|
|
 الكيزان و ثقافة التزوير.... انتخابات اتحاد جامعة الخرطوم 1993م....كبسولات مضادة للنسيان
|
تزوير انتخابات جامعة الخرطوم1993م
بمجئ حكومة الجبهة الاسلامية الى سدة الحكم فى السودان بانقلابها فى 1989م , دخل العمل السياسى بجامعة الخرطوم الى حيز جديد لم تشهده من قبل من تدمير لمؤسسات الجامعة و مصادرة لحق الطلاب فى العمل النقابى و السكن و الاعاشة. ولكن تظل حادثة التزوير التى جرت فى انتخابات الجامعة عام 1993 العلامة البارزة فى تاريخ هذه الجامعة و الجامعات الاخرى لانها مثلت كمال العجز السياسى للجبهة الاسلامية و تنظيمها المسمى انذاك حركة الاسلاميين الوطنيين.
حين فشلت كل سياسات و مخططات تنظيم الكيزان فى الوصول الى منبر الاتحاد , لجأوا الى التزوير كوسيلة حقيرة و دخيلة على الارث السياسى طوال تاريخ الصراع حول الاتحاد. فتحول شرف التخاصم و التنافس الشريف الى لعبة قذرة فى يد هؤلاء المجرمين.
اتحدت كل التنظيمات السياسية قبيل الانتخابات و كتعبير صادق عن ارادة الطلاب بالاصطفاف خلف قائمة موحدة ضد الكيزان و تنازلت لصالح تنظيم الطلاب المحايدين و قائمتهم بعد ان باءت كل المحاولات لتشكيل قائمة موحدة من كل الفصائل السياسية و بعد ان اصر الطلاب المحايدين على قائمتهم فلم يكن من خيار اخر غير ذلك. فاثرت تنظيمات الجبهة اليمقراطية-رابطة الطلاب الاتحاديين الديمقراطيين- حزب الامة و الطلاب الانصار – مؤتمر الطلاب المستقلين – الجبهة الوطنية الافريقية (ANF) – جبهة كفاح الطلبة و منظمة حزب البعث قبل الانتخابات بيوم التنازل و التصويت لقائمة تضم اربعين طالبا من الطلاب المحايدين حتى لا تتبعثر اصوات الطلاب فى مواجهة الكيزان . فكانت هناك ثلاث قوائم:
1/ قائمة المحايدين
2/قائمة حركة الاسلاميين الوطنيين( الكيزان)
3/ قائمة الاصلاح (ضمت انصار السنة و الاخوان المسلمين جناح صادق عبدالله عبد الماجد)
و بدأت الانتخابات
و كسابقة جديدة فى تاريخ الانتخابات بهذه الجامعة اصرت لجنة الانتخابات التى يراسها دكتور مامون حميدة مدير الجامعة( لم يكن بروفسيورا بعد) على ان تجرى الانتخابات على مدى يومين بحجة اعطاء الفرصة لكل الطلاب فى التصويت و المشاركة. احتجت التنظيمات السياسية على هذا الاجراء ولكنها عادت ووافقت خوفا من الغاء الانتخابات و مصادرة الدستور كما حدث فى سبتمبر 1991م.
كان الطلاب على يقين من ان هناك شئ يدبر فى الخفاء على الرغم من عدم قدرتهم على تحديده و نظرا لظهور عدد من قيادات الكيزان السابقة داخل الجامعة امثال التيجانى المشرف و حسين خوجلى . كما لوحظت حركة دائبة بمسجد الجامعة الذى يعرف ب ( جامع القزاز) و كانت حصيلة التصويت ترفع اليهم هناك على راس كل ساعة من المراكز المختلفة.
بنهاية التصويت لليوم الاول كان الاختلاف حول المكان الذى يجب ان تحفظ فيه صناديق الاقتراع_ فى الواقع انها لم تكن صناديق بل اكياس من الدمورية.
كانت ادارة الانتخابات مصرة على نقل و حراسة الاكياس بدار الاتحاد بشارع النيل بينما اصر ممثلو الطلاب على ان تظل بمراكز الكليات و تتم حراستها هناك. و كان اصرار الكيزان مبعث للشك و الغرابة فكيف تنقل الاكياس من مجمعات طب و تربية وشمبات الى دار الاتحاد ثم تعاد فى الصباح الباكر الى هذه المجمعات مرة اخرى؟ اقتراح لم يكن عملى و منطقى
وهنا زادت المخاوف و ظهرت الاصوات التى تحذر من التزوير
فى ذلك المساء لم يذهب الطلاب للنوم فى داخلياتهم و بيوتهم بل سهروا على حراسة اكياس التصويت امام حجرة المجلس الاربعينى بدار الاتحاد و الاغلبية كانت داخل الجامعة على استعداد لحالات الطوارئ.
