دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
لا أحد يفتقد الثمرات الثلاث ...
|
( لا علاقة للصورة أعلاه بالنص أدناه .. مجرد علاقة عدد )
***
ذات عاصفة مباغتة .. و ظلامٌ دامس يحجب الرؤيا .. سقطت ثلاث ثمرات من على غصن الشجرة المتخم بالثمار ...
( الفجيعة المضاعفة .. تلجم ألْسِنة الحزانى .. و تجعل أفواه النواح خرساء ..فيذرفون دماً بدلاً عن الدموع )
إحدى الثمرات كانت قد غزتْها جحافل من أنواع النمل و العناكب.. فتركتْها خاوية من الداخل .. بينما خديها يحتفظان بشيء من توردهما .. خاوية إلا من ألياف تتمسك بأهداب نواة الثمرة ... كأنها تستجديها نفْخ الروح فيها من جديد . تراخت عنها أصابع الشجرة الأم .. فما احتملت قوة الرياح العاتية .. بينما راحت الشجرة تناشد الأوراق و الأغصان أن تزود عن فلذاتها .. فهي بالكاد ينوء جسدها بكل هذا الحِمْل ..
( مَن يكون في الملمات ضعيفاً لا حول له و لا قوة .. ثم مضطراً يناشد مَن هو أضعف منه .. تتداعى إلى نفسه أمواج الإحباط في درجات متفاوتة .. و تتنازعه ومضات الأمل كبريق عيني وحش جريح في حلكة الظلام .. يروم يد المساعدة و في نفس الوقت يتحاشاهالعلمه بأن الطالب أضعف من المطلوب )
بينما كانت الرياح تراوغ الأوراق و تمرق من بينها .. محدثة صفيراً متدرجاً.. إستغاثت الثمرة بإخواتها ... و لكن الثمرات كن مشغولات عنها بإجترار الرحيق الجاري في عروقها حتى الثمالة التي أفْقدتْها الإحساس بمن حولها .. و لاهيات بالعبق المستشري في المكان من قشورها... يتمايلن في لهو طفولي مع حركة الرياح .. يحْسِبْنه مرحٌ بريء. فسقطتْ الثمرة و هي تنادي أمها الشجرة ... و لكن صوت الريح كان أعلى .. فضاع النداء كصرخة في وادٍ.. أدركتْ الشجرة أن الثمرة قد هلكت و لا رجاء في عودتها ... فانصب اهتمامها على باقي الثمار ...
( لا يعرف أحد إلى يومنا هذا كيف يكون شعور الإنسان يهوى إلى قدره المحتوم ... مواجهاً الموت و الهلاك و هو ينادي مستغيثاً و كل مَن حوله لا يسمع و لا يحس أو يصطنع ذلك .. )
و الثمرة الأخرى .. منذ أن بدأتْ برعماً عند منحنى الغصن .. كانت تعاني من مشكلة في النمو و مجاراة أخواتها في الشَب عن الطوق و التشبع بمختوم عصارتها... ضعيفة .. و مهددة بالسقوط بين لحظة و أخرى. أفزعتْها قوة الرياح .. إلتصقتْ بثمرة قربها كانت في عنفوان أيام قطافها .. فأبعدتْها بلكزة ساعدتْها الرياح على زيادة قوتها .. فسقطت قرب الثمرة الأولى .. حاولتْ أن تزحف نحوها طلباً للحماية .. فتدافعت جموع النمل نحوها .. مختزلة جهد الطلوع إلى الأعلى .. و غطتْها بالكامل تمتص ما تبقى من حياتها.
( الضعاف من بني البشر .. الضعاف فقط هم الذين يراهنون على الإستقواء بالعشيرة .. فقد إختلط حابل الحق بنابل منطق القوة ).
الثمرة الثالثة ...
أصابتْها مخالب طائر ليلي لم يحسن الالتقاط ... فرفرف بجناحيه .. و أطلق صيحة الخيبة و أنطلق مارقاً من بين الأشجار ... يروم ثمرة أخرى تطالها مخالبه .. و بجرحٍ غائر على جنبها ... سقطتْ هي الأخرى .. تنزف رحيقاً إختزنتْه طوال الصيف ...تنتظر قدرها المحتوم
( وقوع المصيبة .. و لا إنتظارها ... )
و إنقسمتْ جحافل النمل بين متسلق ساق الشجرة .. و بين متحلق حول الثمرة المريضة .. و بين مهرول إلى هذه التي تلفظ عصارتها .. بينما جرحها يغري الجحافل بالولوج إلى لب الثمرة عبر هذا الرحيق المندلق. سقطت الثمرات .. بالقرب من ساق الشجرة الأم .. التي تقف كأن الأمر لا يعنيها في شيء ... استسلام لحزن أبدي .. و ركون إلى القدر المحتوم .. و فجيعة تتكرر كل موسم .. حتى تحجَّر قلبها فصار أقسى من ساقها التي تغطيها طبقات لحاء خشنة .. فالثمار لا محالة مقطوفة عنها الواحدة تلو الأخرى .. تقف وسط هوج الرياح .. كجبل راسخ ... تنتظر إنتهاء أغصانها من الثمار .. تترقب خسارتها لفلذاتها .. بهلع لا يجديها نفعاً حيث لا نصير ... لتبدأ مخاضاً جديداً .. برعماً برعماً .. بتْلة تلو البتْلة .. زنبقة بعد الأخرى .. ثمرة إثْر ثمرة ... تحس بها تُثْقِل كاهل أغصانها و فروعها .. تستقبل أرتال الفراشات و ممالك النحل و جيوش النمل ... يزورها زوار الليل أنواعاً من الوحش و الطير يحتك بها دون مَنٍ منها أو أذى .. فتفقد لحاء ساقها .. طبقة من بعد طبقة .. لا تعرف إلى أي حدٍ وصلتْ شرايين جذورها ... و لكنها على يقين بأن حدود جذورها آمنة .. فتبقى سعيدة بأن جسدها يتلقى منها العرفان فيمدها بأسباب بقائها و نضارتها .... تهدأ الريح .. و لكن إلى حين .. ثم تنجلي معركة الليل غير المتكافئة .. تنتشي الثمرات المتدلية مع أولى قطرات الندى المنزلقة على خدودها .. و تنثر الفراشات ظلالاً من الألوان من أجنحتها الزاهية .. و مع أهازيج العصافير.. و أصوات هرولة الأوراق الجافة بين سيقان الأشجار .. لا يفتقد أحد الثمرات الثلاث... و كأنها لم تكن ... فبعد حين .. ستتدلى ثمرات و ثمرات .. لا تعرف من كان قبلها .. و من سيأتي بعدها .. ناموس الحياة الأزلي ...
*** إضاءة خارج الغابة :
النسيان ( نعمة كبيرة ) لا نعرف قيمته إلا حينما نجلس في وحدتنا نلوك خيوط الذكرى ..
*** الرياض ذات خريف
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: لا أحد يفتقد الثمرات الثلاث ... (Re: ابو جهينة)
|
Quote: النسيان ( نعمة كبيرة ) لا نعرف قيمته إلا حينما نجلس في وحدتنا نلوك خيوط الذكرى .. |
ترى هل تملك الأشجار خاصية النسيان ؟ أقصوصة مترعة بالحكمة .. تبعث وتحس على التأمل .. شكرا يا أبا جهينة .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لا أحد يفتقد الثمرات الثلاث ... (Re: محمد على طه الملك)
|
Quote: ( مَن يكون في الملمات ضعيفاً لا حول له و لا قوة .. ثم مضطراً يناشد مَن هو أضعف منه .. تتداعى إلى نفسه أمواج الإحباط في درجات متفاوتة .. و تتنازعه ومضات الأمل كبريق عيني وحش جريح في حلكة الظلام .. يروم يد المساعدة و في نفس الوقت يتحاشاهالعلمه بأن الطالب أضعف من المطلوب ) |
يعطيك العافية يا ريس
يسلملي ها القلم الشفيف ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لا أحد يفتقد الثمرات الثلاث ... (Re: محمد على طه الملك)
|
عزيزي محمد علي طه
سلام كبير
Quote: ترى هل تملك الأشجار خاصية النسيان ؟ |
بعض البشر كالأشجار ... يموتون وقوفاً و جذورهم ضاربة في عمق الأرض ... يفقدون فلذاتهم و لكن لا يتوقفون عن مد أمنا الأمة بالذرية .. يقفون و هم ينشرون ظلالا و فيئاً .. هؤلاء لهم خاصية النسيان ... يشتركون مع الأشجار في صفة يتقاسمونها سويا
دمتم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لا أحد يفتقد الثمرات الثلاث ... (Re: ابو جهينة)
|
Quote: الثمرة الثالثة ...
أصابتْها مخالب طائر ليلي لم يحسن الالتقاط ... فرفرف بجناحيه .. و أطلق صيحة الخيبة و أنطلق مارقاً من بين الأشجار ... يروم ثمرة أخرى تطالها مخالبه ..و بجرحٍ غائر على جنبها ... سقطتْ هي الأخرى .. تنزف رحيقاً إختزنتْه طوال الصيف ...تنتظر قدرها المحتوم |
بالطبع لا علاقة للرد أدناه بالجمال أعلاه.. في أحايين كثيرة أجدني حائرا في التعليق لو قمنا بتفكيك هذا النص والنظر إلى فضاءه لن نجد ما نقول سوى مدهش..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لا أحد يفتقد الثمرات الثلاث ... (Re: حسين محي الدين)
|
كثيرة هي الثمرات التي سقطت عزيزي أبو جهينة.. وتسقط أخريات كل يوم وبدوي شديد ولكن على آذان وقرت.. ونفس بشرية ما فتئت في لهاث متعثر نحو غاية لا تُنال ومرغوب لا يُدرك.. يقال إن أبا حيان التوحيدي أحرق كل كتبه وغسلها بالماء في آخر حياته.. ولما سأله القاضي أبو سهل علي بن محمد أجابه بأنه أحرقها لأسباب منها أنها لم تحقق ما أراده لها رغم أنه أودعها حياته وروحه..وملأها بالعلم ظاهره وباطنه ومنها أن يتركها لأناس لا يفهمونها فيعبثون بها ويشوهونها.. في تفاصيل حروفك تكمن متعة تحلق بالقاريء في فضاءات يسبح فيها كمنجذب أطربته نشوة التحليق لما وراء المألوف من الكتابة..
سرد سهل لمن أراد أن يستسهله وعميق لمن أراد الإبحار عكس التيار..
لك الود أخي أبو جهينة..
الزاكي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لا أحد يفتقد الثمرات الثلاث ... (Re: ابو جهينة)
|
Quote: ذات عاصفة مباغتة ..
|
نكون أحياناً في حزن.. نعرف أسبابه مرات.. ونجهلها..... أخري . . وتباغتنا عاصفة فرح.. مثل .. هذا.. النص.. المفرح.
فلا يبقي فينا .. شئ من الحزن.. سوي زكراه.. فقط..
شكراً علي الجمال والدهشة..
_________ نص مباغت و مُفرح..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لا أحد يفتقد الثمرات الثلاث ... (Re: فاروق أبوحوه)
|
تحياتى ابوجهينه اتابع كل حرف من مدادك فى صمت ففى حضرة كلماتك اقف حائره امام هذا الجمال وعمق المعنى وسهولة السرد .
لشد ما المنى هذا
Quote: إلتصقتْ بثمرة قربها كانت في عنفوان أيام قطافها .. فأبعدتْها بلكزة ساعدتْها الرياح على زيادة قوتها .. فسقطت قرب الثمرة الأولى .. |
ثم كان التفسير
Quote: فقد إختلط حابل الحق بنابل منطق القوة |
تغيرت النفوس كثيرا وصار البقاء للاقوى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لا أحد يفتقد الثمرات الثلاث ... (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)
|
عزيزي و صديقي الحبوب أبوبكر يوسف
تحياتي و مودتي
Quote: نلتقيك على شاطئ رقمي يسوده جنون الحكمة كما هو عالم المجرات التي تلتقي كما التقت مجراتنا ذات يوم في جنون رحلة الآداب والفنون في الزمن اللآهث الأعجف ، إنها الحكمة التي تدور في تخوم سماء أطياف متمردة لم تر النور بعد، أقرأ بين سطورك وكأنك ما زلت تعيش في متاهة البحث عن الحقيقةا لعلها تولد مع عودة طيف ننتظره ذات يوم، والأطياف لا تعود يا صديقي فهي طاقة من نور تتجه باتجاه واحد سابرة أعماق الكون المجهول حتى تتلاشى.. يقولون أن الطاقة لا تتلاشى وقد تعود بشكل آخر وتجسيد آخر لكنها تحمل في طياتها عبق المتحول وتتجسد في ثوب الحكمة أنت رائدها .. |
نعم يا صديقي ... لا زلت أعيش في متاهة البحث عن الحقيقة ... و بمثل هذا الحرف الذي أتيت به أنت ... يتم إنارة عتمات كثيرة و تتفتح دروب غير سالكة فلك الشكر كن بخير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لا أحد يفتقد الثمرات الثلاث ... (Re: ابو جهينة)
|
Quote: فبعد حين .. ستتدلى ثمرات و ثمرات .. لا تعرف من كان قبلها .. و من سيأتي بعدها .. ناموس الحياة الأزلي ...
|
للعزيز ابوجهينة جحافل الود
دا حال الدنيا ياريس
وشكراً على التداعي الجميل
والنثر الكثيف
مع ودي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لا أحد يفتقد الثمرات الثلاث ... (Re: ابو جهينة)
|
Quote: تنتشي الثمرات المتدلية مع أولى قطرات الندى المنزلقة على خدودها .. و تنثر الفراشات ظلالاً من الألوان من أجنحتها الزاهية .. و مع أهازيج العصافير.. و أصوات هرولة الأوراق الجافة بين سيقان الأشجار .. لا يفتقد أحد الثمرات الثلاث... و كأنها لم تكن ...
|
الاخ ابو جهينه وعندكم الخبر اليقين يأتينا بردا وسلاما
| |
|
|
|
|
|
|
|