الأحزاب السياسية في العالم الثالث

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 07:09 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة مجدي عبدالرحيم فضل(مجدي عبدالرحيم فضل)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-11-2010, 09:03 AM

مجدي عبدالرحيم فضل
<aمجدي عبدالرحيم فضل
تاريخ التسجيل: 03-11-2007
مجموع المشاركات: 8882

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأحزاب السياسية في العالم الثالث

    د. أسامة الغزالي حرب:
    مقدمة
    ليست أهمية الأحزاب السياسية ; كظاهرة
    ترتبط بالنظم السياسية الحديثة ; في حاجة للمزيد
    من الإثبات. وبصرف النظر عن أي أحكام »قيمية «
    حول الظاهرة الحزبية ; فان النظم السياسية
    الحديثة تظل غالبا نظما »حزبية « سواء أكانت
    ليبرالية أم سلطوية أم شمولية ; تعددية أم أحادية.
    هذا الارتباط القوي ب R الظاهرة الحزبية ;
    والنظم السياسية »الحديثة « يضفي أهمية خاصة
    على موقع وأهمية الأحزاب داخل إطار النظم
    السياسية السائدة في بلدان العالم الثالث ; الساعية
    للفكاك من أسار التخلف ; وتحقيق التنمية. وإذا
    كان من ا 4قدر حاليا أن في العالم الآن ما يزيد
    على خمسمائة حزب سياسي في أكثر من مائة
    دولة في العالم فإن غالبية تلك الأحزاب تقع في
    بلدان العالم الثالث. وهي في تلك البلاد تلخص
    أكثر من أي شيء آخر كافة مقومات الحياة
    السياسية. ومن خلال دراسة الظاهرة الحزبية
    يطالع الباحث التركيب الاجتماعي الاقتصادي
    للمجتمع ; والعلاقات ب R القوى والطبقات
    الاجتماعية ; والأيديولوجيات السائدة في اﻟﻤﺠتمع ;
    وأساليب العمل السياسي والحزبي ; وكيفية أداء
    الوظائف اﻟﻤﺨتلفة للنظام السياسي. والظاهرة
    الحزبية بهذا ا 4عنى ; mثل أحد ا 4يادين الرئيسة
    لتفرد خبرة بلدان العالم الثالث واختلافها عن البلاد
    مقدمة
    6
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    الأكثر تقدما.
    وقد أدى الارتباط ب R »الحزب « و »التحديث السياسي « في الدراسات
    السياسية إلى أن اهتمت أدبيات »التنمية السياسية « على وجه الخصوص
    بالدور التحديثي للحزب السياسي ; بل لقد نظر إليه باعتباره اكثر ا 4ؤسسات
    أهمية في هذا ا 4ضمار( ١) ; أو أنه رمز »للتحديث السياسي ;« مثلما mثل
    السدود وا 4صانع رموزا للتحديث الاقتصادي ( ٢). ووضع الحزب في هذا
    الإطار مع مؤسسات وعناصر أخرى أنيطت بها مهام التحديث والتنمية
    السياسية-مثل القوات ا 4سلحة ; والبيروقراطية ; والقيادة »الكاريزمية « أي
    القيادة التاريخية أو ا 4لهمة.
    على أن الإخفاق الذي منيت به التجارب التنموية في الغالبية الساحقة
    من بلدان العالم الثالث ; سواء في ا 4يدان السياسي أو غيره من ا 4يادين
    الاقتصادية والاجتماعية ; والذي لفت الأنظار إلى أوجه القصور في النظريات
    »التنموية « والتحديثية ; كان لا بد من أن ينعكس على رؤية أكثر عمقا لحقيقة
    تلك »الأدوات التحديثية « التي تقع الأحزاب على رأسها. فالأحزاب والجيوش
    والبيروقراطيات والقيادات الكاريزمية ليست سلعا جاهزة تستوردها بلاد
    العالم الثالث ; وتشغلها لكي تقوم بالتحديث السياسي والتنمية السياسية
    في اﻟﻤﺠتمع. إنها أيضا نتاج تجمعها وظروفه الخاصة ; وقبل أن ندرس
    قدرتها على إحداث التنمية والتحديث ; ينبغي أولا أن نتعرف على خصائصها
    ا 4تفردة ا 4رتبطة بطبيعة البيئة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي
    أفرزتها ; وعلى الشروط التي „كن فيها لتلك ا 4ؤسسات أن تتجاوز ظروف
    مجتمعاتها لتلعب دورها-لا لتكريس التخلف-وإ …ا للتغلب عليه ; والتقدم
    نحو التنمية والتحديث. وتلك هي مشكلة ذلك الكتاب وجوهر الدراسة فيه.
    فالعلاقة ب R الحزب والتخلف في بلدان العالم الثالث تبدو وكأنها علاقة
    دائرية مغلقة: التخلف يلقى بظلاله على الظاهرة الحزبية فيطبعها بطابعه
    ويحد من فعاليتها ; وتدهور الأحزاب في تلك البلاد وانعدام فعاليتها يسهم
    في تكريس التخلف أكثر ‡ا يسهم في التخلص منه. ولذلك لم يكن غريبا
    أن عزى الإخفاق في تحقيق التنمية في بلدان العالم الثالث-في جانب هام
    منه-إلى فشلها في بناء تنظيم حزبي قادر على قيادة عملية التنمية بكفاية.
    أي أنه-من وجهة نظر التخلف والتنمية في العالم الثالث-تبدو العلاقة مع
    7
    مقدمة
    الظاهرة الحزبية ذات بعدين: البعد الأول هو أثر واقع التخلف-بكافة أشكاله-
    على الظاهرة الحزبية في العالم الثالث سواء من حيث نشوئها ; أو خصائصها
    ومقوماتها. والبعد الثاني هو أثر الظاهرة الحزبية على واقع التخلف هذا ;
    أو بعبارة أخرى دور الأحزاب في القضاء على التخلف وتحقيق التنمية.
    بهذا ا 4عنى تحفل الأدبيات السائدة عن »العالم الثالث « وقضايا »التخلف
    والتنمية «-من ناحية ; وأدبيات الأحزاب السياسية-من ناحية أخرى بالعديد
    من الإسهامات حول الأحزاب في البلدان ا 4تخلفة ; وعلاقة التأثير والتأثر
    بينها وب R واقع البلدان ا 4تخلفة ; وطموحاتها في التنمية. وسوف نحاول
    هنا استنادا إلى نظرة نقدية مستقاة من التطورات النظرية وا 4نهاجية ; في
    معالجة الظاهرة السياسية في العالم الثالث ; معالجة تلك العلاقة ب R
    التخلف والظاهرة الحزبية في العالم الثالث ; في ضوء ا 4لاحظات الآتية:
    ١- إن الحديث عن التخلف في العالم الثالث ; وإن كان يتم بشكل عام إلا
    أنه سوف ينصرف إلى الأبعاد السياسية له على وجه الخصوص. وبا 4ثل ;
    فإن دور الأحزاب في تحقيق التنمية سوف يتعلق أيضا بجوانبها السياسية ;
    أو: التنمية السياسية ; مع عدم إغفال ا 4ظاهر الأخرى للتنمية بشكل عام.
    ٢- إن معالجة الظاهرة الحزبية في إطار ظروف التخلف العامة في
    العالم الثالث ; لا تلغى حقيقة التباين الشديد ب R مجتمعات العالم الثالث ;
    ‡ا يعكس تأثيرات متباينة على الظاهرة الحزبية فيها ; وعلى قدرتها على
    التغيير. ولذلك ; فإن الكتاب سوف يبرز-وفقا 4ا „ليه سياق ا 4عالجة-
    الاختلافات ب R أربع مناطق متميزة في داخل البلاد ا 4تخلفة ; وهي آسيا
    (وبالتحديد: جنوب وجنوب شرق آسيا) والشرق الأوسط وشمال أفريقيا ;
    وأفريقيا جنوب الصحراء ; ثم أمريكا اللاتينية ; مع عدم إهمال التفاوت ب R
    البلدان الواقعة في داخل كل من تلك الأقاليم نفسها.
    في ضوء هذا ; سوف يعالج كل من الفصل الثاني (نشأة الظاهرة الحزبية
    في العالم الثالث) ; والفصل الثالث (أ …اط وخصائص النظم الحزبية
    والأحزاب في العالم الثالث) أثر ظروف البلدان ا 4تخلفة على الظاهرة
    الحزبية في اﻟﻤﺠتمعات محل الدراسة ; سواء من حيث نشأتها أو خصائصها
    ومقوماتها ; في ح R يكرس الفصل الرابع 4عالجة »دور الأحزاب في القضاء
    على التخلف وتحقيق التنمية والتحديث في العالم الثالث «. أما الفصل
    8
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    الأول فسوف يتوفر على إلقاء نظرة عامة على ا 4ناهج والنظريات ا 4تعلقة
    بدراسة الأوضاع السياسية في البلدان ا 4تخلفة ‰ا في ذلك الظاهرة الحزبية
    فيها وكما يخلص ذلك الفصل فإن ا 4نهاجية الواجب اتباعها في معالجة
    الظاهرة الحزبية في العالم الثالث ينبغي أن تتسم بخصائص ثلاث محدودة ;
    وهي: التعدد ا 4نهجي وليس الواحدية ا 4نهجية ; والنظرة الكلية للظاهرة
    وليس النظرة الجزئية ; ثم »التخصيص « دون الاقتصار على التعميم. وتحاول
    الدراسة تطبيق تلك ا 4باد ‹ ا 4نهجية على دراسة الظاهرة الحزبية في
    العالم الثالث ككل في الفصول الثلاثة التالية.
    والواقع أن استخلاص تلك »ا 4باد ‹ ا 4نهجية « لم يأت فقط نتيجة دراسة
    كل من النظريات أو ا 4نهاجيات السائدة في دراسة التطور السياسي
    والاقتصادي والاجتماعي في العالم الثالث ; وإ …ا سبقته أيضا ا 4فاضلة
    ب R اتجاه R عام R في دراسة الأحزاب في البلدان ا 4تخلفة. فموضوع
    التخلف والظاهرة الحزبية „ثل منطقة التقاء ب R مجال R نظري R للدراسة:
    أي التخلف من ناحية ; والظاهرة الحزبية من ناحية أخرى. ويفترض ذلك
    أن هناك من الناحية ا 4نهاجية-اتجاه R للمعالجة: أولهما ; دراسة الظاهرة
    الحزبية في البلاد ا 4تخلفة باستخدام ا 4ناهج الشائعة في دراسة التخلف
    والتنمية (وبشكل أكثر تحديدا: التخلف السياسي ; والتنمية السياسية).
    والاتجاه الثاني ; هو دراسة الظاهرة الحزبية في البلاد ا 4تخلفة باستخدام
    ا 4نهاجيات الشائعة في دراسات الأحزاب السياسية عموما.
    وفيما يتعلق بالاتجاه الثاني ; تتعدد ا 4داخل ا 4ستخدمة في دراسة
    الأحزاب السياسية ; وفي مقدمتها ا 4دخل التاريخي ; وا 4دخل البنائي ;
    وا 4دخل السلوكي ; وا 4دخل الوظيفي النظامي ; وا 4دخل الأيديولوجي ( ٣).
    ويتم استخدام تلك ا 4داخل في دراسة الأحزاب السياسية ; من خلال تصنيف
    الأحزاب أو النظم الحزبية ; طبقا لسمات معينة. ففيما يتعلق بالأحزاب في
    ذاتها ; تظل ا 4همة شديدة الصعوبة ; 4ا تتسم به الظاهرة الحزبية-على الصعيد
    الواقعي-من صعوبات واضحة في التطابق مع النماذج التي تقوم خاصة
    على معايير بنائية (مثل التفرقة ب R أحزاب الكوادر والأحزاب
    »الجماهيرية ٤)« ) أو ب R ما يسمى أحزاب التمثل الفردي وأحزاب التكامل)( ٥)
    أو معايير سلوكية (مثل الاختلاف في كيفية mثيل ا 4صالح في الأمة)( ٦).
    9
    مقدمة
    كما يدخل ضمن هذا النوع من التصنيفات العديد من المحاولات التي ركزت
    على نظم »الحزب الواحد ;« ومحاولات أيجاد معايير عديدة لتقسيمها.
    أما فيما يتعلق بالنظم الحزبية أساسا ; فلا شك في أن أبرز التصنيفات
    إ …ا تتمثل في تلك التي تعتمد على عدد الأحزاب في النظام السياسي ;
    وإيراد علاقة ما-بالتالي-ب R هذا العدد ; وطبيعة النظام. وفي صورتها الأولية
    تبدو تلك العلاقة بسيطة وواضحة ; فالحزب الواحد يعني وجود نظام سلطوي
    أو شمولي ; والحزبان يعنيان قيام نظام د „قراطي مستقر ; وحكم للأغلبية
    عملي وشرعي. وثلاثة أحزاب أو أكثر تعني نظاما مشتتا ; تحكمه تآلفات
    متقلبة ; ويخضع ﻟﻤﺨاطر الانقلاب أو الثورة. ثم ما لبثت أن أدخلت على هذا
    التقسيم ا 4بسط تنقيحات هامة ; مثل إمكانية اتصاف نظم الحزب الواحد
    بطابع mثيلي ; أو اتصاف نظام الحزب R بطابع غير mثيلي ; أو إمكانية أن
    تتصف نظم التعدد الحزبي بالاستقرار بسبب تآلف عدة أحزاب لفترة
    طويلة ; أو بسبب وجود حزب قوي منها ذي طابع مسيطر-كما سوف نرى
    تفصيلا.
    والذي تطرحه هذه الدراسة ; هو أن هناك أسبابا قوية تجعل من غير
    ا 4لائم معالجة الظاهرة الحزبية في البلاد ا 4تخلفة من خلال استخدام
    ا 4ناجيات ; والتصنيفات الشائعة في دراسات الأحزاب السياسية وا 4ستقاة-
    بالأساس-من الخبرة الأوروبية والأمريكية.
    طط وفي مقدمة تلك الأسباب ; أن العديد ‡ا يسمى ب »أحزاب سياسية «
    في العالم الثالث عموما ; وفي أفريقيا بدرجة خاصة ; ليست أحزابا با 4عنى
    الاصطلاحي للكلمة حتى وفق أكثر مضامينها عمومية. في ضوء تلك الحقائق
    كان اختيارنا لدراسة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث كحقيقة عضوية
    مرتبطة بخصائص الأوضاع السياسية في اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة ; سواء في
    نشأتها أو مقوماتها وخصائصها أو وظائفها ; وليس كظواهر منفصلة يتجه
    إليها في ذاتها. على أنه يلزم هنا ملاحظة أن دراسة الأحزاب في سياق
    ظروف التخلف والتنمية في أبعادها السياسية في العالم الثالث لا تعني
    على الإطلاق إهمال الدراسات التي عالجت ا 4وضوع ضمن دراسات الأحزاب
    السياسية عموما. بل على العكس فإن تلك الدراسات mثل-بداهة-أحد
    ا 4صادر الرئيسة 4ادة البحث.
    10
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    التعريف بالمفاهيم الأساسية
    أ- »التخلف « و »التخلف السياسي :«
    „كن النظر إلى مفهوم »التخلف « كظاهرة ترتبط بالعالم الثالث ; أي
    ببلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ; من ثلاث زوايا: ملامح أو أبعاد
    التخلف ; وأسباب التخلف ; ثم سمات أو خصائص التخلف.
    فيما يتعلق ‰لامح أو أبعاد التخلف: يجري الحديث عنها على مستوي R
    مختلف R: مستوى عام ; يتعلق بتحديد ملامح عامة للمجتمعات ا 4تخلفة
    دون تخصيص 4يدان مع ;R مثل وصف التخلف بأنه يتضمن: ضعف التصنيع ;
    والتفاوت الطبقي ; والتبعية الاقتصادية ; وتبذير ا 4وارد ; وضعف الولاء
    السياسي ; وازدواجية الاقتصاد والثقافة ب R الحداثة والتقليدية.. . الخ ( ٧)
    ويدخل في هذا الإطار ; محاولات الكثيرين من العلماء ; خصوصا علماء
    الاجتماع ; لتحديد ما يعتبرونه خصائص عامة للمجتمعات ا 4تخلفة ; تختلف
    عن تلك ا 4وجودة في اﻟﻤﺠتمعات ا 4تقدمة (بصرف النظر عن مدى صحتها) ;
    مثل ازدواج ا 4تغيرات الخمسة التي يطرحها »بارسونز ;« والتي تختلف-بناء
    عليها-خصائص الأفراد في اﻟﻤﺠتمع الصناعي الحديث عنها في اﻟﻤﺠتمع
    التقليدي ; وتشمل: العمومية مقابل الخصوصية ; والأداء (أو الإنجاز) مقابل
    النوعية أو العزو ; والتخصيص مقابل الانتشار ; وا 4صلحة الجمعية مقابل
    ا 4صلحة الذاتية ; والحياد الوجداني مقابل الوجدانية( ٨). كما يدخل في
    هذا النطاق أيضا ا 4تغيرات الثلاثة التي يطرحها هوسلتز ; والتي تتصف
    اﻟﻤﺠتمعات ا 4تقدمة ‰قتضاها ‰تغيرات العمومية ; والتوجيه نحو الأداء
    (أو الإنجاز) وتخصيص الأدوار ; في ح R تشهد اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة ا 4تغيرات
    ا 4قابلة وهي: الخصوصية والعزو (أو النسبة) وتشتت الدور( ٩).
    وعلى مستوى أكثر تخصيصا ; „كن الحديث عن ملامح التخلف بالنسبة
    ﻟﻤﺠالات محددة ; سواء أكانت اﻟﻤﺠال الاقتصادي ; أم الاجتماعي ; أم السياسي
    أم الثقافي.. . الخ. ففي اﻟﻤﺠال الاقتصادي ; تتبدى أكثر مظاهر التخلف
    ذيوعا وقدما ; بحيث يرى البعض أن التخلف-في جوهره-يشير إلى حقيقة
    اقتصادية ; كما أن دراسات التنمية بدأت بالاقتصاد. وعلى هذا الأساس
    طرحت معايير وسمات عديدة للتخلف الاقتصادي مثل عدم كفاية رؤوس
    الأموال ا 4نتجة ; وتخلف طرق الإنتاج ; وشيوع البطالة البنيانية ; والتبعية
    11
    مقدمة
    الاقتصادية للخارج.
    وفي اﻟﻤﺠال الاجتماعي ; تطرح عديد من السمات التي تتسم بها
    اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة سواء من الناحية الد „وغرافية أو الايكولوجية ; أو
    التعليمية ; أو من حيث البناء الطبقي. فتتميز البلاد ا 4تخلفة عموما بارتفاع
    معدل النمو السكاني وارتفاع معدلات ا 4واليد ووجود فجوة كبيره ب R الريف
    والحضر ; وسوء الأحوال الصحية ; وانتشار الأمية ; والتفاوت الطبقي ; وضعف
    الحراك الاجتماعي والتفرقة ب R النساء والرجال.. . الخ. وفي اﻟﻤﺠال
    السياسي ; اجتهد العديد من الدارس R في بيان الخصائص الرئيسة للنظام
    السياسي في البلاد ا 4تخلفة ; وأوجه اختلافه عن النظم السياسية ا 4تقدمة ;
    مثل عدم الاستقرار ; وعدم التكامل السياسي والاجتماعي ; وغياب العقلانية
    في اتخاذ القرار السياسي. وهي خصائص تتضمن بدورها العديد من
    العناصر التفصيلية مثل الانفصال ب R الحاكم R والمحكوم ;R وانعدام
    ا 4شاركة السياسية ; والاستناد إلى الأساس التقليدي للسلطة كمصدر
    للشرعية ; وانعدام ا 4ؤسسية السياسية وغياب الاتفاق العام حول هوية
    اﻟﻤﺠتمع ; وضعف الولاء للدولة واﻟﻤﺠتمع. أسباب التخلف: بدون الدخول في
    تفاصيل تبعد عن جوهر دراستنا „كن القول إن هناك العديد من النظريات
    التي طرحت لتفسير التخلف ; مثل النظريات الجغرافية التي تربط ب R
    التخلف وا 4ناخ الحار أو الاستوائي ; أو تربط التخلف بتوافر موارد معينة
    للطاقة ; والنظريات العرقية أو الجنسية التي تشير إلى mيز الأجناس
    البيضاء والصفات الذاتية لأفرادها ; والتي mيزهم عن الأجناس ا 4لونة
    التي تفتقر إلى هذه الصفات. وهناك أيضا الاتجاهات التي تعزو التخلف
    إلى سيادة قيم تقليدية وخصائص سيكولوجية تشجع الفساد ; وتكرس الكسل
    وا 4شاعر الذاتية وعدم الخلق والتسلط والمحافظة.
    على أننا هنا ; سوف نتفق مع وجهة النظر التي تجمل أسباب التخلف
    في مجموعت R من العوامل: اﻟﻤﺠموعة الأولى ; تلك العوامل الداخلية ; التي
    ترتبط ‰جمل البناء الاجتماعي في البلدان ا 4تخلفة منذ فترة ما قبل
    الثورة الصناعية ; وهي العوامل التي أعاقت …و تلك اﻟﻤﺠتمعات على النحو
    الذي شهدته اﻟﻤﺠتمعات ا 4تقدمة ; كما أنها لا تزال تعمل تأثيرها داخل تلك
    البلدان بشكل يعوق تحقيق التنمية الشاملة والحقيقة فيها.( ١٠ ).
    12
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    أما اﻟﻤﺠموعة الثانية من العوامل ; فهي عوامل خارجية ترتبط بالنظام
    الإمبريالي العا 4ي منذ أن بدأت السيطرة الاستعمارية الأوروبية على أجزاء
    العالم الأخرى بحثا عن الأسواق ; وا 4واد الخام. فلقد أحدثت تلك السيطرة
    العديد من الآثار السلبية الخطيرة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
    والسياسية على تلك اﻟﻤﺠتمعات ; لا توازنها الآثار الإيجابية التي سجلها
    بعض الباحث R للاستعمار في اﻟﻤﺠتمعات التقليدية. ولا تزال تلك العلاقة
    تعمل آثارها السلبية بشكل يفوق (لدى بعض الدارس ;R وكما سوف نتعرض
    لذلك بتفصيل أكثر فيما بعد) التأثيرات السلبية للعوامل الداخلية. وبعبارة
    موجزة فإن فهم تخلف الدول ا 4تخلفة (وفهم وسائل تنميتها بالتالي) إ …ا
    يتطلب فهما عميقا (تاريخيا وبنائيا) للعوامل الداخلية والخارجية التي
    أسهمت في تدعيم التخلف.( ١١ ).
    خصائص مفهوم التخلف: „كن القول إذن إن الفهم الصحيح لظاهرة
    التخلف لا بد من أن يأخذ في الاعتبار الخصائص الآتية:
    ١- أن التخلف حقيقة كلية وشاملة ; تتناول كافة نواحي الحياة في اﻟﻤﺠتمع
    ا 4تخلف حتى وإن اختلفت مؤشراتها-كميا أو كيفيا-من مجال إلى آخر.
    ٢- أن التخلف لا „كن فصله عن السياق التاريخي الذي يتم فيه ;
    فمناطق اليوم ا 4تأخرة ; كانت بالأمس متقدمة ; والعكس صحيح. وهذا يعني
    بالتالي أن فهم ظروف التخلف وأسبابه في اﻟﻤﺠتمعات ا 4عاصرة لا „كن أن
    يتم ‰عزل عن التطورات التاريخية التي سبقتها مثل الثورة الصناعية أو
    الظاهرة الاستعمارية.
    ٣- أن التخلف لا „كن فهمه إلا ضمن منظور بنائي شامل ; يأخذ في
    الاعتبار العلاقات ا 4عقدة (التاريخية وا 4عاصرة) ب R اﻟﻤﺠتمع ا 4تخلف
    واﻟﻤﺠتمع الدولي المحيط به ; وبالتحديد العلاقات التي تربط العالم الثالث
    بدول العالم الغربي ; والتي أسهمت في تشكيل النظام الدولي ا 4عاصر ;
    الذي يقوم على أساس وجود أ ™ متفاوتة التقدم والتخلف.
    ب-في تعريف الظاهرة الحزبية:
    على الرغم من أن أغلب دارسي الأحزاب ; سواء من القدامى أو المحدث ;R
    قدموا تعريفاتهم ل »الحزب السياسي «فإن البعض من أبرز دارسيها لم
    يهتموا ‰سألة التعريف بشكل مباشر أو شككوا في جدواها. فمن الأمور
    13
    مقدمة
    ا 4لفتة للنظر-ابتداء-أن كتاب الأستاذ الفرنسي موريس ديفرجيه الكلاسيكي
    الشهير عن »الأحزاب السياسية « الذي صدر للمرة الأولى عام ١٩٥١ لا نجد
    فيه تعريفا واضحا للحزب السياسي ( ١٢ ) ; أيضا فإن الأستاذ الإيطالي
    جيوفاني سارتوري في مؤلفه الذي صدر عام ١٩٧٦ بعنوان »الأحزاب والنظم
    الحزبية «-وبعد أن يستعرض التعريفات التي وضعها عدد من الدارس R
    الآخرين-يتساءل عن جدوى التعريف أو أهميته. ( ١٣ ).
    ومع ذلك فإن سارتوري يعود على الفور ليقرر أنه إذا كانت دراسة
    الأحزاب في ا 4اضي لا تستلزم ضرورة أيجاد تعريف دقيق ; فإن التطورات
    ا 4عامرة تحتم ذلك ; وفي مقدمتها: التوسع العا 4ي الشامل في الظاهرة وفي
    مجالات دراستها ; والضرورات الإجرائية للدراسة ; وأخيرا-يضيف سارتوري-
    أن دخول الدراسات الحزبية ; ضمن عديد من مجالات الدراسات السياسية
    الأخرى ; في عصر ثورة العقول الإلكترونية يستلزم أيجاد تعريفات دقيقة
    تضمن سلامة البيانات التي تغذي بها الحاسبات وبنوك ا 4علومات ; كشرط
    أساسي لسلامة النتائج التي „كن التوصل إليها ( ١٤ ). والواقع أن التنوع
    الشديد في الكيانات السياسية التي يطلق عليها لفظ الحزب ; سواء من
    حيث أصولها أو مقوماتها أو وظائفها ; والذي ينعكس-بدوره-على التوسع
    الشديد في تعريفها ب R اللاتحديد على الإطلاق ; أو العمومية الشديدة ;
    إلى التحديد الضيق ; أو الخصوصية ا 4تزمتة ; خاصة مع ظهور طوفان
    أحزاب العالم الثالث ; هو الذي حدا بنا إلى استعمال تعبير »الظاهرة الحزبية «
    للدلالة ليس فقط على كل ما يسمى ب »الأحزاب « في البلاد ا 4تخلفة ( ١٥ ) ;
    وإ …ا على أي كيان شبه حزبي يقوم بدرجة أو بأخرى ‰هام الأحزاب
    السياسية.
    ومثل العديد من الظواهر السياسية ; فإن التعريف بالأحزاب لا بد من
    أن يبدأ بالأصل التاريخي ; كمحدد لسماتها الأولية ; والتي تتحدد في ثلاث
    سمات:
    ١- أن الأحزاب ليست هي الكتل أو الأجنحة Factions ‰عنى أنه ما لم
    يكن الحزب مختلفا عن الكتلة أو الجناح فهو ليس حزبا. فالأحزاب إ …ا
    تطورت عن الكتل أو الأجنحة التي ارتبطت بالانتخابات وا 4مارسات البر 4انية
    ولكنها أضحت شيئا مختلفا عنها.
    14
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    ٢- أن الحزب هو جزء من كل والكل هنا يكون كلا تعدديا. فكلمة حزب
    Party بحكم اللفظ نفسه ترتبط ‰فهوم الجزء Part . ولكن بالرغم من أن
    الحزب „ثل فقط جزءا من كل إلا أن هذا الجزء يجب أن يسلك منهجا
    غير جزئي إزاء الكل ; أي يتصرف كجزء ذي ارتباط بالكل.
    ٣- أن الأحزاب هي قنوات للتعبير ‰عنى أن الأحزاب تنتمي-أولا وقبل
    كل شيء-إلى أدوات أو وسائل التمثيل ; إنها أداة ; أو هيئة للتمثيل الشعبي
    تقوم بالتعبير عن مطالب اجتماعية محددة.
    إن هذه السمات ا 4ستمدة من الأصل التاريخي للأحزاب ; تطرح علينا
    اﻟﻤﺠموعة الأولى من التعريفات ; وهي تلك التعريفات الضيقة التي ترفض-
    بناء على الخصائص السابقة-الاعتراف ‰فهوم »الحزب الواحد «. في مقدمة
    تلك التعريفات ; تعريف »لاسويل وكابلان « الذي يتضمن أن الحزب السياسي
    هو »مجموعة من الأفراد ; تصوغ القضايا الشاملة ; وتقدم مرشح R في
    الانتخابات «. هذا التعريف „يز الحزب عن القطاعات غير ا 4نظمة وغير
    النشطة من الرأي العام ; من زاوية أن تلك الجماعة تتضمن »تنظيما « وبا 4ثل
    فإن هذا التعريف يستبعد الجماعات التي تسعى إلى التأثير على القرارات
    من خلال استعمال العنف ; بالإضافة إلى جماعات الضغط ; حيث أن الأحزاب
    فقط هي التي »تؤمن و mارس القوة السياسية من خلال التصويت الشرعي .«
    وفوق ذلك ; فان ا 4ؤلف R السابق R يشيران إلى أن التعريف „يز الأحزاب
    عن الكتل (التي لا تطرح قضايا شاملة) ويؤكدان أيضا على أنه يستبعد
    نظم الواحدية الحزبية (حيث يرفضان تسميتها أحزابا) ( ١٦ ) ; وهناك أيضا
    تعريف »سيجموند نيومان « الذي يرى أن الحزب هو »تنظيم للعناصر
    السياسية النشيطة في اﻟﻤﺠتمع.. .. يتنافس-سعيا إلى الحصول على التأييد
    الشعبي-مع جماعة أو جماعات أخرى تعتنق وجهات نظر مختلفة ( ١٧ ).
    ويصر نيومان على وجوب بدء تحديد الحزب بتحديد اشتقاق الكلمة نفسها ;
    فتكون »حزب « بالنسبة لحقيقة ما يعني دائما التوحد مع مجموعة ;
    والاختلاف عن أخرى. إن كل حزب في معناه الجوهري يعني الاشتراك في
    تنظيم مع R والانفصال عن آخرين ; بواسطة برنامج محدد.
    إن مثل هذا التوصيف ا 4بدئي ; يعني أن تعريف الحزب يفترض مناخا
    د „قراطيا ; وبالتالي يجعل منه تعبيرا مغلوطا في كل دكتاتورية كما يعني أن
    15
    مقدمة
    »نظام الحزب الواحد (أي الحزب ا 4نفرد) ينطوي على تناقض في ذاته ١٨)« ).
    على أن التطورات التي حدثت على أرض الواقع ; والتي تتمثل بالتحديد
    في ظهور ا 4وجة الأولى من دول الحزب الواحد بعد الحرب العا 4ية الأولى ;
    في الفترة من ١٩٢٠ إلى ١٩٤٠ كما ظهرت في الاتحاد السوفيتي ; وأ 4انيا
    النازية وإيطاليا الفاشية ; دفعت-كما يقول سارتوري بحق-إلى البحث عن
    الخصائص ا 4شتركة في مفهوم الحزب ; ب R نظم التعدد الحزبي ونظم
    الحزب الواحد. واستنادا إلى الخبرة التاريخية أيضا (أي إلى خبرة نظم
    الحزب الواحد الأولى السوفيتية ; والنازية ; والفاشية) فإن الحزب الواحد
    لا „كن تصوره بدون أدراك وجود حالة من »الفراغ « الحزبي ; تستلزم
    شغلها. فإذا كان الظرف الرئيس ا 4رتبط بالتعدد الحزبي هو اتساع الاقتراع
    العام فإن الظرف الرئيسي الذي ارتبط بالواحدية الحزبية إ …ا كان هو
    ظهور اﻟﻤﺠتمع ا 4سّيِس Politicized Society الذي يعكس التنمية السياسية
    (للمجتمع) ‰ا تنطوي عليه من أيقاظ وتنشيط للسكان ككل ; ودمج الجماهير
    في الحياة العامة. في ضوء هذا „كن معرفة السبب في تبلور دول الحزب
    الواحد في الوقت الذي ظهرت فيه ; وكذلك تفسير 4اذا كان البديل الأكثر
    إمكانية والأكثر استمرارية للأحزاب ا 4تعددة هو الحزب الواحد وليس الفراغ
    الحزبي (سواء كان هذا الفراغ تعبيرا عن اللاحزبية ; أو العداء للحزبية).
    ويؤكد سارتوري أن هناك ارتباطا أصيلا ب R الأحزاب في النظام التعددي ;
    وفي النظام الوحدوي. وعلى وجه الخصوص فإن ما يتغير واقعيا وضروريا
    في الانتقال من التعددية الحزبية إلى الواحدية الحزبية هو طبيعة »النظام «
    System . ولكن الحزب الواحد يظل يحمل التكنيك والهيكل التنظيمي اللذين
    سبق أن اتسم بها في ظل التعددية. وإن الحزب الواحد القائم في السلطة
    يقتل الأحزاب الأخرى ; ولكنه يظل سلاحا تنظيميا شبه حزبي ; كما يظل
    هناك معنى للحديث عن »حزب واحد «. على أن الأمر يختلف كثيرا عندما
    ننتقل إلى تعبير »نظام الحزب الواحد « فالتعبير ينطوي على مغالطة ; وعلى
    خلط في ا 4فاهيم ; لأنه لا „كن لحزب (واحد) أن يكون-منفردا-(نظاما)
    System لأن من ا 4فترض أن النظام يتكون من أكثر من وحدة. وهو مالا
    ينطبق على الحزب الواحد ; ولذا فتعبير »النظام « الحزبي أي النظام ا 4تكون
    من عدة أحزاب ينطبق فقط على حالة »التعدد « الحزبي.
                  

04-11-2010, 09:07 AM

مجدي عبدالرحيم فضل
<aمجدي عبدالرحيم فضل
تاريخ التسجيل: 03-11-2007
مجموع المشاركات: 8882

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث (Re: مجدي عبدالرحيم فضل)

    أما في حالة الحزب الواحد فيمكن القول-عوضا عن ذلك-إن كل حزب
    (عموما) „كن إدراكه (سواء من الداخل أو مأخوذا بشكل منفصل عن
    غيره) كنظام. وبالتالي „كننا أن نتحدث فيما يتعلق بالحزب الواحد-ليس
    عن النظام الحزبي ; وإ …ا عن الحزب كنظام ( Party as a system ). ولكن هذا
    يعني في الواقع أننا سوف نخلط ب R مستوي R من التحليل ; أي: ا 4ستوى
    الذي تكون فيه وحدة التحليل هي النظام ; وا 4ستوى الذي تكون فيه وحدة
    التحليل هي الحزب ; لذا يفضل سارتوري-في هذا ا 4قام-استخدام اصطلاح
    »نظام الحزب-الدولة ١٩) « ). ويلقي »كآي لاوسون « الضوء على جانب آخر
    من ا 4شكلة نفسها ; فيرى من الصحيح أن كل حزب واحد يسعى إلى الدعم
    الانتخابي ; ويقدم مرشحيه للانتخابات إلا أن تلك الانتخابات عادة ما تكون
    شكلية. إن الأحزاب الواحدة تسعى للحصول على التفويض الشعبي ; ولكن
    الاجتماعات العامة ; والحشود تكون غالبا أكثر فائدة من الانتخابات في
    جمع مثل هذا التأييد في بلاد الحزب الواحد. فإذا سلمنا بأن الأحزاب
    الواحدة هي بالفعل »أحزاب « حتى ولو لم تدخل في انتخابات تنافسية ;
    يكون علينا أن نوجد تعريفا ينطبق عليها كما ينطبق على الأحزاب في
    النظم التنافسية( ٢٠ ).
    وبعزو جب Jupp ا 4بالغة في رفض أدراج »الحزب الواحد « إلى تأثر علم
    الاجتماع السياسي الأمريكي بالغشاوة التي يحدثها النظام الحزبي الأمريكي
    ذو الطابع الخاص ; ‡ا يؤدي إلى إنكار اصطلاح »الحزب « بالنسبة
    للتنظيمات الشيوعية الشمولية التي تحكم اليوم ثلث سكان العالم ( ٢١ ).
    في ضوء تلك الحقائق التاريخية والأكاد „ية طرح دارسو الأحزاب العديد
    من التعريفات الواسعة التي تشمل مفهوم الحزب الواحد ; وتشكل اﻟﻤﺠموعة
    الثانية من التعريفات التي نعرضها هنا ; والتي يدخل الكثير منها ضمن ما
    يسميه سارتوري ب »تعريف الحد الأدنى « والذي يقصد به أن يكون التعريف
    »مانعا « لخلط ا 4فهوم مع غيره من ا 4فاهيم ; ولكنه »لا يجمع « بالضرورة
    كافة الخصائص ا 4تصورة للظاهرة موضع التعريف ( ٢٢ ). في هذا الإطار
    يندرج التعريف الذي يقدمه »جاندا « للأحزاب بأنها »تنظيمات تسعى إلى
    وضع ‡ثليها ا 4علن R في مواقع الحكم «. وواضح أن أهم سمات هذا التعريف
    هو أنه لا يعتبر الانتخابات هي العنصر ا 4ميز الحاسم للأحزاب. ويفسر
    17
    مقدمة
    جاندا تعريفه بأنه يسعى إلى أن يشمل كلا من العملية الانتخابية (التي
    تشمل التنافس ب R الأحزاب) ; وعملية شغل ا 4ناصب الحكومية بالتعي R
    ا 4باشر ; بدون إجراء انتخابات ( ٣٣ ). ولكن يعيب هذا التوسع الشديد في
    التعريف أنه قد يتسع ليشمل »جماعات الضغط « بل هو قد لا „يز الحزب
    عن التنظيمات العسكرية أو الدينية( ٢٤ ).
    ويعرف »فريد ريجز « الحزب بأنه »أي تنظيم يع R مرشح R للانتخابات
    لدخول الهيئة التشريعية ٢٥) « ).
    أما جوزيف شليزنجر فيري أن الحزب هو (التنظيم السياسي الذي
    يشارك بنشاط وفاعلية في التنافس من أجل ا 4ناصب الانتخابية ;( ٢٦ ).
    ويستخلص كاي لاوسون تعريفا للحزب السياسي بأنه »تنظيم من الأفرادد
    يسعى للحصول على تفويض مستمر (انتخابي أو غير انتخابي) من الشعب
    (أو من قطاع منه) 4مثل R محددين من ذلك التنظيم 4مارسة القوة السيماسية
    4ناصب حكومية معينة ; مع إعلان أن تلك القوة سوف mارس بالنيابة عن
    الشعب ( ٢٧ ).
    ووفقا 4فهوم »تعريف الحد الأدنى يرى سارتوري أن الحزب هو «أي
    جماعة سياسية تتقدم للانتخابات ; وتكون قادرة على أن تقدم من خلال
    تلك الانتخابات مرشح R للمناصب العامة( ٢٨ ).
    ويحدد »لابالومبارا « و »وينر « عناصر مفهوم الحزب ; كما استعملا في
    دراساتهما الهامة عن الأحزاب في البلاد ا 4تخلفة في أربعة عناصر:
    ١- استمرارية التنظيم-أي وجود تنظيم لا يتوقف ا 4دى العمري ا 4توقع
    له على ا 4دى العمري للقادة ا 4نشئ R له.
    ٢- امتداد التنظيم إلى ا 4ستوى المحلي مع وجود اتصالات منتظمة داخلية
    وب R الوحدات القومية والمحلية.
    ٣- توافر الرغبة لدى القادة على كل من ا 4ستوي R المحلي والقومي
    للقيام بعملية صنع القرار (سواء منفردين أو بالتآلف مع آخرين) وليس
    مجرد التأثير على ‡ارسة السلطة.
    ٤- اهتمام التنظيم بتجميع الأنصار وا 4ؤيدين في الانتخابات أو السعي-
    بشكل أو بآخر-للحصول على التأييد الشعبي ( ٢٩ ).
    وبا 4ثل يصوغ كو 4ان وروزبرج تعريفهما للأحزاب السياسية بأنها:
    18
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    »اتحادات منظمة رسميا ; ذات غرض واضح ومعلن يتمثل في الحصول على
    و (أو) الحفاظ على السيطرة الشرعية (سواء بشكل منفرد ; أو بالتآلف ; أو
    بالتنافس الانتخابي مع اتحادات مشابهة) على مناصب وسياسات الحكم
    في دولة ذات سيادة فعلية أو متوقعة ٣٠) « ).
    فإذا انتقلنا إلى ا 4فهوم ا 4اركسي للحزب نجده يرتبط بالإطار الشامل
    للأيديولوجية ا 4اركسية ; فيكيف الحزب-باعتباره أحد عناصر »البناء العلوي «
    السياسي للمجتمع-بأنه »تعبير عن مصالح طبقة اجتماعية « أو هو-وفقا
    لتعريف ستال R- »قطاع من طبقه ; قطاعها الطليعي ٣١) « ). وبعبارة أخرى
    يعبر الحزب-وفقا لهذا ا 4فهوم-عن مجموعة من الناس تربطها مصالح
    اقتصادية في المحل الأول ; وتحاول أن تصل إلى الحكم عن طريق الإصلاح
    أو الثورة. وا 4صطلح بذلك يفرق ب R اليم R واليسار في التشكيلات الحزبية:
    فالحزب يكون „» ينيا « ح R يقوم على الطبقات ا 4ستغلة ; إقطاعية أو
    بورجوازية ; ويحاول الوصول إلى الحكم لاستغلال الطبقات الكادحة من
    الفلاح R والعمال ; وهو »يساري « ح R يقوم على الطبقات الكادحة أو ‡ثليها ;
    ويسعى إلى وضع حد للاستغلال الطبقي. ومن هنا „يز ب R أحزاب
    »البورجوازية « و »الإقطاع « وب R حزب »الاشتراكية .«
    على أننا يجب-فيما يتعلق ‰وقف ماركر وانجلز من مسألة الحزب-أن
    نفرق ب R تحليلهما 4ا هو »موجود تاريخيا ;« وب R رؤيتهما القيمية 4ا »يجبد
    أن يكون عليه الحزب ; أو الحزب الثوري بالتحديد ; وما نجده بالأساس في
    كتابات ماركس وانجلز ; ثم في كتابات لين R على وجه الخصوص ; يتعلق
    بالأمر الثاني ; آي ما ينبغي أن يكون عليه الحزب »الثوري « و »البروليتاري .«
    وجاء الحزب الشيوعي السوفيتي مترجما لأفكار لين R في الحزب
    الثوري. ونصت ا 4ادة ١٢٦ من الدستور السوفيتي على: »أن أكثر ا 4واطن R
    نشاطا ووعيا في الطبقة العمالية والفلاح R الكادح R وا 4ثقف R الكادح ;R
    يتحدون طواعية في الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي الذي هو
    طليعة العامل R في نضالهم من أجل إنشاء اﻟﻤﺠتمع الشيوعي ; والذي هو
    أيضا النواة القائدة لجميع منظمات العامل R سواء الاجتماعية أو التابعة
    للدولة ٣٢) « ). ويظهر ا 4وقع ا 4تميز للحزب الشيوعي ودوره في اﻟﻤﺠتمع
    السوفيتي ; من الخصائص التي أوضحها لين R وتتلخص في أن الحزب هو
    19
    مقدمة
    طليعة الطبقة العاملة ويستوعب خير عناصرها ; وأنه هو »الكتيبة ا 4نظمة «
    في تلك الطبقة. وهو بتلك الخصائص أداة لديكتاتورية البروليتاريا ; سواء
    لتحقيق هذه الديكتاتورية ; أو لتكريسها بعد تحققها. والحزب يعبر عن
    وحدة الإرادة التامة ب R أعضائه ; ويقوى دوما بتطهير صفوفه من العناصر
    الانتهازية. وأخيرا ; فإنه بتلك السمات يضرب ا 4ثل الأعلى لكافة ا 4نظمات
    العامة الأخرى( ٣٣ ).
    وانطلاقا من التكيف الطبقي 4فهوم الحزب ; يصم الكتاب ا 4اركسيون-
    والسوفيت على وجه الخصوص-النظام البرجوازي القائم على »الحزب
    الواحد « بالفاشية بوصفه نظاما يزود الطبقة الحاكمة ا 4الكة ; وا 4عبرة عن
    الأقلية ا 4ستغلة ; بكل الإمكانات لاضطهاد الجماهير الكادحة ; ‰ا في ذلك
    حرمانها من حقها في التعبير عن نفسها بواسطة الأحزاب ; ولكن واحدية
    الحزب الشيوعي تبدو-واستنادا إلى ا 4نطق ذاته-مسالة مبررة ومشروعة.
    ففي تلك الحالة يكون الحزب معبرا عن سلطة ديكتاتورية البروليتاريا
    القائمة على تحالف العامل R وتلاقي مصالحهم فينتفي ; وبالتالي ; مبرر
    تعدد الأحزاب. بالإضافة إلى ذلك يشكل هدف خلق اﻟﻤﺠتمع الشيوعي
    عاملا معززا للمناداة بالحزب الواحد. وفيما يرى السوفييت يقتضي هذا
    الهدف وجوب تركيز السلطة في قبضة الحزب الشيوعي لكي يقوم أي
    انحراف عن الخط المحدد لنمو اﻟﻤﺠتمع السوفيتي ; وقد تنطوي التعددية
    الحزبية على احتمالات 4ثل هذا الانحراف. وترتيبا على هذا النظر دأبت
    الزعامة السوفيتية على رفض كل دعوة للسماح بتعدد الأحزاب. وصرح
    ستال R في تقريره بشأن مشروع دستور ;١٩٣٦ ردا على النقد ا 4وجه ضد
    رفض السوفييت للتعددية الحزبية بأنه »في الاتحاد السوفيتي لا يسوغ أن
    يقوم سوى حزب واحد ; هو الحزب الشيوعي ; الذي يذود بجرأة ; وإلى آخر
    ا 4دى ; عن مصالح العمال والفلاح «R . وقد حافظ خلفاء ستال R على هذا
    ا 4بدأ ; ورددوه في أكثر من مناسبة. وفي إطار هذه القاعدة العامة لا يعارض
    السوفيت قيام تعددية حزبية في أحوال معينة. وتشكل النظم السياسية
    الغربية الفرض الأول الذي يدعو السوفيت إلى قيام تعدد الأحزاب في
    نطاقه. وكذلك يشير الكتاب إلى أن نظام الحزب الواحد لا يشكل خاصية
    محتمة لكل تنظيم سياسي اشتراكي ; بل في الإمكان إباحة تعدد الأحزاب
    20
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    شريطة أن تدور في فلك السلطة الاشتراكية الواحدة ; وتخدم الأهداف
    الاشتراكية التي يقررها الحزب الشيوعي ; فتمتثل لإرادته باعتبارها ضمان
    »الوحدة الأيديولوجية والسياسية الصلبة لكل اﻟﻤﺠتمع ; والتطور الهادف
    وا 4تكافئ لكل عناصر البناء الاشتراكيد ( ٣٤ ).
    في ضوء هذا كله ; „كن القول إننا عندما نتحدث عن الحزب السياسي
    فإننا نقصد بذلك وجود: »اتحاد أو تجمع من الأفراد ; ذي بناء تنظيمي على
    ا 4ستوي R القومي والمحلي ; يعبر-في جوهره-عن مصالح قوى اجتماعية
    محددة ; ويستهدف الوصول إلى السلطة السياسية أو التأثير عليها ; بواسطة
    أنشطة متعددة خصوصا من خلال تولي ‡ثلية ا 4ناصب العامة ; سواء عن
    طريق العملية الانتخابية أو بدونها .«
    21
    مقدمة
    الهوامش
    (1) David Apter, The politics of Mmodernization(Chicago: University of Chicago press. 1965), p179.
    (2) Joseph Laplombara and Mayron Weimer, The Origin and of political parties, in: Joseph Lapalombara
    and-Myron Weiner,(eds), Political Parties and Political (Development Princeton Princeton university
    Press, 1966),p4.
    ( ٣) انظر في تفصيل هذه ا 4داخل
    Kay Lawson, The Comparative Study of Political Parties (NewYork: st. Martin‘s Press, Inc. 1976 ),
    pp 4-20.
    ( ٤) انظر: موريس ديفرجيه ; الأحزاب السياسية ; ترجمة: على مقلد وعبد الحسن سعد (بيروت:
    دار النهار ; ١٩٨٠ ) ط ;٣ ص ص ٢٨ - ٬٣٨ ٧٩ - ٨٦ .
    ( ٥)انظر:-, Sigmund Neumann, ed. Modern Political Parties)Chi cago: University of Chicago Press
    1956 ), p . 404.
    (6)Kay Lawson, op. cit., p. 8.
    ( ٧) د. السيد الحسيني ; التنمية والتخلف: دراسة تاريخية بنائية (القاهرة ; د ار ا 4عارف ; ١٩٨٢ ) ط
    ;٢ ص ٤٢ .
    ( ٨)انظر في تلك ا 4تغيرات بالتفصيل: نيقولا تيماشيف ; نظرية علم الاجتماع ; ترجمة: محمود
    عودة وآخرين (القاهرة: دار ا 4عارف ; ١٩٨٠ ) ط ;٦ ص ص ٣٦٩ - ٣٧٤ .
    ( ٩)انظر: د. السيد الحسيني ; مرجع سابق ; ص ٤٤ .
    ( ١٠ ) ا 4رجع السابق ; ص ;١١٦ انظرأيضا: د. علي الدين هلال ; محاضرات في التنمية السياسية
    ١٩٧٦ - ١٩٨٠ كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة ; ص ٢٨ .
    ( ١١ ) د. السيد الحسيني ; مرجع سابق ; ص ١١٦ - ١١٨ . وانظر أيضا:
    lan Roxbotough, Theories of Underdevelopment( London: The. Macmillan Press Ltd.,1979), pp26-24.
    ( ١٢ ) موريس ديفرجية ; مرجع سابق ; ص ص ١- ٥.
    ١٣) Giovanni sartori, Parties and Party Systems: A Framework for Analysis, Vol. 1,( Cambridge: )
    Cambridge University Press, 1976), pp 58 - 60.
    (14)Ibid., p. 60.
    ) إن تعبير »الظاهرة الحزبية « يستخدم في الواقع على أيدي العديد من دارسي الأحزاب ١٥; (
    ٤٣٣ .Joseph Lapalombara and Myron Weiner,( eds.), op. cit., P Leon D. Epstein, Political ,انظر مثلا:
    Parties, in: Fred I. Greenetein 4. and Nelson W. Polsby, Handbook of Political Science, Vol,
    Massachusetts: Addison-Wesley Publishing Company(-1975),pp. 229- 271 and Peter H. Merkl, Modern
    Comparative Politics(Illionis: The Dryden Press, 1977), pp.93-132.
    (16) Harold D. Lasswell and Abraham Kaplan, Power and Society: A Framework for Political
    Enquiry(Yale: Yale University Press, 1950),pp. 171- 169.
    22
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    (17)Sigmund Neumann, ed., op.cit p 395.
    (18)lbid.,p . 181.
    (19)Giovanni Sartori, op.cit., p. 43.
    (20)Kay Lawson, op.cit., p . 3.
    (21) James Jupp, Political Parties) London: Routledge andKegan Paul, 1970(, pp . 4- 2.
    (22)Giovanni Sartori, op.cit., p 61.
    (23)Kenneth Janda, A Conceptual Framework for the Comparative Analysis of Political Paties, Sage
    Professional Papers No; 01-002 ,.Vol. 1( California: Sage Publications lnc1970). p.83.
    (24)Giovanni Sartori, op.cit., p 63.
    (25)Fred Riggs, Comparative Politics and Political Parties ln: William J. Crotty, ed., Approaches to the
    Study of Party Organization(Boston: Allyn and Bacon, 1968), p.51.
    (26) Joseph Schlesinger, Party Units, in: lnternational Encylepedia of the Social Sciences) New york:
    Macmillan 1968,) p. 248.
    (27)Kay Lawson, op. cot., pp 4-3.
    (28)Giovanni Sartori, cp.cit., p 64.
    (29)Joseph Lapalombara and Myron Weiner,, op.cit., p 6.
    (30) James S. Coleman and, Carl Rosberg, eds., Political Parties:. and National lntegration in Tropical
    Africa( Berkeley, Calif . University of CaIifornia Press,1966), p. 2.
    ( ٣١ ) د. اسكندر غطاس ; أسس التنظيم السياسي في الدول الاشتراكية-
    دراسة تأصيلية مقارنة (القاهرة: (بدون ناشر) ; ١٩٧٢ ) ; ص ٤٨٢ .
    ( ٣٢ ) ا 4رجع السابق ; ص ٤٨٦ .
    ( ٣٣ ) د. محمد فتح الله الخطيب ; دراسات في الحكومات ا 4قارنة (القاهرة دار النهضة العربية ١٩٦٦; )
    ص ص ٢٨٩ - ٢٩٢ .
    ( ٣٤ ) د. اسكندر غطاس ; مرجع سابق ; ص ٤٩٢ .
    23
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
                  

04-11-2010, 09:13 AM

مجدي عبدالرحيم فضل
<aمجدي عبدالرحيم فضل
تاريخ التسجيل: 03-11-2007
مجموع المشاركات: 8882

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث (Re: مجدي عبدالرحيم فضل)

    حول الإطارات النظرية
    لدراسة الظاهرة السياسية
    والأحزاب في العالم الثالث
    ينتمي موضوع هذه الدراسة (أي: التخلف
    والظاهرة الحزبية) إلى دراسات الظاهرة السياسية
    في العالم الثالث بوجه عام ; والتي تندرج-بدورها ;
    وفي الأغلب الأعم منها-ضمن أدبيات السياسات
    ا 4قارنة Comparative Politics والواقع أن هذا الفرع
    من علم السياسة (أي فرع السياسات ا 4قارنة) ;
    شهد-منذ ما يقرب من أربعة عقود-ولا يزال يشهد
    حتى اليوم تطورات هامة ; سواء في ا 4يادين التي
    يغطيها ; أو ا 4ناجم التي يستخدمها. هذا التطور
    كان-من ناحية-انعكاسا للتطور العام الذي شهده
    علم السياسة منذ أوائل القرن العشرين في القارة
    الأمريكية خاصة ; كما كان-من ناحية أخرى-استجابة
    للتطورات الدولية الحاسمة التي شهدها العالم غداة
    الحرب العا 4ية الثانية.
    فتحت تأثير التغيرات التي شهدها اﻟﻤﺠتمع
    الأمريكي بفعل انتشار التصنيع ; واتساع ا 4ناطق
    الحضرية ; والحاجة إلى تأكيد مكانة »الدولة
    1
    24
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    الكبرى « لدى الدخول في الحرب العا 4ية الأولى ; ونتائج الكساد العا 4ي ;
    والتغيرات في النظام السياسي الأمريكي.. الخ ; شهدت العلوم السياسية
    في أمريكا تطورات نظرية ومنهجية واسعة النطاق منذ عشرينات القرن
    الحالي ( ١) . وإذا كانت تلك التطورات قد تضمنت التأثر بالتقدم في الدراسات
    الأنثروبولوجية والاجتماعية ; وبازدهار ا 4نهجيات »ا لسلوكية « و »ا لوظيفية ;«
    فان الأمر يعزى أيضا-ور ‰ا بدرجة أكبر ‡ا يبدو في الظاهر-للرغبة في
    مواجهة التحدي الذي مثلته ا 4اركسية ; ‰ا طرحته من منهجيات تجاوزت ;
    ومنذ وقت مبكر ; الطابع الشكلي والقانوني للدراسات الاجتماعية عموما ;
    والسياسية على وجه الخصوص. ( ٢)
    على أن هذا التطور في علم السياسة ; وخصوصا علم السياسة الأمريكي ;
    بأسبابه العملية والفكرية ; لم يقتصر على ا 4نهجيات النظرية ; وإ …ا تعداه
    إلى ا 4نهجيات التجريبية ; وشهدت العلوم السياسية »تزايدا في كم ; ونوع ;
    ودقة البيانات الكمية ; وتزايدا في عمق وتنوع الوسائل الإحصائية والرياضية
    ا 4تاحة لتحليل البيانات وتفسيرها خاصة مع توافر الحاسبات الإلكترونية
    الحديثة ( ٣).
    هذه التطورات الكبيرة في علم السياسة ; لم يقدر لها أن تنتقل إلى
    ميدان »السياسات ا 4قارنة « إلا بعد الحرب العا 4ية الثانية. فحتى ذلك
    الح ;R ظلت أدبيات السياسات ا 4قارنة تعاني من نواح محددة للقصور ;
    أجملها »ا 4وند « و »باول « في ثلاثة: أولها: المحدودبة Parochialism ‰عنى
    أن أدبيات السياسات ا 4قارنة اقتصرت على العالم الأوروبي في ح R أن
    الدراسات التي تناولت الأوضاع السياسية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية
    كانت ضئيلة ومحددة ; داخل سياق »دراسات ا 4ناطق Area Studies « وثانيها:
    التجزيئية Configurative ‰عنى أن أدبيات السياسات ا 4قارنة كانت تهتم
    بإلقاء أضؤ على الخواص ا 4ميزة للنظم السياسية ا 4نفردة بدون محاولة
    تقد ¡ تحليل منهجي مقارن أو فحص للعلاقات أو الارتباطات السببية ب R
    الظاهرة السياسية والظاهرة الاجتماعية. وثالثا: اتسمت أدبيات السياسات
    ا 4قارنة بالسمة الشكلية ;Formalism ‰عنى أن التركيز كان ينصب على
    »ا 4ؤسسات « (وبالذات ا 4ؤسسات الحكومية) وا 4عايير القانونية والقواعد
    والإجراءات ; أو على الأفكار السياسية والأيديولوجيات أكثر ‡ا هو على
    25
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    الأداء ; والتفا عل ; والسلوك ( ٤).
    على أن التطورات الحاسمة التي شهدها العالم بعد الحرب العا 4ية
    الثانية كان لا بد من أن تثير الاهتمام بالسياسات ا 4قارنة ; والتركيز عليها ;
    ليس فقط في شكل انتقال التطورات الهامة التي شهدها علم السياسة
    إليها ; وإ …ا أيضا في تطويرها ﻟﻤﺠالاتها ومناجياتها الخاصة. لقد mثلت
    تلك العوامل التي أسفرت عنها الحرب العا 4ية الثانية في تبلور الحركات
    القومية في الشرق الأوسط ; وآسيا وأفريقيا ; وتحول عديد من »الأ «™ إلى
    دول ذات ثقافات ; ومؤسسات اجتماعية وسمات سياسية مختلفة ; وانتهاء
    سيطرة بلاد الجماعة الاطلنطية ; وانتشار القوة والنفوذ الدولي R إلى ا 4ناطق
    الاستعمارية وشبه الاستعمارية القد „ة وأخيرا ; ظهور الشيوعية كقوة
    منافسة في الصراع حول تشكيل بنية السياسات القومية ; والنظام السياسي
    الدولي ككل( ٥)
    تحت تأثير هذه العوامل كلها ; انتقلت ا 4نهجيات السلوكية والوظيفية
    إلى ميدان السياسات ا 4قارنة ; كما بدأ تطبيق ا 4نهجيات التجريبية في
    بعض دراساتها. وكما عبر عن ذلك »ا 4وند « و »باول « أيضا في منتصف
    الستينات ; فقد بدأت دراسات السياسات ا 4قارنة تسعى إلى نبذ السمة
    الشكلية ; والانتقال من مجرد الاهتمام بالقانون والأيديولوجية وا 4ؤسسات
    الحكومية إلى دراسة الهياكل والعمليات ا 4تضمنة في السياسات وصنع
    السياسة ; مثل العمليات السياسية ; والأحزاب السياسية ; وجماعات ا 4صالح ;
    والعمليات الانتخابية والاتصال السياسي والتنشئة السياسية. وكان ا 4نهج
    الذي ازدهرت في ظله تلك الاتجاهات الواقعية-التجريبية هو »ا 4نهج
    السلوكي « والذي أضحى يعني ببساطة. دراسة السلوك الفعلي لأصحاب
    الأدوار السياسية ; أكثر من مجرد محتوى القواعد القانونية أو الأ …اط
    الأيديولوجية. كل هذا بالإضافة إلى التوجه نحو الدراسات الإحصائية ;
    والتحليل الكمي ; والدراسات ا 4سحية القائمة على العينات ودراسة
    الحالات( ٦).
    فإذا كان علماء السياسة الغربيون ; والأمريكيون على وجه الخصوص ;
    قد اهتموا بتفنيد ا 4نهجيات ا 4اركسية والطبقية ; فإن ‡ثلي تلك الأخيرة
    عملوا أيضا على تطويرها ‰ا „كنها من مواجهة التحدي الجديد ; وطرحت
    26
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    ا 4زيد من ا 4فاهيم والأفكار الأكثر عمقا وتحديدا. سواء في مجال التحليل
    »الطبقي « الكلاسيكي ; أو في مجال دراسة العلاقة ا 4عقدة ب R الأ ™ ا 4تخلفة
    والأ ™ ا 4تقدمة في داخل إطار النظام الدولي.
    في ضؤ ذلك ; كان من الطبيعي أن تفوز الظاهرة السياسية في اﻟﻤﺠتمعات
    ا 4تخلفة ; في العالم الثالث ; بنصيب وافر من تلك الجهود كلها:
    - فظهر ; من ناحية ; طوفان أدبيات »التحديث « و »التنمية السياسية التي
    تستند إلى ا 4قولات وا 4فاهيم الوظيفية والسلوكية ا 4شار إليها ; وكذلك إلى
    إسهامات ماكس فيبر ; ودراسات »النخبة ;« وما شابهها.
    - وظهرت ; من ناحية ثانية ; تنقيحات هامة للتحليل ا 4اركسي الطبقي
    سعت إلى تجاوز ا 4قولات التقليدية ; ‰ا يتلاءم مع الظروف الاجتماعية
    المحددة وا 4تغيرة لبلدان العالم الثالث.
    - وأخيرا ظهرت الإسهامات واسعة النطاق ; والتي تعزى بدرجة كبيرة
    إلى مفكري العالم الثالث أنفسهم ; واصطلح على تسميتها بأدبيات »التبعية «
    والتي ركزت على العلاقة غير ا 4تكافئة ب R البلدان ا 4تخلفة في العالم
    الثالث والبلد إن ا 4تقدمة.
    وفي حدود ما „كن أن تسهم فيه كل من تلك التطورات في التأصيل
    النظري 4وضوع »الظاهرة الحزبية « كجزء من الظاهرة السياسية ككل ; في
    العالم الثالث ; سوف يتناول هذا الفصل تلك التطورات في مباحث ثلاثة
    تتناول-على التوالي-نظريات التنمية السياسية وتطوراتها ; ونظريات ومفاهيم
    التحليل الطبقي ; ثم أفكار وأدبيات مدرسة التبعية.
    المبحث الأول:
    أفكار التنمية السياسية وتطوراتها
    ينتسب قدر غالب من الدراسات ا 4عاصرة التي تعالج الظاهرة السياسية
    في البلاد ا 4تخلفة ; سواء بشكل مباشر أم غير مباشر ; إلى أدبيات »التنمية
    السياسية «. وإذا كانت تلك الأدبيات قد ظهرت بعد الحرب العا 4ية الثانية ;
    ومنذ منتصف الخمسينيات على وجه الخصوص ; معبرة في ذلك الح R-
    عن تطور نظري ومنهاجي محدد في ميدان »السياسات ا 4قارنة «-كما سبقت
    الإشارة إليه ; فإن التطورات الفعلية على أرض العالم الثالث ; في العقود
    27
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    الثلاثة الأخيرة ; وكذلك التحديات النظرية وا 4نهجية للمدارس الأخرى في
    التنظير والتحليل ; فرضت-بدورها-تغييرات هامة على أدبيات التنمية
    السياسية ; لم يعد معها بإمكاننا اليوم أن نتحدث عن تلك الأدبيات ; أو أن
    نستخدم مفرداتها ; بنفس الصياغات أو ا 4فاهيم ; التي ظهرت فيها.
    وسوف يسعى هذا ا 4بحث لاستعراض أفكار التنمية السياسية وتطوراتها
    ا 4عاصرة ; باعتبارها تقدم إطارا نظريا ; وأدوات منهاجيه ; تسهم-مع غيرها-
    في معالجة وتحليل الظاهرة موضع البحث ; أي الظاهرة الحزبية في البلدان
    ا 4تخلفة.
    أولا: التنمية السياسية من الخمسينات إلى السبعينات
    ابتداء ; ينصرف الحديث عن أفكار »التنمية السياسية ;« في الأغلب
    الأعم منه ; خصوصا في مراحلها الأولى ; إلى إسهامات مجموعة من العلماء
    الأمريكي R الذين ضمتهم-على وجه الخصوص- »لجنة السياسات ا 4قارنة
    التابعة ﻟﻤﺠلس بحوث العلوم الاجتماعية SSRC الأمريكي برئاسة جابرييل
    أ 4وند. ولقد تعرضت أدبيات التنمية السياسية ; لدى نشأتها ; 4ؤثرين:
    الأيديولوجية الليبرالية الأمريكية( ٧). من جانب ; والأيديولوجية »التنموية ٨)« )
    من جانب آخر. وأدت هذه الخلفية الثقافية إلى …و الأدبيات السلوكية
    بخصوص التنمية الساسة ; ‡ثلة انتقالا هاما من ا 4رحلة الشكلية القانونية ;
    ‰ا انطوى عليه ذلك من التحول في ا 4نهجية من ا 4تغيرات القانونية
    وا 4ؤسسية إلى ا 4تغيرات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية. وكانت القضية
    المحورية هي كيفية إحداث »تنمية سياسية « في الدول الجديدة »في أفريقيا
    وآسيا بشكل يؤدي إلى إقامة الد „قراطية الليبرالية فيها. هذا التركيز ;
    على التحرك نحو الد „قراطية الليبرالية كان مجرد جزء من نظرية أشمل
    ل »التحديث Modernization « قائمة على التفرقة ب R الحداثة والتقليدية في
    كافة العلوم الاجتماعية ; وهو التقسيم الذي استند إلى أفكار »فيبر « حول
    »التقليدية « كحقيقة سابقة على الدولة ; وعلى العقلانية ; وعلى التصنيع( ٩).
    وبعبارة أكثر تحديدا „كن القول ; ابتداء وكمدخل للتعريف بالتنمية
    السياسية ; إنها-كحقيقة فكرية- mثل إسهام علم السياسة في نظرية
    »التحديث ;« التي تقاسمتها كافة فروع العلوم الاجتماعية والتي طرحت
    28
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    افتراضاتها النظرية الواسعة حول اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة.
    التحديث والتنمية السياسية:
    من الناحية التاريخية ; يشير »التحديث « إلى عملية التغير نحو تلك
    الأ …اط من النظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ; التي تطورت في
    غرب أوروبا وأمريكا الشمالية ; من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع
    عشر ; ثم انتشرت إلى بلاد أوروبية أخرى ; كما انتشرت-في القرن R التاسع
    عشر ; والعشرين-إلى قارات أمريكا الجنوبية ; وآسيا ; وأفريقيا( ١٠ ).
    وقد تركز جانب هام من التعريفات التي وضعها علماء الاجتماع
    والسياسة الغربيون للتحديث حول علاقة الإنسان بالبيئة-أساسا ; فعرف
    »بلاك « التحديث بأنه: »العملية التي „كن ‰قتضاها مواءمة ا 4ؤسسات
    النامية تاريخيا ; مع الوظائف ا 4تغيرة باضطراد ; والتي تعكس التزايد غير
    ا 4سبوق في ا 4عرفة الإنسانية ; ‡ا يسمح للإنسان بالسيطرة على البيئة
    التي يعيش فيها ; وهو ما صحبته الثورة العلمية ( ١١ ). ويرى »دانكوارت روستو «
    أن التحديث هو »عملية التوسع السريع في السيطرة على الطبيعة من
    خلال التعاون الوثيق ب R البشر ١٢) « ) وفي هذا السياق ; ر ‰ا كانت أكثر
    الأبعاد »درامية « في التحديث ; تتمثل في الثورة التكنولوجية التي حملت
    معها اتجاهات هامة في مجالات التصنيع ; والتنمية الاقتصادية ;
    والاتصال( ١٣ ).
    أيضا ; تتسم اﻟﻤﺠتمعات الحديثة بدرجة عالية من التمايز والتخصص
    فيما يتعلق بأنشطة الأفراد ; والأبنية ا 4ؤسسية. ولا يتحدد التجنيد لتلك
    الأنشطة وا 4ؤسسات في اﻟﻤﺠتمعات الحديثة بأي إطار ثابت من علاقات
    »القرابة « أو بطائفية إقليمية أو بطبقة اجتماعية ; ويرتبط هذا كله بنمو
    مؤسسات مثل »الأسواق « في الحياة الاقتصادية ; و »التصويت « و »النشاط
    الحزبي « في السياسة ; والتنظيمات والآليات البيروقراطية في معظم ا 4يادين
    العامة( ١٤ ).
    في ضوء تلك التعريفات ; تتعلق التنمية السياسية بالتحديث في اﻟﻤﺠال
    السياسي ; ‡ا جعل البعض يتحدث أيضا عن »التحديث السياسي ;« ويصبح
    ا 4فهومان-بالتالي-(أي مفهوم التحديث ; والتنمية السياسية) متمايزين تحليليا ;
    29
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    ولكنهما متداخلان فعليا ; الأمر الذي يسمح بالحديث عن وجود »علاقة
    ديالكتيكية ب R الظاهرت ;«R فالنخب السياسية في سعيها-جزئيا-لتعظيم
    قوتها وسلطتها ; قد تسعى إلى تحقيق عمليات التحديث ; والإسراع بها ; في
    داخل مجتمعاتها. وفي ا 4قابل ; فإن قوى التحديث تؤثر-في نفس الوقت-
    على سلوك وسياسات النخب الحاكمة. وكما يقول »بايندر » :« إن وجهة
    النظر التي تلقى قبولا واسعا ; هي أن السياسة كانت بالأساس استجابة
    للقوى التاريخية للتحديث. أما في خارج أوروبا ; فإن النظرة السائدة هي
    العكس ; فليست السياسة استجابة للتحديث ; ولكنها-بالعكس-هي سبب
    التحديث( ١٥ ).
    وإذا كانت التغييرات ا 4مكن إحداثها ; „كن أن تتم بسهولة نسبية في
    اﻟﻤﺠالات ا 4رتبطة بالبيئة الطبيعية (آي اﻟﻤﺠالات التكنولوجية والاقتصادية)
    فإن الأمر لا ينطبق على النظام الاجتماعي-السياسي. و mيل نظم الحكم
    التقليدية إلى مقاومة التغييرات الجذرية في تلك اﻟﻤﺠالات. ولذا فإن ا 4طالبة
    با 4ساواة وا 4شاركة السياسية ; والعدالة الاجتماعية ; عادة ما تكون هي آخر
    القضايا التي تتم مواجهتها. ولذلك ; فإنه إذا أريد للتنمية السياسية أن
    تأخذ مجراها ; فإنها يجب أن تتضمن القدرة على التغيير ا 4ستمر ; فيما
    يتعلق بتلك القضايا الاجتماعية والسياسية خاصة( ١٦ ).
    على أن التحديد الدقيق 4فهوم »التنمية السياسية « كان في ذاته محلا
    لاختلافات واجتهادات واسعة ; الأمر الذي حدا ب »لوسيان بآي « إلى أن
    يعدد-في دراسته ا 4سحية لادبيات التنمية في منتصف الستينات-عشر
    تعريفات مختلفة للتنمية السياسية. ولسنا هنا بالطبع بصدد تعداد تعريفات
    التنمية السياسية ; ولكن ما يهمنا قوله هنا ; هو أن تعبير أدبيات التنمية
    السياسية ; خصوصا في الفترة من منتصف الخمسينات إلى منتصف
    الستينات عن مفاهيم نظرية التحديث ; القائمة على مقابلة التقليدية
    بالحداثة ; انطوى على الاعتقاد بأن جوهر التنمية إ …ا يتمثل في تحول
    اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة من الحالة التقليدية إلى الحالة »الحديثة ;« الأمر الذي
    „ثل مجرد »مشكلة فنية «. ونظر إلى ذلك الانتقال على انه يتم في شكل
    تقدم خطى ; وإحدى ومبسط ; لابد من أن يتجه-بالتحديد-نحو النموذج
    الغربي للد „قراطية الليبرالية.
    30
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    على أن التطورات التي حدثت على أرض الواقع ; في بلدان آسيا وأفريقيا
    وأمريكا اللاتينية ; والتي mثلت في عجز النظم السياسية القائمة فيها ;
    ليس عن تحقيق التغير ا 4نشود نحو تحديث مؤسساتها و ‡ارساتها
    السياسية ; ومحاكاة الأ …اط الغربية فحسب ; وإ …ا أيضا عن مجرد البقاء
    أو الاحتفاظ بقدرتها على أن »تحكم ;« حمل تأثيراته إلى أدبيات التنمية
    السياسية. وكان عالم السياسة الأمريكي »صمويل هنتينجتون «بالذات ; أبرز
    ا 4عبرين عن هذا التحول ; حيث عكست كتاباته الانتقال من التأكيد
    »الد „قراطية « إلى التأكيد على »النظام العام ١٧)Public Order« )
    واستنادا إلى مجمل دراسات »التنمية السياسية ١٨);« ) فإن ا 4قومات
    الأساسية 4فهوم التنمية السياسية التي يفترض أن يسعى إليها اﻟﻤﺠتمع ;
    إ …ا تتمثل في ثلاثة مفاهيم أساسية ; وهي: »ا 4ساواة « و »التمايز « و »القدرة «
    ا 4ساواة ; Equality ‰عنى أن تسود في اﻟﻤﺠتمع قواعد ونظم قانونية تتسم
    بالعمومية ; وتنطبق على جميع الأفراد فيه بغض النظر عن اختلافاتهم في
    الدين أو الطبقة أو الأصل العرقي. وأن يكون تولي ا 4ناصب العامة في هذا
    اﻟﻤﺠتمع قائما على الكفاية والتفوق والقدرة على الإنجاز وليس على اعتبارات
    ضيقة أخرى مثل القرابة والنسب والعلاقات الشخصية. كما يعني أيضا
    تحقيق ا 4زيد من ا 4شاركة الشعبية في وضع السياسات العامة في اختيار
    الأشخاص لتولي ا 4ناصب العامة. والتمايز Differentiation ‰عنى التخصص
    والفصل ب R الأدوار ; وكذلك ب R ا 4ؤسسات والاتحادات في اﻟﻤﺠتمع الآخذ
    في التحديث. فكلما تقدم النظام السياسي في طريق التنمية السياسية
    كلما زاد تعقد الأبنية فيه ; وكلما تزايد عدد الوحدات السياسية والإدارية.
    والقدرة: Capacity فإنها تعني ضرورة توافر قدرات معينة للنظام السياسي ;
    مثل قدرته ; ليس فقط على إزالة الانقسامات ومعالجة التوترات في اﻟﻤﺠتمع ;
    وإ …ا أيضا على الاستجابة للمطالب الشعبية با 4شاركة والعدالة التوزيعية
    ا 4رتبطة با 4ساواة. وكذلك قدرته على الإبداع والتكيف في مواجهة التغيرات
    ا 4ستمرة التي „ر بها اﻟﻤﺠتمع.
    وفي سياق عملية التنمية السياسية يواجه اﻟﻤﺠتمع ما اصطلح دارسو
    التنمية السياسية على تسميته ب »أزمات « التنمية السياسية ; أي تلك الأزمات
    التي يستلزم تحقيق التنمية السياسية حلها ; وهي أزمات. الهوية-والشرعية-
    31
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    وا 4شاركة-والتغلغل والتوزيع. أزمة الهوية تحدث عندما يصعب انصهار كافة
    أفراد اﻟﻤﺠتمع في بوتقة واحدة ; تتجاوز انتماءاتهم التقليدية أو الضيقة ;
    وتتغلب على آثار الانتقال إلى اﻟﻤﺠتمع العصري بتعقيداته اﻟﻤﺨتلفة ; بحيث
    يشعرون بالانتماء إلى ذلك اﻟﻤﺠتمع والتوحد معه.
    أزمة الشرعية: تتعلق بعدم تقبل ا 4واطن R المحكوم R لنظام سياسي ; أو
    نخبة حاكمة باعتباره غير شرعي أو لا يتمتع بالشرعية ; أي لا يتمتع بسند
    أو أساس يخوله الحكم واتخاذ القرارات. وقد يستند هذا السند أو الأساس
    إلى الطابع »الكاريزمي « أو التاريخي للزعيم أو إلى الدين ; أو الأعراف أو
    التقاليد أو ا لقانون.
    أزمة ا شاركة: أي الأزمة الناتجة عن عدم mكن الأعداد ا 4تزايدة من
    ا 4واطن R من الإسهام في الحياة العامة لبلادهم. مثل ا 4شاركة في اتخاذ
    القرارات السياسية ; أو اختيار ا 4سؤول R الحكومي R. وتحدث هذه الأزمة
    عندما لا تتوافر مؤسسات سياسية معينة „كن أن تستوعب القوى الراغبة
    في تلك ا 4شاركة.
    أزمة التغلغل: أي عدم قدرة الحكومة على التغلغل والنفاذ إلى كافة
    أنحاء إقليم الدولة وفرض سيطرتها عليه ; وكذلك التغلغل إلى كافة الأبنية
    الاجتماعية والاقتصادية في اﻟﻤﺠتمع.
    أما أزمة التوزيع ; فتتعلق ‰همة النظام السياسي في توزيع ا 4وارد وا 4نافع
    ا 4ادية وغير ا 4ادية في اﻟﻤﺠتمع ; وقد تعني مشكلة التوزيع ليس فقط توزيع
    عوائد التنمية وإ …ا أيضا توزيع أعباء التنمية. وفي تلك الأزمة يلتقي علم
    السياسة مع علم الاقتصاد وتثور مشكلة ا 4عايير التي ينبغي الاعتماد عليها
    في تحقيق هذا التوزيع.
    وفضلا عن مقومات التنمية »وأزمات « التنمية ; يتحدث دارسو التنمية
    السياسية أيضا عن تسلسل أو سياق حل أزمات التنمية Development
    sequence وأثر ذلك على التطور التاريخي للنظم السياسية. فإحدى مشكلات
    اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة (أو الأخذة في النمو) في العالم الثالث هي أنها تكاد
    تواجه أزمات التنمية السياسية كلها في وقت واحد ; في ح R أن البلاد
    ا 4تقدمة في أوروبا وأمريكا غالبا ما واجهت تلك الأزمات بشكل متوال. كما
    أن ترتيب مواجهة هذه الأزمات ; غالبا ما يطبع النظم السياسية وتطوراتها.
    32
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    ولذلك فإن البلاد التي بلورت »هويتها « القومية وتوصلت إلى تسليم »بشرعية «
    نظامها ; قبل أن تواجه ‰طالب »ا 4شاركة « في الشؤون العامة ; تختلف بوضوح-
    على سبيل ا 4ثال-عن تلك البلاد التي ثارت فيها قضية ا 4شاركة الشعبية
    قبل أن تستقر فيها شرعية ا 4ؤسسات العامة ; أو تحقق فيها الحكومة
    التغلغل إلى كافة أنحاء اﻟﻤﺠتمع.. . وهكذا( ١٩ ).
    إسهامات هنتينجتون
    تستلزم إسهامات صمويل هنتينجتون ضمن أدبيات التنمية السياسية
    في الستينات اهتماما خاصا هنا ; ليس فقط لأنها ساعدت بقوة على التركيز
    على قضايا »الاستقرار « و »النظام العام « و »ا 4ؤسسية «على نحو يختلف عما
    ساد في الأدبيات السابقة عليها ; وإ …ا أيضا لأنها تقدم-بإسهاماتها تلك-
    إطارا نظريا متميزا لتحليل الظاهرة الحزبية في البلاد ا 4تخلفة. وفي هذا
    الإطار يرى هنتينجتون أن أبعاد التحديث السياسي „كن أن تتلخص تحت
    ثلاثة عناوين أساسية ; أولها: ترشيد السلطة ; ‰عنى أن تستبدل بالسلطات
    السياسية التقليدية ا 4تعددة (الدينية ; والعائلية ; والعرقية) سلطة سياسية
    موحدة ; وعلمانية وقومية. وثانيها ; mايز وظائف سياسية جديدة ; وتنمية
    أبنية متخصصة 4مارسة هذه الوظائف. وثالثها. ا 4شاركة ا 4تزايدة في
    السياسة ; من جانب جماعات اجتماعية في اﻟﻤﺠتمع ( ٢٠ ).
    - من الناحية الثانية ; يصوغ هنتينجتون رؤيته لأولوية توافر »النظام
    العام « والاستقرار السياسي في اﻟﻤﺠتمع موضحا »أن أكثر ا 4عايير السياسية
    أهمية في التمييز ب R البلاد اﻟﻤﺨتلفة ليس هو »شكل « الحكم ; وإ …ا هو
    »درجة « الحكم. والفارق ب R الد „قراطية والديكتاتورية أقل من الفارق ب R
    البلاد التي تتضمن سياساتها الإجماع والجماعية والشرعية والتنظيم
    والفعالية والاستقرار ; من ناحية ; وب R تلك البلاد التي تعاني من القصور
    في كل تلك الجوانب من ناحية أخرى. والدول الشيوعية والدول الليبرالية
    الغربية ; تنتمي كلتاهما بشكل عام إلى النظم السياسية الفعالة وليس
    الضعيفة. وفي معرض تقييم فكرة وجوب قيام الحكومات على انتخابات
    حرة وعادلة ; في البلدان ا 4تخلفة يرى هنتينجتون أن مثل هذه الصيغة في
    عديد من اﻟﻤﺠتمعات الآخذة في التحديث غير ملائمة «فلكي تكون الانتخابات
    33
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    مجدية لابد من افتراض وجود مستوى مع R من التنظيم السياسي. وليست
    ا 4شكلة هي أجراء الانتخابات وإ …ا هي تكوين التنظيمات. وفي عديد من
    البلدان الآخذة في التحديث ; إن لم يكن في أغلبها ; تستخدم الانتخابات
    فقط لدعم القوى الاجتماعية ا 4شتتة والرجعية ; ولتحطيم بناء السلطة
    العامة «. وا 4شكلة الأساسية في رأيه ليست الحرية Liberty ولكنها مشكلة
    خلق نظام عام شرعي Legitimate Public Order . فبإمكان الإنسان أن يحصل
    على النظام العام بدون الحرية ; ولكنه لا „كن أن يحصل على الحرية بدون
    النظام العام. ويجب إنشاء السلطة وإقرارها ; قبل الشروع في الرقابة عليها..
    وفي سعيه لتوضيح ما يسميه التحلل Decay الذي يصيب اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة
    في سياق عملية التحديث ; يقرر هنتينجتون-من الناحية العملية-أن حدوث
    بعض مظاهر التحضر ; والتعليم والتصنيع وزيادة الدخل الفردي ; واتساع
    وسائل الإعلام الجماهيري... لم يعن-بالضرورة-التحول إلى بعض ا 4ظاهر
    الأخرى ا 4رتبطة بالتحديث السياسي مثل الد „قراطية والاستقرار والتمايز
    البنائي ; وأ …اط الإنجاز ; والتكامل القومي. ولقد كانت تلك الأمور موضع
    تفاؤل من جانب بعض الدارس R الغربي R في الخمسينات حيث نشأت
    موجة تنسب إلى النظام السياسي صفات يفترض أن تكون أهدافه النهائية
    أكثر منها صفاته الفعلية. ولكن حدث ; من الناحية الواقعية ; أنه بدلا من
    الاتجاه نحو التنافسية والد „قراطية حدث »تحلل « للد „قراطية وتوجه
    نحو النظم العسكرية الاوتوقراطية ونظم الحزب الواحد. وبدلا من الاستقرار
    حدثت انقلابات وحركات mرد عديدة. وبدلا من ترسيخ قوميات موحدة ;
    وبناء الأ ™.. . حدثت صراعات عرقية وحروب أهلية متكررة ; وبدلا من
    الترشيد والتمايز ا 4ؤسس ; حدث-بالتدريج-تحلل للتنظيمات الإدارية ا 4وروثة
    عن الحكم الاستعماري ; وحدث إضعاف و mزيق للتنظيمات السياسية التي
    …ت في غمار معركة الكفاح من أجل الاستقلال( ٢١ ).
    - وعند هذه النقطة ; يطرح هنتينجتون ضرورة تحقيق »الاستقرار « أو
    »النظام العام ;« عن طريق أيجاد ا 4ؤسسات السياسية (مثل الأحزاب التي
    تنظم ا 4شاركة السياسية ; وتحول دون أن تكون تلك ا 4شاركة مجرد وسيلة
    لانعدام الاستقرار ; وتحطيم النظام العام ; وانتشار العنف والفساد ; وبعبارة
    أخرى ; تصبح التنمية السياسية مرتبطة-لدى هنتينجتون-بالعلاقة ب R
    34
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    ا 4ؤسسية السياسية-من ناحية-وا 4شاركة السياسية-من ناحية أخرى-.
                  

04-11-2010, 09:18 AM

مجدي عبدالرحيم فضل
<aمجدي عبدالرحيم فضل
تاريخ التسجيل: 03-11-2007
مجموع المشاركات: 8882

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث (Re: مجدي عبدالرحيم فضل)

    نقد أدبيات التنمية
    تعرضت أدبيات التنمية السياسية ; في أواخر الستينيات وأوائل
    السبعينيات خاصة لانتقادات عديدة ; سواء من حيت توجهها الأيديولوجي
    أو منهاجيتها ; أو جدواها العملية. فهي ; من حيث توجهها الأيديولوجي
    تتحيز للنموذج الغربي الرأسمالي للتنمية ; وتجعل من التحديث مرادفا
    للتغريب ;Westernization وتجعل من اﻟﻤﺠتمع الغربي الحديث الهدف النهائي
    لتطور الأ ™ الأخرى.
    ومن ناحية أخرى ; تسعى أدبيات التنمية السياسية إلى تكريس الأوضاع
    القائمة في البلدان ا 4تخلفة ; عن طريق دعم مواقع النخب الحاكمة ; والنظر
    إلى »النظام العام « وكأنه الغاية وليس الوسيلة للمجتمع الفاضل ; اعتبار
    لمحاولة قياس »تكلفة « الحفاظ على ذلك النظام.
    أما من حيث ا 4نهجية ; فإنها ; إلى جانب تشبثها ‰فردات ا 4نهجية
    الوظيفية ; ومفهوم »النظام « الذي لا يلائم بالضرورة اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة ;
    أهملت أو تجاهلت كلا من البعد التاريخي ; والبعد الاقتصادي كمتغيرات
    أساسية للتحليل. ثم إنها ; فوق هذا كله ; فشلت في تفهم واقع وآثار التفاوت
    البشع في الثروة ب R من „لكون ومن لا „لكون في اﻟﻤﺠتمع الدولي ;
    وبالتحديد: ب R بلاد الغرب الصناعية ; وب R الغالبية العظمى من دول العالم
    الثالث.
    وأخيرا ; فإن أدبيات التنمية السياسية ; ‰ا تحتويه من مفاهيم تجريدية
    وكلية ; لم يكن من ا 4مكن أن تسهم في تقد ¡ سياسات عملية محددة. لذا ;
    وبحثا عها „كن أن نسميه وظيفة »كفاحيةد « لأدبيات التنمية والتحديث
    سعى أصحاب تلك الأدبيات إلى بلورة مفاهيم تجريبية وجزئية ; تساعد
    على وضع سياسات محددة ; بحيث يصير علم السياسة من تلك الزاوية ;
    ليس مجرد أداة للتحليل النظري لدى علماء السياسة في أبراجهم العاجية
    وإ …ا أداة لوضع السياسات واتخاذ القرارات ; لدى ذوى السلطة وأصحاب
    القرار.
    لقد كانت تلك العوامل كلها وراء التطور الذي اتسمت به أدبيات التنمية
    35
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    السياسية في السبعينات ; والتي تركزت-بدرجة رئيسة-حول منهاجية
    »السياسة العامةد « وما ارتبط بها من حديث عن »الاقتصاد السياسي للتنمية «
    كتعبير ; ليس عن رفض أو نقض لأفكار التنمية السياسية في الخمسينات
    والستينات ; وإ …ا عن محاولة لتلافي عيوبها ; وليس عن إذعان أو تأثر
    بأدبيات التحليل ا 4اركسي الطبقي ; وأعمال مدرسة التبعية ; وإ …ا عن تجاهل
    لها وتقد ¡ بديل عنها. وفي هذا السياق ; سوف ننتقل للإشارة السريعة إلى
    أدبيات التنمية السياسية كما تبلورت في السبعينات تحت عنوان »السياسة
    العامة Public Policy« -على نحو خاص.
    منهاجية السياسة العامة
    وفقا 4صطلحات ‡ثلي تلك ا 4نهاجية ; تعبر »السياسة العامة « عن
    الأهداف التي يرغب النظام السياسي في تحقيقها ; والوسائل التي يعتقد
    أنها كفيلة بتحقيق تلك الأهداف( ٢٢ ). وينظر إلى منهاجيه السياسة Policy
    Approach على أنها mثل مرحلة جديدة ; تالية على السلوكية في تطور
    العلوم السياسية. فإذا كانت ا 4رحلة الشكلية-القانونية قد أكدت على أهمية
    الدولة وا 4ؤسسات ; وأكدت ا 4رحلة السلوكية على أهمية النظام السياسي ;
    وعلى ا 4دخلات مثل التنشئة السياسية ; والثقافية السياسية ; ونظم القيم
    (أي البيئة الاجتماعية النفسية للنظام السياسي) فإن منهاجية السياسة
    العامة mثل-من نواح عديدة-النتاج الديالكتيكي لنقيضي »ا 4ؤسسية «
    و »السلوكية « في علم السياسة. وعلى ذلك ; فإن »تحليل السياسة « „ثل
    تغيراً هاماً في النقاط التي يركز عليها علماء السياسة من زاويت R: الأولى ;
    أنها تنقل التركيز الذي ساد الستينات من ا 4دخلات إلى اﻟﻤﺨرجات. والثانية ;
    أنها تنقل التركيز من ا 4ستوى الكلي للسياسة Macro Politics ذي السمة
    التجريدية والتحليلية ; إلى التحليل الجزئي Micro Politics ذي السمة
    التجريبية والسياقية( ٢٣ ). كذلك تقدم منهاجيات السياسة العامة الإطار
    النظري ذا الطابع العملي الذي افتقده دارسو التنمية السياسية طويلا.
    والسياسة العامة تعبر ; من تلك الزاوية ; عن انتقال الاهتمام من النظام
    الذي تصاغ السياسة العامة في داخله ; إلى استراتيجية النشاط السياسي.
    ومن هذه الزاوية ; على وجه الخصوص ; تكتسب منهاجية السياسة العامة
    36
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    أهمية خاصة بالنسبة للبلاد ا 4تخلفة ; التي يكاد يتطابق فيها تعريف السياسة
    العامة مع نشاط الدولة State Activity 4ا تضطلع به الدولة في غالبية تلك
    اﻟﻤﺠتمعات ; من دور أساسي. بل إن هذا الدور ا 4تزايد للدولة وللنظام
    السياسي يبدو متسقا مع ا 4سار العام للتطور التاريخي للتحديث ; وكما
    يشير »ا 4وند «
    و »باول « بحق ; فبالرغم من أن التنمية السياسية تؤثر في العمليات
    الاقتصادية والاجتماعية للتحديث وتتأثر بها ; إلا أنها اتجهت تاريخيا لتأخذ
    دورا أكثر محورية.
    وعلى ذلك ; وبالنسبة لبريطانيا ; أول البلاد التي عرفت التحديث ; فإن
    أكثر مبادرات الإبداع آتت من اﻟﻤﺠتمع والاقتصاد ; ولعب النظام السياسي
    دورا ميسرا. وفي الجيل الثاني من البلاد ا 4تقدمة في الجزء الغربي من
    القارة الأوروبية (فرنسا وأ 4انيا على سبيل ا 4ثال) لعب النظام السياسي
    دورا أكثر أهمية في التحديث الاقتصادي والاجتماعي. أما فيما ب R البلاد
    التي عرفت التحديث بعد ذلك ; مثل روسيا واليابان ; فإن دور السياسة
    اكتسب أبعادا مسيطرة ٢٤) « ).
    لهذا الاعتبارات ا 4نهجية والعملية ; كان من الطبيعي أن يولي العديد من
    دارسي السياسة ; ودارسي التنمية السياسية على وجه الخصوص ; وجوههم
    شطر علم الاقتصاد ; ينقبون في مناهجه وادواته ومفرداته ; كخطوة أساسية
    لصياغة أفكار ومنهاجيات السياسة العامة. والتراث الاقتصادي الكبير في
    تحليل السياسات يساعد على تفسير مكانة الاقتصاد باعتباره أكثر العلوم
    الاجتماعية تقدما ‰صطلحات نظرية التنمية. وتلك الدقة ا 4تزايدة ; والتأكيد
    الأضيق على السياسة والاختيار ; هي ما جعلت الباحث R يشعرون بالحاجة
    إلى إحلالها محل تجريدية الستينات. »إن نظرية التنمية السياسية في
    الستينات „كن أن توصف باعتبارها تفسيرا يغطي عددا واسعا من الحالات
    مع قوة تفسيرية ضئيلة ; أما ا 4نهاجيات الجديدة ذات التوجه نحو السياسة
    والتي سادت في السبعينات ; فتمثل محاولة لتقد ¡ شكل من التحليل يغطي
    حالات قليلة مع قوة تفسيرية أكثر فعالية ٢٥) « ). ومن هنا كان الحديث عن
    »إعادة اكتشاف « علماء السياسة الأمريكي R للاقتصاد وعن »الاقتصاد
    السياسي الجديد للتنمية « كتطور ملازم لظهور أدبيات السياسة العامة.
    37
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    ثانيا: التنمية السياسية كإطار لتحليل الظاهرة الحزبية:
    قدمت أدبيات التحديث والتنمية السياسية الإطارات النظرية ; والأدوات
    ا 4نهاجية ا 4تعددة-سواء بشكل مباشر أو غير مباشر لدراسة الظاهرة موضع
    البحث ; أي: الظاهرة الحزبية في البلدان ا 4تخلفة. وإذا كانت التطورات
    التي شهدتها أدبيات التنمية السياسية في السبعينات ; وحتى اليوم ; والتي
    تدور بالأساس حول دراسات »السياسة العامة « و »الاقتصاد السياسي « لا
    تعكس مباشرة الارتباط الوثيق بالظاهرة الحزبية ; فالواقع هو أن تلك
    الأدبيات تحمل من عناصر الاستمرارية مع ما سبقها من أفكار التنمية
    السياسية ; ما يجعلها-من حيث الجوهر-تنطوي على نفس الارتباط العضوي ;
    النظري وا 4نهجي ; بالظاهرة الحزبية ; بل وتضيف ما هو جديد بشأن معالجة
    تلك الظاهرة في البلاد ا 4تخلفة.
    ‰كن القول ; إن معالجة أدبيات التحديث والتنمية السياسية للظاهرة
    الحزبية في البلدان ا 4تخلفة mت من خلال مداخل عديدة ; لا شك في أن
    أبرزها يتمثل في مفهوم »أزمات التنمية السياسية « وفكرة (ا 4ؤسسية) وكذلك
    أفكار »النخبة « و »الكاريزما « وعلاقات السيطرة والتبعية الشخصية: - Patron
    . Client. Relations
    ولقد دارت الأعمال التي تربط ب R أزمات التنمية من ناحية ; والأحزاب
    في البلاد ا 4تخلفة-من ناحية أخرى. حول محورين: أولهما ; هو أثر أزمات
    التنمية في نشأة ; وتطور ; وتشكيل الأحزاب السياسية في البلاد ا 4تخلفة.
    والمحور الثاني هو دور الأحزاب السياسية في حل مشاكل التنمية السياسية.
    من الناحية الأولى ; قدمت أدبيات التنمية إسهامات تتجاوز النظريات
    التقليدية في نشأة الأحزاب السياسية ; وتطورها. وأمام عدم تلاؤم الأفكار
    التي تربط ظهور الأحزاب بالظاهرة البر 4انية والنظم الانتخابية ; مع الظواهر
    الحزبية التي شهدها العالم غير الأوروبي ; خصوصا البلدان ا 4تخلفة ; ربطت
    نظرية التحديث وأدبيات التنمية السياسية ب R مفهوم الأزمات ; وظهور
    وتطور الأحزاب في العالم الثالث. وإذا كان مفهوم الأزمات يعبر عن مواقف
    معينة في التطور التاريخي mر بها النظم السياسية في أثناء انتقالها من
    الأشكال التقليدية ; إلى الأشكال الأكثر تطورا ; وإذا كان من ا 4فترض أن
    الطريقة التي تتلاءم بها النخب السياسية مع تلك الأزمات „كن أن تحدد
    38
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    نوع النظام السياسي الذي ينمو ; فقد نظر إلى تلك الأزمات ; ليس على أنها
    تقدم فقط السياق الذي تظهر فيه الأحزاب للمرة الأولى ; ولكنها تتجه لأن
    تكون عاملا حاسما في تحديد …ط التطور الذي سوف تتبعه تلك الأحزاب.
    ومن ب R الأزمات السياسية الداخلية العديدة ; التي mر بها الأ ™ في أثناء
    الفترات التي شهدت تكوين الأحزاب السياسية ; نظر إلى ثلاث أزمات على
    أنها ذات تأثير حاسم على تشكيل الأحزاب ; وهي أزمات: الشرعية ; والتكامل
    وا 4شاركة. وهي أزمات ; يلاحظ أنها-في البلاد الآخذة في النمو تتقارب ;
    بل إنها قد توجد في وقت واحد في ح R أنها-في مجتمعات أخرى تعاقبت ;
    وفي فترة زمنية أطول( ٢٦ ).
    وترتبط بهذا-في الواقع-الإسهامات التي قدمت في نطاق أدبيات
    التحديث والتنمية حول الظروف »التحديثية « التي تدفع نحو ا 4شاركة
    السياسية ونحو تبلور الظاهرة الحزبية في اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة ; متعدية
    الحدود الثقافية والقومية ; مثل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية ; كظهور
    طبقات ا 4نظم ;R وا 4هني R ا 4تخصص ;R والتغيرات التكنولوجية التي تساعد
    على زيادة تدفق ا 4علومات واتساع الاتصالات بشكل عام ; والآثار الناجمة
    عن التحضر ; والعلمانية ; وتطور النظام التعليمي.
    وفي هذا الإطار أيضا ; فرضت ظاهرة »الحزب الواحد « في البلاد
    ا 4تخلفة نفسها على نظريات التحديث والتنمية السياسية ; وإن ظل أحد
    الانتقادات الأساسية لتلك النظريات أنها-بحكم تحيزها العرقي
    والأيديولوجي-عاجزة عن التوغل كثيرا في تفسير تلك الظاهرة. فأدبيات
    التنمية السياسية والسياسة العامة ; تجد كثيرا من أصولها في تقاليد
    »التعددية « في علم السياسة الغربي والأمريكي ; والتي تبنى على السلوك
    السياسي ا 4لحوظ والظاهر وعلى القضايا الرئيسة التي تولد صراع ا 4صالح ;
    متغافلة عن العناصر والتوجهات »غير ا 4نظورة « في التحليل السياسي ;
    وهي أمور ذات أهمية بالغة في العالم الثالث ; ليس فقط على الصعيد
    الداخلي ; وإ …ا أيضا في علاقاته الخارجية با 4نظمات والقوى الدولية( ٢٧ ).
    كذلك هناك قدر ضئيل للغاية من الاتفاق حول قواعد اللعبة السياسية في
    أغلب بلدان العالم الثالث ; حيث تنظر الجماعات ا 4تنافسة إلى السياسة
    ‰نطق ا 4باراة الصفرية (أي الانتصار ا 4طلق ; أو الهز „ة ا 4طلقة)ا 4طلق
    39
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    في ح R أن ا 4وارد ا 4تاحة في تلك اﻟﻤﺠتمعات-بأوسع معاني كلمة موارد-
    محدودة جدا ; وتسودها جماعات نخبوية لصنع القرار ; ‡ا يثير التساؤل
    حول مدى ملاءمة أفكار التعددية لتلك اﻟﻤﺠتمعات ; التي يسود فيها احتكار
    النخب لعملية صنع القرار.
    ومع هذا كله ; قدمت أدبيات التحديث والتنمية إسهاماتها العامة حول
    الشروط المحددة لنظم الحزب الواحد في العالم الثالث ; سواء من حيث
    مشروعية اعتبارها حزبا با 4عنى الاصطلاحي للكلمة ; أو من حيث اختلاف
    شروط قيامها عن الخبرة التاريخية للأ ™ الغربية ; والظروف السابقة
    للاستقلال التي تحكمت في النظم الحزبية ; والإيقاع التاريخي ا 4تسارع ;
    الذي يحكم قيام نظم الحزب الواحد. بل إن الحديث عن الأحزاب في
    العالم في كثير من أدبيات السياسة ا 4قارنة ; ذات التوجه التنموي ; لا يأتي
    إلا في سياق الحديث عن الحزب الواحد ; خاصة باعتباره مرتبطا با 4راحل
    الأولى ل »بناء الأمة ٢٨) « ).
    على أن الإسهامات الأكثر شيوعا 4نهاجية التحديث والتنمية السياسية ;
    فيما يتعلق بالظاهرة الحزبية في البلاد ا 4تخلفة ; إ …ا تدور حول دور الأحزاب
    كأدوات أو وسائل للتنمية والتحديث ; حيث تعتبر-بتلك الصفة-واحدة ; مع
    أدوات أخرى مثل البيروقراطية أو الجيش أو القيادة الكاريزمية ; تسهم في
    حل »أزمات التنمية « وعلى رأسها أزمة التكامل القومي ; وأزمة ا 4شاركة
    السياسية وأزمة الشرعية. بل أحيانا ما نظر إلى الأحزاب باعتبارها أهم
    أدوات التحديث ; على الإطلاق ; في اﻟﻤﺠال السياسي. ويعزى هذا إلى أن
    الأحزاب السياسية نفسها »ترتبط تاريخيا بتحديث اﻟﻤﺠتمعات الأوروبية ;«
    كما أنها-بأشكالها اﻟﻤﺨتلفة: الإصلاحية ; والثورية ; والقومية ; أضحت أدوات
    التحديث في ا 4ناطق ا 4تخلفة. وعلى ذلك ; فالحزب السياسي قوة حاسمة
    للتحديث في كافة اﻟﻤﺠتمعات ا 4عاصرة ; التي يعزى اختيار …ط التحديث
    الذي تأخذ به ; إلى الأحزاب نفسها ٢٩) « ). وفي ح R أن الأدبيات السلوكية
    والوطنية في السياسات ا 4قارنة تنسب للأحزاب-بشكل عام-أدوارا تتعلق
    بالتنشئة السياسية ; والتجنيد السياسي ; وصياغة وتجميع ا 4صالح ; فإن
    أدبيات التنمية السياسية ; على وجه التحديد ; تركز-بشكل خاص-على دور
    الأحزاب في التنشئة السياسية ; على أساس أن هذا الدور هو الأكثر بروزا
    40
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    للأحزاب في العالم الثالث ; وهو دور ينطوي عليه ضمنا ; دور الأحزاب في
    حل أزمات ا 4شاركة أو التكامل أو الشرعية.( ٣٠ )
    كذلك ; فإن أفكار النظام العام ; وا 4ؤسسية ; سواء في أصولها في
    الستينات ; أو في إمداداتها داخل منهاجية السياسة العامة تقدم-فيما يتعلق
    بدراسة الظاهرة الحزبية-تركيزا هاما على البعد ا 4ؤسسي لتلك الظاهرة ;
    وعلى الدور الذي تلعبه في تنظيم عملية ا 4شاركة السياسية( ٣١ ) ; وكما يرى
    هنتينجتون ; فإن الدولة الحديثة تتميز عن الدولة التقليدية ; با 4دى الواسع
    الذي يشارك ‰قتضاه الأفراد في السياسة ; والذي يتأثرون ‰قتضاه في
    وحدات سياسية واسعة النطاق بأكثر ‡ا تتميز بآي شئ آخر. وفي
    اﻟﻤﺠتمعات التقليدية ; قد تكون ا 4شاركة السياسية واسعة على مستوى القرية ;
    ولكنها تظل ; على أي مستوى آخر فوق القرية-مقصورة على مجموعات
    ضئيلة للغاية. كذلك فإن اﻟﻤﺠتمعات التقليدية واسعة النطاق قد تتمتع
    ‰ستويات عالية نسبيا من السلطة ا 4رشدة ; ومن التمايز الهيكلي ; ولكن
    تظل ا 4شاركة السياسية-مرة أخرى-مقصورة على النخب الأرستقراطية
    والبيروقراطية الضئيلة نسبيا. ونتيجة لذلك ; فإن أهم نواحي التحديث
    السياسي تتمثل في ا 4شاركة السياسية فوق مستوى القرية أو ا 4دينة من
    جانب الجماعات الاجتماعية من خلال اﻟﻤﺠتمع ; ومن خلال تنمية مؤسسات
    سياسية جديدة ; على رأسها الأحزاب السياسية ; وذلك بغرض تنظيم تلك
    ا 4شاركة( ٣٢ ). وبتعبير هنتينجتون أيضا ; فإن الأحزاب تقدم أساسا أو قاعدة
    للمشاركة السياسية ; تختلف في أهميتها تبعا لتطور اﻟﻤﺠتمع ; فمع تقدم
    اﻟﻤﺠتمع على طريق التحديث ; تنتقل ا 4شاركة من قواعدها التقليدية (مثل
    علاقات السيطرة والتبعية Patron-Client والجماعات المحلية) إلى قواعد
    أكثر عصرية (مثل الطبقة ; والحزب) ; وهو ما يعني (رقيا) في مستوى
    ا 4شاركة نفسه( ٣٣ ).
    أيضاً يرى هنتينجتون-في سياق دراسته للمشاركة السياسية لدى
    الطبقات الفقيرة في اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة-أن الأحزاب السياسية mثل أهم
    التنظيمات ; واسعة النطاق ; التي „كنها تحقيق هذا الهدف ; مقارنة-على
    سبيل ا 4ثال-بالتنظيمات ا لنقابية.
    من ناحية أخرى ; فإن إسهامات هنتينجتون حول »ا 4ؤسسية « وأهميتها
    41
                  

