|
|
 شكر وتقدير "للجمهورية العربية المصرية" لإسهاماتها في إنقاذ مواليد دارفور
|
برنامج تدريبي لـ"قابلات دارفور" بالقاهرة
حمدي الحسيني**
أطفال دارفور
أطفال دارفور
الأطفال أكثر الفئات تضررًا في الصراع الدائر في إقليم دارفور حاليا.. تأتي النساء في المرتبة الثانية.. فحرق المحاصيل ودمار القرى ونزوح أصحابها يدفع ثمنه الأطفال والنساء بعد أن اتجه أغلب الشباب والرجال إلى ميدان القتال.. المحصلة دمار شامل يدفع ثمنه الجميع.. إحصاءات وزارة الصحة السودانية تشير إلى أن 20% من المواليد في دارفور يموتون فور ولادتهم نتيجة نقص الرعاية الصحية خاصة بعد الولادة، والنقص الشديد في التغذية اللازمة للأم والطفل.
وحول طرق معالجة الموقف الصحي المتدهور في دارفور جرت في القاهرة (مصر) مناقشات بين ممثلين لمنظمات المجتمع المدني، بعد أن فجَّر المشكلة العديد من الأطباء المصريين الذين سبق لهم المشاركة في القوافل الطبية في دارفور.
نجح هؤلاء الأطباء في إقناع بعض الهيئات بضرورة العمل على إنقاذ مواليد دارفور، وكان المجلس المصري للشئون الإفريقية في مقدمة منظمات المجتمع المدني المصري الذي تحمس للعمل مع الجامعة العربية، وبالتعاون مع شبكة منظمات دارفور.
تدريب القابلات
في بداية ديسمبر 2006 تم تنظيم دورة تدريبية في مستشفيات كلية طب جامعة الزقازيق- مصر، تضم 30 قابلة سودانية لمدة 3 أشهر، جئن من مناطق مختلفة في إقليم دارفور، وتم خلالها تدريب المشاركات في عدد من المستشفيات الجامعية على عمليات الولادة المختلفة، ومراحل رعاية الأطفال في مرحلة ما بعد الولادة.
فاطمة علي بخيت عميدة قابلات دارفور رئيسة وفد المتدربات، تحدثت معنا عن الظروف القاسية التي تواجهها المرأة في السودان عامة، وفي دارفور خاصة، وقالت: "لا يوجد تناسب بين عدد سكان الإقليم والمستشفيات التي تقدم لهم الخدمة الصحية، كما أن الإمكانيات المتواضعة تضاعف من الصعوبات التي تواجه العاملين بها، علاوة على العجز في الأطباء المتخصصين.. هذا الوضع أسند العبء الأكبر في مواجهة أمراض النساء ومتابعة الحوامل على عاتق القابلات اللاتي يقمن بدور الطبيب المتخصص والقابلة في وقت واحد".
وتضيف عميدة القابلات في دارفور: "طبيعة حياة أغلب السكان في الإقليم تقوم على الترحال والتنقل المستمر وراء المرعى؛ ولذلك كان على القابلات أن يكن مستعدات للعمل في ظروف غاية في الصعوبة؛ فلا معدات طبية متطورة ولا وسائل انتقال سهلة، علاوة على أن تفشي الأمية وغياب الوعي والثقافة العامة عند أغلب النساء ضاعف من الأزمة، كما لا تتوافر فرص التدريب الكافية لتمكين القابلات من التعامل مع تلك الظروف".
موت النساء
وحول أهمية هذه الدورة قالت: "العديد من النساء في دارفور خصوصا في المناطق النائية يتعرضن للوفاة بحمى النفاس والتسمم بسبب عدم التعقيم والتلوث؛ لأن أغلبهن يقمن بالولادة في الهواء الطلق والأماكن المفتوحة، كما يتم قطع الحبل السري بشفرة الحلاقة، بدون أي تعقيم أو رعاية طبية؛ لذلك تأتي أهمية هذه الدورة لأن المشاركات فيها موزعات على ولايات الإقليم المختلفة، وبالتالي بإمكان كل مشاركة منهن تدريب أخريات بعد عودتهن بجانب نقل خبراتهن، وتطبيقها على أرض الواقع".
وحول ضوابط عمل القابلات قالت فاطمة: "قبل نصف قرن غادرت مدينة زالنجي في جنوب دارفور إلى الخرطوم لتعلم مهنة التمريض، وكنت أول سيدة تعمل قابلة بشهادة علمية، لكن الأمر بالنسبة لأغلب القابلات بالإقليم مختلف تماما؛ فبعضهن يعمل بالخبرة والبعض الآخر بالوراثة، وفي الحالتين تكون هناك أخطاء كثيرة يدفع ثمنها النساء والمواليد الجدد؛ فأخطاء القابلة عادة ينتج عنها إصابة المولود بعاهات مستديمة".
الطب الشعبي
النساء في دارفور
وتضيف: "في دارفور يتم تعويض العجز في الأطباء والمستشفيات بما يسمى الطب الشعبي، وهو منتشر بين معظم القرويين والرحل؛ فمثلا تنتشر عادة الأحجبة لحماية الحامل من الحسد والأمراض، كما تنتشر الوصفات الغذائية بين السيدات فينصحون الحامل بتناول اللحوم والألبان بكثافة لتجنيب الجنين الإصابة بالهزال والضعف، فضلا عن نصيحة الحامل بالعمل لساعات طويلة في أشهرها الأخيرة لتدريب عضلاتها وضمان عدم تعثرها في أثناء الوضع، وكذلك تناولها العديد من المشروبات العشبية المحلية بكثرة للحفاظ على صحة الجنين".
