|
التطبيع مع إسرائيل بدأ من كامب ديفيد وسينتهى فى الخرطوم
|
موضوع التطبيع مع إسرائيل من الموضوعات المسكوت عنها عمدا فى الوعى الجمعى للمجتمع السودانى بصوره عامه ,ومجتمع شمال السودان بصوره خاصه.ولقد لعبت بعض المحددات العرقيه والثقافيه والدينيه ولازالت,أدوار حتمت عدم مقاربه هذا الموضوع علنا,وشكلت راى يمكن إن يعرف ضمنيا حيال موضوع التطبيع.وعلى الرغم من أن المحيط العربى من حولنا بى ما فيه دول المصادمه ذاتها,قد حسمت موضوع التطبيع مع إسرائيل مذ زياره الرئيس المصرى أنور السادات لتل أبيب ,والتى تعتبر تأريخيا هى البدايه الفعليه لتدشين التطبيع العربى مع إسرائيل,والتى تعتبر فى الان ذاته إعتراف ضمنى بدوله إسرائيل والمتوج عمليا بمعاهده السلام(كامب ديفيد) التى وقعت بين مصر وإسرائيل فى26/مارس/1979,والتى نصت على إقامه علاقات طبيعيه بين مصر وإسرائيل,تضمنت الاعتراف الكامل والعلاقات الدبلوماسيه والثقافيه وإنهاء المقاطعه الاقتصاديه والحواجز التى تحول دون التطبيع بين مصر وإسرائيل.ولهذا يمكن أن نقول إن إتفاقيه (كامب ديفيد)دشنت أولى مراحل التطبيع العربى الإسرائيلى,وكانت بمثابه إختراق تأريخى فى مجمل الصراع العربى الإسرائيلى.وغير بعيد عن هذا السيناريو لا يمكن تجاوز خطاب الملك الاردنى حسين أمام عصبه الأمم المتحده حينما إلتزم بأنه مستعد للتفاوض مع إسرائيل,وتوج ذلك الالتزام بتوقيع إتفاقيه(وادى عرب).وفى ما يختص بالجانب الفلسطينى وموقفه من موضوع التطبيع,فقد إعترفت منظمه التحرير الفلسطينيه بوجود إسرائيل منذعام 1988,وذلك عندما أصدرت بيان أكدت فيه إستعدادها للتفاوض مع إسرائيل حول تسويه شامله للنزاع العربى الإسرائيلى,ومضت لتقول إنها مستعده للعيش فى سلام مع إسرائيل داخل حدود أمنه ومعترف بها دوليا.(موخرا قالت حركه حماس أن دوله إسرائيل أصبحت واقع)وهذا الموقف من حركه فتح يبين بدايه المنحى الذى أخذه الصراع العربى الاسرائيلى.ويؤثق لبدايه الاعتراف الفلسطينى بدوله إسرائيل وهو بمثابه أولى عتبات التطبيع الفلسطينى الاسرائيلى, والذى توج فى 13/سبتمبر/1993 بالتوقيع على إتفاقيه(أوسلو)بين إسرائيل والحكومه الفلسطينيه ممثله فى حركه التحرير الفلسطينيه بقياده ياسر عرفات.وبعد هذه الخطوات من مصر والأردن وفلسطين ما كان لدائره التطبيع إلا أن تنداح لتشمل دول أخرى مثل لبنان قطر مورتانيا وتونس. ولو تجاوزنا المحيط العربى للسودان وأردنا التنقيب فى ملفات التطبيع مع إسرائيل فى محيطه الافريقى,يمكن أن نقول أن إسرائيل نجحت فى فى تثبيت وجودها فى القاره الإفريقيه منذ بدايه الستينات وذلك بعيد أن نالت مجموعه من الدول الإفريقيه إستقلالها,حيث عمل مشروع برنامج المساعدات والتعاون الذى صرفت بموجبه إسرائيل ملايين الدولارات فى شكل خدمات ومساعدات ماليه وفنيه.و الذى أدى لتسارع مشروع التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول الإفريقيه حتى بلغ عدد الدول التى عقدت مع إسرائيل إتفاقيات 30 دوله بنهايه عام1971,ونتيجه لتطبيع تلك الدول الإفريقيه كانت إسرائيل تقوم بتقديم المساعدات,قامت بإعداد الكوادر الإفريقيه و إقامه الدورات,وبلغ عدد المؤسسات التى تقدم منح تعليميه للطلبه الافارقه30 مؤسسه تعليميه,ولقد أنهى(15 الف)طالب من الدول الناميه دراستهم فى إسرائيل خلال(15)سنه مابين1957_19771وكان عدد الافارقه يتجاوز نصفهم.وعليه يمك أن نقول إن إسرائيل قد نجحت بإمتياز فى تكوين مؤخره لها فى إفريقيا جنوب الصحراء.وإجمالا يمكن ان نقول إن إسرائيل ومن خلال سعيها للتطبيع مع دول القاره الافريقيه كانت لها جمله من الاهداف المشروعه.حيث تفاوتت الأهداف والغايات من السياسى والإقتصادى والثقافى .وفى محور نشاطاتها الإقتصاديه فى القاره الإفريقيه نجد أنها نجحت فى دعم الجهاز الإقتصادى خاصتها من خلال فتح وأقامه أسواق تجاريه فى العديد من الدول الإفريقيه.وأيضا من المكاسب التى حصلت عليها جراء تمدد وجودها فى إفريقيا.إنها نجحت فى تحييد بعض الدول الإفريقيه حيال القضيه الفلسطينيه,ونجحت فى إنتزاع إعتراف الدول الإفريقيه بها.ولقد إنعكست علاقه التطبيع مع إسرائيل إيجابا على بعض تلك الدول الإفريقيه .حيث أنشاءت إسرائيل شركات الملاحه النهريه المشتركه وأمدت بعض الدول الإفريقيه بالخبراء والفنيين,ومنحت بعض الدول الإفريقيه قروض طويله الامد,وساعدت تلك الدول فى إقامه المشاريع الحيويه وتشييد البنيه التحتيه لها.ومضت فى منح الشباب من تلك الدول منح دراسيه مجانيه فى المجاليين المدنى والعسكرى.ولقد قام المعهد الافرواسيوى بنشاطات مميزه فى تدريب الطلبه الافارقه,ولعبت المنظمه الدوليه لإعاده البناء أدوار مقدره فى تدريب الطلبه على أعمال الكهرباء والميكانيكا.أما منظمه(الجنداع والنحال)فقد قامت بتدريب بعض الافارقه تدريب عسكرى,وأعطى معهد الدراسات الافريقيه بحيفا الكثير من المنح الدراسيه للطلبه الافارقه.ولا يمكن الحديث عن التطبيع الاسرائيلى فى إفريقيا دون التعريج للسودان وتحديدا حادثه ترحيل الفلاشا فى عهد الرئيس جعفر نميرى.ومضافا إلى ذلك علاقه إسرائيل بجنوب السودان والذى كان بمثابه المدخل المنطقى والمتاح والذى تحاول إسرائيل من خلاله التدشين الرسمى لموضوع التطبيع مع السودان,بعد أن أبدت الحكومات المركزيه المتعاقبه على سده الحكم سلبيه حيال موضوع التطبيع مع إسرائيل ومدعومه فى موقفها ذلك براى قاطع من مجتمع شمال السودان حيال مقاربه جدليه العلاقه مع إسرائيل.قلنا أن إسرائيل فضلت تفكيك الموقف الرسمى للحكومه السودانيه وبعض أفراد المجتمع السودانى من خلال البوابه الجنوبيه,لانتفاء الكثير من المحازير والهواجس بالنسبه لمجتمع جنوب السودان تجاه التعاطى مع موضوع التطبيع مع إسرائيل,رهانا على الخصوصيه الدينيه والثقافيه والعرقيه للمجتمع الجنوبى.وأستفادت لحد كبير من ظروف الحرب الدائره فى جنوب السودان,حيث قامت إسرائيل بدعم حركه التمرد فى جنوب السودن وقدمت لها المساعدت العسكريه والفنيه والعتاد والخبراء والتأهيل بجانب حشد التأييد السياسى و الدبلوماسى.وكرد فعل لذلك الدعم رشحت بعض القراءات حينذاك مفترضتا أن إسرائيل قصدت من ذلك الدعم حث حركه التمرد على رفع شعار الإنفصال وتكوين دوله فى جنوب السودان.بحيث يتم إعاده توزيع الحصص المائيه بما يشكل وسيله ضغط علىمصر ومحاصرتها فى أهم الموارد الحيويه بالنسبه لها.ولكن الواقع أثبت خطل تلك القراءاه ,بعد أن تبنت الحركه الشعبيه خطاب وحدوى يفضل تأسيس وحده بين الشمال والجنوب وفق أسس جديده.ولكن ما لايمكن تجاوزه أو يكمن أن يعتبر سيناريو قادم فى مقبل المواعيد هو أنه فى حال عدم تأسيس تلك الوحده القائمه على محددات جديده.سيكون أنفصال الجنوب بمثابه الخطوى الاولى فى تدشين مشروع التطبيع بين إسرائيل ودوله جنوب السودان وفق علاقات تقوم على قاعده من المصالح المشتركه بين الدولتين.وبما يعنى ضمنينا أن إسرائيل قد أصبحت على مرمى حجر من الشمال ذاته.
|
|
|
|
|
|