!!! ؟؟؟ قراءة نقديَّةٌ في رؤى "كمال الجزولي" الإسلاميَّة ؟؟؟ !!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 01:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-30-2009, 07:57 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
!!! ؟؟؟ قراءة نقديَّةٌ في رؤى "كمال الجزولي" الإسلاميَّة ؟؟؟ !!!

    الحمد لله، والصَّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه!
    أمّا بعد
    فالسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إخوتي في المنبر العام، وكلّ القراء المتابعين من خارجه!
    ويسرُّني أن أقدّم لكم هذه القراءة النّقديّة لما دبّجته يراع الأستاذ كمال الجزولي، من مقالاتٍ نشرها بموقع سودانايل الإلكتروني،
    وكنت قد نشرت هذه القراءة عبر ثلاث حلقاتٍ، هذه هي حلقتُها الثّالثة أقدّمها إليكم على بساط الحوار والتلاقح الفكريّ، عسى أن أُسهم بذلك
    في تحقيق بعض الأهداف الكبيرة، الّتي كان يستهدفها كمال الجزولي من كتابته!
    وممّا هو جديرٌ بالذّكر والتّنويه: أنّني لمّا كتبت الحلقتين الأوليين من هذه القراءة، لم أكن قد اطَّلعتُ إلا على الحلقتين الأوليين
    من حلقات سلسلة كمال الجزولي، فلذلك كانت قراءتي لهما ذات طابعٍ موضعيٍّ مقيّد بحدود ما عبّر عنه الكاتب الكبير في تينك الحلقتين
    ، الآن وقد أُتيح لي بفضل الله عزّ وجلَّ أن أطّلع على السّلسلة كلّها، بحلقاتها الأربعة عشر،
    وصارت الرؤيا التي عبّر عنها الجزولي متكاملةً في وعيي إلى حدٍّ ما؛ توجَّب عليَّ أن أجعل القراءة قراءةً كليّة، إذن فقد صارت الحلقة الثالثة قاعدةً لقراءةٍ جديدة متكاملةٍ بإذن الله لما سطّره الأستاذ كمال الجزولي، عبر حلقات سلسلته الممتعة!
    عموماً، سيكون عرضي لهذه الحلقات مختلفاً في ترتيبه عن نشرة "سودانايل"، على النحو التالي:
    أولاً: الحلقة الثالثة، فقد جعلتها باعتبار كليتها قاعدة لهذه القراءة..
    ثانياً: الحلقة الأولى، وفيها استكمال لبعض ما تضمّنته الحلقة الثالثة.
    ثالثاً: الحلقة الثانية، وفيها استئناف لتسلسل الموضوعات في الحلقة الثالثة.
    ثمّ بعدها تتّصل الحلقات بصورة طبيعية!
    فمرحباً بك أيّها القارئ العزيز!

    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 11-01-2009, 01:13 AM)
    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 11-01-2009, 01:46 AM)
    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 11-07-2009, 10:11 PM)

                  

10-30-2009, 08:03 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: !!! ؟؟؟ قراءة نقديَّةٌ في رؤى "كمال الجزولي" الإسلاميَّة ؟؟؟ !!! (Re: صلاح عباس فقير)

    قراءة نقديّة في رؤى "كمال الجزوليّ" الإسلاميّة! (*)
    [email protected]
    عزيزي القارئ، مرحباً بك في الحلقة (الأولى) من قراءتنا للمقالات التي سطّرها يراع الأستاذ كمال الجزولي، ونشرها بـ: "سودانايل" الغرّاء، تحت عنوانٍ رئيس: "عتود الدولة"، وعنوانٍ رديف: "ثوابت الدين أم متحركات التديُّن"، والّتي ينطلق فيها من واقع الصّراع الدّائر في إطار جماعة المسلمين في السودان، ثمّ في إطار السودان ككل، من جرّاء ما تُثيرُه مشكلة العلاقة بين الدين والدولة من إشكالات وأزمات، ومن هنا تنبع الأهميّة الاستثنائيّة لهذه المقالات، الأمر الَّذي يدفعنا لهذه القراءة النّقديّة عسى أن نُسهم في التَّعريف بها ونقدها وإثارة الحوار حولها( ).
    لنتساءل بدءاً:


    * هذه الحلقة هي الثالثة بحسب "نشرة سودانايل"، لكنها الأولى هنا.

    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 11-07-2009, 10:27 PM)

                  

10-30-2009, 08:07 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: !!! ؟؟؟ قراءة نقديَّةٌ في رؤى "كمال الجزولي" الإسلاميَّة ؟؟؟ !!! (Re: صلاح عباس فقير)

    لماذا مقالاتُ كمال الجزوليّ الإسلامية؟
    تستهدف هذه المقالاتُ من ناحيةٍ تقديم ما يراه كمال الجزوليّ "الرؤية الإسلامية الصحيحة"، سواءٌ فيما يتعلق بإشكالية العلاقة بين الدين والدولة، أو فيما يتعلّق بالإسلام عموماً.
    ومن ناحيةٍ أخرى، وباعتباره من كوادر الحزب الشيوعيّ السودانيّ البارزة، أشار الكاتب إلى أنّ هذا الحزب قد مرَّ في سياق تطوّره الفكريِّ نحو استكمال بنيانه النّظريِّ بمرحلتين، مرحلةٍ استندت فيها مواقفُه النّظريّة إلى ردود الفعل السّلبيّة، إزاء فتاوى التّكفير والإلحاد، ابتداءً بمنشور طنون عام1954 م، ثمّ حادثة معهد المعلمين عام 1965م، حيثُ ظلَّ الحزبُ، من خلال ما يصدر عنه رسميّاً أو عن قادته ورموزه "يُراكم، ... إشاراتٍ، كما إشارات الفنار المتقطِّعة"، تُشير إلى ما يُمكن اعتباره شعارَ تلك المرحلة: (ماركسيون نعم، ولكننا لسنا ملحدين، وليس في فكرنا أو سياستنا إلحاد) [الفقرة:85]، أمّا المرحلة الثّانية فقد بدأت بـ: "تقرير السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني المقدَّم إلى المؤتمر الرابع، الّذي انعقد عام 1967 م، تحت عنوان: (الماركسيَّة وقضايا الثورة السودانيَّة)، والّذي سعى إلى تجاوز مرحلة الفنارات المتقطعة القائمة على ردود الفعل، نحو بناء رؤيةٍ فلسفيّة إيجابيّة حول المسألة الدّينيّة، حيث ورد في ذلك التقرير: "أنّه أصبح لزاماً على حزبنا أن ينمِّي خطَّه الدِّعائيَّ حول قضية الدين الإسلامي وعلاقته بحركة التقدُّم الاجتماعي.... لجعل الدّين الإسلامي عاملاً يخدم المصالح الأساسيَّة لجماهير الشَّعب، لا أداةً في يد المستغلين والقوى الرَّجعيَّة" [الفقرة:86].
    ويقرّر كمال الجزولي أنّ تلك اللحظة الفكريّة الاستثنائيّة في تاريخ الحزب، الّتي مثّلها ذلك التّقرير، لم يتبعها ما يُعضِّدها ويُجسّدها، إلى يومنا هذا، حيث جاء مؤتمر الحزب الخامس الذي انعقد في يناير 2009م، بخلاف "ما كان متوقعاً منه، ... من بلورة للمنظور الموعود حول إشكالية (الدّين ـ الثورة)" [الفقرة:89].
    إذن، فكمال الجزولي، وإن لم يقل: إنّه يستهدف سدّ تلك الفجوة الكبيرة، ما بين المؤتمرين الرابع والخامس للحزب الشيوعيّ السودانيّ، وبالتالي إيقافُ تمدُّد المرحلةِ الأولى ذات الطابع السلبيّ من ماضي الحزب إلى حاضره، مستجيباً للدَّعوة التي وجّهها سكرتير الحزب الشيوعيّ السودانيّ عام 1967م، لتكوين "رؤية فلسفيّة إيجابيّة حول المسألة الدّينيّة"، وإن لم يقل كمال الجزوليّ ذلك، لكنّه يُمارسه بوضوح عبر مقالات هذه السِّلسلة المتينة.
    فالحضور الحزبيّ في مقالات الجزوليّ حضورٌ بارزٌ، لكنّه خالٍ من النَّزعةً التَّعصُّبيّة المقيتة، إذ إنّه يستهدف عبر هذه المقالات استثارة حوارٍ مستنير، ليس بين "العقلانيين الشيوعيين واليساريين السودانيين، المنتمين إلى الجَّماعة المستعربة المسلمة، والثقافة العربيَّة الإسلاميَّة" فقط "ولكن بين سائر عقلانيِّي الجماعة السودانيَّة المسلمة"، وذلك من أجل تحقيق ما أسماه بـ: "المجابهة المستقيمة" مع ما أسماه "التيَّار السُّلطوي المنكفئ في حركة الإسلام السياسي" [الفقرة: 89/90].
    إذن، فيُمكننا القول: إنّ كمال الجزولي ينطلق من ثلاث منطلقات: من واقع فرديَّته، ومن واقع انتمائه إلى الحزب الشيوعيّ السودانيّ، ومن واقع انتمائه إلى "الجماعة السّودانيَّة المسلمة"!
    ودعونا نسجّل هنا دلالةً كبيرةً فيما نحن بصدده، إذ للمرّة الأولى نرى أحد أقطاب اليسار السّودانيّ، يتوجَّه بقدرٍ كبيرٍ من المصداقيَّة نحو فهم أحد المكوِّنات الكبيرة لتركيبتنا الاجتماعيّة، إن لم يكن هو مكوّنها الأساس، ألا وهو الإسلام، يتوجَّه إليه من واقع شعوره بالانتماء إليه وإلى الجماعة الّتي تمثّله! ومن هنا تنبع أهمية هذه القراءة، وتتحدَّد أهدافها الكبيرة.
                  

10-30-2009, 08:12 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: !!! ؟؟؟ قراءة نقديَّةٌ في رؤى "كمال الجزولي" الإسلاميَّة ؟؟؟ !!! (Re: صلاح عباس فقير)

    ما هو هدفُنا من هذه القراءة النّقديّة؟
    إنّنا نستهدف بهذه القراءة النّقديّة:
    أولاً: النّظرَ في مدى صواب "الرؤية الإسلاميّة" التي عبّر عنها الأستاذ كمال الجزوليّ، استناداً إلى النّصوص الشرعية، وهي المرجعيّة الّتي قرّرها بوضوحٍ كافٍ، وذلك كلُّه في إطار الحوار المتبادل، وليس إطلاقاً لأحكامٍ نهائيةٍ غير قابلةٍ للمراجعة والاستئناف.
    ثانياً: النّظر في مدى إسهام هذه الرؤية، في دفع "مسيرة العدالة الانتقاليّة" في بلادنا، خاصّةًً وأنّ كمال الجزوليّ، يُعتبر من القلائل الذين عبَّروا عن إيمانهم بهذا المبدأ الّذي أنضجته التجاربُ الدولية المعاصرة في كثيرٍ من الدول، باعتباره المخرجَ الآمن من نفق الحروب الأهلية والأزمات الوطنية الكبيرة، وذلك من خلال بناء معادلة واقعية، تستهدف تحقيق هدفين في آنٍ واحد: المصالحة والعدالة، ويعتقد كاتبُ هذه السطور بأنّ هذا المبدأ يُمثّلُ (مقتضى رسالة الإسلام في هذا العصر، في هذا الوطن)!
    ولعلّ مدخل "العدالة الانتقاليّة"، يدفعنا إلى إبراز أولى الملحوظات على هذه المساهمة المُهمّة، فنقول: يُحمد للأستاذ كمال الجزوليّ هذا الموقفُ المهموم بقضية الجماعة المسلمة في إطار السودان الواحد، والسّاعي إلى لمّ شملها واصطفافها بمختلف انتماءاتها الفكريّة، ولكن ما يلفت النّظر أنه يجعل لهذ الاصطفاف والتّوحّد هدفاً أساسيّاً، هو مواجهة ما أسماه بـ "التيار السلطويّ المنكفئ"، ويعني به تحديداً تيّار الجبهة الإسلامية الحاكم، باستثناء من تبيّن لهم الحقُّ، فاتّخذوا موقفاً إيجابيّاً وعبّروا عن انتمائهم لذلك التيار العقلانيّ المنفتح، الّذي يؤمن بالتّعدّديّة الحزبيّة، ويُراهن على وحدة الوطن، ويرفع شعار" العقلانيّة الإسلاميّة" [89].
    فهذه المواجهة المُعلنة ضدَّ هذا الفصيل الوطنيّ، قد يقال إنها تُشكّل عقبةً في طريق إرساء مفهوم العدالة الانتقاليّة، وإنّها تتجاوبُ مع مشاعر كثيرٍ ممّن زرعت سياساتُ "حكومة الإنقاذ الوطنيِّ"، في أنفسهم حقداً وعدوانيّةً متأصّلة تجاه كلِّ ما يمُتُّ إليها بصلةٍ، بيد أنّ كمال الجزوليّ كما رأينا يصفُ هذه المواجهة بوصف الاستقامة، فهي بريئةٌ من معاني الحقد، خاصّةً وأنها تتمُّ في سياقٍ موضوعيٍّ، وعبر "الحوار الفكريّ" مع الدكتور الترابيّ خاصَّةً من خلال كثيرٍ من رؤاه وتصريحاته ووجهات نظره التي عبّر عنها فيما يتعلّق بإشكاليّة الدين والدولة.
    ومن ناحيةٍ أخرى، فإنّ كمال الجزولي لم يستنكف في بناء رؤيته الإسلاميّة، من أن يستأنس برؤى وأفكار كثيرٍ من الكُتَّاب والمفكرين المحسوبين على نفس التيار، ولكنّهم في نظره ذوو عقلانيّة منفتحة، ويؤمنون بالتعدد واحترام الرّأي الآخر، كالقرضاوي ومحمد الغزالي والغنّوشي والعوّا وأحمد كمال أبو المجد، وغيرهم.
                  

10-30-2009, 08:15 AM

Emad Ahmed
<aEmad Ahmed
تاريخ التسجيل: 08-12-2009
مجموع المشاركات: 12705

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: !!! ؟؟؟ قراءة نقديَّةٌ في رؤى "كمال الجزولي" الإسلاميَّة ؟؟؟ !!! (Re: صلاح عباس فقير)

    أخي صلاح عباس فقير

    جمعة مباركة

    واصل يارائع متابعين باهتمام شديد

    وبجيك راجع بكمية من الصور للأستاذ كمال الجزولي

    لك كل الود
                  

10-30-2009, 08:34 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: !!! ؟؟؟ قراءة نقديَّةٌ في رؤى "كمال الجزولي" الإسلاميَّة ؟؟؟ !!! (Re: Emad Ahmed)

    أخي عمدة

    وزير التّوثيق في المنبر العام

    وحامل راية الوفاء لمبدعي بلادي:

    شكراً جزيلاً للمتابعة والمساهمة!
                  

10-30-2009, 02:35 PM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: !!! ؟؟؟ قراءة نقديَّةٌ في رؤى "كمال الجزولي" الإسلاميَّة ؟؟؟ !!! (Re: صلاح عباس فقير)

    إلى ماذا يستند كمال الجزوليّ في بناء رؤيته الإسلاميّة؟
    لقد اهتمّ كمال الجزوليّ، في الحلقة الأولى من حلقات مقالاته، ببيان أسس "المشروعيّة الإسلاميّة العليا"، التي ينبغي الاستناد إليها، والمتمثّلة في نصوص القرآن الكريم والسّنة المطهرة، منوِّها على الخصوص بفقه الصّحابة -رضي الله عنهم- وجاعلاً من "دولة الخلافة الراشدة" مثالاً مطلقاً يستهدي به كلُّ الباحثين والدّاعين إلى إقامة "الدولة الإسلاميّة" [الفقرة:40].
    وكما لحظنا في الحلقة الأولى من هذه القراءة، فإنّ كمال الجزوليُّ قد نأى بنفسه "عن سبيل المراوغة التي اضطرّ إليها الكثيرون ممّن أخذوا يتعاملون مع الإسلام بحكم ما له من ثقلٍ شعبيّ، دونما قناعةٍ بدورٍ حضاريٍّ يمكن أن يلعبه، كذلك لا يبدو أنّ الجزولي يسلك في هذا السبيل منهجاً غريباً لفهم النصوص الشرعية، أو يدخل إليها من مدخل الادِّعاء بوجود رسالةٍ ثانية للإسلام، أو غير ذلك من المداخل التي لا تحترم "الإطار التداولي" الذي وردت فيه النصوص الشَّرعية، بلسانٍ عربيٍّ مبين( )! لكنّه كذلك يدلف إليها بوعيٍ معاصر، حاملاً معه معاناته ومعاناة قومه، فمدخله كذلك ليس مدخلَ سلفيٍّ يعيش بوعيه في عصرٍ ماضٍ من عصور التاريخ!.
    إنّ الجزوليّ -بانطلاقه من شعوره بالانتماء إلى "الجماعة السودانيّة المسلمة" ثمّ تقريره لقضيّة "المشروعيَّة الإسلاميّة العليا"، بحسب ما تقرّرُها معظم التّيارات الإسلاميّة والسَّلفيّة، بل وبحسب ما هو مقرَّر لدى عامّة جماهير الشعب السُّودانيّ- يُرسي قاعدةً وطيدةً لهذا التّجمُّع، تعتمد على قدرٍ كبيرٍ من الوضوح والمصداقيّة، وتتجاوبُ كذلك مع قواعد المنهج العلميّ، إذ تتعامل مع النّصوص الشرعيّة بحسب ما تعطيه معانيها اللُّغويّة، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر! فإن وجدنا بعدَ النّظر المنهجيّ الصّحيح في النّصوص الشّرعيّة، أنّ الإسلام -على سبيل الافتراض- متخلّفٌ عن ركب الحضارة، ولا يستجيبُ لهمومنا وقضايانا المصيريّة، فلا حاجة لنا به!

    عزيزي القارئ،
    الآن أضع في هذا الموضع الحلقة الأولى من هذه القراءة النّقدية، وفيها تسليطٌ مكثّف للأضواء على مسألة المشروعيّة، التي نتناولها في هذه الفقرة، وذلك بسبب أهميتها الكبيرة! كما فيها تعرُّضٌ لمسائل أخر!

    ===========================
    تمّ التّعديل بإضافة السطرين الأخيرين.

    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 10-30-2009, 06:58 PM)
    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 11-01-2009, 01:52 AM)
    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 11-01-2009, 01:58 AM)

                  

11-01-2009, 01:41 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: !!! ؟؟؟ قراءة نقديَّةٌ في رؤى "كمال الجزولي" الإسلاميَّة ؟؟؟ !!! (Re: صلاح عباس فقير)

    عزيزي القارئ
    فيما يلي:
    أولاً: مزيد من التوضيح للمسألة التي أسميناها بمسألة "المشروعية الإسلامية العليا"
    أي التي يستمد منها كلُّ قولٍ أو فعلٍ مصداقيّة انتمائه للإسلام!
    ثانياً: مزيد من التوضيح لجوانب أخرى ممّا تعرّضنا له كمسألة "العدالة الانتقالية"
    ثالثاً: تمهيدٌ للكلام حول بعض المسائل والمفهومات، مثل "مفهوم التمييز بين الديني والدنيوي"
    الّذي سيجيء تفصيله لاحقاً.
    ثالثاً: إشاراتٌ لبعض المسائل التي تهيّئ ذهن القارئ لارتياد بعض الآفاق التي تطمح إليها هذه القراءة.

    Quote: قراءة نقديّة لرؤى "كمال الجزولي" الإسلاميّة! (*)
    [email protected]
    ... ... ...

    مبدأ التمييز بين الدّيني والدنيوي:

    صدّر الأستاذ كمال الجزوليّ الحلقة الأولى من هذه السلسلة بالحديث النّبويّ الشريف: (مَا أَمَرتُكُم بِشَئ مِن دِينِكُم فَخُذوه، أمَّا مَا كانَ مِن أَمْرِ دُنياكُم فأَنْتُم أَدْرَى بِهِ)! وأقول: هذا مدخل مناسب جداً في الإشارة إلى "الرؤية الإسلامية الصَّحيحة"، فهذا الحديث يُقرّر قاعدة منهجية كبيرة، يتم فيها التمييز -وليس الفصل- بين "أمر الدّين" و"أمر الدنيا"، ومن الواضح أنّ الجزولي لا يعني ذلك الفصام النّكد الّذي عرفته أوربا بين "ما لله" و"ما لقيصر"، أو بين الدين والدولة، ولكنه يعني بأمر الدين تلك الثوابت القطعية التي لا ينبغي أن يتجاوزها المسلمون وعلماؤهم، ويعني بأمر الدنيا كلّ ما كان عرضةً للتّغيير بحكم محدودية العقل الإنسانيّ، وبحكم تبدّل الأزمان! وإلى ذلك أشارت ترجمته لهذه الحلقة الأولى، فاختار لها عنوان: "ثَوابِتُ الدِّينِ أَم مُتَحَرِّكاتُ التَّدَيُّن؟!" وأجدني متّفقاً معه كلّ الاتفاق فيما ذهب إليه! (...) . (...) . (...) . (...) . وليس المجال مناسباً لوضع هذا المبدأ، أي مبدأ التمييز بين الدينيّ والدنيويّ تحت مجهر البحث والنَّظر الدقيق، ولكن ممّا تتضمّنه الإشارة النّبوية في بعض روايات الحديث التي أوردها الأستاذ كمال الجزولي، وهي قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أنتم أعلم بأمور دنياكم"، معنى التّنبيه إلى احترام حقائق الواقع والتّعامل وفقاً لها، مع اليقين بأنّ ذلك لن يكون فيه مخالفة للدين أبداً!

