..النزول إلى الشارع..

Quote: ..النزول إلى الشارع.. بقلم: م. مجاهد بلال طه [email protected] رغم علمي بأن اليوم عطلة رسمية. إلا أني خرجت من داري قاصداً مكتبي صباح الاثنين– اثنين النزول إلى الشارع – ولما كانت سيارتي في مكان آخر.. ركبت في عربة أجرة (أمجاد) .. في الطريق استأذنت الشاب سائق (الأمجاد) في شراء صحف الصباح من أحد المكتبات.. أثناء الطريق انشغلت بمطالعة الصحف وانشغل هو بالقيادة.. فجأة سألني بعد ملاحظته لكلمة معارضة الكثيفة في الصحف.. (انت المعارضة دي شنو.. يعني الحركة الشعبية؟!!).. ولما لم أكن راغباً في الاسترسال في الحديث أجبته بالإيماء باعتبار أن حديثه يحمل جزءاً من الحقيقة. كعادة ثقافة المعارضة في بلادنا.. إن أجزنا أنها معارضة.. دعت الحركة الشعبية ومن لف لفها لتصرف صبياني أسموه النزول إلى الشارع.. تصرف يعيد تاريخ المعارضة في كل الأزمان في هذا البلد ويلخص فهمنا نحن السودانيون للمعارضة وهو ببساطة ألا تلتقي مع الآخر أبداً حتى وإن كان ذلك على جثة الوطن. البلد تخطو نحو تحول ديمقراطي كامل ويوم النزول المزعوم هو آخر يوم للتسجيل في السجل الانتخابي .. أفلم يكن أجدى وأنفع أن يتم استقلال هكذا يوم في حشد العضوية وحثها على التسجيل حتى يتم إنزال الهزيمة بالعدو اللدود ويتم اجتثاثه بالطرق السلمية. لا.. لن يفعلوا ذلك.. ببساطة لأنه ينافي أبجديات المعارضة التي نشأوا عليها منذ الاستقلال.. لن يفعلوا ذلك لأنهم إن فعلوا فقد التقوا مع المؤتمر الوطني في منطقة وسط ويكونون قد وضعوا حبل المشنقة حول رقبتهم بضرورة الاعتراف بفوز المؤتمر الوطني بحكم البلاد إن حدث ذلك فعلاً.. وحبل المشنقة المقصود هو جلوسهم على رصيف السياسة بعد العملية الانتخابية ولا عذر بعدها لمعارض ليتحدث عن اجتثاث الحكومة. تقنعنا الحركة الشعبية كل يوم بأنها لا تحترم اتفاقا ولا تأل في هذا البلد وهذا الشعب إلاً ولا ذمة.. بل يمكن وصفهم بسهولة بأنهم ما زالوا يتعاملون بشريعة الغاب، ما لم يحصلوا عليه بالقانون و الحوار والديمقراطية واحترام الاتفاقيات يحصلون عليه بدخول الغابة أو النزول إلى الشارع.. كلاهما سيان، ومنذ متى كانت الحركة الشعبية تحترم القانون وتتيح الحريات حتى تقدم نفسها مدافعاً عنها.. جوبا التي كانت وإلى ما قبل اتفاقية نيفاشا من المدن الآمنة لساكنها وزائرها.. صارت لا ترحب حتى بأهلها من المعارضة الجنوبية! والحق يقال صارت اتجاهات الأحداث في هذا البلد غير مفهومة منذ دخول الحركة الشعبية إلى القصر الجمهوري، فأنت لا تعلم من هو صاحب القرار فيها، ولا من تجب ترضيته حتى ترضى الحركة، فلا هم مع الوحدة ولا مع الانفصال، ولا مع الانتخابات ولا ضدها ، بل لا هم حكومة ولا هم معارضة ولا نبرئهم من الأجندة الخاصة. بقية أحزاب المعارضة هم مجموعة من الساسة من الزمن الجميل وحولهم أبناءهم وبعض أصحاب العداء الفطري مع هذه الحكومة وبعض أصحاب الضغائن الخاصة مع المؤتمر الوطني وقيادته. معارضة حكمت هذا البلد قبل أن أرى نور الشمس في هذه البسيطة، وحكم آباءهم آباؤنا ويريدونها الآن لأبنائهم ليحكموا أبناءنا.. كلا.. على جثة هذا الشارع الذي تريدون الاحتكام إليه.. هي فرصة واحدة أمامكم.. صندوق الاقتراع ولا شيء غيره.. الانتخابات ولا شيء بعدها .. لقد سئم هذا الشارع من ألاعيبكم وعدم احترامكم للآخر الذي تتهمونه الآن بذات التهمة.. احشدوا عضويتكم إن كان لكم فيها نصيب، قلبوا دفاتركم وخوضوا الانتخابات التي أمامكم.. فوزوا ثم افعلوا في هذا البلد ما تريدون بإرادة هذا الشعب.. أما غير ذلك فلن يسمح لكم هذا الشارع بالنزول إليه لجر البلاد لمزيد من عدم الاستقرار.. إن موعدكم الانتخابات.. أليست الانتخابات بقريبة.. بلى وربي.. فوزوا أو اخسروا.. فإن كانت الأخرى فسينزل هذا الشعب للشارع ليعلمكم ويؤدبكم بالقوة لتعلموا معنى المعارضة. السادة قادة الحركة الشعبية.. السادة قادة المعارضة.. احذروا.. فإن الشارع لا يرحب بكم.