04-11-2010, 09:26 AM

NGABY AJOOZ
<aNGABY AJOOZ
تاريخ التسجيل: 10-14-2003
مجموع المشاركات: 1997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث (Re: مجدي عبدالرحيم فضل)

    الجميل ابوقصي تحياتي ليك ولي اسرتك الكريمة
    الشوق ليك مطر تحباتي العطرة بلغ تحياتي لي اولاد الامتداد
    في جده والرياض
                  

04-11-2010, 12:27 PM

مجدي عبدالرحيم فضل
<aمجدي عبدالرحيم فضل
تاريخ التسجيل: 03-11-2007
مجموع المشاركات: 8882

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث (Re: NGABY AJOOZ)

    الرجل القامة خضر النقابي العجوز لك الشوق رسول ولأسرتك التحايا وأفتقدناك كثيرا ونحمد الله أنك بيننا بخير وعافية وناااس الأمتداد بجده والرياض بألف خير وكلهم يفتقدوك فيما مضي والآن كلنا ذاك المشتاق ونشكر لك التواجد في البيت الأمتدادي وبين السطور حكايا وحكايات ننتظر سردها أخي العزيز خضر .
    ،،،،أبوقصي،،،،
                  

04-11-2010, 12:35 PM

مجدي عبدالرحيم فضل
<aمجدي عبدالرحيم فضل
تاريخ التسجيل: 03-11-2007
مجموع المشاركات: 8882

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث (Re: مجدي عبدالرحيم فضل)

    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    النخبة « في تلك البلاد ; أو بطريق غير مباشر في كثير من الأحيان. ور ‰ا
    يساعد في تبرير هذا التوجه »النخبوي « في دراسة الظاهرة السياسية في
    البلاد ا 4تخلفة ; ما يذكره أحد الباحث R من أن البيانات ا 4توافرة عن النخبة
    في النظم السياسية غير الغربية ; تفوق البيانات ا 4توافرة عن الجماعات أو
    الطبقات أو القواعد الشعبية ; وأن سلوك النخبة في تلك اﻟﻤﺠتمعات غالبا
    ما يكون أكثر أهمية ; من الناحية السياسية ; من سلوك الجماهير( ٣٨ ).
    وأخيرا ; فإن الكثيرين من دارسي التنمية السياسية ; وبالأخص أولئك
    ا 4عبرين بوضوح عن ا 4نهاجيات السلوكية ; اهتموا بدراسة علاقات السيطرة
    والتبعية الشخصية Patron-Client Relations كنمط ‡يز للظاهرة السياسية
    في البلاد ا 4تخلفة ; وبعكس-في أحيان كثيرة-ضعف التنظيمات الرسمية
    والعلاقات ا 4ؤسسية بالنسبة لعلاقات الشللية والتبعية الشخصية. ومن
    هنا ; تفرض دراسة تلك العلاقات نفسها على أي دراسة للظاهرة الحزبية
    في البلاد ا 4تخلفة ; سواء كأداة »للتجنيد السياسي « خارج سياق الظاهرة
    الحزبية ; أو في داخلها ; أو كسمة للعلاقات التي تؤثر-سلبا أو إيجابا-على
    أداء النظام الحزبي لوظيفته في الحياة السياسية للمجتمع.
    ليس هناك من شك إذن في أن أدبيات التنمية السياسية بكافه صورها ;
    سواء بشكل مباشر أم غير مباشر ; تقدم إطارات نظرية وأدوات منهاجية
    ثمينة ; تسهم في إلقاء الضوء على العديد من ملامح الظاهرة السياسية في
    اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة.
    على أن هذا لا ينبغي أن يصرف نظر الباحث عن أوجه القصور التي
    تتسم بها تلك ا 4نهاجيات ; والتي لاتزال كافة في محاولات تطويرها:
    ١- فهذه ا 4نهاجيات لا تزال تعكس ; إلى حد بعيد ; ظروف اﻟﻤﺠتمعات
    الغربية الصناعية ; وخصوصية تطورها التاريخي ; ‡ا يعني صعوبة تلاؤمها
    مع الظروف اﻟﻤﺨتلفة كثيرا للمناطق الأخرى من العالم وبالتحديد: البلاد
    ا 4تخلفة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. كذلك فإن ما يسود تلك
    ا 4نهاجيات من تحيز للأمر الواقع ; وحرص على الإبقاء عليه ; وتجنب التغيير
    الجذري لصالح التغييرين الجزئي والتطوري ; تضع كلها حدودا على مدى
    ملاءمة تلك ا 4نهاجيات ; لظروف العالم الثالث( ٣٩ ).
    ٢- وهذه ا 4نهاجيات-ثانيا-لا تزال تنزع إلى ا 4بالغة في التعميم ا 4بني
    44
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    على تصور إمكانية بناء …وذج ﻟﻤﺠتمع ا 4تخلف ومشاكله ; كما لو كان هناك
    موقف مع R وحيد للتخلف ; لا تكون ا 4واقف التجريبية إزاءه سوى تنويعات
    على هذا النمط ا 4ثالي ; وهذا بالطبع يتناقض مع واقع البلاد ا 4تخلفة التي
    تتباين الخلافات بينها لدرجة mنع توصيفها كنموذج واحد على الأقل إلا
    بالنسبة للملامح شديدة العمومية. وفوق ذلك ; وكما يذكر البعض ; فإنه
    ليبدو من قبيل السخرية أن تتسم الكتابة عن العالم الثالث بقدر أكبر بكثير
    من التعميم ; بالقياس إلى الكتابة عن اﻟﻤﺠتمعات الصناعية ا 4تقدمة على
    الرغم من توافر البيانات وا 4علومات الصحيحة عن اﻟﻤﺠتمعات الصناعية
    ا 4تقدمة ; بشكل أفضل بكثير عما هو الحال بالنسبة للبلاد ا 4تخلفة( ٤٠ ).
    ٣- وتلك ا 4نهاجيات تتجاهل ; أو تقلل من أهمية ; السياق الدولي ا 4تغير
    الذي يجري فيه تطور اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة ; مع أن هذا السياق „ثل محددا
    حاسما للتغير في العالم الثالث ; إلى الدرجة التي يرى معها البعض أن
    التغير في النظم الاجتماعية في العالم الثالث إ …ا هو في الأساس خارجي
    أكثر منه داخلي. ولكن أدبيات التنمية السياسية ; وتطوراتها ا 4عاصرة (وقد
    صيغت أساسا طبقا لظروف العالم الغربي ; ومصالحه) لم تأخذ في الاعتبار
    العوامل الحاسمة بالنسبة لظروف العالم الثالث مثل أثر التراث الاستعماري ;
    وا 4عونة الخارجية بكافة أشكالها ; والتأثير الكاسح للمؤسسات متعددة
    الجنسية. كما أن أدبيات السياسة العامة ; لم تول سوى أولوية ضئيلة للكيفية
    التي لا تزال بها عملية صنع القرارات في عديد من بلدان العالم الثالث ;
    تخضع للهيمنة الثقافية ا 4ستمرة للقوى الاستعمارية السابقة.
    ٤- وأخيرا ; وفي ح R تظل الحقيقة الطبقية إحدى العوامل الأساسية
    في تفسير التطور السياسي ; وكافة نواحي النشاط الإنساني ; في اﻟﻤﺠتمعات
    ا 4تخلفة وا 4تقدمة على حد سواء ; فإن أغلب أدبيات التنمية السياسية تقلل
    من هذا العامل ; ومن ا 4دى الذي يؤدي ‰قتضاه الهيكل الاقتصادي ا 4تغير
    إلى إحداث تغيرات هيكلية كيفية في البناء الطبقي ; وأ …اط التحالف
    الطبقي ذات الآثار الحاسمة على السياسة واﻟﻤﺠتمع في العالم الثالث.
    وسعيا إلى تجنب بعض نواحي ذلك القصور ; فإن ا 4بحث R التالي ;R من
    هذا الفصل ; سوف يتجهان إلى تقد ¡ الأطر النظرية وا 4نهاجية الأخرى
    التي تسهم في استكمال وتحليل الظاهرة موضع الدراسة.
    45
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    المبحث الثاني
    التحليل الطبقي، والتشكيل الاقتصادي-الاجتماعي
    على الرغم من ا 4كانة الهامة التي يحتلها التحليل الطبقي في دراسة
    الظواهر الإجماعية ; سواء في اﻟﻤﺠتمعات ا 4تقدمة أو ا 4تخلفة ; فلا شك في
    أن أدبيات التحديث والتنمية قد غطت عليه لفترة طويلة ; مفسحة اﻟﻤﺠال
    لوحداتها التحليلية ; وإطاراتها النظرية الخاصة. على أن الأزمة التي عانت
    منها أدبيات التحديث والتنمية ومحدودية نتائجها وما كشفت عنه من نواح
    أصيلة للقصور ; ظلت تاركة للتحليل الطبقي مكانته وأهميته. ومن ناحية
    أخرى ; فإن التحدي الذي واجهه التحليل الطبقي-والتحليل ا 4اركسي على
    وجه الخصوص-فيما يتعلق بدراسة الظواهر الاجتماعية في البلاد ا 4تخلفة
    خاصة ; والذي شكل-من نواح عديدة-أزمة حقيقية للتحليل ا 4اركسي ; مالبث
    أن أسفر عن تطورات هامة في هذا التحليل ; ليس فقط في مجال التحليل
    الطبقي للمجتمعات ا 4تخلفة من الداخل ; وإ …ا أيضا في تحليل العلاقة
    التي تربط تلك اﻟﻤﺠتمعات باﻟﻤﺠتمعات ا 4تقدمة. وسوف يستهدف هذا
    ا 4بحث تقد ¡ عرض موجز للتحليل الطبقي للبلاد ا 4تخلفة مع التركيز على
    أهم ا 4ظاهر التي سوف تتصل مباشرة ‰وضوع الدراسة ; أي: التخلف
    والظاهرة الحزبية.
    ويخرج عن حديثنا ; هنا ; الدخول في أي تفصيلات سواء حول ا 4ضام R
    الأساسية 4فاهيم مثل »الطبقة « أو »الفئة « أو »التدرج الاجتماعي ;« أو حول
    التركيب الطبقي للبلاد الصناعية ا 4تقدمة ; وعلاقته بالأوضاع السياسية
    فيها. ويهمنا فقط أن نحدد-ابتداء-أن التعريف الذي نستخدمه هنا للطبقة
    يقترب كثيرا من التعريف الذي وضعه »لين «R والذي ينص على أن الطبقة:
    هي »عبارة عن جماعات من الناس ; كبيرة العدد ; تتميز عن بعضها ; تبعا
    4وقعها في أحد نظم الإنتاج الاجتماعي التاريخية ; وتبعا لعلاقة كل منها
    بوسائل الإنتاج (وهي علاقة „كن التعبير عنها وصياغتها في قوان R محددة
    واضحة) ; وتبعا لدورها في التنظيم الاجتماعي للعمل ; وبالتالي تبعا لنوع
    حصولها على نصيبها من ثروة اﻟﻤﺠتمع ; وحجم نصيبها هذا. فالطبقات
    عبارة عن جماعات من الناس تستطيع إحداها استغلال عمل الأخرى ; تبعا
    لتباين موقع كل منها في نسق الاقتصاد القائم في اﻟﻤﺠتمع ٤١) « ). وبعبارة
    46
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    أخرى ; فإن الوضع الاقتصادي لأي طبقة من الطبقات »يرجع في ا 4قام
    الأول إلى علاقة تلك الطبقة بوسائل الإنتاج الهامة في اﻟﻤﺠتمع ; وهذا
    الوضع الاقتصادي هو الذي يحدد نصيب تلك الطبقة من السلطة
    السياسية ٤٢)« ).
    وفي حديث هذا ا 4بحث عن التحليل الطبقي للمجتمعات ا 4تخلفة ; سوف
    يشير بشكل عام إلى التركيب الطبقي للبلدان النامية مع التركيز على دور
    الطبقة ا 4توسطة ومفهوم »رأسمالية الدولة ;« ثم يتضمن عجالة عن أوجه
    إسهام التحليل الطبقي في دراسة الظاهرة الحزبية-على وجه الخصوص
    في البلاد ا 4تخلفة.
    أولا: حول التركيب الطبقي في البلاد النامية
    اتساقا مع التعريف السابق ; فإن ما تتسم به اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة ; من
    تعدد في أ …اط النشاط الاقتصادي فيها ; وتعدد في نظم وعلاقات الإنتاج
    يؤدي إلى تنوع كبير في البناء الطبقي على نحو يتفاوت من مجتمع إلى
    آخر ; ولكنه يختلف بشدة مع التركيب الطبقي للمجتمعات الصناعية ا 4تقدمة.
    فالبناء الطبقي للبلاد ا 4تخلفة يضم بعض فئات وطبقات اﻟﻤﺠتمع الرأسمالي
    ا 4عاصر (كالبرجوازية والبروليتاريا الصناعية) والفئات ا 4توسطة التي ظهرت
    مع التطور الرأسمالي (مثل ا 4شتغل R بالإدارة ; وا 4ثقف ;R والضباط) كما
    يضم البناء الطبقي بعض الطبقات والفئات التي ترجع إلى نظم ما قبل
    الرأسمالية (مثل ا 4لاك »الإقطاعي «R والفلاح R ا 4عدم R) بل وبعض
    التكوينات »القبلية « ا 4نتمية للإنتاج البدائي. وفوق ذلك ; تعرف البلاد ا 4تخلفة
    طبقات وفئات ترتبط ‰رحلة انتقال النشاط الاقتصادي من ما قبل
    الرأسمالية إلى الرأسمالية( ٤٣ ).
    أيضا فإن ما تتسم به البلاد ا 4تخلفة من شكل من التوازن ب R مختلف
    أ …اط الإنتاج ; يترتب عليه-من ناحية-تعذر تحديد طبقات رئيسة وأخرى
    ثانوية ; كما هو الحال بالنسبة للبلاد ا 4تقدمة( ٤٤ ) ; ويصعب-بالتالي-أن تنقل
    التعميمات حول الطبقات في تلك الأخيرة إلى مجتمعات العالم الثالث ; كما
    ينبغي-من ناحية أخرى-عدم الاقتصار على تقييم الطبقات وإ …ا تقييم
    الفئات الاجتماعية الأخرى إلى جانبها ; نتيجة لأن هذه الفئات تلعب دورا
    47
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    مخالفا لدورها الذي لعبته وتلعبه في ظروف الدول ا 4تقدمة حضاريا ;
    والتي سلكت الطريق الكلاسيكي للتطور الاجتماعي. كما أن »رفض التقسيم
    التقليدي للطبقات بايعني ا 4ساواة ب R الوزن الاقتصادي والسياسي لهذه
    الطبقات ; بل يعني إمكانية كل طبقة أو فئة من هذه الطبقات أو الفئات
    على قيادة التغييرات الاقتصادية والاجتماعية التقدمية ; مع وجود مركب
    مع R للظروف ا 4لائمة «. يشير الباحثون أيضا إلى mيز الوضع الطبقي في
    البلاد ا 4تخلفة بوجه عام ; بالانتشار واسع النطاق للحراك الاجتماعي ; وإن
    كان ذلك لعوامل تختلف جوهريا عن عوامله في البلاد ا 4تقدمة. فالحراك
    هنا ليس بالدرجة الأولى تعبيرا عن ترقي الفرد-أو مجموع الأفراد-في سلم
    مهنة معينة ; أو في تدرج طبقي مع R. أي أنه ليس مرتبطا بتغير »طريق
    الإنتاج « وإ …ا هو »نتيجة لتواجد عدة تشكيلات اقتصادية متداخلة ومتشابكة
    لفترة طويلة من الزمن ; دون أن تتغلب إحدى هذه التشكيلات على الأخرى «
    ‡ا يعني أنه لا يترتب على ذلك الحراك الاجتماعي ; أي تذويب حقيقي
    للفوارق ب R الطبقات ; أو حل 4شاكل الصراع الطبقي.
    الدور السياسي للطبقة المتوسطة في العالم الثالث
    شكل مصير »الطبقات الوسطى « إحدى نقاط النقد الهامة للتحليل
    ا 4اركسي لتطور الطبقات في اﻟﻤﺠتمعات الرأسمالية الحديثة. ففي ح R
    تنبأ ماركس بان الهوة الاجتماعية ب R الطبقت R الرئيست R: البرجوازية ;
    والبروليتاريا-سوف تزداد اتساعا ; وأن الشرائح الوسطى من السكان ; في
    تلك اﻟﻤﺠتمعات سوف تختفي في غمار هذه العملية ; إلا أن الهوة ب R
    البرجوازية والبروليتاريا لم تتسع بالشكل أو الآثار التي تصورها ماركس ;
    كما أن الشرائح الوسطى ; أو »الطبقة ا 4توسطة « بقيت ; وتدعمت. وفي
    الواقع ; فإن العديد من شرائح الطبقة ا 4توسطة ; مثل صغار ا 4نتج R
    والحرفي R والعمال اليدوي R وصغار الصناع وا 4هني R الذين يعملون لحسابهم
    (وهم الذين كان يشير إليهم ماركس) ¥ امتصاصهم فعلا كمستخدم R
    بالأجر في ا 4شروعات الرأسمالية الكبيرة. ولكن النمو الاقتصادي واسع
    النطاق ; وزيادة الحاجة إلى خدمات اجتماعية متعددة وحديثة ; أديا إلى
    تبلور الطبقة ا 4توسطة الجديدة في اﻟﻤﺠتمعات الرأسمالية ; ‰ا في ذلك
    48
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    ا 4وظف R الكتابي ;R وا 4شرف ;R وا 4ديرين ; والفني ;R والعلماء ; وكثير من
    أولئك الذين يعملون في توفير هذه الخدمة أو تلك. وكان وجود هذه الطبقات ;
    حافزا على الاهتمام-من جديد-بعنصر »الهيبة الاجتماعية « القائم على
    ا 4هنة والاستهلاك وأسلوب الحياة ; كعنصر للتدرج الطبقي ; وهو العنصر-
    الذي أولاه »ماكس فيبر « أهمية كبيرة ; في محاولته 4واجهة النظرية
    ا 4اركسية.
    على أن ظهور وانتشار الطبقات ا 4توسطة في اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة ; يستند
    إلى عوامل أخرى ; ترتبط بظروف تلك اﻟﻤﺠتمعات ; والتي تتبدى-في الأساس-
    في الضآلة النسبية للطبقت R ا 4رتبطت R بالإنتاج الحديث ; وهما: »البروليتاريا
    الصناعية « و »البرجوازية «. وقد تعددت التصنيفات ; سواء من داخل الفكر
    ا 4اركسي ; أو من خارجه ; لتلك الطبقات ا 4توسطة (أو »الفئات ا 4توسطة
    كما تفضل ذلك بعض الكتابات ا 4اركسية) ; وضمنتها عناصر عديدة تشتمل
    ليس فقط على ا 4وظف R وأصحاب ا 4هن الحرة (مثل ا 4هندس R والأطباء
    والمحام R والمحاسب R.. .. الخ) والقسم الأساسي من الضباط والطلبة ;
    وإ …ا أيضا »الفئات التي لم تصبح بروليتاريه بعد ; والعناصر نصف
    البروليتاريه ; والحرفي R وصغار التجار ; وصغار الصناع ; أي: البرجوازية
    الصغيرة القاطنة في ا 4دن ; كذلك الفئات الفقيرة فيها ٤٥)« ). كما شدد بعض
    الباحث ;R على حقيقة »عدم التجانس « داخل الطبقة ا 4توسطة في البلاد
    ا 4تخلفة ; فهناك طبقة متوسطة تقليدية وطبقة متوسطة حديثة. وهناك
    طبقة متوسطة تجارية وطبقة متوسطة مثقفة ; وطبقة متوسطة مهنية ;
    وطبقة متوسطة إدارية وطبقة متوسطة للاقليات والأجانب ; وهناك طبقة
    متوسطة حضرية ; وطبقة متوسطة ريفية .«
    على أن ما يهمنا هنا بالأساس ; ويرتبط مباشرة ‰وضوعنا ; هو تلك
    الشرائح أو القطاعات من الطبقات ا 4توسطة ; في العالم الثالث (العسكري R
    والبيروقراطي R خاصة) التي آخذت تضطلع على نطاق واسع ; بدور أساسي
    وحاسم في الحياة السياسية للبلدان ا 4تخلفة ; وشكلت النخبة الحاكمة
    فيها ; ونظر إليها كوسائط للتحديث وتنمية مجتمعاتها. بل لقد ذهب البعض
    إلى »أن تاريخ البلدان ا 4تخلفة ; ينظر إليه ; باعتباره تاريخ نهوض الطبقة
    ا 4توسطة ٤٦) « ). ا 4تخلفة ; ينظر إليه ; باعتباره تاريخ نهوض الطبقة
    49
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    ا 4توسطة ٤٦)« ).
    لقد كانت تلك الشرائح من الطبقة ا 4توسطة ; موضعا لإسهامات عديدة
    من دارسي سياسات الشرق الأوسط على وجه الخصوص ; منذ الخمسينيات
    فتحدث موروبرجر عن »الطبقة الوسطى ا 4ستقلة ٤٧) « ) وهالبرن عن »الطبقة
    ا 4هنية الجديدة ٤٨) « ) وأطلق عليها جاك بيرك فقط »الانتلجنتسيا ٤٩) « )
    IntelIigentsia وأسماها بيل وليدن »الطبقة الوسطى ا 4هنية ٥٠) « ) وأطلق
    عليها أنور عبد ا 4لك تعبير »الطبقة الجديدة ٥١) « ).
    وبصرف النظر عن الاختلافات الدقيقة ب R كل باحث وآخر ; فقد اتفق
    الجميع على أن طبقة اجتماعية جديدة ; تستند قوتها إلى ا 4هارات ا 4كتسبة
    من خلال التعليم الحديث ; قد ظهرت في الإمدادات الوسطى للبناء
    الاجتماعي التقليدي ; ويهدف أفراد هذه الطبقة الجديدة إلى تقد ¡ أنفسهم
    من خلال مهاراتهم ومواهبهم ا 4هنية ; أكثر منه من خلال الثروة أو العلاقات
    الشخصية ; وهما ا 4صدران اللذان يفتقدهما أغلب أفراد تلك الطبقة.
    وهذه الطبقة ; ليست طبقة وسطى برجوازية ; طا 4ا أن أفرادها يعيشون ‰ا
    يحصلون عليه من أجر ; ومن أتعاب لأنشطتهم ا 4هنية ; أكثر ‡ا يعيشون من
    حيازة ا 4متلكات ; أو إدارة الأعمال. وبالرغم من أنها ليست طبقة من ا 4ثقف R
    Intellectuals إلا أنها „كن أن توصف ; على نحو سليم ; أبانها »انتلجنتسيا «
    طا 4ا أنها تكون »النخبة ا 4ثقفة « في اﻟﻤﺠتمع: وعلى عكس الأفراد ا 4تعلم R
    في الطبقة الحاكمة السابقة ; الذين كانوا يتمتعون با 4زايا ا 4زدوجة ا 4تمثلة
    في الثروة الطائلة ; والسلطة السياسية ; فإن أفراد الطبقة الوسطى الجديدة ;
    لا „تلكون ما يستندون إليه أساسا سوى التعليم الحديث وا 4تخصص ;
    الذي يرتبط بالتحديث ; وبالتنمية الاقتصادية والتصنيع.
    لقد mكنت شرائح هامة من تلك الطبقة من الاستيلاء على الحكم في
    عديد من بلاد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ; وبدأت تنفيذ برامجها
    »للتحديث « أو »التنمية ;« وفي اﻟﻤﺠتمعات التي لا تزال مبعدة فيها عن ا 4يدان
    السياسي ; تظل الطبقة الوسطى ا 4هنية قوة متنامية ومزدهرة ; ترنو-باستمرار-
    إلى ا 4شاركة في حكم بلادها. وفي فترة مبكرة نسبيا ; تفاءل كثر من الدارس R
    حول الدور الذي „كن أن تلعبه تلك الطبقة في تطوير بلادها.
    وكان »مانفريد هالبرن « أبرز من ارتبط اسمهم بالدفاع عن تلك الطبقة ;
    50
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    و »ملامحها الجديدة « ب R الدارس R الغربي ;R كما دافع عن دورها »الحاسم «
    في التغيير الاجتماعي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ; وطرح ; منذ ما
    يقرب من عشرين عاما ; مفهوم الطبقة الوسطى الجديدة باعتبارها mثل
    »القوة الثورية الرئيسة ; وبالتالي القوة المحدثة للاستقرار ; في الشرق
    الأوسط «وصادق هنتينجتون على تلك الفكرة ; ورأى أنها لا تنطبق فقط
    على الشرق الأوسط ; وإ …ا تتعداها »إلى أغلب ا 4ناطق التي mر بعمليات
    تحديث سريعة ٥٢).« ).
    أما أهم فئات تلك الطبقة فتتمثل في العسكري R الذين كانوا أكثر
    ترابطا من الفئات الأخرى ; كما أن نجاح تلك الطبقة في حشد الدعم
    الجماهيري اعتمد على الجيش ; باعتباره أقوى أدواتها.
    وهذه الطبقة ; مثلها مثل كل القوى الاجتماعية في الشرق الأوسط ;
    تتمزق بفعل انقساماتها وتوتراتها الداخلية. وهي انقسامات تنجم عن عوامل
    القرابة ; والعرق ; والدين ; وا 4نصب ; والأصل الاجتماعي ; والأصل الجغرافي
    ب R الحضر والريف ; وكذلك عن الخلفية الدراسية. وطبقا لهالبرن ; هناك
    ثلاثة مظاهر للصراع داخل الطبقة ا 4توسطة الجديدة:
    فهناك الصراع ب R العناصر التي تتولى ا 4سؤوليات بالفعل ; وتحتل
    ا 4ناصب وتحصل على الأجور وا 4زايا ; وهي عناصر قليلة ; وب R الغالبية
    التي تحمل ا 4ؤهلات العلمية ; والقيم التحديثية ; ولكنها لا تحصل على
    الوظائف التي تتناسب مع مهارات أو قيمها ; أو تعمل بالفعل ; ولكن في
    خدمة النظم المحافظة على الوضع القائم ; والتي تنكر على تلك اﻟﻤﺠموعة
    حقها في ا 4كانة والقوة. ويعزى هذا الاختلاف ; في جانب هام منه ; إلى
    الأعداد الكبيرة من أصحاب الشهادات العليا ; والذي لا يتناسب مع مجمل
    الأوضاع الاجتماعية والثقافية في البلاد ا 4تخلفة ; ولكنه يشكل الأساس
    ا 4ت R لتلك الطبقة الوسطى الجديدة.
    وهناك أيضا التمييز الذي يطرحه »هالبرن « ب R العناصر الأحدث
    والعناصر الأقدم من تلك الطبقة. وفي هذا الوضع »قد يظل الرجال في
    سن الأربع R حامل R فجاجة الشباب ; طا 4ا أنهم لم يتمرسوا با 4ناصب
    وا 4كانة ; والقوة ; ولكنهم لا يحملون-في نفس الوقت-براءة مرحلة الشباب .«
    وفي هذا السياق يركز هالبرن على »صراع الأجيال « داخل تلك الطبقة.
    51
                  

04-11-2010, 01:46 PM

مجدي عبدالرحيم فضل
<aمجدي عبدالرحيم فضل
تاريخ التسجيل: 03-11-2007
مجموع المشاركات: 8882

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث (Re: مجدي عبدالرحيم فضل)

    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    ويشير إلى مايكتنف وصول عناصر من تلك الطبقة إلى السلطة في سن
    مبكرة (في الثلاثينات والأربعينات) من »تأثيرات ضارة على الأجيال التالية
    لهم ; وخصوصا من زاوية حرمان تلك الأجيال من فرصتها في ‡ارسة
    السلطة وا 4كانة ; ‡ا يجعلهم أكثر قابلية لتفريخ عناصر التطرف
    والراديكالية ٥٣) « ).
    وأخيرا ; فإن تكوين تلك الطبقة من عناصر جديدة ; لاستند إلى مكانة
    موروثة أو إلى فرص متاحة ; وإ …ا إلى تجمع لأفراد منفصل ;R يجعل
    الخيارات مفتوحة أمام تلك الطبقة ; سواء إزاء الد „قراطية ; أو السلطوية
    أو الشمولية.
    ولاشك في أن »عاموس بر 4وتر « قدم أقسى نقد 4فهوم »الطبقة ا 4توسطة
    الجديدة « عموما ; ولصياغة »هالبرن « لذلك ا 4فهوم-على وجه الخصوص
    وفي ح R أنه-أي بر 4وتر-لم ينكر حقيقة أن ما يسمى ب »الطبقة ا 4توسطة
    الجديدة « قد أصبحت المحور الرئيس للقوة السياسية والاقتصادية وللهيبة
    الاجتماعية في الشرق الأوسط ; إلا أنه رفض اعتبارها »طبقة جديدة « أو
    ا 4بالغة في فعاليتها ; كما رفض-على وجه الخصوص-الدور الايجابي الذي
    ينسب للجيش ; سواء إزاء الطبقة بالذات ; أو إزاء اﻟﻤﺠتمع ككل( ٥٤ ).
    مفهوم »رأسمالية الدولة « في العالم الثالث:
    استنادا إلى طبيعة التكوين الطبقي لبلدان العالم الثالث ; والدور ا 4تميز
    الذي تضطلع به الطبقات الوسطى (خصوصا البيروقراطية ; والعسكرية)
    من ناحية ; وإلى الدور ا 4تنامي »للدولة « في التطور الاجتماعي والاقتصادي
    والسياسي للعديد من تلك البلدان-من ناحية أخرى بدأت أعداد متزايدة
    من الباحث R في استعمال مفهوم »رأسمالية الدولة « لدراسة التنظيم السياسي
    والاقتصادي في تلك البلدان ; وسوف نحاول هنا أن نقدم بإيجاز ا 4لامح
    العامة له ; وكما طرحها-على وجه التحديد- »جيمس بتراس ٥٥)« ).
    لقد صاغ »بتراس « أفكارا حول »رأسمالية الدولة « استنادا إلى ملاحظة
    وتحليل عدد من ا 4مارسات ا 4عاصرة في عديد من بلدان العالم الثالث ; مثل
    ليبيا والجزائر وأثيوبيا وبيرو وفنزويلا ; وإلى مقارنة تلك الحالات مع النظم
    »الأقدم ;« لرأسمالية الدولة ; مثل تلك التي ظهرت في تركيا وا 4كسيك في
    52
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    الثلاثينات والأربعينات ; وبوليفيا في الخمسينات. ونقطة الانطلاق في تلك
    الأفكار ; كما ذكرنا ; تدور حول الدور الذي تلعبه كل من »الدولة « و »الطبقات
    ا 4توسطة « في التجارب محل الدراسة ; في ظروف تاريخية محددة.
    فقد كان منطقيا في النصف الثاني من القرن العشرين ; وفي مواجهة
    القوة الهائلة للشركات متعددة الجنسية ; ذات الشهية ا 4تفتحة للمواد الخام
    والأسواق المحلية ; أن كانت »الدولة القوميةد في العديد من بلدان آسيا
    وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ; هي الخط الأخير لحمايتها من الخضوع والتمزق
    الشامل R. حقا ; لقد شهد العديد من بلدان العالم الثالث تجارب في التصنيع ;
    »موجهة من الخارج « ومرتبطة بتلك القوى الدولية ; ولكن تلك التجارب
    عانت من أوجه خطيرة من القصور (يخرج ذكرها عن نطاق بحثنا هنا)
    جعلتها على نحو متزايد ; مرفوضة في العالم الثالث. وعوضا عن ذلك ;
    ظهر-أو عاد إلى الظهور- …وذج »رأسمالية الدولة ;« كنموذج اجتماعي-
    اقتصادي-سياسي متكامل ; للتصنيع والتنمية ; »داخل ;« إطار الدولة القومية ;
    في العالم الثالث.
    من الناحية الثانية ; فإن القوة الرائدة التي تبادر بالتوجه نحو »رأسمالية
    الدولة «-سواء عن طريق التطور أو الانقلاب أو الانتفاضة الشعبية ; أو بخليط
    من تلك الرسائل-إ …ا تتمثل أساسا في فئة مستخدمي الدولة سواء من
    ا 4دني R أو العسكري R. وفي توصيف بتراس لتلك الفئة يقول: »إن تلك
    الفئة لا تتطابق مع أي من الطبقات التي وصفها ماركس في …و الرأسمالية
    في أوروبا. إنها ليست برجوازية ; أو برجوازية صغيرة ; لأنها لا mتلك. وهي
    ليست من العمال ; لأنها لا ترتبط مباشرة بالعملية الإنتاجية ; بالرغم من
    أنها قد تبيع قوة عملها لقاء الحصول على أجر. وحتى إذا سلمنا بوجود
    تداخل مع R مع العمال ; أو مع البرجوازية الصغيرة ; فإن علينا أن نأخذ في
    اعتبارنا حقيقة أن قوة اجتماعية جديدة هامة-سوف تسمى فئة وسطية
    lntermediary-Stratum -قد حددت مشروعا رأسماليا جديدا للتنمية يربط
    علاقات السوق الرأسمالية باتساع الدولة. »وليست ا 4شكلة هي أن نجتهد
    لإعادة تعريف هذه الفئة ; بحيث „كن أن توضع في سياق التقسيم الطبقي
    الكلاسيكي ; وإ …ا هي أن نفهم سماتها الاجتماعية الخاصة ٥٦) « ). وا 4فهوم
    الشائع عن البرجوازية الصغيرة »ا 4تذبذبة « ب R البرجوازية الكبيرة ;
    53
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    والبروليتاريا لا يصلح لتفسير سلوك تلك الفئة البيروقراطية (ا 4دنية ;
    والعسكرية) والتجارية وا 4صرفية التي تقبض على السلطة وتترك بصماتها
    على اﻟﻤﺠتمع. كما أن هذا ا 4فهوم ; لا يفسر الاستمرارية النسبية لهذه النظم ;
    أو تكرار ظهورها. إن إشكالية mزق أو زوال البرجوازية الصغيرة ; تظهر
    فقط إذا كانت هناك طبقات بروليتارية وفلاحية معبأة وهامة ; وذات قيادة
    واعية طبقيا ; تواجه برجوازية منظمة ومتماسكة. ولكن مع افتقاد هذه
    الشروط ; من ا 4مكن تصور فئة واعية طبقيا ; مترابطة رأسيا وأفقيا ; وتعمل
    كطبقة مستقلة (عن العمال ; وعن البرجوازية) ولها مشروعها السياسي-
    الاقتصادي الخاص( ٥٧ ). والأزمة التاريخية التي تدفع هذه الطبقة إلى تنفيذ
    مشروعها ; ا 4تمحور حول الدولة ; تتمثل في فشل التوسع الرأسمالي الخاص
    الوطني ; من جانب ; وفشل إمكانات الاعتماد على الاستثمار الخارجي-من
    جانب آخر-.
    في تلك الظروف ; يكون السلاح الرئيس ندى الفئات الوسطية
    البيروقراطية ا 4سيطرة ; هو »القدرة السياسية ;PoIitical CapacitY أي قدرتها
    على أن تقبض على آلة الدولة ; وأن تغير من توزيع القوة الاجتماعية ; وتعيد
    تنظيم الاقتصاد. ويكون نزع ملكية ا 4شروعات الأجنبية ضرورة اقتصادية
    لتحقيق التراكم الرأسمالي ا 4وجه من الدولة ; وكذلك مصدرا للشرعية
    السياسية ; فعن طريق إدماج ا 4وارد ورؤوس الأموال ا 4ستولى عليها من
    ا 4شروعات الأجنبية ; في جهد »قومي « للتنمية من خلال عملية التأميم ;
    تكون قد mت مواجهة أحد العناصر الأساسية في الثورة »البرجوازية
    القومية ;« أي: تكوين الاقتصاد القومي.
    ويأخذ هجوم رأسمالية الدولة على ا 4شروعات الإمبريالية عدة أبعاد
    اقتصادية وسياسية. فا 4شروعات الإمبريالية هي ا 4صدر الرئيس للفائض
    الاقتصادي ; وبالتالي فهي تشكل قوة دفع للتنمية ; ولكن مصادرة ملكيتها لا
    تغير من طبيعة علاقات ا 4لكية الرأسمالية ; وذلك هو ما يشدد عليه
    »بتراس «. فالتحول من ا 4لكية الإمبريالية إلى ملكية الدولة »يحدث بدون
    أي تغيير جذري في علاقات الإنتاج الاجتماعية ( ‰ا في ذلك التفاوتات في
    الأجور وا 4كافآت ; والامتيازات الإدارية ; وتدرج السلطة) أو في حتمية السوق ;
    أو حسابات الربح «. أي أن ملكية الدولة لاتغير-على أي نحو أساسي-ظروف
    54
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    استغلال العمل ; ولكنها-بالأحرى-تعكس تغيرا في »مصدر « الاستغلال ; ور ‰ا
    تغيرا في توجيه الفائض ; حيث تتحول نسبة عالية من عوائد الاستثمار إلى
    تسهيلات إنتاجية »داخل «الدولة بدلا من الخارج. ومن زاوية ا 4زايا السياسية ;
    فإن توجيه الضربات للمشروعات الإمبريالية يساعد على تجنب صراعات
    داخلية خطيرة ; كما تحتفظ أجزاء من الطبقة الحاكمة في رأسمالية الدولة
    بروابط مباشرة ; أو غير مباشرة مع مجموعات ا 4لكية المحلية ; ‡ا يسمح
    »لرأسماليي الدولة ;« الذين يقومون بالتراكم على حساب رأس ا 4ال
    الإمبريالي ; بان يتوجهوا-في مرحلة لاحقة-إلى ا 4شروعات الخاصة( ٥٨ ).
    وبعبارة موجزة ; تتمثل ا 4لامح العامة لنظم رأسمالية الدولة في: الدور
    الرئيس للدولة (أو: الدولانية Statism ) ; والتوجه الاقتصادي القومي ; وعلاقات
    الإنتاج الرأسمالية.
    ويشدد »بتراس « على عوامل ثلاثة ; يرى أنها أسهمت في تشكيل النظم
    ا 4عاصرة لرأسمالية الدولة ; هي أولا: فقدان الإمبريالية الأمريكية 4ركزها
    الاحتكاري ا 4سيطر الذي mتعت به في فترة ما بعد الحرب العا 4ية الثانية
    مباشرة ; نتيجة ظهور القوى الدولية ا 4نافسة ; سواء داخل ا 4عسكر الرأسمالي
    (أوروبا الغربية واليابان) أو خارجه (الكتلة الاشتراكية) ‡ا يتيح لقوى
    رأسمالية الدولة حرية أكبر في اختيار الأ …اط التجارية ; وا 4صادر التمويلية
    من ب R القوى الإمبريالية ا 4تنافسة. وثانيا: عجز البرجوازية الوطنية عن
    تقد ¡ سياسات اقتصادية مستقلة ; على أساس ما يقوم بينها وب R رأس
    ا 4ال الأجنبي من علاقات وثيقة من ناحية ; ومن توجه قطاعات هامة منها
    إلى الزراعة والتجارة ; من ناحية أخرى. وثالثا: الضعف النسبي للحركات
    العمالية والفلاحية والذي ينعكس في ضعف كوادرها ; وضعف تنظيماتها
    النقابية أو الحزبية.
    في ظل تلك الظروف كلها ; يظهر العسكريون باعتبارهم أفضل قوة
    سياسية منظمة للاستفادة من التفكك السياسي. ومن خلال أيديولوجية
    شعبية-قومية ; يحاولون اكتساب ولاء الجماهير. والأهم من ذلك ; ولدى
    السعي إلى السلطة السياسية ; فإن نظام رأسمالية الدولة ; القومي ; العسكري ;
    يحاول أن يحل نفسه محل الطبقة الرأسمالية ا 4تماسكة ; النائبة ; ويحاول-
    من خلال الدولة- ‡ارسة أهداف الثورة »البرجوازية «. والشرط ا 4سبق
    55
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    لخلق الاقتصاد الرأسمالي القومي هو تأميم ا 4شروعات الإمبريالية ; كما
    أن أساس خلق السوق الداخلية هو الإصلاح الزراعي. وعلى ذلك ; فإن
    نظام رأسمالية الدولة يتسم بجهوده ا 4تواصلة في التأميم والإصلاح الزراعي.
    والطريقة التي تتم بها هذه الإصلاحات الراديكالية وكذلك آثارها السياسية
    والاجتماعية ; إ …ا mيز-بوضوح-هذه الجهود عن الثورة الاشتراكية: فتحل
    بيروقراطية الدولة محل ا 4ستثمرين الأجانب وملاك الأرض المحلي ;R كمنظم
    للإنتاج وكذلك-بالطبع-كحائز على الفائض.
    ثانيا: التحليل الطبقي كمدخل لتحليل الظاهرة الحزبية
    سبق أن رأينا كيف ينظر الفكر ا 4اركسي للحزب-بالأساس-كحقيقة
    طبقية ; وكيف „كن-بالتالي-ظهور أحزاب رجعية mثل الطبقات الرجعية ;
    وتعبر عن مصالحها ; وأحزاب »ثورية « mثل الطبقات الثورية ; وتعبر-أيضا-
    عن مصالحها. هذه الرؤية للحزب السياسي ; كانت-بالطبع-محل انتقاد
    دارسي الأحزاب من خارج الفكر ا 4اركسي ; بدرجة أو بأخرى ; والذين رأوا
    أن العديد من الأحزاب لا تقوم على الطبقات »إلا با 4عنى العام الذي يتمثل
    في قيام غالبية طبقة اجتماعية معينة بالتصويت لحزب مع ;R مفضلة إياه
    على غيره ٥٩) « ) كما استند هؤلاء إلى ما يحفل به الواقع السياسي في
    البلدان ا 4تخلفة في العالم الثالث من أحزاب تقوم على أسس دينية ; أو
    قبلية ; أو لغوية ; أو إقليمية.
    والواقع أن تلك الانتقادات لا تنال من حقيقة الطابع الطبقي للأحزاب ;
    بقدر ما تنال من ا 4يل لتبسيط هذا الطابع ; أو اعتبار العنصر الطبقي هو
    العامل الوحيد في تشكيل الحزب. فلاشك في أن العلاقة ب R الطبقات
    والأحزاب تغدو شديدة التعقيد في البلدان ا 4تخلفة ; حيث تتعدد التشكيلات
    الطبقية ; وتتداخل فيما بينها ; فضلا عن مرور تلك الطبقات ; لحظة تكوين
    التنظيمات الحزبية أو شبه الحزبية ; ‰راحل انتقالية أو فترات لإعادة
    التشكيل والصياغة ; تنعكس حتما على البناء الحزبي. وإذا اقتصرنا هنا
    على النقاط موضع الإشارة في هذا الفصل ; فقد لعبت الطبقات ; أو »الفئات «
    الوسطى دورا حيويا في تشكيل الأحزاب التي اضطلعت بعبء التحديث أو
    التنمية في العالم الثالث ; وطبعت تلك الأحزاب بطابعها ; سلبا أو إيجابا ;
    56
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    كما سوف يأتي فيما بعد. كذلك فقد كانت لنظم »رأسمالية الدولة «
    تشكيلاتها الحزبية ا 4تميزة ; والتي اتسمت بالسيطرة البيروقراطية
    والعسكرية للدولة ; وانعدام الفعالية ; والعلاقات الرأسمالية ; في إطار توجه
    قومي عام قصير النفس.
    وإذا كانت بعض النظم السياسية في البلدان ا 4تخلفة قد حاولت بناء
    تنظيمات حزبية »ثورية ;« تنجز التغيير الجذري في اﻟﻤﺠتمع ; فلاشك في أن
    جانبا أساسيا من أسباب إخفاقها يكمن في انتماءاتها الطبقية التي عرقلت-
    في النهاية-تحقيق تلك الأهداف.
    لم يكن غريبا ; إذن ; أن بدأ التحليل الطبقي يأخذ مكانا متزايد الأهمية
    في دراسة الظاهرة السياسية في البلدان ا 4تخلفة ; ‰ا في ذلك الأوضاع
    الحزبية فيها ; كشرط لا غنى عنه لفهم محددات الظاهرة الحزبية
    وخصائصها ووظائفها:
    - فالتحليل الطبقي للظاهرة الحزبية ; والتعرف عل تشكيلها الاقتصادي
    الاجتماعي ; يعني التعرف على الطبقات والقوى الاجتماعية وا 4صالح
    الاقتصادية التي تسهم في تكوين التنظيم الحزبي موضع الدراسة ; ومدى
    عمق هذا الإسهام ; وصدقه. وفي ح R أن هذا النوع من التحليل ; يبدو
    ميسرا إلى درجة كبيرة في اﻟﻤﺠتمعات الصناعية ا 4تقدمة ; آلتي تبلورت
    فيها القوى الاجتماعية والطبقية ; وآلتي شهدت أيضا تشكيل أبنية ومؤسسات
    أخرى ; تعكس مصالح تلك القوى ; فان الأمر يغدو أكثر تعقيدا بكثير في
    اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة آلتي تتسم أتسم كما ذكرنا توا ليس فقط بعدم اكتمال
    تشكيلاتها الاجتماعية والطبقية ; وإ …ا أيضا بتعددها وتعايشها. وليس
    غريبا إذن أن شهدت تلك اﻟﻤﺠتمعات العديد من التنظيمات »الحزبية « التي
    لا يعدو mثيلها نطاق شريحة ضيقة للغاية من الأفراد الذين تربطهم روابط
    محددة ومؤقتة ; بالرغم ‡ا تدعيه تلك التنظيمات أحيانا من mثيل لقوى
    اجتماعية متكاملة بعينها ; أو حتى للشعب بأسره.
    - والتحليل الطبقي للظاهرة الحزبية ; يعني-ثانيا-دراسة ما يترتب على
    التشكيلات الاجتماعية اﻟﻤﺨتلفة للأحزاب ; من انعكاس عل بنائها التنظيمي ;
    وأيديولوجيتها ; وإمكاناتها ا 4ادية ; و ‡ارساتها وأساليبها الحزبية. وبداهة ;
    فإن أحزاب النخب الأرستقراطية تختلف في تلك النواحي عن الأحزاب
    57
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    التي mثل بالأساس الطبقات ا 4توسطة ; كما أن كلا النوع R يختلف عن
    تلك الأحزاب التي تعلن بالأساس mثيلها للعمال أو الفلاح ;R أو للفئات
    الدنيا من اﻟﻤﺠتمع في بشكل عام. ومرة أخرى ; فإن الأمر يبدو أكثر تعقيدا
    بكثير في البلاد اﻟﻤﺨتلفة ; حيث تتداخل تلك القوى كلها ; وحيث تسود التفاتات
    الاجتماعية الحادة ; وتتداخل مع الانقسامات الدينية والطائفية والإقليمية ;
    على نحو يؤثر مباشرة على خصائص ومقومات الظاهرة الحزبية. وتصبح
    قدرة التنظيمات الحزبية اﻟﻤﺨتلفة على التحرر من تلك ا 4ؤثرات ; أو الخضوع
    لها ; معيارا أساسيا للحكم على فعالية النظام الحزبي وجدواه.
    - والتحليل الطبقي للظاهرة الحزبية يسهم-أيضا-في تفهم الأهداف
    والغايات التي تعلنها التنظيمات الحزبية ; والوظائف الفعلية التي تؤديها ;
    بصرف النظر عن الشعارات ا 4علنة ; وفي ح R أن التحليل الكلاسيكي
    للأحزاب ; قد استقر على وظائف معينة للأحزاب السياسية ; في اﻟﻤﺠتمعات
    ا 4تقدمة ; سواء في البلدان الرأسمالية أو الاشتراكية ; فإن التعقيدات
    الاجتماعية والطبقية ; وظروف التطور التاريخي في اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة ;
    حملت معها أهدافا ووظائف مستحدثة للظاهرة الحزبية في تلك اﻟﻤﺠتمعات.
    وتباينت تلك الأهداف والوظائف التقليدية بشدة ; من محاولة الحفاظ على
    النظام القائم ; إلى محاولة تحقيق تحول ثوري أو راديكالي يطيح بالأسس
    الاجتماعية والاقتصادية للنظام السياسي برمته ; ليحل سلطة طبقات وقوى
    اجتماعية معينة محل سلطة طبقات وقوى اجتماعية أخرى.
    المبحث الثالث
    المؤثرات الخارجية ومدرسة التبعية
    يستند أدراج أفكار مدرسة »التبعية « ضمن ا 4داخل التي يعتمدها هذا
    البحث في دراسة الظاهرة السياسية في اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة ; إلى اعتقاد
    راسخ بأهمية العنصر الخارجي في تشكيل مجمل الأوضاع الاجتماعية
    والاقتصادية والسياسية والثقافية في تلك اﻟﻤﺠتمعات. وكما يقول الدكتور
    جلال أحمد أم R بحق ; فإن »بعض مناهج البحث التي يجوز اتباعها في
    دراسة التطور الاقتصادي أو السياسي أو الثقافي في دولة مستقلة ; لا
    تخضع لأي نوع من الضغط السياسي أو الاقتصادي من قوة خارجية ; لا
    58
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    يجوز أن تطبق في دراسة تطور دولة لا تتمتع بهذا ا لاستقلال ٦٠) « ).
    وعدم الاستقلال هذا ; أو ماد رج على تسميته ب »التبعية « يشكل خصيصة
    موضوعية تشترك فيها كافة بلدان العالم الثالث ا 4تخلفة ; وإن تعددت درجاتها
    وأشكالها. وإذا كانت نسبة من الكتابات حول التبعية قد أدرجت ضمن
    أدبيات »ا 4اركسية المحدثة « فإن هذا لا يعني أن مجموعة الأفكار عن مسألة
    التبعية كانت مقصورة على ا 4اركسية ; ولكنه يعني فقط أن إسهامات
    ا 4اركسي R المحدث R في مدرسة التبعية هي من أهم الإسهامات ا 4عاصرة
    في التبعية ; وفي ا 4اركسية ا 4عاصرة معا. وبعبارة أخرى ; فقد جاءت هذه
    ا 4درسة كرد فعل لازمة ا 4عالجة ا 4اركسية لأوضاع العالم الثالث ; مثلما
    جاءت لتسد أحد أوجه القصور الرئيسة في نظرية التحديث ; وأفكار التنمية
    السياسية ; وامتداداتها كما سبقت الإشارة. على أن التنوع الذي تتسم به
    الإسهامات في مدرسة التبعية ; وكذلك توفر الأغلب الأعم منها على معالجة
    الجوانب »الاقتصادية « في العلاقة ب R العالم ا 4تقدم ; والعالم ا 4تخلف ;
    تفرض علينا هنا-في هذا الحيز الضيق-أولا: الإيجاز الشديد في عرض
    أبرز العناوين في أفكار التبعية ; ثم تفرض ثانيا ; ور ‰ا كان ذلك هو الأهم ;
    الاقتراب-في الأساس-من النواحي السياسية لأفكار التبعية ; وعلى وجه
    الخصوص ; فيما يتعلق بتأثير التبعية على الظاهرة السياسية في اﻟﻤﺠتمع
    التابع.
    أولا: التبعية كصياغة للتأثير الخارجي
    إن منهاجية »الاقتصاد السياسي « التي تربط ب R كل من »الاقتصاد «
    و »السياسة « من ناحية ; وب R كل من العوامل الداخلية والعوامل الخارجية
    من ناحية أخرى ; سبق أن وجد بعض التعبير عنها في إطار الاقتصاد
    السياسي الليبرالي ; كما أن ا 4دخل ببنائي Structural Approach في معالجة
    الاقتصاد السياسي اهتم بتحليل أبنية التبعية والسيطرة على الاقتصاد
    العا 4ي. وكان »راؤول بريبش ٦١) « ) ; أحد ‡ثلي البنائية ; هوأول من استخدم
    تعبيري »ا 4ركز « أو القلب ;centre والمحيط أو التخوم Periphery في الأدب
    الاقتصادي ا 4عاصر في تحليل نشره عام ١٩٤٩ وذلك لوصف العلاقة ب R
    الولايات ا 4تحدة الأمريكية ودول أمريكا اللاتينية. فقد اعتبر أن هذا الجزء
    59
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    من العالم يتكون من مركز للنشاط الاقتصادي ; هو الولايات ا 4تحدة
    الأمريكية ; يوجه ويسيطر ; ومن أطراف أو تخوم ; هي بالذات دول أمريكا
    اللاتينية ; تتحرك في فلك ذلك ا 4ركز: محكومة بحركته ; ومتأثرة بها ; ومتجهة
    دائما لخدمه مصالحه mاما ; على أن مدرسة التبعية ; باعتبارها تعبيرا عن
    مدخل متميز في الاقتصاد السياسي لم تقف عند الحدود التي وضعها
    الاقتصاد السياسي الليبرالي في تحليل العلاقة ب R السياسة والاقتصاد أو
    ب R العوامل الداخلية والخارجية في السياسات القومية ; ولم تقتصر في
    استخدامها اﻟﻤﺨطط البنائي ; لتقسيم العالم إلى مركز ومحيط ; على التحليل
    الشكلي أو الساكن للعلاقة ب R الجانب ;R ولكنها-على العكس-انطوت على
    عمق نظري »من خلال علم اجتماع شامل يؤكد على الطبيعة الاجتماعية-
    السياسية للعلاقات الاقتصادية للإنتاج ; ويحيي-من تلك الزاوية-تقاليد
    الاقتصاد السياسي للقرن R التاسع عشر والعشرين ٦٢) « ). وقد وجدت مدرسة
    التبعية أهم جذورها في تطور الأفكار ا 4اركسية حول …و الرأسمالية في
    اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة ; كما أنها-وقد دارت الغالبية الكاسحة من إسهاماتها
    حول أمريكا اللاتينية-امتدت لتشمل باقي أجزاء العالم الثالث ; وعلى أيدي
    مفكرين ينتمون إليه ; في كثير من الحالات.
    والفكرة المحورية لدى منظري التبعية هي أنه من غير اﻟﻤﺠدي دراسة
    التنمية في مجتمعات العالم الثالث ; ‰عزل عن تطور اﻟﻤﺠتمعات ا 4تقدمة ;
    ويترتب على ذلك ضرورة معالجة العالم كنظام واحد. وانطلاقا من فكرة
    النظام العا 4ي »تلك تكون ا 4شكلة هي كشف الطريقة التي يتم بها إدخال
    البلاد ا 4تخلفة في داخل هذا النظام العا 4ي ; والتي تؤدي إلى اختلاف
    …وها عن النمط التاريخي للنمو في الأ ™ ا 4تقدمة. في داخل هذا الإطار ;
    فإن تحليل العلاقة ب R اﻟﻤﺠتمعات ا 4تقدمة وا 4تخلفة ; من زاوية العمليات
    التي تجري في البلاد ا 4تقدمة إ …ا يتعلق بنظرية »الإمبريالية ;« أما تحليل
    تلك العلاقة من زاوية تفسير العمليات الاقتصادية والاجتماعية التي تحدث
    في البلاد ا 4تخلفة فهو يتعلق بنظريات التبعية( ٦٣ ). وبعبارة أخرى ; يصبح
    مفهوما »الإمبريالية « و »التبعية « وجه R متقابل ;R في إطار النظام العا 4ي.
    وإذا كان هذا التوصيف لا ينفي حقيقة أنه لا يوجد تعريف دقيق 4فهوم
    التبعية ; فإنه „كن هنا الاكتفاء بالتمييز ب R التبعية »كعلاقة « والتبعية
    60
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    »كمجموع من الأبنية «. هذا التمييز يقره عدد من منظري التبعية ; ‰ن فيهم
    »دوسانتوس « الذي يعرف التبعية بأنها: ا 4وقف الذي تكون فيه اقتصاديات
    مجموعة معينة من الدول ; مشروطة بنمو وتوسع اقتصاد آخر ; تخضع له
    »كما يرى دوسانتوس أن التبعية تتعلق »بتكيف البناء الداخلي ﻟﻤﺠتمع مع ;R
    بحيث يعاد تشكيله وفقا للإمكانيات البنيوية لاقتصاديات قومية محددة
    أخرى ٦٤) « )
    فإذا كانت تفصيلات البعد الاقتصادي لعلاقات التبعية ; وهو البعد
    الكاسح في تحليلات التبعية ; ‡ا يخرج عن نطاق اهتمامنا ا 4باشر هنا ;
    فإن ما يهمنا-بدرجة أكبر-هو أثر علاقات التبعية تلك على التشكيل
    الاجتماعي والطبقي في اﻟﻤﺠتمعات التابعة ; وانعكاس هذا-بالتحديد-على
    الظاهرة السياسية فيها.
    التبعية والتشكيل الاجتماعي والطبقي للمجتمع التابع
    يتعلق الحديث عن أثر التبعية على التشكيل الاجتماعي والطبقي للمجتمع
    التابع بالشق الثاني من تعريف التبعية-كما سبق ذكره حالا-باعتبارها »مجموع
    من الأبنية «. وسوف نكتفي هنا-فقط-بإبراز التأكيد الذي تضعه مدرسة
    التبعية على مفهوم »النظام العا 4ي « كمحدد لسمات اﻟﻤﺠتمع التابع ; ثم انعكاس
    هذا على النمط الإنتاجي ; والتركيب الطبقي ; للمجتمع التابع ; كما يورده
    بعض ‡ثلي مدرسة التبعية.
    من الناحية الأولى ; يوصف البناء الاجتماعي في مجتمعات العالم الثالث
    التابعة أبانه بناء متخلف ; يتحدد بتقسيم مع R للعمل ; داخل إطار النظام
    العا 4ي ; فتاريخ العالم-كما عبر عن ذلك انذريه جوندر فرانك-ما هو إلا
    تاريخ واحد ; ومن ثم ; فإن تقدم جزء من العالم ; وتخلف جزء آخر هما
    وجهان لعملة واحدة ; من حيث أنهما تعبير عن التوسع الرأسمالي الذي
    وصل إلى أقصى البقاع عزلة في اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة. وبعبارة أخرى ; »فإن
    ما نراه من نظم اجتماعية وسياسية وثقافية ; في هذه اﻟﻤﺠتمعات-بدءا من
    أصغر وحداتها في الريف ; وحتى أعقد هذه الوحدات في مدن ا 4تروبول-ما
    هي إلا نتاج للتطور التاريخي للنظام الرأسمالي ٦٥) « ). فالنظام الرأسمالي
    عمل طوال تاريخه على استخلاص فائض القيمة من اﻟﻤﺠتمعات التي تقع
    61
                  

04-11-2010, 02:09 PM

مجدي عبدالرحيم فضل
<aمجدي عبدالرحيم فضل
تاريخ التسجيل: 03-11-2007
مجموع المشاركات: 8882

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث (Re: مجدي عبدالرحيم فضل)

    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    خارج نطاقه ; ثم امتلك هذا الفائض تاركا بعضه لقلة قليلة من الأفراد في
    اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة نفسها. »فللرأسمالي R يد طولي في الوصول إلى أبعد
    أجزاء العالم ; وأكثرها انعزالا ; حيث يتم استخلاص فائض القيمة من
    الفلاح R وصغار الزراع والعمال ; ونقله إلى مركز العالم الرأسمالي. ويؤدي
    ذلك إلى تطور وتنمية القلة التي mتلك هذا الفائض ; وتخلف الكثرة التي
    تنتجه. ويترتب على ذلك ; ظهور ضرب من ضروب الاستقطاب ب R ا 4ركز
    وبلاد المحيط ; بحيث يحدد ا 4ركز كل صغيرة وكبيرة في المحيط ٦٦) « ).
    ومعنى ذلك أن وحدة التحليل الأساسية التي تدور حولها دراسات مدرسة
    التبعية هي »النظام العا 4ي ;« وهو ما يعني-بالتالي-أنه لدى تحليل وحدات
    منعزلة كالقرية ; أو القبيلة ; أو الدولة ; ينبغي ملاحظة أن أيا منها لا توجد
    ‰عزل عن النظام العا 4ي ; وان كل علاقاتها الداخلية وبناءها الطبقي ;
    ونظامها السياسي تتحدد من خلال هذا النظام العا 4ي.
    أما …ط الإنتاج الذي يتبلور في اﻟﻤﺠتمعات التابعة ; نتيجة 4وقعها في
    داخل النظام العا 4ي ; وفي إطار ما يفرضه من تقسيم دولي للعمل ; فقد كان
    محلا للإسهامات الوفيرة من مفكر التبعية. وبصرف النظر عن توصيف
    النمط الإنتاجي (ما قبل الرأسمالي) الذي ساد في اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة ;
    والسمات »العبودية «و »الإقطاعية « أو »الخراجية « أو غيرها ; التي اتجهت
    الدراسات لتحليلها ; فالشيء ا 4تفق عليه هو أن تغلغل السيطرة الرأسمالية
    لبلدان ا 4ركز ; إلى البلاد التابعة ; لم تؤد إلى …و الرأسمالية في تلك البلاد
    التابعة ; مثلما …ت في ا 4ركز ; على النحو الذي تنبأ به ماركس ; ولكنها-
    لأسباب عديدة-اتخذت شكلا آخر ; وتبلورت أ …اط إنتاجية رأسمالية ولكنها:
    متخلفة ; وتابعة ; ومشوهة( ٦٧ ). وانطلاقا من تحليلهم »لأ …اط الإنتاج « في
    اﻟﻤﺠتمعات التابعة سعى عدد من مفكري التبعية إلى تحديد التركيب الطبقي
    لتلك اﻟﻤﺠتمعات ; باعتبار أنه-بالتالي-سوف يتشكل أيضا وفقا لعلاقات
    التبعية. وحظيت الطبقات ; وأشباه الطبقات: البرجوازية ; والعمالية والفلاحية
    وكذلك الطبقات ا 4توسطة باهتمامات متفاوتة. وشدد فرانك مثلا على
    العلاقة الوثيقة ب R البرجوازية المحلية والبرجوازية العا 4ية ; ورأى أن الطبقات
    الأخرى (سواء في ا 4ركز أو المحيط) تخضع لهات R الطبقت R ا 4تحالفت ;R
    حيث mثل القطاعات العريضة للفلاح R البروليتاريا الحقيقية التي تتحمل
    62
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    العبء الأكبر في تقسيم العمل العا 4ي ; بالإضافة إلى البروليتاريا الحضرية ;
    والطبقة العاملة ; والعامل R من ذوي الياقات البيضاء. أما البرجوازية التابعة
    فليست برجوازبة حقيقية ; بحيث „كن أن تقوم بدور في التنمية الاقتصادية ;
    وفي الثورة الد „قراطية السياسية ; كما فعلت نظيرتها في الغرب ; وإ …ا
    هي تقوم بدور أساسي في تدعيم حلقة التبعية والتخلف. ووصف فرانك
    هذه البرجوازية بأنها برجوازية رثة ; لا تنتج سوى تنمية رثة ; وهذه التنمية
    الرثة ما هي إلا حالة من التخلف ا 4فقر الذي تسلبه التجارة الخارجية أي
    ميزة للتنمية الحقيقية( ٦٨ ).
    في نفي التفسير الواحدي: التبعية والطبقات:
    لم يكن من الغريب أن نزوع مدرسة التبعية ; في كثير من الأحيان ; إلى
    تقد ¡ تفسير واحد لكافة التطورات الاجتماعية في البلدان التابعة ; يدور
    حول موقعها في داخل النظام الاقتصادي العا 4ي ; كان محلا لأهم الانتقادات
    التي وجهت لتلك ا 4درسة عل وجه الإطلاق. فقد أدت محاولة ربط كل
    ا 4تغيرات في البلدان ا 4تخلفة بالتطور الرأسمالي للعالم ا 4تقدم ; إلى أن
    تعاظم الاهتمام بهذا الأخير على حساب مشكلات التخلف ; وعلى حساب
    التعرف السليم على البناء الطبقي وعلاقات الإنتاج في البلدان ا 4تخلفة ;
    أثارهما على تطور مجتمعاتها. وحتى عندما التفت منظرو التبعية للطبقات
    في تلك اﻟﻤﺠتمعات انصب اهتمامهم بالأساس على الطبقة البرجوازية دون
    غيرها ; بالرغم من الدور الحاسم الذي تلعبه تشكيلات اجتماعية أخرى
    في العالم الثالث ; كما سبقت الإشارة إليه.
    وكان من شأن التطبيق الفج 4درسة التبعية العجز عن رؤية العمليات
    الأكثر حسما للتكوين الطبقي ; والعلاقات الاجتماعية التي تولد التغير ;
    والتشكيلات المحدودة للقوى الاجتماعية التي تظهر على النطاق العا 4ي.
    فليس النظام العا 4ي هو الذي يولد التغير في العلاقات الاجتماعية ولكن
    القوى الاجتماعية التي تظهر وتنشط هي التي تنتج السوق العا 4ية.
    والتحولات التي تحدث في داخل اﻟﻤﺠتمعات ; بفعل انغماسها في السوق
    العا 4ية ; يجب أن ينظر إليها باعتبارها علاقة تبادلية متنامية ; ب R قوى
    وعلاقات الإنتاج ; في داخل تشكيل اجتماعي ; وتلك ا 4وجودة في السوق
    63
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    العا 4ية. وانطلاقا من هذا النقد ; قدم »جيمس بتراس « تحليلا يزاوج ب R
    التحليل الطبقي وأفكار التبعية ; لدراسة أوضاع البلاد ا 4تخلفة ; في مرحلة
    مابعد الاستقلال ; أو ما يعتبره بتراس انتقالا من مرحلة السيطرة الاستعمارية
    ا 4باشرة إلى مرحلة الاستعمار الجديد. وطبقا لهذا التحليل فقد كانت
    الأشكال السياسية والاجتماعية للسيطرة في البلدان التابعة ; mثل امتدادا
    4ؤسسات الدولة الاستعمارية. فكان ا 4سؤول الاستعماري في الداخل هو
    نفسه ا 4سؤول الأجنبي في الخارج ; وكان التناقض الرئيس قائما ب R
    الرأسمالية الإمبريالية وب R الطبقات العاملة في البلاد ا 4ستعمرة ; وكان
    النضال القومي-في جزء كبير منه بالتالي-لا تتوسط فيه طبقات داخلية ; أو
    صراعات سياسية-أما في مرحلة الاستعمار الجديد فإن الاستقلال القومي ;
    وتكوين الدولة القومية أديا إلى خلق فئات اجتماعية تقع ب R الرأسمالية
    الإمبريالية ; وب R القوى العاملة. هذه الفئات الاجتماعية ; التي انبثقت عن
    مصادر متعددة مثل الحركات السياسية ; والجامعات ; والقوات ا 4سلحة ;
    وجهاز الخدمة ا 4دنية mثل الجماعات غير ا 4الكة ; والوسيطة ; التي تجد
    جذورها في بيروقراطية الدولة ; والتي وجدت طريقها للإمساك بقوى
    الدولة ; ‰ا في ذلك إيراداتها ونفقاتها ٦٩) « ).
    ثم انتقل »بتراس « ليوضح أن هناك عددا من الاستراتيجيات التي تتاح
    أمام الفئات القومية الوسيطة في بلدان المحيط ; وهي خيارات تتوقف-في
    جانب كبير منها-على …ط التحالفات الطبقية (المحلية والدولية) وكذلك
    على القوة التساومية للطبقات داخل التحالفات. وعلى ذلك ; „كن للنظام
    القومي التالي للاستقلال أن يختار-على الأقل-ب R ثلاث استراتيجيات أو
    أ …اط من التحالفات الطبقية لتحقيق التراكم الرأسمالي ; وهو ما يؤثر
    بالتالي-على توزيع الدخل. ويقسم بتراس هذه الاستراتيجيات إلى ثلاثة:
    أولها ; ما يسميه …» وذج الاستعمار الجديد « ويعتمد على التراكم من أعلى ;
    ومن الخارج ; أي بالتعاون ب R ا 4ؤسسات الإمبريالية والطبقات السائدة ;
    لاستغلال القوى العاملة بالداخل ; ويؤدي هذا النمط إلى تركز الدخل في
    أيدي الرأسمال الأجنبي. وثانيها: النموذج التنموي البرجوازي القومي الذي
    يعتمد في التنمية على الرأسمالية الوطنية و(أو) الدولة ; ويحد من الفائض
    ا 4تجه نحو ا 4ؤسسات الإمبريالية ; ويؤدي إلى تركيز الدخل ب R أيدي الفئات
    64
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    الوسيطة (التي تأخذ شكل النخب الحاكمة في المحيط). وثالثها ;
    الاستراتيجية القومية-الشعبية ; والتي تقوم على التحالف ب R الفئات الوسطى
    وب R القوى العاملة ; وتوسيع دائرة السيطرة القومية عن طريق التأميم
    وتؤدي إلى توسيع القاعدة الاجتماعية لتوزيع الدخل( ٧٠ ).
    ثانيا: التبعية كمدخل لتحليل الظاهرة السياسية والأحزاب في العالم
    الثالث
    لم تعد فكرة التبعية ; كمتغير أساسي في دراسة الأوضاع الاقتصادية
    والاجتماعية والسياسية والثقافية ; في البلدان ا 4تخلفة ; محلا للرفض إلا
    في حدود تفصيلية ; أو جزئية. ومع أن أدبيات التبعية قد اتسمت بالوفرة أو
    الغزارة إلا أنه يعيبها ; ليس فقط الاهتمام ‰ا هو »خارجي « على حساب ما
    هو »داخلي « كما سبقت الإشارة توا ; وإ …ا أيضا الاهتمام ‰ا هو
    »اقتصادي «على حساب كل ما هو غير اقتصادي أي على حساب الأبعاد
    الأخرى: السياسية والاجتماعية والثقافية.
    وأيضا ;انتقدت مدرسة التبعية 4يلها إلى التعميم الشديد ; مع أن مجالها
    الأساسي (أي اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة) يتسم ; بطبيعته ; بالتنوع والاختلاف
    الشديدين ; وهذا ما يقود-بالتالي-إلى تجاهل الكثير من الحقائق التاريخية
    وا 4نطقية. وكما يقول »با 4ا « بحق ; فإن الكثيرين من دارسي التبعية في
    أمريكا اللاتينية لم ينجحوا في تفهم خصوصية العملية التاريخية التي
    تتغلغل ‰قتضاها الرأسمالية إلى أمريكا اللاتينية ; وأدانوا فقط جوانبها
    السلبية ; مستكمل R تحليلهم بسلسلة ا 4قولات حول »الركود « في محاولة
    لبناء نظرية أساسية للتخلف. تلك أفكار خاطئة ; ليس فقط لأنها لا تتسق
    مع الحقائق ; ولكن أيضا لأن طبيعتها ا 4يكانيكية-الشكلية ; تجعلها استاتيكية ;
    وغير تاريخية( ٧١ ).
    لقد كان السعي لتجنب نقاط الضعف تلك-كما عرضناها-هو الدافع
    لبعض الدارس R للمزاوجة ب R أفكار التبعية ; والتحليلات الطبقية
    الاجتماعية ; سعيا إلى تقد ¡ تحليلات أكثر عمقا وشمولا للظواهر
    الاجتماعية ا 4عقدة في اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة في العالم الثالث ; وهو ما رصدناه-
    على وجه الخصوص-في أعمال بتراس.
    65
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    في إطار تلك الحدود ; والمحاولات جاءت الإسهامات التي قدمها بعض
    دارسي التبعية 4عالجة الظاهرة السياسية في اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة ; وهي
    ا 4عالجة التي mت من خلال عدة مداخل ; مباشرة أو غير مباشرة:
    ١- فالشكل »التقليدي « 4عالجة أثر التبعية على الأوضاع السياسية في
    اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة ; هو معالجة تلك الأوضاع باعتبارها تعبيرا عن البناء
    الاجتماعي والطبقي الذي تحكمت علاقات التبعية في تشكيله ; بشكل حاسم ;
    كما سبقت الإشارة. هي إذن معالجة غير مباشرة وردت كثيرا في الأعمال
    الكلاسيكية للتبعية. ووفقا لهذا ا 4نظور فان ا 4ؤسسات السياسية ;
    وا 4مارسات السياسية في اﻟﻤﺠتمع التابع تتشكل من خلال وضعه في داخل
    النظام العا 4ي. وتكون وظيفة النظام السياسي في اﻟﻤﺠتمع التابع هي تدعيم
    علاقة التبعية. ويترتب على هذا أيضا أن تصبح القوة السياسية في اﻟﻤﺠتمع
    التابع مركزة في أيدي فئة محدودة ; كما أن البرجوازية التابعة ليست
    برجوازية حقيقية ; من حيث أن وجودها لا يؤدي إلى حدوث ثورة برجوازية
    على ا 4ستوى الاقتصادي ; أو ثورة د „قراطية على ا 4ستوى السياسي ; بل
    هي تستخدم تكتيكات متنوعة حسبما mليه عليها ظروف التبعية. وتتراوح
    هذه التكتيكات ب R الأساليب القانونية البر 4انية ; وب R الانقلابات العسكرية ;
    أو الدعوة إلى الحركة القومية ; أو إحداث تحالف زائف مع العمال( ٧٢ ).
    ٢- على أن بعض الباحث R عمد إلى التوجه مباشرة نحو دراسة علاقة
    التبعية بالظاهرة السياسية في اﻟﻤﺠتمع ا 4تخلف. هنا ; فإن النقطة المحورية
    كانت هي أثر التبعية في صياغة ودعم »الدولة « في اﻟﻤﺠتمعات التابعة لها.
    ويعزى إلى الباحث الباكستاني حمزة علوي إسهامه الهام في هذا اﻟﻤﺠال( ٧٣ )
    حيث ذهب إلى القول بان القضية الأساسية حول »الدولة « في »مجتمعات
    ما بعد الاستعمار « هي أنها-أي الدولة-لا تنشأ على أيدي برجوازية محلية
    صاعدة ; ولكنها-عوضا عن ذلك-تنشأ بواسطة برجوازية إمبريالية أجنبية.
    فعند الاستقلال تنتهي السيطرة ا 4باشرة لتلك الأخيرة على الدول ا 4ستعمرة ;
    ولكن هذا لا يعني انتهاء نفوذها عليها. فالبرجوازية الاستعمارية تظل
    حاضرة في اﻟﻤﺠتمع بعد الاستعمار كما أن أيا من البرجوازيت R (أي المحلية ;
    وبرجوازية الاستعمار الجديد) لا تستبعد نفوذ الأخرى ولو أن مصالحهما
    تتنافس. وفضلا عن ذلك ; فإن النخب الحاكمة العسكرية-البيروقراطية ;
    66
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    وجهاز الدولة يبد أن في الاضطلاع بدور اقتصادي جديد ومستقل نسبيا.
    والدولة في اﻟﻤﺠتمع ما بعد الاستعمار mتلك-مباشرة-جزءا كبيرا للغاية من
    الفائض الاقتصادي ; وتتولى نشره من خلال نشاط اقتصادي موجه
    بيروقراطيا باسم رفع التنمية الاقتصادية. وتلك الشروط تفرق دولة ما
    بعد الاستعمار ; بشكل أساسي ; عن الدولة كما ورد تحليلها في النظرية
    ا 4اركسية الكلاسيكية. ولكن جهاز الدولة لا يتكون فقط من نخبة حاكمة
    بيروقراطية-عسكرية ; فعند ما تتبنى أشكال »د „قراطية « للحكم ; يشكل
    »السياسيون « و »الأحزاب السياسية « جزءا أيضا من جهاز الدولة ( ٧٤ ).
    ٣- أيضا ; وبالرغم من التأثير الحاسم لحقيقة التبعية »الثقافية «
    و »الأيديولوجية ;« بشكل مباشر وغير مباشر ; على الأوضاع السياسية في
    اﻟﻤﺠتمع التابع ; فإن هذه الجوانب لإنزال في حاجة إلى ا 4زيد من الكشف
    والتحليل. وكما يقول أحد الباحث ;R بحق ; فإن إهمال العناصر القيمة
    والثقافية ; قد أدى بأنصار التبعية إلى تقد ¡ تفسيرات »ميكانيكية « لنظام
    الدولة ; وجماعات النخبة ; »حيث ¥ ردها بشكل ميكانيكي إلى الأسس
    الاقتصادية ا 4رتبطة بالتوسع الرأسمالي ; فضلا عن فشلهم في تقد ¡ تفسير
    مقنع للتغير السياسي وعدم الاستقرار السياسي «. ولذا فإن على نظرية
    التبعية »أن تستوعب دراسة القيم والثقافة بوجه عام ; وعلاقة هذه الثقافة
    بالعلاقات الطبقية ; والأسلوب الذي تنتشر به الثقافة الحديثة ; والجماعات
    التي تنشرها ; وأولا وقبل كل شيء نوعية هذه الثقافة ; وتأثيرها على مستويات
    الوعي لدى الطبقات ا 4تلقية لها. ومن شأن هذه الدراسة أن تلقي الضوء
    على الدور الذي تلعبه القيم الحديثة-أي نوعية هذه القيم ; ودرجة تأثيرها
    على الوعي السياسي-في تعضيد التبعية ٧٥)« ).
    ٤- وأخيرا ; فقد أشار بعض الباحث R إلى التأثيرات »ا 4باشرة « للقوى
    الكبرى الخارجية على التطور الحزبي في البلاد ا 4تخلفة ; ليس فقط من
    خلال ا 4سالك »التآمرية ;« وتقد ¡ أشكال مختلفة من الدعم للقوى السياسية
    ا 4والية ; وإ …ا في شكل غير مباشر يرتبط بطبيعة »ا 4عونة الخارجية التي
    تتلقاها البلدان ا 4تخلفة. وتبدو أبرز أشكال ذلك التأثير فيما تؤدي إليه
    برامج ا 4عونة الأمريكية من تقوية القوات ا 4سلحة. والأجهزة البيروقراطية
    على حساب الأحزاب والنظم الحزبية الضعيفة فعلا. ولذلك ; وسعيا إلى
    67
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    تعظيم التنمية الاقتصادية ; فإن ا 4عونة الفنية لتحديث البيروقراطيات في
    آسيا وأفريقيا ; والتي تهمل مشكلات »التنمية السياسية ;« قد تفشل في
    خلق إطار سياسي ; مع أنه-بدون هذا الإطار-لن تلقى برامج التنمية
    الاقتصادية ; التي تضعها الحكومة ; سوى نجاح ضئيل( ٧٦ ).
    ويذهب باحث آخر إلى القول »إن برامج ا 4عونة تلك ; تخطط بالفعل
    4واجهة أو حتى لقمع الأحزاب الاشتراكية أو الجماهيرية ; ‡ا يؤدي إلى
    منع النمو التلقائي للأحزاب ; حتى في النظم التي توافرت فيها إمكانية
    لذلك النمو ٧٧) « ).
    من ناحية أخرى ; ليس هناك من شك في أهمية الصلات ب R الأحزاب
    الاشتراكية والشيوعية في البلاد ا 4تخلفة ; وب R الحزب R الشيوعي R في
    الاتحاد السوفيتي والص R الشعبية ; وهو الأمر الذي يتبدى ; ليس فقط في
    دعمها ضد القوى الحزبية ; المحلية الأخرى ; أو تغليب بعضها على البعض
    الآخر ; وإ …ا أيضا في انقسامها ; تبعا للانشقاق الذي حدث ب R الحزب R
    الكبيرين. كما „كن الحديث-بدرجة أقل من الأهمية-عن صلات الأحزاب-
    التي ترفع لواء »الاشتراكية الد „قراطية «-بتنظيم »الدولية الاشتراكية .«
    خلاصة
    إذا كانت قضية »ا 4نهج « لا تزال mثل واحدا من أكثر ا 4وضوعات إثارة
    للجدل ب R دارسي السياسة فإن الأمر ينطبق-ولاشك-بشكل أكثر حدة على
    دراسات الظاهرة السياسية في البلاد ا 4تخلفة. وأيا كان عمق وصدق
    الإسهامات التي قدمها ا 4فكرون والدارسون من خارج العالم الثالث في
    ابتداع وصياغة مفاهيم ; ونظريات ; ومنهاجيات ; لدراسة قضايا التخلف
    والتنمية ; سواء في أبعادها السياسية أو غير السياسية ; فسوف تظل تلك
    الإسهامات-بدرجة أو بأخرى أسيرة خبرات ; وواقع ; وأهداف ; تختلف عن
    خبرات وواقع وأهداف شعوب العالم الثالث. تلك حقيقة فطن إليها كثير
    من الباحث R الغربي R أنفسهم ; منذ وقت ليس بالقصير ; كما أخذت تترسب
    بعمق في الإطار ا 4عرفي وا 4نهجي لأعداد متزايدة من دارسي كافة العلوم
    الاجتماعية من أبناء العالم الثالث.
    وهكذا أضحى دارس السياسة ; من أبناء العالم الثالث ; مطالبا ليس
    68
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    ‰جرد الإ 4ام با 4فاهيم والنظريات وا 4ناهج ; ليستخدمها بشكل آلي وسطحي
    بل ومشوه أحيانا ; وإ …ا بفحصها واستيعابها ; مخضعا إياها لإمكانات التعديل
    أو ا 4راجعة ; أو الرفض.
    من هنا-بالتحديد-تنبع الأهمية التي تضفيها تلك الدراسة على ا 4سالة
    ا 4نهاجية في حدود الإطار العام للدراسة. وإذا كانت ا 4داخل ا 4نهاجية
    الأساسية ; التي عرضت هنا (أي أدبيات التنمية السياسية وتطوراتها ;
    ونظريات التحليل الطبقي ; ثم أفكار مدرسة التبعية) ‰ا يتفرع عنها من
    أفكار ومفاهيم ; هي التي سوف تستخدم في معالجة وتحليل الظاهرة موضع
    الدراسة ; فإن هذا الاستخدام يعكس منطقا منهاجيا ونظريا يتسم
    بالخصائص الآتية:
    ١- التركيز على التعدد ا 4نهجي ; بدلا من الواحدية ا 4نهجية ; ‰عنى:
    اقتحام الظاهرة موضع التحليل من أكثر من مدخل ; وبالاستناد إلى أكثر
    من نظرية. إن هذا التعدد لا يقود فقط إلى التعرف على كافة أبعاد الظاهرة ;
    وإلى موازنة تلك الأبعاد ; ولكن أيضا يساعد على فهم الظاهرة في تطوراتها
    وتفاعلاتها عبر ا 4راحل التاريخية ; فضلا عما يسهم به من تقليص للعنصر
    الذاتي في التحليل إلى أدق درجاته.
    وعلى سبيل ا 4ثال ; فإن ما تتيحه أدبيات السياسة من إمكانات 4عالجة
    أزمات التنمية ; ومؤسساتها ; وملامح القيادة والنخبة ; وعلاقات السيطرة
    والتبعية الشخصية ; في دراسة الظاهرة الحزبية بالبلاد ا 4تخلفة ; لا „كن
    أن تكون كاملة ; أو ذات دلالة حقيقية بدون أن تؤخذ في الاعتبار حقائق
    القوى الاجتماعية والاقتصادية والانقسامات الطبقية التي mيز اﻟﻤﺠتمع
    موضع التحليل. ثم جاءت مدرسة التبعية ; لتكشف قصور هذا كله ; إن لم
    يأخذ التحليل في الاعتبار ; وكمتغير أساسي ; دور العوامل الخارجية في
    تشكيل ا لظاهرة.
    ٢- التركيز على النظرة الكلية أكثر من النظرة الجزئية. وتستند الحاجة
    إلى النظرة الكلية ; في دراسة الظواهر اﻟﻤﺨتلفة في اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة ;
    إلى ا 4صاعب الشديدة التي تكتنف عملية فصل أو تجريد أي من تلك
    الظواهر عن بعضها بنفس الوضوح والتحديد الذي ينطبق على اﻟﻤﺠتمعات
    ا 4تقدمة. فالتمايز ب R الأبنية وا 4ؤسسات ; والتحديد الواضح للقيم
    69
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    والاتجاهات والعمليات في مجتمعات 4ا تكتمل بعد تشكيلاتها الاجتماعية
    اﻟﻤﺨتلفة ; أو تتداخل فيها تلك التشكيلات ; يبدو أمرا بعيدا عن الواقع
    mاما. وهذا يعني أن الفصل الذي قد تفرضه الضرورات التحليلية والدراسية
    لأي من تلك الظواهر لا ينبغي أن يتجاهل تلك الحقيقية.
    ٣- التركيز على أهمية التخصيص ; في مقابل التعميم. وكما سبق ورأينا ;
    فإن إحدى نقاط النقد الهامة ; لأي من ا 4داخل النظرية التي أشرنا إليها ;
    سواء في أدبيات التحديث والتنمية ; أو التحليلات الطبقية ; أو مدرسة
    التبعية ; هي أنها كلها اتسمت بدرجة من التعميم ; نأت بها-كل في إطار
    ظروفها الخاصة-عن القدرة على تقد ¡ تحليلات وتفسيرات عميقة للظاهرة
    موضع الدراسة: في مجتمع بعينه ; أو ظروف بذاتها. والتخصيص-من ناحية
    أخرى-لا بد من أن يسهم في تعميق النتائج العامة ; وفي تأكيد صدقها
    والواقع أن ا 4بالغة في التعميم ; „كن أن تكون خطأ فادحا بالنسبة للمجتمعات
    ا 4تخلفة ; على وجه الخصوص ; التي تعكس خبرات تاريخية وتأثيرات
    جغرافية واستراتيجية ; متبانية أشد التباين.
    70
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    الهوامش
    (1) Gabriel Alomnd and G. Bingham Powell Jr.,Comparative Politics: A Developmental Approach,
    First edition,(Boston: Little, Brown and Company, 1966), p. 2.
    (2) Charles A. Mccoy and Alan Wolfe, Political analyeis: An Un-orthodox Approach (New york:Thomas
    Y. Crowell Company, Inc., 1972) p. 213.
    وانظر أيضا عرضا لنفس الفكرة في: د. السيد الحسيني ; مرجع سابق ; ص ٣٢ .
    (3) Karl Deutsch, Recent Trends in Research Methods in Political Science, in: James Charlesworth, A
    Design For Political Science: Scope Objectives and Methods (Philadelphia: The American Academy
    of Political and Social Science,1966),p.149.
    (4) Gabriel Almond and Bingham Powell, op. cit.,p.2
    (5) Ibid., p. 5.
    (6) Ibid.,p.6.
    (7) Robert A. Packenham Liberal America and The Third World: Political Development ldeas in
    ForeignAid and Social Science (Princeton: Princeton University Press,1793), p.123.
    (8) Susanne Bodenheimer,The Ideology of Developmentalism: The American Paradigm-Surrogate for
    LatinAmerican Studies(Beverly Hills: Sage1971).
    (9) Richard A. Higgott, ‘From Modernization Theory to Public Policy: Continuity and Change in Political
    Science of Political Development‘, in: Studies in Comparative lnternational Developoment, Vol. XV,
    No. 4, winter 1980,p.27.
    (10) S. N. Eisenstadt, Modernization: Protest and Change(Englewood Cliffs,N. J.: Prentice-Hall, lnc. ,
    1966) P. I.
    (11) Cyril E. Black, The Dynamics of Modernization (New york Harper and Row, 1966),p.7.
    (12) Dankwart A. R
    (14)S. N. Eisenstadt, op. cit.,p.3.
    (15) Leonard Binder et al., Crises and Sequences in Political
    Development (Princeton: Princeton University Press 1971)p.15.
    (16) James Bill and Carl Leiden. op. cit.,p.15.
    (17) Samuel P. Huntington, Political Order in Changing Societies (New Haven: Yale University Press,
    1968) pp.1-28.
    (18) Leonard Binder et al. , op. cit.,
    (19) lbid., p.Ix
    (20) Samuel Huntington, op. cit.,p.32.
    (21) lbid., p.34.
    71
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    (22) Gabriel Almond and Bingham Powell, op. cit., Second edition, p.283
    (23) Richard Higgott,op. cit.,p.35.
    (24) Gabriel Almond and Bingham Powell, op. cit., Second edition p.358
    (25) Richard Higgott, op. cit., p.48.
    (26) Joseph Laplombara and Mayton Weiner, op. cir., p.14.
    (27) Richard Higgatt, op. cit., p.45.
    (28) Peter Merkl, op. cit., p. 98.
    (29) David Apter, op. cit., p.129.
    (30) Richard Higgott, op. cit., p.40.
    Striong: the Developing Countries in The انظر: 31) Robert Rothstein, The Weak in The World of The )
    International Strong (New York: Columbia University Press,1977), pp.165-179.
    (32) Samuel Huntington, op. cit., pp.36- 34.
    (33) Samuel p. Huntington and Joan M. Nelson, No Easy Choice: Political Participation in Developing
    Countries (Massachusetts: Harvard University Press, 1976) pp.59-55.
    (34) Samuel Huntington,op cit., pp.24-8.
    (35) D.Rothchild and R. L. Curry, Choice and Public Policy in Middle Africa (Berkeley: university of
    Xalifornia Press, 1978) pp.61-59.
    (36) Richard Higgott,op. cit., p40.
    (37) Robert Michels, Political Parties: A Scciological Study of the oligarchical tendencies of Modern
    Democracy (New york: The Free Press,1962)
    (38) R.Hrair Dekmejian, Egypt Under Nasser: A Study Political Dynamics (NewYork: State University
    of New york Press,1971)p.2.
    (39) Richard Higgott, op. cit., p.43.
    (40) Richard Higgott, op. cit., p.43.
    ( ٤١ ) د. محمد الجوهري ; نحو اطار نظري لدراسة الطبقات في البلاد النامية مع إشارة للمحجتمع
    ا 4صري ; ا 4قدمة ; في: بوتومور ; الطبقات في اﻟﻤﺠتمع الحديث ; ترجمة د. محمد الجوهري وآخرين
    (القاهرة-دار الكتب الجامعية ; ١٩٧٢ ) ص ٢٠ .
    ( ٤٢ ) ا 4رجع السابق ; ص ٢١ .
    ( ٤٣ ) ا 4رجع السابق ; ص ٣٥ . وانظر أيضا: مجموعة من العلماء السوفييت ; التركيب الطبقي
    للبلدان النامية (دمشق: منشورات وزارة الثقافة ; ١٩٧٤ ) ص ٤٠ - ٧٠ .
    ( ٤٤ ) د. محمد الجوهري ; مرجع سابق ; ص ٣٧ .
    ( ٤٥ ) مجموعة من العلماء السوفييت ; التركيب الطبقي للبلدان النامية ; مرجع سابق ; ص ٣٣١ .
    (46) Ian Roxborough, op. cit.,p.77.
    (47) Morroe Berger,The Arab World Today,New york:Doubleday and co.,1962), p.271.
    (48) Manfred Halpern, The Politics of Social Change in The Middle East and North Africa (Princeton:
    Princeton Unuversity Press.1963),pp.51- 78.
    (49) Jacques Berque, L‘IdeeDe Classes dans L‘ Histoire contemporaine des arabes, ‘Cahiers
    72
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    Internationaux de Sociologie38(1965): 169- 184, as quoted in:James Bill and Carl Leiden,op.cit.,p.123.
    (50) James Bill and Carl leiden, op. cit.,125-123.
    ( ٥١ ) انظر: أنور عبدا 4لك ; اﻟﻤﺠتمع ا 4صري والجيش ; ترجمة محمود حداد وميخائيل خوري
    (بيروت: دار الطليعة ١٩٧٤ ) ص: ١٩٦ - ١٧٨
    (52) samuel Huntington, Political order in changing societies op. cit., p.289.
    (53) Manfred Helpern, op. cit., p.66.
    (54) Amos Perlmutter, Egypt and the Myth of the New Middle Class: a Comparative analysis, in:
    Comparative Studies in Society and History, Vol. X, No. I. October 1967, p.47.
    ( ٥٥ ) انظر:-, James Petras, State Capitalism in the Third world, in: Develop . ment and Change, Vol. 8
    ١٬ .No ١٩٧٧ .,
    (56) James Petras, ed Critical Perspectives on Imperialism and Social Class in The.(1978, Third
    World)New york: Monthly Review Press.86.James Petras, CriticaI Perspectives, op. cit.,p86.
    (57) lbid., p.87.
    (58) lbid., p. 90
    (59) James Jupp, op. cit., p.2.
    ( ٦٠ ) د. جلال أحمد أم ;R ا 4شرق العربي والغرب (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية ; ١٩٧٩ )
    ص ١١ .
    ( ٦١ ) اقتصادي أرجنتيني ; كان أول سكرتير تنفيذي للجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية التابعة
    للأ ™ ا 4تحدة.
    (62) Gabriel Palma, Dependency: A Formal Theory of Under development or a Methodology for the
    Analysis of Concrete.Situations of Underevelopment in: World Development voI. 6, July-august 1976,
    p. 911.
    Susanne Bodenheimer, The ldeology of Developmentalism, op. cit., Susanne Bodenheimer, ) انظر:( ٦٣ )
    Dependency-and lmperialism: The Roots of Latin American Underde . velopment, in: K. T. Fann and
    D. C. Hodges, Readings in U . S. lmperialism(Boston: Porter Sargent Pulisher 1971).
    ٦٤) lan Roxborough op. cit., p66. )
    (65)Andre G. Frank, Latin Ameriu: Underdevelopment or Revolution(New york: Monthly Review
    Press, 1969). p.5.
    (66) Andre G. Frank, ‘Capitalism and Underdevelopment in . Latin America(New York: Monthly
    Review Press, 1974)pp 102- 103.
    ( ٦٧ ) انظر ١٧٨٩ - Andre G. Frank, World Accumulation(. London: The Macmillan Press, 1978),p. ١٤٩٢
    25 وانظر أيضا:
    lmmanuel Wallerstein, tThe Rise and theFuture-Demise of the World Capitalist System, in: Comparative
    Stu.401. dies in Society and History, Vol. XVI, 1974, p 401.
    (68)-Andre G. Frank, Lumpen-bourgeoisie and lumpen-Development: Dependence, Class and Politic
    in Latin (America. London: Monthly Review Press, 1972), p.2.
    (69) James Petras, Critical Perspectives, op. cit., p.41.
    73
    حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية
    (70) lbid., p. 46.
    (71) Gabriel palma, op. cit., p. 912.
    ( ٧٢ ) انظر: سمير أم ;R التطور اللامتكافىء ; ترجمة: برهان غليون (بيروت: دار الطليعة ; ١٩٨٠ )
    ص ص ٢٥٥ - ٢٨٣ .
    (73) Hamza Alavi, tThe State in Post-Colonial Societies: Pakistan and Bangladesh‘, in: New Left
    Review, No .74,1972,p.41.
    (74) lbid., p. 43.
    ( ٧٥ ) د. أحمد زايد ; البناء السياسي في الريف ا 4صري. تحليل لجماعات الصفوة القد „ة والجديدة
    (القاهرة: دار ا 4عارف ; ١٩٨١ ) ص ٢٠١ .
    (76) Joseph Lapalmobara and Myron Weiner, ‘’The lmpact of-Parties on Political Development‘’, in:
    Joseph Laplombara and Myron Weiner, eds., op. cit., p. 434.
    (77) James Jupp, op. cit., p.96.
    74
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    75
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    نشأة الظاهرة الحربية
    في العالم الثالث
    في العرض السابق 4فهوم »الحزب السياسي «
    ظهر واضحا التباين الشديد ب R ا 4فاهيم العديدة
    التي يطرحها دارسو العلوم السياسية في ذلك
    اﻟﻤﺠال. ولاشك في أن هذا التباين يعكس-في جزء
    كبير منه-الاختلاف حول تأصيل الظاهرة الحزبية ;
    وتحديد بشاتها. فالذين يحبذون ا 4فهوم الواسع
    والفضفاض للحزب السياسي ; بحيث يشمل كافة
    التجمعات (أو الكتل ; أو الزمر) التي ترتبط ‰مارسة
    السلطة أو الصراع عليها ; يعكسون-في الواقع-
    مفهوما للظاهرة الحزبية يجعلها لصيقة بالظاهرة
    السياسية منذ نشأتها حتى اليوم ; أي منذ أن انقسم
    اﻟﻤﺠتمع الإنساني إلى أفراد يحكمون ; وأفراد
    يحكمون ; وظهرت-بالتالي-السلطة السياسية. أما
    الذين يحبذون ا 4فهوم الأكثر تحديدا للحزب
    السياسي ; فهم يربطونه-غالبا-بظهور الهيئات
    التشريعية ; والنظم الانتخابية ويعكسون-بالتالي-
    مفهوما للظاهرة الحزبية يقصر نشأتها على القارة
    الأوروبية ; ويعود بها-فقط-إلى منتصف القرن التاسع
    عشر.
    2
    76
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    فإذا كان هذا ا 4فهوم الأخير للحزب وللظاهرة الحزبية قد ساد الكتابات
    السياسية الكلاسيكية في الغرب ; ردحا طويلا من الزمن ; فإن ظهور وتطور
    الأحزاب السياسية خارج نطاق قارتي أوروبا وأمريكا الشمالية في القرن
    العشرين ; وفي آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية كان في مقدمة العوامل
    التي حدت بالدارس R إلى مراجعة مفاهيمهم ا 4عتادة للحزب ; ولنشأة الظاهرة
    الحزبية ; بحيث تتسق مع تلك الوقائع والتطورات الجديدة.
    و „كن العودة بالتفسير البر 4اني لنشأة الظاهرة الحزبية ; إلى مناقشة
    ماكس فيبر للتطور ا 4بكر للأحزاب حول الكتل البر 4انية وتعقبه للتحول
    ‡ا أسماه ب »الأتباع الخالص R للأرستقراطية « إلى »أحزاب الأعيان « إلى
    ظهور »الد „قراطية الشعبية ١) « ). وأكد موريس ديفرجيه وجهة النظر تلك ;
    ونسبت إليه-بالأساس-النظرية التي تربط ب R …و الأحزاب ; وتطور البر 4انات
    القومية و …و حجم الناخب ;R وافترض أن …و الأحزاب مر أولا بتكوين
    أجنحة بر 4انية ; ثم تنظيم لجان انتخابية ; وأخيرا إنشاء روابط دائمة ب R
    هذين العنصرين. واتفق كل من فيبر وديفرجيه على القول بأن الأجنحة ;
    وا 4نتديات السياسية للنخبة ; والتي سبقت الأحزاب ; لم تكن أحزابا سياسية ;
    با 4عنى الذي نستخدم به هذا الاصطلاح ( ٢).
    في إطار هذه النظرية ; التي يعتبر ديفرجيه ابرز ‡ثليها ; تنقسم الأحزاب-
    طبقا لدراسة ديفرجيه أيضا-من حيث النشأة إلى أحزاب نشأت داخل
    الهيئة البر 4انية ; وأحزاب نشأت خارجها:-
    - الأحزاب ذات النشأة الداخلية ; يقصد بها تلك الأحزاب التي ظهرت
    تدريجيا من خلال أنشطة الهيئة التشريعية نفسها ; وقد نشأت الأحزاب-
    في أغلب بلاد أوروبا على الأقل-عن هذا الطريق ; عندما نشأت علاقة
    عملية ومتصلة ب R اللجان الانتخابية ; وب R الجماعات التشريعية.
    - الأحزاب ذات النشأة الخارجية ; ويقصد بها تلك الأحزاب التي نشأت
    خارج إطار الهيئة التشريعية وانطوت على بعض التحدي لحكم القائم ;
    وعلى ا 4طالبة بالتمثل في البر 4ان ( ٣). هذه الأحزاب mثل ظاهرة اكثر
    حداثة ; وترتبط أكثر بالتوسع في حق التصويت ; وبالأيديولوجيات ا 4تشددة:
    العلمانية أو الدينية ; كما أنها ترتبط-في أغلب ا 4ناطق النامية-بالحركات
    القومية وا 4عادية للاستعمار.
    77
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    وأبرز الأمثلة لهذا النوع من الأحزاب في الغرب ; يتمثل في الأحزاب
    الاشتراكية العديدة التي نشأت في القرن التاسع عشر ; والأحزاب ا 4سيحية
    أو ا 4سيحية الد „قراطية التي نشأت في مستهل القرن العشرين ; في جزء
    منها ; كرد فعل لتهديد الحركات السياسية الراديكالية.
    ومع أنه „كن أدراج الغالبية العظمى من الأحزاب السياسية التي ظهرت
    في آسيا وأفريقيا ضمن النوع الثاني لدى ديفرجيه ; أي الأحزاب ذات
    النشأة الخارجية ; على أساس أنها كانت-من قبل-حركات قومية ; وحركات
    مسيحية وتبشيرية ; واتحادات طائفية أو دينية أو قبلية ; تطورت كلها في
    خارج الإطار البر 4اني الذي أقامه الحكم الاستعماري ; بل وأحيانا معادية
    له ; إلا أن النظرية البر 4انية تلك تظل تعاني من قصور رئيس بالنسبة
    ﻟﻤﺠتمعات العالم الثالث خاصة.
    والواقع أن ندرة الدراسات النظرية والتطبيقية للظاهرة الحزبية ; حتى
    بداية القرن العشرين ; وظهور كتابات »ميتشلز ٤) « ) و »اوستروجورسكي ٥) « )
    من ناحية ; واستنادها إلى الخبرة الأوربية أساسا من ناحية أخرى ; جعلها
    قاصرة عن معالجة الظاهرة الحزبية خارج القارة الأوروبية ; منذ وقت
    طويل ; والتي mثلت-على سبيل ا 4ثال-في حزب ا 4ؤ mر الهندي ; والكومنتانج
    في الص ;R وأحزاب ا 4اجي في اليابان.
    وإذا كانت بعض النظم الاستعمارية قد أنشأت في عدد من ا 4ناطق
    الخاضعة لها مؤسسات mثيلية ; وأتاحت تصويتا محدودا إلا أنه-حتى في
    تلك الأمثلة-غالبا ما رفضت الحركات القومية العمل من خلال النظام
    البر 4اني. كذلك فإن عداء النظم الاستعمارية للمحاولات الاستقلالية
    للحركات القومية كثيرا ما أرغم هذه الأخيرة على اللجوء للعمل السري.
    كما كانت هناك مواقف ظهرت وتبلورت فيها الأحزاب الجماهيرية حيث لم
    تكن توجد نظم استعمارية أو أبنية بر 4انية ; الأمر الذي نجد له أمثلة كثيرة
    في أمريكا اللاتينية ; والص ;R بل وأيضا في بعض بلاد أوروبا الغربية.
    وعلى هذا الأساس „كن القول: »إن الظروف البر 4انية التي نشأت فيها
    بعض الأحزاب الأوروبية ; „كن النظر إليها-بشكل أكثر جدوى باعتبارها
    mثل …طا واحدا من الظروف التاريخية ; وليس باعتبارها الحالة العامة
    التي يعتبر كل ماعداها انحرافا عنها .«
    78
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    المبحث الأول:
    النظريات المفسرة لنشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    إزاء القصور الذي عانت منه النظرية التقليدية (البر 4انية) بخصوص
    تفسير نشأة الأحزاب في العالم الثالث ; بذلت بعض المحاولات للتغلب على
    هذا القصور ; وتقد ¡ أطر نظرية أكثر اتساعا وتنوعا. ولاشك في أن النظر
    للأحزاب السياسية باعتبارها-في ا 4قام الأول-نتاجا للتطور البر 4اني
    والانتخابي في أوروبا ; واعتبارها بالتالي علامة على »التحديث السياسي «
    يفسر-إلى حد بعيد-اهتمام دارسي »التحديث « و »التنمية السياسية « أكثر
    من غيرهم بالظاهرة الحزبية في البلاد ا 4تخلفة ; ليس فقط كأداة للتحديث
    والتنمية ; وإ …ا أيضا كنتاج لواقع وظروف تختلف عن واقع وظروف أوروبا
    الغربية وأمريكا الشمالية في القرن R التاسع عشر والعشرين. في هذا
    الإطار ; أي إطار أدبيات التحديث والتنمية السياسية ; طرحت بعض النظريات
    التي تربط ب R »أزمات التنمية « و »التحديث السياسي ;« من ناحية ; والظاهرة
    الحزبية من ناحية أخرى:
    أولا: أزمات التنمية ونشأة الظاهرة الحزبية
    حاول »جوزيف لابالومبارا « و »مينر وينر « الربط ب R أزمات التنمية
    وبالتحديد أزمات »الشرعية « و »التكامل « و »ا 4شاركة ;« وب R ظروف نشأة
    الظاهرة الحزبية ; في إطار ما اعتبراه »نظرية تاريخية « لنشأة الأحزاب
    السياسية. وطبقا لهما ; فقد كانت أزمة الشرعية هي القضية التي دارت
    حولها الشاة بعض أوائل الأحزاب سواء في أوروبا أو في البلاد ا 4تخلفة
    على حد سواء( ٧).
    فعندما بدأت الجماعات والقوى السياسية ; التي كانت mارس ضغوطها
    من أجل إزالة النظام ا 4لكي في فرنسا في أواخر القرن الثامن عشر في
    اكتساب شعبية واسعة ; كانت تلك هي البداية الفعلية للأحزاب السياسية
    هناك. وبا 4ثل ; فإن الحركات القومية التي ظهرت بهدف تغيير نظام الحكم
    القائم ; وتغيير القواعد التي تحدد ماهية القائم R بالحكم وكيفية اختيارهم ;
    كانت- ‰عنى ما-نتاجا لأزمة ا لشرعية.
    ومن وجهة النظر تلك فإن البلاد التي شعرت فيها النخب القومية
    79
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    الصغيرة بالإشباع الإشباع نسبيا اسبيا من الخطوات التي اتخذها الحكم
    الاستعماري لم تشهد بالضرورة جهودا قوية لتكوين حركات جماهيرية.
    وعلى سبيل ا 4ثال ; فقد عمل »حزب ا 4ؤ mر القومي « في سيلان ; داخل
    الإطار الذي وضعه الإنجليز ولم تنشأ أتنشأ بالتالي التالي حركة جماهيرية
    قبل الاستقلال. والأمر نفسه ينطبق على عدد من أحزاب السادة Patron
    Parties في ا 4ستعمرات الفرنسية في أفريقيا.
    في ضوء هذا أمكن القول إنه عندما تفشل الحكومة القائمة في
    الاستجابة بشكل ملائم لازمة الشرعية (سواء mثلت في الحكم ا 4لكي في
    فرنسا في أخريات القرن الثامن عشر ; أو الحكم الاستعماري الفرنسي في
    الخمسينات من القرن الحالي) فقد تنشأ أزمة مشاركة ; ويبدأ معها تكوين
    أحزاب تهتم بإنشاء منظمات محلية ; واكتساب التأييد المحلي( ٨). أيضا
    وفرت أزمة »التكامل « أو »الاندماج « الوسط الذي ظهرت فيه بعض الأحزاب
    في البداية. وتتعلق أزمة التكامل هنا ; بالتكامل الإقليمي ; أو- ‰عنى أوسع
    أتوسع العملية التي تتجه ‰قتضاها الجماعات العرقية ; التي تعرضت
    لانقسام ; إلى أن تتكيف مع بعضها البعض. وفي أوروبا ظهرت الأحزاب في
    أ 4انيا وإيطاليا وسط أزمة »التكامل « أو »الوحدة ;« وهو ما ينطبق أتنطبق
    أيضا على الأحزاب العربية التي قامت بهدف الدعوة إلى الوحدة العربية ;
    باعتبار أن واقع التجزئة العربية يعبر عن أزمة للتكامل على مستوى الأمة
    العربية.
    على أن »لابالومبارا « و »وينر « يؤكدان على حقيقة أن الأحزاب القومية
    التي ظهرت في آسيا وأفريقيا ; والتي كانت أحزابا تكاملية ; نادرا ما نشأت
    لتحقيق التكامل هذا ; كهدف أساسي من أهدافها. ومن ناحية أخرى فإن
    أزمات التنمية كثيرا ما تظهر أتظهر بل وغالبا متخلق-على أيدي الجماعات
    الانفصالية ; أي ا 4عادية للتكامل أو الوحدة ; ويكون الحزب هو ا 4عبر عن
    تلك الدعوة. وينطبق هذا على العديد من الأحزاب ; مثل »الرابطة الإسلامية «
    في الهند ; والتي عملت على انفصال ا 4سلم R عن شبه القارة الهندية في
    دولة باكستان ( ٩).
    وقد رافق قيام الأحزاب ; في أغلب البلدان-عموما-استفحال أزمة ا 4شاركة
    حيث أدت التحولات الاجتماعية والاقتصادية الكبرى إلى إحداث تغييرات
    80
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    هائلة في نظم التدرج الاجتماعي القائمة. وصاحب انهيار الإقطاع في
    أوروبا ظهور مطالب بالتمثيل السياسي من جانب فئات ا 4نظم ;R والطبقة
    الوسطى ; ولم يحمل التصنيع معه مجرد التوقعات بتحقيق الرفاهة
    الاقتصادية ; وإ …ا حمل معه أيضا ظروفا عديدة أدت بالجماهير العاملة
    إلى اقتفاء خطى الطبقات ا 4توسطة في ا 4طالبة بدور أكثر حيوية في
    تحديد السياسات العامة( ١٠ ).
    كذلك يشار إلى أن التغيرات التي تؤدي إلى …و جماعات ونخب اجتماعية
    جديدة هي نفسها التي تؤدي إلى أضعاف سلطة القوى الحاكمة التقليدية
    التي تستند مكانتها إلى الرموز وا 4عتقدات ا 4وروثة. وفي هذا السياق تظهر
    الأحزاب السياسية ; وغيرها من أ …اط التنظيمات السياسية ا 4شابهة.
    يقدم مفهوم الأزمات آذن إمكانية طيبة لتفهم ظروف نشأة الأحزاب في
    البلاد ا 4تخلفة (فضلا عن ا 4تقدمة) ; ومع ذلك ; وكما يبرز ذلك أحد الباحث ;R
    فإن العلاقة ب R أزمات التنمية ; ونشوء الظاهرة الحزبية ليست علاقة
    كاملة. »فهناك العديد من الأحزاب التي ظهرت في أوقات لم تكن فيها
    الأفكار ا 4تغيرة حول الشرعية الدستورية ; وحقوق الفئات اﻟﻤﺨتلفة في
    ا 4شاركة الكاملة ; و (أو) مسائل الاندماج الإقليمي ; موضوعا لأزمة ما ;
    وعلى العكس من ذلك ; هناك العديد من الأمثلة على أزمات لم تؤد إلى
    أيجاد أحزاب سياسية جديدة ; وإ …ا إلى أيجاد حركات استهدفت الضغط
    على صانعي السياسة ; أكثر من مزاحمتهم على مناصبهم ; أو الحلول
    مكانهم ١١)« ).
    ثانيا: التحديث ونشأة الأحزاب لدى هنتينجتون
    يستمد إسهام عالم السياسة الأمريكي صمويل هنتينجتون في أدبيات
    التحديث والتنمية جزءا كبيرا من أهميته ; من ا 4وقع ا 4تميز الذي يعطيه
    للجانب »ا 4ؤسسي «من التحديث ; خصوصا ما يتعلق منه بالأحزاب السياسية
    في البلاد ا 4تخلفة. وكما سبقت الإشارة ; فإن ما يتضمنه التحديث من
    »تعبئة اجتماعية « و »مشاركة سياسية « „كن أن تؤدي-كما يرى هنتينجتون-
    ليس إلى تحقيق الد „قراطية والاستقرار ; والتمايز البنائي ; وأ …اط الإنجاز ;
    والتكامل القومي ; وإ …ا-على العكس-إلى تحلل النظام السياسي ; وانعدام
    81
                  

04-11-2010, 02:33 PM

مجدي عبدالرحيم فضل
<aمجدي عبدالرحيم فضل
تاريخ التسجيل: 03-11-2007
مجموع المشاركات: 8882

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث (Re: مجدي عبدالرحيم فضل)

    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    الاستقرار وانتشار العنف والفساد ; ما لم تتم موازنة واستيعاب عمليات
    التعبئة الاجتماعية وا 4شاركة السياسية ; ‰ؤسسات سياسية قوية وفعالة.
    والأحزاب السياسية تقع على رأس تلك ا 4ؤسسات وأكثرها أهمية ; وتضحى
    نشأتها إذن ; في اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة ; إحدى ضرورات التحديث.
    وبشكل أكثر تفصيلا ; يؤدي التحديث- ‰ا ينطوي عليه من تعبئة ا 4زيد
    وا 4زيد من أفراد اﻟﻤﺠتمع للعب أدوار جديدة-إلى أيجاد مجتمع أكثر تنوعا ;
    لا يقوم على مجرد الجماعة »الطبيعية « ا 4تمثلة في العائلة ا 4متدة ; أو
    القرية ; أو العشيرة ; أو القبيلة. ولأن حدود اﻟﻤﺠتمع تشكلت غالبا بناء على
    ظروف جغرافية ; أو بفعل الاستعمار فإن اﻟﻤﺠتمع الآخذ في التحديث غالبا
    ما يكون مجتمعا »تعدديا « يشتمل على تجمعات دينية وعنصرية وعرقية
    ولغوية متعددة. وهذه التجمعات قد توجد في اﻟﻤﺠتمع التقليدي ; ولكن
    ا 4ستوى ا 4نخفض للمشاركة السياسية يقلل من ا 4شاكل التي ترتبط بالدمج
    أو التكامل. ولكن مع امتداد مجال التعبئة الاجتماعية في مثل تلك اﻟﻤﺠتمعات
    إلى ا 4ستويات الأدنى من اﻟﻤﺠتمع ; تتكثف التناقضات بينها. وتصبح مشكلة
    دمج القوى الاجتماعية البدائية في مجتمع سياسي قومي أكثر صعوبة.
    كذلك فإن التحديث يدفع إلى الوجود ; وإلى مجال الوعي والنشاط السياسي R
    جماعات اقتصادية واجتماعية ; إما لم تكن موجودة في اﻟﻤﺠتمع التقليدي ;
    وإما كانت خارج نطاق السياسة في اﻟﻤﺠتمع التقليدي. وتلك الجماعات إما
    أن تستوعب في النظام السياسي ; وإما أن تصبح مصدرا للعداء والثورة
    ضد النظام السياسي. وعلى ذلك ; فإن تحقيق الجماعة السياسية Political
    Community في اﻟﻤﺠتمع الآخذ في التحديث- Modernizing Society ينطوي
    على كل من: الدمج »الأفقي « للجماعات ; وعلى الاستيعاب »الرأسي « للطبقات
    الاجتماعية والاقتصادية. والعامل ا 4شترك الذي يؤدي إلى ظهور مشكلات
    الاندماج القومي ; والاستيعاب السياسي إ …ا هو توسيع ا 4شاركة السياسية ;
    والوعي السياسي الذي ينجم عن التحديث( ١٢ ).
    وينطلق هنتينجتون من هذا التحليل ليقرر »أن الوسائل ا 4ؤسسية الرئيسة
    لتنظيم اتساع ا 4شاركة السياسية هي الأحزاب السياسية والنظام الحزبي «
    و »أن تقليل احتمال عدم الاستقرار السياسي الذي ينتج عن اتساع الوعي
    السياسي والانغماس السياسي ; يستلزم خلق مؤسسات سياسية حديثة ;
    82
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    أي: أحزابا سياسية ; في بداية عملية التحديث .«
    وإذا كانت ا 4عضلة التي تواجهها البلاد ا 4تأخرة في التحديث هي أنها
    »تواجه-في وقت واحد-ا 4شكلات التي سبق أن واجهتها البلاد الأقدم في
    التحديث بشكل منفرد ; وعلى فترات تاريخية طويلة «فإن هنتينجتون يدعو
    إلى خلق الجماعة السياسية أولا قبل مواجهة مشكلات ا 4ؤسسية وا 4شاركة.
    ويعيد هنا تأكيده على ما تفعله النظم الشيوعية ; من إعطائها الأولوية
    للتنظيم السياسي ; قبل أن تشرع في عمليات التحديث الأخرى. ويؤكد
    كلامه هذا بقوله إن الاتحاد السوفيتي اهتم في العشرينات ; وفي فترة
    السياسة الاقتصادية الجديدة ببناء الحزب الشيوعي-وتدعيم سيطرته.
    وبفضل هذا ; أمكن للتنظيم السياسي الذي ¥ تشكيله أن يقوم-في الثلاثينات-
    بعمليات التصنيع والزراعة الجماعية ; بل والحرب ; وان يستوعب نتائج هذا
    كله. ونفس الأمر ينطبق على الص R حيث أعطت أولوية قصوى لبناء الحزب
    الشيوعي ; وفقط في الخمسينات بدأت التنمية الاقتصادية تأخذ وضعها
    في الأولويات ا 4تقدمة للحزب. أما في خارج البلاد الشيوعية فيضرب
    هنتينجتون مثالا بتركيا ; حيث وضع مصطفى كمال اتاتورك أولا الأساس
    القومي والسياسي للمجتمع قبل أن يشرع في الإصلاح الاجتماعي والتنمية
    الاقتصادية ; وكذلك ا 4كسيك ; حيث شغلت في الفترة ب R ١٩١٠ و ١٩٤٠
    ب »تنمية الشروط الأساسية للدور الجديد للدولة ; حيث استعادت الدولة
    سيطرتها على الأمل ; وبدأت في صياغة وتحديد فلسفة جديدة لوجودها ;
    ودورا جديدا لها في سبيل تحقيق أهدافها ١٣) « ).
    على أن الأحزاب في البلاد ا 4تخلفة لتنشأ ﻟﻤﺠرد »الضرورة التحديثية «
    وتأتى ا 4عارضة لنشأة الأحزاب في تلك اﻟﻤﺠتمعات ; كما يرى هنتينجتون ;
    من ثلاثة »مصادر « مختلفة:
    ا 4صدر الأول ; هو القوى المحافظة التي ترى في الأحزاب تحديا للبناء
    الاجتماعي القائم. فمع انعدام وجود الأحزاب تستقي القيادة السياسية
    وضعها من التدرج التقليدي للحكم واﻟﻤﺠتمع ; في ح R أن الأحزاب mثل
    تهديدا لقوة النخبة ا 4ستندة إلى ا 4يراث ; وا 4كانة الاجتماعية أو ملكية
    الأرض. لذلك غالبا ما ينظر النظام ا 4لكي إلى الأحزاب السياسية كقوى
    »انقسامية «. إما لأنها تهدد سلطته ; وإما لأنها تعرقل جهوده لتوحيد وتحديث
    83
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    البلاد. وكما يقول ديفرجيه: »فإن نظاما بلا أحزاب هو-بالضرورة-نظام
    محافظ ١٤) « ).
    وا 4صدر الثاني 4عارضة نشأة الأحزاب يتمثل في قوى الإدارة
    ;Administration وفي ح R أن الشخص المحافظ ا 4تعصب يرفض كلا من
    الجانب الترشيدي للتحديث ; وكذلك جانب ا 4شاركة في التحديث السياسي ;
    فإن رجل الإدارة ا 4عارض للأحزاب يسلم بالحاجة إلى ترشيد الأبنية
    الاجتماعية والاقتصادية ; ولكنه لا يقبل ما ينطوي عليه التحديث من توسيع
    نطاق ا 4شاركة في الحياة السياسية. إن …وذجه هو …وذج بيروقراطي:
    فالهدف هو الكفاءة ; وتجنب ا لصرا عات. والأحزاب تضفي-من وجهة
    نظره-اعتبارات غير رشيدة ; وفاسدة على الأهداف التي ينبغي أن يتفق
    عليها الجميع.
    ا 4صدر الثالث 4عارضة الأحزاب يأتي من أصحاب الاتجاهات الشعبية
    Populism أي أولئك الذين يقبلون ا 4شاركة ولكنهم لا يسلمون بضرورة
    تنظيمها ; فهم ذو واعتقاد »شعبي « يذكر بأفكار »روسو « عن الد „قراطية
    ا 4باشرة. فا 4عارض المحافظ للأحزاب يعتقد أن البناء الاجتماعي القائم
    يكفي لربط الشعب بالحكومة ; وا 4عارض الإداري يرى أن البناء البيروقراطي
    يلبي تلك الاحتياجات. أما ا 4عارض »الشعبي « فهو ينكر الحاجة إلى أي بناء
    يقع ب R الشعب ; والقادة السياسي R. إنه يريد »د „قراطية لاحزبية « وهكذا
    يرى »المحافظ « في الحزب تحديا للتسلسل الاجتماعي القائم ; والإداري
    يرى فيه تهديدا للحكم الرشيد ; في ح R يرى الشعبيون فيه عقبة أمام
    التعبير عن الإرادة ا لعامة.
    ولقد عبر »جورج واشنطن « في تحذيره الشهير عن الأحزاب ; عن تلك
    اﻟﻤﺨاوف كلها ; عندما حذر من »الآثار ا 4ؤ 4ة للروح الحزبية « على نظام
    الحكم الأمريكي. قال واشنطن: »يؤدي الحزب دائما آلي الهاء اﻟﻤﺠالس
    العامة ; وإلى أضعاف الإدارة العامة. إنه يحرض الجماعة على مظاهر
    أتغيره غير ذات أساس ; ويولد ذعرا زائفا ; ويلهب العدوات ; ويثير الشغب
    والاضطراب. إنه يفتح الأبواب للنفوذ الخارجي ; وللفساد ; اللذين يصلان
    بسهولة إلى الحكومة نفسها من خلال القنوات التي تتيحها الأهواء الحزبية.
    ولذا ; فإن سياسة وإرادة البلاد تخضع لسياسة وإرادة بلد آخر ١٥) « ).
    84
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    إن هذه ا 4لاحظات من جانب واشنطن تلخص الاتهامات الأربعة الرئيسة
    التي لا تزال توجه اليوم إلى الأحزاب:
    - إن الأحزاب تؤدي إلى الفساد ; وانعدام الكفاية الإدارية.
    - إن الأحزاب تقسم اﻟﻤﺠتمع على نفسه ; وتثير الصراعات.
    - إن الأحزاب تشجع على عدم الاستقرار السياسي ; والضعف السياسي.
    - إن الأحزاب تفتح الباب للتأثير والاختراق من القوى الخارجية.
    في مواجهة تلك الحجج يرى هنتينجتون أنها ترتبط بلحظات تاريخية
    معينة ; تعكس ا 4راحل ا 4بكرة من التحديث السياسي ; وهي-بناء على ذلك-
    حجج ضد الأحزاب الضعيفة أكثر منها حجج ضد الأحزاب في ذاتها.
    فالفساد ; والانقسام ; وعدم الاستقرار ; والتعرض للنفوذ الخارجي ; كلها
    أمور mيز النظم الحزبية الضعيفة وليست القوية. بل هي-بالطبع-ملامح
    للنظام السياسي الضعيف عموما ; والذي يفتقد مؤسسات الحكم القوية
    والفعالة. فقد تؤدي الأحزاب إلى تشجيع الفساد ; ولكن وجود حزب قوى
    هو الذي يضع الأساس 4صلحة عامة في إطار مؤسسي بدلا من ا 4صالح
    الخاصة ا 4شتتة. وقد تبدو الأحزاب في مراحل …وها الأولى ككتل أو
    أجنحة منفصلة ; مؤدية إلى الصراعات والتشتت ; ولكنها عندما تبالغ درجة
    معينة من النمو والقوة توفر رباطا ب R القوى الاجتماعية بعضها البعض ;
    وتخلق أساسا للولاء والهوية التي تتجاوز الجماعات المحدودة. وبا 4ثل ; فعن
    طريق تنظيم عملية تعاقب القيادات ; واستيعاب الجماعات الجديدة في
    النظام السياسي ; توفر الأحزاب أساسا للاستقرار وللتغيير ا 4نظم ; أكثر
    منه لعدم الاستقرار. وفي ح R أن الأحزاب „كن بالطبع أن تكون أدوات
    للقوى الخارجية فإن الأحزاب القوية توفر-بدرجة عالية-الآليات ا 4ؤسسية ;
    والدفاعات لحماية النظام السياسي ضد النفوذ الأجنبي. وبعبارة أخرى ;
    فإن الشرور والآثام التي تعزى إلى الحزب السياسي هي في الواقع سمات
    السياسة ا 4شتتة وا 4هترئة للأجنحة والكتل ألي تظهر في غياب الأحزاب ;
    أو عندما تكون الأحزاب ضعيفة للغاية. وعلاج هذا كله يكمن في أيجاد
    التنظيم السياسي الذي لا يعني-في الدولة الآخذة في التحديث-سوى التنظيم
    الحزبي( ١٦ ).
    وإذا كان عديد من البلدان الآخذة في التحديث ترفض الأحزاب ; بشكل
    85
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    أو بآخر ; فإن هذا لا ينفي أنه كلما تقدم التحديث في تلك البلدان كلما
    تزايدت حاجتها إلى ا 4شاركة السياسية. وإذا كانت النظم السياسية فيها
    تبدي-في بعض الحالات-علامات على الهدوء والاستقرار ; إلا أن جهودها
    ا 4ستمرة 4نع آو إعاقة …و الأحزاب يجعلها في النهاية عرضة لعدم الاستقرار
    وكلما زادت فترة الفراغ التنظيمي كلما أصبحت الأوضاع فيها أكثر قابلية
    للانفجار. والواقع أن الحكومات ; في أغلب البلدان الآخذة في التحديث ;
    تتبع-في وقت أو آخر-سياسة مناهضة للأحزاب ; ففي مراحل تاريخية معينة
    يسمح للأحزاب بأن تتكون إما في إطار بر 4اني تقليدي ; وإما في شكل
    تجمعات شعبية ; وإما في …و غمار الكفاح ضد الحكم الاستعماري. وفي
    مرحلة أخرى تالية ; قد تبذل جهود للحد من ا 4شاركة السياسية ; ومن
    التنظيم السياسي ا 4رتبط بتلك ا 4شاركة. وعادة ما يصطحب قمع الأحزاب
    ببذل جهود لتقليل مستوى الوعي السياسي ; والنشاط السياسي( ١٧ ).
    المبحث الثاني:
    الأشكال المتغيرة لنشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    بالرغم من أهمية المحاولات التي تطرح لتفسير نشأة الظاهرة الحزبية
    وتطورها في ظروف البلاد ا 4تخلفة في العالم الثالث فإن الاختلاف والتمايز
    اللذين يطبعان تلك النشأة وتطوراتها ; بالإضافة إلى محدودية الأدبيات
    حولها ; تجعل من ا 4هم mاما التعرف على الظروف المحددة لكل منطقة في
    العالم الثالث على حدة ; بل ولبلدان بذاتها على وجه التخصيص.
    في ضوء ذلك ; „كننا-مبدئيا-الحديث عن نشوء وتطور الظاهرة الحزبية
    في الأقاليم الأربعة ألي سبق تحديدها ; داخل إطار »العالم الثالث « أي:
    أمريكا ا للاتينية-وآسيا-والشرق الأوسط-وأفريقيا.
    أولا: نشأة وتطور الظاهرة الحزبية في أمريكا اللاتينية
    ر ‰ا كان الاستقلال ا 4بكر لبلدان أمريكا اللاتينية هو الذي يبرر البدء
    بها ونحن بصدد الحديث عن نشأة الظاهرة الحزبية وتطورها في العالم
    الثالث. فقد بدأ ظهور الأحزاب في أمريكا اللاتينية منذ حوالي مائة
    وخمس R عاما ; مع تحقيق الاستقلال عن أسبانيا. كما أن النمط الذي
    86
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    تطورت به تلك الأحزاب منذ البداية انطبق أيضا على الدول التي تأخرت
    في استقلالها هناك مثل البرازيل وبئ وينما وكوبا. وفي ح R أنه لا يوجد
    أي مجال للحديث عن »نشأة بر 4انية « للظاهرة الحزبية في أمريكا اللاتينية
    فإن التحليل الاجتماعي والاقتصادي-من ناحية ; وتحليل علاقات الاستعمار
    والتبعية من ناحية أخرى-يساعدان مباشرة على تفهم أصولها ; وا 4ؤثرات
    التي تحكمت في تطورها ; منذ أن …ت ; عقب الانفصال عن الدولة ا 4ستعمرة
    جماعات سياسية تعكس مصالح كبار ملاك الأراضي ; والعسكري ;R والكنيسة
    واضعة البذور الأولى 4ا أطلق عليه ; منذ ذلك الح ;R »أحزاب سياسية .«
    وقد انطبقت هذه الحقيقة ليس فقط على النشأة الأولى لأحزاب أمريكا
    اللاتينية ; وإ …ا على طول مسارها التاريخي. فعلى عكس الدور المحدد ;
    وا 4عترف به للهيئة التشريعية أي البر 4ان في العملية السياسية في أوروبا
    وأمريكا الشمالية ; والذي mارس الأحزاب السياسية دورها في تنظيم وتتأمل
    معه ; فان موقع ودور الهيئة التشريعية في بلدان أمريكا اللاتينية كان ذاتها
    أقل بكثير في قوته أو فاعليته. وبالرغم من القواعد الدستورية ا 4نصوص
    عليها عن فصل السلطات ; ومراعاة الشكليات الدستورية في صنع السياسة ;
    فإن السلطة السياسية الحقيقية ظلت في يد الهيئات التنفيذية التي سيطرت
    على »أحزاب سياسية « لم تكن في الواقع سوى تجمعات شخصية( ١٨ ).
    وفوق ذلك ; فإن …ط النظام السياسي لعديد من بلدان أمريكا اللاتينية
    والطابع »الكوربوراتي( « (× له وضع قسطا كبيرا من مسؤولية تشكيل
    السياسات العامة في أيدي ما „كن أن يسمى ب »الحكومات الخاصة «
    Private Governments مثل الغرف التجارية والصناعية ; واتحادات ا 4صارف ;
    وجمعيات التجار وا 4زارع ;R بل حتى نقابات العمال. فالقرارات ا 4تعلقة
    با 4صالح التي mثلها أي من تلك الهيئات ; قد لاتصل أبدا إلى الهيئات
    الحكومية ا 4تخصصة ; وإذا حدث ذلك فهي تقدم باعتبارها حقائق حاصلة
    للتصديق عليها أكثر منها مجرد اقتراحات للتنسيق مع اعتبارات السياسة
    العامة ككل. في هذا الإطار يضحى دور الأحزاب السياسية ضعيفا ومهملا ;
    ×) ) نسبة إلى ال Corporatism أي: انتشار الاتحادات والنقابات والجمعيات في اﻟﻤﺠتمع ;بتشجيع
    ودعم من الدولة ; واضطلاعها بدور رئيس يفوق دور الأحزاب أو ا 4ؤسسات السياسية الأخرى.
    ولا توجد ترجمة عربية دقيقة متفق عليها لهذه الكلمة في الكتابات السياسية العربية.
    87
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    كما تصير إجراءات مثل الانتخابات وا 4ناورات الحزبية أذاي أهمية محدودة
    في عملية صنع السياسة. أما من زاوية »أزمات التنمية السياسية « فإن
    الأمر لم يقتصر على مجرد ارتباط نشأة الظاهرة الحزبية بوجود تلك
    الأزمات ; وإ …ا أيضا بحدوثها في وقت واحد أو متقارب ; وهو ما „يز كافة
    مجتمعات العالم الثالث ; بدرجات متفاوتة( ١٩ ).
    في هذه الحدود ; نشأت الظاهرة الحزبية في أمريكا اللاتينية استجابة
    لحاجات مجتمعية مختلفة عبر التطور التاريخي ; وبعبارة أخرى: فإن تطور
    الأحزاب السياسية ; وتنوع أ …اطها ; في أمريكا اللاتينية ; يعكس تطور »التنمية
    السياسية « في ا 4نطقة ; حيث ظهرت الأحزاب غالبا عند نقاط تحول حاسم
    في تاريخ بلادها.
    والتنظيمات الأولى التي أطلقت على نفسها اسم »الأحزاب السياسية «
    لم تكن تزيد عن كونها مجرد زمر أو تجمعات نابعة من النخبة الحاكمة
    تنافست على ا 4ناصب العامة في النصف الأخير من القرن التاسع عشر.
    ولم تختلف فيما بينها كثيرا حول هوية القوى التي يجب أن تحكم ; فكلها
    كانت تؤمن بحكم النخبة ; ولكنها كانت تختلف حول السياسات التي كان
    ينبغي على الحكومة أن تتبعها. فمن ناحية ; كان هناك الذين أطلقوا على
    أنفسهم اسم »المحافظ «R وهؤلاء أتوا أساسا من ب R ملاك الأراضي ;
    ورجال الدين ; ولم يروا للحكومة دورا يزيد عن مجرد الحفاظ على الهياكل
    الاجتماعية والاقتصادية السائدة. أما معارضتهم ‰عارضتهم الذين أطلق
    عليهم اسم »الليبرالي «R -فقد كانوا أكثر طموحا حيث كانوا يدعون إلى قيام
    الحكومة بتنمية الزراعة التجارية ; والتصدير السلعي من خلال إعادة توزيع
    أراضي الكنيسة ; وأراضي الهنود (أي السكان الأصلي R) على ا 4ستثمرين
    في الريف. ولم تتعد نسبة ا 4شاركة في الانتخابات التي يتنافس فيها
    »المحافظون « و »الليبراليون « عشرة في ا 4ائة من السكان.
    وفي عدد قليل فقط من البلدان استطاعت الأحزاب المحافظة والليبرالية
    خلق ولاءات عميقة ساعدت على بقائها حتى اليوم ; ولكن أغلب بلاد القارة
    شهدت تحطم احتكار تلك الأحزاب تدريجيا ; إزاء ظهور أحزاب جديدة في
    بداية القرن العشرين ( ٢٠ ). فمع سيطرة النخبة على السياسات الحزبية ;
    وجد الجيل الجديد من ا 4هاجرين ; ورجال الأعمال في ا 4دن ; وا 4هني ;R
    88
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    وصغار ا 4زارع R التجاري R الذين ظهروا في البلدان الكبرى في أمريكا
    اللاتينية ب R عامي ١٩٠٠ و ١٩٢٠ أن ليس لديهم سوى أمل ضئيل في أن
    يكون لهم صوت في شؤون بلادهم ; حيث كانت رغبتهم تلك تلقى ا 4عارضة
    من الأحزاب التقليدية. ولذا كان الطريق الوحيد ا 4فتوح أمامهم هو تكوين
    أحزاب سياسية خاصة بهم ; واستعمالها للدعوة إلى إدخال إصلاحات
    انتخابية „كن أن توفر لهم الفرصة للتنافس مع الأحزاب القائمة. ولقد
    نجحت هذه القطاعات »الوسطى « في عدد من البلدان ; ليس فقط في
    تحقيق الإصلاحات ا 4نشودة ; وإ …ا أيضا في الوصول إلى ا 4ناصب العامة.
    وسواء سموا أنفسهم »راديكالي «R كما في شيلي والأرجنت ;R أو أي أسماء
    أخرى ; فقد استعمل هؤلاء التنظيمات الواسعة في ا 4دن ; والجاذبية الشعبية
    لأشخاص قادتهم ; في مواجهة الأحزاب التقليدية ; وفي شغل ا 4ناصب العامة.
    على أن الكساد العام الذي ميز الأزمة الاقتصادية العا 4ية في عام ١٩٢٩
    شكل ضربة قاسية لأحزاب القطاعات الوسطى لأنه كشف عجزها عن حل
    ا 4شكلات التي أثارتها تلك الأزمة ; فتعرضت تلك الأحزاب للهجوم من
    جانب المحافظ ;R كما ¥ إقصاؤهم إقصاءهم في حالات عديدة بعديدة
    على أيدي العسكري R. وبعد الحرب العا 4ية الثانية أترغم الراديكاليون على
    الدخول في منافسة ; لكسب التأبيد الشعبي ; مع حركات سياسية جديدة
    فجرتها ظروف الكساد وكان أهمها الحركات »الشعبية « التي ظهرت في
    الأرجنت R والبرازيل. ولقد قامت تلك الحركات »الشعبية « على عاتق عناصر
    مدنية وعسكرية اتسمت بالطموح وا 4هارة ; وتجاوزت دعاوى الراديكالي ;R
    عن طريق تعبئة وتحريك الطبقة العاملة الحضرية ; ودفعها إلى ساحة
    العمل السياسي ; وهي الطبقات التي عانت من الحرمان الشديد أثناء فترة
    الكساد. وكان أبرز أولئك القادة »الشعبي «R خوان بيرو »في الأرجنت ;R
    »وجيتوليوفارجاس « في البرازيل( ٢١ ).
    لقد ا استفادت الحركات »الشعبية « من التصنيع السريع الذي ¥ في
    بلادها في الثلاثينات والأربعينات ; ومن الآمال ا 4تصاعدة للبروليتاريا
    الحضرية ا 4تنامية ; آلتي لم تلق سوى التجاهل والإهمال من جانب القوى
    الراديكالية والليبرالية والمحافظة. ولكن التنظيمات الحزبية للاتجاهات
    الشعبية لم تكن محكمة على الإطلاق ; واعتمدت-بدلا من ذلك-على الجاذبية
    89
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    الشخصية لقادتها ; وعلى قدرات عدة تنظيمات فرعية وليس على تنظيمات
    جماهيرية قوية ; و ‰جرد أن وصل »الشعبيون « للحكم استعملوا قوتهم ;
    ليس فقط لتوزيع الغنائم على مؤيديهم ; وإ …ا أيضا 4ساندة فئة من ا 4نظم R
    المحلي ;R ولدفع عجلة التصنيع. ولكن الشعبي R لم يكونوا أبدا محل قبول
    من جانب أغلبية ا 4ثقف R وا 4هني R الذين استاءوا من د „اجوجيتهم
    واستعمالهم للوسائل العنيفة. ونتيجة لذلك ; وفي نفس الوقت الذي أخذت
    تنهض فيه الاتجاهات الشعبية كان سياسيون آخرون ; من الرافض R أيضا
    للوضع القائم ; يسعون لخلق نواة أحزاب إصلاح د „قراطية ذات أساس
    جماهيري ; وكان هدفهم هو شق طريق للد „قراطية عن طريق ربط ا 4ثل
    الد „قراطية للراديكالي R مع الجاذبية الجماهيرية للشعبي ;R مع التنظيم
    الحزبي المحكم ألذ طوره الاشتراكيون والد „قراطيون والاجتماعيون في
    أوروبا. وقد استهدفوا ضم ليس مجرد القطاعات الوسطى مثلما فعل
    الراديكاليون ; وإ …ا أيضا الطبقات العمالية. وكان العنصران الأساسيان
    في حملتهم هما: تنظيم قومي محكم يتغلغل إلى أدنى ا 4ستويات ; وتعبئة
    الناخب R الريفي R من خلال استعمال ا 4نظمات الفلاحية ا 4رتبطة بحزبهم
    السياسي. كذلك قدموا 4واطنيهم التزاما بإصلاح ا 4ؤسسات الاقتصادية
    التقليدية ; وبتخطيط التنمية( ٢٢ ). وقد بذلت المحاولات لتكوين »أحزاب
    الإصلاح الد „قراطية « تلك في معظم بلاد أمريكا اللاتينية ; أثناء الأربعينات
    والخمسينات ; ولكنها لم تصادف النجاح سوى في حالات قليلة مثل شيلي
    وفنزويلا ; حيث لم تكسب الاتجاهات الشعبية موضعا لقدم أبدا ; وحيث
    كان الفلاحون في متناول يد الأحزاب.
    ويقسم بعض الدارس R أحزاب »الإصلاح « إلى نوع R: علماني وديني.
    و „كن نسبة النوع الأول إلى حزب آل Aristae الذي نظمه في بيرو راؤول
    هايادي لاتور ; والطلاب ا 4نشقون في الثلاثينات ; والذي شجعه فلاسفة
    اصلاحيون من بيرو ; واشتراكيون معاصرون. ولكن أعضاء ال Aprista تعرضوا
    للاضطهاد في أغلب تاريخهم ; ولم يسمح لهم أبدا بحكم بيرو إلا بالتآلف
    مع أحزاب أكثر محافظة. أما »حزب العمل الد „قراطي « في فنزويلا فكان
    أكثر نجاحا ; حيث حكم لفترة قصيرة في أواخر الأربعينات ; ثم حكم طوال
    الفترة منذ عام ١٩٥٨ ماعدا فترة رئاسية واحدة. وبا 4ثل ; فإن حزب التحرر
    90
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    القومي في كوستاريكا تقلد الرئاسة في أربع مناسبات ; منذ تشكيله في
    عام. ١٩٤٨ . إن نجاح هذه الأحزاب-في أواخر الخمسينات-دفع بعض ا 4راقب R
    الى استنتاج-في حينه-مؤداه أن أمريكا اللاتينية قد وجدت أخيرا الوسيلة
    التي تحتاج إليها لبناء الد „قراطية فيها ; وهو ما لم يحدث في الواقع.
    أما النوع الثاني من أحزاب الإصلاح الد „قراطية فتعتبر دينية (أو:
    لاهوتية) Theological بسبب توحدها مع الد „قراطية ا 4سيحية ; وهي الحركة
    التي بدأت في أوروبا ثم انتشرت بعد ذلك إلى البلاد الكاثوليكية الأخرى
    وبتأثير من الفكر السياسي للفيلسوف الفرنسي جاك مارتان سعى ا 4سيحيون
    الد „قراطيون إلى بناء مجتمع د „قراطي ليس اشتراكيا ولا رأسماليا ;
    وإ …ا يربط ما تنطوي عليه الاشتراكية من اعتقاد بالخير العام ; ‰ا تتضمنه
    الرأسمالية من احترام للفرد. هؤلاء ا 4سيحيون الد „قراطيون ا 4عتدلون
    mاما في أهدافهم وفي أساليبهم السياسية ; بدأوا-تدريجيا-في تبني العديد
    من سمات منافسيهم في أحزاب الإصلاح العلمانية ; وفي مد وتوسيع
    تنظيماتهم لتضم العمال والفلاح ;R والتبشير بالإصلات الزراعي ; وتخطيط
    الدولة. ومثل الإصلاحي R العلماني ;R فقد أقام هؤلاء أحزابا في أنحاء
    أمريكا اللاتينية ; ولكنهم نجحوا فقط في شيلي ; حيث تولوا الحكم في
    منتصف الستينات ; وفي فنزويلا حيث تقلدوا الرئاسة 4دة واحدة في أوائل
    السبعينات ; كذلك فقد نظر إليهم أيضا كأداة رئيسة للحكم الد „قراطي
    ولسياسة الإصلاح. ولكن باستثناء هذين البلدين لم توفق تلك الأحزاب
    فيما كان متوقعا منها( ٢٣ ).
    وتتبقى أخيرا الأحزاب »الثورية « آلتي لفتت في العقدين الأخيرين الكثير
    من الانتباه ; ولكنها-بالتأكيد-ليست جديدة على القارة. لقد كان هناك-بشكل
    أساسي-نوعان من الأحزاب الثورية في أمريكا اللاتينية ; أولهما أقامه
    ا 4اركسيون والنوع الآخر غير ا 4اركسي. ومن ب R الأحزاب الأولى هناك
    عدد من الأحزاب الاشتراكية والأحزاب الشيوعية الصرفة. فقد شكل
    الاشتراكيون أولا الأحزاب في أواخر القرن التاسع عشر بتوجيه ا 4هاجرين
    الأوروبي R خاصة. وبعد الثورة الروسية عام ١٩١٧ أخذت تتشكل أيضا
    الأحزاب الشيوعية ; واندمج بعضها مع الأحزاب الاشتراكية ; في ح R أصبح