    تطبيق الشَّريعة الإسلاميّة وحقوق الإنسان:

    ولنضرب مثالاً آخرَ حيَّاً وواقعيَّاً ومثيراً، على مبدأ التمييز بين الدّيني والدنيويّ: مسألةُ "الحكم بالشريعة الإسلامية"، بمعنى تطبيق "قوانين الحدود الشّرعيّة" في بيئتنا السودانية، بما فيها من غنىً وتنوُّع إثنيٍّ وعرقيّ ودينيٍّ، وفي إطار عالمنا المعاصر الذي نشأت فيه الدول على أساس مبدأ المواطنة! في هذه المسألة الّتي تبدو شائكةً أرى أنّ الهداية الدينيّة، استناداً إلى مبدأ التّمييز بين الدِّيني والدُّنيويّ، تقودنا إلى تذكُّر هذه المقتضيات الواقعية، ومراعاتها واحترامها، وأنّ عدم رضائنا مثلاً بأن تكون الدولةُ الحديثة قائمةً على أساس المواطنة، وإرادتنا إيّاها مستندة إلى العقيدة الإسلامية مثلاً، حُلمٌ يُخالف الواقع، ولا يمكننا تحقيقه إلا ابتداءً من الإقرار بهذا الواقع! ومن ناحيةٍ أخرى: لو افترضنا أنّه قد تم تطبيق الحدود الشرعيّة في مجتمعنا هذا من قبل سلطةٍ راشدة عادلة، فإنّ الضّوابط والشُّروط والاستثناءات والقيود الفقهيّة اللازمة لتطبيق هذه الحدود الشرعية، لا يُمكن أن تُستوفَى أبداً في ظلّ مبدأ "ادرؤوا الحدود بالشبهات"، ونحن نعلم أنّ الحدود الشَّرعيَّة في عهد الرّسالة -على صاحبها أفضل الصلاة والسلام- لم تُطبّق إلا بعد أن نشأ المجتمع الإسلاميُّ المتكافل على قاعدة الإخاء والمساواة: "وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطع محمد يدها"، فتطبيق هذه القوانين إذن أمرٌ قابل بطبيعته الظرفيّة إلى التأجيل إلى أجلٍ غير مسمّى، دونما شعورٍ من المسلم بالتّأثُّم أو ألم الضمير، بيد أنّ المسلم دائماً مطالبٌ برفع رايات العدل والمساواة والحرية واحترام الحقوق اللصيقة بشخص الإنسان، الأمر الّذي يدعونا إلى البحث مع فرقاء الوطن عن الثوابت المشتركة، لكي يقوم على أساسها نظامٌ مستقرّ، وفي ظلّ هذا الاستقرار أو بسببه يُتاح للدّعوة الإسلامية أن تُنشر عسى أن يكون الإسلام خياراً لكلّ فرقاء الوطن أو مُعظمهم! وممّا له دلالة كبيرة في هذا الصّدد أن نَنتبه إلى أنّ الطوائف -كلَّها الإسلامية وغير الإسلامية- متّفقة على معاني العدل والحرية والمساواة، والتي صارت تتجسّد من خلال الدعوة إلى كفالة حقوق الإنسان الأساسية، وهو مما تزخر به الشريعة والقرآن والسنة، وحسبنا أن نذكر في هذا المقام "حلف الفَضول" الذي شارك فيه الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- في الجاهلية، وتظاهر فيه مع أناسٍ مشركين وكفار، "تعاقدوا وتعاهدوا على ألا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها وغيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه، وكانوا على من ظلمه حتّى تُردّ عليه مظلمته" (الرحيق المختوم، ص 66)، ثم بعد أن تنزّلت الرسالةُ قال الرسول صلى الله عليه وسلم متذكّراً ومُقرّراً: ((لقد شهدتُ في دار عبد الله بن جُدعان حلفاً ما أحبُّ أنّ لي به حمر النّعم، ولو أُدعى به في الإسلام لأجبتُ!)) (ابن هشام 1/154)، وكذلك ورد عند أحمد برواية: "شهدتُ حلف المُطيَّبين مع عمومتي وأنا غلام، فما أحبُّ أنَّ لي به حمر النعم وأنِّي أنكثه"!

    تشغيل ميكانيزمات التدبر العقليِّ من أجل إدراك صحيح الدّين:

    إنّ الوقوف على الدّور الّذي يمكن أن يلعبه الدّين في واقعنا المعاصر، كان محلّ نظر كثيرٍ من المفكرين والمصلحين، وممّا يلفت النَّظر فيما قرّره كمال الجزولي بأسلوبه الرّصين وفكره القويم، في هذه الحلقة الأولى من حلقات السلسلة، أنّه يرى من أجل حلّ المشكلات والإشكالات المتعلّقة بفهم الدين الصّحيح: الرّجوعَ إلى القرآن الكريم والسنة المطهرة، والتّعويل في ذلك كثيراً على فهم الصّحابة -رضي الله عنهم-! (...) ابتدر الجزولي حديثه بالإشارة إلى الحدث المحوري، الذي كان مناسبةً لعرض هذه الرؤى الإسلامية، أو إعادة عرضها، ألا وهو فتوى الشيخ محمد عبد الكريم عن الشيوعية والشيوعيّين، فتحدّث عن: "مجموعة من شباب الرابطة المتحمّسين، يرومون توزيع بيان الفتوى أثناء حفل الافتتاح، ويحسبون أنهم، بذلك، إنما يُحسنون صنعاً للإسلام، وربَّما للوطن أيضاً". ثمّ من هذا الحدث الظّرفيّ، ينتقل إلى البنية الفكرية المأزومة، التي تُنتج مثل هذه المواقف السلبية، ليذكر الجزوليّ: "أن وجهاً أساسياً من وجوه أزمة الإسلام فى بلدنا إنما يكمن فى كوننا، نحن غالب مسلميه البدو الرعاة، وإنْ عمَّرنا المدن الحديثة، ما ننفكُّ نمحق، بلا هوادة، (صحيح الدّين) الذي هو كلمة الله في مطلق عليائه، .....، لحساب (مُتخَيَّل التديُّن) الذي هو بعض كسبنا البشري المشوب بالقصور، كطبيعة متأصّلة" إذن، كيف يتسنّى لنا معرفةُ كلمة الله في مطلق عليائه، لنتوجّه نحوها جميعاً بالتّسليم واليقين؟ إشارة الجزولي إلى المسلمين البدو الرّعاة، تعبّر عن وجهة نظره في الإجابة عن هذا السؤال المهم، فالأمر يقتضي إعمالاً للعقل خلافاً للذّهنية الرّعوية الهائمة، وهذا ما سيتضمّنه السؤال التالي الّذي طرحه: "فهل نحن مأمورون، حقاً، باستخدام (عقولنا) في إحسان التسليم بالعبوديَّة المطلقة لربّ هذا القرآن؟! أم بالانكفاء الوجل على (كلّ) رموزيات (التاريخ الإسلامي) بلا فرز ولا تبصُّر، وتجميدها فى الزمان السَّرمدي دونما جدارة أو استحقاق، خصوصاً حين ترتبط بأقوال وأفعال البشر!؟!؟" ثمّ يُحدّد الجزولي طبيعة الأزمة الكبرى، الّتي يعانيها المسلمون الآن، فيما يتعلق بخلافهم حول تحديد المفهوم الصحيح للإسلام، قائلاً: "ولعلَّ من أخطر مآلات هذا (التقديس) لـ (التاريخ) ما انتهينا إليه ، فى راهننا، من وضع ديني وفكري نكاد لا نميِّز فيه بين ما هو نصٌّ قطعي الورود والدلالة في القرآن الكريم أو السنة المطهَّرة، وبين ما هو محض فقه، أي محض رأي قائم على اجتهاد بشري تُسيّجه مشروطيَّات أبستيمولوجيَّة تاريخيَّة محدَّدة، وخاضعة لمعايير الخطأ والصَّواب". إذن، فالرجوع إلى ما هو نصٌّ قطعيّ الورود والدلالة في النّصوص الشرعية، هو القاعدة الأساسية التي ينبغي الاستناد إليها، من أجل حلّ أزمة الإسلام في هذا العصر، أو كما ورد في الحديث الصحيح: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنّتي" (رواه الإمام مالك). إذن: المخرج في نظر الأستاذ كمال الجزولي، هو في تشغيل "ميكانيزمات التدبر العقليّ"! وفي هذا الصدد يذكر أنموذجين من التاريخ الإسلاميّ، تمّ فيهما تشغيل هذه الميكانيزمات من أجل فهم النصوص الشرعية، من قبل بعض الأئمة، وفي مواجهة وقائع ظرفية محددة في العصر الذي عاش فيه كلٌّ من ابن رشد الفيلسوف، والإمام الشافعيّ، ... ثمّ يتساءل الجزولي متعجّباً: "والآن، وطالما أن ذلك كله كذلك، فكيف انتهى بنا الأمر إلى هذا الحدّ المُريع من الخلط والتخليط الفادحين بين (المقدَّس) و(البشري)، بعد كلّ تلك الإشارات القويَّة في القرآن والسُّنة لمكانة (العقل) في الإسلام، باعتباره موئل التكليف، ومناط الاستخلاف، وبعد كلّ تلك المراكمات الفقهيَّة عالية القيمة عبر القرون المتطاولة، والتي يفترض أن تزوِّدنا (بالنموذج الفقهي) الملهم كما ينبغي، لا (النصوص الفقهيَّة) الملزمة كما نتوهَّم؟!"
    ثم يعود الجزولي لتوكيد أنّ مصدر الشرعية العليا، يتمثل فيما هو قطعيّ الورود والدلالة من نصوص الكتاب والسنة، مُنوّهاً بفقه الصحابة -رضي الله عنهم-، وكونه منارةً ينبغي الاهتداء بها، مسلّطاً الضوء الكاشف خاصة على أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه-، ومنهجه في مواجهة الطوارئ والمستجدات، يقول الجزولي: "وإذن، فالتعاطي مع النصّ من منظور وجه (المصلحة)، أي (مصلحة الأمة) أو (المصالح الكليَّة)، بالمصطلح الشرعي، إنما يشكل أحد أهمّ عناصر هذا المنهج العُمَري أو (الشروط العُمَريَّة) في مستوى التطبيق. وواضح من وقائع التاريخ الثابتة أن هذا المنهج (العقلاني) قد تطور، خلال تلك الفترة، من باب استيفائه لمقتضياته (الشوريَّة)، فلم يفرضه الفاروق فرضاً، لا على عموم الأمَّة، ولا على خاصَّة الصحابة. بل إن الأخيرين أنفسهم، والذين خصَّهم الله سبحانه وتعالى بتنزُّل الآيات، طازجة، فى حضورهم، قد دأبوا على اعتماد منهج (التدبُّر العقلي) هذا في النصوص بمعيار (المصالح الكلية)، فما كان الفاروق (شذوذاً) عن قاعدة ما، بقدر ما شكل (تجاوزاً) منطقيَّاً بقدراته الاستثنائيَّة شديدة التميُّز والخصوصيَّة". (..)(..)(..)

    مبدأ العدالة الانتقاليّة:

    ثم يذكر الجزولي ما يدلُّ على أنّ هذا الجهد التفكري الذي يبذله، إنما يصبّ في خانة إيمانه بمبدأ "العدالة الانتقالية"، وسعيه إلى توسيع دائرة المعتنقين لها، ولا شكّ أنّ السّعي إلى تحديد "مفهوم الدين الصحيح" في خضمّ المشهد السياسيّ الرّاهن، وتحريره من تلك القيود الظرفيّة الزمنية والمكانية التي علقت به وشوّهته، لهو من أولى الواجبات في مسيرة تحقيق العدالة الانتقالية في مجتمعنا، يقول: "ضمن هذا السياق فإن هذا المبحث سوف يعنى بمشهد الخلاف حول قضيَّة (الدّين والدَّولة) في بلدنا، لا من حيث وقائع العلاقات المأزومة بين (المسلمين) و(غير المسلمين)، فهذه، على ما هى عليه من أثر وخطر بالنسبة لقضية (الوحدة الوطنيَّة)، واضحة نسبياً، فلا يجد الباحثون عُسراً فى تناولها. ولكن اهتمامنا سوف ينصبُّ على هذا المشهد، بالأساس، من زاوية الفهوم والتصوُّرات شديدة الاختلاف وسط الجماعة المسلمة ذاتها، بشأن موقف (دينها) الواحد من هذه القضية، مع الافتقار إلى الحد الأدنى من تنظيم هذا التباين أو إدارته، مضموناً ولغة واصطلاحاً، الأمر الذي يتيح لكلّ من شاء أن يحصر (صحيح الدين) في (فهمه = نمط تديُّنه) وحده، بل وليس نادراً أن يعتبر كلَّ ما عداه ضرباً من (الكفر)!"
    ثم يوضح الأستاذ مقصده: "إن العنصر الأساسي في أزمة هذه الثقافة كامن في كونها قد تشكلت على قوالب (الترميزات الأسطوريَّة) الناجزة بنفسها، كنتاج لقرون من التخلف والجمود، بأكثر ممَّا تنشَّأت على ديناميكيات (التدبُّر العقلي)، كشرط أساسي في الإسلام"!

    ترميزات أسطوريّة:

    أقول: ومن الترميزات الأسطورية التي لمسناها في خضمِّ المشهد الراهن، وعايشنا فعلها وتأثيرها في النفوس، مقولة "تطبيق الشريعة الإسلامية"، وما يرتبط بها من نصوصٍ تُفهم فهماً أسطوريّاً، لا عقلانيّاً، فالدكتور حسن الترابي وغيره من الدكاترة والأساتذة والشيوخ، وبدافع تلك "الترميزة الأسطورية" رفعوا أيديهم بلا وعيٍ مبايعين الرئيس الأسبق جعفر نميري على أن يكون إماماً للمسلمين، يقيم لهم الحدود في واقعٍٍ هم يعلمون جيّداً أنه أبعد ما يكون عن تقبّل هذه القوانين وتحقيق المصالح الشرعية المتوخّاة من وراء تطبيقها، وهذا هو ما قرّره الدكتور الترابي في محاضرة سبقت ذلك الحدث، جاءت تحت عنوان "مشكلات الانتقال في تطبيق الشريعة الإسلامية"، ألقاها في جامعة أمدرمان الإسلامية، في أعقاب ما يُسمّى بالمصالحة الوطنية، ذكر فيها أنّ هذه الحدود الشرعية عند تطبيقها، لن تَطال إلا فئة من الضعفاء وأهل الهامش، ودعا فيها إلى وجوب التمهيد والتدرج في التطبيق، ولمّا سئل الدكتور الترابي بعد انتفاضة مارس/أبريل عن هذه التجربة كلّها، اعتذر بقوله: "من خدعنا بالدين انخدعنا له"!

    عمل الصّحابة مرجعيَّةً للتّطبيق:

    وفي ختام الحلقة الأولى من هذه الرؤى الإسلامية، يطرح الجزولي بوضوحٍ وتأكيد خلاصة الرؤية التي يراها، ويعرضها في إطار المشهد المحلي والعالمي، قائلاً: "إنَّ المسلمين، اليوم، وفى ظروف الانقسام المبهظ الذي يَسِمُ راهنهم حدَّ التَّشظِّي، والتطوُّرات الهائلة الجارية في المستويين الوطني والعالمي، والتي طالت حقول حياتهم الاقتصاديَّة والسياسيَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة والفكريَّة كافة، محتاجون، أكثر من أى وقت مضى، لـ "إعادة تأصيل الأصول على أساس اعتبار المصلحة الكليَّة، كما كان يفعل الصحابة. وبعبارة أخرى، فإن تطبيق الشريعة، التطبيق الذي يناسب العصر وأحواله وتطوُّراته، يتطلب إعادة بناء مرجعيَّة للتطبيق. والمرجعيَّة التي يجب أن تعلو على غيرها هى (عمل الصحابة)، فهي الوحيدة التي يمكنها جمع المسلمين على رأي واحد، لأنها سابقة على قيام المذاهب وظهور الخلاف"! (..)
    ........................................................................
    تواطؤ غريب:

    وكنت في مقالة سابقة نشرتها بسودانايل، قد انتقدت ما أسميتُه بالتواطؤ بين "حكم الإنقاذ ومشايعيه"، وبين "معارضيه من مناضلي اليسار وغيرهم"، التواطؤ على عكس صورة مشوّهة للإسلام، يتمّ فيها انتزاع قوانين الحدود الشرعية عن سياق النصوص، وجعلها هي الإسلام، والإعراض عمّا فيه من دعوة إلى قيم الإخاء والمساواة والعدالة القانونية والاجتماعية، وما إلى ذلك! وعلى ما أظن: هذا التواطؤ ما يزال قائماً بالفعل، ولكن هذه المواقفُ المعلنة عبر سلسلة مقالات كمال الجزولي هذه، من شأنها إذا تدبّرها العقلاء أن يتّجهوا بصدقٍ إلى إدراك حقائق الإسلام، ويتعرّفوا على ما يمكن أن يقدمه في سبيل حلّ مشكلاتنا التي نعيشها! وعلى الإمكانات النضالية الكبيرة الّتي يمكن أن يرفد بها حركة التغيير، ولينتبهوا إلى أنّ إحراز "الجبهة الإسلامية القوميّة" تلك النسبة العالية في انتخابات عام 1986م، وهي ترفع شعار الإسلام، ورغم سالفة التطبيق المُشوّه في عهد النميري، هو في الحقيقة استفتاء شعبيّ على الإسلام، وتوكيدٌ لإرادة الشَّعب، فعلى الذين يدّعون أنهم مع الشعب أن يستمعوا لهذه الإرادة جيّداً، ويعملوا على تحقيقها بصورة صحيحة ويكشفوا زيف الإسلام الجبهجيِّ! إلى هنا أضع القلم منهياً هذه الحلقة الأولى، والتي انصبّت على ما ورد في الحلقة الأولى من سلسلة مقالات كمال الجزولي، حيث لم أجد نفسي إلا متّفقاً مع ما ورد فيها من رؤى وأفكار، مؤمّلاً الاطّلاع على الحلقات الأخرى التي لم يتسنّ لي بعد الاطلاعُ عليها، ولست أدري إلى أيِّ مدىً سأكون متّفقاً أو مختلفاً مع الأستاذ الكبير كمال الجزولي! آملاً ألا أكون قد شوّشتُ على صفاء سرده المشوّق، وعلى حسن إصغاء متابعيه من أصدقاء الروزنامة! وإلى اللقاء في الحلقة الثانية من هذه القراءة!

    صلاح عبَّاس فقير
    24/9/2009م


    ملحوظة:
    كلُّ النُّصوص المنسوبة إلى الأستاذ كمال الجزولي، في هذه الحلقة، مقتبسة عن الحلقة الأولى من سلسلة مقالاته!

    * هذه الحلقة بحسب ترتيب نشرة سودانايل، هي الأولى

    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 11-01-2009, 02:07 AM)
    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 11-03-2009, 01:08 AM)
    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 11-07-2009, 10:39 PM)
    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 11-07-2009, 10:57 PM)

                  

11-01-2009, 08:30 AM

Emad Ahmed
<aEmad Ahmed
تاريخ التسجيل: 08-12-2009
مجموع المشاركات: 12705

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: !!! ؟؟؟ قراءة نقديَّةٌ في رؤى "كمال الجزولي" الإسلاميَّة ؟؟؟ !!! (Re: صلاح عباس فقير)

    933.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  

11-03-2009, 00:57 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: !!! ؟؟؟ قراءة نقديَّةٌ في رؤى "كمال الجزولي" الإسلاميَّة ؟؟؟ !!! (Re: Emad Ahmed)

    بعد هذه الوقفة، أيُّها القارئ العزيز، يتّصل حديثنا،
    وكنّا (أنا وأنت) بعد أن اجتهدنا في تلمُّس الأهداف التي دفعت الأستاذ كمال الجزولي لكتابة مقالاته
    المتميّزة، قد وقفنا على أهداف هذه القراءة،
    ومن ثمّ تناولنا مسألة المشروعيّة الإسلامية العليا، وذلك من خلال الإجابة عن سؤالنا:
    إلى ماذا يستند كمال الجزولي في بناء رؤيته الإسلامية؟
    والآن،
    نتوجّه بوعينا إلى أبرز مفهومٍ شرعيٍّ استخدمه كمال الجزولي واعتمد عليه في بناء رؤيته الإسلامية، ألا وهو:

    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 11-07-2009, 10:22 PM)
    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 11-07-2009, 10:43 PM)

                  

11-03-2009, 01:34 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: !!! ؟؟؟ قراءة نقديَّةٌ في رؤى "كمال الجزولي" الإسلاميَّة ؟؟؟ !!! (Re: صلاح عباس فقير)

    مفهوم التّمييز في الإسلام بين ما هو دينيّ وما هو دنيويّ:

    يستند كمال الجزوليّ في قوله بهذا التّمييز، إلى الحديث الشريف:
    ((مَا أَمَرتُكُم بِشَئ مِن دِينِكُم فَخُذوه، أمَّا مَا كانَ مِن أَمْرِ دُنياكُم فأَنْتُم أَدْرَى بِهِ))
    [رواه مسلم وابن ماجه وابن حنبل]،
    فهاهنا نلمح تمييزاً واضحاً بين "شأن الدّين" و"أمر الدّنيا"،
    يُعوّل عليه كمال الجزوليّ كثيراً في بناء رؤيته، فما هي حقيقة هذا التّمييز؟
    ممّا هو معلومٌ من الدّين بالضّرورة أنّ الرسالة الإسلامية تشمل أمر الدّنيا والآخرة،
    وبالتالي فإنّه يصعبُ على المرء أن يُميّز حدود ما هو دينيّ عمَّا هو دنيويّ.
    فإذا نظرنا إلى قضايا العقيدة والإيمان التي تُعتبر "لُبَّ الدّين"، سنلحظ عند قراءة النصوص الشرعيّة أنّ الله عزّ وجلّ يُريدنا أن نحقّق معاني الإيمان ونجسّدها في واقع حياتنا، وذلك من خلال عنصر النّيّة الذي لا يقبل الله عملاً صالحاً للمرء إلا بوجوده، كما هو نصّ الحديث المشهور: ((إنّما الأعمال بالنّيّاتِ، وإنّما لكلِّ امرئٍ ما نوى))، فمهما يكن المرء مجتهداً في العمل الصّالح، مناضلاً في سبيل المستضعفين والفقراء والمقهورين، باذلاً عمره كلّه من أجل نصرتهم ومواساتهم، فلن يكون عمله هذا مقبولاً عند الله عزّ وجلّ، إلا في حال تحقُّق عنصر النّيّة، الّتي تعني في المقام الأول: أنّك ما قمتَ بهذا العمل إلا لتكون كلمةُ الله هي العليا!
    ومن ناحيةٍ أخرى، فإنّ ما يُمكن أن نعتبره شأناً دنيويّاً كالخلاف السّياسيّ والصّراع الطّبقيّ،
    يُبيّن لنا الله عزّ وجلّ أنّنا سنُحاسب عليه يوم الدّين، وأنّنا بموجبه يُمكن أن نوصف بالكفر أو الفسوق أو الظلم!
    فكلُّ موقفٍ اتّخذه أيُّ فردٍ في حلبة هذا الصّراع الدنيويّ؛ فهو مجزيٌّ عنه! مصداقاً لقوله تعالى:
    {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شراً يره}.
    إذن، فالصّلة بين الدّينيّ والدّنيويّ، غيرُ قابلةٍ للفصل من وجهة النّظر الإسلاميّة،
    ولكن ذلك لا يمنع من محاولة التّمييز بينهما بمعيارٍ دقيقٍ، فنقول:
    الدّيني يتعلق بواقع الإيمان في قلب المسلم أو المؤمن، وما ينبني على هذا الإيمان من رؤيةٍ كلّيّة للوجود، وما يتعلّق بذلك من مطلوباتٍ وأوامر إلهيّةٍ تصبح غاياتٍ وأهدافاً للسلوك الإنسانيّ، يسعى المسلم إلى تحقيقها في حياته،
    أمّا الدنيويّ فإنما يتمثّل في معرفة الإنسان بالشروط الواقعيّة الّتي جُعلت قاعدةً لإقامة "الدّين"!
    وبعبارةٍ موجزة:
    الدّنيا هي البيئة الواقعيّة الّتي جعلها الله مسرحاً للنّشاط الإنسانيّ،
    والدّين هو المثال المطلق الّذي ينبغي أن يسعى الإنسان إلى تحقيقه، في هذه الدّنيا بقدر الوُسع والطاقة.
    ولنذكر مثالاً تطبيقيّاً على ذلك:
    الرِّبا، وهو ظاهرة اقتصاديّة دنيويّة، ورد النّصُّ القاطع بتحريمه، فصار عندئذٍ قضيّةً دينيّة!
    إذن، فالبعد الدنيويّ يتمثّل في تحديد الشروط الواقعيّة لتطبيق ذلك الحكم الدّينيّ.( )
    وكما هو معلومٌ، فإنّ العقل الإنسانيّ هو المكلّف بتنزيل مطلق الدّين على واقع التّديُّن في عصرٍ معيّن!
    وفي الواقع، نجد جملة نصوص كمال الجزوليّ، حول مفهوم التمييز بين الدينيّ والدّنيوي، تدور في فلك هذا المعنى، حيث يقول:
    "فالإسلام يشتمل على (أصول) وعلى (فروع): الأولى ملزمة بما هي (نصٌّ) قطعيُّ الورود والدلالة، ينتج (معرفة) بالدّين بالضرورة، ويستوجب الاصطفاف توحُّداً في (الإيمان) و(التسليم): "ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون" (55 ؛ النور)، "ومن كفر فإن ربّي غنيٌّ كريم" (40 ؛ النمل). أما الأخرى فمتروكة لـ (أفهام) البشر، استناداً، من جهة، كما قد رأينا، إلى مكانة (العقل) في الإسلام نفسه، وجرياً، من الجّهة الأخرى، على قاعدة الحديث الشريف: "ما أمرتكم بشئ من دينكم .." الخ." [11]
    ويقول:
    "الإسلام يقوم، في أصله، على (التمييز) الواضح، كما سبق وأوردنا، بين ما هو (دين) قطعىُّ الورود والدلالة، فمرجعيته الله ورسوله، وبين ما هو (دنيا)، فمرجعيته البشر أنفسهم، بما ينبغي أن يعتمل في عقولهم وأفئدتهم وألبابهم من (تديُّن) قائم على تشرُّب القيم الشاملة والمقاصد الكلية، لا (تديُّناً) ينغلق على جزيئات مفكَّكة يجرى انتقاؤها انتقاءً، وتلفيقها تلفيقاً، بمنهج يحتال على (الدّين) بـ (الدُّنيا)، وعلى (الدُّنيا) بـ (الدّين)، فلا جلالاً لـ (الدّين) يصون، ولا صلاحاً لـ (الدُّنيا) يحقق، مع كون الإسلام يَعنى، بالنسبة للمسلم، صلاح (الدّين) و(الدُّنيا) معاً. لكنه ، وقد فصَّل الأحكام في الحالة الأولى، ترك الثانية لأفهام المسلمين، يُعملون فيها عقولهم البشريَّة" [33].
    نعم، يُعملون في هذه الثّانية عقولهم البشريّة، ولكن مستظلِّين "بقواعد كليَّة، ووصايا إلهيَّة عامَّة" [11].
    ويذكر كمال الجزولي أنّ وجهي "الحقيقة الإسلاميَّة الواحدة" هما: "سندٌ عقليّ، أو عمادٌ من صحيح الإيمان" [الفقرة:2].
    ولربّما يستهوي هذا التمييزُ بين الدّينيِّ والدُّنيويِّ الكثيرين، فيُطالعون فيه مفهوم العلمانيّة الفاصل بين الدّين والدنيا، فعندئذٍ يُسارع كمال الجزوليّ إلى النّفي قائلاً: "فليس هذا (التمييز) من (العلمانيَّة) في شئ، وإنما هو (أصل) مؤسَّس جيّداً، كما قد رأينا، على مداميك شديدة الرسوخ تحت أعمدة الإسلام الأساسيَّة" [33]. بيد أنّه يُنبّه إلى "الالتباس غير المرغوب فيه، والذي يورثه، من جهة، مصطلحُ (وصل الدّين بالدَّولة) الذي يؤسّسُ، باستخدامه من جانب الإسلام السّياسي المعاصر، لمشروع (الدَّولة الدّينيَّة) المنبتّ عن (عقلانيَّة الثقافة الإسلاميَّة)، في ما يتصل بوجوب (التمييز)". [81].

    ملحوظة:
    الأرقام فيما بين المعكوفتين [ ] تُشير إلى رقم الفقرة التي ورد فيها النص المقتبس من مقالات كمال الجزولي!

    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 11-03-2009, 01:46 AM)

                  

11-03-2009, 01:42 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: !!! ؟؟؟ قراءة نقديَّةٌ في رؤى "كمال الجزولي" الإسلاميَّة ؟؟؟ !!! (Re: صلاح عباس فقير)

    = نستخلص من كلّ ما سبق، أنّ "مبدأ التمييز بين الديني والدنيويّ" هو:
    منهجيّة إسلاميّة تقوم على افتراض أنّ للحقيقة وجهينِ:
    الوجه الدّينيّ الشرعيّ، والوجه الواقعيّ العلميّ،
    وبالتّالي يثور التّساؤل عن ضابط العلاقة بين هذين الوجهين،
    وعندئذٍ سنجد أنفسنا ندور في إطار تلك الإشكاليّة القديمة، التي شهدها الفكر الإسلاميُّ منذ وقتٍ مبكر، ألا وهي إشكاليّة العلاقة بين العقل والنّقل، والّتي ظهرت فيها المواجهة بين تيارين:
    تيّارٍ يعتقد بأنّ العقل والنّقل يمكن أن يتعارضا، وهو التّيار الذي يمثله الفخر الرازيّ، وصاغه فيما أسماه بالقانون الكلّي( )، وهو القانون الذي تصدّى للرّد عليه ابن تيمية، أبرزُ ممثّلي التيار الثاني، والّذي يرى بأنّ العقل (=الحكم العقلي) والنّقل (=الحكم الشرعي) لا يمكن أبداً أن يتعارضا!
    هذه جملة الأمر، وتفصيله: أنَّ الحكم العقلي والحكم الشرعي:
    إمَّا أن يكونا قطعيِّين كلاهما، فيقول ابن تيمية: "لا نُسلّم إمكان التعارض حينئذٍ"،
    وإمّا أن يكونا ظنِّيّين كلاهما، يقول ابن تيمية: "فالمُقدّم هو الرَّاجح مطلقاً"،
    أو أن يكون أحدهما قطعيّاً والآخر ظنيّاً: "فالقطعيُّ هو المقدم مطلقاً" [ابن تيمية، درء التعارض بين العقل والنقل، ج1، ص 86]،
    ومن الواضح أنه من خلال مقولة الحكم العقلي تدخل إلى دائرة المعارف الشرعية، كلُّ المعارف والعلوم العصرية.
    وممّا يؤكّد المذهب الَّذي ذهبنا إليه في فهم مبدأ التّمييز بين الدّينيّ والدُّنيويّ، أنّ كمال الجزوليّ قد اختار لمقالاته عنواناً فرعيَّاً هو: "ثَوابِتُ الدِّينِ أَم مُتَحَرِّكاتُ التَّدَيُّن؟!"، فلو صحَّ لنا إعادة صياغته بقولنا: "النَّقل أم العقل؟" لوجدناه يُثير نفس الإشكاليّة القديمة!
    ولا شكَّ أنّ هذا المفهوم يُزوِّدنا بآليّة منهجيّة مهمة في التّعامل مع الإسلام: أن نستحضر عند النّظر في الإشكالات أو فهم الموضوعات المتعلّقة به هذين القطبين:
    - العلم الشرعيّ الّذي هو ثمرة النّظر في النُّصوص الشرعيّة.
    - والعلم التّطبيقيّ الَّذي هو ثمرة النّظر في الظواهر الواقعيّة "الاجتماعيّة أو الطبيعيّة".
    وإذا كان العلم الشّرعيُّ يستند إلى كلام الله عزّ وجلّ، فإنّ العلم التّطبيقيّ يعتمد على صنعه وخلقه المحكم -سبحانه وتعالى-، أرأيتَ إن كان هذا الكون فوضى، وليس ((بحُسبان))، أكان يتسنَّى للعلماء أن يُبدعوا ما أبدعوا من العلوم؟!
    ونحن نعلم أنّ الإسلام لمّا جاء للبشرية، لم يطلب منها أن تُلغي وعيها وتفكيرها وتجربتها التاريخية، بل جعل ذلك كلّه مدخلاً للحوار معها وبثِّ "رسالته الدّينية" فقد كان القرآن يُخاطب الناس بحسب درجة وعيهم وإرثهم الثقافيّ، وهذا المعنى مُضمّن في كلّ الآيات القرآنيّة التي تصف القرآن بأنه "عربيٌّ مبين"، لأنّ تلك اللغة العربية -وسائر اللغات كذلك- ليست مجرد هيكل فارغ المحتوى، بل هي حاملٌ لثقافة القوم الّذين يتكلمونها!
    والّذي يبدو لي: أنّ كمال الجزوليّ أقربُ في رؤيته إلى ابن تيمية منه إلى الرازيّ!
    إذن، وقد تبيّنت لنا حقيقةُ مفهوم التمييز بين الديني والدنيويّ،
    ننظر الآن في توظيفه من قبل الأستاذ كمال الجزولي في تكوين رؤيته عن الحاكميّة والدولة الدينية!

    ===========
    تعديل طفيف في صياغة السطر الثالث قبل الأخير.

    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 11-03-2009, 11:40 AM)

                  

11-03-2009, 09:59 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20357

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: !!! ؟؟؟ قراءة نقديَّةٌ في رؤى "كمال الجزولي" الإسلاميَّة ؟؟؟ !!! (Re: صلاح عباس فقير)

    *
                  

11-04-2009, 06:43 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: !!! ؟؟؟ قراءة نقديَّةٌ في رؤى "كمال الجزولي" الإسلاميَّة ؟؟؟ !!! (Re: محمد حيدر المشرف)

    المحاور التي تم تناولها في هذه القراءة النقدية إلى الآن تتمثّل فيما يلي:
    أولاً: بيان منطلقات الأستاذ كمال الجزولي والأهداف التي يسعى إليها من وراء نشر مقالاته.
    ثانياً: بيان أهداف هذه القراءة.
    ثالثاً: بيان مسألة المشروعية الإسلامية العليا، من وجهة نظر الأستاذ كمال الجزولي.
    رابعاً: بيان المفهوم الأساسي الذي اعتمد عليه الأستاذ كمال الجزولي في بناء رؤيته الإسلامية.
    وسيجيء بإذن الله تعالى:
    خامساً: موقف الأستاذ كمال الجزولي من مسألة الحاكمية والدولة الدينية.
    سادساً: رؤية كمال الجزولي للسياسة والسلطة في الإسلام.
    سابعاً: رؤية كمال الجزولي للإسلام الصحيح.
    ثامناً: الماركسية والإسلام في وعي كمال الجزولي
    تاسعاً: ...
    عاشراً: ...
                  

11-07-2009, 10:01 PM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: !!! ؟؟؟ قراءة نقديَّةٌ في رؤى "كمال الجزولي" الإسلاميَّة ؟؟؟ !!! (Re: صلاح عباس فقير)

    شكراً

    أخي محمد حيدر المشرف

    على مرورك الكريم!
                  

11-07-2009, 11:11 PM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
قراءة نقديَّةٌ / حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة الدينيّة"!!! (Re: صلاح عباس فقير)

    (..)
    انطلاقاً من مقولة "المصالح الكليّة"، الّتي "ينبغي أن تكون في أساس أيّ فقهٍ جديد
    يُوافي مُعطياتِ عصرنا ومَطلوباته" [فقرة:8]، يتّجه كمال الجزوليّ
    -في إطار الهمِّ الّذي يُقلقه، وفيما يتعلّق بالأزمة الرّاهنة على الصّعيد الوطنيِّ،
    أزمة العلاقة بين الدّين والدولة- يتّجهُ إلى النّظر في مفهوم الدولة في الثقافة الإسلامية.

    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 11-07-2009, 11:15 PM)

                  

11-07-2009, 11:24 PM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: صلاح عباس فقير)

    حول مفهوم الدّولة: ثلاثُ حقائقَ أساسيّة:

    وبناءً على استقراء آراء ومواقف كثيرٍ من علماء الأمة
    القدامى والمعاصرين، يُقرّر الأستاذ كمال الجزولي
    -فيما يتعلّق بمفهوم الدولة في الثقافة الإسلاميّة وفي النُّصوص الشّرعيّة-
    ثلاث حقائق:
    أولاً:
    أنّ مصطلح "الدولة" لم يرد في نصوص الكتاب والسّنة،
    ولا في أقوال الصَّحابة -رضي الله عنهم- بل لم يظهر هذا المصطلح
    إلا مع العبّاسيّين، تعبيراً عن انتقال الأمر إليهم من الأمويِّين.
    ثانياً:
    أنّ القرآن الكريم قد سكت عن تفاصيل النظم التي يُدار بها أمرُ الحكم
    والسياسة، "مكتفياً بإبراز أعمّ المبادئ، وأكمل المقاصد، لإدارته بالشورى،
    والعدل، والإحسان، ومنع الضَّرر والضِّرار وما إليه" [فقرة:11].
    وذلك السّكوت يتوافق كما يلحظ الجزوليّ، مع موقف القرآن الكريم من
    العقل، باعتباره قاعدة التكليف، كما يتناسبُ –في نظرنا- مع كون هذه
    القضايا ممّا يعروه التَّغييرُ بمرور الزّمن!، يؤكّد هذا الملحظ أنّنا نجد فيما
    يتعلق بأمور العبادات وقوانين الميراث والأحوال الشخصية، كثيراً من
    الأحكام التفصيلية، والإجراءات العملية، قرّرتها النصوص الشرعية،
    في حين سكتت عن أمر الدولة وما يتعلّق به.
    ثالثاً:
    أنّ مسألة الإمامة ليست من أصول الدِّين في شيءٍ،
    بل هي من فروعه! وبالتالي فالخلافُ فيها لا ينبغي أن يؤدِّي
    إلى "التكفير"!
                  

11-08-2009, 04:58 PM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: صلاح عباس فقير)

    من أين أتى هؤلاء؟

    بناءً على تقريره لهذه الحقائق، يستنتجُ الأستاذ كمال الجزولي أنّ الدّولة الدّينية ليست من الإسلام في شيءٍ!
    ومن ثمّ يطرحُ استفهاماً تعجّبيّاً، يقول:
    "فمن أين تسلَّل، إذن، إلى الفكر الإسلاميِّ مفهومُ (الدَّولة الدّينيَّة)"؟
    ويرى الجزولي _بناءً على الحقائق التي قرّرها أعلاه_ أنّ "البحث عن إجابة لهذا السؤال لا يكون في القرآن، ولا في السنة، ولا حتى في أعمال الصَّحابة"، وإنّما تكمُن الإجابة "في وقائع الخلط والتخليط اللذين توحَّل فيهما (الخوارج) قديماً بشأن مرتبة (الإمامة)" [فقرة:11]،
    أي في تلك الوقائعُ التي دفعتهم في غمرة الخلاف حول الخلافة، إلى رفع شعار الحاكمية: أن "لا حكم إلا لله"،
    واستناداً إلى ذلك يقرّر الأستاذ كمال الجزوليّ: "إنَّ الَّذين رفعوا شعار (الحاكميَّة)، في مختلف مراحل التاريخ الإسلامي، ابتداءً بالخوارج، ومروراً بأبي الأعلى المودودي ثم سيّد قطب، وانتهاءً بحركات الإسلام السِّياسيِّ الراهنة، وبخاصَّة دعاة الدولة الدينية في السودان، كانوا يدركون، كما يُدركون الآن، ولا بُدَّ، استحالة استصحاب أيّ سندٍ لشعارهم من القرآن أو السنة مباشرة، وما ذلك إلا لكون مثل هذا السَّند غيرُ موجود أصلاً" [فقرة:12]!
    إذن يربط كمال الجزولي بين مفهوم "الحاكميَّة" ومفهوم "الدولة الدينية" ربطاً محكماً، باعتباره أنّ الأول هو القاعدة لوجود الثاني،
    فمتى وُجد وُجد!
    فما هو مفهوم الحاكمية؟ وما هو مفهوم الدولة الدينية؟

    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 11-08-2009, 05:07 PM)

                  

11-08-2009, 05:39 PM

محمد الأمين موسى
<aمحمد الأمين موسى
تاريخ التسجيل: 10-30-2005
مجموع المشاركات: 3470

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: صلاح عباس فقير)

    Quote: = نستخلص من كلّ ما سبق، أنّ "مبدأ التمييز بين الديني والدنيويّ" هو:
    منهجيّة إسلاميّة تقوم على افتراض أنّ للحقيقة وجهينِ:
    الوجه الدّينيّ الشرعيّ، والوجه الواقعيّ العلميّ،



    أخي الفاضل صلاح... أشكرك على هذه الدراسة القيمة... أرى من المجدي أن ننظر إلى العلاقة بين الديني والدنيوي نظرة وجودية بنيوية تجعل منهما وجهين لعملة واحدة... فعندما ننعم النظر في وجهي العملة يتبين لنا استحالة وجود أحدهما دون الآخر إذا أردنا أن نحقق مفهوم العملة، بمعنى أنه لا يستطيع أي فعل دنيوي أن يفلت من حضور الديني طالما أن أعمال الإنسان كلها تصنف إلى صنفين فقط... ومن ناحية أخرى لا مكان لتنزيل تعاليم الدين إلا من خلال الأعمال الدنيوية... فطالما أن الأعمال بالنيات، فلا يمكن الإفلات من الدين أبدا، لذا أرى أن مفهوم التمييز بين ما هو ديني ودنيوي كتخفيف لمفهوم الفصل ما بين الديني والدنيوي، قد لا يكون دقيقا في توضيح العلاقة بين الديني والدنيوي.
                  

11-09-2009, 08:06 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: محمد الأمين موسى)

    كتب الأخ محمد الأمين موسى:
    Quote: أخي الفاضل صلاح... أشكرك على هذه الدراسة القيمة... أرى من المجدي أن ننظر إلى العلاقة بين الديني والدنيوي نظرة وجودية بنيوية تجعل منهما وجهين لعملة واحدة... فعندما ننعم النظر في وجهي العملة يتبين لنا استحالة وجود أحدهما دون الآخر إذا أردنا أن نحقق مفهوم العملة، بمعنى أنه لا يستطيع أي فعل دنيوي أن يفلت من حضور الديني طالما أن أعمال الإنسان كلها تصنف إلى صنفين فقط... ومن ناحية أخرى لا مكان لتنزيل تعاليم الدين إلا من خلال الأعمال الدنيوية... فطالما أن الأعمال بالنيات، فلا يمكن الإفلات من الدين أبدا، لذا أرى أن مفهوم التمييز بين ما هو ديني ودنيوي كتخفيف لمفهوم الفصل ما بين الديني والدنيوي، قد لا يكون دقيقا في توضيح العلاقة بين الديني والدنيوي.
    أخي محمد الأمين
    شكراً لك على افتتاحك باب الحوار حول هذا الموضوع الحيويّ، بهذه المداخلة القيّمة، التي تدلُّ على عمق قراءتك للموضوع!
    أتّفق معك تماماً فيما ذهبت إليه!
    وفعلاً مبدأ التمييز بين الديني والدنيوي، يبدو وكأنه محاولة للتخفيف من مبدأ الفصل بينهما!
    ولعلك لحظت أني عند النظر في مشروعيّته، وجدته يدور في إطار إشكالية النقل والعقل، واخترتُ موقف ابن تيمية من هذه الإشكالية والذي يؤكد فيه على عدم التعارض بين العقل والنقل، أو بين الديني والدنيويّ.
    وأكدت ذلك باعتبار أنّ:
    - الديني مصدره كلام الله،
    - والدنيوي مصدره خلق الله الكوني والإنسانيّ!
    أجدّد لك شكري وتقديري!
                  

11-10-2009, 00:56 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: صلاح عباس فقير)

    مفهوم الدولة الدينية:

    ماذا يعني الأستاذ كمال الجزولي بالدولة الدّينية؟
    إن كان يعني بها تلك الدولة التي يدَّعي حاكمُها أنه ظلُّ الله في أرضه، وأنه يحكمُ بموجب حقٍّ إلهيٍّ في الحكم، فهذه لا وجود لها في الإسلام باتّفاق!
    وكان الفقهاء والعلماء، يُميّزون جيّداً بين "أمور الدين"، و"أمور الدُّنيا"، الّتي يجيءُ في مقدّمتها أمر السلطة السياسية التي تحكم الناس وتسوسهم!
    وفيما يتعّلق بهذا الجانب المهمّ من مجالات الحياة، وهو الجانب السياسيّ، يقول كمال الجزولي:
    "وبالحقِّ، فإن القرآن والسنة يقدّمان هداية عامَّة حول الشورى، والعدل، والإحسان، والمساواة، والحريَّة الدينية، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانات إلى أهلها، وغيرها، إلا أنهما لا يتضمَّنان نصوصاً قطعيَّة في تفصيل نظام الدولة، أو شكل السلطة، أو أحكام السياسة، أو ما إلى ذلك. فتلك كلها (أمـور) مرهونة بظرفي الزَّمان والمكان"![فقرة:11]
    إذن، بناءً على ما قرّره الأستاذ كمال نفسه يمكنُ الحديث عن "دولةٍ إسلاميّةٍ" تقوم على تلك الأسس الشّرعيّة، وتُراعي في تكوينها تطوّر الفكر والنظام السّياسيِّ، في كلّ عصرٍ ومصر، معتمدةً في ذلك على تشغيل ميكانيزمات التّدبُّر العقليِّ في فهم نصوص الشرع!
    سياقُ كلام الجزوليّ ليس فيه ما يمنع إمكانيّة إقامة دولةٍ إسلاميّة، بتلك المواصفات!
    لكنّ الربط الّذي أقامه بين مفهومي "الحاكميّة" و"الدولة الدينية"، كما رأينا في الفقرة السابقة، يُثير كثيراً من الشّكّ في هذا التّقرير، لأنّه يجعل الحاكمية قاعدةً للدولة الدينية التي يحكم حكامها بمقتضى حقٍّ إلهيٍّ خالص، في حينِ أنّ الحاكميّة هي في نظرنا ونظر الكثيرين من قواعد "الدولة الإسلاميّة"، بل وبالأحرى: من قواعد الحياة الإسلاميّة،
    إذن: فها هنا وقفةٌ لازمةٌ عند مفهوم الحاكميّة:

    (عدل بواسطة صلاح عباس فقير on 11-10-2009, 01:03 AM)

                  

11-10-2009, 12:39 PM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: صلاح عباس فقير)

    مفهوم الحاكميّة:
    يقرّر كمال الجزوليّ –مع الدكتور محمد عمارة- أنّ لفظ الحكم في الإسلام، لا يدلُّ على (النظام السّياسي) أو (السُّلطة السّياسيَّة العليا) في المجتمع، وإنّما تقتصر دلالتُه "على (القضاء)، ... أو (الحِكمة)، ...، أو (النبوَّة)"!
    ويرى أنَّ الخوارج قديماً وحديثاً أخطؤوا في فهم دلالة مصطلح الحكم في القرآن الكريم، ثمّ "اشتقُّوا منه، بصورة متعسِّفة، مصطلح (الحاكميَّة)"، الّذي قامت على أساسه الدولة الدينية!
    إذن، فالسؤال الّذي ينبغي إجابته والوقوف عنده، يتعلّقُ بتحديد معنى الحكم في النّصوص الشّرعيّة، وقبل ذلك في اللغة العربية.
                  

11-11-2009, 06:56 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: صلاح عباس فقير)

    فما هو معنى الحكم في اللغة العربية؟
    إنَّ التَّأمُّلَ في الحصيلة اللُّغويَّة الواردة حولَ مادَّة "الحاءِ والكافِ والميم" في "لسان العرب"، يُفيدُ بأنَّ مفهومَ الحكم في اللُّغة العربيَّة، يدلُّ بصورةٍ جوهريَّةٍ على: (مَنع وقوع الفَساد في أمرٍ من الأمور، وإصلاحِه؛ حتَّى يُحقِّقَ أعلى درجاتِ كمالهِ الممكن، وذلك اعتماداً على الفقه والعلم والحكمة).
    وممّا ورد في "لسان العرب"، مؤيِّداً وُجودَ هذه الدّلالة قولُهم:
    1. "من صفات الله: الحَكَمُ والحَكِيمُ والحاكِمُ، ومعاني هذه الأَسماء متقارِبةٌ"، فالحاكمُ "هو القاضي" و"قيل للحاكم بين النَّاس حاكِمٌ؛ لأنه يَمْنَعُ الظَّالمَ من الظُّلم"، و"قال الأصمعيُّ: أصلُ الحُكومة ردُّ الرَّجل عن الظُّلم، قال: ومنه سُمِّيت حَكَمَةُ اللِّجام؛ لأَنها تَرُدُّ الدَّابَّة.".
    2. والحاكمُ كذلك: "هو الذي يُحْكِمُ الأَشياءَ ويُتقنُها"، "والحُكْمُ العِلْمُ والفقه والقضاءُ بالعدل".
    3. "وفي الحديث: (إنَّ من الشعر لحُكْماً) أي: إِنَّ في الشعر كلاماً نافعاً، يمنعُ من الجهل والسَّفَهِ." ويقودُ إلى الهُدى والرَّشَد.
    4. "وحَكَمَ الشيء وأَحْكَمَهُ، كلاهما: منعه من الفساد".
    5. و"عن إبراهيم النَّخعيِّ أنه قال: حَكِّمْ اليَتيمَ كما تُحَكِّمُ ولدَك، أي: امنعه من الفساد وأصلحْهُ كما تُصلح ولدَك، وكما تمنعه من الفساد، ... قال: ونرى أن حَكَمَة الدَّابَّة سُمَّيت بهذا المعنى؛ لأنها تمنعُ الدَّابَّة من كثير من الجَهْل." (انظر: لسان العرب، مادة "حكم").
    إذن، فما الّذي يجعل مفهوم الحكم قاصراً في دلالته فقط على "الحكم القضائيّ"، أو الحكمة، أو النّبوّة؟!
                  

11-12-2009, 08:10 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: صلاح عباس فقير)

    وما هو معنى الحكم في القرآن الكريم؟

    وبناءُ على المفهوم المتكامل لمدلول الحكم في اللغة العربية، ننظر في القرآن الكريم، وخاصّة إلى آيات سورة المائدة الثلاث: ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم)) (الكافرون- الفاسقون- الظالمون)، والتي يتمسّك الأستاذ كمال الجزوليّ في تفسيرها بما تدلُّ عليه أسبابُ النزول، مُعرضاً عن تلك الدّلالة الواضحة لمفهوم الحكم في اللغة العربية، قائلاً: "لقد أجمع الأئمَّة، ومن بينهم، على سبيل المثال، ابن كثير والواحدي النيسابوري وجلال الدين السيوطي، نقلاً عن الأحاديث التي وردت في الصّحاح والمسانيد المعتمدة، أن هذه الآيات نزلت لأسباب تتعلق بإقامة بعض الحدود" [فقرة:13]، ثمّ يؤكّد مع خليل عبد الكريم قائلاً:
    "ومن ثمَّ، فإن أيَّ مسعى لسحب دلالتها إلى حقل (الحكومة) أو (السُّلطة السّياسيَّة) لا يعدو كونه ضرباً من التعسُّف"! [فقرة:14]
    وفي الواقع، لقد ذهب معظم الأئمة في تفسير آيات المائدة الثلاث، إلى ما قرّرهُ الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في كتابه "أضواء البيان" من قوله: "واعلَم أنَّ تحريرَ المقام في هذا البحث: أنَّ الكفر والظلم والفِسق كلُّ واحدٍ منها ربما أُطلق في الشرع مراداً به المعصية تارة، والكفرَ المخرجَ من الملة أخرى, ((ومَن لم يحكم بما أنزل الله)) معارضةً للرُّسل وإبطالاً لأحكام الله؛ فَظُلْمُهُ وفِسْقُهُ وكُفْرُهُ كلها كفر مخرج عن الملة، ((ومَن لم يحكم بما أنزل الله)) معتقداً أنَّه مُرتكبٌ حراماً فاعلٌ قبيحاً؛ فَكُفْرُهُ وظُلْمُهُ وفِسْقُهُ غيرُ مخرج عن الملَّة، وقد عَرَفْتَ أنَّ ظاهر القرآن يدلُّ على أنَّ الأولى في المسلمين، والثانية في اليهود، والثالثة في النَّصارى، والعبرةُ بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب" (أضواء البيان، سورة المائدة، تفسير الآيات 44، 45، 47).
                  

11-15-2009, 12:27 PM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: صلاح عباس فقير)

    إذن:
    تلك الحقائق الثلاث التي قرّرها كمال الجزوليّ، حول مفهوم الدولة في الثقافة الإسلامية، لا تحولُ بين الدولة وممارسة الحكم الشرعيِّ، بدعوى عدم وجود أحكامٍ تضبط حقل السياسة والسلطة في الإسلام، لماذا؟ لأنَّه قد وردت في القرآن الكريم أحكامٌ تتعلّق بقضايا الأحوال الشخصية والجنايات وغيرها، فهذه الأحكامُ مَن الّذي يُصدرُها ويَفرضُها حتّى تكون واجبة النّفاذ؟ أليس هو الحاكم أو السلطة السّياسية، كيفما كانت، وأيّاً كانت؟!
    فحقيقةً، لم يتبيّن لي بعدُ مقصود الأستاذ كمال الجزولي، في هذا السّياق، إن كان يسعى اعتماداً على النصوص الشرعيّة، إلى تقرير مبدأ الفصل بين الدين والدولة، فالأدلّة التي ذكرها -كما رأينا- لا تُعينه على ذلك.
    لا يُعينه على ذلك إلا ما ذكره بنفسه من "وقائع الخلط والتخليط اللذين توحَّل فيهما (الخوارج) قديماً بشأن مرتبة (الإمامة)"، وكذلك وقائع الخلط والتّخليط اللتين توحّلت فيهما حركاتُ الإسلام السّياسيّ المعاصرة، وخاصَّةً حركة الاتجاه الإسلاميّ، والجبهة الإسلامية القومية في السودان، ومن خلال ما سمَّوه بالمشروع الحضاريِّ الإسلاميِّ، والّذي تجسّد في سيِّئة الذّكر حكومة الإنقاذ الوطنيّ.
    أمّا النّصوص الشرعيّة، فإنّها صريحة في الدِّلالة على مفهوم "الحاكميَّة"، باعتباره مظهرَ الخضوع والعبوديّة لله -عزّ وجلّ- أو كما قال تعالى: ((إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه)) (يوسف، 40)، فالقرآن كلُّه والسّنة المطهّرة، كلُّ حكمٍ فيها من الله -عزّ وجلّ- أو رسوله، سواءٌ تعلّق بدائرة العقيدة أو الأخلاق أو الضوابط الاجتماعيّة أو المعاملات المدنيَّة أو التّقنينات الجنائية، إنّما هو لبنة في صرح الحاكمية الإلهية، الّتي أمر الله –عزّ وجلّ- بإقامتها في حياة الفرد وحياة المجتمع!
    وهذا المفهوم لا يتعارضُ مع حقيقة الفراغ الّذي تركه الشارع، فيما يتعلّق بالنظام السياسيّ وشكله وضوابطه، وما ذلك إلا ليُنشئ كلُّ مجتمعٍ أنظمته السياسية والاجتماعية، بمراعاة المرحلة التطورية التي يمرُّ بها، وبما يُحقّقُ مبادئ العدالة والمساواة. (راجع: النظريات السياسية الإسلامية، لضياء الدين الريس).
    والواقع أنّ لهذا المصطلح ظلالاً تجعله يقترن بالدّولة الدينية كما عرفها التاريخ الأوربّي، ولا أنكر أنّ بعض فترات التاريخ الإسلاميّ قد شهدت بعض تجلِّياتها، وسيجيء مزيد بيانٍ لهذا المفهوم لاحقاً بإذن الله تعالى.
                  

11-23-2009, 06:57 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: صلاح عباس فقير)

    الحاكميّة تشملُ أمري الدّين والدنيا:

    ويُمكننا باستخدام مفهوم التّمييز بين "أمر الدّين" و"أمر الدنيا" أن نقول: إنّ مفهوم الحاكمية يتمثّل في "أمر الدّين" الّذي يجب على كلِّ مسلمٍ إقامته، لكن في حدود الإمكان والوُسع والاستطاعة، وبالتّالي فإنّ مفهوم الحاكمية كذلك يتمثّل في "أمر الدّنيا".
    ونحن في الواقع أمام ضربٍ من الصّيرورة، يتواردُ فيه معنى الوجوب الّذي يحمله قولُ الله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللَّه حق تقاته)) (آل عمران، 102)، ومعنى الإمكان الّذي يحمله قول الله تعالى: ((فاتقوا اللَّه ما استطعتم)) (التغابن، 16)، في سياق الصَّيرورة الإنسانيّة والاجتماعيّة!
    إذن، فالإسلام يشمل كلا الأمرين: "أمر الدّين" حيث تتمثّل الغايات النهائية التي ينبغي على المسلم فرداً أو جماعةً أن يسعى إلى إقامتها، و"أمر الدنيا" أو البيئة التي ستشهدُ حركة الإنسان وسعيه، وتَرد هنا كلُّ النّصوص الشرعية الّتي تُشير إلى معنى الاستطاعة والإمكان، بل هنا قد يؤول الأمر إلى مُطلق الفكر الإنسانيّ، وذلك فيما يتعلّق بالقضايا العلميّة والتّقنية البحتة، خاصّةً.
    إذن، يمكننا القول، إنّهما حاكميّتان:
    أولاهما: حاكميّة إلهية تستهدفُ -بوعيٍ كامل- تحقيق الكرامة الإنسانية وإعلاء قيم العدل والمساواة والإخاء، وذلك من خلال سعيها إلى تحقيق قيم الدّين بصورةٍ كلّيّة متكاملة، تشملُ في المقام الأول بناء القاعدة الأخلاقيّة: (إنما بُعثت لأُتمم مكارم الأخلاق) على أساس العقيدة، ثم تسعى إلى تطبيق "الأحكام الشرعيّة" بصورة متدرجة تُراعي تطوُّر المجتمع. ويُشكّل الحضور الإلهيُّ في هذه الحاكميّة ضمانةً لاحترام تلك القيم والمبادئ الإنسانيّة.
    والأخرى: حاكميّةً سياسيّةً قانونيّة، تسعى -بوعيٍ أو بدون وعيٍ- إلى تثبيت الأوضاع الراهنة بكلّ ما فيها من ظلمٍ واستغلال، وذلك خدمةً لمصالح بعض فئات المجتمع، مُعتمدةً في ذلك على الاجتهاد في تطبيق الحدود والزّواجر الإسلاميّة خاصّةً، ومن الواضح أنّ الحضور الإلهيّ في هذه الحاكميّة، هو ضمانة لتحقيق مصلحة الفئة الحاكمة، الأمر الّذي يجعلها قريبةً من القول بنظرية الحقِّ الإلهيِّ في الحكم، التي يقومُ على أساسها النِّظام الثيوقراطيّ، أو الدولة الدينيّة بمعناها المنبوذ اتّفاقاً.
    وكما رأينا في الحلقة الأولى من هذه القراءة، فإنّ "قوانين الحدود والجنايات" إنّما شُرعت بعد قيام المجتمع الإسلاميّ المتكافل في المدينة المنورة، ومن أجل حمايته، وبالتالي فإنّ البدء بإقامتها قبل إقامة مثل هذا المجتمع، هو خطأٌ وخطرٌ كبير، من شأنه أن يؤدّي إلى نظامٍ ثيوقراطيٍّ مستبد! (..)
                  

11-23-2009, 10:53 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: صلاح عباس فقير)

    الحاكميّة تشملُ أمري الدّين والدنيا:

    ويُمكننا باستخدام مفهوم التّمييز بين "أمر الدّين" و"أمر الدنيا" أن نقول: إنّ مفهوم الحاكمية يتمثّل في "أمر الدّين" الّذي يجب على كلِّ مسلمٍ إقامته، لكن في حدود الإمكان والوُسع والاستطاعة، وبالتّالي فإنّ مفهوم الحاكمية كذلك يتمثّل في "أمر الدّنيا".
    ونحن في الواقع أمام ضربٍ من الصّيرورة، يتواردُ فيه معنى الوجوب الّذي يحمله قولُ الله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللَّه حق تقاته)) (آل عمران، 102)، ومعنى الإمكان الّذي يحمله قول الله تعالى: ((فاتقوا اللَّه ما استطعتم)) (التغابن، 16)، في سياق الصَّيرورة الإنسانيّة والاجتماعيّة!
    إذن، فالإسلام يشمل كلا الأمرين: "أمر الدّين" حيث تتمثّل الغايات النهائية التي ينبغي على المسلم فرداً أو جماعةً أن يسعى إلى إقامتها، و"أمر الدنيا" أو البيئة التي ستشهدُ حركة الإنسان وسعيه، وتَرد هنا كلُّ النّصوص الشرعية الّتي تُشير إلى معنى الاستطاعة والإمكان، بل هنا قد يؤول الأمر إلى مُطلق الفكر الإنسانيّ، وذلك فيما يتعلّق بالقضايا العلميّة والتّقنية البحتة، خاصّةً.
    إذن، يمكننا القول، إنّهما حاكميّتان:
    أولاهما: حاكميّة إلهية تستهدفُ -بوعيٍ كامل- تحقيق الكرامة الإنسانية وإعلاء قيم العدل والمساواة والإخاء، وذلك من خلال سعيها إلى تحقيق قيم الدّين بصورةٍ كلّيّة متكاملة، تشملُ في المقام الأول بناء القاعدة الأخلاقيّة: (إنما بُعثت لأُتمم مكارم الأخلاق) على أساس العقيدة، ثم تسعى إلى تطبيق "الأحكام الشرعيّة" بصورة متدرجة تُراعي تطوُّر المجتمع. ويُشكّل الحضور الإلهيُّ في هذه الحاكميّة ضمانةً لاحترام تلك القيم والمبادئ الإنسانيّة.
    والأخرى: حاكميّةً سياسيّةً قانونيّة، تسعى -بوعيٍ أو بدون وعيٍ- إلى تثبيت الأوضاع الراهنة بكلّ ما فيها من ظلمٍ واستغلال، وذلك خدمةً لمصالح بعض فئات المجتمع، مُعتمدةً في ذلك على الاجتهاد في تطبيق الحدود والزّواجر الإسلاميّة خاصّةً، ومن الواضح أنّ الحضور الإلهيّ في هذه الحاكميّة، هو ضمانة لتحقيق مصلحة الفئة الحاكمة، الأمر الّذي يجعلها قريبةً من القول بنظرية الحقِّ الإلهيِّ في الحكم، التي يقومُ على أساسها النِّظام الثيوقراطيّ، أو الدولة الدينيّة بمعناها المنبوذ اتّفاقاً.
    وكما رأينا في الحلقة الأولى من هذه القراءة، فإنّ "قوانين الحدود والجنايات" إنّما شُرعت بعد قيام المجتمع الإسلاميّ المتكافل في المدينة المنورة، ومن أجل حمايته، وبالتالي فإنّ البدء بإقامتها قبل إقامة مثل هذا المجتمع، هو خطأٌ وخطرٌ كبير، من شأنه أن يؤدّي إلى نظامٍ ثيوقراطيٍّ مستبد! (..)
                  

12-17-2009, 08:18 AM

Emad Ahmed
<aEmad Ahmed
تاريخ التسجيل: 08-12-2009
مجموع المشاركات: 12705

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: صلاح عباس فقير)

    698.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  

12-17-2009, 11:11 AM

الحاج حمد الحاج
<aالحاج حمد الحاج
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 4800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: Emad Ahmed)

    فووق لحين عودة..
    الأخ عماد عثمان أحمد - وزير التوثيق
    واصل مرافقا لصلاح في هذا الجهد المقدر..
    ما شاء الله اولاد الشعبية..
                  

12-17-2009, 11:32 AM

وليد عبد اللطيف
<aوليد عبد اللطيف
تاريخ التسجيل: 08-09-2009
مجموع المشاركات: 6733

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: الحاج حمد الحاج)

    الاستاذ صلاح عباس فقيري
    وكما عودتنا بالجميل
    طبعا الاستاذ كمال الجزولي يسكن جارنا
    وايضا شقيقته معنا في نفس الحي
    لذلك غير كتاباتك عنه تعترينا ذكريات جميله
    عن الاستاذ المحامي الاديب كمال الجزولي
                  

12-18-2009, 07:07 PM

سيف الدين عيسى مختار
<aسيف الدين عيسى مختار
تاريخ التسجيل: 03-02-2007
مجموع المشاركات: 1364

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: وليد عبد اللطيف)

    الأخ العويو صلاح

    اتابع باهتمام بالغ قراءتك الراـعة لرؤى الأشتاذكمال الجزولي وسوف آتيك بتعليقي فور الانتهاء من القراءة، أشكر لك هذا الجهد
    الفكري العميق

    سيف الديم عيسى مخنار
                  

12-22-2009, 06:56 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: سيف الدين عيسى مختار)

    الإخوة الأعزاء

    عماد، الحاج، وليد

    لكم (نواضر الود) و(جزيل الشكر)

    على المرور والدّعم والمساندة!
                  

12-22-2009, 07:29 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: صلاح عباس فقير)

    Quote: أتابع باهتمام بالغ قراءتك الرائعة لرؤى الأستاذ كمال الجزولي
    وسوف آتيك بتعليقي فور الانتهاء من القراءة،
    أشكر لك هذا الجهد الفكري العميق!

    أخي سيف الدين
    شكراً لك على المتابعة والاهتمام!
    وأعتزّ بأن وجدت هذه الحروف اهتماماً من قبلك!
    ومترقّب لتعليقك عليها!
                  

12-26-2009, 06:32 AM

Emad Ahmed
<aEmad Ahmed
تاريخ التسجيل: 08-12-2009
مجموع المشاركات: 12705

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول مفهوم "الحاكميّة" في الإسلام وعلاقته بمفهوم "الدَّولة ا (Re: صلاح عباس فقير)

    6613.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de