لم يتبدل الحال كثيرا ... والحال نفسو الحال . فقط استبدلت زوايا النيسان وحل محله صندوق تعارف فيما بعد ( بالبص السياحي ) وبالتالي زال من اوجه فتيات القريه انبهارهن ( بالسواقين والعطشجيه ) بزوال المؤثر ( النيسان ) وهكذا كبرت الاحلام وتطاولت المسافات بين فتيات القريه وفوارس او حوارس احلامهن في السابق . كان هذا البص هو نصيب القرية من ( كوتة العولمة) لربطها بقري العالم وحواري باريس وزقاقات كوالا لامبور . حيكومة الولاية اصدرت قرارا كان الاغرب في تاريخ القرية ... اذ علي جميع المزارعين استبدال محاصيل العام ( بالعدس ) ... اطفال القرية كانو منشغلين ( بالكناتين) التي تجوب نيلهم .. ملوة البلح ويدوك معلقتين طحنية .. دقة القنقليز بعشرة تمرات .. كواري الحلب تجوب القريه شرقا وغربا الان فقط يشاهدون نافخي الكير وهم يقومون باصلاح ( الكوانيين ) ولحام كفتيرات الشاي .. من حول لحول والنساء يترقبن قدومهم فيخرجون عددهن وعتادهن لاصلاحها واعادتها للخدمة مرة اخري ومن ثم التفاخر بها في المناسبات القليلة جدا... نهاية الموسم يعني بداية افراح القرية بعد عناء طويل .. مناسباتهم لاترتبط كعادة الناس بالاعياد انما بمواسم ( التمر - القمح – الفول ) واي فرح يتاجل . بعض المتشددين يوقتون ( سماية ) اطفالهم تيمنا وبركة بالموسم بالرغم من عدم وجود منظمات التوعية الاسريه واقراص العولمه وتوابعها .. تحكي ( جدتي ) دائما عن مجاعة ( سنة ستة )وتجزم انها اقتاتت البرسيم وصفق النيم لعدة ايام .. يااه كانت ايام . الحال وقف ومعظم اهل القرية سكنو( الترب) هذي الشواهد كلها تؤكد صدقها ( ومن ضعف القبر تتاكد ماحاق بالقوم) تحكي ذلك وهي تمسك باحدي سبايط ( البركاوي ) كانت القرية نموزجا لصفاء السيرة والسريرة ... اهتماماتهم لاتتجاوز جغرافية القرية ناس في حالهم ومبسوطين يربطهم بالعالم الخارجي ( راديو ترانزستور ) يمتلكه حاج ابراهيم . الجميع يهرعون بعد صلاة العشاء حيث مسطبة الحاج ابراهيم لمتابعة اخبار الوفيات .. يحزنون جدا ولكأن المتوفين من ( بقية اهلهم ) ... مات الكثيرين هنا الا ان هواء امدرمان لم يكن لهم بالمرصاد ( راديو السودان اعني ) لاعلاقة لهم بما يحدث خا رج جغرافيتهم .ماعندهم في السياسة ويحكي ( ناظر ) المدرسة كثيرا عن انقلاب 71 وكيف انهم ارسلو تلغراف لقاده الثورة وبعد تلاته يوم رسلو برقية تانية ( يحمدلو السلامه للنميري ) ومن ديك وعيك .. السياسه تجر المصائب انتهت علاقتهم بالسلطة في تلك الفترة تقريبا .. يسمعون لماما بحيكومة الولاية .. الا ان كان صباح ذلك اليوم والقرية كلها تبدا يومها المعتاد .. كان حدثا وعربات ال ( ZY) الصفراء عليها يافطة من الدمورية تزين مقدمتها تجوب شوارع القريه لترويج وتأصيل مشروع ( كيلة المجاهد) وياليتهم اكتفو بكيلة كيلتين كان كفي ... وهكذا دخلت عربات ال ( ZY ) علي حين غرة وبدون سابق موعد .. اطفال القرية كانو يسابقون الريح الي حجر امهاتهم خوفا من هذه المحركات الكبيرة جدا ( اول مرة يشوفو