|
Re: إنتصار مؤقت لتحالف الإنفصاليين ، شمال وجنوب (Re: أبو ساندرا)
|
Quote: ترشيح عرمان لايعدو سوى أن يكون تكتيك سياسي برعت الحركة الشعبية في حبكته وتجويده , وهذا التكتيك هو إمتداد لمدرسة سياسية أرساها الراحل جون قرنق في التعامل مع تسلط الإسلاميين في الشمال . وقبل أن نخوض وجب عليّ أن أشيد بفن الممكن العالي الذي بدأه الراحل منذ تفاهمات جنيف مع المحبوب ورفاقه الشعبيون , وقلنا من قبل أن الراحل عمد لتغذية الصراع بين القصر والمنشية حتى يظفر بكبش أملح في نيفاشا , وقد كان له ما أراد. زج الترابي في السجن بعد تفاهمات جنيف لم يكن مقصده التفاهمات ولكن كان تقويم الامور هو الدافع في صراعات الإسلاميين وكان إستجابة واضحة لتغذية الصراع الذي قامت به الحركة الشعبية . ولذلك لم اتفاجأ مطلقاً بما حدث وسحب ترشيح عرمان فسقف الحركة الشعبية لايعدو أكثر من أن يكون حكم الجنوب , وإستقرار الحكم في الجنوب يكمن في غياب حركات التسلح التي يمكن أن تطفح في أي لحظة بجنوب السودان بمساعدة المؤتمر الوطني . ولا يغيب علينا أن كيان الدولة في الجنوب مازال هشاً في بنيته القومية , والتناحر بين القبائل القاطنة لايحتاج سوى إشعال عود كبريت صغير يمكن أن يكون بيد حاكم الشمال , وعكس الجهد الجهيد الذي يمكن أن تجده الحركة إن أرادت أن ترد الصاع صاعين , فالشمال متمايز شيئاً عن الجنوب فالنزعة المدنية تخلقت نوعاً ما في الشمال بالرغم من بطء التخلق نفسه , ولذلك فإن الحرب في الشمال تقل معدلاتها كثيراً عن ما يمكن أن يكون بالجنوب . للذين إستكانوا لخلاص السودان من الإنقاذ عبر الحركة الشعبية نقول أن ماحققته الحركة الشعبية لجنوب السودان هو إنتصار بكل المقاييس سواء أن كان ذلك عبر الحرب أو التكتيك السياسي , فوقف الحرب في جنوب السودان وفشل المشروع الحضاري والذي كان يرمي للأسلمة القسرية من الإنجازات المحسوسة للحركة , وكذلك نجد أن التمرين الديمقراطي الذي قامت به الحركة الشعبية بترشيح أحد مناسيبها هو الآخر إنجاز على الصعيد السياسي. ولكن وبما أن الحركة الشعبية تعلم جيداً دهاء المؤتمر الوطني فإنها قصدت من ذلك التمرين الكثير من الإستحقاقات أهمها هو دفع الشمال وقواه الحية للإستنهاض بالدور المرجو منها , وهو ما أكدنا عليه مراراً . الإستحقاق الأصيل الذي رمت من خلاله الحركة الشعبية وأساطينها المهيمنة على الأوضاع بالجنوب بترشيح عرمان كان هو الضغط على المؤتمر الوطني في كبح جماح تغلغله بين الجنوبين , وهو تكتيك عالي من الحركة الشعبية فحديث عرمان بمجهر سونا المح فيها للسطوة التي بها لام أكول أو غيره بمساعدة المؤتمر الوطني والمح بصورة واضحة لمظاهر التسلح التي يدعمها المؤتمر الوطني , ولذلك فإن أي حديث تبريري عن أن عرمان لايعلم شكل أو إتجاه الأمور بعد ترشيحه تكذبه الكثير من القرائن , فليس عرمان مثيل آخر لعمر البشير في تسعينيات القرن الماضي حين كان القصر صورة والمنشية تحكم , ولا ينبغي أن نذهب في مثل هذا الإتجاه .إتفاقية نيفاشا في الأساس كانت تعميد واضح لشراكة متينة بين الوطني والحركة , شراكة سداها ولحمتها هيمنة كل منهما على منطقة نفوذه الجغرافية , وأن يكون الإستقرار هو وقف الحرب وليس منازلة الشريكين كخصمين لدولة واحدة . وحتى عندما تبرمت ضيقاً بعض قوى الشمال من مباركة الإتفاق بشّرهم دانفورث بأن يتنافس المتنافسون في العرس الديمقراطي القادم من جراء نيفاشا . وتعلم الإدارة الأمريكية جيداً أن قبة الأحزاب ليس تحتها فكي , ولكن يسهل إقناعها وهي تتذوق مرارة إرتماء الحليف في حضن العدو , وضغوطات أهل قاهرة المعز التواقين لذهب المعز السوداني في مياهه ,فكان أن ضغطت على الطرفين بتوقيع الإتفاق في نيفاشا وتركت أمر قوى الشمال في يد من في شمالهم .سوف نعيد ونكرر أن على القوى الشمالية إستحداث أليات وطرق تستنهض بها دورها المرجو , والحركة الشعبية لايمكن أن تمثل دور الحصان الذي يمتطى لتحقيق الكثير من الأهداف وخصوصاً وأن حروب الإنقاذ والتدجين الإعلامي الذي إستقر لذهاء العقدين ترك أثاراً على مواطن السودان في كلٍ من شماله وجنوبه . فضلوع الكثير من أبناء الشمال وتغاضيهم عن ما حدث من حروب قامت بها الإنقاذ في جنوب السودان جعلت مواطن الجنوب لا ينظر أكثر من سقف طموحه وهو وقف الحرب , وأي مسوغ آخر لفتح هذا الباب والإحتراب الداخلي والذي يمكن أن تغذيه الإنقاذ غدا خط أحمر للمواطن الجنوبي ومن يرعى مصالحه , وعلى الشماليين أن يضعوا ذلك نصب أعينهم في أي تفكير تغييري بمساعدة الحركة الشعبية .وكما أشار تقرير كرايسيز انترناشيونال في أهم فقراته بالنسبة لحق تقرير المصير فإن الضمانات الحقيقة لممارسة هذا الحق هو وجود المؤتمر الوطني حاكماً بالشمال ,بإعتبار أنه الجهة الموقعة للإتفاق مع الحركة الشعبية ,ويقصد من هذا أن ربط تقرير المصير وحتى الفراغ منه لابد من وجود المؤتمر الوطني . والحركة الشعبية لا أعتقد أنها تتناسى أيضاً أن هنالك الكثير من الإتفاقيات التي عٌقدت بين الشمال والجنوب كان مصيرها نكص العهود . وتعلم أيضاً الحركة جيداً أن المؤتمر الوطني له من القوة ما له في ظل سرقة منظمة لمدة عقدين لموارد السودان وتقوية نفوذ الحزب الحاكم وتدجين المؤسسات الرسمية النظامية والغير نظامية , ومجرد غياب المؤتمر الوطني عن الحكم فإن الإحتراب سوف يكون سيد الموقف مما يهدر جهد كبير لممارسة حق تقرير المصير . |
تحياتي أستاذ عبدالرحمن ..
| |
|
|
|
|