|
وردي .. ذلك الجبل الشامخ .. مَلِك الإحساس السوداني ..
|
غاب ذلك الصوت العميق الحنين الساحر الذي تغلغل في أحاسيس الأجيال و بقيت أصداؤه يترنم بها الماضي والحاضر والمستقبل ..
لعشرات السنين ظلت الصباحات والعصاري والأمسيات والليالي الحالمة تتعطَّر وتتوشح بالألحان الوردية التي تشبعت بها الأحاسيس المرهفة والقلوب الرقيقة ..
لعشرات السنين ظلت الألحان الوردية تتلهف إليها أشواق المستمعين في برنامج الإذاعة الخالد - ما يطلبه المستمعون - الذي كان ايقونة الجمعات المباركات .. ظلت الأغاني الوردية من أجمل إفتتاحيات الصباح، ومن أعذب مؤنسات الأمهات في الضحويات وسكون القيلوليات حين ليس لهن إلاّ خدمة البيت والراديوهات .. وظلت النفحات الوردية هي راحة البال ساعة العصاري والفاصل الغنائي بعد يوم عمل حار، شاق .. وظلت النسمات الوردية أنيس النفوس ساعة الهجعة في أواخر الأمسيات وبرود الليل ..
وظلت أناشيد وردي هي المكوِّن الرئيسي لأيام السودان الخالدة .. فلولا الأناشيد الوردية لما رسخت أكتوبر في دمائنا .. ولولا أناشيد وردي لما تذكرنا بدايات ثورة مايو ولا نهاياتها .. ولولاه وردي لكانت أبريل بلا طعم ولانزوت في طي النسيان .. في كل مناسبة يشرئب فيها الشعور الثوري السوداني كانت الأناشيد الوردية هي سيدة المشاعر ..
كان وردي أجمل هدية تهديها النوبة لكل السودان والذي فرح بها كل إنسان السودان .. فذلك الفنان الهدية إنفتح علي الكل فنال من كل بساتين الشعراء زهور ونثر عبيرها بكل سخاء .. أقتطف أجمل زهرات الحلنقي ، وأعذب كلمات ود حد الزين .. فدغدق القلوب وأبهج النفوس .. فقد خاطب كل حالم وكل عاشق وكل محب وكل مخطوبة وكل فرحان بتحقيق حلمه وكل ثائر وكل شهيد وكل عربي وكل زنجي .. قضي عمره كله في هم واحد ، هو الإبداع والإتقان وإسعاد الشعب .. فانطلق عبيره وعم المدن والقري والبوادي - وتدفق عطاؤه وفاض علي الجيران القريبين والبعيدين في الشرق القريب والغرب البعيد ..
إنه وردي الذي أطرب القلوب بلا حدود وتركها الآن تنزف لفراقه الدم السخين ..
.. ...
رحمه الله رحمة واسعة وغفر له وأسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين ..
|
|
|
|
|
|