عربات صفر) .. عصر ذالك اليوم جمع ( بضم الجيم) الناس في حوش العمدة قرئت كلمات عدة وجاء دور كلمة القرية رحب بالوفد ( الواطي المستوي ) وثمن علي انجا ذاتهم واكد سيادته ان القرية بشيبها وشبابها سيكونون رهن اشارة الحيكومة وفي الصفوف الاولي واننا اذ نبايعكم في السراء والضراء جنودا تحت رايتكم وانهم ومن ذات ( المسطبه) !!!! ( تخيلو) يؤكدون لدول الاستكبار وقفتهم الشرسة ضد كل من يحاول المساس بارضنا ( كان صادقا في اقصي حالات التجلي هنا) ملحوظه : الخطاب تم اعداده من قبل ورشه (خطاب ) ضم كل من ناظر المدرسة والعمدة واحد متابعي الساحة الاقليمية والدولية تم احضاره خصيصا من قرية مجاورة . ستة ايام بلياليها والورشه تعقد اجتماعاتها . سته ايام واهل القرية يعدون العده لاستقبال المجهول القادم اليهم .. يتفاخر ناظر المدرسة بان السرية كانت مطلوبة لذلك لم يتم اعلان الوفد حتي لايتسلل الخبر لاعداء الثورة .. سته ايام واهل القرية يقاسمون العزاء البلاد باسرها في مصابها الجلل ولا يعلمون يانهم صباحا سيستقبلون ( البيكتلو الكتيل ويمشو في جنازتو ) لا مفر اذن وكلها ساعات يغنو ويرقصو ويقبلو لي فراش تاني .. الوجوه التي ارهقتها الادوية البلدية والمقبرة الجديدة التي تقع في وسط البلد تشهدان الحال المذري . اعيان القرية ووجهائها تشاور كثيرا حول ميدان المدرسة وضرورته . بعض الذين كانو يراهنون علي ان العقل السليم في الجسم السليم اصرو علي بقاء الملعب بالرغم من الهزائم المتتالية لفريق القرية في مقابل انتصارات الموت . الجانب الاخر واستنادا علي اخر احصائيات الوفيات بالقرية اكدو بان القرية وفي غضون سنوات قليله ستنام بين الشواهد ..( ومامعقول كل يومين نمشي لحدي اخر البلد عشان الدفن ده غير انو المقبرة القديمه زاته اتملت بالخلق) وهكذا استقر شبح الموت في اذهانهم وكل ينتظر اجله ( ولكل اجل كتاب ) . صدق الله العظيم واستدلو في دفاعهم باخر حالة وفاة قبل تلاته اسابيع ( حمد ود سكينة) عندما توفي في تلك الليله الحالكة السواد انتظر اهل القرية فجر اليوم التالي لمواصلة الدفن ( بي بساطه الناس ممكن تستفيد من دينمو النادي ) وحمد للذين يودون معرفته انتقل الي جوار ربه بعد ان فشلت شفخانه القرية في توفير انبوب اكسجين .. رحل حمد وهو يلعن ابو اليوم السكنو الحلة دي ... ومع كل رحل وهو يمني نفسه ( ببرطمانية ) اكسجين تبقيه قليلا ليلقي نظرة الوداع لمحبوبته التي انتظرت هذا الموسم اكتر من اي زول تاني .. (حمد ود سكينه ) شوهد وهو يحضن نصف شوال من ( القنديله ) علي ظهر (حماره ) بدون مقدمات ولكأن امشير قدمت حضورها قامت ( كتاحة ) حمل بعدها حمد علي اكتاف الرجال للشفخانة . يحكي الكثيرون بانه قاوم كثيرا لاجل البقاء ( كم تشبث ماتشبث كم تجاسر ثم مات وماتزكر للنجوع ) ضاقت بنا القرية في تلك الليله . وهكذا احتل ميدان المدرسة وتحول بين يوم وليله الي مقبره جديده تم افتتاحها بعد حضور الوفد الرسمي وكتب عليها ( مقابر حسن الخاتمه ) تماشيا مع الظرف العام وتوجهات الدوله وهكذا استقر محصول العام في لواري (الZY ) التي عادت ادراجها وهي تنهب ارض القرية في طريقها الي مقر الولاية . وعاد اهل القرية لمواصلة عملهم المعتاد بعد ان فقدوا الموسم باثره وافراحه فقط ادركو بان عليهم الرحيل فورا قبل ان تتحول مضاجعهم لي ( كوم تراب ) . انتهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي
12-25-2007, 10:26 PM
خضر حسين خليل
خضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087
مشتاقين ياستي .... ولكل أجل كتاب ... هذا ما عنيت بالنهاية ياصديقتي موات الأمنيات وموات الأغنيات وموت ثم موت ثم موت هي ظروف بلادنا وأحاويل الفقراء مع سلوك الأونطجية وسارقي قوت الناس
شكراً لحضورك
سلمت
12-25-2007, 11:03 PM
سلمى الشيخ سلامة
سلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754
ميزة القري ياسلمي إنها تترك بدواخلنا تفاصيل لا تنسي أشياء نعتقد في حينها إنها صغيرة وبسيطة ... لكن تظل هي ركيزتنا التي نستند عليها في مقبل أيامنا في حلنا وترحالنا ... يالسلمي أنا أحاول أن أنظر لتلك القري بقلب مفتوح وبصيرة أوسع علني من خلالها أنفذ لجوهر معاناتهم ..... شاكرين حضورك الجميل وخليكي قريبة
12-25-2007, 11:16 PM
Emad Abdulla
Emad Abdulla
تاريخ التسجيل: 09-18-2005
مجموع المشاركات: 6751
Quote: هي ظروف بلادنا وأحاويل الفقراء مع سلوك الأونطجية وسارقي قوت الناس
يا الطنباري المحزون .. ذاك و أمر البلاد العصي .. " الزد واي " تنهب و تقلع : بختكم بقيتو تعرفو أسامي العربات . حمد ود سكينة لم يستنشق أكسجينا من حقه : غلطان حمد , داير يمحّق علينا الهوا كمان ؟ أهل القرى طيبون و وادعون و خانعون و قانعون : برافو عليهم , أصلح الله امرهم .. صالحون .. صالحون . المقابر بالمرصاد و الزاد بالكاد : مبروك , مقابر لنج .. تقطّعوها بعرق العافية .
و .. لأننا شتات يا صاحب .. و فوضويون و مرابون و سيئون و نخاسون بالقضايا . فسيبقى أمر البلاد عصيا .
عيدٌ بأية حالٍ عدتً يا عيد .. بما مضى أم لأمري فيك تحييدُ .. نامت نواطير بلدي عن مرؤتها .. و حاربت بدلاً عنها الأناشيدُ .
12-26-2007, 00:22 AM
خضر حسين خليل
خضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087
Quote: ماعندهم في السياسة ويحكي ( ناظر ) المدرسة كثيرا عن انقلاب 71 وكيف انهم ارسلو تلغراف لقاده الثورة وبعد تلاته يوم رسلو برقية تانية ( يحمدلو السلامه للنميري ) ومن ديك وعيك .. السياسه تجر المصائب انتهت علاقتهم بالسلطة في تلك الفترة تقريبا
أرجعتني لتلك الأيام ... أذكر تلغراف التأييد .. و التلغراف ال بعد 3 أيام
و بالفعل .. من ديك ... و الناس لا تثق إلا موعد قدوم الدميرة و وقت نضوج التمر و يوم قدوم الباص من أمدرمان.
ألا تزال تجارة مقايضة البلح ببضائع الكناتين باقية ؟
تحياتي للأسرة و خصوصا الأهل بالكلاكلات
دمتم
12-26-2007, 01:07 PM
خضر حسين خليل
خضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة