لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 12:36 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-07-2009, 08:38 PM

ابراهيم على ابراهيم المحامى

تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 126

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع

    مع اقتراب موعد تنفيذ حق تقرير المصير المنصوص عليه في اتفاقية نيفاشا
    بدأت الكثير من الاصوات في اصدار تخريجات غريبة
    ونشر مقالات وعرائض تدعو الى حيل مختلفة كلها تصب في خانة واحدة:
    خانة التلاعب بحق تقرير المصير كحق مبدئي واصيل لشعب جنوب السودان كفلته نيفاشا ودستور السودان وقبل ذلك المواثيق الدولية.
    كما يصب في خانة "نقض العهود والمواثيق"

    * سنفتح في هذا البوست حوارا نهدف من ورائه تبصير الناس باهمية حق تقرير المصير والاستفتاء عليه
    آخذين في الاعتبار ان رغبة الشعب الجنوبي لم يتم اختبارها بعد.
    وآملين ايضا ان نكشف هذه المخططات في باكر عمرها حتى لا تصبح علينا الايام ونجدها قد
    امست واقعا جديدا مؤلما اخر.
                  

10-07-2009, 08:44 PM

ناصر الاحيمر
<aناصر الاحيمر
تاريخ التسجيل: 04-18-2008
مجموع المشاركات: 1250

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: ابراهيم على ابراهيم المحامى)

    up
                  

10-07-2009, 09:31 PM

ابراهيم على ابراهيم المحامى

تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 126

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: ناصر الاحيمر)

    هذا احد الامثلة لمحاولات التنصل من ساعة دنو الاستحقاقات الوطنية
    محاولة لتمييع حق تقرير المصير عبر تمديد الفترة الانتقالية وكثرة مشاكلها
    محاولة لتضييع حق الجنوبيين في الاستفتاء بتاجيلها مرة واحدة ثم مرات عديدة و الى الابد
    اقرأ البيان ادناه الصادر اليوم في سودنايل:

    مقترح بتمديد الفترة الانتقالية المنصوص عليها باتفاقية السلام الشامل


    الثلاثاء, 06 أكتوبر 2009 18:42

    يعيش السودان أزمة وطنية عامة تؤرق كل عناصره الوطنية المستنيرة لانها – اى الازمة – اصبحت تدفع الوطن دفعاً قوياً نحو الهاوية... لذلك وجب علينا جميعاً ان نعمل الفكر ونبدئ الرأى ونفعل قيمة الحوار للبحث عن مخرج للوطن من هذه الازمة. ان مظاهر الازمة الوطنية متعددة ومتداخلة يصعب فرزها تفصيلاً ولكن يمكن الاشارة الى اهم تلك المظاهر:-
    اولاً:- الازمة الاقتصادية الخانقة التى تتجسد فى الارتفاع الجنونى المستمر لاسعار الاحتياجات الاساسية للمواطن وانخفاض سعر تحويل الجنيه السودانى مقابل العملات الاجنبية وندرة العملات الاجنبية المتوفرة فى البلاد وصعوبة الاستيراد وتعثر الصناعة الوطنية وانهيار الزراعة وتزايد معدلات البطالة.
    ثانياً:- تعسر تطبيق نصوص اتفاقيات السلام التى ابرمت بين الحكومة والاطراف المختلفة (اتفاقية السلام الشامل واتفاق القاهرة واتفاقية ابوجا واتفاق الشرق) والتى كان من المؤمل ان تساهم فى تغيير الواقع السياسي والاقتصادى والاجتماعى والثقافى نحو الافضل.
    ثالثاً:- عجز الارادة الوطنية السودانية عن معالجة مشكلة دارفور طوال السنوات الماضية الامر الذى فتح الباب على مصرعيه لتدخلات اقليمية ودولية متعددة لمعالجة المشكلة دون ان تثمر حتى الان بسبب غياب الارادة الوطنية السودانية التى تمثل الاساس لاية معالجة دولية او اقليمية ... فالدور الاقليمي والدولى لن يفلح فى غياب الدور السودانى الجاد والفاعل والراغب فى المعالجة .
    رابعاًً:- ازمة الثقة بين الطرفين الرئيسيين فى حكومة الوحدة الوطنية ... حزب المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية لتحرير السودان ... فانعدام الانسجام السياسي بين الطرفين قد ساهم كثيراً فى تفاقم الازمة الوطنية ... فلو توفر قدر معقول من الانسجام السياسي بين الطرفين لاستطعنا معالجة العديد من الاشكالات واجتزنا الكثير من العقبات.
    خامساًً:- الضعف الامنى الذى تجلى فى انتشار الجرائم الجنائية فى العاصمة القومية وبعض مدن الشمال , وفى المواجهات المسلحة التى ظهرت فى الجنوب ... وهذا الضعف الامنى فى
    مجمله يخلق حالة من القلق وسط المواطنيين وخوفهم من القادم غداً اذا تعقدت الاوضاع السياسية.
    هذه هى اهم مظاهر الازمة الوطنية العامة وبالطبع يمكن رصد جملة من المظاهر الثانوية المتفرعة من تلك المظاهر الرئيسية.
    ان الذى يؤرقنا فى هذه المرحلة بوصفنا مواطنيين سودانيين هو انه فى ظل هذه الازمة نحن مقبلون على حدثين سياسين عظيمين للغاية فى تاريخ السودان الحديث وهما :-
    الانتخابات فى 2010.
    الاستفتاء على حق تقرير مصير الجنوب ومنطقة ابيي فى 2011.
    وذلك بموجب نصوص اتفاقية السلام الشامل ... فهل نحن جاهزون للانتخابات والاستفتاء؟ والجاهزية هنا لاتعنى الجوانب الاجرائية وانما تعنى الجاهزية السياسية التى تضمن لنا ان تحقق الانتخابات ويحقق الاستفتاء مقاصد اتفاقية السلام الشامل... بمعنى اخر هل استوعبنا روح الاتفاقية ورسخنا قيمها ونستصحب ذلك ونحن نتقدم نحو الانتخابات والاستفتاء؟ فروح الاتفاقية تتجسد باختصار فى النص التالى الذى ورد باستهلال الاتفاقية:-
    ( ويقران كذلك ان التنفيذ الناجح لاتفاق السلام الشامل سوف يقدم نموذجاً للحكم الراشد فى السودان مما يساعد على اقامة اساس راسخ للحفاظ على السلم وجعل الوحدة امراً جذاباً , وعلى ذلك يتعهدان بالتمسك بصورة كاملة بنص وروح اتفاقية السلام الشامل ضماناًً للسلام الدائم والامن للجميع والعدالة والمساواة فى السودان)
    ان مقاصد الاتفاقية قد تلخصت فى تحويل السلام والديمقراطية والوحدة والتنمية الى قيم يحسها المواطن السودانى فى حياته اليومية امناً واطمئناناً ورخاء وعندها يشارك فى الانتخابات ترسيخاً لحكم راشد ويحدد مصيره عبر الاستفتاء بحرية كاملةدون ضغوط سياسية ونفسية واقتصادية تتدخل فى اختياره ... فهل خلق تطبيق الاتفاقية خلال الاعوام الماضية هذا المناخ الملائم ؟... وهل يمكن ان يتحقق ذلك فى ظل الواقع الحالى المتأزم؟
    فى تقديرنا ان الالتزام الحرفى باجراء الانتخابات فى موعدها خلال عام 2010 والاستفتاء فى 2011 فى ظل الاوضاع الحالية ومع ضيق الزمن المتبقى قد يؤدى الى نتائج عكسية سالبة تتناقض تماماً مع روح ومقاصد اتفاقية السلام الشامل.
    ان الزمن المتبقى من الفترة الانتقالية بكاملها حوالى اثنين وعشرون شهراً ونعتقد انها فترة غير كافية لانجاز ماتبقى من مهام نصت عليها الاتفاقية بالاسلوب الصحيح والسليم وذلك للاسباب
    التالية مع ادراكنا التام لصعوبة تطبيق نصوص اتفاقيات السلام على الواقع لوجود العديد من المعوقات السياسية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية فى دولة متخلفة كالسودان:-
    اولاً:- ان بناء اتفاقية السلام الشامل يتميز بانه بناء متكامل بشكل دقيق بحيث ان عدم تطبيق بعض النصوص او تطبيقها بشكل غير صحيح وغير فاعل يؤدى الى احداث خلل عام فى كل هيكل الاتفاقية.
    ثانياً:- لاننكر ان هناك الكثير الذى تم انجازه اجرائياً فاذا حصرنا ما تم انجازه بطريقة حسابية مجردة فسنجد انه يبلغ حوالى ال 85% ولكن الاشكالية تكمن فى اننا اذا حصرنا ما تم انجازه بطريقة الاوزان فسنجد ان الخمسة عشر بالمائة (15%) التى لم تنجز لها وزن كبير يصل فى تقديرنا الى حوالى 50% من الوزن الكلى لنصوص الاتفاقية , ويمكن توضيح ذلك اذا راجعنا بشكل مختصر وسريع اهم مالم يتم انجازه او تم انجازه بطريقة غير صحيحة وغير فاعلة.:-
    فى مجال اقتسام السلطة:-
    >ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب على الارض
    الاتفاق على الجوانب القانونية والاجرائية الخاصة باستفتاء 2011.
    اجازة القوانين المعلقة كقانون الامن الوطنى.
    وضع وتنفيذ برنامج المصالحة الوطنية.
    تفعيل دور مفوضية الخدمة المدنية وانشاء مفوضيات مماثلة بالولايات.
    معالجة اشكالية التعداد السكانى.
    -->توفير الدعم المالى اللازم لمفوضية الانتخابات.
    endif]-->تكوين مفوضية حقوق الانسان.
    فى مجال اقتسام الثروة:-
    ]-->تفعيل المفوضية القومية للبترول .
    ]-->زيادة فرص عمل الجنوبيين فى قطاع البترول .
    تفعيل مفوضية تخصيص ومراقبة الايرادات القومية .
    -->انشاء المفوضية القومية للاراضى.
    ]-->وضع وتنفيذ برنامج التشاور مع المجتمعات المحلية حول ادارة الموارد الطبيعية.
    ]-->تفعيل الصندوق القومى لاعادة الاعمار والتنمية وكذلك الصندوق المشابه فى الجنوب.

    المناطق الثلاثة ابيي , جنوب كردفان / جبال النوبة والنيل الازرق
    ->ترسيم حدود ابيي على الارض.
    تمويل ادارة ابيي
    وضع ترتيبات استفتاء ابيي 2011.
    دفع استحقاقات ابيي من البترول للفترة الماضية.
    >وضع وتنفيذ برنامج اعادة التعمير والتنمية فى جنوب كردفان والنيل الازرق.

    الترتيبات الامنية:-
    ]-->مراجعة وجود بعض المجموعات المسلحة المتحالفة مع طرفى اتفاقية السلام الشامل خارج اطار الجيشين النظاميين.
    ]-->معالجة اوضاع الوحدات العسكرية المشتركة من ناحية توفير الامكانات المالية للتموين والتدريب والتسليح واحداث دمج فعلى وليس صورى لهذه القوات بافتراض انها ستكون نواة الجيش القومى فى حالة نجاح خيار الوحدة.
    ]-->انفاذ برنامج نزع السلاح والتسريح واعادة الدمج حيث ان المستهدف حوالى 180.000 شخص , 90 الف لكل طرف من طرفى الاتفاقية وما سجل حتى الان حوالى 25 الف لكل طرف مع عدم توفر التمويل الخاص بذلك والمقدر بحوالى 566 مليون دولار.
    الدعم الدولى لاتفاقية السلام الشامل:-
    ]-->تفعيل وتنشيط مفوضية التقدير والتقويم الدولية.
    --> توفير الدعم المالى والذى قدر بحوالى 4.8 مليار دولار امريكى حيث ان هناك حاجة ماسة له لانفاذ مايلى:-
    - الانتخابات.
    نزع السلاح والتسريح والدمج.
    --> الوحدات العسكرية المشتركة.
    مشاريع التنمية فى المناطق الثلاث
    ]--> مشاريع البنية التحتية بين الشمال والجنوب.
    > توازن الاهتمام الدولى بتطبيق اتفاقية السلام الشامل و بمعالجة مشكلة دارفور.

    ]-->العلاقة بين طرفى اتفاقية السلام الشامل:-
    -->التأثير السالب لتوتر العلاقة بين الطرفين الناتج عن انعدام الثقة وتغليب روح الصراع السياسي والحزبى بينهما على حساب روح الشراكة التى تمثل العمود الفقرى للاتفاقية والاداة الرئيسية لتطبيق نصوصها.

    تفاصيل المقترح

    استنادا ًعلى ما ذكر سالفاً نعتقد اننا كسودانيين بجميع مواقعنا ... فى السلطة او فى المعارضة لسنا قادرون على مواجهة تعقيدات الواقع السياسي والاقتصادى والاجتماعى الحالى خلال الفترة المتبقية من عمر الاتفاقية وتحويل الواقع المتأزم الى واقع ملائم ... واذا التزمنا بطريقة ميكانيكية مجردة بالجدول الزمنى لاتفاقية السلام الشامل واجرينا الانتخابات فى موعدها فى عام 2010 فانها ستكون انتخابات اجرائية فاقدة لقيمتها الديمقراطية ولن تؤدى الى تحول ديمقراطى حقيقى بهدف بناء نظام حكم راشد واقصى ما سيحدث هو بقاء الاوضاع كما هى عليه دون تغيير مثل مايحدث فى معظم دول العالم المتخلف التى تلتزم باجراء الانتخابات دون عمق ديمقراطى... واذا اجرينا الاستفتاء للجنوب ومنطقة ابيي فى موعده فى 2011 فنحن لسنا جاهزون بمتطلبات الوحدة ولا بمتطلبات الانفصال ... لذلك نعتقد ان الاصرار على اجراء الانتخابات والاستفتاء فى موعدهما دون تعديل سيقودنا بخطى صاروخية الى قاع الهاوية وعلى احسن الفروض الى حافة الهاوية.
    لذلك نقترح تحديداً ان يتم تمديد الفترة الانتقالية لمدة ثلاث سنوات لتنتهى فى 2014 بدلاً عن 2011 وفق الشروط التالية :-
    موافقة طرفى الاتفاقية ... حزب المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية لتحرير السودان على التمديد.
    موافقة الشهود الاقليميين والدوليين الذين شهدوا على توقيع اتفاقية السلام الشامل وهم:-
    الايقاد.
    الاتحاد الافريقى. ]--> جامعة الدول العربية.>- لامم المتحدة.
    الاتحاد الاوروبى.الحكومة الايطالية الحكومة الهولندية
    ]-->الحكومة النرويجية -->حكومة المملكة المتحدة وايرلندا الشمالية
    ]-->حكومة الولايات المتحدة الامريكية.]-->الحكومة المصرية.
    endif]-->منتدى شركاء الايقاد.
    ->لايفهم ولايستخدم التمديد من قبل طرفى الاتفاقية او من قبل اى اطراف سياسية اخرى على انه تمديد لعمر حكومة الوحدة الوطنية لترسيخ الواقع الحالى المتأزم وانما على العكس هو أداة لمعالجة الازمة وتغيير الواقع الحالى الى الافضل .
    المحافظة على نصوص اتفاقية السلام الشامل كما هى دون اية تغيير او تعديل وعدم استخدام التمديد كمدخل لاحداث شروخ فى جسد الاتفاقية.
    ازالة حالة عدم الثقة بين طرفى الاتفاقية عن طريق التفاوض المباشر بين القيادات مع الادراك الواعى بان حالة عدم الثقة خلال الاعوام الماضية قد مثلت احد المعوقات الرئيسية التى واجهت التطبيق الصحيح لنصوص الاتفاقية وافقدت الاتفاقية مقاصدها الديمقراطية والتنموية. وهناك ضرورة لأن يفهم طرفا الاتفاقية تعقيدات المعادلة السياسية التى تجمع بين طرفين متنافرين سياسياً وفكرياً وفى نفس الوقت متفقين على نصوص اتفاق سلام شامل يجب ان يتعاونا لتطبيقها بشكل صحيح وسليم لانقاذ الوطن ومعالجة اى اشكالات تطرأ بينهما فى اطار المؤسسات المشتركة التى يعملان فى اطارها.
    -> جلوس طرفى الاتفاقية مع الشهود الاقليميين والدوليين فى اطار المفوضية الدولية للتقويم والتقدير واعادة جدولة البنود التى لم يتم تنفيذها او نفذت بطريقة غير صحيحة وتوزيع مسئوليات التنفيذ وفق الواقع المعاش.
    تفعيل الدور الدولى والاقليمى فى متابعة ومراقبة تطبيق نصوص الاتفاقية , وهذا التفعيل له جانبان... جانب سياسي يتطلب ممارسة الشهود لضغط مباشر ومستمر على الطرفين فى اتجاه التطبيق الصحيح لنصوص الاتفاقية ... وجانب مالى يتطلب الايفاء بالتزامات الدعم المالى الدولى.
    > التزام حكومة الوحدة الوطنية والمجتمع الدولى والاقليمى بالمساهمة بايجابية فى وضع وتنفيذ برنامج اسعافى عاجل ومكثف يهدف الى بناء القدرات بجنوب السودان فى جميع المجالات حيث ان حالة الحرب والدمار التى استمرت لعقود فى جنوب السودان تجعل من المستحيل ان تتمكن حكومة الجنوب لوحدها من بناء القدرات اللازمة خلال الفترة الانتقالية الممددة بالقدر الذى يجعل جنوب السودان جزءً فاعلاً ومؤثراً بايجابية فى السودان الموحد فى حالة الوحدة او دولة قوية ومتماسكة فى حالة الانفصال .
    توسيع قاعدة المشاركة القومية فى اتخاذ القرار السياسى والاقتصادى وفى مراقبة تنفيذ نصوص اتفاقية السلام الشامل باجراء مايلى :-
    (أ) تكوين المجلس الاستشارى لهيئة الرئاسة من رؤساء الاحزاب والتنظيمات التالية بالاضافة الى رئيسي الحركة الشعبية والمؤتمر الوطنى اعضاء هيئة الرئاسة حالياً :
    حزب الامة القومى
    ]-->الحزب الاتحادى الديمقراطى الاصل
    >الحزب الوطنى الاتحادى
    ->حزب المؤتمر الشعبى
    الحزب الشيوعى
    حزب البعث
    حركة تحرير السودان – منى
    جبهة الشرق
    وعلى ان يجتمع المجلس الاستشارى شهرياً بشكل دورى منتظم وتعرض عليه من قبل هيئة الرئاسة مشاريع القرارات الخاصة بالقضايا السياسية والاقتصادية الرئيسية ذات الطابع القومى العام .
    (ب) تكوين المفوضية الوطنية للتقويم والتقدير من ممثلين على مستوى قيادى من شريكى الاتفاقية والاحزاب والتنظيمات اعضاء المجلس الاستشارى لهيئة الرئاسة والاحزاب والتنظيمات المشاركة فى حكومة الوحدة الوطنية حالياً .

    ]-->رفع الهمة والارادة الوطنية فيما يتعلق بمعالجة مشكلة دارفور بالتعاون من القوى الاقليمية والدولية حيث انه قد اصبح من المستحيل ان نتحدث عن تطبيق صحيح لاتفاقية السلام الشامل مع اهمال معالجة مشكلة دارفور.
    كان هذا مقترحنا لتمديد الفترة الانتقالية كمخرج من الازمة الوطنية العامة الذى نقدمه لجميع اهل السودان بمن فيهم طرفى اتفاقية السلام والاحزاب السياسية الاخرى الحاكمة والمعارضة كما نقدمه ايضاً للقوى الاقليمية والدولية التى تهتم بالشأن السودانى .

    ان ضمانة الاستفادة القصوى من فترة التمديد المقترحة وعدم استمرار حالة الاخفاقات التى صاحبت الفترة الماضية والحالية وضياع فترة التمديد فيما لايفيد لها ذراعان... الذراع الاول خاص بمشاركة جميع القوى الوطنية المنظمة والفاعلة فى اتخاذ القرار السياسى والاقتصادى وفى مراقبة ومتابعة التنفيذ... والذراع الثانى خاص بالدعم السياسى والمالى للقوى الدولية والاقليمية لفترة التمديد نحو تنفيذ نصوص اتفاقية السلام الشامل وممارسة ضغطها على طرفى الاتفاقية لتجاوز العقبات والصعوبات والقفز فوق الخلافات الحزبية بينهما حيث ان مسألة معالجة قضية السودان لم تعد مسألة محلية محدودة وانما مسألة ذات بعد دولى واقليمى مؤثر استراتيجياً بالقدر الذى يستدعى تحرك القوى الدولية والاقليمية لمعالجتها .

    نأمل ان ينال مقترحنا الدراسة من قبل الجميع مع استعدادنا التام لفتح ابواب الحوار حوله... فقد يكون صالحاً او غير صالح وقد تكون هناك مقترحات اخرى افضل منه ... وكل هذا مقبول لدينا مادام الهدف هو مصلحة الوطن.

    د. حيدر ابراهيم على
    د. عبد الرحيم بلال.
    د. عبد الغفار محمد احمد.
    د. عطا البطحانى.
    د. فاروق محمد ابراهيم.
    أ. فيصل محمد صالح.
    أ. ياسين حسن بشير
                  

10-07-2009, 09:41 PM

ابراهيم على ابراهيم المحامى

تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 126

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: ابراهيم على ابراهيم المحامى)

    وفي محاولة اخرى -قبل ذلك- لتمييع حق تقرير المصير وتضييع حق الشعب الجنوبي في اختبار رغبته
    طالبت مجموعة من الكتاب في مقالات مختلفة بضرورة تبني "الكونفدرالية" كخيار ثالث في بطاقة الاستفتاء
    منهم من قالها بوضوح ومنهم من التبس عليه وظيفة الكونفردالية
    ومنهم من ارادها بعد الانفصال (دون يوضح كيف)
    من بين هؤلاء الكتاب الذي طالبوا بالكونفدرالية كخيار ثالث في مقالات جاءت دون تنسيق او اتفاق:
    - دكتور الطيب زين العابدين
    - دكتور عبد الوهاب الافندي
    - الاستاذ كمال الجزولي
    - الاستاذ خالد التجاني النور
    - دكتور عبد الرحيم حمدي (حيث اشار الى كونفدراليته سيئة الذكر بعض الاساتذة اعلاه)

    سنورد هذه المقالات تباعا


    لنرى كيف يتملص القوم من استحقاقات نيفاشا
                  

10-07-2009, 09:50 PM

ابراهيم على ابراهيم المحامى

تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 126

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: ابراهيم على ابراهيم المحامى)

    المبادرة الوطنية لتمديد الفترة الانتقالية .. بقلم: ثروت قاسم
    الأربعاء, 07 أكتوبر 2009 23:49


    [email protected] هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته





    اقترح سبعة من كرام المثقفين السودانيين مبادرة وطنية لتمديد الفترة الانتقالية لمدة ثلاث سنوات لتنتهي في 2014م بدلاً عن 2011م . وساقوا عدة اسباب ومسببات لمبادرتهم , وعددوا المكاسب التي سوف تجنيها بلاد السودان من مبادرتهم .



    اسمعك تردد ، يا هذا ، بان هذه مبادرة منطقية ومتوازنة وفي وقتها . ولكنها مبادرة نظرية , واكاديمية , وغير قابلة للتنفيذ . وقد ولدت ميتة موتاً سريرياً لا فواق منه . وذلك للاسباب العشرة التالية ضمن اسباب كثيرة اخري :



    اولاً : سوف ترفضها الحركة الشعبية لان الحركة الشعبية تصَر علي عقد الاستفتاء في يناير 2011م تحت كل الظروف ، حتي يتمكن الجنوب من الاستقلال في ذلك التاريخ . وخيره عاجله ؟



    ثانياً : سوف يرفضها المؤتمر الوطني لانه يصَر علي عقد الانتخابات في ابريل 2010م حتي يكسب شرعية شعبية وديمقراطية امام المجتمع الدولي . ذلك ان المؤتمر الوطني سوف يسخَر كل ادوات الدولة , ولن يتورع عن التزوير , للفوزالكاسح في الانتخابات .



    ثالثاً : سوف ترفضها ادارة اوباما ( المجتمع الدولي ) لان ادارة اوباما تسعي لاستقلال الجنوب في يناير 2011م . برضه خيره عاجله . ولانها تعتبر الاتفاقية بقرتها المقدسة , والانتصار الامريكي اليتيم , وسط بحر من الاخفاقات , من القاعدة الي افغنستان . ولذلك لن تقبل المساس بهذه البقرة المقدسة ! خصوصأ من اكاديميين , لا في العير ولا في النفير , من منظورها .



    رابعاً : سوف ترفضها القوي السياسية الحيَة في الشمال والجنوب . لان الفترة الانتقالية سوف تكرس الوضع الحالي المتأزم . ذلك ان نظام الانقاذ ليس لديه الارادة السياسية لمعالجة الأزمة الحالية , وتغيير الوضع الحالي الي الافضل . لان اي تغيير ( حتي للافضل وطنيأ ) سوف يقلل من هيمنته وسلطته . والهيمنة والسلطوية هما مربط فرسه . وبدون موافقة نظام الانقاذ , وبدون رضائه ورغبته الطوعية , سوف لن يحدث أي تغيير , مهما كان التغيير في مصلحة الوطن . ولكن , وللاسف , ومن منظور نظام الانقاذ , فان الشعار المرفوع هو : الانقاذ اولا ؟؟



    خامساً : فترة الثلاث سنوات الاضافية المقترحة في المبادرة سوف لن تزيل , بل سوف تعمق , من حالة عدم الثقة بين الشريكين . وسوف تتدحرج البلاد من الوضع السئ الحالي الي وضع اسوأ . وذلك لانعدام الارادة السياسية من الطرفين واي رغبة في التعاون الحبي المشترك لتطبيق اتفاقية السلام الشامل . الفترة الانتقالية المقترحة سوف تكرس الصراع الحزبي والسياسي بين الشريكين , لانعدام الثقة بينهما , ولانعدام الارادة السياسية لاعادة هكذا ثقة . ثم ليست هنالك اي مدخلات جديدة لتحسين الوضع الحالي المتازم . المدخل الجديد الوحيد المتوقع ( ادانة السيد الرئيس البشير بتهمة الابادة الجماعية ) سوف يعقد الي الاسوا موقف نظام الانقاذ , ويزيد من تعنته وتصلبه , مما يزيد معه الطين بلة , بتمديد الفترة الانتقالية .



    سادسأ : سوف يرفض المؤتمر الوطني أشراك أحزاب ( شمالية ) معادية له ( حزب الامة , الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل , الحزب الوطني الاتحادي , حزب المؤتمر الشعبي , الحزب الشيوعي , حزب البعث , وجبهة الشرق ) في السلطة ( المجلس الاستشاري المقترح في المبادرة لهيئة الرئاسة ) . كيف نتصور ان يعطي نظام الانقاذ , طواعية , السكين لاعدائه لكي يقطعوا بها رأسه ؟ هذا ترف فكري ؟ ولماذا تستبعد المبادرة دقشة الاحزاب الشمالية الاخري الموالية للانقاذ ( مسار والدقير و .. و... ) ؟ ويحق للحركة الشعبية التساؤل , لماذا اشراك الاحزاب الشمالية , دون الجنوبية , في السلطة ابان الفترة الانتقالية المقترحة ؟ وخصما علي كوتة الحركة ( وكذلك المؤتمر الوطني ) في اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي ؟ ثم كيف يقبل الشريكان اشراك أحزاب صورية كرتونية لا سند شعبي لها ومعادية ( حزب البعث مثلأ الذي مات في منبعه في العراق ) في السلطة ( المجلس الاستشاري المقترح ) ابان الفترة الانتقالية المقترحة ؟



    هذا كلام الطير في الباقير ؟



    سابعاً : سوف ترفض الحركة الشعبية وكذلك المؤتمر الوطني تفتيت سلطتهما عبر تكوين المفوضية الوطنية للتقويم والتقدير ( المقترحة في المبادرة ابان الفترة الانتقالية ) . سوف تحتوي هذه المفوضية علي اعداء نظام الانقاذ من المواطنين الشرفاء , الذين سوف يكونون شوكة حوت في حلق الانقاذ . ولن يستطيع الانقاذ ان يبرطع في المال العام , كما هو الحال المتازم حاليأ ؟



    المبادرة تتصور مدينة فاضلة يتعايش ويتواصل فيها الحمل والذئب واللص والشرطي ؟



    ثامنأ : اقتراح المبادرة المفصلي بتوسيع قاعدة المشاركة القومية في اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي . وفي جعل الاتفاقية قومية بدلاً عن ثنائية , قد تم تقديمه منذ سنوات بواسطة السيد الامام . ولكن هكذا اقتراح قد رفضته , وبشدة , الحركة الشعبية التي رأت فيه تكسيراً للاتفاقية . وعادت بسببه السيد الامام ؟ وكذلك نظام الانقاذ , الذي رأي فيه تفكيكاً لنظامه . وتجاهله تمامأ ؟ ولن نغير الوضع شيئا اذا وضعنا النبيذ في قينونة جديدة .



    هل تري , يا هذا , قنابير علي روؤس القوم .



    تاسعأ : فترة الثلاث سنوات الاضافية المقترحة في المبادرة غير كافية لبناء القدرات ( خصوصاً البشرية ) في جنوب السودان . وليس هناك أي ضمانات بان المجتمع الدولي سوف يقدم الدعم المالي المطلوب لهذا المشروع , ولا الدعم المالي المقترح ( حوالي خمسة مليارات دولار) لمشاريع اخري مقترحة في المبادرة , يتم انفاذها خلال الفترة الانتقالية الاضافية المقترحة في المبادرة .لايمكن ان نخطط علي التمنيات الطيبة والسراب . خصوصا والمجتمع الدولي في حالة انهاك تمويلي , بعد الازمة الاقتصادية العالمية الحالية , والتي لا زالت مستعرة .



    عاشرأ : حالة عدم اللامبالاة في الشارع السياسي السوداني , سوف لن تقدم أي دعم شعبي للمبادرة . وسوف ينظر رجل الشارع للمبادرة , وكأنها رفع ل الآذان في مالطا , من اكاديميين ومنظرين في ابراج عاجية . وسوف يكون مصير المبادرة الاهمال والنسيان . كما تم اهمال ونسيان مبادرات اخري شبيهة كمبادرة السيد الامام والسيد الميرغني الاخيرة .



    وختاما يمكن القول ان المبادرة لا تعدو ان تكون جهد اكاديمي مقدر ، يمكن مناقشتها في مدارج الجامعات ومراكز البحوث النظرية . ثم قبرها في الملفات . وذلك لانعدام الارادة السياسية لكل الاطراف المعنية لتفعيلها . ولان كل طرف ينظر اليها علي انها تخصم من سلطته ونفوذه . بل تقدم السكين لاعدائه ؟
                  

10-08-2009, 05:41 PM

ابراهيم على ابراهيم المحامى

تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 126

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: ابراهيم على ابراهيم المحامى)

    *
                  

10-08-2009, 05:56 PM

عبداللطيف حسن علي
<aعبداللطيف حسن علي
تاريخ التسجيل: 04-21-2008
مجموع المشاركات: 5454

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: ابراهيم على ابراهيم المحامى)

    وختاما يمكن القول ان المبادرة لا تعدو ان تكون جهد اكاديمي مقدر ، يمكن مناقشتها في مدارج الجامعات ومراكز البحوث النظرية . ثم قبرها في الملفات . وذلك لانعدام الارادة السياسية لكل الاطراف المعنية لتفعيلها . ولان كل طرف ينظر اليها علي انها تخصم من سلطته ونفوذه . بل تقدم السكين لاعدائه


    من قبل قدمت مبادرات كثيرة ولم تحقق اي تقدم


    وكثرة المبادرات دليل عافية علي اهتمام المثقفين بالشان العام وتقديم


    رؤي للحل صرف النظر عن الاخذ بها او لا ..لكنها قطعا تلعب دورها في التنوير

    السياسي والفكري لقضايا الوطن وتؤكد ان الحل السوداني حاضر دوما


    بوست جميل تشكر عليه
                  

10-08-2009, 07:45 PM

بدر الدين اسحاق احمد
<aبدر الدين اسحاق احمد
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 17127

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: عبداللطيف حسن علي)

    فوق الى حين تحديد كيفية مشاركتى فى هذا البوست الجميل


    شكرا
                  

10-08-2009, 07:40 PM

عمر سعد
<aعمر سعد
تاريخ التسجيل: 05-31-2007
مجموع المشاركات: 2468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: ابراهيم على ابراهيم المحامى)

    ارى ان تحليل الاخير قاسم ثروت هو الاقرب للصواب لان الاحزاب والسلطه يلعبون لعبه

    القط والفار كما فى افلام توم اند جيرى .....

    ولن تتنازل الانقاذ عن انقاذيتها التى عبر عنها رئيسها ابلغ واوضح تعبير انهم اتو بقوه السلاح

    وما يتم فقط هو لتحويل الفكره او القمع من قمع يديكتاتورى الى قمع ديمقراطى ....
                  

10-09-2009, 03:16 AM

ابراهيم على ابراهيم المحامى

تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 126

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: عمر سعد)

    الاستاذ عبد اللطيف ، تحية وود
    اظنك تتفق معي في، ان زيارة نيفاشا بغرض تعديلها يشكل خطورة عليها
    وعلى حق تقرير المصير.
    سنزور مؤتمر جوبا ايضا، حيث ذهبت بعض القيادات وفي معيتها عدد من البروتوكولات تريد اضافتها لنيفاشا
    الكل يسعى هذه الايام لتخريب نيفاشا
    ارغب ان اسمع اراء الكثيرين


    الاستاذ بدر الدين
    تحياتي ومودتي
    غدا سنقدم راي احد الباحثين الغيورين على السودان ووحدته
    قرات له مبكرا واستفدت من ارائه
    ولكنه هذه المرة هو من سعى لفتح نفاذة على نيفاشا
    سيدخل من الريح الذي لن يستريح بعده احد
    دطتور عبد الغفار محمد احمد صاحب الوحدة في التنوع

    الاخ عمر سعد
    شكرا وتقديرا لمداخلتك القيمة
    اظنك تفق معي ان هؤلاء ليسوا من المؤتمر الوطني
    نحن هنا نود ان نكشف الضوء على محاولات الجميع
    الساعية لاجهاض اتفاقية السلام
    لماذا "يخرخر السودانيون عندما تحين ساعة الاستحقاقات والدفغ"
    أليس من حق الجنوبيين ابدءا رايهم في مسالة تتعلق بمصيرهم؟

    هذا ما نود ان نعرف
                  

10-09-2009, 04:33 PM

ابراهيم على ابراهيم المحامى

تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 126

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: ابراهيم على ابراهيم المحامى)

    وهذه مقترحات دكتور عبد الفغار محمد احمد لتمديد الفترة الانتقالية
    كانما ذلك حلا للمشاكل
    تمديد الفترة الانتقالية يعني تمديد مشاكل الشريكين ، وازيادة احتقان المشاكل الوطني كلها
    وتمييع وتضييع لحق تقرير المصير

    اتفاقيات السلام في السودان: تحديات التطبيق وافاق المستقبل
    أ.د. عبد الغفار محمد احمد
    جامعة الخرطوم
    و
    جامعة الاحفاد للبنات
    (1) مقدمة:
    منذ الاستقلال وحتي الان ظل السودان ضمن الاقطار الافريقية التي تبذل جهدا كبيرا ومحاولات عديدة لخلق نوع من الوئام والتعايش السلمي بين مجموعاتها السكانية المختلفة وتصبو الي صياغة هوية جامعة تستوعب كل التنوعات السائدة في مختلف بقاعها. ولم يكن هذا بالامر السهل في الشأن السوداني فقد عاني القطر كثيرا في تجاوز مراحل النزاع بين مختلف مجموعاته وفشل الي مدي بعيد في ازالة الظلم التاريخي والغبن الناتج عن بعض ما تم من ممارسات شائهة عبر الحقب التاريخية السابقة. والان يعيش السودان أزمة وطنية عامة تؤرق كل عناصره الوطنية المستنيرة وتدفع القطر دفعا قويا نحو الهاوية. مظاهر هذه الازمة متعددة ومتداخلة يصعب فرزها تفصيلا ولكن يمكن الاشارة الي بعض منها. فهناك الازمة الاقتصادية الخانقة التي يمكن استشفاف أبعادها عبر متابعة الارتفاع الجنوني للأسعار وانخفاض سعر الجنيه السوداني مقابل العملات الاجنبية بالاضافة الي صعوبة الاستيراد وتعثر الصناعة وانهيار الزراعة وزيادة معدلات البطالة. يضاف الي ذلك تعسر تطبيق نصوص اتفاقيات السلام التي أبرمت بين الحكومة والاطراف المختلفة في حلبة الصراع السياسي والميداني. ويأتي فوق هذا عجز الحكومة الوطنية عن معالجة مشكلة دارفور طوال السنوات الماضية مما فتح الباب أمام التدخلات الاقليمية والدولية دون حدوث تقدم يذكر. وفاقم من كل هذا ازمة الثقة بين الطرفين الرئيسيين في حكومة الوحدة الوطنية، حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، مما أدي الي عدم الانسجام في معالجة الازمة وأدي الي انهيار أمني في بعض الاقاليم.
    تهدف هذه الورقة الي التطرق لبعض الاتفاقيات الموقعة عبر الفترة مابعد الاستقلال وحتي الان ومدي مقدرتها علي مواجهة المشاكل المطروحة والتحديات التي واجهت ومازالت تواجه تطبيقها ثم نحاول ان نستشرق المستقبل بطرح عدد من السناريوهات المحتملة وما قد تقود اليه.

    (2) استرجاع التاريخ:بداية اصبح الحديث عن المسكوت عنه ضرورة اذ أن ذلك هو ما يعكر صفو العلاقات بين المجموعات البشرية التي يراد لها أن تتعايش في اطار القطر الواحد. من ذلك المسكوت عنه هو تلك الحقبة التاريخية التي سادت فيها تجارة الرقيق، هذه التجارة لم تكن وليدة القرن التاسع عشر وانما تعود جذورها الي عقود وقرون قبله فقد كانت تمثل عصب الاقتصاد في مملكتي الفور والفونج وما سبقهما من نظم الحكم في وادي النيل . تصبح في هذا الاطار العودة الي التاريخ لفهم الواقع ضرورة ملحة تساعد علي انارة الطريق لتفسير ماهو مشكل واستشراق ما يمكن أن يكون عليه المستقبل. فمن الواضح أن بداية المشكلة القومية تعود الي الظلم التاريخي الذي نجم عن العلاقات التي سادت في الفترات المشار اليها في بلد يتمتع بالتنوع البيئي والسكاني والثقافي وسبل كسب العيش عند قاطنيه نتج عنه تعدد في الهويات. ورغم تداخل مجموعاته البشرية مع بعضها البعض عبر الحقب فالشاهد في الامر أنه لم تتم صياغة هوية جامعة بعد ولم يكتمل بروز ما يمكن أن تطلق عليه مصطلح الهوية السودانية ولا حتي صياغة دولة قومية يمكن أن تكون فيها المواطنة هي أساس العلاقة بين الفرد والمجتمع.
    وبالرغم من أن الفشل في صياغة هوية جامعة ودولة قومية عادلة قد يعود جزئيا الي أداء النخب السياسية قبل وبعد الاستقلال في أواسط وأواخر الخمسينيات من القرن الماضي الا ان جزور هذه الازمة تعود الي أبعد من ذلك كما ألمحنا أعلاه، فعلاقة الاطراف بمركز الحكم عبر تاريخ الرقعة التي عرفت منذ مطلع القرن الماضي بالسودان اتسمت بالكثير من المسكوت عنه من استغلال وعلي رأس قائمته التاريخ الاسود للتجارة في البشر التي شكلت عصب التجارة الداخلية والخارجية لممالك السودان الشرقي واستمرت خلال العهد التركي بالسودان مرورا بدولة المهدية وحتي بدايات القرن الماضي وفي وجود الحكم الانجليزي المصري الذي يشار اليه بالحكم الثنائي.
    ورغم مرور هذه الفترات الزمنية بعد الاستقلال تحت نخب وطنية يفترض فيها ان تكون مستنيرة ومشغولة بالهم الوطني وحادبة علي خلق مناخ من التاخي وبناء وطن واحد الا انه لم يكن هناك من يصدق بالنصح لهذه النخب لتعتذر عن ما مضي وتمهد لطي صفحات الظلم التاريخي تلك وتفتح صفحات جديدة للاخاء والتعاون والعدل والمساواة.
    لقد اتخذ الحكم الثنائي من ذلك التاريخ الاسود منطلقا لسياسات ادعي في ظاهرها الوقوف بجانب من حاق بهم الظلم في تلك الحقب التاريخية الا ان باطنها كان غير ذلك وقد اتبع في ذلك نهجا هو في نهاية الأمر يعمل علي بناء هويات متصارعة ويدعو الي فصلها عن بعضها البعض. وحتي يتم له ذلك أصدر جملة من القرارات والقوانين هدفت دون تحفظ علي عزل جنوب القطر عن شماله وساعدت في الحد من أي مد ثقافي واجتماعي قد يعود مستقبلا الي نوع من التكامل والتوحد. فكان أصدار قانون الجوازات والرخص عام 1922 الذي حد من وصول التجار من الشمال الي الجنوب وتبعه قانون المناطق المقفولة عام 1929 الذي قفل كل أرجاء الجنوب في وجه العنصر الشمالي وذلك ضمانا لعدم مد أي أثر ذا طابع عربي او اسلامي في ذلك المجال الجغرافي وتركه لنشاط الكنائس بمختلف توجهاتها. وفي مثل هذه الظروف شط بعض الاداريين في عدائهم لأهل الشمال ومعتقداتهم وثقافتهم الي ما حدا بمفتش غرب بحر الغزال في ثلاثينيات القرن الماضي ان يمنع الاذان في راجا مع منع لبس الزي الشمالي والتسمي بالأسماء الشمالية . ثم في الجانب الاداري كان تطبيق قانون محاكم زعماء القبائل عام 1931.
    فاقم هذ االاتجاه المتعمد نحو الفصل علي جعل التنمية غير متوازنة بين شمال القطر وجنوبه. فبينما كان الاتجاه في دعم القطاع الزراعي المروي وبناء أكبر مشروع للري الانسيابي في العالم بين النيلين الازرق والابيض منذ عام 1925 لانتاج القطن لمد المصانع البريطانية للنسيج مما تحتاجه من المادة الخام اضافة الي مشاريع أخري علي ضفاف النيلين أو في السهول التي ترويها الامطار لم يكن لجنوب القطر أي نصيب يذكر سوي قيام مشروع الزاندي في نهاية الاربيعينيات وبداية الخمسينيات من القرن الماضي وقد هدف لأن يكون لدعم تنمية محلية محدودة .
    وعبر السياسات المشار اليها أعلاه كان ان ترك أمر التعليم لتصرف المجموعات الكنسية حسب امكانياتها مما جعلها تجنح الي طرح نظام تعليمي لا يواكب بأي حال من الأحوال ما كان يحدث من دعم حكومي متقدم في شمال القطر يضاف الي ذلك اصرار الادارة علي عدم اشتغال المتعلمين من العاملين لديها بالسياسة كما كان حادثا في شمال القطر .
    ولذا عندما دفعت الحركة السياسية النامية في شمال السودان وعبر النخبة المثقفة التي كونت مؤتمر الخريجين (1938) وبدأت تطرح شعار تحرير السودان في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، لنقاش مستقبل السودان واستطلعت رأي قيادات الجنوب في ذلك لم تكن هناك نخبة موازية حتي يحدث نوع من التكافؤ في المستويات وقد وضح ذلك جليا في مؤتمر جوبا عام 1947 . وقصم ظهر مستقبل العلاقة بين طرفي القطر ماحدث من توزيع للمناصب القيادية عن السودان في فترة الحكم الذاتي الذي بدأ عام 1954 اذ أن ضعف المستوي التعليمي قد كان أهم الاسباب في حيازة المتعلمين من الموظفين الجنوبيين علي (8) مواقع قيادة من (800) موقع كان من الضروري قيام النخب السودانية بتوليها، وقد خلق هذا التباين أو التهميش بلغة اليوم قدرا كبيرا من المرارة والغبن انفجر قبل اعلان الاستقلال بشهور في شكل تمرد القيادة الجنوبية الذي عرف بحوادث توريت التي بدأت في 18 أغسطس عام 1955 وقادت الي مقتل أعداد كبيرة من الشماليين والجنوبيين وقد فشلت الحكومة الوطنية في الفترة تلك، فترة الحكم الذاتي، في التعامل معها اذ لجأت لاستخدام القوة المفرطة بدل الحل الهادئ عبر الحوار مما عرضها لانتهاك حقوق الانسان وتعمد احكام اقل ما يقال عنها انها جائرة. تبع ذلك الوعد بأن يمنح الجنوب حق قيام فدرالية في حال تصويت نوابه في البرلمان بجانب اعلان الاستقلال من داخل البرلمان. وقام النواب الجنوبيون بذلك الا ان القيادات الشمالية نكصت عن العهد وكان هذا بداية لنكص العديد من العهود المستقبلية .
    وفي ظل هذا الحراك الدائب في مجال الحكم ومشاريع النمو غاب الحديث تماما عن أقاصي الشمال والشرق والغرب الأمر الذي جعلها في مستقل الايام تظهر بنفس مستوي التهميش الذي حاق بالجنوب مما دفع قطاع من نخبها الي خلق منابر للتعبير عن سخطها الشئ الذي قاد الي تحوله في الغرب والشرق الي مقاومة مسلحة من أجل ازالة ما لحق بها من غبن.


    (3) الاتفاقيات والحلول:
    اتفاقية أديس أبابا:
    عندما تيسر لبعض النخب السودانية ان تسترد وعيها، الذي غاب طويلا، بعد انتفاضة اكتوبر عام 1964 ضد أول حكم عسكري شمولي بقيادة الفريق ابراهيم عبود، ذلك الحكم الذي اشتط في تعامله مع ما يحدث في الجنوب وتطرفه الواضح في سياسة التعريب والاسلمة وطرد المبشرين الأجانب ، طرح أمر نقاش مسائل الحكم والاقتصاد وقبلها صياغة الهوية وقبول الاخر عبر الحوار. من هنا بدأ سيل العهود أو الاتفاقيات التي تملأ الساحة اليوم.
    أوقف جهد الحكومة الانتقالية بعد انتفاضة اكتوبر 1964 حرب الانانيا الاولي والتي كانت نتاج لحوادث توريت التي انتظمت مجموعاتها العسكرية مع قيادات مدنية كان شعار بعضها الانفصال الذي كان يقود جناحه السيد/ أقري جادين والبعض الاخر كان يطرح الفدرالية ويقوده السيد/ وليم دينج. وبجهد خارق تمكنت الحكومة الانتقالية في جذب كل ذلك الشتات في السياسيين جنوبا وشمالا للجلوس في مؤتمر المائدة المستديرة لمناقشة قضايا السودان الملحة. ولما لم يكن بالامكان الوصول الي حل فقد علقت اعمال المؤتمر وترك الامر للجنة عرفت بلجنة الاثني عشر اشارة لعدد ممثلي الاحزاب المشاركين فيها وظلت تتداول فيما يمكن ان يكون حلا أمثل لما يواجه القطر من اشكاليات وخرجت بالعديد من التوصيات التي لم يقيض لها التنفيذ تحت ظل نظام الحكم حينها. وكان لاغتيال السيد/ وليم دينج أثناء جولة في جنوب القطر الاثر الأكبر في تأجيج الحرب وفقدان الثقة بين القيادات الجنوبية ونظيراتها في الشمال. وحينها برزت للوجود حركة تحرير جنوب السودان بقيادة الضابط حينها جوزيف لاقو وقد بنيت قواعدها علي عناصر حركة الانانيا. وبعد حرب دامت خمس سنوات وتغيير في نظام الحكم المركزي ووصول العسكر للسلطة واعلان 9 يوليو 1970 الذي اعترف بالفرقات بين الجنوب والشمال وحق الجنوب في حكم ذاتي وبذا عاد الحوار بين الحركة المقاتلة والحكومة بوساطة خارجية لعب فيها كل من مجالس الكنائس العالمي والامبراطور هايلي سلاسي دور بارز قاد لعقد مائدة حوار بين الحكومة المركزية في الخرطوم وحركة تحرير السودان. ونتج عن ذلك اتفاقية اديس ابابا التي وقعت في فبراير 1972 ومهدت لوقف الحرب وقيام الحكم الاقليمي الذاتي لجنوب السودان . وكان ذلك أهم انجاز للعهد العسكري بقيادة جعفر نميري.
    كان لهذه الاتفاقية الفضل في تبني مقررات لجنة الاثني عشر بصورة غير مباشرة والاعتراف بالمشكل ومحاولة الحل الجاد وفتح المجال لقيام حكم اقليمي وجد فيه المواطن في جنوب القطر قدرا وافراً من تحقيق الذات وضمان كل الحقوق التي جاء بها اعلان يونيو 1969 وان لم يجد فيه مصمم ذلك الاعلان مكانا لشخصه ذلك لتغيير التوجه السياسي لنظام الحكم المركزي. ومرت علي ذلك الاتفاق عشر أعوام من الاستقرار كان فيها الجنوب من ناحية سياسية اكثر ديمقراطية من بقية انحاء القطر الا انه من الناحية الاقتصادية كان نمرا بلا أسنان خاضعا لرحمة المركز مما كان له الاثر السالب علي عوامل التنمية فيه . ولم يدم الامر أكثر من تلك السنوات العشر قبل أن تحدث كارثة نقض الاتفاقية بواسطة القيادة المركزية للنظام والتي كان لها الفضل بداية في توقيعها ورعايتها. وعاد شريط نقض الاتفاق وتزعزع الثقة والعودة مرة أخري للحرب.

    الحركة الشعبية لتحرير السودان واتفاقيات السلام:بنقضه لاتفاقية اديس ابابا فتح نميري باب العودة للحرب الاهلية مرة اخري بعد عشرة اعوام من الهدوء والامن والاستقرار وبداية العمل في مشاريع تنموية كبري كان الامل معقود عليها في القضاء علي التهميش والفقر في ذلك الجزء من السودان منها علي سبيل المثال مشروع قناة جونقلي وماكان مفترضا أن يتبعه من نشاط زراعي. وفي شهر مايو من عام 1983 برزت للوجود الحركة الشعبية لتحرير السودان لتكون أكبر تجمع وقتها لحركة التمرد علي النظام المركزي في الخرطوم خاصة وان ما طرحته عبر برنامجها فيما عرف بمنافستو الحركة ميزها عن كل المجموعات النشطة في صراعها في ذلك الجزء من القطر. وخلافا لما كانت تطمح اليه قيادات حركة الانانيا الاولي والثانية وبعض القادة المدنيين الجنوبيين الاخرين فقد كان للحركة الشعبية لتحرير السودان توجها جديدا ينطلق من الدعوة الي ان المشكلة هي ليست مشكلة جنوب السودان وانما هي مشكلة السودان كله. وفي هذا الطرح يصبح واضحا اثر ما سرد من فكر خلال انتفاضة اكتوبر عام 1964 وما قدم الوزير السابق لاول وزارة خاصة بشئون الجنوب عام 1969 في المركز السيد جوزيف قرنق في طرحه لهذه الإشكالية. وقد استلهم قائد الحركة الشعبية العقيد الدكتور جون قرنق دي مبيور فكره من خلال القراءة الصحيحة لتاريخ السودان مستعينا بفهم الماضي البعيد والقريب لتفسير الواقع واستشراق المستقبل ومن هنا جاء فهمه للتنوع التاريخي والتنوع المعاصر وكيف يمكن من خلال هذا الفهم الوصول الي طرح فكرة "السودان الجديد"، سودان العدل والمساواة والمواطنة الحقة وقد كان عليه ان يقنع رفاقه في الجنوب بهذه الفكرة التي تدعو للوحدة في اطار سودان جديد قبل ان يتقدم بها لمجموع الوان الطيف السياسي في الشمال .
    ولم يكن ذلك بالامر السهل فقد قاد الصراع حول هذا الامر وامور تنظيميه أخري الي نقاش مستفيض ونزاع تحول في بعض الاحيان الي حرب داخل صفوف الحركة كما تشهد علي ذلك الاحداث بعد اعلان انقلاب الناصر عام 1991 علي قيادة قرنق والذي شارك في قيادته كل من ريك مشار ولام أكول وقوردون كوانج وقد أتخذ طابعا أثني في مستقبل مسيرته . وقد نجم من هذا لاحقا اتفاقيتي الخرطوم وفشودة عام 1997 التي وقعها كل من ريك مشار ولام أكول مع الحكومة المركزية في الخرطوم. وكان مصير الاتفاقيتين الفشل وعودة قادتها مجددا الي صفوف الحركة الشعبية.
    اتفاقية السلام الشامل:
    تعتبر اتفاقية السلام الشامل، والتي يشار اليها في بعض الاحيان باتفاق "نيفاشا" اشارة الي مكان صياغتها في كينيا، من أهم المعالم في التطور السياسي في السودان. ولم يكن الوصول اليها بالعامل السهل اذ أن ذلك أخذ عشرة أعوام من الحوار الذي أسهمت فيه العديد من الجهات من خارج السودان. كانت البداية الجادة لهذا الحوار قد ظهرت الي الوجود عبر اعلان "ايقاد" IGAD عام 1994 وبطرح تبناه كل من رئيس وزراء اثيوبيا ملس زيناوي ورئيس ارتريا اسياسي أفورقي وكلاهما خبر دقائق السياسة في السودان عبر تواجدهم فيه عند قيادتهم للنضال لازالت حكم منقستو هايلي مريم عن أثيوبيا . أضف الي ذلك ما وجد هذا الاعلان من دعم ومساندة من أصدقاء "الايقاد" فيما عرف بمجموعة "الترويكا" والتي كانت تمثل الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا والنرويج ثم انضمت اليها لاحقا ايطاليا. وساهمت هذه المجموعة في دفع الحوار مع تشكيل عنصر ضامن له.
    تتابعت الاحداث بعدها من أبوجا وغيرها الي أن كان الوصول الي توقيع بروتكول مشاكوس عام 2002 والذي يعتبر الاساس الذي بنيت عليه البروتوكولات الاخري الخاصة باقتسام السلطة والثروة والترتيبات الامنية وووضع المناطق الثلاثة (النيل الازرق وجبال النوبة وأبيي). وأصبحت هذه جميعها عصب الاتفاقية التي وقعت لاحلال السلام الشامل والتي اريد لها أن تكون اداة للتحول من السودان القديم بكل ماسيه وفشله الي خلق سودان موحد متجانس الي سودان جديد ينعم فيه المواطن بحق المواطنة المتساوية والحرية والعيش الكريم. وقد هدفت اتفاقية السلام الشامل الي سبر غور جذور الصراع السياسي الضار ودرء الظلم التاريخي وتجنب خسائر الحروب والتدمير وقد كان انهاء الحرب التي دارت في دورتها الاخيرة زهاء عشرين عام هو المكسب التاريخي الذي فاز به كل اطراف النزاع وفرح له كل أفراد الشعب بمختلف انتمائاتهم. وقد كان التعبير عنه قد تجلي في أوضح صوره عندما استقبلت جموع الشعب قائد الحركة الدكتور جون قرنق دي مبيور يوم وصوله للساحة الخضراء في الخرطوم في يونيو 2005. غير أن هذه الصورة المعبرة لم يكتب لها أن تستمر طويلا اذ صاحبها الضباب بعد وفاة ذلك القائد الفذ بعد أسابيع قليلة من ذلك اليوم المشهود مما أدخل الاتفاقية ومعها السودان كله في نفق مظلم كلما ظهر بصيص ضوء في اخره اختفي سريعا. ولهذا الواقع عدة اسباب أهمها ان وثيقة الاتفاقية نفسها قد حفلت بقدر وافر من التفاصيل أدخلتها في مجالات تحد كثر أهمها:
    أولا: عدم تكافؤ قوي الشريكين اذ يمثل المؤتمر الوطني الشريك القوي الذي يسير دفة الحكم بينما تظهر الحركة الشعبية بمظهر الشريك الضعيف الذي اكتفي بما حقق من مكاسب في جنوب السودان دون الاكتراث لما قدم د. جون قرنق من طرح للسودان الجديد.
    ثانيا: عزلت الاتفاقية القوي السياسية الاخري مما جعلها تبدو وكأنها صيغت لمصلحة جهتين دون سائر أهل السودان وقد كان المؤتمر الوطني واضحا في طرحه اذ يري أن هذا اتفاق بين من كانوا يحملون السلاح. وهذا العزل هو جزء مما جعل أحد كبار مستشاري رئيس الجمهورية بأن يصف الاتفاقية بأنها "غير شاملة وغير عادلة" .
    ثالثا: تبع ذلك المماطلة في تنفيذ الاستحقاقات التي اشارت اليها البروتوكولات المختلفة والاتهام الذي يوجهه كل من الشريكين للاخر خاصة في العمل علي تحقيق وحدة جاذبة اضافة الي المواقف المتباينة من نتائج الاحصاء والقوانين الاخري المنظمة للخطوات المقبلة مثل توزيع الدوائر الانتخابية وقانون الاستفتاء.
    رابعا: وفوق كل هذا يأتي التحدي الاكبر وهو كيف سيتم تفسير "المشورة" المطروحة في بروتوكول المناطق الثلاث مما يقوي الشعور بأن هذه معضلة قد تقود الي سودان "ثالث" متصارع عليه وقد يقود الي حرب جديدة بين دولتين في حالة ما اذا جاءت نتيجة الاستفتاء بالانفصال وهو ما تشير اليه الامور حاليا.
    اذا كان اتفاق أديس ابابا عام 1972 هو أكبر هدية قدمها السودان للوحدة الافريقية حينها حسب ما قال المناضل الافريقي كابرال الا أنه وبعد عشرة سنوات كان قد استرجعها عبر تصرف نفس الحاكم الذي اشار بتوقيعها فان ملامح التراجع عن تنفيذ اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) تشير الي انها قد تكون اقسي صفعة في وجه القارة اذا ما انهارت اذ انها ستحدث شرخا بين افريقيا شمال الصحراء وجنوبها قد يصعب رتقه والي تصاعد احداث اقليمية يصعب لجمها.


    اتفاقيتي دارفور والشرق:واذا كانت اتفاقية السلام الشامل تعتبر الركن الاساسي في الاحداث التي يشكل مستقبل السودان فان هناك اتفاقيتين اخرتين لهن اسهام مهم فيما سيكون عليه الوضع ويجب الاستيفاء باستحقاقاتهن اذا ما كان هناك حرص علي قيادة الوضع الي بر الامان. ففي عام 1989 وتحديدا في الثالث والعشرين من فبراير من ذلك العام أي بعد يوم واحد من مذكرة القوات المسلحة التي قدمت للسيد الصادق المهدي الذي كان رئيسا للوزراء حينها تم اجتماع ضم ممثلين للاحزاب ذات الثقل شمالا وجنوبا في ذلك الوقت اضافة لمن مثلوا الحركة الشعبية لتحرير السودان انتظم في "برجن" بالنرويج علي أمل أن يساهم في ايجاد مناخ مناسب لادارة الازمة في السودان وفي بدايته كانت محاولة لفت الانتباه لما يدور من صراع في دارفور ولكن لم ينصت أحد الي أن حدث الان ما حدث والذي كان من السهل ان يعالج حينها . وجاءت الاتفاقية بعد أكثر من سبعة عشر عاما ولم تجد من يوقع عليها سوي فريق واحد من عدة فرق وصلت الان في مجموعها الي اكثر من عشرين فريقا. ثم كانت اتفاقية شرق السودان والتي لم يكن نصيبها من النجاح أحسن من سابقتها اذ عانت الاتفاقيتان من تعثر في الاستمرار لما يشوبها من المطل والتسويف.
    الملاحظ في كل هذه الاتفاقيات ارتكازها علي القوي الخارجية في تسيير نقاشها وفي صياغة بنودها اذ انها استعانت بأصحاب التخصص في مختلف المجالات حتي يوفروا لها المعلومة التي توجه القرار اما الاسهام القومي فقد كان ضعيفا ان لم يكن معدوما وفي جميع الحالات لم يكن يحظي بالتقدير من الجهات المتصدرة للأزمة. لقد صاحب نجاح القوي الأجنبية في تصديها للأمر في نيفاشا ولكن لم يكن الامر كذلك في كل من أبوجا بخصوص دارفور ولا في أسمرا بخصوص اتفاقية شرق السودان. لقد اعترف صانعو ابوجا باخطائهم وان جهدهم يظهر وكأنه جهد هوات وكانت الاستعانة محدودة بمن لهم المام بالاوضاع المحلية . أما في حالة اتفاق اسمرا فقد طغت عليه مصالح الجوار مع المركز مع تجاوز لاستحقاقات أهل الشرق. وبينما كان من صاغوا اتفاق نيفاشا أهل علم ببواطن الامور كانت ابوجا علي مايبدو جهد هواة أما الشرق فقد افتقر للعنصر المحايد.
    وعموما فان البعد الاقليمي والدولي أصبح جزءا من التعامل اليومي في قضايا السودان وخاصة بعد دخول الاتحاد الافريقي ومجلس الامن والمحكمة الجنائية الدولية مما يجعل الفكاك من هذا المأزق أمر شديد الصعوبة ان لم يكن شبه مستحيل.

    (4) ثم ماذا بعد؟
    أولا: القوي السياسية الفاعلة في السودان وعلي الاخص في مركز صنع القرار امام محك الوفاء بما قطعت من وعود موثقة في كل هذه الاتفاقيات مهما كلف ذلك والا انهارت الثقة او ما تبقي منها. وعاقبة ذلك أن يتبع التفكك الحادث الان في مختلف أنحاء القطر قدرا كبيرا من الفوضي واختلال الامن وربما الجنوح الي "الصوملة".

    ثانيا: يجب التوافق علي ما يمكن عمليا ان يتم انجازه فيما تبقي من زمن الفترة الانتقالية وعنصر الزمن الذي تتطرق اليه كل الاتفاقيات وخاصة اتفاقية السلام الشامل يظل حاسما. واذا ما أرتأي الجميع أن هناك صعوبات فعلية تقف أمام طريق تنفيذ الاستحقاقات فلا مناص من التفكير الجدي في التوافق علي نهج للمراجعة.

    ثالثا: ونحن أمام الواقع المعاش الان يمكن أن نستشرق عدد من السناريوهات المستقبلية يمكن كما فعلت بعض الجهات أيضا وان نوجزها في اربعة هي التي يمكن النظر اليها علي أنها أكثر احتمالا.
    وقبل عرض هذه السناريوهات بصورة مبسطة تجب الاشارة الي أن تعزر تنفيذ ما ورد في الاتفاقيات قد ارتبط بصورة مباشرة بالجمود الذي يحدث في سير المحادثات حول صراع دارفور وعدم وضوح الرؤية وكثرة المبادرات التي لم تأتي بأي نتائج فاعلة. يضاف الي ذلك قدر كبير من الاحباط الذي يلازم سير العمل في تنفيذ البروتوكولات الخاصة بالمناطق الثلاثة (جبال النوبة والنيل الازرق وأبيي). ورغم صدور التحكيم الدولي في قضية ابيي والوصول الي حل توفيقي ارتضاه الجانبان (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) الا أن هذا القبول يشوبه بعض التردد من عدة جهات محلية تقطن المنطقة مما يجعله يحمل بوادر صراع قادم. يضاف الي ذلك ظهور ملامح طرح جديد، وأن كان علي استحياء، من بعض العناصر القائدة في بقية المناطق الثلاثة هذه وفي دارفور. وينادي الذين يتبنون هذا الطرح فكرة وجوب تقرير المصير لهذه المناطق بصورة واضحة بدلا عن الحديث عن "المشورة" غير المحددة المعالم. ويجد هذا الطرح مساندة تقوي دفعة عندما يستمع المراقب الي تصريحات قيادات نافذة في الحركة الشعبية وهي تتحدث عن امكان اعلان الانفصال من داخل برلمان حكومة الجنوب. كل هذه المؤشرات توضح بجلاء ان الوضع العام قد وصل درجة من التعقيد تفرض ضرورة التفكير العاجل في ايجاد حل لها فالوضع الان يشير الي تفكك القطر من أطرافه ويحتاج الي اعادة صياغة عاجلة لمختلف مكوناته كانت تلك ثقافية، اقتصادية وسياسية حتي يمكن الوصول به الي بر السلامة.

    يلاحظ المتمعن في تطور الاحداث وجود سناريوهات عدة يمكن للامور ان تسير في اتجاهها، الشكل التالي ضوح الامكانات المحتملة لسير الاحداث:

    تجدر الاشارة الي أن افتراض حدوث اي من هذه السناريوهات يجب أن يأخذ في الاهتبار عدد من الاحتمالات التي تشكل سير الاحداث، ويطرح العديد من الاسئلة حول الوضع العام ومدي تفاعل المجتمع الدولي ودول الجوار مع تبلور خلال الفترة الانتقالية.

    السيناريو الاول:يفترض ان يقود الصراع بين الشريكين الي توقف تنفيذ الاتفاقية الموقعة في نيفاشا مع البطء أو التوقف الكامل في الاتفاقيات الاخري دون مراعاة لما يمكن أن يحدث من انطباع لدي دول الجوار خاصة او المجتمع الدولي علي وجه العموم وهناك من المؤشرات ما يقود الي مثل هذا التوجه. وقد يعني هذا أن يصر المركز علي فرض وحدة قسرية أو ان تقوم الحركة الشعبية باعلان انفصال من داخل برلمانها الاقليمي الحالي كما تهدد بعض قياداتها. وبانتفاء قيام برلمان قومي واخر اقليمي منتخبان تكون بذلك اتفاقية السلام الشامل قد فقدت مقوماتها مما ينعكس سلبا علي الاتفاقيتين الاخريتين والي تفكك كامل للرابط بين الاقاليم والمركز.

    السيناريو الثاني:هو أن يتم الاستفتاء حسب الموعد المحدد في الاتفاقية اي في نهاية عام 2011 وان تكون نتيجة الاستفتاء في صالح خيار الوحدة. ويفترض هذا ان تتمكن كل القوي الفاعلة في المسرح السياسي وفي مقدمتها المؤتمر الوطني والحركة الشعبية من جعل خيار الوحدة جاذبا اضافة الي خلق جو من الثقة المتبادلة بين الشريكين (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) ويعم ذلك بقية ألوان الطيف. واذا قيض لهذه ان يحدث وهو بعيد المنال حسب وجود عدد من المؤشرات السالبة، فانه سيكون المخرج المرتجي من المأزق الحالي وسيتبع ذلك ان يظهر للوجود سودان جديد يبني علي المواطنة الحقة والعدالة والمساواة والحكم الديمقراطي وينبذ كل ما يفرق بين المجموعات السكانية. وفي مثل هذه الظروف يتم الوفاء باستحقاقات الاتفاقيات الاخري ويعم الامن والاستقرار أرجاء القطر ويصبح كل الجهد موجها نحو التنمية خاصة وستوجه لها الموارد المالية التي كانت تنفق في تأجيج الصراع.

    السيناريو الثالث:هو أن يتم الاستفتاء حسب الموعد الذي أقرته الاتفاقية وان تكون نتيجته ان يختار المواطن الجنوبي الانفصال وعندها سيكون هناك شقين من التوجه حيال هذا الوضع وهي:
    1- أن يكون هناك قبول عام بالامر الواقع من جانب القيادة في الشمال والجنوب وان يتم التمهيد لتعايش سلمي ونوع من التكامل بين الطرفين مع ترسيم حدود للدولتين تأخذ في الاعتبار مصالح المجموعات التي ظلت عبر التاريخ متداخلة المصالح.
    2- أن يتم الانفصال تحت ظروف من النزاع حول اقتسام الثروة ممثلة في البترول وحول الحدود التي توضح موقع اباره كما يستمر النزاع حول تبعية بعض المجموعات والمناطق كما هو الحال في أبيي رغم قرار التحكيم. وعموما تظل المناطق الثلاثة موضع نزاع بين الشمال والجنوب مما ينبئ بوجود سودان ثالث متنازع عليه.
    يتبع هذا عدم التوافق علي معني "المشورة" كما ورد في اتفاقية السلام الشامل ويقود هذا الامر مجموعات اخري شمالا وشرقا وغربا تطالب بمراجعة وضعها وقد تجنح لطلب تقرير المصير وعندها يكون السودان "القديم" قد تفكك تماما ومخاض الجديد لم يكتمل.

    السيناريو الرابع:هو أن تفتح القوي السياسية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني الاخري حوارا مع المؤتمر الوطني والحركة الشعبية الموقعان علي الاتفاقية بهدف مراجعة توقيت تنفيذها والخروج بصيغة جديدة اكثر واقعية دون المساس بالمبادئ الاساسية المطروحة فيها فعنصر الزمن اصبح حاسما خاصة وان معظم الاستحقاقات المشار اليها في الاتفاقية لم تنفذ. ذلك اضافة الي تطور الاحداث في بقية أنحاء القطر وعلي وجه الخصوص مايحدث في دارفور "والمناطق الثلاثة" والصراع الاثني في الجنوب.
    الخيار الامثل الذي يمكن لكل ألوان الطيف السياسي التوافق عليه هو:
    1- أن يتم التوافق علي الفترة الانتقالية بحيث يكون بالامكان تنفيذ جميع متطلبات الملفات المشار اليها في الاتفاقية. يكون هذا الامر باشراك القوي السياسية غير الموقعة علي الاتفاقية مع اشراف دقيق من الايقاد والاتحاد الافريقي واصدقاء ايقاد والمجتمع الدولي حتي لايري الشريكان ان الامر لا يتعدي مد أجل استمرار صيغ تعاملهم السابقة التي اتسمت بالمماحكة والتسويف.
    2- ان يصحب هذا جهد فاعل لحل قضايا النزاع التي لم تتطرق لها اتفاقية السلام الشامل في كل أنحاء القطر وعلي وجه الخصوص في دارفور والشرق حيث تتعسر اتفاقيتيهما.
    3- أن يبذل الجهد لتوجيه الامكانيات المتاحة لخلق تنمية عادلة وتوزيع مرض للسلطة والثروة كما يتاح المجال لتحول ديمقراطي حقيقي يفسح فيه المجال لكل راغب في أن يعبر عن رأيه بحرية كاملة.
    4- أن يتم التوافق بين كل أطراف الطيف السياسي بما فيها المؤتمر الوطني والحركة الشعبية علي أن تكون رئاسة الجمهورية في الفترة الانتقالية وحتي الوصول الي مرحلة الاستفتاء لشخصية جنوبية ذات قبول من كل الاطراف وتتمتع بحصافة الرأي وسعة الافق وذات صبغة حيادية الامر الذي من شأنه ان يعيد جزء من الثقة المفقودة بين النخب السياسية والشمال.

    (5) خاتمة:هذه هي بعض الخيارات المطروحة الان وعليه فان النخب السياسية الفاعلة عليها ان تحدد الموقف الذي تراه صائبا وأن تعمل علي توافق الاخرين معها حتي يكون هناك مخرج من الازمة الحالية. وتصبح العودة للتاريخ واسترجاع دروسه ضرورة قصوي فالمسكوت عنه في العلاقات بين الافراد والمجموعات التي تملأ ساحة القطر هو الذي يفرق ويخلف الشعور بالظلم التاريخي والغبن الناتج عنه. وحتي يتم تجاوز كل ذلك ربما يكون اعتذار الاجيال الحالية عن أخطاء الاجيال السابقة فيه شئ من امتصاص ذلك الغبن وفتح المجال لبناء الثقة والوفاء الصادق بالوعود.
    كل الدلائل تشير الي أن السودان مقبل علي أيام حافلة ومفصلية في تاريخ الدولة الحديثة وكل من السناريوهات المشار اليها أعلاه جائز الحدوث ويصبح السودان الموحد في أمر أن يكون أو لا يكون. وحتي في حالة الانفصال فان أمر العلاقة بين قطرين متجاورين تعود علاقتهما لتاريخ طويل تتطلب نوع واعي من القيادة حتي يكون هناك أمن واستقرار ليس في السودان وحده وانما في كل المنطقة المحيطة به الأمر الذي لايجد السياسي الواعي ثاقب النظر ليفكر فيه.

    المراجع العربية:
    1- أبل ألير (1992) "جنوب السودان: التمادي في نقض المواثيق والعهود" ترجمة بشير محمد سعيد، شركة ميدلايت المحدودة، لندن.
    2- بيتر أدوك نيابا (2005) "سياسة التحرير في جنوب السودان: نظرة مطلع"، مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي، (الخرطوم عاصمة الثقافة العربية 2005).
    3- بونا ملوال (2005) "اتفاقية السودان الاخيرة للسلام: الاتفاقية غير العادلة ولا الشاملة: دراسة نقدية"، مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي (الخرطوم عاصمة الثقافة العربية 2005.
    4- عبد الغفار محمد أحمد (2008) "السودان: جذور وأبعاد الازمة" منشورات دار مدارك القاهرة.
    5- عبد الرحمن بن خلدون (1983) "مقدمة ابن خلدون" طبعة دار ومكتبة الهلال بيروت.
    6- مدثر عبد الرحيم الطيب (1970) "مشكلة جنوب السودان: طبيعتها وتطورها وأثر السياسة البريطانية في تكوينها"، الدار السودانية، الخرطوم.
    7- محمد بن عمر التونسي (1965) "تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان". حققه وكتب حواشيه د. خليل محمود عساكر ود. مصطفي محمد مسعد وراجعه د. محمد مصطفي زيادة، المؤسسة المصرية العامة، القاهرة.
    8- منصور خالد (2009) "التغيير السياسي في السودان: أي تغيير؟ ولماذا التغيير؟ الانقاذ من اعادة صياغة الانسان الي اعادة صياغة السودان" مجموعة مقالات، صحيفة الأخبار السودانية، أبريل 2009.

    المراجع الانجليزية:
    1- Abel Alier, (1990), Southern Sudan: Too Many Agreements Dishonored, Ithaca Press, Exeter.
    2- Abdel Ghaffar M. Ahmed and Gunnar M. Sorbo (1989), “Management of Crisis in Sudan, Proceedings of the Bergen Forum 23-24 February 1989”, Development Studies Centre, University of Bergen, Norway.
    3- Mohamed Omer Bashir (1967), “The Southern Sudan: Background to Conflict, C-Hurst, London.
    4- Bona Malwal (2005), “Sudan’s Latest Peace Agreement: An Accord that is Neither Fair Nor Comprehensive: A Critique”, Abdel Karim Mirghani Cultural Centre, Omdurman, Sudan.
    5- Josef Garang (1971), “The Dilemma of the Southern Intellectuals” Khartoum University Press.
    6- Grass Curtain, A Quarterly Journal (1972), Vol. 2 No. 3.
    7- Lam Akol (2003), “SPLM/SPLA: The Nasir Declaration” iUniverse, Inc., New Yourk, London, Shanghai.
    8- Jair van der Lijin (2009), “Sudan 2012: Scenarios for the Future”, IKV Pax Christi.
    9- Peter A. Nyaba (1997), “The Politics of Liberation in South Sudan An Insiders View”, Fountain Publishers, Kampala, Uganda.
    10- Report of the Commission of Enquiry (1955), “Southern Sudan Disturbances, August 1955”, Republic of Sudan.
    11- Alan Schwartz (2009), “Scenarios for Sudan: Avoiding Political Violence Through 2011”, Special Report, United State Institute for Peace.
                  

10-09-2009, 09:45 PM

ابراهيم على ابراهيم المحامى

تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 126

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: ابراهيم على ابراهيم المحامى)

    الاستاذ كمال الجزولي في مقال بعنوان "شعرة معاوية"
    يطالب ايضا بالكونفدرالية (و هي ايضا غير مفهومة باعترافه)
    الأربعاء

    يتحوَّل الاستفتاء على (تقرير المصير)، يوماً عن يوم، إلى ورطة حقيقيَّة! فاتفاقيَّة السَّلام لم تنفذ بما يجعل الوحدة جاذبة؛ وما تبقى من زمن حتى عام 2011م لا يكفي لتنفيذها! وعلاقات الشريكين لا تمضي على الوجه الذي يبشِّر بإمكانيَّة إنقاذ ما يمكن إنقاذه حتى لو توفر الزَّمن! وما يقوله باقان حول مصير (الوحدة)، في ما لو استمرَّ الحال على ما هو عليه، ينبغي حمله على محمل (جرس الإنذار) الأخير، لا (الابتزاز) كما فهم البعض! ففي قادة الحركة الشعبيَّة عقلاء عينهم لا تغفل عن تبعات الانفصال ومخاطره! وفي قادة المؤتمر الوطني عقلاء يخشون حكم التاريخ عليهم بأنهم مَن انشطر الوطن في عهدهم! أما (الانفصاليُّون) في الجنوب والشمال، من كلِّ الملل والنحل، فيحسبون ما تبقى من أيام على أصابعهم، بينما يتحلب ريقهم تشهِّياً لـ (يوم القيامة السياسي)! وأما (الوحدويُّون)، في شطري الوطن، من كلِّ الانتماءات والمشارب، فرأسهم .. (ضارب)!

    الذهاب إلى الاستفتاء بهذا الوضع المزري يعني، يقيناً، الذهاب إلى المفاضلة بين (الانفصال) و .. (الانفصال)! وأخشى، والحال هكذا، أنه لم يتبقَّ لنا سوى (الكَي) بعد أن تعذرت، في ظلِّ (ميزان القوَّة) الرَّاهن، كلُّ سبل (العلاج) الأخرى! وما من (كَيٍّ) يمكن التفكير فيه، الآن، في ساعتنا الخامسة والعشرين هذه، غير .. (الكونفيدراليَّة)! رفضناها، بالأمس، (مُمَلحة)، لكن الخوف، مع تآكل الخيارات، أن يتحتم علينا ازدرادها، اليوم، بـ (الماء)! و(الكونفيدراليَّة) علاقة هشَّة تكاد لا تتجاوز رمزيَّة رأس (الدولتين)، ولم يعُد ثمَّة نموذج من تطبيقاتها في عالم اليوم! إنها (الانفصال) حالة كونه (مؤجَّلاً)، أو قل هي (الوحدة) .. بـ (شعرة معاوية)! ومع ذلك كلنا آذان صاغية لأيِّ ماجد قد يدلنا على بديل سواها!

    لكن لا يظننَّ كريم أنْ (خيار ام خير) هذا ليس دونه خرط القتاد، أو أنه يمكن أن ينسرب في أحلامنا كما السَّكينة في الزُّبد! وعلى من يرى الأمر بخلاف ذلك أن يراجع (الاتفاقيَّة) و(الدستور)، ليقف على جليَّة الشروط التي يمكن بها تغيير (شولة) فيهما!

                  

10-10-2009, 04:35 AM

ابراهيم على ابراهيم المحامى

تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 126

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: ابراهيم على ابراهيم المحامى)

    الاستاذ خالد التجاني النور
    ايضا يطالب بكونفدرالية لا يدري كنهها
    بدلا من حق تقرير المصير


    قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان .. ادركوا الكونفدريشن يرحمكم الله..!! ... بقلم: خالد التيجاني النور
    السبت, 19 سبتمبر 2009 17:00


    [email protected] هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته


    لم يعد السؤال إن كان الجنوب سينفصل، ولكن السؤال الذي بات ملحا الآن مع اقتراب استحقاق تقرير المصير، ما هي تداعيات وتبعات الوضع الذي سينشأ عن ذلك، وكيف يمكن تدارك آثاره السلبية الوخيمة، وما هي التأثيرات المحتملة على مجمل الأوضاع في بلد لا يبدو مستعداً استعداداً حقيقياً وجدياً للإجابة على الأسئلة الصعبة التي سيخلفها انفراط عقد السودان إلى دولتين، وربما أكثر، خاصة في ظل غياب معطيات موضوعية تنبئ أن الأمور ستمضي سلسة في هذا الاتجاه بحيث نشهد انفصالاً سلمياً وعلاقات طبيعية بين بلدين جارين تتشابك وتتداخل مصالحهما، وتنطوي على قدر كبير من التعقيد على الصعد كافة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، لا لسبب إلا لأن هذا الحدث المزلزل أصبح خياراً محتملاً منذ إبرام تسوية مجاكوس منتصف عام 2002م التي شكلت الإطار الاساسي لاتفاقية السلام الشامل، ومع أنه اصبح استحقاقاً دستورياً ملزماً ومعلوماً توقيته، إلا أن التعامل مع استحقاق بهذه الخطورة والمصيرية من قبل الطبقة السياسية السودانية، بما في ذلك شريكا نيفاشا، وكأنه مجرد افتراض نظري، أو لعبة ترف ذهني، وفي أحسن الأحوال ظل مجرد مجال للمناورات السياسية القصيرة النظر.

    ولسائل أن يسأل كيف لي أن أجزم أن الجنوب ماض في حال سبيله لإنشاء دولة مستقلة، والاستفتاء الذي يقرر ذلك لم ينعقد رأيه حول ذلك بعد؟، حسناً سؤال وجيه، ولكن قل لي بربك هل تجد في الجدل والتحركات في الساحة السياسية في الوقت الراهن لا تشير إلا لاحتمال واحد هو أن الانفصال أصبح في حكم الأمر الواقع؟ وأن الاستفتاء المنتظر قضي أمره، ولعل نظرة واحدة على التشاكس الناشب بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بشأن قانون الاستفتاء تحمل من الدلائل ما يغني عن طرح أية تساؤلات تشكك أو تقلل من هذا الاحتمال، والخلافات بين الشريكين في هذا الخصوص لا تعدو أن تكون مجرد خلافات حول إجراءات لا أكثر، تدفعها مناورات ومساومات للحصول على تنازلات متبادلة، فالحركة الشعبية التي تريد شروطاً متساهلة في قانون الاستفتاء سواء بشأن من يحق لهم التصويت أو مسألة النصاب، تكشف بوضوح لا لبس فيه أن الحركة الشعبية اتخذت قرارها بالفعل، تحقيق حلم النخب الجنوبية الذي طال انتظارها له، إنشاء دولة مستقلة، وبغض النظر عن موضوعية الاعتبارات التي يمكن أن تكون أملت على الحركة الشعبية التضحية برؤيتها وأدبياتها وتراثها الفكري والسياسي، والتخلي عن حلم عرابها وزعيمها الراحل الدكتور جون قرنق إقامة «سودان جديد»، والانصاف يقتضي هنا التنبيه إلى أن الزهد في السودان الموحد لا تتحمل مسؤوليته قيادة الحركة الحالية، فقد جرى الإصرار على تضمين تقرير المصير وخيار الانفصال في صلب اتفاقية السلام بعد مفاوضات قادها قرنق شخصياً، وبالتالي فإن التراجع عن هذا الهدف ابتدره صاحب دعوة السودان الجديد نفسه، وليس شخصاً آخر غيره.

    وبغض النظر كذلك عما يمكن أن تعتبره الحركة الشعبية ممارسات سلبية من شريكها المؤتمر الوطني أزهدها في جاذبية الوحدة، إلا أنه يمكن القول بلا تحفظ إن الحركة الشعبية اتخذت قرار المضي قدماً في الحصول على استقلال جنوب السودان ليس لهذه المبررات تحديداً، ولكن لأسباب دوافعها نفسية وعاطفية تتوق للتحرر استقرت في وجدان النخب الجنوبية أكثر من كونها نتيجة لغياب دواعي الوحدة الجاذبة، وعلى الرغم من التكلفة العالية لهذا الاختيار في ظل عدم استعداد حقيقي لاستحقاقاته، فليس سهلاً على النخب الجنوبية وقد لاحت لها أخيراً فرصة سانحة للتخلص مما تعتبره تركة ثقيلة من الهيمنة الشمالية ستكون مستعدة لتفويتها من أجل البقاء في سودان موحد تحتمه مبررات تبدو موضوعية بوضوح في نظر من يقرأ هذه التطورات بمعزل عن الأبعاد السايكولوجية في المخيلة الجنوبية المثقلة بعقود من الإحساس بالظلم والتهميش والاضطهاد، وهو أمر بعضه واقع لا يمكن إنكاره، وأكثره متوهم تغذيه حالة انعدام الثقة المفرطة في النخب الشمالية «المتمادي في نقض العهود والمواثيق»، مما بات مستقراً من توصيف في العقل الجمعي للنخب الجنوبية.

    وحال الحركة الشعبية والنخب الجنوبية المتعجلة للانفصال دون تبصر كافٍ بعواقب ذلك، وأيضاً دون استعداد فعلي وترتيبات عملية لمواجهة التحديات الجمة التي ستنشأ مع ميلاد الدولة الجديدة، يحاكي حال امرؤ القيس في شطر البيت الشهير من قصيدته العصماء «اليوم خمر وغداً أمر»، والتنبيه إلى هذه التحديات والمصاعب التي تواجه الدولة الوليدة ليست من باب التعجيز أو التخويف من هذا الخيار بالنسبة للجنوبيين أو افتئاتاً على حقهم في تقرير مصيرهم، بل لأن هذا هو الواقع الذي تدركه قيادة الحركة الشعبية، ولكنها تفضل أن تقطع الجسر بعد أن تصل إليه، فضلاً عن أن مآلات الوضع الجديد والمصاعب المحتملة التي ستجابهه تثير قلقاً عميقاً بات معلوماً لحلفاء الجنوب على الساحة الدولية الذين يؤيدون حق الجنوبيين في إقامة دولتهم وتحقيق حلمهم، ولكنهم في الوقت نفسه يشفقون على الدولة الوليدة، لأن قياداتهم لم تستعد كما يجب لهذا الأمر.

    ولئن كانت الصورة تبدو أكثر وضوحاً من جانب الحركة الشعبية والنخب الجنوبية في شأن خيار الاستفتاء على تقرير المصير، وقد حزمت أمرها المضي به قدماً في اتجاه تأسيس دولة الجنوب المستقلة، في ظل غياب شبه كامل لأصوات جنوبية ذات وزن وحضور فاعل في الساحة تتبنى الدعوة للخيار الآخر الداعي لتغليب وحدة السودان.

    ولئن كان الأمر كذلك في الساحة الجنوبية، فإن الأمر يتسم بقدر كبير من الالتباس والضبابية على صعيد ساحة القوى السياسية في الشمال، يستوي في ذلك المؤتمر الوطني الحاكم ومعارضوه على حد سواء، ففي حين تبدو القوى الشمالية تميل بصفة عامة نحو الوحدة، فإنها في الواقع لم تبذل جهداً إيجابياً ذا بال لتعزيز هذا التوجه وتشجيع الجنوبيين باتجاهه، وبدا الأمر كله متروكاً للتمنيات وبلا عمل حقيقي يسعى للحفاظ على وحدة البلاد، ويمكن وصف هذه الحال بأنها أشبه بتقديم القوى السياسية الشمالية لاستقالتها من مسؤوليتها ومهمتها في تعزيز فرص الوحدة، وتنازلت عن دورها بالكامل لتجعل النخب الجنوبية وحدها صاحبة القرار ليس فقط تقرير مصير الجنوب، بل مصير البلاد بحالها، إذ لا يتصور عاقل ألا تتجاوز تأثيرات انفصال الجنوب ما عداه من أجزاء وأطراف السودان المختلفة.

    وبالطبع لا تستوي القوى السياسية الشمالية جميعاً في تحمل القسط نفسه من المسؤولية الوطنية والتاريخية إزاء مصير البلاد المهددة بالتشرذم، إذ أن قوى المعارضة الرئيسية تكاد تكون خارج دائرة الفعل السياسي القادر على صناعة الأجندة الوطنية، وبالتالي فإن من يتحمل القسط الأكبر من المسؤولية في هذا الصدد هو المؤتمر الوطني الحاكم الذي تولى كبر سوق البلاد باتجاه هذه الخيارات الضيقة والمحدودة الأفق.

    وما يعزز الفرضية التي ابتدرنا بها هذا المقال من أن الجنوب ماضٍ في سبيل تأسيسه لدولة مستقلة على انقاض السودان الموحد، ليس فقط استناداً على ما أوردناه آنفاً بشأن موقف الحركة الشعبية الساعي لذلك بقوة، ولكن أيضاً على موقف المؤتمر الوطني الذي يبدي زهداً بيناً في أمر الوحدة، ومحاولة المؤتمر الوطني تصعيب عملية الانفصال عبر دعوته لتضمين شروط مشددة في قانون الاستفتاء لا تعدو أن تكون من قبيل المناورات السياسية في إطار صراعاته وخلافاته المستعرة في الآونة الأخيرة مع الحركة الشعبية، وكما اسلفنا فإن الخلاف حول قانون الاستفتاء لا يعدو أن يكون مجرد خلافات إجرائية لا تغير من حقيقة أن الاستفتاء على تقرير المصير لن يكون سوى تحصيل حاصل على خلفية الجهود الدافعة باتجاه الانفصال سواء من قبل الحركة الشعبية والنخب الجنوبية التي لا ترغب في إضاعة فرصة ذهبية لتجسيد الحلم الجنوبي بدولة مستقلة، أو من قبل المؤتمر الوطني الزاهد في شأن الوحدة ولم يبذل من أجلها ما تستحق.

    لقد كان بوسع المؤتمر الوطني، لو كان جاداً في أمر الحفاظ على وحدة البلاد، أن يقدم الكثير ليس من أجل إرضاء الحركة الشعبية، ولكن من أجل إقناع المواطن الجنوبي بإمكانية تحقيق طموحاته، وتجسيد ذاته وهويته من خلال سودان موحد، لقد كان هناك وقت أكثر من كافٍ لذلك، ولكن المؤتمر الوطني الذي يتناسى المسؤولية التاريخية التي تقع على عاتقه بدد وقتاً ثميناً في صراعات لا تنتهي مع الحركة الشعبية حول امتيازات ومكاسب السلطة، وليس حول الأجندة الوطنية الملحة التي تقتضي تقديم كل التضحيات من أجل الحفاظ على لحمة البلاد، والمؤتمر الوطني ليس مخيراً في ذلك، والحقيقة ليس المؤتمر الوطني وحده بل الحركة الإسلامية السودانية كلها في حزبيها المنقسمين وأيضاً أغلبيتها الصامتة تتحمل المسؤولية الكاملة عما آل إليه حال البلاد المهددة بالتشرذم، فالإسلاميون انتدبوا أنفسهم لمهمة إنقاذ البلاد مما اعتبروه حينها تهديداً لوحدتها، واستقرارها، وهويتها، واستقلال قرارها، ولا يمكن ببساطة أن ينقلب الإسلاميون على الأجندة التي برروا بها الإنقلاب العسكري على حكومة ديمقراطية، لمجرد أن أصبحت أجندة الحفاظ على مقاليد السلطة بعد عشرين عاماً من السيطرة عليها أهم من أجندة الحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها.

    والمسؤولية هنا لا تقع على فريق بعينه في البيت الإسلامي، فالجميع متساوون في المسؤولية من كان حاكماً أو من ذهب للمعارضة أو من بقي صامتاً، وسيسجل التاريخ أن حكم الإسلاميين كانت نتيجته الفعلية بغض النظر عن ملابسات ذلك هو ما قاد البلاد للتشرذم، فالسودان كان يكابد مشكلة الجنوب قبل مجيئهم للسلطة، ولكن مع ذلك بقي الصراع محكوماً داخل إطار السودان الموحد تذهب أنظمة وتأتي حكومات، ولكن لم تكن البلاد أبداً مهددة بالتشرذم.

    ومما يزيد الأمر تعقيداً أن المؤتمر الوطني الذي يملك قسطاً أكبر من المسؤولية بحكم سيطرته على مقاليد السلطة، يفتقر لرؤية موحدة تجاه مسألة الوحدة، وفي الواقع هناك تياران متباينان داخل المؤتمر الوطني بهذا الشأن يدرك أحدهما أبعاد المسؤولية التاريخية والوطنية وعواقب تشرذم البلاد، ولذلك يؤمن بضرورة الحفاظ على وحدة البلاد، ولكنه يبدو تيار أقلية لم يستطع فعل الكثير من أجل تحقيق رؤيته، وتيار آخر غالب لا يلقي بالاً لكلمة التاريخ ولا يأبه لمسؤولية التفريط في وحدة البلاد، وضاق ذرعاً بما لا يرى فيه سوى ابتزاز جنوبي يجب التخلص من إزعاجه اليوم قبل الغد، ويتحرقون شوقاً لرؤية الجنوبيين وقد ذهبوا في حال سبيلهم.

    ولذلك فإن التحليل النهائي يشير إلى أنه على الرغم من الخلافات العاتية التي تبدو ظاهرة بين الشريكين إلا أنهما كادا يكونان متفقين على أمر واحد، هو أن الوقت قد حان لينصرف الجنوبيون إلى الانفصال وتأسيس دولتهم، ويقوم هذا الاتفاق غير المكتوب على افتراض أن الانفصال سيعالج تلقائياً كل المشاكل القائمة بالبتر، وأن كل طرف سينصرف بعدها إلى همومه وشؤونه.

    غير أن السؤال الذي لم يقدم له أي من الطرفين إجابة واضحة المعالم وصريحة بشأنه، ما هي الآفاق المتاحة أمام الحقيقة الجديدة ليس تأسيس دولة الجنوب فحسب بل أيضاً تأسيس دولة الشمال اللتين تولدا على أنقاض السودان الموحد، فالمسألة أكبر من مجرد ذهاب جزء من السودان مع افتراض خاطئ أن بقية البلاد ستستمر في عملها كالمعتاد وكأن شيئاً لم يكن، وما هي فرصة قيام دولتين قادرتين على الحياة بسلام وأمان جنباً إلى جنب، وما الذي يضمن ألا يكون النزاع على إرث دولة السودان التي كانت موحدة سبباً في إشعال حرب جديدة، وقد كان الظن أن تقسيم البلاد سيكون البلسم الشافي لمآسي الحروب.

    ومما يؤسف له أنه على الرغم من تنامي رغبة التقسيم لدى الطرفين، إلا أنهما في الحقيقة فعلا القليلة لضمان أن يتم ذلك بسلام، فالتمنيات التي يطلقها قادة الطرفين بهذا الصدد لا تعدو أن تكون مجرد شعارات جوفاء لا يسندها عمل جدي وحقيقي يستعد لهذا الحدث الجلل بما يستحقه.
    والأمر أشبه ما يكون بعملية معقدة لفصل تؤام سيامي، فالعملية مرشحة للنجاح بفرص كبيرة إذا كان كل واحد من التؤام الملتصق يتمتع بامتلاكه للأعضاء الاساسية اللازمة للقيام بالوظائف الحيوية للجسم التي تبقيه حياً، ولكن إذا كانا يشتركان في هذه الأعضاء الأساسية فستكون حياة أحدهما على حساب الآخر، وكل ذلك يقتضي وجود النطاسي البارع القادر على فك اشتباك الشرايين والأوردة المعقدة.

    فالانفصال ليس نزهة، وليس قراراً مجرداً من التبعات والتداعيات الخطيرة، وهذه ليست افتراضات يضخمها التهويل، أو محاولة قطع الطريق على تحقيق الجنوبيين لحلمهم الكبير، ولكن ببساطة لأن هناك شروطاً موضوعية يجب أن توفر إذا أُريد لهذا الخيار أن ينجح، فضلاً ألا يكون سبباً في جلب المزيد من الحروب والمتاعب على بلد لديه أكثر مما يكفيه منها، والانفصال يقتضي أن يكون هناك تفاهم واستعداد كامل لتقسيم إرث السودان، وليس كله خيراً، ومع كل الجدل الذي تشهده علاقات الشريكين فلم يتسع وقتهما لاستباق هذا الاستحقاق بتحديد أسس سليمة لمستقبل علاقاتهما على الصعد كافة، وهي مجالات شديدة التعقيد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً.

    وليس سراً أن حلفاء الحركة الشعبية على الساحة الدولية يشفقون عليها مما هي مقدمة عليه بغير استعداد، ويدركون عواقب ذلك، وربما قائل في الشمال يهز كتفيه قائلاً وما شأننا؟ شأننا ببساطة أنك لا يمكن أن تتفرج على النيران تشتعل في بيت جارك مفترضاً أن ألسنة اللهب لن تمدد إلى بيتك، فالحرص على علاقة مستقبلية سوية بين الجارين في الشمال والجنوب تكتسب أهمية قصوى ليس من أجل طرف على حساب الآخر، ولكن من أجل مصالحهما المشتركة المبنية على قواعد حقيقة لعلاقة سوية بينهما.

    ومما يُطرح في هذا الخصوص الدعوة لإقامة كيان كونفدرالي بديلاً للقطيعة التامة بين الدولتين الوليدتين، وهو خيار يقوم على ضمان الحفاظ على المصالح الحيوية المشتركة للطرفين، وفي الوقت نفسه تحقق لكل طرف التعبير عن طموحاته الوطنية، والدعوة للكونفدرالية ليس طرحاً جديداً، فقد دعت إليها الحركة الشعبية في جولاتها التفاوضية المتعددة مع الحكم الانقاذي، وهو أيضاً طرح دعا له وتبناه بقوة المفكر الراحل الأستاذ محمد أبو القاسم حاج حمد في مقال شهير له نشرته صحيفة «الحياة» اللندنية في مايو 1999م، وطرح فيه مشروع نظامين في دولة واحدة على أساس كنفدرالي بين الشمال والجنوب، وهو طرح سبق به تقرير مركز الدراسات السياسية والاستراتجية بواشنطن المعنون سياسة الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في السودان الصادر في فبراير 2001م، الذي ذهب في الاتجاه نفسه، وشكل خريطة الطريق للمفاوضات التي أفضت للتوصل إلى اتفاقية السلام الشامل. وكان ستيفن موريسون مدير المركز الذي شارك في صياغة التقرير قد تنبأ بأن تنتهي عملية السلام الحالية بكونفدرالية بين الشمال والجنوب.

    وفي الواقع فإن ترتيبات اتفاقية السلام الشامل، خاصة بروتكول الترتيبات الامنية، تؤسس بالفعل لنظام كونفدرالي صريح، وإن لم يُصرح بذلك، ولكنه كذلك بحكم الأمر الواقع فحكومة الجنوب تتمتع بسلطات كبيرة سياسياً واقتصادياً وأمنياً تفوق بكثير السلطات الممنوحة في نظام فدرالي، صحيح أنها أقل قليلاً من السلطات المتاحة في نظام كونفدرالي كامل، ولكن في كل الأحوال وبعيداً عن التعريفات الأكاديمية فإن التفاوض أفضى إلى صيغة مبتكرة استوعبت التحديات التي فرضتها ضرورة التوصل إلى اتفاق سلام.

    ولعل المطلوب في ظل التعقيدات الكبيرة التي ستواجه البلاد عند انفصال الجنوب، أن تتم المبادرة إلى تطوير صيغة خلاقة أكثر مرونة لتشكيل مستقبل العلاقة بين دولتي السودان القديم بالاستفادة من الصيغة الكونفدرالية المستترة التي أسستها اتفاقية نيفاشا، وهو أمر يجعل من الممكن التفاهم بشأنها في ظل التحديات والمخاطر التي ستواجه الطرفين معاً في حالة تعجل الانفصال دون ترتيبات كافية، وأهمية هذه الخطوة هي أنها لا تأتي من فراغ ولكنها تستند إلى إرث تفاوضي عميق، والهدف من ذلك على الأقل تأمين انفصال على مراحل مدروسة تجنب الطرفين آلام ومواجع فك اشتباكات بالغة التعقيد، وتؤسس في الوقت نفسه لعلاقة مستقبلية سوية بين الطرفين.

    ولذلك فإن «قضي الأمر الذي فيه تستفتيان» بشأن الانفصال، فالأجدى أن ندرك خيار الكونفدرالية تعبيداً للطريق من أجل علاقات أفضل بين طرفين آثرا ألا يبقيا معاً مع كل الذي يجمعهما.

    نقلاً عن صحيفة (إيلاف) السودانية
                  

10-10-2009, 08:43 AM

Ash

تاريخ التسجيل: 04-22-2002
مجموع المشاركات: 747

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: ابراهيم على ابراهيم المحامى)

    سلام...

    إبراهيم المحامي,

    أكاد لا أفرق بين "الله" و "نيفاشا"!!!

    فهلا ساعدتني!!!
                  

10-10-2009, 05:23 PM

ابراهيم على ابراهيم المحامى

تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 126

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: Ash)

    سلام يا اشرف الشوش

    اذا تم نقض عهود وميثاق نيفاشا
    هل لدينا مائة عام اخرى من الحروب

    * هدفنا هنا هو رصد جميع الاصوات والمقالات التي بدأت "تتجرس" من دنو حق تقرير المصير
    وكأن ما بذل فيها من دماء وسنوات في الحوار واموال
    لم تكن تعني شيء

    او كأن عبقريتهم تفوق كل هذا

    ليس الهدف بالطبع هو تخوينهم، ابدا ، الههدف هو التوثيق والنقاش وتوضيح الاختلاف معهم

    والحفاظ على مكتسبات الشعب السوداني، وخاصة الشعب الجنوبي
    مع تقديري
                  

10-15-2009, 10:03 PM

ابراهيم على ابراهيم المحامى

تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 126

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: ابراهيم على ابراهيم المحامى)

    الاستاذ كمال الجزولي في محاولة اخرى
    اعاد فيها مقاله السابق بشكل موسع

    يَا وَاحدَاً في كُلّ حَالْ! 2-2 ... بقلم: كمال الجزولي


    الأربعاء, 14 أكتوبر 2009 22:30
    (2-2) آخرُ العلاج .. الكَيْ!
    Kamal Elgizouli [ [email protected] ]
    (8)
    لا شكَّ، البتة، في أن العامل الثقافي/النفسي/التاريخي هو المختبر الأدقُّ لقياس رغائب الناس الحقيقيَّة، والمفسّر الأصدق لدوافعهم وخياراتهم، حتف أنف الأزمة العميقة التي لطالما عصفت بعلاقات التساكن في بلادنا. لذا فإن التعانف السّياسي، على علوّ ضجيجه وعجيجه، حرباً وسلماً، قد أثبت عجزه، في كثير من اللحظات التاريخيَّة الحاسمة، عن إخفاء حقيقة أن المقوّمات الثقافيَّة/النفسيَّة لـ (الوحدة) تظلُّ، بالنسبة للجنوبيّين عموماً، ولمثقفيهم الوطنيّين خصوصاً، أقوى من دواعي (الانفصال) المتهومين به، إطلاقاً، في مستوى الوعي الاجتماعي السائد في الوسط وإلى الشمال النيلي، والذي ينشط في تغذيته (الانفصاليّون الشماليُّون)، وجلهم من إنتلجينسيا الجماعة المستعربة المسلمة، بالأخصّ. وقد تكفى نظرة عجلى للتيقن من أن هذه المقوّمات تأخذ في الاتساع كلما ذهبنا باتجاه القواعد الشعبيَّة أسفل الهرم المجتمعي الجنوبي، منصرفين عن ربوة سنامه حيث يكثر (الانفصاليون الجنوبيُّون) بالمقابل.
    ولن يطول الأمر بمن أراد البحث، بنزاهة، عن أدلة ملموسة على هذه الحقائق؛ وكنا عرضنا لبعضها في مناسبات سبقت، ولا بأس من استعادتها هنا أيضاً. فذاكرة الرقّ التاريخيَّة، وتأثيراتها السَّالبة على صورة (الجَّلابي)، لم تحُلْ، خلال القرن التاسع عشر، دون تبلوُر صورة الإمام المهدي كابن للرُّوح المقدَّس (دينق) لدى الدينكا، مثلاً، وانخراطهم، من ثمَّ، في حربه الثوريَّة على الأتراك. و(السّياسة الجنوبيَّة) التي اجترحتها ونفذتها الإدارة الاستعماريَّة البريطانيَّة، ردحاً طويلاً من الزمن، لم تمنع النوَّاب الجنوبيين من التصويت، في أوَّل برلمان سوداني، مع استقلال السودان (الموحَّد)، مقابل مجرَّد إبداء الأحزاب الشماليَّة قدراً من (النوايا الحسنة) بشأن تلبية أشواق الجنوبيين للحكم الفيدرالي. وحتى المواجهات الدمويَّة، ابتداءً من 1955م، لم تستطع أن تطمس التعبيرات الجنوبيَّة (الوحدويَّة)، على تفاوتها، سواء في (المائدة المستديرة، 1965م)، أو في (أديس أبابا، 1972م)، أو خلال الحرب من 1983م إلى 2005م. ثمَّ ها هي (اتفاقيَّة السَّلام الشامل، 2005م) تبلغ بهذه التعبيرات أقصى أمدائها. وبرغم إصرار بعض الانتلجينسيا الجنوبيَّة على اعتماد الإنجليزيَّة، بل واقتراحهم السواحيليَّة، لغة قوميَّة هناك (Sir Anaye; Nile Mirror, Feb.74)، إلا أن كلمة (الثقافي/النفسي) العفويَّة الحاسمة قد مضت في هذا الأمر، بحيث انحصرت الإنجليزيَّة، مع الزمن، بين أقليَّات (النخب)، وهى ليست لغة أفريقيَّة بأي معنى، بينما واصلت اللغات المحليَّة أداء رسالتها، إلى جانب (عربي جوبا) كلغة تواصل lingua franca في قاعدة المجتمع الجنوبي بين قوميَّاته المختلفة، على غرار (عربي أم درمان) في الوسط وبقاع واسعة من الشمال؛ والعربيَّة، من قبل ومن بعد، لغة أفريقيَّة حملها "الجلابي .. إلى الجنوب .. منذ 1878م، ووزع مفرداتها وصيغها مع بضائعه، وقد وجدت فيها قبائل الجنوب .. لغة تتفاهم بها في ما بينها" (عبد الله على إبراهيم؛ الماركسيَّة ومسألة اللغة، دار عزة، ص 40). ومع الإقرار بأن هذا كله ما يزال أقصر من قامة المعالجات المطلوبة في إطار سياسة ثقافيَّة ديموقراطيَّة راشدة، إلا أننا "لسنا بحاجة إلى اعتساف هذا التطور .. بصيغ دستوريَّة .. تنطوي على الإكراه" (المصدر نفسه). وإلى ذلك لاحظت كثير من التحليلات نزوح أغلب الجنوبيّين شمالاً، حين تحاصرهم الحرب والفاقة، بالمقارنة مع مَن لا يلجأ إلى بلدان الجوار الأفريقي إلا مضطراً. وثمَّة، أيضاً، ملاحظة سر أناي لكون معظم اللغات الجنوبيَّة تستخدم مفردة (جور)، بمعنى (الغريب)، في الإشارة إلى أهل الجوار الأفريقي، بينما تستخدم مفردة (مندوكورو) فى الإشارة إلى المستعرب المسلم الشمالي (أنظر كتابنا "الآخر"، دار مدارك، القاهرة 2006م، ص 24). ومن ملاحظاته السديدة أيضاً أن الجنوبي يتجوَّل في مدن (الشمال) بإحساس (صاحب الأرض)، بينما تلفه مشاعر الغربة بمجرد أن تطأ قدماه أرض أي بلد أفريقي مجاور (نفسه، ص 25)؛ وفي هذا المعنى (الصّحّي) الطليق جاءت كلمة الراحل جون قرنق بأنه يشتهى أن يشرب القهوة في المتمة، والتي ظلَّ إعلام (الانفصاليين الشماليين) يحوّرها إلى معنى عدائي عليل! وبرغم ما كان يلوح، أحياناً، أثناء مفاوضات السلام في كينيا، من ميل (مظهري) إلى (المفاصلة)، إلا أن (عين السخط) وحدها هي التي لم تستطع أن تلمح، من وراء ذلك، طيوف رغبة جنوبيَّة حقيقيَّة في (الوحدة)، وإن بأشراط أكثر غلظة! كما وأن النوايا السَّيّئة وحدها هي التي لا تستطيع أن تلتقط الدلالات الوحدويَّة الصادحة في حدثين بسيطي المظهر، عميقي المخبر، وقع كلاهما خلال أبريل 2009م، وأوَّلهما لمسة الوفاء التي سجلها اتحاد الطلاب الجنوبيين لمدرسة الشيخ لطفي الثانويَّة برفاعة، والتي ظلت تحتضن، منذ 1984م، وبجهد أهلي مرموق، الآلاف من طلاب الجنوب النازحين من ظروف الحرب، وتوفر لهم فرص التعليم المجَّاني، حتى بلغ عدد الذين تخرَّجوا منهم فيها 13 ألفاً، وتشمل اللمسة خطة إعادة تأهيل المدرسة من حُرّ تبرُّعات الخريجين، وحثَّ حكومة الجنوب على إطلاق اسم الشيخ لطفي على أحد أكبر شوارع جوبا، فضلاً عن إنشاء مدرسة في إحدى مدن (الجنوب) توازي مدرسة الشيخ لطفي، فتستوعب الطلاب الجنوبيين والشماليين دعماً لـ (الوحدة الوطنيَّة). أما الحدث الآخر فهو تفويج أندية الاستوائيَّة لكرة القدم 300 من الشباب، من الجنسين، بقافلة بصَّات من جوبا إلى كمبالا، يلوحون بأعلام السودان، مؤازرة لفريق المريخ في مباراته أمام فريق كمبالا ستي في العاصمة اليوغنديَّة، ضمن بطولة الأندية الأفريقية، الأمر الذي شكل أهم عوامل فوزه في ذلك اليوم. أخيراً، وليس آخراً، فإن الكثيرين من زوَّار جوبا الشماليين يلاحظون، ولا بُدَّ، ضبط سائقي السَّيارات وأصحاب الكناتين مؤشّرات راديوهاتهم على (ام درمان)، لتصدح، ليس فقط بأغاني وردي وكابلي وزيدان وإبراهيم عوض، بل حتى النعام آدم ومحمد كرم الله وسائر طنابير (الشمال) النيلي!

    (9)
    وإذن فثمَّة تناقض عميق بين المقوّمات الثقافيَّة/النفسيَّة لـ (الوحدة) لدى الجنوبي العادي reasonable southerner، من جهة، وبين سياسات (التهميش) و(الاستعلاء) و(نقض العهود) التي ظلت تعتمدها، من جهة أخرى، أنظمة الحكم المتعاقبة، منذ الاستقلال وحتى حكومة (الوحدة الوطنيّة!) الحاليَّة، الأمر الذي من شأنه أن يعزز، منطقيَّاً، في نهاية المطاف، من عزوف هذا المواطن عن هذه (الوحدة) بشروطها القديمة، ومن (ترجيح) تصويته، بالتالي، لـ (الانفصال) في (الاستفتاء)، لا لأنه (متيقن) من ضرورة هذا (الانفصال)، وإنما، فقط، من باب رغبته في التعبير عن (غبن) مزمن لديه، يغذيه (الانفصاليُّون) من سياسييه ومثقفيه، جرَّاء سياسات (التهميش) و(الاستعلاء) المتطاولة!
    لقد أشار الفريق سلفا إلى هذا التناقض، بقوله، في فاتحة مؤتمر جوبا: "إن السودان في مفترق طرق، وخيارا الانفصال والوحدة متماثلان". لكن هذا التناقض (يرجّح)، فعليَّاً، أن يصبح الذهاب إلى (الاستفتاء)، بهذا الوضع المزري، ذهاباً، في الغالب، إلى المفاضلة، في لحظة جنون تاريخيَّة، بين (الانفصال!) و(الانفصال!)، حيث تكاد تنعدم أدنى ثقة في إمكانيَّة أن يُفضي إلى دولة (وطن موحَّد)! فإذا بقيت الاتفاقيَّة على حالها الراهن نهباً لـ (الانفصاليّين الجنوبيّين)، يدعمهم (الانفصاليُّون الشماليُّون)، فلا مناص من إجراء (الاستفتاء) على (الوحدة) أو (الانفصال) في التاريخ المحدَّد بعد أقلّ من عامين، بنتيجته الواضحة، منذ الآن، لكلّ من حباه الله مثقال ذرَّة من البصيرة، إذ أن الإصرار على تطبيقه، بمعزل عن أيّ نصّ آخر في الاتفاقيَّة، لن يعني سوى إجرائه على هذا النحو المعيب!
    ويجدر أن نشير إلى أن منطق (الانفصاليّين الجنوبيّين) قد لا يقوم هنا، فقط، على إلزاميَّة نصّ (الاستفتاء) كتعبير عن إرادة طرفيه، رغم أنهما لا يملكان، في الواقع، أن يزعما تمثيل إرادة مجموع الشَّعب، لا في (الشمال) ولا في (الجنوب)، وإنما، كذلك، على إلزاميَّة القانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث ينبغي، في كلّ الأحوال، تنفيذ الاتفاق على تطبيق (حقّ تقرير المصير)، حسب هذه القراءة (الانفصاليَّة الجنوبيَّة) للنصّ، في ما لو صحَّت!
    بتفصيل أكثر، فإن البند/1/3 من (المبادئ المتفق عليها)، والبند/2/5 من (الجزء "ب": عمليَّة الانتقال)، ضمن (بروتوكول مشاكوس) المبرم في 20/7/2002م، واللذين ينصَّان على إجراء (الاستفتاء) في نهاية الفترة الانتقاليَّة، تنبغي قراءتهما مع، وفي ضوء، بنود أخرى، كالبند/1/1 من ذات (المبادئ المتفق عليها)، والذي يجعل (الأولويَّة) لـ (الوحدة) القائمة على "إرادة الشعب الحرَّة، والحكم الديموقراطي، والمساءلة، والمساواة، والاحترام، والعدالة"؛ والبند/1/5/1 الذي ينصُّ على إقامة (نظام ديموقراطي) في البلاد، والبند/1/5/2 الذي ينصُّ على أن (السَّلام) لا يكون بمجرَّد إيقاف (الحرب)، وإنما "بالعدالة الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والسّياسيَّة"، فضلاً عن البند/1/5/5 الذي يقترن فيه (الاستفتاء) نفسه، كممارسة مستحقة لـ (تقرير المصير)، بالعمل على جعل (الوحدة) خياراً (جاذباً)؛ وكذلك البند/2/4/2 من (الجزء ب: عمليَّة الانتقال)، والذي ينصُّ على عمل الأطراف مع (مفوضيَّة التقويم والتقدير) لجعل (الوحدة) خياراً (جذاباً) للجنوبيّين. فلو أن (الانفصاليّين الجنوبيّين) أخذوا (تطبيق) جملة هذه النصوص بحقها، دون انتقاء أو تبعيض، لكان منطقهم مقبولاً بشأن إلزاميَّة (الاستفتاء)، ولانفسح المجال للتحاكم العادل، بينهم وبين (الوحدويّين)، جنوبيّين وشماليّين، أمام الجماهير الجنوبيَّة، عام 2011م، على أكمل وأتمّ وجوه الممارسة الديموقراطيَّة.
    سوى أن الحاصل، قانونيَّاً وعمليَّاً، هو أن (واجب) الالتزام بهذه (المقدّمات) و(الشروط) لم يتمَّ الوفاء بجله طوال الثلثين المنقضيين من عمر الفترة الانتقاليَّة، ولن يتمَّ، غالباً، خلال الثلث المتبقي، ممَّا يعني خرقاً صارخاً لـ (شروط) ممارسة (الاستفتاء) على الوجه السليم، الأمر الذي (يترجَّح) معه، بوضوح، أن تترتب عليه أوخم الآثار في مثل هذه الظروف؛ وهذا هو، بالتحديد، ما يريد (الانفصاليُّون)، جنوبيّين وشماليّين، أن يوصلونا إليه؛ إذ أنهم، على حين يملأون الدنيا ضجيجاً عن (إلزاميَّة) إجراء (الاستفتاء)، في حدّ ذاته، لا يعيرون أدنى اعتبار لـ (إلزاميَّة) النصوص الأخرى الرامية لجعل (الوحدة) خياراً (جاذباً)!
    مع كلّ تلك الحسابات، وما ترهص به، فإن على (الانفصاليّين الجنوبيّين) بالذات، وهم يلهوجون (اختطاف) الاتفاقيَّة، و(إفراغها) من محتواها الاجتماعي، و(تجفيفها) في حدود ممارسة (شكليَّة)، فحسب، لـ (الاستفتاء)، بعد إغفال (شرط) الوفاء بـ (مقدّماته) اللازمة من إنجاز (التحوُّل الديموقراطي) و(العدالة الاجتماعيَّة)، والسعي لجعل (الوحدة) خياراً (جاذباً)، ألا (يأمنوا)، نهائيَّا، (عواقب) العامل (الثقافي/النفسي) الذي قد يفاجئهم بقلب المنضدة على وجوههم أجمعين، وألا يركنوا، تماماً، لما يبدو في الظاهر من (ضآلة) الفرص المتاحة لهذا الاحتمال في الوقت الراهن، وأن يدركوا أن (الاستفتاء)، في ظلّ مجمل هذه الأوضاع، قد يصبح عملاً شبيهاً بقمار (الروليت الروسي)، رغم أنه سيجري، للمفارقة، على أساس (الحقّ الديموقراطي) المشروع تماماً في (تقرير المصير)! بعبارة أخرى، فإن الإقدام على هذه الممارسة، برغم غياب (التحوُّل الديموقراطي)، وانتفاء شرط (الوحدة الجاذبة)، سيفتح (صندوق بنادورا) من شأنه أن يحوّلها إلى (ورطة وطنيَّة) حقيقية لن ينجو أحد منها، بما في ذلك (الانفصاليُّون) أنفسهم! ولعلَّ في هذا يكمن المعنى السَّديد الذي ما برح ينبّه إليه، منذ حين، بعض (الوحدويّين) من قادة الحركة الشعبيَّة، كالصَّديق القائد ياسر عرمان، بقولهم إن (جنوب السودان) لن يتحوَّل، حتى في حالة وقوع (الانفصال)، إلى (جنوب البرازيل)!

    (10)
    والحال هكذا، نخشى أنه لم يتبق سوى (الكَيّ)، بعد أن تعذرت، في (ميزان القوَّة) الرَّاهن، كلُّ سبل (العلاج) الأخرى! وما من (كَيٍّ معقول) يمكن التفكير فيه، الآن، في ساعتنا الخامسة والعشرين هذه، غير طرح (المَخرج المحتمل) الوحيد من هذه الورطة، وهو "الكونفيدراليَّة Confederation" (راجع: رزنامة الأسبوع ـ الأخبار، 17/8/09).
    لكن، قبل أن نمضي قدماً للتعرُّف على ملامحها الرئيسة، لكن، قبل أن نتعرَّف على ملامحها الرئيسة، والأسس التي تسند طرحها، فضلاً عن الفرص المتاحة للأخذ بها، يجدر أن نؤكد، ابتداءً، على الآتي:
    أ/ لسنا وحدنا من يطرح هذا الاقتراح، وليست هذه هي المرة الأولى التي يُطرح فيها، فقد سبق أن طرحته الحركة من خلال المفاوضات المطوَّلة التي أفضت إلى اتفاقية السَّلام؛ وطرحه المرحوم محمد ابو القاسم حاج حمد، في مايو 1999م، عبر صحيفة (الحياة اللندنيَّة)؛ وطرحه تقرير مركز الدّراسات السّياسيَّة والاستراتيجيَّة بواشنطن، في فبراير 2001م، بعنوان (سياسة الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في السودان)؛ كما تنبأ ستيفن موريسون، مدير المركز الذي شارك في صياغة التقرير، بأن تنتهي إليه عملية السلام (خالد التيجاني؛ سودانايل ـ نقلاً عن "إيلاف"، 19/9/09). كذلك طرحه حزب الأمَّة "القومي"، منذ حين، كما تمَّ طرحه داخل (مؤتمر جوبا)، عبر ثلاثة أوراق، إحداها لحزب الأمَّة "الإصلاح والتجديد"، والأخرى لكاتب هذه السطور في لجنة (الوحدة والانفصال)، والثالثة للأستاذ طه ابراهيم في لجنة (السلام) التي تبنته في تقريرها، وجرى اعتماده في المؤتمر، لكنه لم يظهر ضمن (الإعلان الختامي) لسبب غير معلوم!
    ب/ مهما يكن من أمر، فإن الفرق جدُّ كبير بين طرح (الكونفيدراليَّة) كخيار (تكتيكي)، كما في حالة الحركة إبَّان المفاوضات، أو كخيار (أيديولوجي)، كما في حالتي محمد ابو القاسم والمركز الأمريكي، ممَّا أدى إلى رفضها، أوان ذاك، من قبل (الوحدويّين)، استناداً إلى اتساع الفرص التي كانت متاحة، نسبيَّاً، أمام (الوحدة) الكاملة، وبين طرحها، الآن، باعتبارها (المَخرج) العمليَّ الوحيد من (ورطة) ما تنفكُّ تندفع نحوها قضيَّة (الوحدة)، سواء جرى التصويت بنسبة 51% أم 75%، لا بسبب (قناعة عقلانيَّة) مؤكَّدة لدى المواطن (الجنوبي) بخيار (الانفصال)، وإنما بسبب الملابسات التي حكمت بأن يجري (الاستفتاء)، تطبيقاً لـ (حقّ تقرير المصير)، في زمن تقع فيه مسئوليَّة التنفيذ الكامل لاتفاقيَّة السَّلام على عاتق النظام، وليس على عاتق مجموع أو حتى أغلبيَّة الشَّعب!

    (11)
    عرف التاريخ أنواعاً مختلفة من (الاتحادات) بين الدول، تمايزت في ما بينها، على انبهام هذا التمايز أحياناً، ومثلت، من ثمَّ، باباً مستقلاً في القانون الدَّولي الكلاسيكي تفرَّد بكثرة التحوُّلات العمليَّة، واتساع الإسهامات الفقهيَّة، خصوصاً بعد الحربين العالميَّتين. وأهمّ هذه الأنواع (الفيدراليَّة) و(الكونفيدراليَّة).
    ولئن كانت (الفيدراليَّة) اتحاداً (كاملاً) يحتفظ كيانه المركزي بالوظائف الأساسيَّة للدولة (الموحَّدة)، ففي (الكونفيدراليَّة)، على العكس من ذلك، تكون (الدُّول) الأعضاء (متحدة) بشكل بالغ الضيق، قد لا يتجاوز، في الغالب، رمزيَّة (رئاسة الكونفيدراليَّة)، و(العملة الموحَّدة)، وبعض (الهيئات المشتركة)، فضلاً عن تمتع مواطني هذه الدول بـ (الجنسيَّة المزدوجة)، و(حريَّة التنقل) و(حقّ التملك) داخل حدود (الكونفيدراليَّة)، بينما تحتفظ كلٌّ (دولة عضو) بنظام حكمها، وبحقها في مباشرة جميع اختصاصات ووظائف الدَّولة (المستقلة) ذات (السَّيادة). بعبارة أخرى فإن (الكونفيدراليَّة) تتأسَّس، في المقام الأوَّل، على (معاهدة) بين دولتين، أو مجموعة دول كاملة (الاستقلال) و(السيادة)، لتحقيق أهداف محدَّدة، فتنشئ (هيئات عُليا) من ممثلي (الدُّول الأعضاء)، وتجعل على رأس هذه الهيئات (مجلساً) تحت رئاسة (رمزيَّة) للإشراف على تنفيذ هذه الأهداف. ولا تنقل الدُّول (الأعضاء) شيئاً من اختصاصاتها أو وظائفها لهذه (الهيئات العُليا)، إلا في حدود ما يمكّنها، فقط، من صون (استقلال)، و(سلام)، و(مصالح) هؤلاء (الأعضاء)، سياسيَّاً واقتصاديَّاً.
    وقد حفل التاريخ بنماذج كثيرة من (الكونفيدراليَّات)، كالولايات المتحدة الأمريكيَّة، خلال الفترة (1776 ـ 1787م)، وسويسرا، فترة طويلة من تاريخها حتى 1848م، وألمانيا، خلال السنوات (1815 ـ 1866م). على أن هذا الشكل اختفى، تماماً، في العصر الحديث، أو كاد، فلا توجد منه، الآن، سوى نماذج محوَّرة باتجاه المزيد من تأكيد (استقلاليَّة) و(سيادة) دوله (المفردة)، كالاتحاد الأوربي ومجلس التعاون الخليجي، على سبيل المثال.
    وتتجلى أهمّ الفروق بين شكلي (الفيدراليَّة) و(الكونفيدراليَّة)، بحسب (د. محمد حافظ غانم؛ مبادئ القانون الدولي العام، ط 3، القاهرة 1963م، ص 207 ـ 211)، في ما يلي:
    أ/ (الاتحاد الفيدرالي) نظام قانوني مركَّب، وذو خصائص مائزة، في القانونين الداخلي والدولي، حيث تحدّد الوثيقة الدستوريَّة المنشئة له سلطات أجهزته، واختصاصاتها، والعلاقات بينها، فتكون له حكومة مركزيَّة ذات (سلطة عُليا) نافذة على أعضائه، ومسئولة عن تصرفاته الدوليَّة وتصرفات رعاياه، وفق القانون الدَّولي العام. أما (الاتحاد الكونفيدرالي) فيحتفظ لكلّ (دولة عضو) فيه باستقلالها، وسيادتها، وحكومتها الوطنيَّة، وشخصيتها الدَّوليَّة، ولا تعتبر (هيئاته العُليا) حكومة تنفذ سلطتها على (الأعضاء)، وإنما يقتصر عملها، فقط، على ما نصَّت عليه المعاهدة.
    ب/ وحتى في هذه الحدود، فإن (الهيئات العُليا) لـ (الاتحاد الكونفيدرالي) لا تملك تنفيذ قرارتها عن طريق أجهزة تابعة لها، كما وأن قراراتها لا تعتبر تشريعات نافذة، بذاتها، في أقاليم (الأعضاء)، وإنما تقوم بإبلاغ الدُّول (الأعضاء) بقراراتها عن طريق حكوماتها الوطنيَّة.
    ج/ وبينما تصدر قرارات حكومة (الاتحاد الفيدرالي) وفق الميكانيزمات المعتادة في عمل الحكومات، وتعتبر أجهزته التنفيذيَّة والتشريعيَّة والقضائيَّة أعلى من جميع أجهزة (أعضائه)، فإن قرارات (الهيئات العُليا) في (الاتحاد الكونفيدرالي) تصدر بـ (الإجماع)، كقاعدة، إلا ما استثني، وفق نص خاص، بجواز إصداره بـ (الأغلبيَّة).
    د/ وفي حين يباشر (الاتحاد الفيدرالي) كامل وظائف العلاقات الدوليَّة، من حيث إبرام الاتفاقيَّات، وتبادل التمثيل الدبلوماسي، والانضمام إلى المنظمات الدَّوليَّة، وإعلان الحرب وفق قواعد القانون الدَّولي، فإن ممارسة هذه الوظائف، في (الاتحاد الكونفيدرالي)، موكولة لكلّ (عضو) على حدة، وإن روعيت، في ذلك، السّياسة العامَّة المتفق عليها؛ علماً بأن بعض الدساتير (الفيدراليَّة) تعدّل من هذه القاعدة، فتسمح لأعضائها بتبادل التمثيل الدبلوماسي، كالدستور الألماني لسنة 1871م، أو الانضمام للمنظمات الدوليَّة، كما كان الحال بالنسبة لبعض الجمهوريَّات السوفيتييَّة، كأوكرانيا وروسيا البيضاء مثلاً.
    هـ/ وتعتبر الحرب التي قد تنشب داخل (الاتحاد الكونفيدرالي)، بعكس تلك التي قد تنشب داخل (الاتحاد الفيدرالي)، حرباً (دوليَّة)، وليست (أهليَّة).
    و/ وبخلاف الحال في (الاتحاد الفيدرالي) الذي يجوز تعديل وثيقته الدستوريَّة بالأغلبيَّة العاديَّة أو الخاصَّة، ولا يكون للعضو المخالف حقُّ (الانفصال)، فإن معاهدة (الكونفيدراليَّة) لا يجوز تعديلها إلا بموافقة جميع الأعضاء، مع الاحتفاظ للعضو المخالف بحقّ (الانفصال) كأحد أهمّ الوسائل التي يؤكد بها على (استقلاله) و(سيادته).

    (12)
    هكذا نستطيع أن نرى، بوضوح، أن (الكونفيدراليَّة)، وإن كانت شكلاً من أشكال (الاتحاد)، إلا أنها (اتحاد) غاية في الهشاشة! إنها، كما وصفناها في مناسبة سابقة، محض (اتحاد) بـ (شعرة معاوية)، أو قل هي (الانفصال) ذاته حالة كونه (مؤجَّلاً)!
    لذا فمن المنطقي أن يثور، هنا، على الفور، سؤالان: أوَّلهما عن جدوى طرحها، الآن، كخيار نقترح أن تتبناه القوى (الوحدويَّة) في (الشمال) و(الجنوب)، لتدفع باتجاهه، وتفاوض شريكي نيفاشا لإقناعهما باعتماده، بدلاً من هذا (الاستفتاء) المعيب، والذي لا يمكن، مع ذلك، التراجع عنه إلا بموافقتهما. أما السؤال الآخر فعن مدى الفرصة المتاحة كي يحظى هذا الاقتراح بقبول هذين الشَّريكين.
    للإجابة على السؤال الأول، يكفي أن نستعيد ما سبق أن سقناه من كون اتفاقية السَّلام لم تنفذ بالقدر الذي (يضمن) أن تكون (الوحدة الكاملة) خياراً (جاذباً) في (الاستفتاء)، فضلاً عن (ترجيح) كون الزمن المتبقي على نهاية الفترة الانتقاليَّة لن يكفي لتحقيق هذا الهدف، آخذين في الاعتبار جدليَّة (الوحدة والانفصال)، بين العوامل السالبة لواقع التساكن المعلول، وبين العوامل الثقافيَّة/النفسيَّة الإيجابيَّة.
    أما للإجابة على السؤال الثاني، فإننا نحتاج لأكبر قدر من (الواقعيَّة السّياسيَّة) كي نستصحب جملة اعتبارات من شأنها حفز الشريكين على فتح الاتفاقيَّة مجدداً، لإعادة التفاوض حول هذه النقطة، تحديداً، بغرض الاتفاق، قبل فوات الأوان، على الآتي:
    أولاً: صرف النظر، في الوقت الراهن، عن إجراء هذا (الاستفتاء) المعيب، والذي لا سبيل لإصلاح السير باتجاهه؛
    ثانياً: التصفية الفوريَّة لشكل (الاتحاد الفيدرالي) الحالي، والذي هو، في الواقع العملي، شكل (شبه كونفيدرالي)، ولا ينقصه سوى أقل القليل كي يتحوَّل إلى شكل (كونفيدرالي) مكتمل؛
    ثالثاً: الإلتزام بإقرار قيام دولة كاملة (الاستقلال) و(السَّيادة) في (الجنوب)؛
    رابعاً: الإلتزام بإبرام معاهدة فوريَّة لتأسيس (اتحاد كونفيدرالي) بين هذه الدَّولة وبين الدولة الأخرى (المستقلة) ذات (السَّيادة)، بالمقابل، في (الشمال)؛
    خامساً: التعهُّد بإجراء (استفتاء) دوريّ للجنوبيّين، بعد قيام (الكونفيدراليَّة)، كلَّ عشر سنوات مثلاً، حول ما إذا كانوا يفضّلون (مواصلة) السَّير بهذا (الشَّكل الكونفيدرالي)، أم (العودة) إلى (الشَّكل الفيدرالي)، أم إقرار (الانفصال) نهائياً.
    ولعلَّ تلك هي الضمانة الوحيدة، الآن، لتفادي مغامرة (الروليت الروسي) في (الاستفتاء) المعيب، مع (استدامة) شكل ما من (الاتحاد)، وإن بهذه (الهشاشة)، فـ (الهشاشة)، على أيَّة حال، أفضل من (العدم)؛ أو، على الأقل، لـ (تأجيل) هذا (الاستفتاء) إلى ظروف أخرى أكثر ملائمة، وإلى لحظة تاريخيَّة تغلب عليها عقلانيَّة الفكر والممارسة.
    وأما الاعتبارات التي من شأنها المساعدة على دفع الشريكين للقبول بفتح الإتفاقيَّة لإعادة التفاوض حول هذه المسألة شديدة الحساسيَّة، فهي، حسب تقديرنا، غاية في البساطة، من حيث منطقها الداخلي، وذلك على النحو الآتي:
    أ/ بإجراء (الاستفتاء) عام 2011م، تحت هذا الظرف المحدَّد، وبافتراض استمرار الحال على ما هو عليه، تكون ممارسة (الروليت الروسي) قد اكتملت، وانقضى أمرها تماماً، وانقطعت كل خطوط التراجع عنها، ولم يعُد مشهدها يستوعب غير نتيجتها، مع الاحتمال (الراجح) لوقوع السيف على رأس (الوطن الواحد)، وبتره نهائيَّاً، في لحظة تاريخيَّة تفتقر إلى عقلانيَّة الممارسة! ويقيننا أن في قادة الحركة الشَّعبيَّة عقلاء عينهم لا تغفل عن تبعات (الانفصال)، ومخاطره، كقفزة في الظلام لا تؤمن بوائقها؛ كما وأن في قادة المؤتمر الوطني عقلاء يخشون حكم التاريخ عليهم، مرة وللأبد، حال وقوع (الانفصال)، بأنهم هم مَن (انشطر) الوطن بسبب ترتيبات خرقاء جرت في عهدهم هم، دون جميع الأنظمة التي تعاقبت على الحكم منذ الاستقلال، فلا يعود مجدياً لهم، بإزاء هذه (السُّبَّة) الوطنيَّة، أن يواصلوا التباهي، في باب رصدهم لإنجازاتهم، برصف الطرق، أو إقامة السُّدود، أو تشييد الكباري! ومن ثم فإن الفرصة قد تكون سانحة، برأينا، لـ (مساومة) كلا الطرفين حول مقترح (الكونفيدراليَّة).
    ب/ من جهة أخرى، فإن من شأن (الكونفيدراليَّة) تلبية طموح (الانفصاليّين الجنوبيّين)، إلى أقصى حدّ، في (الدولة المستقلة)، مع ضمان تفادي ما يمكن أن تحمله لهم نتائج (استفتاء 2011م) من مفاجآت (الروليت الروسي) غير المحسوبة! كما وأن من شأنه، أيضاً، تسكين بلبال (الوحدويّين) في شطري الوطن، والذين ليس لديهم أيُّ بديل واقعي أو عملي عنه في الوقت الراهن.

    (13)
    أمَّا ما يثيره الطرفان والدول الراعية للاتفاقيَّة، من ناحية، حول (استحالة) فتحها لإعادة التفاوض على أيَّة جزئيَّة منها، وما يتشبَّث به (الانفصاليُّون الجنوبيُّون)، بخاصَّة، في ما يتصل بـ (حتميَّة) إجراء (الاستفتاء) في موعده المحدَّد، بحُجَّة أنه منصوص عليه فيها، وقد انسكب، من ثمَّ، في نصّ دستوري، وتصوير ذلك باعتباره (قيداً فولاذيَّاً) لا يمكن الفكاك عنه، فتناقضه، من ناحية أخرى، نصوص في الاتفاقيَّة ذاتها، باعتبارها (مرجعيَّة) الدُّستور الانتقالي، فضلاً عن إفصاحات لم يعُد من النادر أن تصدر عن نفس هذه الأطراف، وكذلك جملة أحداث تسير، واقعياً، في الاتجاه المعاكس لإمكانيَّة تنفيذ هذا (الاستفتاء) بعد أقلّ من عامين. فعلى سبيل المثال:
    أ/ ينصُّ البند/2/2/7/2 من (بروتوكول قسمة السلطة) على أنه "يجوز إدخال تعديلات على الدُّستور القومي الانتقالي خاصَّة بأحكام اتفاقيَّة السَّلام، شريطة موافقة كلا الطرفين الموقعين على هذا الاتفاق". ومن البدهي أن (إعادة الاتفاق) تنبني، أساساً، على (إعادة التفاوض). وهو نفس المعنى الذي ذهب إليه نصُّ البند/2/6 من (بروتوكول مشاكوس)، والذي يقرأ: "تمتنع الأطراف عن أيّ شكل من أشكال إلغاء أو إبطال اتفاقيَّة السَّلام من جانب واحد"؛ أي، بمفهوم المخالفة، يكون ذلك ممكناً إذا اتفق عليه الجانبان.
    ب/ وعلى حين قطع، مثلاً، د. غازي صلاح الدين، مستشار رئيس الجمهوريَّة، بنفي أيّ اتجاه لفتح الاتفاقيَّة، أكدت مصادر حكوميَّة "أن المؤتمر الوطني (عرض) على الحركة رفع نصيبها في الحكومة إلى 30% .. حلاً لأزمة التعداد السُّكاني!" (الأحداث، 21/8/09). ومعلوم، بالطبع، أن (العرض) يُعد بمثابة (زغرودة) فتح الاتفاقيَّة!
    ج/ وإذا كان (الاستفتاء) يَفترض، ابتداءً، توفر (الاستقرار) لأهل الجنوب الذين سيشاركون فيه، فقد أصدر (مركز إندبندنس) الأمريكي تقريراً، خلال يوليو 2009م، قال فيه إن الأمم المتحدة وحكومة الجنوب لم تعودا قادرتين على نزع 3 مليون بندقيَّة من أيدي 8 مليون مواطن (الأحداث، 11/7/09). وقد تفاقمت النزاعات القبليَّة بوحشيَّة غير مسبوقة، مِمَّا عرَّض ويعرِّض الآلاف للقتل والتشريد، بما في ذلك النساء، والأطفال، والعجزة، وكبار السن، وأصبح مادَّة يوميَّة للوكالات وأجهزة الإعلام العالميَّة. من ذلك ما وقع، مؤخَّراً، من معارك راح ضحيَّتها العشرات في بانتيو بولاية الوحدة الغنيَّة بالنفط (فرانس برس، 3/10/09)، واتهم الفريق سلفا كير المؤتمر الوطني بالضلوع فيها (الأخبار، 4/10/09). وقبلها سقط أكثر من مئة قتيل في مواجهات دامية بين أفراد من النوير ومجموعات من الدينكا بولاية جونقلي، حيث لاحظ ديفيد جريسلي، رئيس عمليَّات الأمم المتحدة في (الجنوب)، أن المسلحين يبدون أكثر تنظيماً من مجرَّد مجموعات لسرقة المواشي التقليديَّة. وأضاف: "نحن قلقون بشأن احتمال وجود عناصر توجّه هجماتها لمؤسَّسات الدولة"! ووقتها، أيضاً، اتهم ساسة جنوبيُّون المسؤولين في (الشمال) بتسليح القبائل لنشر الفوضى قبل (انتخابات 2010م)، و(استفتاء 2011م)، بينما نفت الخرطوم هذه الاتهامات، وعزاها إبراهيم غندور، القيادي بالمؤتمر الوطني، إلى محاولة حكومة (الجنوب) "التغطية على قصورها الأمني". وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى سقوط أكثر من 1200 شخص في هجمات مماثلة في (الجنوب) هذا العام، ممَّا يثير المخاوف بشأن الاستقرار هناك (بي بي سي، 24/9/09).
    ج/ وتجئ هجمات جيش الرَّب المتواصلة، ضغثاً على إبالة، لتقتل، وتغتصب، وتنهب، وتشيع الذعر في مناطق شاسعة على الحدود مع الكنغو وأفريقيا الوسطى، فتجبر الأمم المتحدة على تعليق أنشطتها الإنسانيَّة هناك، تاركة آلاف اللاجئين والنازحين بلا حماية أو مساعدة، إلا ما يتدارسه، منذ حين، مكتب الأمم المتحدة للشئون الإنسانيَّة، حسب بيانه الصادر خلال أغسطس 2009م، من إمكانيَّة توفير تمويل عاجل بمبلغ 50 مليون دولار لعمليَّات إسقاط جوي للأغذية في الإقليم الذي يقف الآن، حسب البيان، على شفا أزمة غذائيَّة حادَّة (الأحداث، 22/8/09).
    د/ فلئن لم يكن ثمة عاقل يستطيع أن يتصوَّر إمكانيَّة أن يتهيَّأ، في مثل هذه الظروف، مناخ ملائم لمجرَّد الاستعداد لـ (الاستفتاء)، دَعْ إجراءه، فإن الوقائع المشار إليها تؤسّس، أيضاً، لإمكانية تداول مقترح (الكونفيدراليَّة)، كآخر المخارج المتاحة، لا سيَّما وأن الاتفاقيَّة نفسها، خاصة بروتوكول الترتيبات الأمنيَّة، تؤسّس، فعليَّاً، بحكم التحدّيات التي فرضتها ضرورة إبرامها، لنظام (كونفيدرالي) غير مفصح عنه، بالإسم، حيث تتمتع حكومة (الجنوب)، وفق الاتفاقيَّة، بسلطات تفوق ما تتيحه (الفيدراليَّة)، عادة، وإن قصُرت، شيئاً، عمَّا تتيحه (الكونفيدراليَّة) الكاملة.
    هـ/ والقوى الدَّوليَّة نفسها أضحت تبدي، مؤخَّراً، (قلقاً) واضحاً من الهاوية التي ما تنفكُّ تندفع نحوها الأمور في السودان، والمآل (الانفصالي) الذي يُتوقع أن يفضي إليه (الاستفتاء)، في ما لو أجري تحت هذه الظروف المحدَّدة، ليس بالنسبة لـ (الجنوب) فقط، وإنما كنموذج يمكن أن تحذو حذوه أقاليم أخرى في البلاد. لذا سارعت روسيا لعقد مؤتمر دولي حول قضايا السودان، وخاطب الكسندر سلطانوف، نائب وزير الخارجيَّة، جلسته الافتتاحيَّة بفندق (الرئيس) بموسكو في 6/10/2009م، قائلاً إن بلاده ترغب "في تحقيق التسوية في السودان سلميَّاً، دون المساس بسيادته و(وحدة) أراضيه"؛ كما أكد ميخائيل مارغيلوف، المبعوث الروسي الخاص إلى السودان، على أن سّياسة بلاده تجاه السودان تهدف إلى "منع صوملته" (الأحداث، 7/10/09)؛ ومن جانبه دعى جورج لينك، المبعوث النمساوي الخاص إلى السودان، والذي هو، في ذات الوقت، مبعوث الاتحاد الأوربي إلى أفريقيا، شريكي الاتفاقيَّة لإدارة حوار داخلي في ما بينهما، والتحدُّث إلى مواطنيهما في (الشمال) و(الجنوب)، عن مزايا وعيوب (الوحدة) و(الانفصال)، مشدّداً، صراحة، على "ضرورة (بقاء) السودان (موحَّداً)، والتركيز على المنافع الاقتصاديَّة التي ستصاحب ذلك" (الأخبار، 5/10/09). أما الإدارة الأمريكيَّة فتتداول، حاليَّاً، مقترحين: أحدهما يتمحور حول تأجيل (الاستفتاء) حتى 2013م، كي يتمَّ إدماج اتفاق سلام دارفور، بافتراض التوصُّل إليه خلال موعد أقصاه أبريل 2010م، في اتفاق نيفاشا، بحيث يفضيان معاً إلى تمثيل الأقاليم كافة في حكم البلاد، ومن ثمَّ إلى اختبار (الوحدة)، مجدَّداً، خلال السَّنتين اللتين تسبقان العام 2013م! أما الآخر فيتمحور حول إجراء (الاستفتاء) في موعده المحدد (2011م)، على أن تواصل دولة (الجنوب)، حال التصويت لـ (الانفصال)، البقاء في إطار (السودان القديم!) حتى 2013م، ريثما تحسم قضايا النفط، وترسيم الحدود؛ وهو المقترح الذي تدفع باتجاهه دوائر من بينها "مجموعة الأزمات الدوليَّة" (الأحداث، 22/8/09). ولئن كانت أمريكا قد قرنت مقترحها الأخير هذا بـ "وعد" منها بأن ترمي، بعد ذلك، "بثقلها!" في "دعم الدَّولة الوليدة اقتصاديَّاً!" (المصدر نفسه)، فإن القراءة الصحيحة لهذا "الوعد" ينبغي ألا تتجاوز اعتباره مجرَّد (جرّ أرجل) لـ (الانفصاليّين الجنوبيّين) من جانب (دولة عظمى) كانت قد "رمت بثقلها"، ابتداءً، في دعم مطلب (تقرير المصير) أثناء مفاوضات السلام، وتليين مواقفهم، تحت ضغط المستجدَّات الماليَّة والاقتصاديَّة العالميَّة، لقبول (مبدأ) إرجاء ترتيبات (الانفصال)، حتى بعد إقراره في (الاستفتاء)، إلى العام 2013م، بلا دلائل مقنعة على أنها مستعدَّة لتحمُّل أدنى قدر من المسئوليَّة الفعليَّة عمَّا سيحدث نتيجة الأوضاع الملتبسة التي سوف تترتب على التمديد لذينك العامين، دَعْ ألا تعود قبل نهايتهما لتطلب التمديد لعامين آخرين، وهكذا دواليك!
    و/ لكن (قلق) القوى الغربيَّة هذا، على علاته، ورغم وقوفها على مسافات متفاوتة من النظام، وصمتها على الخلل الواضح في تنفيذ الاتفاقيَّة، مع أن بعضها مشمول بقائمة الضامنين لها، يبدو أكثر إيجابيَّة من (قلق آخر) ما ينفكُّ يعتري بعض القوى الإقليميَّة، لكن ليس على مصير (الوحدة) في السودان، وإنما على مصالحها هي المباشرة، إقتصاديَّاً وسياسيَّاً. وربَّما يكفي أن نشير، هنا، إلى نموذجين لا يحتاجان إلى تعليق! أوّلهما ما كشف عنه سلفا كير للمصلين في كتدرائيَّة سانت تريزا الكاثوليكيَّة بجوبا، من اتصال العقيد القذافي به، في الثالثة من فجر أحد أيَّام زيارته لطرابلس أواخر يونيو 2009م، ليؤكد له (مساندة!) ليبيا لـ (الجنوب) إذا ما قرَّر (الانفصال)، واعداً بإرسال (خبراء ليبيين!) إلى هناك للمساعدة في "إعادة إعمار البنية التحتيَّة والزراعة!"، و .. "إذا أراد (الجنوبيُّون) أن يقترعوا على الاستقلال فينبغي ألا يخشوا أحداً، و(سأقف!) إلى جانبهم .. لقد كان من (الخطأ!) الإبقاء على (الجنوب) موحَّداً مع (الشمال) بعد عام 1956م .. كان (ينبغي!) أن (ينفصل!)، إما كدولة (مستقلة) أو (ينضمَّ) إلى دولة أخرى في شرق أفريقيا!" (الأحداث، 1/7/09). أما النموذج الآخر فهو ما أفصحت عنه، صراحة، ، أواسط سبتمبر 2009م، السفيرة منى عمر، مساعدة وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية، حول استعداد مصر، مسبقاً، لسيناريو (الانفصال)، و".. إحنا في الجنوب مش قليلين وأتقل من أي حد، ولدينا علاقات قويَّة مع الإخوة في الجنوب، بالإضافة إلى عددٍ من المشاريع والمستشفيات والخبراء المتواجدين هناك!" (سودانايل، نقلاً عن "الشروق المصريَّة"، 15/9/09)

    (14)
    بإزاء كلّ ما تقدَّم، فإن (إعلان جوبا ـ سبتمبر 2009م) يُعدُّ، بكلّ المعايير، عملاً عظيماً، لا يقلُّ عظمة عن (مقررات أسمرا ـ يونيو 1995م)، على الأقلّ لجهة تصدّيه لاستعادة (المسألة السودانيَّة) إلى (حاضنتها الوطنيَّة)؛ وتطويره معالجات مستبصرة لمعظم القضايا الشائكة. غير أن (المصفوفة) التي اجترحها لقوانين وترتيبات (التحوُّل الديموقراطي)، و(الانتخابات)، و(الاستفتاء)، ستبقى محض (حلم ليلة صيف) ما لم يعززها حراك جماهيري باسل من الأقسام الاجتماعيَّة الأكثر تقدُّماً في البلاد.
    أمَّا قضيَّة (الوحدة)، بالذات، فستبقى رهن الجهود (العمليَّة) التي يُنتظر من (الوحدويّين)، الجنوبيّين والشماليّين، أن يبذلوها، فما أضرَّ بها سوى الركون إلى (التنظير المحض)، أو (التلقائيَّة الذاهلة)، أو (الغفلة) التي تركن للاستبعاد (المجَّاني) لـ (الانفصال)، والتهوين (العبثي) من شأن (الانفصاليّين)!
    ولكم وددت، بهذه المناسبة، لو أن المذكرة التي دفعت بها (مجموعة الخبراء الأكاديميّين والسّياسيّين)، في 6/10/2009م، مطالبة بتمديد الفترة الانتقاليَّة إلى 2014م بدلاً من 2011م، قد دعمت مطالبتها هذه بتوضيح الكيفيَّة التي يمكن بها إقناع الأطراف بهذا (التمديد)، بل وبكيفيَّة (عمل) هذا التمديد نفسه، تحت الظرف المحدَّد، "كآليَّة"، على حدّ تعبير المذكرة، "لمعالجة الأزمة وتغيير الواقع" (الأخبار، 7/10/09).
    (إنتهت)
                  

10-15-2009, 10:07 PM

ابراهيم على ابراهيم المحامى

تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 126

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: ابراهيم على ابراهيم المحامى)

    الاستاذ كمال الجزولي يعيد كتابة مقاله السابق بصورة اوسع
    يحاول فيه جاهدا ان يدخل خيار الكونفدرالية كبديل لحق تقرير المصير او احد الخيارات للاستفتاء
    يتعامل فيه مع اتفاقية نيفاشا كأنها عقد تجاري بين شريكين،
    وبه شروط اذا لم يتم استيفائها فيجب عدم تنفيذ الشروط الاخرى.
    يعني اذا عجز الطرفان عن الوفاء باستحقاقات الوحدة الجاذبة ، فلا يجوز الانتقال للاستفتاء
    ونسي كمال ان الاتفاقية الدولي ليست كالعقود ولا تفسر بموجب قانون العقود
    وان حق تقرير المصير هو "حق" وليس شرط، ولا يسقط لاي سبب اخر في الاتفاقية
    وان الحقوق لا تقبل التجزئة.
    والمفروض ان يعلم الاخ كمال ان شرط "الوحدة الجاذبة" هو شرط نفساني مجرد
    لا يعين شيئا في القانون الدولي
    وقد تم ادخاله لارضاء الطرفين لمواجهة جماهيرهم "الاخرى"

    اذا كان كمال يقر بان الوضع الحالي هو كونفدرالي الا "شوية"
    واذا كان اختيار الجنوبيين للوحدة يعني بحسب نيفاشا الاحتفاظ بالنظامين في دولة واحدة،
    فهذا يعني انه خياره محفوظ ولا داعي للقلق
    فليعمل الجميع من اجل الوحدة وعندها ستكون وحدة على اساس النظامين في دولة واحدة
    اما الانفصال فهو مفهوم ولا يقبل المساومة ايضا او التحوير
    والامال الطيبة مفهومة ايضا
                  

10-16-2009, 05:15 AM

doma
<adoma
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 15970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: ابراهيم على ابراهيم المحامى)

    الجنوب دربه اخضر ومرقوا من المعمعه
    الاسمها السودان والدوله الدينيه .
    امنياتي لهم بكل النجاح في دولتهم العلمانيه الجديده
    لو تركهم الشمال في حالهم دون حروبات ومؤامرات
    لاشك اننهم سيتقدمون بخطي سريعه
                  

10-16-2009, 03:13 PM

ابراهيم على ابراهيم المحامى

تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 126

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تلاعب بحق تقرير المصير....وبلاش جرسة في الزمن الضائع (Re: ابراهيم على ابراهيم المحامى)

    الاستاذ كمال الجزولي يعيد كتابة مقاله السابق بصورة اوسع
    يحاول فيه جاهدا ان يدخل خيار الكونفدرالية كبديل لحق تقرير المصير او احد الخيارات للاستفتاء
    يتعامل فيه مع اتفاقية نيفاشا كأنها عقد تجاري بين شريكين،
    وبه شروط اذا لم يتم استيفائها فيجب عدم تنفيذ الشروط الاخرى.
    يعني اذا عجز الطرفان عن الوفاء باستحقاقات الوحدة الجاذبة ، فلا يجوز الانتقال للاستفتاء
    ونسي كمال ان الاتفاقية الدولي ليست كالعقود ولا تفسر بموجب قانون العقود
    وان حق تقرير المصير هو "حق" وليس شرط، ولا يسقط لاي سبب اخر في الاتفاقية
    وان الحقوق لا تقبل التجزئة.
    والمفروض ان يعلم الاخ كمال ان شرط "الوحدة الجاذبة" هو شرط نفساني مجرد
    لا يعين شيئا في القانون الدولي
    وقد تم ادخاله لارضاء الطرفين لمواجهة جماهيرهم "الاخرى"

    اذا كان كمال يقر بان الوضع الحالي هو كونفدرالي الا "شوية"
    واذا كان اختيار الجنوبيين للوحدة يعني بحسب نيفاشا الاحتفاظ بالنظامين في دولة واحدة،
    فهذا يعني انه خياره محفوظ ولا داعي للقلق
    فليعمل الجميع من اجل الوحدة وعندها ستكون وحدة على اساس النظامين في دولة واحدة
    اما الانفصال فهو مفهوم ولا يقبل المساومة ايضا او التحوير
    والامال الطيبة مفهومة ايضا
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de