ومن جانبه قال يعقوب أبكر ممثل جمعية تنمية دارفور في القاهرة: "إن هذا البرنامج يعد خطوة عملية ممتازة يقوم بها المجتمع المدني المصري تصب مباشرة في تخفيف المعاناة التي تواجهها المرأة في مختلف ولايات الإقليم؛ فقد أجرت الأمم المتحدة مسحا اجتماعيا مؤخرا في ولاية شمال دارفور، تبين خلاله ارتفاع معدلات وفيات الأطفال وصلت إلى 64 من كل ألف طفل، بجانب انتشار سوء التغذية على نطاق واسع بين السكان فبلغت أعلى نسبة بمدينة الفاشر (35%)، ثم مليط والصياح بنسبة 27.1% وتلتهما أم كدادة بنسبة 25.4%. كما تصاعدت معدلات سوء التغذية في الولاية، حيث بلغت نسبة 23.4% بين السكان المقيمين و26.1% بين النازحين، ولم يستقر الوضع الغذائي رغم دخول وكالات الإغاثة".
أما عن الوضع في معسكرات النازحين قال أبكر: "نتائج المسح أشارت إلى أن نسبة الأطفال الأضعف وزنا تتواجد في ولاية جنوب دارفور ووصلت نسبتهم حوالي 14%. بينما بلغت نسبة الأطفال ممن يعانون سوء التغذية بصورة حادة أو متوسطة نسبيا حوالي 8.7%، كما بلغت نسبة الأطفال دون سن الخامسة وكانوا مصابين بسوء التغذية الحادة حوالي 5.3%. ويبلغ معدل وفيات الأطفال 71 في كل 1000 حالة ميلاد، في الوقت الذي يبلغ فيه معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة 104 في كل 1000 حالة ميلاد.
المعسكرات المنسية
سيدة في معسكر اللاجئين
ودعا يعقوب أبكر منظمات المجتمع المدني العربي إلى ضرورة تكثيف عملها نحو المعسكرات المنسية في غرب دارفور خاصة المنتشرة في كل من تشاد وإفريقيا الوسطى، حيث يعاني معظم المقيمين في هذه المعسكرات الحاجة الماسة للرعاية الصحية الضرورية؛ فقد شهدت الكثير من هذه المعسكرات ارتفاعا كبيرا في معسكرات اللاجئين بشكل عام، كما تضاعفت وفيات النساء الحوامل بصورة لم يشهد لها مثيل بسبب عدم توافر أبسط الخدمات الأساسية لرعاية النساء في لحظات الوضع التي ما زالت تتم بطريقة بدائية تترك آثارها السلبية على النساء والأطفال.
ومن جانبه قال الدكتور عبد المنعم عمارة الأمين العام للمجلس المصري للشئون الإفريقية: "هذه الدورة ستكون بداية لدورات أخرى عديدة ينظمها المجلس بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني في كل من مصر والسودان لتدريب المزيد من القابلات، حيث أثبتت الدراسات والتقارير التي أعدها أعضاء البعثات والقوافل الطبية التي زارت الإقليم أن هذا النوع من التدريب يمثل أهمية قصوى بالنسبة للسكان، ويغطي عجزا في جانب حيوي يواجهه أهل دارفور بشكل يومي".
وحول تمويل برامج التدريب يقول عمارة: "يتولى المجلس المصري إجراء الاتصالات بالجامعة العربية والعديد من المنظمات والجامعات المصرية للمشاركة في استضافة القابلات المتدربات بحيث يتم توفير كافة الإمكانيات اللازمة لتزويد كل متدربة بالخبرات الكافية والممارسة العملية على أن تكون في نهاية الدورة قد حصلت على قسط وافر من التدريبات العملية والنظرية على أسلوب عمل القابلة المتطور، بالإضافة إلى ضمان عودتهن بكم كبير من التجارب التي تنعكس على أدائهن في مدن وقرى دارفور".
وفيما يتعلق بالأنشطة المستقبلية للمجلس المصري للشئون الإفريقية في دارفور قال الأمين العام: "نركز على تقديم المساعدات التي من شأنها تخفيف المعاناة عن المواطن في هذا الإقليم، واخترنا الجانب الصحي باعتباره يواجه عجزا شديدا ويشكل تحديا كبيرا لقطاع عريض من السكان، وفي هذا الإطار يستعد المجلس لتنظيم قافلة طبية إلى الإقليم تضم عشرات الأطباء والمتخصصين في مختلف المجالات، قبل نهاية ديسمبر 2006، كما ندرس إمكانية الحصول على دعم عربي ودولي لإنشاء عدد من المراكز الطبية الشاملة في عدد من مدن ولايات دارفور".
--------------------------------------------------------------------------------
**صحفي مهتم بالشأن الاجتماعي ويمكن التواصل معه عبر البريد الإلكتروني للصفحة [email protected]
|
|
 
|
|
|
|
Frankly
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست