ورحل الشاعر المصري محمد عفيفي مطر 1935 الي 2010 مشور زمرية عميق !

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-11-2024, 10:31 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-29-2010, 08:30 PM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ورحل الشاعر المصري محمد عفيفي مطر 1935 الي 2010 مشور زمرية عميق !

    فارقنايوم أمس الاول الشاعر محمد عفيفي مطر الذي ولد عام (1935) الذي يعد من أبرز الأصوات الشعرية في مصر والوطن العربي . رحل الشاعر بعد دخوله في غيبوبة منذ الأسبوع الماضي . صاحب ديوان« والنهر يلبس الأقنعة » (1975) قضى بتليف الكبد ، وشيع أمس الاثنين في قريته رملة الأنجب ( محافظة المنوفية ، شمالي القاهرة ) ، على أن تتلقى أسرته العزاء هناك أيضا .
    تركت قصيدة عفيفي مطر أثرا كبيرا في جيل السبعينيات المصري . تتميز أعماله بلغة مباشرة وقوية تهز شغاف القلوب و بكثافة الصور الشعرية وتسلسلها ، وبزخم فلسفي عميق وفكري أنساني خالص . درس الراحل الفسلفة في جامعة القاهرة ، وتأثر بالتراث العربي والإسلامي والمصري القديم الإسلامي وبالتصوف ، ما جعل قصيدته مستغلقة وصعبة الفهم على كثيرين ، وإن كانت قد أثرت في جيل كامل من الشعراء المصريين الذين عدوه أبا روحيا لهم لمدرسة الرمز والرمزية.
    الغريب أن مصر لم تنشر أيا من دواوين مطر الأولى ، بل توزع نشرها بين بيروت وبغداد ودمشق وطرابلس الغرب ليبيا . حتى إن باكورته « الجوع والقمر » (1972) لم تنشر كاملة في بلاده إلا منتصف التسعينيات . يعود ذلك إلى خلافه في الستينيات مع صلاح عبد الصبور الذي قال : « لن أنشر له ديوانا ، ولو على جثتي » . هكذا اختار الراحل أن ينشر في الخارج ، فلم تصل دواوينه إلى القراء في مصر . عندما حاول أن يصحح هذا الوضع في الثمانينيات والتسعينيات ، جمع كامل أعماله (13 ديوانا ) بطلب من هيئة الكتاب ووقع معها عقدا لنشرها ... كادت الدواوين تذهب إلى المطبعة ، لكن أتت الأوامر بسحبها وحجبها لأسباب سياسية ... لحظة صدورها .
    كانت تجربة اعتقال عفيفي مطر في أوائل التسعينيات بعد تظاهره ضد الغزو الأميركي للعراق ، من أشد التجارب قسوة في حياته . اتهم حينها بأنه يسعى إلى تأسيس تنظيم بعثي في مصر . في دواوينه اللاحقة ، روى كيف كانوا يعذبونه . كانوا يعلقونه من يده في ممر بارد ، ولشدة ألمه كان يخال أبناءه معه الزنزانة في ، ويسمع عويلا طوال الليل . هذه التجربة أنتجت ديوانه الأشهر « احتفاليات المومياء المتوحشة » (1992) ، وصارت قصيدته « طقوس متبادلة » أيقونة لبشاعة تعذيب السلطة المصرية لمعارضيها .
    رحل مطر الآن ولتهدأ روحه . وكما كان يقول : « حياتي بعرقي مغسولة ، ولقمتي من عصارة كدحي استحقاقي وكريم ، لم أغلق بابا في أحد وجه ، ولم أختطف شيئا من أحد يد ، ولم أكن عونا على كذب أو ظلم أو فساد » سوف يظل كشاعر له حضور الخالدين في مدرسة الرمز والابداع المفعم بالتجرية الانسانية العميقة فله الرحمة لقبيلة الشعراء في مصر ووداي النيل العزاء.

                  

06-29-2010, 10:09 PM

أسامة عبد الجليل
<aأسامة عبد الجليل
تاريخ التسجيل: 04-29-2009
مجموع المشاركات: 1975

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ورحل الشاعر المصري محمد عفيفي مطر 1935 الي 2010 مشور زمرية عميق ! (Re: زهير عثمان حمد)

    ياله من شاعر .. كان رمزا للصمود والمبدئية..

    لقد كان شاعرا كبيرا جاهدت السلطة لحجب هذا الصوت الشعري المتفرد.

    فلتهدأ روحه المتمردة.





    "هلاوس ليلة الظمأ"، والتى كتبها فى معتقل طرة عام 1990.

    غبشُ يبلله دخول الليل، والغيطان تسحب
    من بدايات النعاس تنفس الإيقاع منتظمًا على
    مد الحصيرة والمواويل،
    - الزمان كأنه فجر قديم مستعاد -
    قد كنت مضطجعا أعابث شعر بنتىَّ الصغيرة أفزعتها
    قشرة الدم والصديد على عظام الأنف
    - أهذى أم هى الزنزانة انفتحت على زمانين واتسعت على هول المكان؟! -
    ريق وجمرة حنظل، تتشقق الشفتان:
    -: يا عبد العليم
    ما للجرار ادحرجت والقلة الفخار عفرها الرماد
    والملح، والنهر القريب مشقق، ما للتحاريق ارتعت
    بالجمر والنسج المهلهل أعظمى وأديم هذا الليل
    يا عبد العليم!!
    أهذى وألهث أم هى البنت الصغيرة من ظلام الغيم
    تخرج فى يديها الكوز والإبريق تلمع فى نحاسهما الزخارف
    بالعناقيد المنداة؟!
    التفت.. فراعها أن القيود تعض لحم المعصمين
    فيرشح الدم
    فاستدارت وارتمت فى عثرة الرهبوت
    -: قد نبهت رحمة أن يكون الماء والفخار مشمولين
    بالسعد المفوح واللبان
    قال المخنث للمخنث: إن هذا الأهبل المجنون يهرف بالكلام
    (فعرفت أنهما هما..
    والجسر بين الصالحية والرشيد مرجِّعٌ
    للبلغم الدهنى فى صوتيهما)
    قال المخنث للمخنث:
    إن نوبة نومى اقتربت
    فأخرس صوته بعصاك
    فانفجرت برأسى الصاعقة
    كان الصدى متشظيا بدم الهلاوس
    آه يا عبد العليم
    لم يترك الأهلون من نبل العصا فى لعبة التحطيب ميراثا
    بأوغاد الزمان النذل
    هل رجل وضربته تجىء من الوراء!!
    أدرك دمى بالبن بعد الماء يا عبد العليم
    كانوا ثلاثة أصدقاء
    والموت رابعهم، وأيديهم تجمعها قصاع الفت فى
    ليل الموالد بعد رقص الذكر والتخمير..
    كان أبوك يهدر فى مقام الحشد تأخذه الجلالة،
    وجهه الطينى يلمع، والعصى فى إصبعيه تدور مثل مغازل الأفلاك
    يا جمل المحامل – إنه جمل يطمطم من ضراب الرقص فى
    أعضائه.. يا أم هاشم.. ثم تنكسر العصى على عصاه
    ثانيهمو ينشق عنه الحشد:
    قفطان يضيئ بياضه الزهرى، والشال المرفرف، بسطة الأفيون،
    والقد النحيل كالخيزرانة، والعصا ليست ترى من كرها بين اليدين يفح،
    يصفر، يرتمى وتداً يلين وينثنى كالصل..
    آه وألف آه
    هى نقرة الطرف الرشيق من العصا بفجاءة التلميح والتصريح..
    لا تجدى مقاومة ولا يجدى دفاع اللاعبين
    يعلو ضجيج الحشد ما بين الصهيل الحر والفوضى وإنشاد الذهول
    مس وطائف بهجة ورؤى جنون الوصل توصل نشوة الملكوت
    بالإنسان فى وجد الجنون
    حتى إذا اقتربت خطى عمى معوض بالعصا حط السكون
    هو صخرة قدت من الأهواء والخمر الرخيص فأفردته العائلة
    هجرته زوجته وفر بنوه فى تسعينه الأولى
    فزوجته الزجاجة والعصا والذكريات مع النساء
    كفاه كالمذراة ساعده عروق السنط خطوته انصباب السيل،
    كان الحشد ينصت وهو تغمز عينه ببقية من كحلها المعتاد من عسل وششم،
    دار ملتفتاً إلى ركن النساء على السطح وحاجباه يراقصان
    الشمس والحناء والذكر الغويّة،
    ثم مر اللاعبون وتخلعت أعضاؤه خشباً وفولاذاً ورقصاً عارى الإيماء
    كان اللاعبون أمامه لعباً تطيش عصيهم وتطيب من
    أيديهمو والكحل فى عينيه يغمز للنساء
    والليل يطوى خيمة الصبح المعفر لانعقاد الذكر والتخمير..
    واشتبكت أصابعهم بدفء الفت واللحم السمين،
    ورابع الأصحاب يرقبهم، يطيف على الرؤوس مرفرفاً
    كالصقر، ينسج من تواشيج الصبابة والولاية
    مدرج الكفن الحرير.
                  

06-29-2010, 10:46 PM

أسامة عبد الجليل
<aأسامة عبد الجليل
تاريخ التسجيل: 04-29-2009
مجموع المشاركات: 1975

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ورحل الشاعر المصري محمد عفيفي مطر 1935 الي 2010 مشور زمرية عميق ! (Re: أسامة عبد الجليل)






    وداعا حصان الحرية الجموح.

    محمد عفيفي مطر : أنا الشاعر الفقير الذي لا يضر ولا ينفع
    12/02/2007

    ولد الشاعر محمد عفيفي مطر في شهر مايو 1935 بإحدى قرى المنوفية، التي تبعد عن القاهرة العاصمة ساعة زمنية واحدة.. وعمل مدرساً للفلسفة لمدة عشرين عاماً، وميز نفسه بقصيدة تحمل صوته هو، حتى امتلك تجربة ثرية امتدت لنحو ستين عاماً، حمل خلالها ثقافة موسوعية، نتج عنها ما يربو على 13 ديواناً شعرياً. هو إذن (حصان الحرية الجموح) كما تصفه زوجته.

    وتزيد بأن (الدنيا أضيق من خطاه) على الرغم من الشيب الذي أشعل رأسه بياضاً، إلا أنه ما زال جامحاً كجواد بري يركض في المشهد الشعري، ويواصل إشعال الحرائق وطرح الأسئلة، ما اعتبره الجميع ظاهرة شعرية قائمة بذاتها في مسار الشعر العربي، بوصفه واحداً من أهم الشعراء المجددين في العالم العربي، وعلي الرغم من انتمائه لجيل الستينات إلا أنه ما زال وقاداً قادراً على العطاء، في ظل محاولات قصدت تهميشه من قبل المؤسسة الحكومية، التي أدمنت حجب الجوائز عنه، وغالت كثيراً في منعه من النشر داخل مصر، لكن حسبه أن حصل على تقدير الشارع الثقافي.

    نلتقي الشاعر المصري الكبير محمد عفيفي مطر في حوار حول بدايات القراءة والكتابة ووجهات نظره في قضايا كثيرة تتعلق بالمشهد الثقافي:

    * ما هو أهم كتاب تأثرت؟

    ـ هو كتاب (نيتشه) للدكتور عبد الرحمن بدوي، عثرت على الكتاب وهو قديم مهلهل، فزلزلني زلزلة شديدة، فقد كانت حياة نيتشه وتجربته الروحية والفكرية بكل آلامها واحترقاتها، تلك الحياة التي قال هو عنها: (إحراق واحتراق) تلك كانت حياتي لقد عصفت بي كلمات القوة، وأخلاق السادة والعبيد، والتبشير بالإنسان الأعلي- عصفاً شديداً. انبهار.

    * هل قادك هذا الكتاب إلى الفلسفة؟

    ـ كانت كتب المناهج الدراسية في الفلسفة والمنطق وعلم النفس هي البداية في هذا النزوع نحو الفلسفة، وكان الطبيعيون الأوائل قد شكلوا رعيل الشعراء الفلاسفة منذ طاليس وحتى سقراط الذي أطلع الشمس الإغريقية. فوقفت مبهوراً أمام هيراقليطس وناره الكونية، ونهره الذي يتغير أبداً، والذي لا يكون هو أبداً بين لحظتين، ولا ينزله المرء مرتين.. بعد ذلك انتقلت إلى الصوفية والفكر الرياضي والموسيقي، فانفتحت أمامي كل الأبواب المضيئة.

    * ما هو أهم كتاب قرأته في تلك المرحلة؟

    ـ هو كتاب (دروس في تاريخ الفلسفة) الذي كان مصدراً رائعاً ومهماً للمعارف والمذاهب الفلسفية الإغريقية وعصر النهضة وحتى بزوغ شمس الفلسفة الحديثة على يدي ديكارت وبيكون.

    * وماذا عن كتب التراث العربي والإسلامي العامرة بها مكتبتك؟

    ـ كان تاريخ الفلسفة الإسلامية ودور المتكلمين من معتزلة وأشاعرة ومتصوفة ، ودور المشائين والفلاسفة من الفارابي وابن سينا وإخوان الصفا، كانت موضوعات هذه الكتب تمثل وطناً آخر يدخل في نسيج الوطن الشعري للشاعر الناشئ.

    * ماذا عن الوطن الشعري.. لقد أجلنا الحديث عنه كثيراً؟

    ـ كنت أنسخ بخطي دواوين وقصائد لشعراء بلا حصر، وكم شهدتني الحقول وأنا أجأر وأغني مشتعلاً، لكنني أبدأ لا أنسي شعر (محمود حسن إسماعيل) وخاصة ديوانه، (لا مفر) قرأت هذا الديوان ومع أول بيت في أول قصيدة شب في كياني حريق أطاح بكل ما قرأت وحفظت من أشعار الرومانتيكيين الآخرين، فحفظت الديوان كله من الغلاف إلى الغلاف ونسخته كله بيدي، فقد قرأته مسحوراً وعصفت بي موسيقاه، وزلزلتني سطوة أنظمة القوافي بالتكرار الرياضي المحسوب، والصور النابعة من تراسل الحواس، وقلب العلاقات بين المجرد والمحسوس في الوصف والتشبيه والمجاز والاستعارة.

    مرارة التجربة

    * تشي أقوالك بمرارة لعدم نيلك ما تعتقد أنك تستحقه، هل هذا صحيح؟

    ـ المرارة ترجع للسخط وليس لإحساسي بأني لم أنل حقي، فقد نلت حقي لكن ليس من المؤسسة التي لا تعنيني، فأنا الشاعر الفقير، الذي لا يضر ولا ينفع، والذي لا سلطة له ولا شهرة متواجد في أشعار كل الأجيال التالية لجيلي أكثر من أي شاعر آخر.. تابع ما ينشر من شعر في مصر الآن، من أسوان إلى الإسكندرية، وفي الدول العربية تجد كلامي مؤثراً في كل الأجيال الجديدة فقد شكلت أشعاري في قصيدتهم وحتى في رؤيتهم للعالم، وهذا هو الجزاء الأوفى الذي لا أطمع في أكثر منه.

    * هل هذا يعني أنهم خرجوا من عباءتك؟

    ـ بل خرجوا من أشعاري، من كلماتي ومن دواويني، وهذا يشعرني أنني أخذت حقي كاملاً، ليس ذلك فقط بل يسعدني ويمتعني.

    * قلت: رغم ذلك يتهمك البعض بالغموض؟

    ـ هذا الاتهام لا أساس له من الصحة، فالتراكيب اللغوية التي يراها البعض صعبة وغامضة هي إحدى الأساليب الشعرية الموجودة في التراث الشعري العربي، كما أن قارئ الشعر يجب أن يكون عارفاً بلغته وبأساليب هذه اللغة، وملماً بطرائق التعبير فيها، أما حكاية الغموض المدعاة هذه فلا داعي لها، فنحن لا نكتب (ألغازا) ، فقط منهجي في الكتابة وفي القراءة هو عدم الاستهسال. زيارات الدهشة.

    * بعد 13 ديواناً شعيراً جاء كتابك الرابع عشر (أوائل زيارات الدهشة) ليقدم أسلوباً جديداً في كتابة السيرة الذاتية.. فما دافعك لكتابة سيرتك الذاتية؟

    ـ هذا الدافع قديم جداً فقد ولد عام 1970 ، بالتحديد حينما زرت بيروت للمرة الأولى للمشاركة في مهرجان الثقافة العربية الأول، يومها طلب من كل شاعر أن يقدم لقراءته الشعرية بحديث عن تجربته يوضح فيه ملامح رؤيته للشعر يومها أمسك الخوف بخناقي، خاصة وإنني وجدت من سبقوني يقولون كلاماً غارقاً في الكذب والتلفيق وجاءت قصائدهم مقطوعة الصلة بما قالوا، لذا تحدثت عن مغالطات وغموض المصطلحات وعن الفجوة بين أقوال الشعراء وبين كلامهم النظري.

    وحينما طلب مني أن أكتب سيرتي الذاتية تعجبت فأنا لم آت بمعجزة لكن بعد إلحاح قلت لنفسي: (جئت من هوامش الخلق والخليقة، فاكتب هوامش تكوينك مواطنا وإنسانا سكنته وأقامت في حياته لحظات الدهشة العايرة) وهكذا جاء الكتاب مضمونا ولغة، وكل قيمته عندي إنني ابتهجت بكتابته بلهجة نادرة وعزيزة المنال في زماننا. قصيدة النثر .

    * أغلب شعراء جيلك قبلوا بقصيدة النثر لكنك لم تقبل ، لماذا؟

    ـ قال : هم يقولون ليس بالموسيقي وحدها يحيا الشعر، أجل، وليس بغياب الموسيقي يحيا النثر، وحين نتحدث عن الفن، أي عن الجماليات التي تفرق بين شعر وشعر، وبين نثر ونثر، أسأل بدوري مستفهما.

    * هل يكون الكون كوناً بغير الموسيقي؟

    ـ وأحيل إلى نثر الكبار: (النفري والجاحظ والتوحيدي، وحتى الرافعي ومحمود شاعر) ففي نثرهم لا يخفى الحس الموسيقي المبثوث في أنماط التقسيم والتقابلات والتوازنات والصور.. الخ. وهي جوهر الأسلوبيات التي ترسخت بها الإيقاعات الداخلية العميقة في النماذج العليا للنثر العظيم، فكيف لهم بالظن أنهم ناثرون؟

    وليس النثر عندي أقل مكانة وإبداعية من الشعر، لكن شريطة أن يسمو في مراقي الإبداع إلى حدود النشوة الروحية والامتلاء بالحياة، إن الإيقاعات الداخلية في النثر العظيم تنتمي للغة وحركة الأفكار ولكنها لا تنتمي للموسيقي بمعناها الرياضي الصارم، والخلط بين الإيقاع النثري في النماذج العظمي منه وبين الموسيقي يماثل الخلط بين شاعرية العبارة وبين نسق القصيدة. باختصار إن الأفق الشعري للنثر ممكن، ومتحقق بالفعل عند عدد من المبدعين الجادين، ولا يستوي نثر هؤلاء الغوغائيين أرباع المثقفين ونثر التجارب الروحية والفنية الكبيرة عند القلة من المبدعين.

    * ما رأيك في التحولات التي اعترت بنية النص الشعري العربي المعاصر.. والتطور الذي جرف أشكاله وأنماطه؟

    ـ أعتقد أن القصيدة العمودية قد وصلت بمنهجها القديم، ووصل الشاعر الكلاسيكي بطريقته القديمة في رؤية العالم، وفي وظيفة القصيدة، ووظيفة اللغة في القصيدة إلى نوع من الجدب، والجفاف، والتكرار، والاعتماد على الذاكرة واستنزاف هذه الذاكرة، وكأن الشاعر قد أصبح مجرد وسيط ناقل للقدم.

    لقد اختلفت مفاهيم الشعر والشاعر، إذ إن مفاهيم الحياة نفسها اختلفت، أنظر معي إلى ما اعترى خريطة العالم في الستين عاماً الماضية، لقد ضاعت فلسطين، أو ضيعت، الثورات المقموعة، الاستعمار، الذي خيم على كل بلاد العرب آنذاك..ولذلك كان لابد من وجود روح جديدة، تبني وطناً آخر بغير تلك الصورة القميئة وحساً آخر للعالم، وفعلاً آخر للقيم، وكان لابد من وجود شكل جديد، توضع فيه القيم، والرؤى الجديدة.

    وكان أول هذه التصورات، هو تحرير الشعر من قوانين العروض الصارمة، ومن القاموس القديم المتجمد، فبدأ الشعر يضج بما تمور به الحياة في السياسة، وفي المجتمع ، وفي الأسواق. لقد أسس جيل الرواد، ورسخ لهذا الخروج على نفس العروض القديم، ولفكرة الاعتماد على الذاكرة والمحسوس من اللغة، وتركيب العبارة، وأصبح الشاعر يشعر باستقلاليته وتفرده، وأنه لم يعد تابعاً لقيم قديمة يبشر بها، وليس واعظاَ - بل لقد أصبح خلاقاً للتصور، وللضمير، وفيه تتجول روح الأمة.

    * وما الذي حدث بعد ذلك؟

    ـ لقد ابتدعت بعد ذلك أشكالا جديدة، كقصيدة القناع، القصيدة الدرامية، القصيدة العنقودية، وتجارب جديدة في استلهام التاريخ، وتحويله إلى قناع للحديث من ورائه عن العصر،وعن العالم، وتعددت الحيل الفنية، واغتنت بتنوع الشعراء، وتجاربهم، حتى وصلنا إلى ما يشبه الجمود العروضي في قصيدة التفعلية، وما يشبه المسكوكات والصيغ الناقدة، وبدأ التمرد على قصيدة التفعيلة، وبدأ التفكير في قصيدة جديدة، فبدأت كل جماعة أو تيار تبشر بما خلقت لنفسها من مبررات، وكأنه هي الفرقة الناجية، ومن فرق أمة الشعر..

    ولكن الأمر لم يكن كذلك أبدا، فأصبحنا الآن في حالة صراع، ويتجلى ذلك في كتابة القصيدة النثرية على سبيل المثال، ومحاولة ما يسمى بالصراع ضد التابو، والخروج على ما هو متعارف عليه من أخلاق أو عقائد، إن هذا يمثل ما يمور به قلب الأمة حالياً من الحيرة والإحساس بالعجز والمهانة، وتعيش الأمة حالياً مرحلة عصيبة جديدة تشبه الحالة التي بدأت شعر التفعيلة، وهكذا انتهت الموجة المتصاعدة من الحلم والأمل والصراع، ووصلنا إلى القاع، فالشعراء يتفارقون في الإحساس بما هو عام وأعتقد أن جيلاً كاملاً يتقلص إحساسه بالعالم إلى حد الانحباس في مصيدة صغيرة من همومه الشخصية. على جثتي.

    * برغم أن الدولة قد منحتك قبل سنوات جائزتها التشجيعية في الشعر إلا أنك لا تحظى برضا مؤسسات النشر في مصر.. لماذا؟

    ـ منذ بداية الستينات، وأنا مضطرب العلاقة مع المؤسسات الثقافية وأذكر أن صلاح عبد الصبور رحمه الله عندما كان مسؤولاً عن مؤسسة النشر الرسمية للدولة أقسم أنه لن ينشر لي كتاب ولو على جثته!!

    ولذلك كنت ألجأ إلى نشر دواويني في بيروت وبعض العواصم العربية ولندن، وأحياناً في دور نشر خاصة في القاهرة، وهذا سبب لي بعض الارتباك في ترتيب نشر الدواوين، وفي وصولها للقراء المصريين من ناحية أخرى، وقد حاولت تعديل هذا الوضع من خلال نشر جميع دواويني من خلال هيئة الكتاب، واتفقت على ذلك مع د. سمير سرحان رئيس هيئة الكتاب، ولكن ولأسباب شخصية وبيروقراطية كانت الدواوين تسحب من المطبعة قبل صدورها، والحمد لله أن منّ علي بما هو أفضل من خلال نشرها في دار الشروق.

    --------------------------------------------------------------------------------

    القاهرة ـ وكالة الصحافة العربية

    http://www.alhafh.com/web/ID-452.html
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de