها وضمها إلي السودان الحديث سنة 1916 وإمعاناً في إذلالها طلب الانجليز عدم تقديم أي فرص تنموية وخدمية لها.
    - أول مدرسة ثانوية كانت سنة 1956 التي تحولت في عهد الإنقاذ إلي مركز لتمويل مليشيات الدفاع الشعبي ومن ثم ضمت الي جامعة الفاشر.
    أقام الانجليز مشروع الجزيرة لزراعة القطن لتمويل مصانع لانكشير في بريطانيا
    – فوجئ الانجليز بأن السكان في الجزيرة قبائل رعوية ولا يميلون إلي العمل اليدوي
    – وكان لديهم اعتقاد أن العمل اليدوي عمل دوني.
    في حين أن مملكة دارفور كانت هضبة زراعية جلبوا منها أعداد كبيرة من العمال ليشتغلوا في مشروع الجزيرة.
    To stay as shoulders stock
    - البقارة في دارفور لهم ميول عسكرية.
    - تم حرمان دارفور وكردفان من خدمات التعليم لتكونان مصدر للأيدي العاملة في مشروع الجزيرة من ناحية ، وكمصدر أيضاً للجنود من ناحية أخري. لما تمت السودنة
    – سودنة الوظائف اقصد تم توزيع 888 وظيفة كان حظ كردفان ودارفور منها (ولا وظيفة واحدة)
    - سنة 2005 إتعملت إحصائية كان 80% من الجنود في القوات المسلحة من غرب السودان وكان هنالك 7500 ظابط في القوات المسلحة 5700 منهم من شمال السودان - لم يكن هنالك اي مشروع تنموي البته في عهد الإنجليز.
    - لما جاءت الحكومات الوطنية وتعاقبت بعد خروج الاستعمار ، تم إنشاء مشروعين فقط
    1- مشروع سمي : مشروع العناية البيطرية في جنوب دارفور – منطقة الغزالة جاوزت
    2- مشروع ساق النعام في شمال دارفور
    - في دارفور هنالك طريق واحد فقط معبد هو طريق (نيالا – كاس – زالنجي) طوله 186 كم انشأ سنة 83 بمنحة من حكومة ألمانيا لان دارفور كانت لها علاقة صداقة بولاية سكسونيا السفلي.
    إقليم بحجم فرنسا وليس فيه شارع ظلط واحد
    هل تعلم لغاية الان في ولاية غرب دارفور ماشافوا شارع معبد نهائي.

    أواصل الحديث...

    مُتابعين ... بس ما تنسى وحياة أبوك ، أثناء مُتابعتك ، كلامك عن الكِتاب الأسَود :
    Quote: حيث أن الكتاب الأسود يعبر عن رؤيا أيدلوجية لحركة العدل والمساواة.. بالتالي سحبه علي كل دارفور يعبر عن نوع من الخلل المنهجي للبحث المنتظر...وبالطبع النتائج وهو ما جر الحديث بعيداً عن الموضوع...لسوء ترتيب أولويات النقاش

    (عدل بواسطة عزام حسن فرح on 08-08-2010, 06:55 PM)

                  

08-09-2010, 01:31 AM

خالد كيبا
<aخالد كيبا
تاريخ التسجيل: 11-04-2009
مجموع المشاركات: 597

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    أخ عزام تشكر لهذا البوست أيضا لفكرة كتاب الاحصاء عن مشاريع التنمية في دارفور


    أولا......السوال الصحيح المفترض نسال نفسنا ليهو ما هو الهدف والغاية من دراسة دارفور الجميلة أساسا حتي الفائدة تكون للجميع؟

    ملاحظة:
    أفكارك كلها حلوة ومفيدة كلها مقترحات وأفكار مفترض تجي من ناس دارفور.حقيقة أتعجب فخرا كونك تهدي زمنك لقضايا دارفور و في هذا نيابة عن أهل دارفور تشكر أخي!
    الدراسات المقدمة حاليا:

    1. حق الحكم الذاتي لاقليم دارفور جنوب السودان قد فرِغنا منهُ ، ماذا هُناك بعد؟ نعم .. ه...ودان ... فاليكُن إذن.
    2. كتاب الاحصاء لمشاريع التنمية في دارفور < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض

    *****

    الموضوع:
    فيما يتعلق بعدم استقرار الحال في دارفور و دولة السودان المركبة عن طريق المستعمر البريطاني منذ عام 1956 نكرر في هذا البوست لانه يحتوي علي نفس المضمون....


    اقتداء بالاخ cantona_1 له الشكر والاحترام
    (العوج راي والعديل راي)


    ...
    للتاريخ
    منذ عام 1916 ضمت مملكه الفور ومماليك افريقيه أخري قهرا تحت لواء دولة السودان كحل تنظمي إداري للمستعمر البريطاني حتي يسهل له بالقوه والجبروت من اداره تلك الدويلات والمماليك الافريقيه المجاورة لبعض من أجل تسهيل عملية نهب الموارد الاقتصاديه منها لدفع ومد العجله الصناعيه في بريطانيا و أوروبا انذاك بالمواد الخام من معادن وقطن ومواد إستهلاكية وغذائية و أشياء من هذا القبيل . نفذ المستعمر هذا المشروع باقل مجهود دون مراعه التعدد العرقي ، الثقافي، اللغوي والديني في تلك الدويلات الافريقيه. ولهذا السبب إنهارت دولتة الهشة "السودان" المركبة تركيب في أقل من 6 شهور بعد خرجه منها(الاستقلال) وذلك نسبه لتلاشي الدوافع الأساسية التي من أجلها أسست تلك الدولة كانهيار الاتحاد السوفيتي في أقل من شهور بعد إنهيار الأساس الاشتراكي الجماع لتلك الدويلات. لهذا يمكننا أن نسمي تلك الدولة الأفريقيه بالشركه البريطانية للسودان المحدوده ( Sudan consortium ) لنهب الموارد عن طريق بطش و وإنتهاك الأيادي الافريقيه العاملة المتواجدة علي نطاق تلك الشركة الجغرافي . في هذا الموضوع أتذكر خبر نشرتة إحدي الصحف الألمانية في تسعينيات القرن الماضي عن كميه الذهب الذي نهب من دويلات "السودان" يقدر بحوالي ١٣ ألف طن من الذهب من مناطق السودان ( Sudan consortium ) المختلفة في خلال فترتي الاستعمار البريطاني (١٨٢١ - 1954).

    للتاريخ أيضا تعتبر ولاية دارفور (جنوب دارفور ، شمال دارفور وغرب دارفور). من أكثر الولايات السودانية معانة منذ انضمامها للشركة البريطانية للسودان المحدوده ( Sudan كونسورتيوم ) منذ عام 1916.

    طلب الحكم الذاتي لاقليم:
    طلب الحكم الذاتي لاقليم دارفور طلب طرح وقدم من عدة احزاب سياسية دارفوريه وأيضا من مثقفي دارفور منذ خمسينيات القرن الماضي( حزب نهضة دارفور وحزب سانو و هلم جرا). الطلب للحكم الذاتي انذاك ليس له علاقه بحرب الجنوب أو انفصاله. انذاك طلب لحداثه دولة السودان (الاستقلال) و لنجاح الحكم الأهلي في دارفور ولعدم تقبل أهل الاقليم لفكرة القرار المستورد لادارة الاقليم. خاصة لتماسك أهالي وقبائل دارفور بدستورهم الاداري المحلي و الحكم بنظام العمد والشراتي. يذكر بان فتره حكم نيمري تمتع الاقليم عن طريق الاتحاد الاشتراكي بنوع من الحكم الذاتي وتلك الفترة يشهد لها الجميع بانها الفترة الوحيدة التي كان للاقليم إستقرار نسبي وتنموي نوعا ما. المويه ,الكهرباء ,الصناعه ,طرق المواصلات الراديو و التلفزيون و التعليم( 30% الحكومة/70% دعم ذاتي) كلها مشاريع تنموية من تلك الفترة وهي فترة إختيار أبناء الاقليم لحكامهم.

    الانفصال المقدم حاليا من الحركات المسلحة في دارفور (حركه العدل والمساوة) طلب ايدلوجي له علاقة بحربهم لنظام الحكم في الخرطوم و ذي ما الكل يعلم بان غاية الحركات حكم السودان ليس إقليم دارفور . لهذا في راي أكبر غلط الدمج بين الطلب المقدم حاليا من الحركات الحركات المسلحة من جانب و إنفصال الجنوب من جانب أخر بفكرة إنفصال الاقليم الاساسية.

    في راي اقليم دارفور قبل وبعد الانضمام لدولة السودان المركبة عن طريق المستعمر البريطاني لم يكن جزاء من السودان إلا جغرافيا وحسب .



    سيبنا من دة لونه بمبي ولا دا نخرته بنفسجية ولا دا كراعو مقدودة كلها حاجات زرعا فينا المستعمر بغرض فرق تسود ونجح في ذلك في فترة حكومته لماليك السودان ذي ما فعل في الهند، جنوب افريقيا، أمريكا، استراليا، مصر، البرازيل و القائمة تطول
    السوال الصحيح المفترض نسال نفسنا ليه

    ما هو مدي نجاح أو فشل دولة السودان المركبة لخدمة المستعمر البريطاني منذ الاسقلال أي منذ عام 1956؟ مقارنه بمماليك السودان الافريقيه قبل الاستعمار؟


    بعد ما نجد الاجوبة حنعرف ناكل الكتف من أين و نحل العوجة كيف (إنفصال ولا نظام الفيدرالي ولا وحدة اجباريه)
    معلومة:
    ما في دولة في العالم بحجم السودان (التنوع الاجتماعي و القبلي) محكومة بنظام واحد!!
    I'm just sayin

    وسوف نواصل ........
                  

08-09-2010, 02:10 AM

Mohammed Tirab
<aMohammed Tirab
تاريخ التسجيل: 08-25-2003
مجموع المشاركات: 611

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: خالد كيبا)

    أخي

    الاستاذ عزّام

    لك التحية

    ولك الشكر على هذا البوست

    ونرجوا ان تستمر عقلانية الطرح

    حتى غلاف (الكتاب) الاخير

    أورد لك ما فتحته من بوست قبل ما يفوق ال6 أعوام

    ذو صلة الى ما تقوله في هذا المقام

    فالارقام الواردة إذن تعود الى ما قبل 2004 !,

    يعني حتى بدايات (حرب) دارفور

    فما بالك اليوم !!!

    كيف لها أن تكون

    فإذن الوصلة ذات صلة بالاقتصاد

    أما ما يخص التهميش السياسي

    فالشأن لا يعني المناصب

    بقدرما يعني الصلاحيات

    قل لي بربك؟!!!

    السيد منّي أركو مناوي

    كان قبل (التشكيلة الوزارية الاخيرة-حسب ديمقراطية الانقاذ الثالثة)

    كان هذا المنّاوي كان -كبير مساعدي رئيس الجمهورية ( الرابع ) دستوريا

    ونافع على نافع كان مساعدا لرئيس الجمهورية

    فلمن كانت الصلاحيات -أكثر وأعلى!!!

    أرجوا أن يكون الكتاب الازرق ذو شفافية

    واليك ما قاله كبج بالارقام في عام 2004



    Quote: أقرأتم قول كبج

    اخوتي الكرام

    لكم التحية

    قد لم يقرأ الكثيرون من كثير ما قاله الخبير والمحلل الاقتصادي السوداني محمد ابراهيم عبده كبج ,سابحا في دنيا الارقام حقاً وبيان
    والارقام اصدق انباءً من "النظري"
    كثيرون ظنوا ان ما يطالب به أهل دارفور فوق الزيادة,وان الظلم والتهميش قد وُزع قسطا وعدلا و"مساواة" بين كل اطراف الهامش ,وظلموا فقط الوسط من قسمة القحط و العدم.
    كثيرون ظنوا ان المطالب مزايدة ,والمآرب مكايدة وأغراض أُخر في نفس "ابكر"
    لن اطيل
    فقط أقرؤا الارقام بعيون ضمائركم ,وتعالوا بقلوب عيونكم نعيد النظر
    د.محمد تيراب


    الى ما جاء في قول كبج :

    جريدة الخليج الامارتية /ملحق الاقتصادي
    بتاريخ 14/سبتمبرم2004

    الإقتصاد> عربي
    02:01 آخــر تحديــــث 2004-09-14


    الخبير والمحلل الاقتصادي السوداني محمد ابراهيم عبده كبج في حوار مع الخليج:


    أزمة دارفور تكتسب بعداً اقتصادياً أكثر بكثير من البعد السياسي

    التضخم ميز عهود حكومات الإنقاذ مع الاهتمام بالمركز وإهمال المناطق



    الخرطوم - عماد حسن:

    يعتبر الخبير والمحلل الاقتصادي الأستاذ محمد إبراهيم عبده الشهير ب”كبج” بنكاً متحركاً للمعلومات، فالرجل خلافا لسنوات عمره الطويلة باحثاً ومنقباً في مشاكل الاقتصاد السوداني، يعتبر سياسياً من الطراز الأول، خبر دروبها المتعرجة، ويحمل بين جنبيه أرقاماً قل ان توجد لدى شخص آخر، وهو لا يمكن ان يتحدث دقيقتين دون العودة إلى الأرقام والإحصائيات..

    “الخليج” حاورت كبج حول اثر تداعيات الأحداث في دارفور على الوضع الاقتصادي في السودان بشكل عام، وقراءة مستقبل الاقتصاد على ضوء تصاعد التداعيات، لكن كبج قدم رؤية شاملة وتشخيصية للوضع الاقتصادي منذ مطلع العقد الماضي وصولا إلى اليوم، وابرز خلال الحوار حقائق كشفت ان أزمة دارفور تحوز على بعد اقتصادي اكبر بكثير من البعد السياسي الذي تغرق فيه القضية، لكن الحوار بدأ من نهاية الأحداث بسؤال عن السودان الجديد ..

    وقابل كبج السؤال بسؤال آخر هو :لماذا الدعوة لسودان جديد، ما هي مشكلة السودان القديم؟ وعبر جدلية المركز الذي يصنع الهامش والهامش الذي يصنع الحرب، وتقاطعات الأسئلة، قال: “المتفق عليه أن السودان القديم يعاني من عدم توازن التنمية التي تركزت على قلتها منذ الاستعمار مرورا بمرحلة الاستقلال وحتى يومنا هذا، على أواسط شمال السودان، وهذه العقلية التي ساهمت في ذلك بدرجات متفاوتة أدت إلى نشوب الهامش، وهي المناطق الفقيرة للتنمية والصحة والتعليم.

    ونعلم أن الغالبية الساحقة من الفقراء، لكن على النحو الآخر فإن مفهوم التهميش نفسه،رغم اتساع الظاهرة ينسحب على مناطق أفضل نموا من غيرها، وكل ذلك بسبب عقلية السياسات في المركز في الخرطوم، التي أفضت وصنعت الهامش، والهامش بدوره صنع الحرب..



    يعتقد كبج انه “إذا كنا حريصين حقيقة على وحدة السودان وعلى السلام المستدام فيه فإن القضية الرئيسية التي يجب أن نواجهها في فترة ما بعد السلام هي قضية المناطق المهمشة والمهمشين في السودان، ويترتب على ذلك وحدة على أسس جديدة ووحدة طوعية وسلام مستدام، والحقيقة أن المناطق المهمشة تتسع رقعتها كل يوم وبالتالي تكبر معها المهددات الأمنية”.

    وبالعودة إلى شكل السودان القديم؟ما له وما عليه ؟ يقول كبج :عندما تنظر إلى الناتج المحلي الإجمالي في السودان خلال السنوات الماضية (99-2002) نجد ان قطاع الزراعة أعطى متوسط 47% من الناتج المحلي الإجمالي وهو قطاع يتكون من الزراعة المروية حول النيل، وهذه تمثل حوالي 13% من الناتج المحلي الإجمالي والمطرية الآلية تمثل أقل من 2%.

    ثم القطاع التقليدي في الزراعة بشقيه الذي يتكون من الزراعة المطرية التقليدية وتسهم بأقل من 8% من الناتج المحلي الإجمالي، ثم الثروة الحيوانية التي تمثل حوالي 22% ثم الغابات وهي 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وإذا نظرنا إلى القطاع التقليدي “الثروة، الغابات” فإنه يمثل ما جملته 32% من الناتج المحلي الإجمالي، ولكن هذا القطاع يقطنه ما يزيد عن 65% من سكان السودان وعليه عندما تقارن مساحة 65% من سكان السودان والتي قطعت حوالي “ثلث” الناتج المحلي الإجمالي نصل إلى نتيجة أن هذا القطاع المطري التقليدي مختلف عن المناطق الأخرى في السودان.



    قطاع المهمشين

    ومن الواضح يقول كبج أن هذا القطاع الذي يشمل الغالبية الساحقة للمهمشين في السودان كان ضحية للأنظمة الشمولية المتلاحقة والأنظمة الديمقراطية في الوقت نفسه، ولكن بدرجات متفاوتة، وعليه فإن هذا القطاع لابد أن يكون القطاع المستهدف بالإصلاح والتنمية خلال مرحلة ما بعد السلام وهذا هو الطريق الوحيد لتأمين وحدة السودان واستدامة السلام فيه.



    ناتج البترول ضعيف

    وفي محاولة لإعطاء صورة تعريفية لجميع الناتج المحلي الإجمالي الذي يتحدث عنه يقول كبج: نجد أن قطاع البترول الذي جذب انتباه المواطنين في الداخل والعالم الخارجي ورغم كل إيراداته في الميزانية العامة الاتحادية، والتي فاقت ما يزيد عن 55% من الإيرادات الكلية في الدولة الاتحادية، فإن نصيب البترول في الناتج المحلي الإجمالي في متوسط الثلاث سنوات الماضية 2000-2002 وصل في أقصاه إلى 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا يساوي كل الزراعة المطرية والتقليدية ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.. وبما أنه من المعروف أن البترول ثروة ناضبة والزراعة ثروة متجددة فإنه من الأوجب أن نستثمر عائدات البترول في تنمية الزراعة في السودان، وعلى وجه الخصوص نتيجة الزراعة في القطاع المطري التقليدي الذي شمل الزراعة والثروة والغابات يمكن بجهد معقول مضاعفة إنتاج الزراعة المطرية التقليدية، و هذا يعطينا ما يساوي البترول في الناتج المحلي الإجمالي، وإذا تمكنا من تحديث الثروة الحيوانية وأبعادها عن الأسلوب التقليدي في الري مما يحسن نوعية اللحوم ويمكن من تصنيع الألبان في السودان،وصولا إلى هدف زيادة حجم هذه الثروة بمقدار 40% فقط فإن هذا يعطي إضافة للنتاج المحلي الإجمالي ما يساوي العائد من البترول.

    ويؤكد كبج أن السياسات الاقتصادية لحكومة الإنقاذ والتي امتدت إلى 15 عاما من الزمان تميزت في فترتها الأولى بنسب عالية من التضخم امتدت لست سنوات متوالية كانت نسبة التضخم ما يزيد عن 100% وقد وصلت إلى أعلاها في أغسطس 96 إلى 166%، وعلى هذا،فإن التضخم بهذا الحجم ترك جسم الاقتصادي السوداني عليلا ومنهكا وترتبت عليه أمراض مزمنة لم يستطع حتى الآن التخلص منها.

    ويعلل كبج ارتفاع نسب التضخم بأنه نتيجة لضعف الإنتاج وزيادة العملة المتداولة، ويقول كما سندلل لاحقا خلال هذا الحديث فإن هناك تراجعا في إنتاج الذرة و الدخن والقمح وتراجعا في إنتاج النسيج وأغلب الصناعات السودانية تعمل بنسبة أقل من 20% من الطاقة التصميمية لها ولكن على النحو الآخر نجد أن كل العملة المتداولة في 30 يونيو 89 عند استلام الإنقاذ السلطة، كانت أقل من 8 مليارات جنيه سوداني، ولكنها الآن نجدها ارتفعت في ديسمبر 2000 إلى 1666 مليار جنيه أي تريليون و166 ملياراً، ولتبسيط معنى التضخم فهو عملة كثيرة تجري وراء سلع بسيطة.

    ويؤكد كبج انه عند النظر إلى خطة التنمية في العام 2004 في الميزانية كمركزية نجد أنها مازالت تواصل السير على العقلية القديمة نفسها وهي التنمية والمزيد من التنمية لأوساط شمال السودان وإهمال بقية أنحاء السودان، وذلك رغم الحرب التي تشتعل الآن في غرب السودان، ولكن ولضعف السياسة الاقتصادية لا يشغلون بالهم بذلك.

    فقد رصد مبلغ 74 مليار دينار لتنمية قطاع الري في كل السودان وأخذ من هذا المبلغ 65 ملياراً لخزان مروي، ثم ملياراً آخر للولاية الشمالية وآخر لولاية النيل و2 مليار دينار لولاية الجزيرة، وهكذا تبقى لجميع أنحاء السودان 5 مليارات دينار فقط، وقد يقول قائل إن مشروع خزان مروي مشروع قومي وهذا صحيح ولكن المنطقة التي يقوم فيها المشروع القومي ستحوز على بعض التقدم.

    ويوضح كبج انه كان من الممكن أن يكون هنالك مشروع قومي لتحديث الثروة الحيوانية في السودان، وهذا يعتبر من الضرورات في المرحلة المقبلة والثروة الحيوانية في دارفور الكبرى تساوي ما يزيد عن 20% من الثروة الحيوانية في السودان، وكل هذه الثروة تضيع في القطاع التقليدي للزراعة المطرية والتي يجب أن تستهدف للتنمية بكثافة، وهذا نوع من التمييز الإيجابي، وذلك للقضاء على الآثار السالبة التي ترتبت على التميز السلبي الذي كان سائدا فيما قبل، وحتى في إطار الري كان من الممكن أن يتم تعلية خزان الروصيرص وهذا يكلف 500 مليون دولار في حين أن تكلفة خزان مروي تكلف ملياراً و500 مليون دولار، أي ثلاثة أضعاف تكلفة خزان الروصيرص، وخزان مروي يعطينا طاقة كهربائية في حين أن تعلية خزان الروصيرص ستغطي بالري مليونين ونصف المليون فدان إضافية وهي مساحة مشروع كنانة والرهد، وهي صالحة للزراعة وخصبة ويمكن أن تحقق زيادة كبيرة للإنتاج الزراعي في السودان، وأيضا تعلية خزان الروصيرص له ميزات أخرى إذ أنه يؤدي إلى الري الكامل لمشروع الجزيرة والمناقل والذي استقطعت منه بعض المساحات نتيجة لضعف قدرات الري، كما أنه يمكن أن يعطينا 60% كهرباء إضافية من التوربيات القديمة الحالية، وهنالك إمكانية إضافية لتوربيات جديدة تعطي المزيد من الكهرباء، هذا بجانب الهدف الاستراتيجي الهام، وهو أنه تعلية خزان الروصيرص تسمح لنا بتخزين مياه الري التي تحتاجها في داخل حدود السودان وتجعلنا نؤمن نفسنا من أي مخاطر استراتيجية بالنسبة للمياه إذا قامت أثيوبيا بأية مشروعات للري أو غيرها في داخل أراضيها.



    مزيد من المقارنات

    كما أن خطة التنمية رصدت لعام 2004 نحو 6 مليارات دينار للزراعة في السودان وأخذ منه مبلغ 3 مليار دينار للمشروع القومي للنهج المرتكز على تنمية زراعة القمح في ولايتي الشمالية والنيل، في حين أن الزراعة المطرية رصد لها أقل من 2،7 مليار دينار، وهي أقل مما رصد للمشروع القومي للقمح كما أسلفنا، ورصد مبلغ 6 مليارات دينار أيضا لمياه الشرب في السودان وأخذ منه 3 مليارات دينار لتنقية مياه الخرطوم وتبقى 3 مليارات لجميع أنحاء السودان.

    وهذا يؤكد أن ميزانية التنمية للعام 2004 مازالت تدفع بالمزيد من الترجيح لصالح المناطق المتقدمة في التنمية نسبيا مما يزيد من خلل التنمية غير المتوازنة ويزيد من إمكانية تفجر الحروب في أنحاء السودان المحرومة نسبيا من الثروة.

    ويوضح كبج أن التنمية غير المتوازنة والتي تزيدها السياسات الحالية خللا، لم تنجم فقط من سياسات حكم الإنقاذ الاقتصادية والاجتماعية، وإنما -كما أسلفت هذا كان واقع فترة الاستعمار -وتواصل بعد الاستقلال إلى يومنا هذا، لكن يمكن القول إن سياسات الإنقاذ زادت من وتيرة الفقر في السودان كما تشير إلى ذلك الإحصائيات الرسمية الواردة في التقارير الاستراتيجية الصادرة من الدولة، وقد انعكس هذا التمايز في التنمية بين أواسط شمال السودان وبقية أنحاء البلاد في مستوى الخدمات، وكما أسلفت فإن اتساع رقعة الفقر في السودان والذي يفوق ما يزيد عن 90% من سكان السودان جعل من ضرورة سلوك طريقة تنفيذ استراتيجية محاربة الفقر، الواجب المقدم لكل السياسات المتلاحقة، وقد اهتم البنك وصندوق النقد الدوليين البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بقضية محاربة الفقر ورفع شعار إضفاء وجه إنساني للعولمة والأمم المتحدة ومنظماتها،وعندما نتحدث عن برنامج تقليل دائرة الفقر والاتجاه نحو إزاحته كليا نتحدث عن 3 محاور أساسية وهي التعليم والصحة والمياه الصالحة للشرب ويأتي بعدها في حالة السودان الطرق والكهرباء.

    وتحسبا للملل من الأرقام والإسهاب فيها، يختصر كبج قائلا في ما يتعلق بالتعليم الثانوي في السودان فإن الأطفال المستوعبين في سن التعليم في الولاية الشمالية نسبتهم 50% ولكن على النحو الآخر نجد ان المستوعبين في ولاية غرب دارفور وهي أدنى مستوى في ولايات شمال السودان يساوون أقل من 7% وتنحدر هذه النسبة إلى 2% في بحر الغزال، وهذه الصورة أيضا قاتمة لا تشير إلى أي مستوى من العدالة في توزيع خدمات التعليم، ونأتي بعد هذا لنتيجة الشهادة السودانية في العام 2004 وهي التي تؤهل للتعليم الجامعي، وهي الشهادة الوحيدة التي تتم على نطاق السودان كله، إن هذه الشهادة تشير إلى أن الناجحين في ولايتي الشمالية ونهر النيل 9590 طالباً وعدد سكان الولايتين معا يساوي حوالي 500.1 مليون نسمة، وعند مقارنة ذلك مع ولاية غرب دارفور التي يبلغ سكانها مليوناً و600 ألف نسمة بزيادة 100 ألف نسمة عن الولايتين نجد أن الناجحين في غرب دارفور يساوي 747 فقط، وهي أقل من 7% من الناجحين من الولايتين الشمالية ونهر النيل رغم زيادة عدد السكان ب 100 ألف نسمة مقارنة بتلك الولايتين.

    وهناك خلل آخر لابد من الإشارة إليه، فسكان ولايات دارفور الثلاث يساوون 6 ملايين نسمة أي 4 أضعاف سكان ولايتي النيل والشمالية، ولكن الناجحين في كل ولايات دارفور مجتمعة 7084 ناجحاً وهذه مفارقة كبيرة، ونضيف أن نصيب الخرطوم من المائة الأوائل في الشهادة السودانية ،79 وضمن المائة الأوائل نجد أن 56 منهم من البنات منهم 46من ولاية الخرطوم وهكذا فإننا يمكن أن نتحدث دون حرج عن جمهورية “الخرطوم” الديمقراطية.

    ويلح كبج بالإشارة إلى نقطة أخرى متعلقة بالتعليم قبل الانتقال إلى قطاع آخر، قائلا أيضا أن نسبة التعليم بالنسبة للبنات مختلفة للغاية ففي جنوب دارفور وغربها تقدر نسبة استيعاب البنات إلى 26% و أن نسبة استيعاب الأطفال في سن التعليم في ولاية جنوب كردفان 41% “جبال النوبة والنيل الأزرق” 49% وكسلا 51% والقضارف 53%.

    ويكتفي كبج في مجال خدمات الصحة بالإشارة إلى رقم واحد يمكن أن تستشف ما خلفه فمقابل كل 100 ألف مواطن نجد هناك 45 طبيباً حكومياً حسب تقرير وزارة الصحة لعام 2002 لكن هذا العدد نفسه من المواطنين في غرب دارفور خصص لهم طبيب ونصف فقط، وهذا يعني أن المواطنين ولاية الخرطوم يستأثرون ب30 ضعف عدد الأطباء غيرهم في غرب دارفور، ويمكن من خلال هذا الرقم مقارنة عدد القابلات والممرضين والممرضات الخ..

    ونجد أن مياه الخرطوم التي يتم توزيعها بالطرق تغطي 60% من احتياجات المياه ومرة أخرى فإن هذا النقص لكن في ولاية الخرطوم يتركز في حزام الفقر في ولاية الخرطوم ومناطق النازحين الريفية التي دمرتها سياسات الإنقاذ المنحازة ضد الريف وضد الزراعة، ولكن النقص في غرب دارفور يساوي 88% من المياه الصالة للشرب وهذه صورة أخرى تحلق بالسودان القديم.



    الإنتاج الزراعي والصناعي

    ويواصل كبج تشخيصه الاقتصادي مستندا على الإنتاج الزراعي والصناعي ويقول مقارنة بالذي كان فإننا نجد أن إنتاج الذرة في عام 88-89 قبل الإنقاذ كان حوالي 5.4 مليون طن وهو الغذاء الرئيسي في السودان وقد وضعت حكومة الإنقاذ الاستراتيجية القومية الشاملة (الخطة العشرية يونيو 92- نهاية يونيو 2002) وحددت هدفاً لإنتاج 20 مليون طن من الذرة في العام الواحد بنهاية الخطة العشرية بنهاية عام 2002 لكن كل هذه الآمال المشربة انهارت بعد إنتاج 20 مليون طن خلال مجموع إنتاج سبع سنوات متتالية في نهاية الخطة العشرية، كما وضعت الخطة العشرية هدف مليونين و360 ألف طن من القمح ولكن متوسط السنوات الثلاث الأخيرة جاء أقل من 247 ألف طن التي كنا ننتجها في عام 88-89 قبل الإنقاذ، والحال أن الحكومة رفضت شعارات “نأكل مما نزع” والاكتفاء الذاتي من القمح، هذه الشعارات التي انهارت تماما على واقع السياسات الاقتصادية والمالية لحكومة الإنقاذ والتي كانت منحازة ضد الزراعة بشكل فاضح.ويمكن أن نقول الشيء نفسه بالنسبة للقطن وعباد الشمس والسمسم وغيره.





    وادناه هو الرابط

    أقرأتم قول كبج



    لك الود

    د.محمد تيراب
    _______________
    الحق يعلوا ولا يُعلى عليه
                  

08-09-2010, 01:47 AM

Elsanosi Badr
<aElsanosi Badr
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 4166

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: Mohammed Tirab)

    العزيز بريمه ...


    اخونا عزام حسن فتح بوست جميل جدا ... بوست بيعارض فيهو الكتاب الاسود الكتبوه الاسلاميين (الغرابا) وسماه : الكتاب الازرق واعتقد انها وجهه جيده لشخص يري النصف الاخر من الكأس ... خليهو يواصل عشان الناس تشوف الصوره مكتمله ...


    وبعدين لو في شئ شخصي يمكن كتابته في بوست منفصل ... ولا شنو?

    وبعدين النوبي الجميل ده عندو اهلو واصحابو (غرابا) وما اظن يضمر ليهم سوء كما تعتقد ...
                  

08-09-2010, 05:31 AM

خالد كيبا
<aخالد كيبا
تاريخ التسجيل: 11-04-2009
مجموع المشاركات: 597

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: Elsanosi Badr)

    سلام يا شباب
    لي إقترح
    حتي القلم والعقل يكونا المقياس للمواضيع المهمة دي ، نطرح الموضوعين للطلاب للقيام ببحث أكاديمي علمي اكرر أكاديمي محايد ليس له شي من السياسة و يدونا النتيجة للجدل والنقاش. ذي ما كل المجتمعات المتتطورة بتسوي. رايكم شنو؟

    1. بحث علمي أكاديمي عن حق الحكم الذاتي لاقليم دارفور
    جنوب السودان قد فرِغنا منهُ ، ماذا هُناك بعد؟ نعم .. ه...ودان ... فاليكُن إذن

    2. بحث علمي أكاديمي عن الاحصاء لمشاريع التنمية في دارفور
    < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض

    أنا شخصيا لي تجارب حلوة مع طلاب جامعه شندي كلية دراسات تنمية المجتمع*(Faculty of Community Development). نتمني واحد من أعضاء المنبر يوصل ليهم المقترحات دي حتي عن طريقهم نقدر نعمل بحث علمي أكاديمي يستفيد منه الطلاب و انحنا تكون عندنا دراسة موحايدة عن الحاصل في دارفور ودولة السودان للجدل والنقاش. أنا مستعد أساعد الطلاب في فتره إقامتهم في دارفور بكل شي (سكن، ماكل و مشرب ومواصلات ) و بعد الدراسه إنشاء الله أسعي بكل جهدي مع اصاحبنا الألمان حتي نلقي للمجموعه الباحثة فرص ماجستير في ألمانيا ذي ما عملنا قبل كدة لغيرهم. وانا حاليا ااكد ليهم ب75% لفرصة Master في ألمانيا لاهمية هذا الموضوع للكل.
    Khalidkeba

    مفتاح:
    * كلية دراسات تنمية المجتمع - جامعه شندي = واحدة من 4 كليات علي نطاق العالم في هذا المجال القيم
    website جامعه شندي
    http://www.ush.sd/index.php?catid=4&id=7&do=content
                  

08-09-2010, 06:00 AM

Omer Sakin

تاريخ التسجيل: 10-25-2008
مجموع المشاركات: 275

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: خالد كيبا)

    الأخ عزام
    محمد آدم
    تحية واحتراما
    - اعتقد أن فهم المزاج الدافوري مهم جدا من أجل الوصول إلى طريقة ما لكيفية حكمه وإنصافه حتى لا تتملكنا الدهشة كما تملكت البشير فطفق يتساءل لماذا تمردت دار فور؟ أو كتساؤل الشمال العريض فيما مضي (الجنوبيون عازوين شنو) .
    موسى المبارك الحسن أحسن النقل والتصوير في كتابه تاريخ دار فور السياسي في فترة المهدية. نُقل إليّ بأن الكتاب كان قد نفذ من الأسوق بعد ظهور أزمة دار فور في 2003، لا أدري إن كان ذلك بفعل فاعل أو بتكالب السودانيون لإقتنائه بقصد فك شفرة دار فور التي تمردت على حكومة نالت منها ترف الوزارة بشكل لم لم تنله من قبل.
    موسى المبارك الحسن الذي عمل مستشارا سياسيا لدارفور أيام النميري يروي بأن دار فور استعصت على محاولات الخليفة عبد الله التعايشي تهجيرهم إلى عاصمة دولته الجديدة بدواعي (1) التمكين. وبهذه المناسبة التمكين كممارسة سياسية ضارب بجذوره في ثقافتنا السياسية. (2) السيطرة على نزعات تمردية مستقبلية لدولته. بأختصار الخليفة كان مهوساً بالأمن بشكل مفرط وما أشبه الليلة بالبارحة
    محاولات الخليفة كان فيها الترهيب والترغيب ولم تسلم منها قبيلة في دار فور هاجرت طوعاً أو كرها إلى المركز، حتى قبيلته التعايشة لم تسلم من بطشه. إذ أن الشاهد أن ثورات دار فور متتالية من كل القبائل حاربت في الأحيان بتحالفات وفي أحيان أخرى فرادي.
    في تقديري دار فور لم ترفض دعوة المهدية، ولكنها رفضت سلطة تكرس المركزية لا أكثر ولا أقل.
    - احقاقاً للحق قد أجد المبرر لتفوق الشمال النيلي عدداً لنيل الحظ في التعليم النظامي لسبب بسيط وهو فارق عقدين تقريباً منذ بدء التعليم النظامي في الشمال الذي بدأ مع الاحتلال المصري- المصري وبين دار فور التي دخلها الإنجليز في 1916 بعد هزيمة علي دينار. يضاف إلى ذلك الوعي المجتمعي بأهمية التعليم النظامي الذي برز واضحا كأداة لضمان الوظيفة الحكومية المكتبية (كوادر إدارية وسيطة، أفندية ، كتبة، مدرسين، فنيين) في وقت كان التعليم الديني المحصور في حفظ القرآن كان الغالب في عموم دار فور. وبهذه المناسبة الخليفة عبد الله التعايشي نفسه خريج المدرسة الثانية كما أورده نعوم شقير في تاريخ السودان. رغم ذلك لا أجد المبرر في استمرار هذه الحالة بعد الاستقلال.
    شمولية السطلة ومركزيتها، فضلا عن المحسوبية وعدم المحاسبة كانت أسباب رئيسية في هذا الوضع الماثل.
    وجود تمثيل مكثف للشمالين في مركز السلطة مع انعدام التنمية في مناطقهم دليل واضح على المحسوبية وتمركز السلطة بيد نخبة لا يمثلون حتى الشريحة الغالبة لمجتمع الشمال الذي لا يختلف كثيرا عن بقية جهات السودان الأخرى، إلا أن الفارق يكمن في عدم معارضة الشمال لهذا الوضع ربما بدواعي وخلفيات جهوية.

    (عدل بواسطة Omer Sakin on 08-09-2010, 06:09 AM)

                  

08-09-2010, 07:23 AM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: Omer Sakin)

    بريمة
    Quote: ومن ناحية الرجالة أنت عندى كالحائل .. حينما يستقبلها الفحل تستبدره ثم تقف ..

    يبدو أن كم الحقائِق المسنودة بِمراجع ، قد أوْجعت ... بِرغم ذلِك لم أتخَيل أن يصِل بك الأمر إلى أن تكتُب الإقتِباس أعلاه ... والله عيب ... عيب في حق نفسك وفي حق الأعضاء هِنا ده ، يِقرو مُفردات بِالشكل ده ... إنت فاكِرني مُمكِن أفكِر مُجرد تفكير إنو أجاريك؟! لا لا ... لأن مُجاراتك حتخليني أنا وإنت في صعيد واحِد ... شفت الفرق في التربية والبيئة بِردعو الزول كيف ... أنا كتبت الحقائِق التالِية :

    - مقبولة ما سَيِدة نِساء الأنصار ، كما إدعيت أنت يا بريمة.
    - عبدالرحمن المهدي المُسلِم (إبن سَيِدة نِساء الأنصار ، حسب قَوْلِك) كتب مع آخرين مُذكِرة لِمُدير المُخابرات الأنكِليزي الكافِر يرجوه بِعدم إلغاء الرِق ، الرِق المُسْلِم.
    - بِبحلقه العين المُجردة ، أنت زنجي ، رغم إدِعاءِك بِالأصل العربي.
    - بِإدعاءك عُروبة أصْلِك ، تكون قد تبرأت مِن الزنوج.
    - حسب كِتاب "قاموس اللهجة العامية في السودان" لِعَون الشريف قاسِم ، تعني : حديدة حِمار
    - الإمام محمد أحمد المهدي نوبي دُنقُلاوي مِن جزيرة لبب ، فإذا كانت مقبولة وهي إحدى زَوجاتِهِ ، سَيدة نِساء الأنصار ، كما تدعي ، فإن المهدي الذي كان سبب إرتِفاع صِفة مقبولة حتى أصبحت عِندك ، سَيِدة نِساء الأنصار ، يجِب أن يكون الإمام المهدي ، أرفع وأجل مِن مقبولة ومِن جُملة الأنصار ، وفي هذا إرتِفاع للدناقلة عامة ولِسُكان جزيرة لبب خاصةٍ وهؤلاء الدناقلة ، بِالإضافة إلى كَونِهِم أولاد بحر ، نوبِيين ، والأخيرة قبيلتي وعشيرتي التي تأوين ...

    هذِهِ حقائِق ، أرفقت مع أغلبِها سندي ومرجعي ... أفهم أنها -أي الحقائِق أعلاه- موجِعة ... لكِن بِرغم ذلِك ما كان يصل بيك الأمر إلى كِتابة :

    Quote: ومن ناحية الرجالة أنت عندى كالحائل .. حينما يستقبلها الفحل تستبدره ثم تقف ..

    على الأقل لِتمرير إسْتِياءُك ، لِقَول إدعَيت أني كتبتهُ :
    Quote: بائس بكل ما تحمل الكلمة! .. لاحظ فى منبر عام تكتب "لو أنت راجل" !!

    ـــــــــــــــــ
    Quote: ما أعرفه عنك أنك زول راسب فى جامعة الخرطوم .. إنسان ديسمس .. تم طردك من جامعة الخرطوم على وضح النهار ..

    لِنفْترِض أن هذا حدث وبِكَيفِية الإقْتِباس أعلاه ... ماذا يستفيد البشر مِن هذا؟ هل الكِتابة وإبداء الرأي وتسجيل المواقِف ومُناقشة الحياتِيات ، تتطلب أن يكون المرء خريج جامعة ... أو أن يكون غَير مطرود مِن الجامعة في وضح النِهار؟ وماذا إن طُرِد عِند الأصيل مثلاً ... هل سيختلِف التقَييم؟! هل مِن شُروط عضوِية سودانيو أونلايِن أن يكون العضو خريج جامعة أو على الأقل لا يكون مطرود في وضح النهار ... والله الأمثال السودانِية "المُعْلنة" فيها حِكم عجيبة ، مِتِل المثل دة [ القلم ما بِزيل بلم ] ... حليل العقاد

    (عدل بواسطة عزام حسن فرح on 08-09-2010, 07:45 AM)

                  

08-09-2010, 09:42 AM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    خالِد كيبا
    كيف حالك؟ علك طَيِب

    Quote: السوال الصحيح المفترض نسال نفسنا ليهو ما هو الهدف والغاية من دراسة دارفور الجميلة أساسا حتي الفائدة تكون للجميع؟

    الهدف كتبتو في مُداخلتي فوق ، هاك السبب :
    Quote: < الكِتاب الأزرق > علشان الناس تقدر تبني مواقِفا بِناءً عن حقائِق ... يِمكِن يِكون فِعلاً ناس دارفور مظلومين ، يِمكِن ... وبرضو يِمكِن يِكونو ما مظلومين ... ما لازِم زول يسوو < الكِتاب الأزرق > ولا نبقى مجرورين مِتْل الشوك ، ده يِقول لينا تهميش تصفِق ليهو ... ده يِقول لينا في تنمِية ظاهِرة ، نصفِق ليهو ، هو نِحنا يا كافي البلا خلقنا الله لِنُصفِق ولا شنو؟

    ــــــــــــــــــ
    Quote: أفكارك كلها حلوة ومفيدة كلها مقترحات وأفكار مفترض تجي من ناس دارفور.حقيقة أتعجب فخرا كونك تهدي زمنك لقضايا دارفور و في هذا نيابة عن أهل دارفور تشكر أخي!

    أنا كنوبي لو إسْتثنيت نوبيي الشِمال ، فأقرب بشر لي عِرقِيًا ، هُم نوبة الجِبال عامةً وقبيلة " النيما " خاصةً ... لكِن ده برضو ما سبب إهْتِمامي بِدارفور ، سبب إهْتِمامي الأساسي ، إنو أبني مَوقِفي بِناءٍ على معلومات صحيحة وحقيقِية ... وعلى الأقل حالِيًا مُمكِن نتبنى شِعار " كُل أجزاءِهِ لنا وطنٌ ، إذ نُباهي بِهِ ونفْتتِنُ " ... دقيقة ... ده بِإفْتِراض إنو الجنوب إنْفصل
    ــــــــــــــــــ
    Quote: الدراسات المقدمة حاليا:

    1. حق الحكم الذاتي لاقليم دارفور جنوب السودان قد فرِغنا منهُ ، ماذا هُناك بعد؟ نعم .. ه...ودان ... فاليكُن إذن.
    2. كتاب الاحصاء لمشاريع التنمية في دارفور < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض

    عمودي جنوب السودان قد فرِغنا منهُ ، ماذا هُناك بعد؟ نعم .. ه...ودان ... فاليكُن إذن ما بِصُنف دِراسة ... أنا قُلت :
    Quote: اليَوم أسمع أهل غرب السودان يُغنون أُغْنِية <نُريد الإنْفِصال> حسُنًا ، لن أكون ملكي أكثر مِن الملِك ، سأُغني ما يُغنون

    ــــــــــــــــــ
    Quote: الانفصال المقدم حاليا من الحركات المسلحة في دارفور (حركه العدل والمساوة) طلب ايدلوجي له علاقة بحربهم لنظام الحكم في الخرطوم و ذي ما الكل يعلم بان غاية الحركات حكم السودان ليس إقليم دارفور . لهذا في راي أكبر غلط الدمج بين الطلب المقدم حاليا من الحركات الحركات المسلحة من جانب و إنفصال الجنوب من جانب أخر بفكرة إنفصال الاقليم الاساسية.

    وحركة " العدل والمُساوة " هَينه ... عِِندها مؤيِديها في الأرض وعندها علاقات عامة ، وهي حركة مؤثِرة في دارفور ، يعني البِتقولو الحركة عِندو قُوة. أنانيا 1 وأنانيا2 والحركة الشعبية لِتحرير جنوب السودان كلها كانت فوقا أصوات بِتْنادي بِالإنْفِصال ، النتيجة ظهرت بِإنْتِصار الصَوت الإنْفِصالي في " نيفاشا " ... أنا ما عاوِز قرار أي جِهة بِتطالِب بِالإنْفِصال تاخُد المُدة الأخدا الصوت الإنْفِصالي مِن أنانيا1 إلى نيفاشيا ... لأن ده فوقو موت ودمار وتشريد وتوقف تنمِية وتدخُلات خارِجِية و ... و ... يعني طالما في صوت دارفوري مؤثِر بِطالِب بِالإنْفِصال ، أنا بساعدو بِصوتي البسيط ده وبأذِن في الناس بِكِده
    ــــــــــــــــــ
    Quote: في راي اقليم دارفور قبل وبعد الانضمام لدولة السودان المركبة عن طريق المستعمر البريطاني لم يكن جزاء من السودان إلا جغرافيا وحسب .

    صاح ... أنا زاتي بقول كِده ... وكذلِك جنوب السودان ...
    ــــــــــــــــــ
    Quote: سيبنا من دة لونه بمبي ولا دا نخرته بنفسجية ولا دا كراعو مقدودة كلها حاجات زرعا فينا المستعمر بغرض فرق تسود ونجح في ذلك في فترة حكومته لماليك السودان ذي ما فعل في الهند، جنوب افريقيا، أمريكا، استراليا، مصر، البرازيل و القائمة تطول

    والله أنا بِقيت أشفق على " الشَيطان " و" المُسْتعمِر " معقول ياخ أي بلا ندرعو في الإتْنين ديل ... يا خالِد أنا حأكتِب كم مره موضوع إنو عبدالرحمن المهدي وعلي الميرغني والشريف زين العابدين ، كتبو لِمُدير المُخابرات بِترجوهو ما يِحرِر العبيد المُسلِمين منهم وغير المُسلمين الفي السودان ... أها الخواجا الكافِر إبن الكَلب عاوِز يِحرِر العبيد والسادة الكِبار ، حملة القُرآن ودُعاة الإسلام في السودان حينذاك رافضين تحرير العبيد
    ــــــــــــــــــ
    Quote: ما هو مدي نجاح أو فشل دولة السودان المركبة لخدمة المستعمر البريطاني منذ الاسقلال أي منذ عام 1956؟ مقارنه بمماليك السودان الافريقيه قبل الاستعمار؟

    سؤال ما وجيهة ... ياخ المُستعمِر ده مرق مِن السودان عام 1956م واليَوم 2010م الدخل المُستعمِر في أيمان بلدنا شنو ... ياخ الإتحاد السوفيتي في 20 سنة بس ، إتْوحد ونشر أفكارو في العالم كلو وأصبح نديد لأمريكا والقُوة التانِية في الكُرة الأرضِية ... المُستعمِر دخلو شنو في الفِتنة الكان دايِر يسويها التُرابي بِحديثو بِتاع الغرباوِية/الجعلي ... معقول كِده ياخ؟!
                  

08-09-2010, 10:03 AM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    أخي الأُسْتاذ د. / Mohammed Tirab
    كيف حالك؟ علك طَيِب

    Quote: ونرجوا ان تستمر عقلانية الطرح
    حتى غلاف (الكتاب) الاخير

    ولا يِهِمْك يا دِكتور ... بندير الحِوار العقلاني مع العاقلين ... وبنهِد جهلنا فوق جهل الجاهِلين ... بِمْْشن سوا سوا ... العقل والجهل ... ما بِضُر تب بِالعمود ... أنا دايِر أوريكُم نهج جديد في إدارة الأعمِدة ، البِكون فوقا تشتيت كورة وغيرة ... أيوه غيرة لامِن يِفتح شِمالي مِتْلي عمود مُهتم بِقضيِة جنوبِية أو غرباوِية ، بِقوم بِتْجاوب معاهو ناس عاقلين مُتوازنين مِتِل الأخ " ساكِن " و" الصادِق " و" كيبا " وغيرُمْ كُتار ... وبرضو بِتطُل غيرة سالِبة مِتِل غيرة " بريمة " ولِسان حالو بِقول : [معقول ياخ عزام فرح يِناضِم فوق دارفور نا ... ويفْترِع عمود كمان لِتبني رفع دعوى قضائِية ضِد التُرابي لِحديثو بِتاع < الغرباوِية/الجعلي >] زي ده بتولاهو وأنا بِهِ لزعيم ...
    ـــــــــــــــــ
    مُداخلتك سمحه والله ومُفيدة ... طمعانين فوق الزيادة

    إحْتِراماتي ،،،
                  

08-10-2010, 10:28 PM

خالد كيبا
<aخالد كيبا
تاريخ التسجيل: 11-04-2009
مجموع المشاركات: 597

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    الأخ عزام تشكر مجددا

    أخي معذرة لاسلوب الخطاب أو الحديث للشخص الثالث و الجمع أحيانا( مثلا:سيبنا من دة لونه بمبي...) ما المقصود بيهم شخصك العزيز لدينا والله!
    الاستخدام بس للعرف السائد للخطاب و الناقش ليس أكثر ...

    ياتراي هل تعلم مدي أعجابي واستفادتي من آراك و مقترحاتك ...


    فيما يختص بموضوع حق الحكم الذاتي لدارفور...... والله أنا ما كنت عارف إنو في أغنية اسمها <نُريد الإنْفِصال> وذلك لقلة معرفتي بالسودان..... كنت مفتكر المجاز هو لب الجملة.....علي كلا دعنا نبحث الموضوع علميا حتي الكل يتوحد في الراي علميا وتكون للطلاب الفائدة الكبري.

    فيما يختص بالوضع السياسي و الاجتماعي الحالي للسودان لا أعلم شي منذ ما يقارب العشرين عام متفرج سلبي من الخارج.
    حاليا لو وجهته لي السوال " العدل والمُساوة " دي اهدافها شنو و التُرابي حديثو بِتاع الغرباوِية/الجعلي شنو ...أقول ليك والله أنا ماعرف في زمنا الحديث كان (الجعلي Vs. الشاقي) و (الحلفاوي Vs. المسجد) للمزاح والهزار فقط!

    Quote: ... يا خالِد أنا حأكتِب كم مره موضوع إنو عبدالرحمن المهدي وعلي الميرغني والشريف زين العابدين ، كتبو لِمُدير المُخابرات بِترجوهو ما يِحرِر العبيد المُسلِمين منهم وغير المُسلمين الفي السودان ...

    What I am sayin
    فيما يتعلق بالرق:
    الرق له تاريخ طويل في العالم مورس منذ آلاف السنوات عند قبائل افريقيا ،قبائل امريكا الهندية ، قبائل الوطن العربي ،قبائل اوربا و حتي سلطنة دارفور نفسها كان يمارس فيها الرق (القبلي و التجاري). كان الغرض منه عندهم إذلال واركاع القبائل المنافسة لهم في الأرض وحاجات إجتماعية من هذا القبيل. الرق التجاري عند الأروبين و العثمانين كان قطاع إقتصادي مهم لهم و تجاره منظمه و كان لية نظام هرمي بين الرق نفسهم وغالبا المذكورين أعلاه(عبدالرحمن المهدي/علي الميرغني/يوسُف الهندي) كانو بادو في واجبهم المكلفين بية. وظيفة عبيد البيت كانت وظيفة معروفه ويقال انهم كانو أكثر تشددا من المعلم نفسه ضد بني جلدهم. الفيلم Apocalypto جدير بالمشاهدة يحكي عن نهاية حضاره المايا في القرن السادس عشر و الرق القبلي المتواجد انذاك.

    سؤال:
    ما هو مدي نجاح أو فشل دولة السودان المركبة لخدمة المستعمر البريطاني منذ الاسقلال أي منذ عام 1956؟ مقارنه بمماليك السودان الافريقيه قبل الاستعمار؟
    Quote: سؤال ما وجيهة ...
    تشكر للراي الصريح
    السؤال وجهته لانو الخواجات علمونا إنو الدراسات لنتيجة ما(ايجابيه/سلبية) لازم و دائما بتكون مقارنه بين حالين..(Pro/Contra)

    Quote: ... المُستعمِر دخلو شنو في الفِتنة الكان دايِر يسويها التُرابي بِحديثو بِتاع الغرباوِية/الجعلي ... معقول كِده ياخ؟!

    الغريبة المستعمر نفسه بيقول إنو السبب للحال في إفريقيا...
    Quote: Sudan: The Long Legacy of the Colonial Past
    © 2004, IRED.Com, Inc., Simeon Mitropolitski
    Simeon Mitropolitski.
    Almost all African countries try to wrestle with the legacies inherited from their colonial periods. The former masters did little to help their former subjects to adapt to the modern technologies. European powers didn't care much about the education of the millions. Colonization wasn't intended to do anything else than promoting glory of the Europeans, extracting raw materials and making the life of the masters as pleasant as possible at the expense of all those who had to dig in the mines and supply cheap labor and bullet meal during war times.


    ناس علم النفس الاجتماعي بيقولو لتغير الحال الاجتماعي و العادات المكتسبة من نظام إجتماعي معين
    لكي تصل لحد التوازن أو التعادل تحتاج لضعف الزمن المستقرق لتاصيل ذاك النظام.

    عشان كده عزيزي عزام وأصل في الكتابة والاقتراحات المفيده وخلينا نتبادل الراي حتي نصل لنتيجه ذات فائدة للجميع
    لك كل احترامي
    أخوك أبدا Khalidkeba
                  

08-09-2010, 09:59 AM

Mohamed Doudi
<aMohamed Doudi
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3871

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    رمضان على الابواب ورجاء للاخوين بريمه وعزام بالكف عن هذا الهراء لانه عديم الجدوى ويسئ اليكما جميعا....لقد حسبت بانكما قد فتحتا صفحه جديده....
    المهم هذا البوست جميل ورجائى بان لا تحرفا البوست عن محتواه واخص تحديدا اخى بريمه ....عزام راسو ناسف ولكن الحوار الهادئ الهادف بيجيب تمنو معاهو

    رمضان كريم مقدما
                  

08-09-2010, 10:17 AM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: Mohamed Doudi)

    Mohamed Doudi
    Quote: رمضان على الابواب ورجاء للاخوين بريمه وعزام بالكف عن هذا الهراء لانه عديم الجدوى ويسئ اليكما جميعا....لقد حسبت بانكما قد فتحتا صفحه جديده....
    المهم هذا البوست جميل ورجائى بان لا تحرفا البوست عن محتواه واخص تحديدا اخى بريمه ....عزام راسو ناسف ولكن الحوار الهادئ الهادف بيجيب تمنو معاهو

    رمضان كريم مقدما

    ياخ سويت المَدردَم كلو ليمون ... هسِع أنا سألت بريمة ده ، ما جا ناطي لي في عمودي براهو ... أسوو شنو ، أربِع يديني وأسكُت ... عملتها قُبال ده ... ما وقف مِني ... أها أنا دي سِياستي الجديدة في الإسْفير ومِن قديم في الواقِع ... تشْتِم بضرب ... تضرب بحرِق ...

    غايتو في حيلة مُمْكِن تِسْتخدما ... تفُط مُداخلة بريمة وردي عليهو ... يعني لامِن تلقى مُداخلة لِعزام فرح ، مُعَنَوَنه لِبريمة حديدة الحِمار ، تفُطها وتمشي لِلبعديها ... البعديها قطِع شك حتعجِبك ... ولامِن تلقى مُداخلة لِبريمة لو كاتِب فوقا سورة الحمْدو ... فُطها ... ما عِندي شي ... حتضَيِع زمنك ساي ... مَخَير غايتو


    رمضان كريم
    (خلاص جِبتو وجيتو)
                  

08-09-2010, 10:35 AM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    خالِد كيبا
    Quote: حتي القلم والعقل يكونا المقياس للمواضيع المهمة دي ، نطرح الموضوعين للطلاب للقيام ببحث أكاديمي علمي اكرر أكاديمي محايد ليس له شي من السياسة و يدونا النتيجة للجدل والنقاش. ذي ما كل المجتمعات المتتطورة بتسوي. رايكم شنو؟

    مُقْترح مُمتاز جِدًا ... وأفتكِر لو مُقْترحك إتْنفذ ، حيُصنف كسابِقة ... ده شُغُل مُنظم بأدي لِنتائِج واضِحة ومُحايدة مُمكِن الناس على ضوءها تبني مواقِفا
                  

08-09-2010, 01:18 PM

محمد ادم الحسن
<aمحمد ادم الحسن
تاريخ التسجيل: 04-22-2009
مجموع المشاركات: 2177

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    آسف ياعزام يبدو انو في مشكلة في الجهاز
    كلما ما اضيف رد بيضاف مرتين


    سأحاول حل المشكلة

    ولك العتبي

    (عدل بواسطة محمد ادم الحسن on 08-09-2010, 01:29 PM)

                  

08-09-2010, 01:26 PM

محمد ادم الحسن
<aمحمد ادم الحسن
تاريخ التسجيل: 04-22-2009
مجموع المشاركات: 2177

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    ثم سارت الحكومات المتعاقبة علي الحكم في السودان علي نفس نهج الانجليز.
    واتذكر رائعة القدال بين الخليفة وأمونة بت حاج احمد
    جهدية الاورطية
    جهدية الحلبونا
    شدو جمالم جونا
    حلبنا ليهم سمسم
    والسمسم ما كفاهم
    جلبنالهم سعية

    * ** *
    الدكتور صديق أمبده – كلية الاقتصاد والدراسات التنموية في دراسة (قيمة له) ذكر أن نصيب دارفور من التنمية 5%
    وهو ما يقدر ب 26 مليار دولار.
    طيب:
    التنمية في السودان تقوم بها الدولة من الميزانية العامة أو الإستدانة من النظام المصرفي... وفق الأولويات الاتية
    - مرتبات العاملين
    - الخدمات العامة
    - التنمية.
    الإنفاق التنموي لكل ولايات السودان يتم من المركز (أي من الميزانية العامة)
    ولكن في دارفور يتم تخصيص ميزانية للتنمية وهو مايعرف بالصرف من بنود أخري
    بحيث يصرف الفائض من مخصصات أصلا كانت لدارفور يعاد إدخالها في برامج التنمية هكذا تسير الأمور.
    وهو ما يظهر عدم تطابق في أسس الصرف.
    * مساهمة دارفور في الدخل القومي تقدر ب 12 % (واحد يصحح لي المعلومة دي)
    من 12% بدونا 5% فقط !!! (ياخي فيكم الخير أدونا النص علي الأقل)

    علي سبيل المثال المدعو (طريق الإنقاذ الغربي)
    حرم إقليم دارفور كله من حصته في سكر التموين لمدة 3 سنوات وفي النهاية (أختلف اللصان)
    وحصل جدل بين قيادات الإسلاميين وقالوا خلوها مستورة.
    لا لمينا في طريق ، ولا اتهنينا بسكر.
    لكن فليعلم القال عنهم حميد:
    ديل لا بخافوا من الحساب ،
    لا بختشوا ولا بشبعوا
    نصيب ناس دارفور في السكر الإ تآكل دا ، أكان اكلو علي الحاج بطرشو دم وكان اكلو عمر البشير بطرشو دم...
    طال الزمن ام قصر.
    ياخي نحن 3 سنوات بنشرب شاي بالبلح..
    ناس بيساهموا في الدخل القومي ب 12 % تحشر 4 مليون منهم في معسكرات تأكلهم وتشرب فيهم المنظمات
    وتجي تقول لي كتاب أزرق ؟

    اواصل الحديث....

    ملحوظة____________
    ياعزام الخمسة في المية القالها د.صديق تساوي 26 مليار دولار سنوياً بناخد منها 5 % شوف ال 7 %بتساوي كم؟
    واضربها في عشرين سنة ، وبالمرة شوفها بتمشي وين؟ لغاية ما اجيك راجع
                  

08-09-2010, 04:20 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: محمد ادم الحسن)

    محمد آدم الحسن

    بذكِرك ، أنا ما واقِف معاك/ضِدك يا خوي ... أنا عاوِز أعرِف ... عاوِز أفهم بس ... عاوِز أبني رأي في شأن دارفور الإنسان والأرض ، بِناءٍ على معلومات صحيحة ...

    ــــــــــــــ
    Quote: ناس بيساهموا في الدخل القومي ب 12 % تحشر 4 مليون منهم في معسكرات تأكلهم وتشرب فيهم المنظمات وتجي تقول لي كتاب أزرق ؟

    لازِم أقول كِده ... لأنو عِندي مصدرين بستقي مِنو المعلومات بِشأن دارفور :
    (1) الحكومة
    (2) المُعارضة

    والإتْنين أنا قِنِعْت مِنهُمْ ... لا بثِق في ديل ولا في ديل ... أخير أدبِر حالي مع الطرف الفي الأرض

    ــــــــــــــ
    Quote: ياخي نحن 3 سنوات بنشرب شاي بالبلح..

    غريبة ، أنا بين عام 1992 و1998م كُنت ببيع شوال "البلح" البِطلع مِن أرضي في الخرطوم (السجانة) بين 150 ألف جنية سوداني قديم و200 ألف جنية في نفس وقت ورودو مِن المحس ، ولو خزنتو قريب رمضان بِِصل إلى 300 ألف جنية أقل/أكتر شوية ، وشوال السُكر التِجاري حينذاك كان سِعرو أقل مِن شوال البلح في وقت حصادو وأقل كتير جِدًا جِدًا لو التمر أتخزن كام شهر ...

    السؤال : إنتو وِكتين كُنتو بِتقدرو تشترو "بلح" تشربو بيهو الشاهي ، ليه ما إشْتريتو "سُكر" تِجاري والسُكر سِعرو أقل مِن البلح؟

    ده سؤال (السكر/البلح) بِحدِد مِصداقِية المعلومات البِتكْتِبا لينا هِنا ده خُصوصًا وإنت الكاتِب لي مِن قبل في مُداخلة ليك بِفوق :
    Quote: إذا كنت علي إستعداد لتفيك صور هذا التهميش سوف نناقش، أما إذا كان (كمناطحة طواحين دون كيخوت) فلك منا العذر

    ـــــــــــــ
    Quote: ياعزام الخمسة في المية القالها د.صديق تساوي 26 مليار دولار سنوياً بناخد منها 5 % شوف ال 7 %بتساوي كم؟
    واضربها في عشرين سنة ، وبالمرة شوفها بتمشي وين؟ لغاية ما اجيك راجع

    لا يا خوي أنا ما بحسِب أيُتها حاجة " البيِنة على مَن إدعى " إنتو كدارفورِيين إدعيتو التهميش وعدم التنمِية المُتوازنة ... يبقى عليكُم إثبات ذلِك ... أكْتِبو البِتعرِفوهو في هذا الشأن ... أنا وآخرين حنْفنِد أقوالكُم ونفحصا ونجري عليها جرح وتعديل ... الشُغل حيتِم كِده


    واصِل يا خوي ... نِحنا مُتابعين بِإهْتِمام وتركيز
                  

08-10-2010, 04:03 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    تلخيص وتدقيق ، لِما كتبهُ :
    أبوالقاسم إبراهيم الحاج
    إتحاد عام روابط أبناء دارفور
    جمعية أبناء المساليت بالخارج

    يُعْتبر أقليم دارفور مِن أكبر الأقاليم في السودان ، ويضُم ثلاث أقاليم مُتداخِلة ، تمتد مِن الصحراء الكُبرى في الحدود مع ليبيا شِمالاً وحتى بحر الغزال جنوبًا ، ومِن كُردُفان شرقًا وحتى تشاد غربًا ، وتُجاوِر ثلاث دُول : ليبيا / تشاد / إفريقيا الوُسطى. يسكُن هذا الإقليم قبائِل مِن أُصول إفريقِيو وأُخرى عربِية ، وهُناك بعض القبائِل الوافِدة (إفريقِية وعربية)

    أولاً : القبائل العربية
    [أ] شمال دارفور :-
    (1)الزيادية (الكومة - مليط - أم هجليج - سارية)
    (2) أب جلول (مابين كتم وكبكابية)
    (3) المحاميد(مابين كتم وكبكابية)

    [ب] غرب دار فور :-
    (1) الترجم (أغلبهم هاجر إلى منطِقة جبال مرة وولاية جنوب دارفور)
    (2) المهادي (أغلبهم هاجر إلى منطقة جبال مرة وولاية جنوب دارفور)
    (3) بطون المهرية - الرزيقات الأبالة :
    - النوايبة
    – أولاد جنوب
    – الشقيرات
    – أولاد زيت
    – أولاد تاكو
    – اولاد مرمي
    – ألنجعة
    – أم جوجو

    [ج] جنوب دارفور :-
    (1) الرزيقات البقارة (الضعين – عسلاية)
    (2) تمساح
    (3) المعالية (عديلة - أبو كارنكا)
    (4) الهبانية (برام)
    (5) بنو هلبة (عِد الفرسان)
    (6) التعايشة

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ثانِيًا : القبائل الغير عربية
    [أ] شمال دارفور :-
    (1) الميدوب (المالحة – جبل عيسى – الحاره)
    (2) البرتي (الصباح – مليط - الطويشة)
    (3) الزغاوة (كرنوي – مزبد – الوخايم – طينة)
    (4) التنجر (كتم – كجمر - أبوسكين )
    (5) الفور (طويلة - ثابت - الفاشر)
    (6) البرقو (قبيلة وافدة / مرشنق – خور أبشي – شنقل طوباية)
    (7) الميما (ودعة – قسة جمد)

    [ب] غرب دارفور :-
    (1) المساليت (الجنينة – كرينك – بيضة – فوربرنق)
    (2) البرقو (دار الجنينة وحتي تشاد وهم موسسي مملكة وادي في تشاد)
    (3) التاما (أم شلاية)
    (4) القمر (قبيلة إفريقية ولكن ليس لديها لهجات كالبرقد والبرتي)
    (5) البرنو (قبيلة إفريقية من غرب افريقيا / الجنينة) ومن أبرز شخصياتِها ، د. على الحاج
    (6) الارينقا
    (7) المسيرية جبل
    (8) الفور (زالنجي - غرب جبل مرة - وادي صالح) مِن أبرز شخصياتِها السلطان على دينار والسلطان محمد الفضل والسلطانسليمان سولونج - دريج – د. التجاني السيسي ود. جمال وعبدالواحد محمد نور رئيس ومؤسس حركة تحرير السودان


    [ج] جنوب دارفور :-
    (1) الداجو (قبيلة إفريقية / نيالا - أم كردوس - بليل)
    (2) الزغاوة (خزان جديد – لبدو – المهاجرية)
    (3) البرقو (شعيرية - نجد- البرتي)
    (4) المساليت (قريضة –جوخانة زرقة - أم دخن)
    (5) الفلاتا (تلس)
    (6) الفور
    (7) البينقا
    (8) الصونقو
    (9) الكارا (قبيلة وافدة / أم دافوق - دفلق)
    (10) أبو درق





    ــــــــــــــــ
    المصدر :
    <a href="http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=print&board=7&msg=1094051142&rn=" target=_self>اهم القبائل العربية وغير عربية في دارفور

    (عدل بواسطة عزام حسن فرح on 08-10-2010, 04:05 PM)

                  

08-10-2010, 04:15 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    بيان من منبر جبال النوبة الإلكتروني الديمقراطي بدول المهجر حول المطالبة بحق تقرير المصير لمنطقة جبال النوبة

    Quote: ياجماهير الشعب السودانى:

    نحن نسعى الى تحقيق تقرير المصير و نعمل فى إطار السودان الواحد ولكن نؤكد إذا إستحالت شروط قيام دولة المواطنة الموحدة ، أننا سوف نتمسك بحقنا فى تقرير المصير حتى لو أدى ذلك الى تحقيق الإنفصال أو دولة مستقلة ، لأنه حق أصيل للشعوب المهمشة عل حسب إعلان الأمم المتحدة بحق الشعوب الأصيلة فى المادة (4 ) - للشعوب الأصلية في ممارسة حقها في تقرير المصير ، الحق في الاستقلال الذاتي أو الحكم الذاتي في المسائل المتصلة بشؤونها الداخلية والمحلية ، وكذلك في سبل ووسائل تمويل مهام الحكم الذاتي التي تضطلع بها - فلذلك لا خيار أمام شعب جبال النوبة إلا أن يأخذ حقوقه كاملة غير منقوصة ما دامت حكومات المركز ظلت تتنكر لحقوق الشعوب المهمشة فى السودان ، لذلك نعتبرها تمثل الحل الناجع ، وإن موقفنا واضح حول تمسكنا الثابت بمطالب جبال النوبة في تقرير المصير وهذا موقف لا تراجع عنه.
    أنظُر البيان كامِلاً بِالرابِط أدناه :
    http://www.sudaneseonline.com/ar3/publish/article_2846.shtml
                  

08-10-2010, 09:00 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    الأخ عزام، تحياتي ورمضان كريم:
    • موضوع البوست وفكرته جيدة، ولكن هناك العديد مع المداخلات أضعفت من مواصلة النقاش لبعدها عن جوهر الموضوع.
    • إذا لم يكن لديك مانع فما رأيك في نقل النقاش إلى بوست منفصل نحاول أن نبتعد فيه قدر الإمكان عن المشاكل الجانبية، ويتم التركيز فيه على التهميش في دارفور تحديداً بالمقارنة مع الإقليم الشمالي (نهر النيل والشمالية) وفقاً للمعلومات المتوفرة؟.
                  

08-11-2010, 06:46 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    ياسِر أحمد محمود
    تصوم وتفطُر على خير

    Quote: الأخ عزام، تحياتي ورمضان كريم:
    • موضوع البوست وفكرته جيدة، ولكن هناك العديد مع المداخلات أضعفت من مواصلة النقاش لبعدها عن جوهر الموضوع.
    • إذا لم يكن لديك مانع فما رأيك في نقل النقاش إلى بوست منفصل نحاول أن نبتعد فيه قدر الإمكان عن المشاكل الجانبية، ويتم التركيز فيه على التهميش في دارفور تحديداً بالمقارنة مع الإقليم الشمالي (نهر النيل والشمالية) وفقاً للمعلومات المتوفرة؟.

    وهل نستطيع أن نمنع المُداخلات التي تُضْعِف النِقاش في العمود الذي تقْترِحهُ؟ لنكْتُب هُنا ما نُريد ، الزين والشين ، وسيبقى ما ينفع الناس ... وأرى أن ينحصِر النِقاش في المَوجود/الغير مَوجود في دارفور ، فإن التهميش الذي يقول بِهِ أبناء دارفور ، ظل لنا هُلامي ، نُريد أن نُوضِح حقيقتِهِ ، حتى نبني على ضوء ماينتجهُ هذا العمود مواقِفُنا ونكون على بَيِنة مِن أمرِنا ...
                  

08-13-2010, 02:02 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    Quote: التهميش الذي يقول بِهِ أبناء دارفور ، ظل لنا هُلامي ، نُريد أن نُوضِح حقيقتِهِ ، حتى نبني على ضوء ماينتجهُ هذا العمود مواقِفُنا ونكون على بَيِنة مِن أمرِنا ...

    حسناً سنواصل في هذا البوست، و سنورد الحقائق التي توضح إختلال توزيع التنمية والخدمات بين دارفور والشمالية.
                  

08-13-2010, 02:33 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    أولاً: السكان:
    • وفقاً للإحصاء السكاني الذي جرى في السودان في 2008م فإن:
    عدد سكان الولاية الشمالية يبلغ : 699.000 نسمة، وهو ما يساوي نسبة 1.8% من جملة سكان السودان.
    عدد سكان ولاية نهر النيل يبلغ: 1.819.000 نسمة، وهو ما يساوي نسبة 2.9% من جملة سكان السودان.
    وعليه، فإن نسبة سكان الإقليم الشمالي (ولايتي نهر النيل والشمالية) تبلغ 4.7% من إجمالي سكان السودان .

    -----------------------------------------------------------------------------------------------

    عدد سكان ولاية شمال دارفور يبلغ: 2.113.000 نسمة، وهو ما يساوي نسبة 5.4% من جملة سكان السودان.
    عدد سكان ولاية جنوب دارفور يبلغ: 4.093.000 نسمة، وهو ما يساوي نسبة 10.5%من جملة سكان السودان.
    عدد سكان ولاية غرب دارفور يبلغ: 1.308.000 نسمة، وهو ما يساوي نسبة 3.3% من جملة سكان السودان.
    وعليه، فإن نسبة سكان دارفور (ولايات شمال، غرب، جنوب دارفور) تبلغ 19.2% من إجمالي سكان السودان .

    أي أن عدد سكان دارفور يمثّل أكثر من أربعة أضعاف عدد سكان الإقليم الشمالي!.



    ----------------------------------
    نواصل...

    (عدل بواسطة ياسر احمد محمود on 08-13-2010, 02:46 PM)

                  

08-13-2010, 03:20 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    ياسِر أحمد محمود

    يا خوي العمود ده معمول علشان نشوف العِند دارفور شنو ، مُش الما عِندها شنو ، لأن الما عِندو كُتار ... وده شرحتو في أول العمود ، عاوزين نعرِف كم زول مِن دارفور شغال في الصف الأول والتاني والتالث والرابع في حكومة الإنقاذ ... لأني أنا مثلاً مِمكِن أملأ دفاتِر في الحاجات الما عِندي ... لكِن الحاجات العندي ما بتحصل صفحة دفتر واحِد ... علشان كِده نحنا عاوزين نعرف العِند دارفور شنو ، مُش الما عندها شنو
                  

08-13-2010, 05:28 PM

Elsanosi Badr
<aElsanosi Badr
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 4166

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    العزيز عزام وزواره الكرام رمضتن كريم
    تصحيح بسيط
    Quote: – الشقيرات
    – أولاد زيت
    – أولاد تاكو
    – اولاد مرمي
    – ألنجعة
    – أم جوجو



    Quote: أولاد زيت
    الاسم الصحيح هو اولاد زيد وهم ينتمون الي زيد العلوي وهم فرع من المحاميد واكبر فروعهم اولاد غنيم واولاد شهوان وغيرهم

    كذلك لا يوجد اي قبيله اسمها ام جوجو ... ويبدو انه لقب اطلقه بعض المنتميين الي القبائل الافريقيه لبعض الاعراب من المحاميد والكبابيش والكواهله والمهريه الذين ياتون الي المناطق التي تقطنها القبائل الافريقيه في مواسم الجفاف اذ تاتي هذه القبائل من الشمال الصحراوي الي مناطق العشب في الصيف


    ولك جزيل الشكر
                  

08-13-2010, 08:33 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: Elsanosi Badr)

    ثانياً: الصحة


    • المؤشرات الصحية بولاية نهرالنيل وفقاً لإحصائيات 2008م:-
    - عدد المستشفيات لكل 100.000 من السكان: 2.7 مستشفى.
    - عدد الأسّرة (Beds) لكل 100.000 من السكان: 160.7 سـرير.
    - معدّل الأطباء لكل 100.000 من السكان: 20.4 طبيب.
    - معدّل أطباء الأسنان لكل 100.000 من السكان: 0.9 طبيب.
    - معدّل الأخصائيين لكل 100.000 من السكان: 5.2 أخصائي.

    • المؤشرات الصحية بالولاية الشمالية وفقاً لإحصائيات 2008م:-
    - عدد المستشفيات لكل 100.000 من السكان: 3.7 مستشفى.
    - عدد الأسّرة (Beds) لكل 100.000 من السكان: 221 سـرير.
    - معدّل الأطباء لكل 100.000 من السكان: 21 طبيب.
    - معدّل أطباء الأسنان لكل 100.000 من السكان: 1 طبيب.
    - معدّل الأخصائيين لكل 100.000 من السكان: 6 أخصائي.

    • المؤشرات الصحية بولاية شمال دارفور وفقاً لإحصائيات 2008م:-
    - عدد المستشفيات لكل 100.000 من السكان: 0.8 مستشفى.
    - عدد الأسّرة (Beds) لكل 100.000 من السكان: 42.4 سـرير.
    - معدّل الأطباء لكل 100.000 من السكان: 7 طبيب.
    - معدّل أطباء الأسنان لكل 100.000 من السكان: 0.2 طبيب.
    - معدّل الأخصائيين لكل 100.000 من السكان: 1 أخصائي.
    • المؤشرات الصحية بولاية جنوب دارفور وفقاً لإحصائيات 2008م:-
    - عدد المستشفيات لكل 100.000 من السكان: 0.4 مستشفى.
    - عدد الأسّرة (Beds) لكل 100.000 من السكان: 42.8 سـرير.
    - معدّل الأطباء لكل 100.000 من السكان: 2.8 طبيب.
    - معدّل أطباء الأسنان لكل 100.000 من السكان: صفر طبيب.
    - معدّل الأخصائيين لكل 100.000 من السكان: 0.5 أخصائي.

    • المؤشرات الصحية بولاية غرب دارفور وفقاً لإحصائيات 2008م:-
    - عدد المستشفيات لكل 100.000 من السكان: 0.5 مستشفى.
    - عدد الأسّرة (Beds) لكل 100.000 من السكان: 45.3 سـرير.
    - معدّل الأطباء لكل 100.000 من السكان: 3.6 طبيب.
    - معدّل أطباء الأسنان لكل 100.000 من السكان: 0.1 طبيب.
    - معدّل الأخصائيين لكل 100.000 من السكان: 1.2 أخصائي.



    نواصل..

                  

08-13-2010, 09:42 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)

    ثالثاً: التعليم العام

    • ولاية نهر النيل (إحصائيات 2008م):-
    - عدد مدارس الأساس: 740
    - عدد المعلمين بمدارس الأساس: 8819
    - عدد الطلاب لكل معلم: 20.6
    - عدد المدارس الثانوية الأكاديمية: 160
    - عدد المعلمين بالمدارس الثانوية الأكاديمية: 2372
    - عدد الطلاب لكل معلم: 12.7.


    • الولاية الشمالية (إحصائيات 2008م):-
    - عدد مدارس الأساس: 463
    - عدد المعلمين بمدارس الأساس: 5919
    - عدد الطلاب لكل معلم: 19
    - عدد المدارس الثانوية الأكاديمية: 88
    - عدد المعلمين بالمدارس الثانوية الأكاديمية: 2372
    - عدد الطلاب لكل معلم: 13.3.


    • ولاية شمال دارفور (إحصائيات 2008م):-
    - عدد مدارس الأساس: 851
    - عدد المعلمين بمدارس الأساس: 7120
    - عدد الطلاب لكل معلم: 49.2
    - عدد المدارس الثانوية الأكاديمية: 111
    - عدد المعلمين بالمدارس الثانوية الأكاديمية: 1310
    - عدد الطلاب لكل معلم: 24.


    • ولاية جنوب دارفور (إحصائيات 2008م):-
    - عدد مدارس الأساس: 1693
    - عدد المعلمين بمدارس الأساس: 8262
    - عدد الطلاب لكل معلم: 45.4
    - عدد المدارس الثانوية الأكاديمية: 150
    - عدد المعلمين بالمدارس الثانوية الأكاديمية: 1820
    - عدد الطلاب لكل معلم: 27.7.


    • ولاية غرب دارفور (إحصائيات 2008م):-
    - عدد مدارس الأساس: 938
    - عدد المعلمين بمدارس الأساس: 6803
    - عدد الطلاب لكل معلم: 36.9
    - عدد المدارس الثانوية الأكاديمية: 59
    - عدد المعلمين بالمدارس الثانوية الأكاديمية: 1106
    - عدد الطلاب لكل معلم: 16.1.





    ---------------
    نواصل...





                  

08-13-2010, 10:20 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: ياسر احمد محمود)
                  

08-13-2010, 10:13 PM

ياسر احمد محمود
<aياسر احمد محمود
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: < الكِتاب الأزرق > دارفور الإنسان والأرض (Re: عزام حسن فرح)

    Quote: ياسِر أحمد محمود

    يا خوي العمود ده معمول علشان نشوف العِند دارفور شنو ، مُش الما عِندها شنو ، لأن الما عِندو كُتار ... وده شرحتو في أول العمود ، عاوزين نعرِف كم زول مِن دارفور شغال في الصف الأول والتاني والتالث والرابع في حكومة الإنقاذ ... لأني أنا مثلاً مِمكِن أملأ دفاتِر في الحاجات الما عِندي ... لكِن الحاجات العندي ما بتحصل صفحة دفتر واحِد ... علشان كِده نحنا عاوزين نعرف العِند دارفور شنو ، مُش الما عندها شنو


    الأخ عزام:
    • أوردت أنت في بداية البوست انك تريد معرفة:

    Quote: - هل دارفور الإنسان والأرض مظلومة بِالصورة التي يُسَوِقُها لنا الدارفورِيين؟

    وأنا أحاول أن أثبت لك بالحقائق أن دارفور مظلومة ومهمشة بشكل منهجي من قبل النخبة النيلية التي حكمت البلاد منذ خروج المستعمر.
    • وجود بعض أبناء دارفور في السلطة لا يعني أن هؤلاء بيدهم السلطة فعلياً، فوجودهم ديكوري من أجل إضفاء مسحة قومية على حكم الشماليين.
    • والكتاب الأسود أثبت أن حظ دارفور في السلطة، منذ الإستقلال ولغاية الآن، هامشي جداً. وهذا الكتاب لم يفتر كذباً بل سرد حقائق ظاهرة للعيان يمكنك مراجعتها في الروابط التالية:
    الجزء الأول
    الجزء الثاني
    • ولعلك تذكر ان رئيس النظام عمر البشير سبق له أن اعترف بأن الكتاب الأسود عبارة عن دراسات رسمية أعدتها رئاسة الجمهورية في فترة ما. بمعنى أنها ليست تلفيقات (غرّابة حاقدين):

    Quote: وكشف السيد رئيس الجمهورية ان الكتاب الاسود هو بالاساس دراسة اعدتها رئاسة الجمهورية للاطلاع على خارطة المشاركة السياسية في السلطة على مستوى المركز. وأضاف البشيرأنه كان من نتائج الدراسة ان وجدنا مشاركة أبناء دارفور منذ الحكم الذاتي حتى قيام الانقاذ على مستوى المركز كان ستة أشخاص فقط.
    المصدر


    • ثم دعنا نفترض، جدلاً، بأن لدارفور تمثيل في السلطة فهل ينفي هذا حقيقة الإختلال التنموي الموجود في السودان؟
    • إن القرارات في السودان تتخذها دائرة شمالية ضيقة جداً، ولو كان أهل دارفور ضمن هذه الدائرة لما هُمّشت مناطقهم.

    (عدل بواسطة ياسر احمد محمود on 08-13-2010, 10:24 PM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de