    بعضها الآخر منافسا لها ; بسبب رفض الاشتراكي R قبول القيادة السوفييتية
    91
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    للحركة الثورية الدولية. وبذلك ; ففي نفس الوقت الذي كان الراديكاليون
    فيه ينظمون القطاعات الحضرية الصاعدة ; فإن الأحزاب الاشتراكية
    والشيوعية ; بقيادة ا 4ثقف R والقادة العمالي ;R كانت تحاول تكوين اتباع لها
    ب R الطبقة العاملة. وكانت قضيتهم الأولى بالطبع هي الثورة البروليتارية
    والعدالة الاجتماعية ; وأسلحتهم هي الإضرابات وا 4ظاهرات ; وتعليم
    الجماهير. ولكنها نادرا ما وحدت جهودها بسبب ا 4نازعات ا 4ذهبية
    وا 4نافسات الشخصية. وفي خلال الثلاثينات والأربعينات ظل أغلب تلك
    الأحزاب هامشيا بالنسبة لسياسات بلادها ; وغالبا ما أرغمت على أن تظل
    تحت الأرض ; أو في ا 4نفى ; بسبب مطاردة الحكومات. ثم إنها واجهت
    منافسة الحركات الشعبية في الأربعينات ; والإصلاحية الد „قراطية في
    الخمسينات والستينات ; حول كسب البروليتاريا خاصة ; وأبدت دائما ضعفا
    في مواجهة كلتا الحركت R. أما أبرز الاستثناءات فتمثلت في شيلي ; حيث
    استطاعت الأحزاب ا 4اركسية أن تضمن التأييد العمالي في العشرينات ;
    وشاركت في حكومات الجبهة الشعبية في الثلاثينات ثم وصلت إلى الرئاسة
    على يد سلفادورألليندي عام ١٩٧٠ . وهذا بالطبع إلى جانب قيام النظام
    الشيوعي في كوبا على يد فيدل كاسترو.
    أما الحزب الثوري غير ا 4اركسي ; فيقصد به الحزب ا 4ؤسسي الثوري
    PRI في ا 4كسيك ; ولو أن بعض الدارس R لا يوافقون على إطلاق صفة
    »الثوري « على الحزب ا 4كسيكي ; على أساس أنه كان ثوريا بالاسم فقط ;
    »وينصب اهتمامه على الاحتفاظ بالسيطرة السياسية على الناخب R في
    ا 4كسيك ;« وفي خلق اقتصاد رأسمالي مختلط ; وليس عمل ثورة اقتصادية
    واجتماعية. ومن ناحية أخرى ; يشير ا 4دافعون عن الحزب إلى أنه أتنجز
    الكثير من أجل الحد من نفوذ طبقة »اللاتيفونديو « والكنيسة وا 4ستثمرين
    الأجانب ; أكثر من أي حكومة أخرى في أمريكا اللاتينية ; قبل الثورة الكوبية.
    كما قام الحزب بتنفيذ إصلاحات زراعية هامة قبل وقت طويل من اهتمام
    أي حكومة أخرى بتلك ا 4سألة. وإلى جانب هذا كله ; تشمل الظاهرة الحزبية
    في أمريكا اللاتينية أ …اطا حزبية أخرى ; مثل الأحزاب الانتقالية أو
    الشخصية آلتي ترتبط بأشخاص بعينهم ; ثم تتلاشى مع هز „ة مرشحيها.
    ومع أن »الشخصانية « mثل سمة سائدة في كل الأحزاب اللاتينية الأمريكية
    92
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    تقريبا ; بدءا من أكثرها محافظة إلى أكثرها ثورية ; إلا أن بعض الأحزاب
    تحتفظ بوجودها بعد ذهاب مؤسسيها ; في ح R أن ما يسمى »بالأحزاب
    الشخصية « تختفي باختفاء زعمائها. وفي خلال القرن التاسع عشر ; وأوائل
    القرن العشرين ; ظهرت أيضا أحزاب إقليمية في أمريكا اللاتينية ولم يكن
    هدفها هو الوصول للسلطة بقدر ما كان mثيل وجهة نظر إقليمية في
    الهيئات التشريعية ; الجبار الحكومات المحافظة والليبرالية على قبول مطالبها
    بالحكم الذاتي. وأخيرا ; ظهرت أيضا أحزاب فاشية من نوع آخر ; مع نشأة
    الحركة الفاشية في إيطاليا وأسبانيا وأ 4انيا ; إلا أنها ظلت على هامش
    السياسات القومية في بلادها غالبا( ٢٤ ).
    ثانيا: نشأة وتطور الظاهرة الحزبية في آسيا
    تجد الظاهرة الحزبية في آسيا جذورها في التراث التاريخي للمجتمعات
    الأسيوية من ناحية ; وفي تأثيرات الوجود الاستعماري في تلك اﻟﻤﺠتمعات
    من ناحية أخرى. وقد خلص »روسيان باي « في دراسته للنظم السياسية
    التقليدية في آسيا إلى أن الاتجاهات وا 4مارسات التي وفرت بيئة صالحة
    لخلق أحزاب »منفردة ;« هي نفسها العوامل الرئيسة التي أعاقت …و »نظم
    حزبية « فعالة. ففي الهند-على سبيل ا 4ثال-أدى التفاعل ب R قيادات الطوائف ;
    وب R طبقة ا 4وظف R إلى بروز مهارات في النواحي ا 4رتبطة بالتنظيم الحزبي
    والاستراتيجية الحزبية. كذلك فإن ا 4شاعر اليابانية التقليدية حول
    الالتزامات ا 4تبادلة والعلاقات ب R الصغار والكبار سهلت-بالضرورة-من
    عملية بناء ا 4لاءات الحزبية. ولكن بالرغم من هذه التقاليد التي تدعم
    الولاء للجماعة ; ومن السعي الجماعي للسلطة ; فإن النظم الأسيوية التقليدية
    اتجهت نحو خلق اتجاهات لا تتماشى مع التسيير الفعال »لنظام « حزبي
    تنافسي( ٢٥ ).
    ويقسم »باي « اﻟﻤﺠتمعات الأسيوية ; من حيث تراثها السياسي وتأثيراته
    على نشأة الظاهرة الحزبية فيها ; إلى ثلاثة أ …اط يسميها: النظم
    الإمبراطورية التقليدية (التي تتمثل أساسا في الص R)الص R ثم النظام
    الإقطاعي الياباني ; ثم النظم »التنافسية المحدودة :«
    - النظم الإمبراطورية التقليدية Traditional imperial Systems هذه النظم
    93
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    وفرت فرت كما يقول بآي آي أقل البيئات ملاءمة لظهور اتحادات طوعيه
    قادرة على صياغة سياسات عامة. فالهوة ب R عالم النخبة ; وعالم الجماهير ;
    كانت من الاتساع بحيث أن مطالب ومصالح الشعب العادي لم تكن لتصل
    إلى الحاكم إلا في ظروف شديدة الصعوبة ; وعادة مآ ¥ هذا فقط بواسطة
    العنف. ولم يعترف أبدا بالحاجة إلى مؤسسات واضحة لتجميع مصالح
    الشعب ; بل كان يفترض أن الحكومة تحتكر الحكمة ا 4ناسبة والضرورية
    للحكم العادل والناجح للمجتمع ; وكان ا 4وظفون يدربون على فن التلاعب
    بالجماعات والكتل ضد بعضها البعض لخفيف العبء عن الحكومة ; ولكن
    لم يكن هناك أي افتراض بأن على الحكومة أن تستجيب دائما 4ا يسفر
    عنه صراع القوى ب R الجماعات ا 4ستقلة. فالسماح بالتفاعل العلني ب R
    ا 4صالح سوف يكون في مقام التنازل عن مسؤوليات الحكم ; والسماح للأمور
    بأن تخرج من يدها.
    ومع ذلك فإن السمة الأساسية ا 4ميزة للنظام الإمبراطوري كانت هي
    »الاحتكار « حيث سعى الحكام للاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على النخب ;
    كما سعت الحكومة إلى منع ظهور أي مركز قوة مستقل. وفي نفس الوقت ;
    وجدت جماعات مستقلة ; واتحادات عالية التنظيم ; أسهمت في استقرار
    مجمل النظام. فعلى سبيل ا 4ثال ; وجدت في الص R القد „ة اتحادات
    معترف بها قائمة على العشيرة والقرابة ; ونقابات حرفية شديدة الانضباط
    في أغلب أنشطة التجارة الهامة. كما وجدت جدت فوق ذلك بذلك جماعات
    سرية امتلكت سلطة تصل إلى تقرير الحياة وا 4وت بالنسبة لأعضائها. وفي
    الهند تكرر الكثير من ملامح نفس الوضع فيما يتعلق بالطوائف ; كما ظلت
    هناك قدرة واضحة على بناء التنظيمات في ا 4دن في فترة ما قبل الاحتلال
    البريطاني.
    ولكن هذه الاتحادات والجمعيات ; وخصوصا بسبب حقوق الاحتكار
    التي mتع بها قادتها ; لم تكن-بأي شكل-صورة من الأحزاب السياسية ; أو
    جماعات ا 4صالح ا 4عاصرة. لقد عملت كتجمعات حمائية ; ر ‰ا تحمي
    أعضاءها من بعض »شرور « الحكومة ; ولكن لم يكن بإمكانها أن تضغط
    على الحكومة ; ومن ا 4ؤكد أن ذلك لم يحدث أبدا بأي شكل علني. لقد كان
    مفترضا أن القوى الديناميكية التي تشكل السياسة العامة تقع-بشكل كامل-
    94
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    داخل إطار الحكومة الرسمية وطبقة ا 4وظف ;R وبالتالي يكون من قبيل
    الحماقة البالغة أن يناضل ا 4واطن العادي-أيا كانت ثروته ونفوذه-بشكل
    علني لطرح مطالبه على الحكومة.
    إن هذا الرفض للاعتراف بوجود حاجة إلى روابط صريحة ومؤسسية
    ب R »الاتحادات الخاصة « و »الهيئات الحكومية « يعني أن كافة الصلات ب R
    العامل R إ …ا خضعت للعلاقات الشخصية ; ووقعت-بالتالي-في إسار انعدام
    الكفاية والفساد ; والخداع. وانطلاقا من هذا التحليل ; يصل »بآي « إلى
    افتراض أن »اﻟﻤﺠتمع ا 4فتوح « الذي ظهر مع الحقبة الجمهورية لم يكن ذا
    جاذبية خاصة لأغلب ا 4تعلم R الصيني ;R الذين أرادوا-بدافع من الخوف
    من عواقب الفوضى والتنافس-إقامة حكم موحد وحكومة احتكارية. »وإذا
    كان لابد من وجود أحزاب سياسية ; كاستجابة » « للموضة « السائدة ; فقد
    أجمع الصينيون تقريبا على تحبيذ نظام الحزب الواحد ; الذي لا يتميز فيه
    ذلك الحزب عن الحكومة الرسمية بقدر الإمكان. لقد كانت تلك هي الروح
    الكامنة وراء حكم الكومنتانج ; كما أنها هي نفسها الروح الكامنة وراء حكم
    الحزب الشيوعي ٢٦) « ).
    النظام الإقطاعي الياباني: توصف اليابان القد „ة بأنها-من نواح عديدة-
    كانت أقرب في بنائها وتنظيمها لأوروبا الإقطاعية منها للص R الإمبراطورية.
    ويرصد »بآي « سمت R هامت R لليابان القد „ة سوف تؤثران على نشأة
    الظاهرة الحزبية هناك ; وهما: وجود درجه عالية من التعددية والتنافسية-
    على عكس ماهو شائع-تختلف عن الإمبراطوريات التقليدية الأسيوية. وكذلك
    تبلور الفاصل ب R مجالي الاقتصاد والسياسة ; وعدم السماح للسياسة
    بالأضرار با 4صالح الاقتصادية. فبالرغم من أن نظام »التوكوجايا « القد ¡
    اتسم بالعديد من مظاهر الحكم ا 4ركزي إلا أن استقلالية السادة الإقطاعي R
    »الدا „يو Daimyos « بإقطاعياتهم وشؤونهم الداخلية ; وباتباعهم من طبقة
    الساموراي المحاربة ; وفر إطارا تنافسيا في السياسة اليابانية. وأدى الصدام
    ب R أولئك السادة ا 4تنافس R إلى أيجاد تقليد ياباني مستمر بأن السياسة
    تنطوي-شرعيا-على تفاعل مصالح أطراف رئيسة لكل منهم أساس للقوة
    وللتنظيم ا 4ستقل. وهكذا فإن روح السياسة اليابانية mثلت في مزيج من
    الولاءات ا 4كثفة وا 4طلقة لنظم تدرج محددة ; وقدرة على بناء التحالفات
    95
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    والتوفيق وا 4ساومات بواسطة قادة تلك الجماعات.
    وفي أواخر فترة آل »توكوجايا « تداخلت ا 4صالح الاقتصادية مع
    السياسات التنافسية ; وقبل القادة فكرة أن السياسة „كن أن تستعمل ;
    بشكل ملائم ; لتقدم وحماية الرفاهة الاقتصادية للجماعات وا 4شروعات.
    وحدث هذا-على وجه الخصوص-عندما بدأت الإقطاعيات اﻟﻤﺨتلفة في
    التخصص في إنتاج مصنوعات مختلفة متميزة ; وفي بيع بضائعها ا 4نفردة
    في أسواق أكثر اتساعا. وبانتقال الوحدات الإقطاعية من حالة تقترب من
    الاكتفاء الذاتي إلى حالة من التخصص ا 4تزايد ; وبالتالي إلى شكل من
    أشكال تقسيم العمل ; فإن الاستراتيجيات السياسية ومناورات السادة
    أصبحت أكثر حساسية لضرورات دعم وحماية ا 4صالح الاقتصادية.
    في غمار هذه العملية للتنمية القومية فإن ذوي السلطة الياباني R لم
    يتعلموا فقط كيفية استعمال السياسة 4ساندة ا 4صالح الاقتصادية ; ولكن
    ما هو أهم من ذلك هو أنهم تعلموا أيضا أن اﻟﻤﺠال الاقتصادي إ …ا هو-من
    نواح معينة-مجال متميز له قواعده الخاصة التي يؤدي انتهاكها إلى إحداث
    أضرار شديدة بكل الأطراف ; وبالتالي فإن السياسة يجب أن تظل محلا
    للمراجعة لأن القيم الاقتصادية يجب أن تحترم ; وأن يذعن 4قتضياتها( ٢٧ ).
    إن هذا الاعتراف بشرعية الأسس ا 4نفصلة للقوة ; وبالحاجة إلى احترام
    ا 4تخصص R والفني ;R إ …ا ترسخ قبل عودة ا 4يجى ; كما يساعد على تفسير
    الإيقاع السريع الذي تقدمت به اليابان نحو تحديث مؤسساتها السياسية
    والاقتصادية.
    وعلى عكس ماشاه في الأدبيات الغربية كثيرا عن مظاهر السلطوية
    والعداء للد „قراطية في اﻟﻤﺠتمع الياباني والسياسة اليابانية ; فقد اتسمت
    السياسة اليابانية دائما بدرجة من التوزيع أو التشتت في القوة تفوق ما كان
    قائما في البلاد ا 4تخلفة ; وانطوت-منذ مراحلها الأولى ; وحتى عودة ا 4سجى-
    على مراكز متعددة للقوة السياسية تضمنت-على وجه الخصوص-
    البيروقراطية ; والعسكري ;R والقضاء ; والقادة ا 4الي R والصناعي R
    (الزايباتسو) وساسة الأحزاب ; ومسؤولي الحكومة البارزين. وبالرغم من
    أن تلك اﻟﻤﺠموعات عملت مع بعضها ; إلا أن كلا منها أيضا كانت لها
    مصالحها الخاصة ; ومطالبها الخاصة من النظام ; ولم يكن بإمكان أي
    96
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    مجموعة أن تعمل بدون أن تحترم-لدرجة معينة-حقوق الآخرين ; وتوفرت
    بذلك دائرة للقيادة أكثر انفتاحا وأكثر تنافسية ‡ا هو شائع في النظم
    السلطوية في البلاد ا 4تخلفة عموما.
    كذلك فإن هذا النمط من التنمية اليابانية كان مناقضا mاما للنظم
    الإمبراطورية في آسيا ; حيث كانت السياسة والحكومة هي العليا ; وكانت
    طبقة التجار هي ا 4قهورة والواقعة تحت السيطرة ; كما لم تحترم ا 4صالح
    الاقتصادية ا 4نفصلة ; ولا تكامل السوق مع الاقتصاد ككل. ( ٢٨ )
    النظم التنافسية المحدودة: ParochiaI CoIHpetitive systems . يشير
    »بآي «بذلك التعبير إلى النظم التي قامت في بقية مناطق آسيا ; وجمعت
    ب R شكل التقاليد الإمبراطورية وروح النظام الياباني. ففي أغلب مناطق
    ا 4لايو ; حرص القادة المحليون ; سواء كانوا من الرؤساء أو السلاط R أو
    ا 4لوك ; على ضمان احتكار كافة السلطات لتنظيم مجتمعاتهم بشكل هيراركي
    يضعهم-هم فقط-على قمتها. ولكن عجزهم جعلهم حكاما متنافس R
    وإقطاعي ;R منغمس R في صراعات مع غيرهم من القادة الصغار الذين
    تجاوزت طموحاتهم الاستراتيجية با 4ثل قدراتهم التنظيمية. وعلى سبيل
    ا 4ثال ; ففي القلب ;R قبل الحكم الأسباني ; نظمت الحياة الاجتماعية
    والسياسية في شكل تجمعات محلية مستقلة صغيرة ; كان لدى قادتها الكثير
    من مظاهر الأبهة والعظمة ; ولكن اعتمد أمنهم بشكل كامل على مهارتهم
    في مواجهة التهديد من اﻟﻤﺠتمعات اﻟﻤﺠاورة.
    في هذه الثقافات إمبراطوريات ; وإ …ا ظهرت نظم غامضة التعريف
    ذات قوة تنافسية. فالقادة كان عليهم توفير الحماية والأمن لاتباعهم ; وتوقع
    الرعايا دائما أخطار الغزو ومغامرات السلب والنهب من جانب الآخرين.
    وبسبب الحروب الصغيرة اللامتناهية ظهرت الحاجة إلى أيجاد حدود
    ملائمة للتنافس السياسي ; ولقبول قواعد للتحالف ; ولوجود مصالح ذاتية
    متبادلة. وبذلك فإن عملية »السياسة « كانت تعني عمليات الخداع والاحتيال
    من أجل تحقيق القوة والنفوذ ب R قادة مستقل R. لقد كانت روح السياسة
    تنافسية ; بغرض الحفاظ على مصالح مشتتة( ٢٩ ).
    على أن التأثير ا 4باشر في نشأة الأحزاب والنظم الحزبية الحديثة في
    آسيا إ …ا يرتبط-في الواقع-بالسيطرة الاستعمارية ; وآثارها. والنقطة
    97
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    المحورية لهذ ا التأثير هي أن الاستعمار ; وما ترتب عليه من رد فعل في
    شكل حركات قومية مضادة ساعدا على دعم جوهر السياسات التي ارتبطت
    بالتقاليد الإمبراطورية ; حيثما وجدت تلك التقاليد و …ت في الحقبة السابقة
    على الوجود الأوروبي. وبناء على ذلك تدعم الاتجاه نحو »الاحتكار « في
    اﻟﻤﺠال السياسي ومعارضة التنافس ; والحيلولة دون السماح باختلاط صراع
    ا 4صالح مع التنافس من أجل السلطة والنفوذ. وبصرف النظر عن الحالات
    القليلة التي اهتم فيها الحكم الاستعماري بتقد ¡ التفسير لقراراته ; وتجنب
    ا 4ظهر الاوتوقراطي التحكمي ; فإن روح الحكم الاستعماري ظلت هي روح
    التعامل مع »الحكومة « وكأنها »كاملة ا 4عرفة ; كاملة الحكمة ; ومحتتكرة
    لعظمة والأبهة والقوة. ونشأت أجيال بأكملها من الأسيوي R. وهي تعتقد أن
    لاشيء أروع من أن يجد الشخص طريقه إلى السلك الحكومي .«
    وفي أغلب مناطق آسيا ; ظهرت أهم الآثار ا 4باشرة للاستعمار في
    مجالات الإدارة العامة ; و »القانون والنظام ;« وفي إدخال بعض إجراءات
    الرفاهة الاجتماعية ; أما النمو الدستوري ; وتشجيع الأحزاب السياسية
    فقد تخلفا-بصفة عامة-عن عملية بناء الخدمة ا 4دنية. وفي ح R أن بعض
    البلدان ا 4ستعمرة الهامة ; أفسح فيها مجال مع R لتكوين الأحزاب السياسية
    التنافسية ; إلا أن الحركات القومية ا 4ناهضة للحكم الاستعماري رأت أن
    أجراء انتخابات تنافسية لن يكون سوى مصدر للشقاق ب R أبناء الشعب
    ا 4قهور: ففي الهند البريطانية ; على سبيل ا 4ثال ; كان هناك تاريخ راسخ
    للانتخابات المحلية يعود إلى أربعينات وخمسينات القرن التاسع عشر وكانت
    جماعات وتكتلات مختلفة قد بدأت في التنافس في تلك الانتخابات بل
    ور ‰ا بدأت بالفعل في تكوين أحزاب سياسية ; ولكن التقاليد التي ارتبطت
    بتلك البدايات في الحكم المحلي ; نحيت جانبا بفعل الحركات القومية التالية.
    وبالرغم ‡ا للهند من تراث طويل في الانتخابات المحلية ; إلى جانب أنها-
    بحزب ا 4ؤ mر الذي أنشئ عام ١٨٨٥ - كانت mتلك واحدا من أقدم أربعة أو
    خمسة أحزاب سياسية هامة في العالم كله ; فلم يكن هناك أي دمج فعال
    لكلا التقليدين أثناء الحكم البريطاني. وبالرغم من آن حزب ا 4ؤ mر كان
    يتنافس في الانتخابات المحلية إلا أنه ركز طاقته الرئيسة في السعي لبناء
    »هند جديدة ;« وتزويد الشعب الهندي بتوجهات أكثر حداثة. ولا شك في
    98
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    أن الكثير من هذا التكوين الأيديولوجي لحزب ا 4ؤ mر كان بعيدا عن ا 4طالب
    وا 4صالح ا 4باشرة للقطاعات اﻟﻤﺨتلفة من اﻟﻤﺠتمع الهندي في ذلك الوقت ;
    ولكن ظلت الرابطة الأساسية ب R حزب ا 4ؤ mر والشعب الهندي تتمثل في
    ا 4طالبة بالاستقلال ; وكذلك في صبغ الخدمات الحكومية بالطابع الهندي.
    وعلى الرغم من اختلاف السياسات الاستعمارية في مناطق أخرى من
    آسيا إلا أن المحصلة العامة ظلت واحدة ; وهي تدعيم الاتجاهات الواحدية
    حيثما كانت موجودة من قبل في ظل النظام الإمبراطوري التقليدي. ولقد
    سعى الفرنسيون في الهند الصينية ; والهولنديون في إندونيسيا إلى أن
    يلحقوا-في النمو الدستوري 4ستعمراتهم-أدوارا خاصة للمصالح الوظيفية
    الأساسية في الاقتصاد واﻟﻤﺠتمع في تلك ا 4ستعمرات. وفي كل من هات R
    ا 4ستعمرت R وجدت مجالس استشارية ومؤسسات شبه تشريعية مكونة من
    ‡ثل R لكافة ا 4صالح الوظيفية الهامة ; بدءا من مزارع ا 4طاط والغرف
    التجارية إلى ا 4هن اﻟﻤﺨتلفة وجماعات الأقليات ; وأدان القادة القوميون في
    كلتا ا 4ستعمرت R مثل ذلك التمثيل »الوظيفي « وأصروا على الحاجة إلى
    أحزاب سياسته تنافسية باعتبارها الوسيلة الوحيدة ا 4لائمة لصياغة وتجميع
    ا 4صالح المحلية. ولكن ‰جرد أن تولي أولئك القادة السلطة لم يستطيعوا
    مقاومة التوجه نحو السياسات الواحدية ; وقاموا بإلغاء كافة الأحزاب ; بل
    إن »سوكارنو « عاد بإندونيسيا إلى ا 4فهوم الهولندي القد ¡ حولي التمثيل
    الوظيفي( ٣٠ ). أما التجربة في القلب R فيقدمها الدارسون الغربيون على أنها
    …وذج 4ا أدى إليه تفاعل »التراث التنافسي المحدود « من ناحية ; »والحكم
    الاستعماري « من ناحية أخرى ; من أيجاد نظام حزبي قوي ; وتنافسي ; من
    وجهة نظرهم.
    ثالثا: نشأة وتطور الظاهرة الحزبية في الشرق الأوسط
    مثلما كان الحال في أمريكا اللاتينية وآسيا لم تشهد منطقة الشرق
    الأوسط مجالس تشريعية وتقاليد نيابية تسمح بالحديث عن أمول بر 4انية
    للأحزاب ; مثل أوروبا. وإذا كان التراث الثقافي الذي ساد في ا 4نطقة هو
    التراث الإسلامي. فلا مناص من التسليم مع الكثير من الباحث R بأن هذا
    التراث لم يقدم-في جانبه السياسي-ما يربط فكرة »الشورى « بنظرية محددة
    99
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    للتمثيل النيابي ; أو حكم الأغلبية. وانصب جوهر النظرية السياسية
    الإسلامية ; في العصور الوسطى ; على الصفات الواجب توافرها في شخص
    الحاكم ; والقواعد التي يجب أن تحكم سلوكه استنادا إلى الشريعة الإسلامية ;
    ا 4ستقاة بالأساس من القرآن الكر ¡ والسنة النبوية. ولسنا هنا في معرض
    تقييم السمات الد „قراطية أو ألاتوقراطية ا 4ترتبة على تلك ا 4مارسات ;
    ولكننا نشير فقط إلى أن عدم وجود تقاليد التمثيل النيابي والحكم البر 4اني
    ينفي علاقة نشأة الظاهرة الحزبية بها.
    وفي ظل سيطرة الإمبراطورية العثمانية على منطقة الشرق الأوسط
    تدعمت السلطة ا 4طلقة للسلاط R العثماني R التي لم تكن تتحداها أي
    مراجعات أو توازنات مؤسسية. ثم حملت فترة أواخر القرن التاسع عشر
    وبداية القرن العشرين الحكم الاستعماري الأوروبي إلى ا 4نطقة ; سواء في
    شكل احتلال عسكري مباشر أو في شكل »حماية « أو »انتداب «. وفضلا
    عن الجزائر-التي احتلت عام ١٨٣٠ - احتلت تونس عام( ١٨٨١ ) ; ومصر
    عام( ١٨٨٢ ) ; وليبيا عام( ١٩١٢ ) ; والهلال الخصيب عام( ١٩٢٠ ). وأعاق
    الاستعمار-في ألوأق-فرص النمو العضوي للمؤسسات النيابية في تلك البلاد
    فكان الاحتلال البريطاني 4صر عام ١٨٨٢ - على سبيل ا 4ثال-سببا مباشرا
    في عرقلة التطور الدستوري والنيابي فيها وكان »القانون النظامي « الذي
    صدر في أول مايو ١٨٨٣ ‰ثابة نكسة للتطورات التي تحققت من قبله( ٣١ ).
    واتفقت بريطانيا وروسيا على تقسيم إيران إلى مناطق للنفوذ في عام ١٩٠٧
    بعد أن كانت إيران قد تبنت دستورا نيابيا ; وأقام الفرنسيون انتدابهم في
    سوريا عام ١٩٢٠ بعد ضرب دمشق بالقنابل في أعقاب إعلان الجمعية
    الوطنية هناك عن أتشاء حكم دستوري مستقل في سوريا( ٣٢ ).
    وعلى أي الأحوال فإن »الحزب السياسي « كتنظيم سياسي طوعي كان
    ‰ثابة ابتداع جديد في منطقة لم تعرف من قبل سوى التجمعات القائمة
    على القرابة ; أو العقيدة الدينية ; أو ا 4صالح الاقتصادية ; أو العلاقات
    الشخصية. وشهدت كافة بلدان الشرق الأوسط (باستثناء النظم التقليدية
    في السعودية واليمن ; وكذلك الكيانات الصغيرة في الخليج العربي) ; نشأة
    الظاهرة الحزبية أساسا كتعبير عن ا 4عارضة أو التحريض ضد الحكم
    ا 4طلق الأجنبي أو المحلي أكثر منها تعبيرا عن تكتل تصويتي في جمعية
    100
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    تشريعية أو دستورية. ولذلك فغالبا ما كانت الأحزاب مهتمة بالوصول إلى
    السلطة ; أو توجيه السياسات داخل إطار النظام السياسي أقل من اهتمامها
    بتأكيد الهوية القومية ; أو إقامة نظم جديدة. وباستثناء إسرائيل-التي تخرج
    عن إطار التطور العام الثقافي والسياسي للمنطقة ; لأسباب كثيرة-يجمع
    دارسو الأدبيات الحزبية الغربيون على أن »تركيا « mثل البلد الوحيد في
    الشرق الأوسط الذي أصبحت فيه الأحزاب السياسية منذ وقت مبكر هي
    الأداة الرئيسة للتنافس حول السلطة ; واتخذت الأحزاب فيها شكلها منذ
    ما يزيد عن قرن من الزمان ; بحيث أصبحت سمة مركزية ; بل ومسيطرة ;
    للحياة السياسية هناك منذ عام ;١٩٠٨ ‡ا يجعلها تقدم أخصب مادة
    لاستجلاء آثار ا 4تغيرات التاريخية والاجتماعية في الشرق الأوسط على
    التطور الحزبي. فعلى عكس أغلب البلاد ا 4تخلفة ; لم تفقد تركيا استقلالها
    على الإطلاق ; وكانت الجمهورية التركية التي أنشئت عام ١٩٢٣ وريثة سبعة
    قرون من التقاليد الحكومية العثمانية ; ولذلك أبدى الأتراك تقديرا
    للمسؤولية الحكومية ; وا 4هارة التنظيمية ; ولحقائق السلطة والقوة السياسية ;
    الأمر الذي انعكس على فعالية الأحزاب التركية ; وقدرتها على الاستمرار.
    ومن وجهة نظر مفاهيم »التنمية السياسية « سارت تركيا في سلسلة من
    ا 4راحل ا 4نتظمة وا 4تداخلة: أولها ; إعادة بناء السلطة السياسية ا 4ركزية
    وتشكيل هيكل فعال للخدمة العامة( ١٨٠٨ - ١٩٠٨ ) ; ثم عملية لتشكيل
    الصعب للهوية الإقليمية للدولة وظهور إحساس بالتضامن القومي في داخل
    حدود مقبولة ( ١٨٢٠ - ١٩٢٣ ). وأخيرا ; اتجاه أعداد متزايدة من ا 4واطن R
    إلى ا 4شاركة النشطة في العملية السياسية (منذ عام ١٩٠٨ خاصة.)( ٣٢ ).
    في هذا السياق تقدمت الأحزاب السياسية لتلعب دورا أساسيا فيما
    يتعلق. بتوسيع نطاق ا 4شاركة السياسية خاصة. وكانت البدايات الجنينيه
    للأحزاب ا 4عاصرة-أي: العثماني R الجدد ; وجمعية الاتحاد والترقي-عبارة
    عن تجمعات صغيرة في داخل النخبة البيروقراطية-العسكرية ; بدأت في
    استنبول ثم أبعدت إلى ا 4نفى ; ثم عادت لتنتشر في عدد من ا 4دن الواقعة
    في ا 4ناطق ا 4تقدمة ثقافيا من الإمبراطورية العثمانية مثل مقدونيا وسوريا.
    وبعد عام ١٩٠٨ أصبح التنظيم الحزبي علنيا ورسميا ; ومنتشرا ; إلى أن
    شمل قطاعا واسعا من الطبقة ا 4تعلمة ضم الضباط ; وا 4وظف R ا 4دني ;R
    101
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de