size=article_medium" alt="صنع في السودان andquot;تموت تخليandquot;.. حذاء الفقراء الذي لا يفنى" height="235" width="314">
الخرطوم ـ محمد الخاتم
في مساحة بالكاد تتسع لشخصين وتتكدس فيها إطارات السيارات البالية مع كتلة من المعاول الحديدية القاطعة وعلب سوائل لاصقة مرصوصة بإهمال، يدير عيسى آدم ورشته التي تشتهر بصناعة الحذاء السوداني ذائع الصيت (تموت تخلي) وهو عبارة عن حذاء يصنع بأدوات بدائية من إطارات السيارات المستعملة وينتشر وسط المجتمعات الفقيرة نظرا لثمنه الزهيد. فتكلفة صناعته كما يقول آدم: "قليلة للغاية ولا تتطلب سوى جمع الإطارات المستعملة، ثم تقطيعها لتركيب الحذاء الذي يتكون من أرضية ورباطين لتثبيت القدم فقط".andnbsp;
(1)andnbsp;
ورغم ثمنه الزهيد وتنميطه كمنتج للمجتمعات الفقيرة، إلا أنه يمتاز بالمتانة ومن هنا جاء اسم (تموت تخلي) بمعنى أن صاحبه يموت ويتركه دون أن يبلى، ويطلق على الحذاء أيضا (الشِدَّة) كناية عن صلابته.andnbsp;
ونسبة للتصنيف الطبقي للحذاء تراجع انتشاره خلال العقدين الماضيين مع ازدهار الاقتصاد السوداني بفعل استخراج النفط وارتفاع مستوى الدخل لكن في الآونة الأخيرة عاود سوق (تموت تخلي) الانتعاش مع تدهور الأوضاع الاقتصادية مجددا بسبب فقدان العائدات النفطية. وأضاف (آدم) الذي يصنع منتجه تحت ظل شجرة في ميدان عام مقابل رسوم رمزية يدفعها للسلطات المحلية: "في السابق كنت لا أبيع أكثر من حذاءين أو ثلاثة لكن اليوم أبيع أكثر من 10".andnbsp;
andnbsp;(2)
يبلغ سعر الحذاء الواحد 10 جنيهات أي ما يعادل 1.8 دولار أمريكي، وهو سعر مناسب لذوي الدخل المحدود، كما يعمل (علي النور) في ورشة لصيانة السيارات بالقرب من ورشة آدم ويحتذي نعلا من صنعه.
وبشيء من التعجب، يتساءل النور: "هل بإمكان شخص لا يتجاوز أجره الشهري 750 جنيها (132 دولارا) أن يشتري حذاء سعره 200 جنيه (35 دولارا)؟".
وفيما يتحاشى بعض ذوي الدخل المحدود انتعال الحذاء بوصفه (عنوانا للفقر) كما يقول آدم، إلا أن النور يؤكد أنه وكثيرون غيره "لم يفكروا في الحذاء بهذه الطريقة لأن الفقر ليس عيبا".
وتقارب نسبة الفقر بالسودان 50 % وفقا لإحصائيات رسمية، بينما تقول المعارضة إن الرقم أكبر من ذلك بكثير وتقدره بنحو 90 % بناء على معايير الأمم المتحدة.
وبغض النظر عن مدى شيوع هذه النظرة الاجتماعية المتأففة من (تموت تخلي) يجزم النور أنه "سيبقى من الخيارات طالما أن كثيرا من الأسر لا تستطيع إرسال أبنائها إلى المدارس بأقدام حافية".