دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
الراحل الدكتور حافظ فضل .. حلمٌ لم يحن موعد رحيله .
|
الراحل الدكتور حافظ فضل .. حلمٌ لم يحن موعد رحيله.
حالماً عاش بيننا، وحالماً رحل. لم يُرد أن يكلف أحباءه كثير شيء غير الرحيل بهدوء. في عين معارك الدُنيا كان حافظ بلسم الجراح. نردٌ تدحرج علينا في مُنعطفات العُمر، وكسبنا إنسانية فيَّاضة لم نعرف كيف نُدونها. مسته ريح من يجلسون للصفاء النفسي سويعاتٍ ينهلون من الصفاء فوق ما نعرف. لن تجنح سفائننا إن نظرناه كمؤسس حياة عِرفانية لا تعرف لها شريكاً غير روح تخفت متسربلة عبر قرون ولبست جسده . كمؤسسي الديانات القديمة، يمشون بيننا ويمتلكون قلوبنا ونحن لا نعرف كيف تدور الدُنيا بكل رغائبها، وهي على يده خُبزاً يصنعه حافظ من أجلنا دوماً. بين المعرفة والمحبة والصداقة يتخذ حافظ لنفسه الجمع بين كل العلائق الإنسانية ويتجرعها راضياً.
رآني أول مرة على سرير الاستشفاء زائراً، فلدينا أصدقاء مشتركين بيننا. أمسك يدي بمحبة، وبدأ يسرد لي عن الدنيا من حولي يُجملها، ونسيت أنني على حافة رحيل أبدي أو أكاد. من صنع يديه كان يحضر لي طعاماً ( عُزوبياً ) فاخراً، مغموساً بمحبة لا أول لها ولا آخر. يسافر من أقصى برلين إلى أقصاها وأتجمل بمرآه ومُحادثته . يقول الطيبون من بُسطاء شعبنا:
يرحل الطيبون عن دُنيانا عاجلاً، أما الأشقياء فيركضون خلفنا. رحل الطيب الإنسان بلغته ولغة العصر، وإنني متفائل بأن مسلكه بما يُضمر من فكر، سيبقى بيننا:
لم ينته الأمر برحيله. فالذهن البشري خلاق وقادر أن يقفز من حواجز الجسد وسجونه ويحطّ في جسد آخر، ولستُ مُخطرفاً.
عبد الله الشقليني 15/05/2006 م
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل الدكتور حافظ فضل .. حلمٌ لم يحن موعد رحيله . (Re: عبدالله الشقليني)
|
قد تبدلت الدنيا وأصبح الأمل ذكري وصمت الصوت القوي وأنطفئت الومضة وتبدد الحلم وتجهم الواقع ونعي الناعي أن الدكتور حافظ فضل قد مات وبفقده فقدت السودان ركنا مهما من المباديء والقيم النبيلة. كان بشوشا متواضعا مع الجميع الصغير والكبير وكان أسدا هصورا في قول الحق ومجابهة الصعاب بعزيمة الرجال . ان الكلمات لا تفي والدموع لا تشفي وفى القلب لوعة وفي الكبد حرة لا تنطفيء , فنم عند مليك مقتدر في جنات الخلد مع الصديقين والشهداء.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل الدكتور حافظ فضل .. حلمٌ لم يحن موعد رحيله . (Re: عبدالله الشقليني)
|
أستاذي عبدالله،
لك التحايا الخالصة، ولنا ولآل الفقيد الصبر.
الدكتور حافظ عليه رحمة الله، والد زمينا د.مازن حافظ، عرفت فيه أبا مثالياوقائد وقدوة.
وعرفته من خلال الزميل د. أحمد المعتز محمد محجوب، الذي عاصر وجوده في المانيا وكان (كما يحكي لناد.أحمد المعتز) بمثابة الأخ الأكبر للجميع، ولم ينسى أن يذكر فضله في دعم الحركة الطلابية هناك.
وعرفته من خلال والدي د.أبوالقاسم محمد، الذي زامله في إحدى فترات الدراسة. فعرفت عبره رجل في منتهى الطيبة، لا ينبغي أن يكون سوى طبيبا بارعا، ومثقف يحب وطنه، وإنسان بأجمل ما تحمل الكلمة من معنى.
له الرحمة والمغفرة. نسأل المولى له الجنة ونعيمها
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل الدكتور حافظ فضل .. حلمٌ لم يحن موعد رحيله . (Re: عبدالله الشقليني)
|
في رحيل الدكتور حافظ فضل ، يُطهِّر الملح مآقينا .
من فاهك يخرُج الغُصن ، وتُمسكُه حَمامة . من نظر مُحيَّاكَ يأتي الخير برداً رقيقاً على البشرة ، وتأتينا السلامة .
في البدء لم أكن أعرف أن طائر الرفراف أو الذعرة أو الكناري أو الحسّون جميعاً أقصر عُمراً من العُقاب . أنتَ عصفور حطَّ على دربي ، ولم أكن أعرف أن عمري اليوم صار أطول إلا بعد أن سمعت أنك هادئاً رحلت . تركت لنا رُكن الشقاء نصطلي و غادرتَنا هَمساً . كانت الدُنيا عندما التقينا حزمة عِشق رغم المُصائب ، ذات سعة وبالناس أرحب . نمُد دفتر الهوية يوم وأقصاه ليلة ، وتفتح لك الأكوان أبوابها.. جيئة ، و إن أردت ذهابا .
حين التقيتُك قبل أكثر من عقدين ، بدوت ناصعاً أنتَ وزوجُك وطفلكما الأول . مجدٌ يُضاحكني رغم أن في البال شواغل . كنتُ أنا على شفا رحيل أبدي أو أكاد ، وكنت أنت بلسم جِراح النفسِ والبدن .
مِن صُنع يداك تذوقتُ طعام موطني ، أدفأ ألف مرة من كل الأطعمة الملوكية التي تأتي بأطباق العِناية . على سرير الاستشفاء جلست أنا وكنتَ قُبالتي تسرُد الحكاوي المُطربة . تركب تُرام المدينة من أقصى برلين الغربية إلى أطراف ( اشبانداو ) ، تحمل قلبكَ على أرجوحة الهوى . طعم حديثك دافئاً ، وداخل جسدك طفلٌ وعالِم ، عصفورٌ يُرفرِف وراحلة سماوية تطوي السماء طيا .
جئتني كأنك تعرفني قبل ميلادي . كأنك لعبت مع أقراني في الضاحية ، أو اشتركنا هوى حين كان العِشق في طفولتنا نقسِّمه كقطعة خُبز . كأن الحلاج قد قرأ حُزني حين قال : ـ
عَجبتُ مِنكَ وَ مِني يا مُنية المُتَمنّي أدنيتني مِنكَ حَتى ظَننتُ أَنَكَ أَني
أي غمام حملك لموطنك ؟ ، وأي سِفر قديم دَلَّكَ أن ميعاد الرحيل قد أزِف وتُراب الوطن خير مرقَد .
ما أعجب الدُنيا ، نودعها بطيب خاطر ، وتستقبلها الأجنَّة بالصراخِ ! . على الضفاف ضَربت الجُروف ماءها أدمعاً ، وارتج كوننا الصغير أن سامِقاً رحل بلا وداع . لأباريق الجنان بمائها السلسبيل أن تَطرَب ، تنسكب بإذن مولاها على مرقدك تُرطبه ، وتُبرِّد من على البُعد مواجِعنا .
عبد الله الشقليني 5/5/2006 م
| |
|
|
|
|
|
|
|