|
|
|
 Re: جريمة قتل في بفرلي هيلز (Re: adil amin)
|
كانت الإمطار تهطل بغزارة عندما اقتربت السيارة مز البوابة الخارجية للقصر المنيف .. نزل حامد , كان يعرف لوس انجلز جيداً درس في جامعتها في كلية القانون .. اقترب من اللافتة النحاسية وتأكد من الاسم جيداً ضغط على الجرس تداعى له نباح كلاب الدوبرمان الشرسة الذي يبعث الرعب في القلوب .. المطر لا يزال يتساقط بغزارة , سمع حامد صوت اليكتروني يأمره بالدخول انفتحت البوابة اتوماتيكاً دخل بخطى واسعة , بهره المكان , كان أشبه بجنة عدن .. دلف دخل البهو الفارة بعد أن دار حول المسبح المغطى بالزجاج الكريستال .. لمح الرجل كان يجلس هادئ يدخن ويرفل في أثواب مترفة .. ظلت تدور في ذهن حامد فكرة واحدة , قتل الرجل والانصراف فوراً .. نهض الرجل وتقدم من حامد مرحبا , اخرج حامد المسدس وبيد مرتجفة لم تتعود على القتل صوبه نحو الرجل الذي عقدت الدهشة لسانه واكتسى وجهه بالرعب الشديد .. دون الطلقات النارية ممزقة السكون , بعد انقطاع المطر فجأة .. انهار الرجل على المسبح وتهشم الزجاج أندفع الدم القاني يصبغ مياه المسبح الخضراء , أخذت الكلاب تنبح بشدة في أقفاصها البعيدة .. تدافع الحراس مشدوهين نحو حامد الذي انهار على المقعد بعد أن القي المسدس جانباً , أخذ يحملق أمامه في ذهول .. جاءت سيارات الشرطة والإسعاف وعويلها يبدد سكون الليل .. كانت هذه الجريمة الغريبة التي هزت بفرلي هيلز وأمتلات بها كل صحف المدينة حامد لاعب كرة السلة السوداني والمحترف السابق في فريق لوس انجلز ليكرز يقتل أحد مواطنيه الأثرياء
(عدل بواسطة adil amin on 03-14-2010, 12:05 PM)
| |
  
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جريمة قتل في بفرلي هيلز (Re: adil amin)
|
كان أصدقاء حامد , سام ومارك ولو من زملاء الكلية الحميمين , مارك ولو من إبطال سباق الرالي للسيارات بينما حامد وصديقه سام من ابرز لاعبي كرة السلة في المدينة .. جمعتهم سنوات حافلة بالمرح .. لم يتوقع حامد انه سيعود يوما مرة أخرى إلى أمريكا بعد أن سافر إلى بلاده البعيدة .. وان يلتقي بأصدقائه في هذا الموقف المؤسف... كان أربعتهم يجلسون في قاعة الاستقبال الكبرى في السجن العمومي بالمدينة ... ظل حامد يجتر ذكرياته المريرة التي ألقت بظلالها الكئيبة على أصدقائه المنصتين في أسى .
إني عائد اليوم إلى بلادي , بعد غيبة طويلة في بلاد العم سام هبطت الطائرة الآن ... ها إنا أرى بعيون خاطري طيف قريتنا البعيد في غرب السودان والسحب الحبلى بالمطر تقترب نحوها من الجنوب , كانت عندما تعبق رائحة الرطوبة في الجو نندفع نحن الصغار ونردد أهزوجة المطر .. قبل أن استرسل في الحديث أود ان أخبركم عن قريتنا الصغيرة التي تقع في شمال إقليم كردفان , اقرب مدينة لنا على بعد مائة فرسخ جنوباً , مدينة الأبيض , نحن ندلل هذه المدينة ونطلق عليها اسم "عروس الرمال" .. الرمال تدل على مدى جفاف المنطقة شبه الصحراوية .. وتدل على مدى قيمة الماء بالنسبة للسكان الذين يعيشون في عشش صغيرة من الحصير وجلود الماعز , كان لابد أن تتخذ المساكن هذا الشكل , لان أهلي من رعاة الإبل الحيوانات الوحيدة التي تتحمل مناخ الصحراء القاسي ذو الأمطار الشحيحة , يقوم أهلي بزراعة القليل من المحاصيل الحولية كالدخن والذرة ويظل لاعتمادهم الكلي على الإبل وبعض الماعز الجبلية ... الأمطار من الأشياء النادرة التي يترقبها الناس في توجس , حتى إذا ما سكبت السماء دموعها , قاموا بحفظ المياه في أعجاز شجر ألتبلدي الضخمة وذلك يقيهم غائلة الشهور الجافة الطويلة التي تربطنا بالمدينة هي الإبل ومن الأبيض غبر الصحراء شمالاً إلى مصر حيث كان يسافر والدي دائماً ويحكي لنا عن مصر البلد الطيب الجميل , وهذا فتح ذهن ابي عن الحياة وقيمة التعليم فأصبح عمدة القرية وما حولها وذراع الحكومة في المنطقة ..
لا زلت أذكر يوماً في حياتي , هطلت الأمطار بغزارة وانتعشت المنطقة سافر الى مصر وباع جمال هناك ثم عاد يحمل المال والوفير والهدايا الثمينة واخذني معه الى مدينة الابيض .. انا صغير قد اعتدت على رؤية قريتنا ذات الأكواخ المحدودة , التي تحيط بها الكثبان من كل جانب .. كانت المسيرة شاقة نسير ليلاً ونرتاح نهاراً ونتحاشى السير في المناطق المنعزلة حتى لا يتعرض لنا قطاع الطرق , فهم قوم شرسون يحملون المدافع الرشاشة , لازلت اذكر ان احد تجار قريتنا سافر وحده يطلب المدينة وانقطعت أخباره حتى عثر عليه احد ابناء قريتنا مقتولاً , نهبت أمواله وترك فريسة للنسور والضباع التي تعج بها الفيافي الموحشة .. سفري مع ابي لمدينة الابيض كان بداية دخولي عالم الحضر والمدارس والتعليم النظامي مع ابناء عمي في المدينة .. عروس الرمال !!
ها انا اغادر المطار واستقل سيارة اجرة الى محطة السكة الحديدية .. ظل القطار ينهب الارض صوب الغرب في بلادي كانت جثث الحيوانات النافقة تلوح في الافق ثم تختفي ورائنا , يبدو ان الجفاف والتصحر كان أبشع مما كنت اتصور ....
في مدينة الابيض بعد مسيرة يوم كامل بالقطار المتهالك ضاعت كل المعالم التي كنت أعرفها في الماضي , لم اجد أحد يدلني على مكان عمي ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جريمة قتل في بفرلي هيلز (Re: adil amin)
|
اشتريت جمل هزيل وامتطيته شمالاً نحو بلدتنا هناك كانت تنتظرني الرياح التي تعوي بين الأكواخ المهجورة دخلت حطام بيتنا , الرمال تدفن كل شي لمحت الحقيبة الجلدية العتيدة التي يحتفظ فيها أبي بكل المستندات الرسمية , اخرجتها واخذت اقلب الاوراق الخاصة بمشروع المياه الذي كان من وعود الحكومة السابقة , كانت صور رسائل ابي الى الخرطوم تقول ان المسئولين حولوا أموال المشروع لصالحهم وهناك أسم يتردد ويتكرر دائماً في الرسائل , كان المسئول المباشر عن ا لمنطقة كان الاسم باهت في الرسائل القديمة ولكنني تبينته جيداً كان المسئول عن شئون الإقليم في العاصمة .
تملكني غضب مدمر آن ذاك فحسب ما افهمه عن العدالة إن هذا الرجل يجب ان يعدم حتى لو كان يتحلى بوسام ابن السودان البار , كان هذا آخر قرار أتخذته قبل عودتي الى الخرطوم للبحث عن الرجل وعرفت انه هرب الى امريكا بعد سقوط الحكومة بالانتفاضة الشعبية واشترى قصره المنيف في بفرلي هيلز حيث الاثرياء المبدعين الذين جمعوا ثرواتهم بجهدهم الذاتي وليس من جثث الناس في دول العالم الثالث .. انها سياسة الامريكي القبيح تصنع الفاسدين في الدول الفقيرة وتملا ايديهم القذرة بالدولارات وعندما تسقط الانظمة يهربون بالاموال ويعودون بها مرة اخرى الى امريكا , هذا الامر نطلق عليه في بلادنا ساقية جحا تحمل الماء من النيل وترده مرة اخرى الى النيل .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جريمة قتل في بفرلي هيلز (Re: adil amin)
|
تنهد الاصدقاء في اسي وهم ينظرون الى وجه صديقهم الذي كساه الحزن العميق , نهض في تثاقل بعد انتهاء المقابلة واستدار منصرفاً وغلقت دونه الابواب .
كان سام وصديقته سارة مقتنعين تماماً بعدالة القضية التي من اجلها ارتكب صديقهم جريمته نصب سام نفسه محامي لصديقه الافريقي فيما قامت صديقته الصحفية اللامعة بإثارة الراي العام حولها كان سكان لوس انجلز يحبون حامد , لاعب كرة السلة الدولي .. ظلوا يتجمهرون أمام المحكمة يحملون اللافتات ويهتفون بحياته .
كانت تدور في ذهن حامد فكرة واحدة , العودة الى السودان وبأي ثمن والبحث عن أهله الطيبين وقد أسر ذلك لاصدقاته ....
قرر أصدقاء حامد الامريكيين تهريبه من السجن واجتمعوا يتداولون أمرهم .. أخيرا قرروا تهريبه الى المكسيك كانت الخطة محكمة , هناك سباق رالي كبير من كاليفورنيا الى المكسيك عبر عدة ولايات ... الخطة تقضي بمهاجمة سيارة السجن بعد افتعال فوضى في الطريق بواسطة أنصار حامد , ثم ادخاله سباق الرالي مع لوو بديلاً عن مارك
في يوم سابق , عند ساعة الصفر .. هاجم سام بمساعدة سارة والجمهور الغفير سيارة السجن وتمكنوا من تخليص حامد بواسطة دراجة نارية .... تمكنا من الافلات من دوريات الشرطة التي اقبلت من كل حدب وصوب . وصلا الى ساحة السباق الذي اوشك على البداية , ارتدى حامد ملابس السباق ووضع الخوذة على راسه وتمكن من الدخول الى حظيرة السيارات المصطفة عند نقطة البداية حيث كانت تقف سيارة الداتسون ولوو جالس عند المقود وهدير المحركات يصم الاذان ....
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جريمة قتل في بفرلي هيلز (Re: adil amin)
|
لحظات وانطلقت السيارات كالسهام المارقة وبدا السباق الرهيب واستقل بعض الاصدقاء الطائرة الى المكسيك حيث كان ينتظرهم مارك ومعه كل المستندات اللازمة من جواز واوراق تخص صديقهم حامد ....
فاز الصديقان بالمركز الأول في السباق من جراء الرعب الذي كان يسيطر عليهما وكلاهما يعرف القانون جيداً تحققت امنية مارك ولوو بالفوز بالرالي وبعد احتفال رائع ودع الاصدقاء زميلهم حامد الذي استقل الطائرة المتجهة الى القاهرة أولاً , جلس حامد في صالة مطار القاهرة الدولي يتامل المسافرين ويقرا الصحف وعقله زاخر بالذكريات والشجن واحاديث والده عن مصر وجمالها وطيبة اهلها ......... مضت ساعات ثم تم النداء على ركاب الطائرة متجه الى الخرطوم .. وصل حامد ليلاً وتخطى اجراءات المطار بيسر بفضل جوازه الامريكي , استقل سيارة اجرة اتجهت به الى ضواحي أم درمان غرب العاصمة حيث كان معسكر النازحين , كانوا يجلسون حول حلقات النار التي تدفع عنهم غائلة ليالي يناير الباردة , نهضوا يحدقون في الزائر الغريب الذي ترجل من السيارة التي هربت بعيداً بعد ان لفظته بين حطام أهله الطيبين .
كان يبدو غريبا بملابسه الثقيلة لكنهم عرفوا فيه أبنهم حامد لان البسطاء يرون بقلوبهم , عرفوا ابنهم الذي عاد بعد سفر وغياب طويل , اقترب حامد من حلقة النار واخرج من جيب معطفه الاوراق والجواز والدولارات والقي بهما في النار ثم جلس بينهم وهمهمات الاهالي تتردد في أذنه باصداء مؤلمة "عاد أبن المرحوم الحاج هارون نادوا أمه فاطمة تسلم عليه ".
انحدرت دمعة ساخنة على خده " اذا توفي والده الشجاع " ..... تداعى الى اذنه صوت امه الاليف الواهن .. " ابني حامد عاد الحمد الله على السلامة .اين هو ؟؟؟" .
تجمع حوله أطفال المعسكر العراة ينظرون اليه في فضول برىء باعينهم الواسعة التي تلمع ذكاء وكروشهم المتدلية .. واصابعهم النحيلة التي تشبه أعواد الكبريت تتحسس أكتافه ووجهه الذي أكتسي بالمرارة الشديدة ..وشبح أمه الهزيل يدلف نحوه ببطء ..
1984
جامعة الخرطوم/ داخلية القاش
| |
|
|
|
|
|
|
| |
adil amin
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست