|
تحذير الإخوان من السفر الي لبنان
|
تعرفت على أوضاع السودانيين في لبنان عندما أقمت شهراً في بيروت منذ بضع سنوات ، وظننت أن أحوالهم تحسنت بعد ذلك ، إلى أن قرأنا الأخبار أخيراً. وهكذا نحن ننتظر حصول أزمة حتى نلتمس الحل لمشكلاتنا. في مقهى للانترنت بشارع الحمراء الشهير جلس إلى جانبي صبي ، بدأ يختلس النظر إليّ ، ولم يلبث أن بادرني بالسؤال: هل أنت من السودان؟ قلت : بلى. رد الفتى وأنا أيضاً والدي من السودان من مدينة يقال لها كسلا في (غرب السودان)! قلت : ولكن كسلا في شرق السودان! قال : لا أعرف هكذا تقول لي أمي. طلبت إحدى الطالبات السودانيات في الجامعة الأمريكية أن أقرأ رسالتها للماجستير عن الأوضاع الاجتماعية للسودانيين في لبنان ، ولفت نظري في الرسالة أن ثمانية في المئة من السودانيين المقيمين في لبنان يعيشون مع لبنانيات على طريقة «المساكنة» وهي معاشرة بين رجل وامرأة دون عقد زواج. لما كان قانون الهجرة اللبناني لا يمنح اللجوء السياسي نظراً للتركيبة الطائفية للبلد كما يقال ، فإن كثيراً من طالبي اللجوء السودانيين جعلوا لبنان بلد عبور قادمين إليها من سوريا في رحلة محفوفة بالمخاطر، وتورطوا بالإقامة غير الشرعية فكان مصيرهم إلى الإيقاف في مبنى مقام تحت جسر قريب الشبه بالمخازن التي أقامها العميد يوسف عبد الفتاح تحت جسر القوات المسلحة في الخرطوم. الغريب أن المحتجزين كانوا يرفضون المغادرة إلى السودان بحجة أنهم قدموا طلبات للأمم المتحدة وينتظرون الموافقة بترحيلهم إلى دول تقبل لجوءهم. وحتى الذين وافقوا بالعودة فإن السفارة السودانية لا تزال تجد صعوبة لترحيلهم لعدم وجود تذاكر سفر ولا أعلم إن كان يوجد الآن خط طيران مباشر للخرطوم. تقول الأخبار أن ثلث السودانيين الموجودين بلبنان لا توجد لديهم إقامات (عددهم ستة آلاف) ، ومن لديهم إقامات يعانون الرسوم الباهظة للإقامة والضمان الاجتماعي وتصاريح العمل. وتقول الأخبار أن الجانبين السوداني واللبناني اتفقا على ترحيل (200) مباشرة إلى أرض الوطن بينهم أشخاص اعتقلوا في حملات نفذتها السلطات مؤخراً، على أن يتم ترحيل المخالفين لقوانين الإقامة بعد تأمين تذاكر السفر دون تقديمهم للمحاكمة وتصل العقوبة في حال الإدانة إلى السجن لمدة شهر والغرامة (100) ألف ليرة. من المعلوم أن الجالية السودانية في لبنان ظلت تتمتع بسمعة طيبة جداً ، وبمعاملة خاصة حتى في أقسى سنوات الحرب الأهلية. وبالمناسبة فإن السودانيين هم الجالية الوحيدة التي لديها نادٍ اجتماعي يقع في أرقى مكان في بيروت. حدثني العم حافظ أمين الذي بقي وقتاً طويلاً رئيساً للجالية كيف أن جنوداً من الجيش الإسرائيلي عند اجتياح بيروت دخلوا إلى النادي السوداني وأقاموا فيه، وقد أمروا بإنزال صورة الرئيس السوداني جعفر نميري من الجدار ولكن رئيس الجالية تمسك بها رافضاً إنزالها فاكتفى قائد الجند الإسرائيلي بقلب الصورة. وللعم حافظ قصص تروى ، فلم أفهم السياسة في لبنان إلا عندما سمعت قصصه ، ومنها أنه عندما كان يعمل مع رئيس الوزراء الأسبق رشيد كرامي وقع انقلاب عسكري ، ووصل إلى المنزل وزير الداخلية ليطلعه على الأوضاع ، كان الرئيس نائماً عندما دخل الوزير ، فوقعت مهمة إيقاظ الرئيس وإبلاغه على العم حافظ الذي قام بذلك خير قيام ، إذ دخل على الرئيس ونزع عنه (الشرشف) بكل بساطة وهو يقول : فخامة الريس قوم .. في انقلاب! لقد طابت الإقامة سابقاً في لبنان للسودانيين ، ولكن منذ أن بدأت الهجرة العشوائية انقلب الحال ، وصرنا نسمع بهذه الأخبار غير الطيبة. صدرت في السبعينيات رسالة دينية حذرت من السفر إلى لبنان عنوانها : تحذير الإخوان من السفر إلى لبنان ، فهل نحتاج إلى إصدار طبعة جديدة من تلك الرسالة؟
د/ عثمان ابوزيد
الراي العام
|
|
|
|
|
|