دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: شذى مصطفى, ,ورحلة لا تنسى على ضفاف النيل في الخرطوم!!. (Re: شهاب الفاتح عثمان)
|
شمس مايو(أيار) تتألق فى عز أوجها، والهواء الساخن يصل العظم والأسفلت يكاد يذوب، لا يبرد هذا المشهد المحترق إلا النيل الذي يحيط بالعاصمة الخرطوم والحدائق الخضراء المنسقة بالزهور والشجيرات القصيرة المختلفة التي باتت تكتسح المساحات الخالية وتحيط بالشوارع والطرقات لتبعث بعض الرطوبة في الهواء.
المواطنون والأجانب والسياح يهربون من قيظ الصيف الذي يبدأ باكرا جدا بالخرطوم ويسبق جميع العواصم والمدن المحيطة، يهربون بالقيام برحلات نيلية عبر السفن الصغيرة والمراكب واليخوت، والبعض الآخر يفضل السباحة أو السباق فوق مياهه بربط حبال على الزوارق السريعة، مياه النيل في هذا الشهر تجري بهدوء، أو هو الهدوء الذي يسبق الفيضان، فبعد شهرين سيتغير المشهد كلية، لا يخلف النيل موعده، ففي أغسطس (آب)، سترتفع المياه حتى تكاد تلامس شارع الأسفلت القريب وتسير بسرعة وهدير وكأنها تلاحق موعدا، ويصبح لونها بلون التراب، وجزيرة توتي الخضراء الجميلة التي تطل على الخرطوم والتي تعتبر من أكبر الجزر النهرية في العالم تنقص أطرافها التي يبتلعها ماء النيل رويدا رويدا، والجزر الصغيرة المتفرقة التي يعمل فيها قليل من المزارعين لزراعة بعض الخضر ستختفي من سطح النيل.
ولكن الآن في مايو(أيار) والنيل يسير الهوينى، في بعض أجزاء منه تظهر الجزر الصغيرة، وتكاد تظن أن المركب الصغير سيوحل بها! الرحلات النيلية بدأت تنشط في الشهور الآخيرة، شركات السياحة تضع لافتاتها وإعلاناتها أينما وليت وجهك تدعوك الى أن تفارق اليابسة قليلا وتستقل أحد مراكبها الحديثة أو الخشبية العتيقة وتمتطي النيل لرحلة تزيد عن الساعتين، وما أن تضع قدميك على المركب إلا وتنخفض درجة الحرارة الى النصف تقريبا كأنك ودعت الشمس على الميناء القريب ودخلت في مدار آخر، الركاب ومعظمهم من السياح الأجانب وجوههم بدت حمراء من لهيب الشمس، جلسوا على المقاعد وبعضهم واقفون ينظرون هنا وهناك المشهد رائع، الخضرة الداكنة تحيطك من كل الاتجاهات، الجغرافيا تحكي لك أنه ها هنا منطقة «المقرن» والتاريخ يكمل لك القصة بأنه منذ قديم الزمان يجيء النيل الأبيض هادئ الأمواج يمشي ملكا من بحيرة فكتوريا بوسط أفريقيا قاطعا الآلاف من الأميال بالجنوب، يلتقي بالنيل الأزرق الهائج الآتي من مرتفعات أثيوبيا، يلتقيان عند منطقة «المقرن» بالخرطوم، يتعانقان، تختلط مياههما، ويمضيان معا باسم واحد وهو «النيل» العظيم، الذي سيشق من هنا طريقه ليقطع المسافات مخترقا رمال الصحراء الذهبية ويصل أرض الكنانة، وما يتبقى يصب بالبحر الأبيض. يتبع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شذى مصطفى, ,ورحلة لا تنسى على ضفاف النيل في الخرطوم!!. (Re: شهاب الفاتح عثمان)
|
ربان المركب الصغير يضع الحبل على القارب فيسير بهدوء ويكاد يترك حاله للمياه لتسيّرها، بينما الموتور يصنع تعرجات بيضاء على المياه الزرقاء، ليس هناك محطة يتشوق الناس للذهاب إليها، هي فقط نزهة نيلية حول جزيرة توتي، يبدأ أحدهم بعزف العود بنغمات رقيقة، ويبدأ المطبخ بالمركب العتيق في تلقي الطلبات، أغلبها النرجيلة التي بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة، والشاي والقهوة، كأنهم يريدون أن يظلوا مستفيقين من سكرة المشهد الجميل.. بعض من الركاب يهبط بجزيرة توتي، قد يكونون من سكانها.. هناك السفن الصغيرة التابعة لشركات السياحة والتي يتم تأجيرها للشركات أو المؤسسات لعدد من الساعات، وبها تقام الولائم أو الباربكيو وقد يستعين البعض بفنانين بمصاحبة أوركسترا كاملة. ومن الأمكنة التي يحارب بها سكان الخرطوم حرّ الصيف هناك الحدائق التي باتت على مد البصر، ويسمح للناس بالجلوس عليها بحرية، فقد أعلن والي الخرطوم أخيرا أن كل ضفاف النيل ستكون حدائق خضراء لا يحدها سور عن المشاة، وكذلك المساحات الخالية المنتشرة هنا وهناك، عمال الحدائق أو «الجناينية» تراهم يعملون بهمة عند الصباح وحتى الظهيرة في نظافة وتشذيب وسقي الحدائق يستعدون لضيوف المساء، فبات الناس يفضلون السهر بالجلوس على السجاجيد الخضراء حتى منتصف الليل يراقبون حركة السيارات أو يتناولون «السناكس» المحلي كالتسالي والترمس والنبق الفول السوداني، أو الشاي والقهوة والكركديه الساخن من بائعات الشاي المنتشرات. كما هناك الحدائق الخاصة ومن أشهرها حديقة «أوزون» بمنطقة الخرطوم ـ 2، أقيمت الحديقة في ملتقى طرق أو «دوّار» كبير، ما أن تلج إليها وإلا يغمرك الهواء الرطب الذي يأتي من أنابيب موزعة على الأرض وأعلى الأشجار وبين المقاعد، فتسمع «فحيح» الماء المكثف البارد ينطلق منها ليلطف الجو كثيرا، وبالحديقة خدمات جيدة ، آيسكريم وفطائر خفيفة ومشروبات ساخنة وباردة من أكشاك زجاجية مبنية على أحدث طراز يقف وراءها متخصصون فى الأطعمة والمشروبات من إثيوبيا والفلبين وأندونيسيا، المكان جميل ومنسق بالزهور، وهناك أماكن للأطفال يلعبون الكرة أو يركضون هنا وهناك. وكذلك يقاوم الناس الحر بالمشروبات الغازية والعصائر الطازجة للـ«غريب فروت» والبرتقال والجوافة والتمر هندي أو «العرديب» والكركديه البارد وغيرها من المشروبات وتنتشر المحال بكثرة وكذلك الباعة يحملون صناديق المشروبات على جانبي الطرقات.
بعض السياّح من الدول الغربية يستمتع بمشهد الأتربة أو «الغبرة» التي تكثر في شهر يونيو (حزيران)، فتراهم عند «إندلاع» العواصف الترابية يقفون على الشوارع يلتقطون الصور للسحب البنية اللون المنتشرة على السماء، لينتهي بتراب ناعم بلون بني يكسي كل الموجودات في مشهد فريد مختلف عن اللون الأبيض الخشن الذي تخلّفه الثلوج ببلادهم. تم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شذى مصطفى, ,ورحلة لا تنسى على ضفاف النيل في الخرطوم!!. (Re: شهاب الفاتح عثمان)
|
من ردود القراء بالصحيفه على المقال
Quote: [استاذه شذى ما أروع وصفك وأجمل الحديث عندما يكون عن النيل ومقرن النيلين بالخرطوم وحلاوة حرنا ولهيب جونا انها الخرطوم كما تغنى بها سيد خليفة، جنة رضوان الخرطوم وموقعها من اجمل المواقع ولها من الخصوصية الكثير ولقد رأيت فرحة كل زائر لها وكيف أنه وجد الخرطوم الصور والصورة تختلف من شخص لآخر ولكنها تجتمع كلها في إطار واحد جمال وحلاوة الخرطوم وخاصة الخرطوم بالليل.. |
عبد المنعم الرفاعي، «السودان»
| |
|
|
|
|
|
|
|