|
بيان من المكتب السياسي لحزب الأمة القومي: حول المخرج من الأزمة الوطنية
|
بسم الله الرحمن الرحيم
16 نوفمبر 2014م بفعل ما أسماه نظام الإنقاذ "التوجه الحضاري"، وفرض الأحادية الثقافية والدينية والسياسية في بلد تعددي، وما صَاحَبَته من سياسات العناد والتمكين، انفصل الجنوب انفصالا عدائياً، واشتعلت ست جبهات قتال، وأُرْتُكِبت فظائعُ أدت لانفراط عقد الأمن في دارفور، ودخلت البلاد في عزلة دولية فأصدر مجلس الأمن 62 قراراً ضدها معظمها تحت الفصل السابع، وصار الاقتصاد الآن على أعتاب انهيار محقق، وانعدم القوت والأمن لأغلب مواطني البلاد، وهم يتعرضون اليوم لغلاء فاحش وصنوف لا تطاق من المعاناة. ومع ذلك ، فلا يزال النظام يلهث وراء إطالة فصول مسرحية المشقة والمعاناة على شعب السودان المغلوب على أمره. منذ أول يوم للانقلاب المشئوم عام 1989م، واجه حزب الأمة نظام الإنقاذ بمشروع للحوار والتوافق، وكان هو أول من تقدم بأطروحة الحل الشامل لكل أزمات البلاد، وتواصل مع كل أطراف الأزمة الوطنية لتقريب وجهات النظر والتوصل لمشروع إجماع وطني. وعندما أطلق رئيس النظام "وثبته" الأخيرة التي ظهر فيها كأنما أفاق على خطورة الأوضاع المطبقة على الوطن فاستجاب للمشاورات مع حزب الأمة، أندفع حزب الأمة في الحوار عسى أن ينتقل المؤتمر الوطني عبره لمربع الحل السوداني الشامل. لكن، ويا للأسف، فقد أوضح المؤتمر الوطني بجلاء أنه يريد حواراً بلا نتائج ولا تنازلات، مما دفع حزب الأمة لقفل باب الحوار بشكله السابق نهائياً. ولأن حزب الأمة لم يقطع اتصالاته بالجبهة الثورية منذ تكوينها، ولا بمكوناتها تم عقد لقاء قمة بينه والجبهة الثورية تمخض عنه (إعلان باريس) الذي تم فيه الاتفاق على وقف الحرب، والتوافق على الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة والعدالة، ووحدة البلاد، ومشاركة جيرانها من الدول العربية (مصر والجامعة العربية) أسوة بالاتحاد الأفريقي، وأن يتم تحقيق هذه التطلعات القومية بوسائل سياسية سلمية متكاملة قوامها حوار شامل ذو مصداقية على غرار (الكوديسا) تحت رئاسة محايدة بمؤهلات موثوقة تسنده تعبئة للإرادة الشعبية وحراك يؤدي لانتفاضة سلمية في وجه النظام إذا ما تعنت وأصر على التجبر والعناد. وقد وجد (إعلان باريس) تأييدا كبيراً من الشعب السوداني، ومن المجتمع الدولي والإقليمي، وذلك لأنه يخاطب بحق جذور الأزمة السودانية ويضع لها حلولاً بمشاركة كل الأطراف المعنية. وبتوقيع رئيس لجنة وساطة الاتحاد الأفريقي ثامبو مبيكى على اتفاق أديس أبابا بمضامين (إعلان باريس) في نسختين جمعتا حزب الأمة والجبهة الثورية، والجبهة الثورية ولجنة حوار المؤتمر الوطني، فإن (إعلان باريس) قد صار الآن موضع إجماع؛ وأكد أنه المدخل الحقيقي للسلام والاستقرار والتراضي الوطني والخروج من الأزمة الاقتصادية وتوفير ضروريات الحياة لكل أهل السودان. إننا في حزب الأمة نرحب بهذا الإجماع على مضامين (إعلان باريس) وسوف نسعى بكل قوة لأن تتواصل المسيرة. ونستغرب بنفس القدر رفض المؤتمر الوطني (إعلان باريس) بما له من منافع وبشريات للشعب السوداني، ونرفض اعتبار رئيسه له خطاً أحمرا ، وندين بكل قوة دعواه بان وراءه إسرائيل!! إسرائيل ذاتها التي تسعى لتفكيك الكيانات العربية ، تعمل على وحدة السودان وإيقاف الحرب والحل السلمي بين الفرقاء، وتعمل على إشراك الجامعة العربية ومصر لموازنة دور الاتحاد الأفريقي، ما لكم، يا أهل الإنقاذ ، كيف تحكمون؟! إن أهداف المؤتمر الوطني صارت الآن مكشوفة وواضحة لكل ذي عينين، خصوصاً بعد خطابي رئيسه الأخيرين: (إعلان باريس) مرفوض، حوار وهمي يخفض الضغوط الدولية، ومسيرة ماضية لتزوير إرادة الشعب السوداني مرة أخرى من خلال "إنطباخات" كما سماها الحبيب الإمام، والاستمرار في إبقاء البلاد وشعبه رهينة، ومراكز القوى في المؤتمر الوطني غير مسموح بها (وهذه الأخيرة لإبعاد منافسي الرئيس داخل المؤتمر الوطني). والموقف الوطني كذلك أصبح واضحاً: المؤتمر الوطني فشل في إدارة حكم البلاد، ولن تجدي حلوله التوقيعية. وعلى السودانيين التمسك بـ (إعلان باريس)، ورفض مهزلة "الإنطباخات"، والمضي قدما وبقوة نحو تغيير نظام القمع والتسلط والاستبداد. إن التلكؤ الذي تشهده كل منابر الحوار في أديس أبابا والخرطوم والدوحة، مرده لمساعي المؤتمر الوطني للالتفاف على الحل الشامل وتوحيد المنابر والمشاركة الجماعية كما أعلن في باريس؛ لينفرد بمن يوقع معه اتفاقا ثنائيا يجد طريقه لسلة المهملات بعد احتفال التوقيع. حزبنا لا يرى بديلاً للموقف الوطني؛ ويستنهض مع رفقائه في المعارضة همة الشعب الأبي، صانعي أعظم الثورات، لتغيير هذا النظام، وأسباب التغيير قد لاحت في الأفق، وإذا أراد الله أمرا هيأ له أسبابه. والله أكبر على كل من طغى وتجبر،،
|
|
|
|
|
|