دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
نقد الأقلام أم وقع الحسام؟ الخاتم عدلان جريدة الاضواء
|
تعالوا إلى كلمة سواء: نقد الأقلام أم وقع الحسام؟ الإتفاقات التي أبرمت في نيافاشا، والمحادثات التي تدور في انجمينا، والمفاوضات الجارية في القاهرة، والقرارات الصادرة من المجتمع الدولي، والتصريحات التي يدلي بها المسئولون الإنقاذيون في كل محفل دولي، تشير كلها إلى أن البلاد سائرة في طريق التحول الديمقراطي. فهل يعتقد حكام الإنقاذ أن التحول الديمقراطي يعني نسخة جديدة من « التوالي »؟ هل يعتقدون أن كل هذه القوى ستأتي إلى الخرطوم لتسبح بحمدهم وتمدحهم وتزكي حكمهم للناس؟ أم أنهم يحلمون بأن يقلبوا لها ظهر المجن بمجرد وصولها إلى الخرطوم، وينكلوا بها كما نكلوا من قبل بكل حلفائهم، وكما داسوا بالنعال كل أتفاقياتهم؟ أم أنهم لا يبالون بدفعها من جديد في نفس الطريق الذي يسير فيه حاليا توأمها المنبوذ؟ الأجابة على هذا الأسئلة يجب أن تكون واضحة منذ البداية. فالسلطة تعلم تمام العلم أن كل هذه القوى تريد أن تطيح بها وتطوي صفحتها، وتقذف بمشروعها الحضاري وراء الظهور. هذه المواقف معلنة ولم تتغير. ومع ذلك فإن تغيرا جوهريا قد حدث. وهو أن هذه القوى كانت تعمل على الإطاحة بالإنقاذ بالعنف والسلاح، وقبلت، مجبرة وراضية، على تغيير أساليبها، متحولة إلى النضال السلمي، والنزال الديمقراطي، ولذلك أصرت على أن تكون أتفاقياتها ضامنة للعمل السلمي الجماهيري الواسع، والذي ينتهي بهزيمة الإنقاذ في صناديق الإقتراع، بعد كشف برامجها، وفضح الكلفة الباهظة التي كلفتها البلاد، والاضرار الفادحة التي ألحقتها بالناس، والأذى الجسيم الذي أوقعته بالنفوس والأجسام. وبعد توضيح ما لا يحتاج إلى التوضيح، من خوائها الروحي، وغربتها عن الجسد الإجتماعي، وشذوذها عن قواعد التعايش العالمي. وحقيقة الأمر أن إسقاط السلطة عن طريق صناديق الإقتراع هو أفضل خيار تملكه السلطة نفسها حاليا. وهو خيار عادل إذا وضعنا في الإعتبار الحقائق التالية: • جاءت السلطة عن طريق إنقلاب عسكري، إفتقر بصورة تدعو للعجب من مقومات النجاح. وما كانت لعبة القصر والاسر لتجدي شيئا مطلقا، لو كان على رأس السلطة المنهارة أي شخص غير الصادق المهدي، الذي تجاهل كل المعلومات التي كانت تصله من جميع الجهات بأن الجبهة الإسلامية كانت تدبر إنقلابا، فيفتي، وهو العبقري الذي لا معقب عليه، وصاحب المعارف الغيبية الذي لا يرى تحت قدميه، بأن الجبهة الإسلامية إنحازت بصورة كلية إلى الديمقراطية، بينما كان خنجرها المسموم يقنرب سريعا من خاصرته. لم يكن ذلك الإنقلاب جديرا بالنجاح، لا سياسيا، ولا عسكريا، ولا أيديولوجيا. والدليل على أن أهله ذاتهم كانوا يضعون الفشل كاحتمال ربما يكون راجحا، أنهم احتفلوا، إحتفالا رسميا معلنا، بمرور شهر على سلطتهم الجديدة! وما دامت الإنقاذ تعيش الآن عامها السادس عشر، وستكون قد شارفت العشرين عاما في الحكم عندما تجرى الإنتخابات، فإن ذلك يكفيها ويزيد، بمقاييس بقاء الأنظمة في عالم اليوم. تكفيها هذه المدة حتى ولو كان حكمها عادلا وخادما للمصلحة الوطنية العامة، فما بالك بحكم وضع البلاد كلها في كف عفريت، وعرض وجودها ووحدتها للخطر، وأذل شعبها وأجاعه وشتته في الآفاق؟ ولا يبشره في كل يوم جديد إلا بكارثة أكبر تلقف سابقاتها وتفتح الهاوية للمزيد. • منذ استيلائهم على السلطة لم يضع الإنقاذيون يوما واحدا، فنهبوا ثروات البلاد، وحولوها إلى حساباتهم الخاصة، داخل وخارج السودان، وامتلكوا الموارد كلها بصفقات مشبوهة، واستولوا على ثمرات عرق الكادحين بالعنف الغليظ والقوة المنفلتة، وصاروا من أغنى أغنياء العالم وسط شعب من أفقر الشعوب. امتلكوا الشركات، والمصانع، والمزارع والبيوت، والسيارات. فعلوا ذلك بينما الشعب يتضور جوعا ويبحث عن غذاء الصغير ودواء المريضة، ودعامة الثاوية، وأكفان الموتى. جاءوا بالقرآن ولكنهم سرعان ما تحولوا إلى السلطان، وقاموا برفع المصاحف مع أن كل همهم كان اقتحام المصارف. وحق عليهم قول جوموا كنياتا عندما قال: كان الأفارقة من سكان البلاد الأصليين يملكون الأرض، وكان الإنجليز يملكون الإنجيل، وجاء القسس، فطلبوا من الأفارقة أن يغمضوا عيونهم، ويشبكوا أياديهم، ويؤدوا الصلاة، وعندما فتح الأفارقة عيونهم وجدوا أن الإنجليز يملكون الارض وهم يملكون الإنجيل! ولا شك أن السودانيين والأفارقة لا يرفضون "كتاب الله"، ولكنهم عرفوا القسس، كما عرفوا الإنقاذ، ولن تجوز عليهم اللعبة مرتين. وأقول أننا عندما نهزم الإنقاذ في صناديق الإقتراع، فإنه مهما بلغت كفاءة نظامنا القانوني والقضائي، فإننا لن نسترد شيئا كثيرا من الثروات الشخصية التي راكمها هؤلاء، وهربوها، وبددوها بالأسماء الوهمية والحسابات السرية. وعلى الإنقاذيين إذن أن يعتبروا صفقتهم رابحة، وكسبهم مضمون، ومسروقهم لن يرد. وإذا قارنوا أنفسهم بأنجح المغتربين السودانيين، الذين غادروا البلاد في السبعينات، فإنهم سيجدون ان ثرواتهم تزيد عنهم بعشرات المرات. ببساطة هي صفقة رابحة حتى ولو فقدوا السلطة صباح هذا اليوم. • وليس خافيا على أحد، بما في ذلك الإنقاذيين أنفسهم، أنهم بينما تضخمت جيوبهم، فقد أفلسوا أيديولوجيا بصورة كاملة. فليس ثمة قيمة أخلاقية واحدة يمكن أن يدعوا انهم حافظوا عليها، أو أنهم يعيشون من أجلها. والواقع أن بابا جديدا للإفلاس الأخلاقي الشامل، قد انفتح عليهم بإنقسامهم على أنفسهم، وكشفهم لملفات بعضهم البعض، وسفورهم عن مخزوناتهم الفياضة من السباب والإشانة و التلويث. وربما يطمئن الشق الحاكم من الإنقاذ نفسه بأنه قادر على هزيمة مخططات الشق الملفوظ، الحقيقية والمتوهمة، ولكنه لا يعي بأنه بينما يسجل الإنتصارات العسكرية، على الطرف الآخر، فإنه يصاب بنزيف معنوي لا يتوقف. ويكون الطرفان خاسران بالتعادل، وهي نتيجة لا يحصل عليها إلا الإنقاذيون! هذا السحق الجسدي والنزيف المعنوي، لن يوقفه أحد، لطبيعة الإنقاذيين على الجانبين، إذ أن أيا منهما لا يستطيع أن يخفي عن الآخر شخصيته الحقيقية، أو أهدافه الخفية، أو بعده عن المباديء والقيم العليا التي يحاولون بيعها للآخرين، ويتقاضون ثمنها من متاع الدنيا الغرور ومن عبادة القوة والجاه والسلطان. وهو صراع يجعلهما عاجزين عن كسب المعارك الديمقراطية، كما هما عاجزان عن كسب المعارك العسكرية. ولم يبق إلا أن يختاروا نوع الهزيمة الذي يحفظ لهم ما سرقوه بليل، وما صادروه بظلم يهد الجبال. • عندما يسقط الإنقاذيون عن طريق الديمقراطية، ويرتضوها، يمكنهم أن يواصلوا نشاطهم السياسي مثلهم مثل الأحزاب الأخرى، وبما ان الشعب السوداني يميل إلى الغفران، بل حتى إلى النسيان، فإنهم ربما أقنعوه مرة أخرى بأن ينتخبهم، بعد ان يكونوا قد غيروا ما بأنفسهم، كما فعل رجب طيب أردوغان، في تركيا، بأن حول حزبه إلى حزب علماني، دون أن يتنازل عن ركن واحد من أركان الإسلام، ودون أن ينتقص من تقواه الشخصية بالأكاذيب والإدعاءات. وقد طلب الإنقاذيون الغفران من " دول الإستكبار" ومن الغرب الصليبي، ودفعوا الإستحقاقات كاملة، وبلعوا الإهانات مرات، وطأطأوا الرؤوس حتى لم تعد قادرة على الأرتفاع. هل كثير على الشعب أن يطلبوا منه الغفران، ويبدوا استعدادهم كاملا لدفع الإستحقاقات؟ هم الذين يقررون ذلك. • هذه الحجج وغيرها، توضح أن قبول الإنقاذ للتحول الديمقراطي هو الطريق الأفضل بالنسبة لها قبل غيرها. وطريق التحول الديمقراطي يفترض حرية الكلمة، وانفلاتها عن الرقابة والحذف والحجاب. ولذلك فإن الهجمة الإنقاذية على الصحف والصحفيين، وإيقافها لبعض الاعمدة، ومنها الحلقة السابقة من هذا العمود، وتهديدها للكلمة الحرة، فضلا عن أنه خرق واضح لمواثيق حقوق الإنسان، فإنه خرق كذلك لما وقعت عليه مبدئيا في نيفاشا، مع الحركة الشعبية. بل هو خرق لتصريحات رئيسها حول رفع الرقابة القبلية عن الصحف، في منشور مذاع على الناس. بل نكاد نقول أن السلطة بهجمتها هذه فإنها تكشف عن عدم جدية مخيفة حول جميع الإتفاقات المبرمة، وشبه المبرمة والتي في طريقها إلى الإبرام. فإذا كانت السلطة تعتقد أنها يمكن أن توقع كل هذه الإتفاقات وتعود مع ذلك إلى سيرتها القديمة، فتفرض وتقمع وتهدد وتقتل وتنكل، فإنها إنما تسير في طريق بالغ الخطورة عليها وعلى البلاد. • الإنتقال إلى الديمقراطية مستحيل، بدون النشاط الجماهيري الحر، من اجتماعات ومؤتمرات وندوات، وبرامج تطرح، وأخرى تنتقد. وهذا كله غير ممكن بدون حرية الصحافة، وحق الناس في أن يقولوا ما يشاءون. ونحن نقول ما نقول، دون أن يكون ذلك تغطية لانقلاب عسكري، أو حركة مسلحة، أو مؤامرة أجنبية. نقوله لتعبئة الناس حول الخيارات التي نراها نافعة وصحيحة، ونقوله لفضح برنامج الإنقاذ الذي اورد البلاد والناس موارد التهلكة. لا نصانع في ذلك ولا نلوك كلماتنا، ولا نتقرب للطغاة، في السر أو في العلن، بالإيماءات الخجولة، أو الكلمة الخؤون. نملك أقلامنا وضمائرنا، ونمد شعبنا بما تعلمناه في خضم الصراع من أجل مصالحه ومستقبله. لا نبغي في ذلك مصلحة شخصية أو مجدا ذاتيا، أو مكسبا ماديا. • والبديل للتحول الديمقراطي هو مواصلة السير في طريق الدكتاتورية والطغيان، وهو الطريق الذي تجده هذه السلطة أقرب إلى طبيعتها، وادنى إلى قلوب القائمين عليها. ولكنه أصبح ميسورا بنفس القدر بالنسبة إلى قوى كثيرة تعلمها السلطة ولا تستطيع أن تواجهها مجتمعة مهما فعلت. إن أبواب جهنم السبعة، يمكن أن تنفتح إذا تراجعت السلطة عن طريق التحول الديمقراطي. وقد أصاب العالم كله ضيق شديد بوجود الإنقاذ. وتكذب الإنقاذ على نفسها، وعلى الناس، إذا زعمت أنها قادرة على محاربة المجتمع الدولي، والإقليمي والحركة الشعبية والحركات الإحتجاجية في دارفور والشرق وكرفان وفي قلب الخرطوم وفي وسط السودان وواصلت قمعها لمنظمات المجتمع المدني، التي تتحرك بثقة لإحتلال موقعها المشروع في الشارع السياسي. هذه القوى كلها راغبة في التحول الديمقراطي، والراجح انها تستطيع أن تهزم الإنقاذ هزيمة نظيفة، ولكنها سلمية في الإنتخابات العامة القادمة. وليس أمام الإنقاذ إلا السير بصدق، ربما يكون غريبا عليها في البداية، على هذا الطريق، لأن البديل هو الهزيمة التي لا تبقي ولا تذر والتي تقضي على الأخضر واليابس. • وتفعل الإنقاذ خيرا بنفسها وبالوطن، إذا انتبهت إلى أن تكميم الأفواه لم يعد ممكنا، وذلك بفضل وسائط النقل والإتصال، المتفلتة عن سيطرة الحكومات ومقصات الرقباء. وتفعل خيرا إذا أنتبهت إلى أن المقال الممنوع ينتشر أكثر من المقال المبلوع، والشواهد امامها كثيرة، والكتابة واضحة على الجدران. وهي ليست مطالبة بأكثر من استخدام عيونها وآذانها استخداما عاديا، خاليا من العبقرية والحذق لترى ما نراه. • إننا نعرف أن مجتمعنا المدني، قد أصبح مهيئا بصورة جيدة للدفاع عن الحريات جميعا، وهو يعلم أنه سيجد في ذلك سندا غير محدود من قوى لا حصر لها، منها ويا للمفارقة، قوى ما تزال داخل السلطة نفسها. وقد آن الأوان للاصوات جيمعا أن ترتفع احتجاجا على كل خرق للحقوق الأساسية للإنسان، وعلى رأسها حرية الصحافة. ونقول للسلطة: أفسحوا المجال لنقد الأقلام، فهو أفضل من نقد الحسام.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: نقد الأقلام أم وقع الحسام؟ الخاتم عدلان جريدة الاضواء (Re: Amjad ibrahim)
|
سلام جميعا الاخوة أعضاء و قراء سودانيز أون لاين الافاضل. قراءتكم و متابعتكم لعمود الاخ الخاتم عدلان في جريدة الاضواء كان لها ابلغ الاثر في تسهيل عودة العمود الى الطباعة هذا الاسبوع. العمود الذي تم حذفه الاسبوع الماضي من جريدة الاضواء بهدف تكميم الافواه و ابعاد الرأي الآخر من اسماع السودانيين لقى استجابة كبيرة و قراءة مكثفة عبر صفحات هذا المنبر الرائع و غيره من المنابر الرائدة. أيضا قام العديد من الاخوة القراء بصورة تلقائية بتصوير المقال و توزيعه في الخرطوم مما نفى الضرورة الى حجبه مرة اخرى، اذ ان حجب المقال ادى الى زيادة انتشاره والرغبة في قراءته. فلكم جميعا ابلغ الشكر و التقدير و عظيم الامتنان للقائمين على امر هذا المنبر الذي جعله فضاءا حرا لكل كلمة صادقة يريد النظام اسكاتها
تحياتي امجد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نقد الأقلام أم وقع الحسام؟ الخاتم عدلان جريدة الاضواء (Re: Amjad ibrahim)
|
Salam Yasir
Thanks I think that is an example of the spontanous support for the truth.That's how we suppose to fight the Keezan. Not just to through them away from the government but it is important to change the mentality that brought them to power though such nightmare wouldn't repeat once again. My best regards to the whole family.I will try to call this weekend. Amjad
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نقد الأقلام أم وقع الحسام؟ الخاتم عدلان جريدة الاضواء (Re: Amjad ibrahim)
|
سلام صفاء
هذا هو الموضوع مرة اخرى بخط اكبر و بلون احسن
تعالوا إلى كلمة سواء: نقد الأقلام أم وقع الحسام؟ الإتفاقات التي أبرمت في نيافاشا، والمحادثات التي تدور في انجمينا، والمفاوضات الجارية في القاهرة، والقرارات الصادرة من المجتمع الدولي، والتصريحات التي يدلي بها المسئولون الإنقاذيون في كل محفل دولي، تشير كلها إلى أن البلاد سائرة في طريق التحول الديمقراطي. فهل يعتقد حكام الإنقاذ أن التحول الديمقراطي يعني نسخة جديدة من « التوالي »؟ هل يعتقدون أن كل هذه القوى ستأتي إلى الخرطوم لتسبح بحمدهم وتمدحهم وتزكي حكمهم للناس؟ أم أنهم يحلمون بأن يقلبوا لها ظهر المجن بمجرد وصولها إلى الخرطوم، وينكلوا بها كما نكلوا من قبل بكل حلفائهم، وكما داسوا بالنعال كل أتفاقياتهم؟ أم أنهم لا يبالون بدفعها من جديد في نفس الطريق الذي يسير فيه حاليا توأمها المنبوذ؟ الأجابة على هذا الأسئلة يجب أن تكون واضحة منذ البداية. فالسلطة تعلم تمام العلم أن كل هذه القوى تريد أن تطيح بها وتطوي صفحتها، وتقذف بمشروعها الحضاري وراء الظهور. هذه المواقف معلنة ولم تتغير. ومع ذلك فإن تغيرا جوهريا قد حدث. وهو أن هذه القوى كانت تعمل على الإطاحة بالإنقاذ بالعنف والسلاح، وقبلت، مجبرة وراضية، على تغيير أساليبها، متحولة إلى النضال السلمي، والنزال الديمقراطي، ولذلك أصرت على أن تكون أتفاقياتها ضامنة للعمل السلمي الجماهيري الواسع، والذي ينتهي بهزيمة الإنقاذ في صناديق الإقتراع، بعد كشف برامجها، وفضح الكلفة الباهظة التي كلفتها البلاد، والاضرار الفادحة التي ألحقتها بالناس، والأذى الجسيم الذي أوقعته بالنفوس والأجسام. وبعد توضيح ما لا يحتاج إلى التوضيح، من خوائها الروحي، وغربتها عن الجسد الإجتماعي، وشذوذها عن قواعد التعايش العالمي. وحقيقة الأمر أن إسقاط السلطة عن طريق صناديق الإقتراع هو أفضل خيار تملكه السلطة نفسها حاليا. وهو خيار عادل إذا وضعنا في الإعتبار الحقائق التالية: • جاءت السلطة عن طريق إنقلاب عسكري، إفتقر بصورة تدعو للعجب من مقومات النجاح. وما كانت لعبة القصر والاسر لتجدي شيئا مطلقا، لو كان على رأس السلطة المنهارة أي شخص غير الصادق المهدي، الذي تجاهل كل المعلومات التي كانت تصله من جميع الجهات بأن الجبهة الإسلامية كانت تدبر إنقلابا، فيفتي، وهو العبقري الذي لا معقب عليه، وصاحب المعارف الغيبية الذي لا يرى تحت قدميه، بأن الجبهة الإسلامية إنحازت بصورة كلية إلى الديمقراطية، بينما كان خنجرها المسموم يقنرب سريعا من خاصرته. لم يكن ذلك الإنقلاب جديرا بالنجاح، لا سياسيا، ولا عسكريا، ولا أيديولوجيا. والدليل على أن أهله ذاتهم كانوا يضعون الفشل كاحتمال ربما يكون راجحا، أنهم احتفلوا، إحتفالا رسميا معلنا، بمرور شهر على سلطتهم الجديدة! وما دامت الإنقاذ تعيش الآن عامها السادس عشر، وستكون قد شارفت العشرين عاما في الحكم عندما تجرى الإنتخابات، فإن ذلك يكفيها ويزيد، بمقاييس بقاء الأنظمة في عالم اليوم. تكفيها هذه المدة حتى ولو كان حكمها عادلا وخادما للمصلحة الوطنية العامة، فما بالك بحكم وضع البلاد كلها في كف عفريت، وعرض وجودها ووحدتها للخطر، وأذل شعبها وأجاعه وشتته في الآفاق؟ ولا يبشره في كل يوم جديد إلا بكارثة أكبر تلقف سابقاتها وتفتح الهاوية للمزيد. • منذ استيلائهم على السلطة لم يضع الإنقاذيون يوما واحدا، فنهبوا ثروات البلاد، وحولوها إلى حساباتهم الخاصة، داخل وخارج السودان، وامتلكوا الموارد كلها بصفقات مشبوهة، واستولوا على ثمرات عرق الكادحين بالعنف الغليظ والقوة المنفلتة، وصاروا من أغنى أغنياء العالم وسط شعب من أفقر الشعوب. امتلكوا الشركات، والمصانع، والمزارع والبيوت، والسيارات. فعلوا ذلك بينما الشعب يتضور جوعا ويبحث عن غذاء الصغير ودواء المريضة، ودعامة الثاوية، وأكفان الموتى. جاءوا بالقرآن ولكنهم سرعان ما تحولوا إلى السلطان، وقاموا برفع المصاحف مع أن كل همهم كان اقتحام المصارف. وحق عليهم قول جوموا كنياتا عندما قال: كان الأفارقة من سكان البلاد الأصليين يملكون الأرض، وكان الإنجليز يملكون الإنجيل، وجاء القسس، فطلبوا من الأفارقة أن يغمضوا عيونهم، ويشبكوا أياديهم، ويؤدوا الصلاة، وعندما فتح الأفارقة عيونهم وجدوا أن الإنجليز يملكون الارض وهم يملكون الإنجيل! ولا شك أن السودانيين والأفارقة لا يرفضون "كتاب الله"، ولكنهم عرفوا القسس، كما عرفوا الإنقاذ، ولن تجوز عليهم اللعبة مرتين. وأقول أننا عندما نهزم الإنقاذ في صناديق الإقتراع، فإنه مهما بلغت كفاءة نظامنا القانوني والقضائي، فإننا لن نسترد شيئا كثيرا من الثروات الشخصية التي راكمها هؤلاء، وهربوها، وبددوها بالأسماء الوهمية والحسابات السرية. وعلى الإنقاذيين إذن أن يعتبروا صفقتهم رابحة، وكسبهم مضمون، ومسروقهم لن يرد. وإذا قارنوا أنفسهم بأنجح المغتربين السودانيين، الذين غادروا البلاد في السبعينات، فإنهم سيجدون ان ثرواتهم تزيد عنهم بعشرات المرات. ببساطة هي صفقة رابحة حتى ولو فقدوا السلطة صباح هذا اليوم. • وليس خافيا على أحد، بما في ذلك الإنقاذيين أنفسهم، أنهم بينما تضخمت جيوبهم، فقد أفلسوا أيديولوجيا بصورة كاملة. فليس ثمة قيمة أخلاقية واحدة يمكن أن يدعوا انهم حافظوا عليها، أو أنهم يعيشون من أجلها. والواقع أن بابا جديدا للإفلاس الأخلاقي الشامل، قد انفتح عليهم بإنقسامهم على أنفسهم، وكشفهم لملفات بعضهم البعض، وسفورهم عن مخزوناتهم الفياضة من السباب والإشانة و التلويث. وربما يطمئن الشق الحاكم من الإنقاذ نفسه بأنه قادر على هزيمة مخططات الشق الملفوظ، الحقيقية والمتوهمة، ولكنه لا يعي بأنه بينما يسجل الإنتصارات العسكرية، على الطرف الآخر، فإنه يصاب بنزيف معنوي لا يتوقف. ويكون الطرفان خاسران بالتعادل، وهي نتيجة لا يحصل عليها إلا الإنقاذيون! هذا السحق الجسدي والنزيف المعنوي، لن يوقفه أحد، لطبيعة الإنقاذيين على الجانبين، إذ أن أيا منهما لا يستطيع أن يخفي عن الآخر شخصيته الحقيقية، أو أهدافه الخفية، أو بعده عن المباديء والقيم العليا التي يحاولون بيعها للآخرين، ويتقاضون ثمنها من متاع الدنيا الغرور ومن عبادة القوة والجاه والسلطان. وهو صراع يجعلهما عاجزين عن كسب المعارك الديمقراطية، كما هما عاجزان عن كسب المعارك العسكرية. ولم يبق إلا أن يختاروا نوع الهزيمة الذي يحفظ لهم ما سرقوه بليل، وما صادروه بظلم يهد الجبال. • عندما يسقط الإنقاذيون عن طريق الديمقراطية، ويرتضوها، يمكنهم أن يواصلوا نشاطهم السياسي مثلهم مثل الأحزاب الأخرى، وبما ان الشعب السوداني يميل إلى الغفران، بل حتى إلى النسيان، فإنهم ربما أقنعوه مرة أخرى بأن ينتخبهم، بعد ان يكونوا قد غيروا ما بأنفسهم، كما فعل رجب طيب أردوغان، في تركيا، بأن حول حزبه إلى حزب علماني، دون أن يتنازل عن ركن واحد من أركان الإسلام، ودون أن ينتقص من تقواه الشخصية بالأكاذيب والإدعاءات. وقد طلب الإنقاذيون الغفران من " دول الإستكبار" ومن الغرب الصليبي، ودفعوا الإستحقاقات كاملة، وبلعوا الإهانات مرات، وطأطأوا الرؤوس حتى لم تعد قادرة على الأرتفاع. هل كثير على الشعب أن يطلبوا منه الغفران، ويبدوا استعدادهم كاملا لدفع الإستحقاقات؟ هم الذين يقررون ذلك. • هذه الحجج وغيرها، توضح أن قبول الإنقاذ للتحول الديمقراطي هو الطريق الأفضل بالنسبة لها قبل غيرها. وطريق التحول الديمقراطي يفترض حرية الكلمة، وانفلاتها عن الرقابة والحذف والحجاب. ولذلك فإن الهجمة الإنقاذية على الصحف والصحفيين، وإيقافها لبعض الاعمدة، ومنها الحلقة السابقة من هذا العمود، وتهديدها للكلمة الحرة، فضلا عن أنه خرق واضح لمواثيق حقوق الإنسان، فإنه خرق كذلك لما وقعت عليه مبدئيا في نيفاشا، مع الحركة الشعبية. بل هو خرق لتصريحات رئيسها حول رفع الرقابة القبلية عن الصحف، في منشور مذاع على الناس. بل نكاد نقول أن السلطة بهجمتها هذه فإنها تكشف عن عدم جدية مخيفة حول جميع الإتفاقات المبرمة، وشبه المبرمة والتي في طريقها إلى الإبرام. فإذا كانت السلطة تعتقد أنها يمكن أن توقع كل هذه الإتفاقات وتعود مع ذلك إلى سيرتها القديمة، فتفرض وتقمع وتهدد وتقتل وتنكل، فإنها إنما تسير في طريق بالغ الخطورة عليها وعلى البلاد. • الإنتقال إلى الديمقراطية مستحيل، بدون النشاط الجماهيري الحر، من اجتماعات ومؤتمرات وندوات، وبرامج تطرح، وأخرى تنتقد. وهذا كله غير ممكن بدون حرية الصحافة، وحق الناس في أن يقولوا ما يشاءون. ونحن نقول ما نقول، دون أن يكون ذلك تغطية لانقلاب عسكري، أو حركة مسلحة، أو مؤامرة أجنبية. نقوله لتعبئة الناس حول الخيارات التي نراها نافعة وصحيحة، ونقوله لفضح برنامج الإنقاذ الذي اورد البلاد والناس موارد التهلكة. لا نصانع في ذلك ولا نلوك كلماتنا، ولا نتقرب للطغاة، في السر أو في العلن، بالإيماءات الخجولة، أو الكلمة الخؤون. نملك أقلامنا وضمائرنا، ونمد شعبنا بما تعلمناه في خضم الصراع من أجل مصالحه ومستقبله. لا نبغي في ذلك مصلحة شخصية أو مجدا ذاتيا، أو مكسبا ماديا. • والبديل للتحول الديمقراطي هو مواصلة السير في طريق الدكتاتورية والطغيان، وهو الطريق الذي تجده هذه السلطة أقرب إلى طبيعتها، وادنى إلى قلوب القائمين عليها. ولكنه أصبح ميسورا بنفس القدر بالنسبة إلى قوى كثيرة تعلمها السلطة ولا تستطيع أن تواجهها مجتمعة مهما فعلت. إن أبواب جهنم السبعة، يمكن أن تنفتح إذا تراجعت السلطة عن طريق التحول الديمقراطي. وقد أصاب العالم كله ضيق شديد بوجود الإنقاذ. وتكذب الإنقاذ على نفسها، وعلى الناس، إذا زعمت أنها قادرة على محاربة المجتمع الدولي، والإقليمي والحركة الشعبية والحركات الإحتجاجية في دارفور والشرق وكرفان وفي قلب الخرطوم وفي وسط السودان وواصلت قمعها لمنظمات المجتمع المدني، التي تتحرك بثقة لإحتلال موقعها المشروع في الشارع السياسي. هذه القوى كلها راغبة في التحول الديمقراطي، والراجح انها تستطيع أن تهزم الإنقاذ هزيمة نظيفة، ولكنها سلمية في الإنتخابات العامة القادمة. وليس أمام الإنقاذ إلا السير بصدق، ربما يكون غريبا عليها في البداية، على هذا الطريق، لأن البديل هو الهزيمة التي لا تبقي ولا تذر والتي تقضي على الأخضر واليابس. • وتفعل الإنقاذ خيرا بنفسها وبالوطن، إذا انتبهت إلى أن تكميم الأفواه لم يعد ممكنا، وذلك بفضل وسائط النقل والإتصال، المتفلتة عن سيطرة الحكومات ومقصات الرقباء. وتفعل خيرا إذا أنتبهت إلى أن المقال الممنوع ينتشر أكثر من المقال المبلوع، والشواهد امامها كثيرة، والكتابة واضحة على الجدران. وهي ليست مطالبة بأكثر من استخدام عيونها وآذانها استخداما عاديا، خاليا من العبقرية والحذق لترى ما نراه. • إننا نعرف أن مجتمعنا المدني، قد أصبح مهيئا بصورة جيدة للدفاع عن الحريات جميعا، وهو يعلم أنه سيجد في ذلك سندا غير محدود من قوى لا حصر لها، منها ويا للمفارقة، قوى ما تزال داخل السلطة نفسها. وقد آن الأوان للاصوات جيمعا أن ترتفع احتجاجا على كل خرق للحقوق الأساسية للإنسان، وعلى رأسها حرية الصحافة. ونقول للسلطة: أفسحوا المجال لنقد الأقلام، فهو أفضل من نقد الحسام.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نقد الأقلام أم وقع الحسام؟ الخاتم عدلان جريدة الاضواء (Re: Safa Fagiri)
|
الاستاذ امجد دبايوا مشكور اخى لنقل هذا المقال من اسهامات الاستاذ الخاتم عدلان و نحن نفتقر حوار المكاشفة الذى لمسته فى هذا المقال وتشخيص اسباب ومسببات نجاح انقلاب الجبهة امر مهم والاهم هو محاسبة الذين فرطوا فى الديمقراطية الثالثة واى تراخى فى اسقاط هذا البند سيكون سبب فى ظهور عمر بشير اخر لان الذين اضاعو الديمقراطية الثالثة لا يقل اجرامهم عن الذين اجهزوا عليها.. والاستاذ عدلان بعد انشقاقه قاد عمل سياسى باسم حق وسؤالى هنا اين هذه الحركة وخاصة ان المرحلة دقيقة جدا وتحتاج الى اسهامات كل القوى الوطنية بدون عزل احد. وايضا تعليقى على المقال انه قال بان التجمع اسقط برضى او بغير رضا العمل العسكرى ورضى بالتفاوض هنا يبرز سؤال من قال بان فصائل التجمع تحمل السلاح غير اهل الهامش هلا فسرتم لنا ذلك لان قول الاستاذ هذا فيه تهميش لمهمشين اصلا ام هنالك هدف اخر.
| |
|
|
|
|
|
|
|