|
ندوة: التطورات السياسية في السودان وتداعياتها الداخلية، والإقليمية، والدولية: تقديم الإمام الصادق ا
|
بسم الله الرحمن الرحيم مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ندوة بعنوان: ( التطورات السياسية في السودان وتداعياتها الداخلية، والإقليمية، والدولية) تقديم: الإمام الصادق المهدي 28/9/2014م- القاهرة حزب الأمة يمثل مركز صناعة الفكر في السياسة السودانية، مثلاً: · لدى وقوع انقلاب ذي مرجعية أخوانية تولى حزب الأمة إبطال الإدعاء الإسلامي، واعتبار الإجراء مقصياً لكافة القوى السياسية الأخرى، وبالتالي العمل على توحيد كافة القوى الوطنية بما في ذلك الحركة الشعبية بقيادة د. جون قرنق لمواجهة النظام الاقصائي الانقلابي عبر محطات هي: تكوين التجمع الوطني الديمقراطي في 1989م، ولقاء شقدوم مع الحركة الشعبية في ديسمبر 1994م، ومؤتمر اسمرا في يونيو 1995م، وكان بإمكان هذا التوازن الجديد للقوى السياسية وما اتفق عليه حول القضايا المصيرية أن يحقق الخلاص من النظام الاستبدادي وتحقيق السلام والمحافظة على وحدة الوطن، لولا انحراف عملية السلام بمباركة خارجية وضياع أهم الأهداف الوطنية المنشودة وهي: بناء السلام، والمحافظة على الوحدة، وتحقيق التحول الديمقراطي. · لدى إبرام اتفاقية السلام في يناير 2005م أصدرنا كتاباً وضع الاتفاقية في الميزان في وقت فيه انبهرت بها أغلبية القوى السياسة السودانية بمباركة دولية، وجاء في ذلك الكتاب أن الاتفاقية لم تخاطب المسائل بصورة شاملة ولم تنطلق من تشخيص صحيح للحالة ولن تحقق أهم الأهداف الوطنية وهي: السلام، والمحافظة على الوحدة، والتحول الديمقراطي. وصحت القراءة. · وبعد نكبة البلاد بانفصال الجنوب في يوليو 2011م تدارس حزبنا الأمر وقدم مشروعات لاحتواء الحروب في دارفور وفي جنوب النيل الأزرق وفي جنوب كردفان ولتحقيق التحول الديمقراطي في البلاد. · وفي يونيو 2013م في لقاء شعبي حاشد في أم درمان أعلنا العمل من أجل نظام جديد بوسائل خالية من العنف عن طريق مائدة مستديرة على نمط كوديسا جنوب أفريقيا في 1992م أو إذا تمسك النظام بالانفراد والعناد يجري التحضير لانتفاضة سلمية. · وفي أغسطس 2013م زارني رئيس الدولة للتفاهم حول المطلب الوطني وأعلن معي أننا نتفق أن قضايا الحكم، والسلام، والدستور، قضايا قومية ينبغي ألا يعزل منها أحد وألا يهيمن عليها أحد. هذا معناه أن النظام قد قبل إيجاد حل للبلاد عن طريق صيغة المائدة المستديرة أسوة بالكوديسا. · وفي يناير 2014م أعلن رأس الدولة في خطاب الوثبة فتح باب حوار وطني مفتوح لاتفاق على قضايا الوطن المصيرية. تجاوبنا بحماسة شديدة مع هذه المبادرة لا سيما وهي تستجيب لمشروعنا الوطني، ونتيجة للمبادرة هذه تكونت آلية من سبعة أحزاب موالية للنظام وسبعة أحزاب معارضة، واتفق أن تكون قراراتها بالتراضي لا بالتصويت. · أول عقبة أمام هذه الآلية كانت: أن المؤتمر الوطني يريد أن تكون آلية الحوار برئاسته بينما رأينا أن الواجب أن تكون رئاستها محايدة كما كان حال آلية حوار جنوب أفريقيا. والعقبة الثانية: هي أن النظام لجأ لاستخدام ميليشيات قبلية لمحاربة قوى المقاومة المسلحة في السودان، أعلنت أن هذه القوى ترتكب تجاوزات وجرائم حرب كما حدث فيما مضى وجر قيادة البلاد للمحكمة الجنائية الدولية، وطالبت بتحقيق في المخالفات وتبرئة البريء ومحاسبة المذنب وإلا فسوف يأتي تحقيق دولي يكرر ما مضى، ومعلوم أن اللجوء لمثل هذه الأساليب سوف يجعل القوى المعنية عرضة لتبني أجندتها السياسية الخاصة بها كما حدث في حالة القاعدة في أفغانستان. هذا النقد الموضوعي استنكره النظام ودبر لي بلاغاً كيدياً لاعتقالي، أقول كيدياً لأن البلاغ بموجب المادة (50) من القانون الجنائي الخاصة بالعمل لإسقاط النظام بالقوة ما يوجب اعتقال المتهم حتى محاكمته، ولا شيء فيما قلته يمكن أن يفسر بأنه عمل لإسقاط النظام بالقوة. · دام اعتقالي بموجب هذا البلاغ الكيدي شهراً من مايو إلى يونيو، وبعد إطلاق سراحي وفي حشد كبير في أم درمان أعلن حزب الأمة أن مبادرة الحوار التي انطلقت منذ يناير 2014م قد ماتت لأن توفير الحريات للحوار غير موجود ولا بد من مراجعة الأمر لتحقيق حوار جاد تتوافر مستحقاته وهي: أن يكون الحوار شاملاً، وأن يربط بين قضية الحكم وقضية السلام، وأن تتوافر الحريات العامة لجعل الحوار الحر ممكناُ. هكذا قتل النظام مشروع الحوار الذي أطلقته مبادرة الوثبة. · آليات التفاوض من أجل وقف الحرب الأهلية تركزت في مبادرة الدوحة لإنهاء حرب دارفور وهي مبادرة حققت اتفاقية وقعت عليها حركة دارفورية باسم التحرير والعدالة في الدوحة ورفضت التوقيع عليها فصائل دارفور الأخرى وهي: حركة تحرير السودان (بقيادة عبد الواحد محمد نور)، وحركة تحرير السودان (بقيادة مني أركو مناوي)، وحركة العدل والمساواة (بقيادة جبريل إبراهيم). من ناحية أخرى كان النظام قد وقع اتفاقية إطارية للسلام مع الحركة الشعبية جناح الشمال – اتفاقية نافع/ مالك. ولكن قيادة النظام رفضت المصادقة عليها ما جعل الحرب في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق تستمر، هذه الحرب بحثها مجلس الأمن واصدر القرار (2046) لتحقيق السلام. وبموجبه تمت محادثات في أديس أبابا كانت عقيمة. قررت الفصائل المسلحة السودانية في نوفمبر 2011م تكوين جبهة باسم الجبهة السودانية الثورية ضمت أحزاب دارفور المسلحة والحركة الشعبية جناح الشمال. نحن نعترف بأن لهذه القوى السياسية السودانية المسلحة قضايا وأن لها سند اجتماعي وعسكري وأن التفاوض معها واجب لا سيما ولا نثق في جدية النظام الذي يحاورها في مهمة تحقيق السلام، بدليل أنه في عام 2006م رفض اقتراحنا المعقول الذي كان بإمكانه تحقيق السلام في دارفور، كما رفض اتفاق نافع/ مالك في يوليو 2011م الذي كان من شأنه منع اندلاع حربي جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق. لذلك وحرصاً على السلام كنا مهتمين للغاية بالحوار مع الجبهة الثورية فنحن أولى من النظام بالحرص على السلام. · التقيناهم ثلاث مرات: في مايو 2012م في كمبالا، وفي نوفمبر 2012م في لندن، وفي يناير 2013م في كمبالا، ولكن تلك اللقاءات لم تكن حاسمة. · ثم التقيناهم في أغسطس 2014م في باريس وقد كان اللقاء مثمراً إذ صدر عنه (إعلان باريس). · (إعلان باريس) حقق معان جديدة مهمة للمصير الوطني أهمها: - تغيير توازن القوى السياسية في السودان بصورة قاطعة. - تبني العمل من أجل نظام جديد بوسائل سياسية. - الدعوة لسودان عريض عادل بين مكوناته السكانية موحد. - مشاركة الجامعة العربية أسوة بالاتحاد الأفريقي في الشأن السوداني. - مشاركة مصر أسوة بدول الإيقاد في الشأن السوداني. · بعد إعلان باريس اتصلنا بكل القوى السياسية السودانية في الحكم وفي المعارضة للتجاوب مع (إعلان باريس) كما اتصلنا بكل الوسطاء في الشأن السوداني وبالجامعة العربية وبالحكومة المصرية. لشرح الإعلان والمطالبة بتأييده. · في سبتمبر 2014م وجه رئيس الهيئة التنفيذية العليا المكلف بذلك من مجلس الأمن والسلم الأفريقي السيد ثامو أمبيكي الدعوة لكل الوسطاء في الشأن السوداني: مندوب الأمم المتحدة، ومندوب اليوناميد، والترويكا، ومندوب الإيقاد، للاجتماع به وبزملائه وتنسيق مواقفهم. كما وجه الدعوة لحزب الأمة، وللجبهة الثورة، ولممثلي آلية الحوار التي اعتمدها النظام السوداني، وبعد اجتماعات مكثفة بين السيد أمبيكي والقوى السياسية السودانية وقع معنا نحن جماعة (إعلان باريس) اتفاقاً بشأن الحوار الوطني، ووقع اتفاقاً مماثلاً مع ممثلي آلية النظام. مفردات هذين الاتفاقين متطابقة وهي، مماثلة لنصوص (إعلان باريس) مع تعديل طفيف. · النظام السوداني الذي ضج ضجيجاً شديداً في رفض (إعلان باريس) أعلن قبوله لاتفاق أديس أبابا الذي هو ربيب (إعلان باريس). اعتبر السيد أمبيكي ما حقق من خطوات تقدماً في شأن الحوار السوداني وقدم تقريراً لمجلس السلم والأمن الأفريقي الذي قبل تقريره وجدد الثقة فيه كوسيط في الشأن السوداني ووحد تحت قيادته عمليات الحوار الوطني السوداني، وذلك في 12/9/2014م . بعد ذلك قدم السيد أمبيكي تقريراً مماثلاً لمجلس الأمن الذي بدوره أيد قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي. · بعد هذه التطورات الإيجابية كتبنا بعد التشاور داخل حزبنا وداخل قوى (إعلان باريس) خطاباً للسيد أمبيكي يرسم خريطة الطريق التي نقبلها للخلاص الوطني والسلام العادل الشامل، وخلاصة هذه الخريطة: اعتراف بالجبهة بالثورية شريكاً مقبولاً، اتخاذ النظام لإجراءات بناء الثقة، اجتماع مع القوى المتقاتلة للاتفاق على وقف العدائيات، والسماح بحرية أنشطة الاغاثات الإنسانية، وتبادل حرية الأسرى. ثم الدعوة لمؤتمر قومي دستوري داخل السودان لإبرام اتفاقية السلام العادل الشامل، والاتفاق على مستقبل الحكم ودستوره وإدارة الفترة الانتقالية. · المعارضة السودانية سوف يكون موقفها موحداً مع خريطة الطريق هذه وأمام النظام إما قبولها استصحاباً لتجربة جنوب أفريقيا (الكوديسا)، أو رفضها والمضي في ترتيبات العناد والانفراد وبالتالي مواجهة عزلة داخلية، وإقليمية، ودولية.. المناخ المناسب لانتفاضة شعبية حاسمة ضده. · إذا تمسك النظام السوداني بالانفراد والعناد وهو صاحب مرجعية أخوانية فسوف يصير جزءاً من معسكر الدفاع عن الأخوان وتشكيل تحالفاته الإقليمية على هذا الأساس. أما إذا اتجه السودان نحو نظام جديد فسوف يتخذ الموقف الذي رسمه (نداء استنهاض الأمة) من الصراعات الممزقة للأمة، وحتى من وجهة النظر الاخوانية فإن التأسيس على التجربة السودانية (1989-2014)، والتجربة المصرية الأخيرة خطة انتحارية لا ينقذهم منها إلا إجراء نقد ذاتي للتجربتين واستصحاب التجربة التونسية، والمغربية، والاندونيسية الإخوانية للتصالح مع الدولة المدنية والمجتمع التعددي. · ومن الناحية الدولية فإن النظام يواجه (61) قرار دولي أغلبها بموجب الفصل السابع، إذا تجاوب النظام مع الأجندة الوطنية فإن حل مشاكل السودان مع الأسرة الدولية وارد وأما إذا تخندق في الانفراد والعناد فالمصير أن يواجه الحصار المضروب عليه حالياً وزيادة. · ما موقفنا نحن ممثلي الشعب السوداني من الحرب الأممية على داعش؟ هذا موضح في المقال المرفق، أما النظام فإن هو أصر على العناد والانفراد فسوف يخضع لتوجيهات معسكره. ما الذي نرجوه من الشقيقة مصر؟ الأمن القومي المصري مرتبط بجيرانه ومصلحة مصر في سودان ينعم بالسلام والاستقرار والديمقراطية ما يتطلب المتابعة اللصيقة لما يجري في السودان ودعم التوجه نحو السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي أسوة بموقف مجلس السلم والأمن الأفريقي. بصرف النظر عن مقتضيات اللغة الدبلوماسية الناعمة فإن النظام السوداني إذا تخندق في موقفه الحالي ورفض متطلبات الأجندة الوطنية فإن بوصلة علاقاته الإقليمية والدولية سوف تمليها سياسات المعسكر الخاص للأخوان. سياسات قوى التغيير الشعبية في السودان الإقليمية والدولية سوف تتخذ الخطوات الآتية: - الدعوة لمؤتمر أمن إقليمي يضم السودان وجيرانه لإبرام اتفاقية أمن إقليمي. - الدعوة لعلاقة توأمة مع دولة جنوب السودان. - الدعوة لعلاقة تكامل مع مصر يمكن أن تتطور في اتجاه ثلاثي عندما تستقر الأوضاع في ليبيا في ظل الشرعية الديمقراطية فيها. - إنهاء الخلافات حول مبادرة حوض النيل لتوثيق علاقات دول حوض النيل على أساس الاتفاقية الإطارية. - تطوير العلاقات الثقافية، والاقتصادية، والتجارية مع دول حوض النيل، كذلك العلاقات بين شعوبها في إطار منظمة شعبية لبلدان حوض النيل باسم أسرة حوض النيل. - تطبيع علاقات السودان مع الأسرة الدولية التي يؤزمها الآن وجود (61) قرار دولي تخص النظام السوداني أغلبها تحت البند السابع مع ميثاق الأمم المتحدة. · رداً على تساؤل حول عودتي للسودان أقول: من حيث المبدأ سوف أعود إذا قررت أجهزة حزب الأمة ذلك أو إذا تطلب العودة برنامج الحوار الذي تقوده مبادرة الاتحاد الأفريقي بقيادة السيد أمبيكي أو إذا اكتملت مهمتي في الخارج وهي: توثيق العلاقة بين قوى (إعلان باريس) وتوثيق التحالفات مع مؤيدي (إعلان باريس) إقليمياً ودولياً، وإجراء الاتصالات للحصول من وعود من الجهات الدولية المعنية أنه في حالة تحقيق السودان للسلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي فإنهم سوف يدعمون بناء الوطن في السودان بإعفاء الدين الخارجي، ورفع العقوبات الاقتصادية الحالية، وفك تجميد دعم الكوتنو للسودان، والمساهمة في توفير المواد التنموية للسودان.
|
|
|
|
|
|