ماذا حدث فى مساء ذلك اليوم؟
حوالى الساعة الثالثة صباحا من ذلك اليوم وفيما كان ممثلو الطلاب يحرسون اكياس الاقتراع سمعت اصوات تكبير و تهليل خارج دار الاتحاد و بجوار سينما النيل الازرق فظن الطلاب انها محاولة من الكيزان للهجوم على الاكياس و احباط للعملية الانتخابية لان كل المؤشرات كانت تدل على فوز قائمة الطلاب. هرع الطلاب الى خارج الدار و دخلوا فى مناوشات هتافية مضادة للكيزان استمرت لعشرة دقائق تقريبا, ثم عاد الكيزان ادراجهم الى جامع القزاز ورجع الطلاب الى حراستهم.
فى صباح اليوم الثانى حملت الاكياس الى مراكز الاقتراع تحت حراسة مشددة و لوحظ فى هذا اليوم ان الكيزان قاموا بالادلاء باصواتهم و اتضح انهم لم يصوتوا فى اليوم الاول فكان اليوم الاول خالصا لقائمة الطلاب واليوم الثانى للكيزان على قلة عددهم.
فى مساء هذا اليوم الثانى و صباح اليوم الثالث جرى فرز الاصوات و كانت النتيجة فوز كاسح لقائمة الكيزان مع ذهول و شك الطلاب و غضبهم.
هنا ادرك الطلاب ان التزوير قد تم
كيف تم التزوير؟
قام طالب من كلية الاداب يدعى عمار محمد ادم ذكر انه مان يعمل كحارس شخصى لحسن الترابى و صحفى فى نفس الوقت بكشف وقائع التزوير موضحا انه فى اليوم الذى تمت فيه حراسة الاصوات و جاءوا الكيزان و ناوشوا الطلاب بالتهليل و التكبير فى ذاك الوقت قام عدد من الكيزان و الامنجية فى زى رجال الشرطة الذين يقومون بالحراسة و الذين كانوا بالغرفة المجاورة لغرفة المجلس الاربعينى الى الدخول و تبديل الاكياس المملؤة باصوات الطلاب باكياس جاهزة اخرى مملؤة باصوات كيزان مزورة. يعنى تزوير بالجملة
الجدير بالذكر ان هذه الغرفة المجاورة اتضح انها خضعت لصيانة ضمن منشاءات دار الاتحاد قبل اسبوع فقط من الانتخابات . عملت فتحة من الخشب( partition) فى الجدار الفاصل بين الغرفتين مكنت التسلل الى غرفة المجلس الاربعينى دون اثار للكسر.
كانت نتيجة الانتخابات عبارة عن مفارقات و طرائف مخزية للكيزان
1/ فوز كاسح لقائمة الكيزان فى عدة كليات لا يتجاوز عددهم فيها الاصابع.
2/ اختفاء اصوات قائمة الاصلاح ( انصار السنة و الاخوان المسلمينجناح صادق عبد الماجد) فى بعض مراكز الكليات مع العلم بوجود طلاب مرشحين فى القائمة. اى انهم لم يصوتوا حتى لانفسهم.
3/ لم ينته الفرز فى كليتى الاداب و العلوم لوقت متاخر لاصرار ممثلى التنظيمات داخل اللجنة على عدم التوقيع على نتيجة الفرز حيث وجدوا ان عدد الاوراق بلجنة اداب تفوق عدد الطلاب الذين صوتوا بالكشف.و فى كلية العلوم حدث العكس اى ان عدد الاوراق اقل من عدد الطلاب الذين صوتوا بكشف الاسماء.
4/ عندما تمت محاصرة الكيزان من اين لهم بالاف الاصوات التى فوزتهم كان ردهم ان الملائكة جاءت ليلا و صوتت لهم.
سارع مدير الجامعة مامون حميدة لقبول نتيجة الانتخابات مما ادى الى اعتصام شهير امام مكتب مدير الجامعة ورفعت دعوة قضائية بعدم شرعية الاتحاد و دعت التنظيمات الوطنية الى مقاطعة شاملة لكل انشطة الاتحاد ما الانشطة الخدمية المباشرة للطلاب .
ولد ذلك الاتحاد مشلولا و مشوها و عرف بعد ذلك باتحاد التزوير
|
|
 
|
|
|
|
محمد اشرف
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست