دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: وداعا محمد عفيفي مطر.. وداعا حصان الحرية الجامح (Re: أسامة عبد الجليل)
|
هلاوس ليلة الظمأ
( كتبها فى معتقل طرة عام 1990.)
غبشُ يبلله دخول الليل، والغيطان تسحب من بدايات النعاس تنفس الإيقاع منتظمًا على مد الحصيرة والمواويل، - الزمان كأنه فجر قديم مستعاد - قد كنت مضطجعا أعابث شعر بنتىَّ الصغيرة أفزعتها قشرة الدم والصديد على عظام الأنف - أهذى أم هى الزنزانة انفتحت على زمانين واتسعت على هول المكان؟! - ريق وجمرة حنظل، تتشقق الشفتان: -: يا عبد العليم ما للجرار ادحرجت والقلة الفخار عفرها الرماد والملح، والنهر القريب مشقق، ما للتحاريق ارتعت بالجمر والنسج المهلهل أعظمى وأديم هذا الليل يا عبد العليم!! أهذى وألهث أم هى البنت الصغيرة من ظلام الغيم تخرج فى يديها الكوز والإبريق تلمع فى نحاسهما الزخارف بالعناقيد المنداة؟! التفت.. فراعها أن القيود تعض لحم المعصمين فيرشح الدم فاستدارت وارتمت فى عثرة الرهبوت -: قد نبهت رحمة أن يكون الماء والفخار مشمولين بالسعد المفوح واللبان قال المخنث للمخنث: إن هذا الأهبل المجنون يهرف بالكلام (فعرفت أنهما هما.. والجسر بين الصالحية والرشيد مرجِّعٌ للبلغم الدهنى فى صوتيهما) قال المخنث للمخنث: إن نوبة نومى اقتربت فأخرس صوته بعصاك فانفجرت برأسى الصاعقة كان الصدى متشظيا بدم الهلاوس آه يا عبد العليم لم يترك الأهلون من نبل العصا فى لعبة التحطيب ميراثا بأوغاد الزمان النذل هل رجل وضربته تجىء من الوراء!! أدرك دمى بالبن بعد الماء يا عبد العليم كانوا ثلاثة أصدقاء والموت رابعهم، وأيديهم تجمعها قصاع الفت فى ليل الموالد بعد رقص الذكر والتخمير.. كان أبوك يهدر فى مقام الحشد تأخذه الجلالة، وجهه الطينى يلمع، والعصى فى إصبعيه تدور مثل مغازل الأفلاك يا جمل المحامل – إنه جمل يطمطم من ضراب الرقص فى أعضائه.. يا أم هاشم.. ثم تنكسر العصى على عصاه ثانيهمو ينشق عنه الحشد: قفطان يضيئ بياضه الزهرى، والشال المرفرف، بسطة الأفيون، والقد النحيل كالخيزرانة، والعصا ليست ترى من كرها بين اليدين يفح، يصفر، يرتمى وتداً يلين وينثنى كالصل.. آه وألف آه هى نقرة الطرف الرشيق من العصا بفجاءة التلميح والتصريح.. لا تجدى مقاومة ولا يجدى دفاع اللاعبين يعلو ضجيج الحشد ما بين الصهيل الحر والفوضى وإنشاد الذهول مس وطائف بهجة ورؤى جنون الوصل توصل نشوة الملكوت بالإنسان فى وجد الجنون حتى إذا اقتربت خطى عمى معوض بالعصا حط السكون هو صخرة قدت من الأهواء والخمر الرخيص فأفردته العائلة هجرته زوجته وفر بنوه فى تسعينه الأولى فزوجته الزجاجة والعصا والذكريات مع النساء كفاه كالمذراة ساعده عروق السنط خطوته انصباب السيل، كان الحشد ينصت وهو تغمز عينه ببقية من كحلها المعتاد من عسل وششم، دار ملتفتاً إلى ركن النساء على السطح وحاجباه يراقصان الشمس والحناء والذكر الغويّة، ثم مر اللاعبون وتخلعت أعضاؤه خشباً وفولاذاً ورقصاً عارى الإيماء كان اللاعبون أمامه لعباً تطيش عصيهم وتطيب من أيديهمو والكحل فى عينيه يغمز للنساء والليل يطوى خيمة الصبح المعفر لانعقاد الذكر والتخمير.. واشتبكت أصابعهم بدفء الفت واللحم السمين، ورابع الأصحاب يرقبهم، يطيف على الرؤوس مرفرفاً كالصقر، ينسج من تواشيج الصبابة والولاية مدرج الكفن الحرير.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وداعا محمد عفيفي مطر.. وداعا حصان الحرية الجامح (Re: الجندرية)
|
الشاعر : محمد عفيفي مطر
التقينا به في زمان قديم ، جاء للسودان مدعواً لحضور مهرجان الثقافة الأول 1978 في السودان أيام مايو . وكان برفقته الشاعر الأبنودي . استطاع لفيف من المثقفين وفيهم الكاتب الأستاذ " محمد سليمان " " عضو مدونة سودانيزأونلاين ، اجتمعوا بعد تسريب الشاعرين " محمد عفيفي والأبنودي " والذهاب بهم لمنزل الصديق الكاتب : " صلاح حسن أحمد " في حي العمدة بأم درمان ، وأفلتنا من الرقابة " المايوية " اللصيقة للمدعوين ، وكانت أمسية بدأت في التاسعة مساء وإلى حوالي الرابعة من صباحاً . قرأ لنا الأبنودي شعراً لم نعرفه من فخامة جرسه وتناوله الحياة المصرية وكشف الظلم الذي يحيك بعامة الشعب في شعر عامي راقٍ ، وقرأ لنا الشاعر " محمد عفيفي مطر " قصائد من اثنين من دواوينه الشعرية . ثم افتتح نقاش على مستوى عال من المهنية والحرفية ، تتناول نصوص الشعر ، ولغة الشعر ، وضعف الشعر حين يستدين من " الأمثال " واقتباس لغتها ودمجها في لغة الشعر ، وكان المعني بذلك الشاعر الراحل " محمد عفيفي مطر " وانبرى للنقد لفيف من كتاب وأدباء السودان ، وجلس الشاعر الراحل لنقد حرفي في الشعر وأفقه ومدارسه ومنظور القصائد في الشعر العربي . وقد حار الشاعر : كيف يرد على النماذج التي تم عرضها من لغته الشعرية ، وكان يوماً غنياً بالرؤى ، وقد ارتبك الشاعر الراحل كثيراً ، إذ لم يتوقع أن يجد قراء لدواوينه ، أو نظرة نقدية مؤسسة لشعره ، فقد كان يأمل أن يجد المستمعين الذين يصفقون ولا شيء . * محمد عفيفي مطر(1935 - 28 يونيو 2010[1])، شاعر مصري ولد بمحافظة المنوفية تخرج في كلية الاداب ـ قسم الفلسفة. حصل على جائزة الدولة التشجعية في الشعر عام 1989 وحصل على التقديرية 2006 وصدرت أعماله الكاملة عن دار الشروق عام2000 يعتبر مطر من أبرز شعراء جيل الستينات في مصر، وقد تنوّعت مجالات عطائه بين المقالات النقدية وقصص الأطفال وترجمة الشعر، وفاز بجوائز عديدة منها جائزة سلطان العويس في 1999. ومن دواوين عفيفي مطر 'الجوع والقمر' الذي صدر في دمشق عام 1972، 'ويتحدث الطمي' الذي صدر في القاهرة عام 1977، ورباعية 'الفرح'، وصدر في لندن عام 1990، واحتفالية 'المومياء المتوحشة'، وصدر في القاهرة عام 1992م
* ألف سلام على الشاعر في حياته الإبداعية التي أثرى بها الشعر العربي وألف سلام عليه في المآل ، والشكر للفيف الشعراء والمثقفين السودانيين الذي لهم الباع في الشعر وفي النقد ، وظلمهم الإعلام وضعف النشر .
* الشكر الجزيل لصاحب الملف واضيافه الكرام وضيفاته الفضليات . *
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وداعا محمد عفيفي مطر.. وداعا حصان الحرية الجامح (Re: عبدالله الشقليني)
|
شكرا للأخ الكاتب والناقد الأديب عبد الله الشقليني ، على هذه المساهمة التوثيقية الهامة، والتي وثقت لزيارة شاعرنا الراحل إلى السودان في سبعينات القرن الماضي ، والتي لم نكن نعرف عنها الكثير. فلقد بدأت علاقتنا ، أنا وبعض أبناء وبنات جيلنا من المهتمين، بالإنتاج الشعري لمحمد عفيفي مطر في منتصف الثمانينات ، بعيد إطلاعنا على ديوانه الذي أثار جدلا واسعا في ذلك الحين . ذلك الديوان المسمى (أنت واحدها وهي أعضاؤك إنتثرت). فلقد أثارت إنتباهنا تلك المجموعةالشعرية التي إفتتحها بقصيدة محتشدة بالجرأة في شكل إهداء يقول فيها:
(جرأة إهداء.. إلى محمد.. سيد الأوجه الصاعدة.. وراية الطلائع من كل جنس.. منفرط على أكمامه كل دمع.. ومفتوحة ممالكه للجائعين.. وإيقاع نعليه كلام الحياة فى جسد العالم)
شكرا مرة أخري للأخ الكاتب عبد الله الشقليني لهذه المشاركة القيمة التي ساهمت في إضاءة منجزات هذا الشاعر الكبير الذي رحل دون أن تحقق قصائده ما تستحق من إنتشار . الغالب أن السبب الجوهري في تغييب المساهمات الشعرية للشاعر الراحل يكمن في مواقفه السياسية وإنحيازاته الفكرية. سلام عليه في الخالدين.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وداعا محمد عفيفي مطر.. وداعا حصان الحرية الجامح (Re: أسامة عبد الجليل)
|
وداعا يا مطر الشعر ______________
توفي الشاعر المصري محمد عفيفي مطر عن خمسة وسبعين عاما، بعد معاناة مع المرض وغيبوبة طوال الأسبوع الماضي، ليودع أهله الاثنين 28-6-2010 في منزله بمحافظة المنوفية (جنوب الدلتا) في مصر.
يذكر أن مطر ولد عام 1935 بمحافظة المنوفية وتخرج في كلية الآداب من جامعة عين شمس، ، ويعد من أبرز شعراء جيل الستينات في مصر، ورأس محمد عفيفي مطر تحرير مجلة "سنابل" الثقافية الشهرية، وفاز بجوائز عديدة منها جائزة سلطان العويس من الإمارات في 1999، وجائزة طه حسين من جامعة المنيا ، وهو حاصل على جائزة الدولة التقديرية في عام 2006 بمصر، و جائزة الشعر من المؤسسة العالمية للشعر في روتردام (هولندا).
قالت عنه لجنة التحكيم في جائزة سلطان العويس إن "تجربته الشعرية أصيلة متنامية تستند إلى التراث الشعري العربي، قديمه وحديثه ، والشعر العالمي بمجمله، والموروث الشعبي والمعرفة الفلسفية، وتأمل الواقع الراهن والالتزام بقضاياه مما أتاح له تطوراً مفتوحاً متجدداً".
" ولعل المقارنة بين ديوانه "النهر يلبس الأقنعة" الذي ظهر قبل ربع قرن ودواوين أخرى ظهرت عقب ذلك، منها "أنت واحدها وهي أعضاؤك انتثرت" و "رباعية الفرح" تكشف عن مدى الجهد الشعري الخلاق المتطور الذي يجمع بين الجمالي والمعرفي، السياسي والصوفي، الملموس والرمزي". ( العربية )
رحم الله الشاعر الكبير صاحب المعارف الكبيرة
ألف شكر أخى أسامة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وداعا محمد عفيفي مطر.. وداعا حصان الحرية الجامح (Re: أسامة عبد الجليل)
|
الأستاذ أُسامة عبد الجليل
شكراً لهذة الإضاءة المؤلمة لرحيل أخر عظيم في شِعرهُ وسـلوكِه بين قِمم غيبتها من جديد حقيقة الوِلادات و الرحيل الدائم. أتوقف للحِظة معك معكًم جميعاً للطل على بعض من مأقي شِعرهَ التي عرضتها حزيناً.. وعظيماً أن تجعل صوته الحزين القوي مسموعاً حيث الحُزن كان ساكناً هناك.... ... .. . لكم إستمعنا لبعض حديثه مع أمل في مقهى الريش
..... .. . عندما يعود إليها من غربتيه في الوطن الكبير أو من صومعته في المنوفيةِ
حقاً لقد كان عظيماً هذا الإنسان الذي ناصر قضية شعبنا في اريتريا كما كان صديقه الأبنودي...
لك الشكر لهذا الوفاء....
يا لها من غربتين أن نسمع رحيله هكذا ولم نكن هناك حيث نعشقهم شعُراء لِعصرهِم ..
دمت
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وداعا محمد عفيفي مطر.. وداعا حصان الحرية الجامح (Re: أسامة عبد الجليل)
|
العزيز أُسـامة
دعني هنا أزيح "الأستذذة عن كالهي وعنك" تيمناً بمقصد الكِتابة هُنا، حيث حفظ مقام اللغة والمعنى هو مقصدنا فترجل معي دعوة المعزة هذة رغبة مني في التواصل!
للمرة الغير مرقمة أقول لك من جديد : شُـكراً لهذا الرابط الذي هو واحة صغيرة في محيط غائض ومنبع متدفق... ... .. . في رابطك أعلاه مقطع أخر من قصيدة جذبتني دون شفقة نحو الأُفق يقول عندها الشاعر الراحل الخالد في القصيدة
هذا التدفق الأخر :
Quote: ومن ديوانه " صيد اليمام" يقول :
لم الخوف من طلقات الرصاص ومقدور موتك في البحر : أنفاسك الماء والملح ، والعشب في القاع أكفان صمت الحرير الرحيم ؟ تهيّأ اذا وابدأ الركض والرقص بين عيون البنادق والبس من النار والذهب المتوقّد قمصان عمرك ، وادخل بلادك كلّ من عناقيدها وتشمّم بها عرق الأهل ... ما كان فيها لأعدائك الغاصبين سوى شهوة الذئب، ليس لهم في الوليمة الاّ الرصاص ، فقم واقتحمها عليهم ، فمقدورك الموت في البحر ما بين ماء وملح حميم .. لم الخوف من فورة البحر ان كان مقدور موتك في وقدة النّار : يرجع منك الرماد الى أصله والغناء الى أفق ايقاعه والحرائق في خضرة الروح تعلو إلى منتهاها ؟!
|
تجدني يا العزيز
مندهش في هذة اللحظة للتالي منها : وادخل بلادك كلّ من عناقيدها وتشمّم بها عرق الأهل ... ما كان فيها لأعدائك الغاصبين سوى شهوة الذئب، ليس لهم في الوليمة الاّ الرصاص ، فقم واقتحمها عليهم ، فمقدورك الموت في البحر ما بين ماء وملح حميم ..
هذة هي الرسالة الصعبة التي تؤرقني من نبوة الشُعراء ستجدني عائداً ما سنح الوقت معك في هذا المقام
العزيز أسـامة:
أخافُ من لهبّ الشعِر ومعضلْة الُلغة الساحِرة هذهِ
دُمت
| |
|
|
|
|
|
|
|