|
كلمة الإمام الصادق المهدي في الاحتفاء بالمئوية الثالثة لمنتدى مركز راشد دياب الثقافي
|
بسم الله الرحمن الرحيم مركز راشد دياب للفنون الاحتفاء بالمئوية الثالثة للمنتدى الأحد /9/2/2014م كلمة الإمام الصادق المهدي أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي. أحيي مركز راشد دياب للفنون في مصافه الثلاثمائة. 1. أبدأ بالإشادة بثمار المركز في العام المنصرم: 18 معرضاً. 6 ورش. عدد من الكورسات. 44 منتدى أحد. وقسم للأطفال والتربية الفنية. هذه ثمار منوعة العطاء في مجالات كثيرة ترفد ثقافة السودان الحديث. قال المسيح عليه السلام: "بثمارها تعرفونها". وهذه ثمار تستحق التقدير. الفنون عند بعض الناس مجون. ولكن الفنون من ضرورات حضارة الإنسان، بل من ضرورات حضارة الإسلام، فالقرآن ينفرد بين كافة الكتب المقدسة بأنه نثر فني، وفيه النص الموزون والسجع، وفيه كافة أوجه البديع من جناس، وطباق، وتورية، بل فيه الإشادة بأوصاف الجمال، قال تعالى: (وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ)[1]. ووصف للجمال: (وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ* كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ)[2]. وقيل إن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ"[3]. ووصف كعب بن زهير في حضرته جمال سعاد: هيفاء مقبلة عجــــــزاء مدبرة لا يشتكي قصر منها ولا طول تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت كــــــــــأنه منهل بالراح معلول ديننا دين (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)[4]. والفنون من مطالب الحياة المقصود تزكيتها لا هجرها. قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم لحسان: "اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ"[5]. ولكن قوما تيبست أذهانهم فحاولوا تجفيف الدين: الدين مسحة بشر واغتنام مودة ما أبعد الفرق بين الدين والنكد من هؤلاء من خاطبه المصلي جنبه بقوله: حرماً، وهو يهم بمصافحته، فانفعل وقبض يده منه، وقال: هذا ليس من السنة! فرد عليه صاحبه: وهل هذه المساخة من السنة؟ وديننا يقول: (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا)[6]. صاغ شبابنا وصفاً للمستلبين قالوا: حناكيش، ونصوغ وصفاً لهؤلاء المعلبين فنقول: المغاليق. وصدق الهادي آدم بقوله: لك يا صاحب الروائـــــــــع آيٌ تجعل الفن بالخلود جديرا ريشة كلما جرت فوق قرطاس أنارت للناس ليلاً ضريرا 2. علمت ذات مرة أن الأخ راشد دياب ربما عين وزيراً للثقافة فنصحته: لا تقبل فما تفعل يفوق الوزارة، بل سوف توظف بوقاً لغيرك. كما علمت أنه شكى مضايقة وربما خلع إلى الخارج فقلت له: لا تفعل فقد اكتسبت قدرات بلادك تحتاجها: فالمرء قد ينسى المسيء المدعي والمحسنا ومرارة الفقر المذل بلى ولذات الغني لكنه مهما سلى هيهات يسلو الموطنا 3. نعم النشاط غير الحكومي في بلادنا يشكو من القوانين المنظمة له وهي كثيرة، منها قانون الجماعات الثقافية لسنة 1996م وقانون العمل الطوعي والإنساني لسنة 2006م، ويعد قانون الجماعات الثقافية، المسجل مركز راشد دياب وفقاً له، أفضل من ناحية القيود على عمل المنظمات ولكن من عيوبه: - أنه سن ضمن منظومة التمكين بسلطات استثنائية للوزير في إعفاء شروط التسجيل. - أنه أعطى المسجل حق رفض التسجيل أو إلغاءه، والاستئناف يكون للأمين العام لوزارة الثقافة ثم للوزير. وأعطاه حق تجميد الجماعة لمدة عام والاستئناف للوزير أيضاً. وذلك بسلب حق التقاضي أمام المحكمة. أما قانون العمل الطوعي والإنساني فقد جاء مباشرة بعد دستور اتفاقية السلام الذي نص على أن منظومة مواثيق حقوق الإنسان الأممية جزء لا يتجزأ منه. ولكن هذا القانون سلب كثيراً من حقوق الإنسان مثلاً: - منع المنظمات الطوعية من الحصول على دعم أجنبي إلا بموافقة الوزير. - وأعطى المسجل الحق في إلغاء أية منظمة. - وأعطيت جهات حكومية صلاحيات على المجتمع المدني تتناقض مع الدستور ففي هذه الحالات المحاكم هي الفيصل لا جهات تنفيذية. وتخضع كل نشاطات المجتمع المدني كذلك لقانون قوات الأمن الوطني لسنة 2009م والذي يجعلها محتاجة للتصديق في كافة مناشطها الاجتماعية والثقافية. 4. في السودان الآن آلاف المنظمات الطوعية متحالفة في جبهتين: المجلس السوداني للمنظمات غير الحكومية (اسكوفا) (Scova)، و كونفيدرالية منظمات المجتمع المدني (الكنفيدرالية)؛ الأولى ترعاها عين الرضا، والثانية تراقبها عين السٌّخط. نحن بحاجة لإصلاح قانوني عادل للمنظمات غير الحكومية يطال كافة القوانين المقيدة لها، لأن لها دوراً مهماً في بناء الدولة الحديثة إذ تحتل المساحة بين الدولة والمجتمع داخلياً وبين الأمم المتحدة والشعوب خارجياً. والمطلوب أيضاً مفوضية قومية لحقوق الإنسان تكون بطريقة تضمن عدالتها. هذه المطالب ينبغي أن تصير جزءاً من مطالب الشعب في النظام الجديد المنشود وحبذا لو أن المركز ينظم ورشة جامعة للاتفاق على قانون جديد للمنظمات غير الحكومية وتكوين جديد لمفوضية حقوق الإنسان. إن الطريق إلى النظام الجديد المنشود لا يخص الأحزاب السياسية وحدها بل المجتمع كله. وما ضاع حق قام فيه مطالب.
[1] سروة النحل الآية (6)
[2] سورة الصافات الآيتان (48،49)
[3] رواه مسلم
[4] سورة القصص الآية (77)
[5] صحيح بخاري
[6] سورة النساء الآية (86)
|
|
|
|
|
|