ـ كُنَّا مُستضعَفين و أرض الله واسعةً فهاجَرنا ، تعذبنا ثم متنا.
كنبات الصَّبار ، قليلٌ من الماء يُحييه والكثير يقتُله !.
استغفَرت وبكيت .
عليك اليوم أبكي جَسدي ، فأنا وطنٌ تآمرت عليه أُسود الدُنيا ، بعد أن خربتُه فئران الزمن الآسن . خلعت لهم ثوبي القديم وكان يستُرني ، وما ارتضتْ . خلعتُ لهم عِريي فاستأسدوا يَقضُمون اللحم الطّري ، وأنا أبلّ جُروحي بالقَطِران لأشفى .
كنباتٍ بريّ ينهُض في تِلال المَنافي ، رحل مني بعضُ جسدي فأرض اللهِ واسعة . انسكب الماء القاتِل على الأوردة الصغيرة والكبيرة وشُعيرات الدم ذات صُبحٍ من يوم قبل أن ينقضي العام . أسلمَ بعض الصبَّار الروح و رحل بعضه الآخر على عَجل إلى الموت ثم تبعه من لا نعلم !.
الدُنيا جالسةٌ مُبصِرة تشرَبُ القهوة و تشهَد التلفاز ، وزرافات توجعي كسيل الوديان الغاضِبة جنوب الدُنيا أو كبياض ثلوج الموت في شمال الدُنيا !.
ربي ..
أستأذِنُك لأصرخ من أَوجاعي ، فقد خانتني شجاعة صَبري وكلبُ الكآبة الأسود يركُض في شرايين دَمي كلها . يشهَدُ موت بعض جسدي كل ملائكة الغُفران ، وحاملي الأرواح ، والنأي المَلكوتي صفاً صفا . صَرخ طفل أخضر العُودِ :ـ
ـ ماذا يَجري يا أُمي ؟
أحِبَّة الصِغار من ملائكة اللُطف سريعاً تخَطَّفوا الأرواح الصغيرة التي لا تعلم . عاجِلاً في رحيلهم إلى المآب سيصبحون وِلداناً مُخلَدين لذوي الأرائك في النعيم المَمدُود في الكُتب السماوية . من أين أتيت أيها الوَجع الجديد ، وفي أي جنبٍ اجتَرحت شرخاً وفي جسدي دَلفتْ ؟ من مكان ما في جسدي المُترهِل مليوناً بُلُغة الحِساب والخُسران المُبين نَضبت شراييني والشُعيرات ، فهرب بعضُ لحمِي يطلُب اللجوء عند غيري كي لا يسقُط كالطين الجَاف من كَبِدي رماد .. فأرض اللهِ واسعةً !. فرَّت الخلايا واحدة أو اثنتين أو عائلة قطَع دابرُها سيفٌ بَتار لا يرحَم . لا مكان اليوم لصليل الحناجِر لتُغني أغنيةً .
قال شاعرٌ من جَسدي للاستقلال :ـ
ـ نُغنى اليوم يا موطِني لحريق المَكُّ في قلب إسماعيل الدَّخيل .
من غضبة شَعبي نهضت الكرامة التي لا تَدوسها أحذية البُغاة . من ذات الجهة الشمال و من مِصرَ الصَديقة والرفيقة في أغانينا ومجد الخُرافة :
عاد حليب الموت يُقطِّر من تحت قُبعات أحفاد الدفتردار !.
من موت بعض القُرى على الضفّة الغربية من جسدي أو تَحتي جنوباً ، لا يُحرِك الموج ساكِناً حين تَخرُج أصدافي إلى الشاطئ دواما . إنها القصيدة وحدها في دُجى الليل تشتَعل ، تأكُل من شمعها وتُضيء لنا الطريق .
قال شاعر آخر من جَسَدي :ـ
ـ نِحنَا السَّاس ونِحنا الرَّاس ..
دوماً يقولون ماضينا أبشَعْ أو أجمَل ! وحده العُشب من حول الصبَّار ، وقفَ وبَكى وأستنصر بالصِغار ، فالكِبار حَيرَى على مُفتَرق الدروبِ ينظُرون !!. يا مواجعي .. أي صفحة من العُمر ترقُد أحشائي لأنام نومة أهل الكهف ، وأنسَ طُهري وفَجيعَتي ونواميس الكون التي لا ترحَم .
Quote: دوماً يقولون ماضينا أبشَعْ أو أجمَل ! وحده العُشب من حول الصبَّار ، وقفَ وبَكى وأستنصر بالصِغار ، فالكِبار حَيرَى على مُفتَرق الدروبِ ينظُرون !!. يا مواجعي .. أي صفحة من العُمر ترقُد أحشائي لأنام نومة أهل الكهف ، وأنسَ طُهري وفَجيعَتي ونواميس الكون التي لا ترحَم .
تراجي.
01-06-2006, 04:55 AM
معتصم الطاهر
معتصم الطاهر
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 3995
هو كأس الحُزن نشربه غصبا والدنيا حولنا صامتة ، ممددة هي على أرائك الراحة أجزم أن قتلانا أنبل من قتلاهُم الموت على التلفزة والموت بعدها ولم يزل لمن لا يعرف
01-06-2006, 12:39 PM
عشة بت فاطنة
عشة بت فاطنة
تاريخ التسجيل: 01-06-2003
مجموع المشاركات: 4572
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة