ولد محمد الحسن بيل المديرية الشمالية..توفيت ولدته فى نفس يوم ولادته فتربى على يد عمته كان حلم ابيه أن يصبح عندما يكبر كما يحلم كل الأباء أن يكون طبيبآ أو على الأقل مهندسآ زراعيآ ليرعى شئون الأرض فى البلد ولكن الحسن ترك المدرسة ليعمل مع والده فى الزراعة بسبب الظروف التى ألمت به كان حال الحسن مثل حال كل ناس الشمال منزله من طين ويشرب مثل غيره ايضآ من مياه الأبار أو من النيل مباشرة وأهل الشمال يضيئون منازلهم بفوانيس الجاز ويعتمدون على حرفة الأجداد فى المعيشة الاوهي الزراعة هى كل حياتهم الأقتصادية وربما الأجتماعية فكان الحسن جزء أصيل من ذلك النسيج كان والده الحسن يكثر له من وصاياه على الأرض حتى أرتبط بها أرتباط الطفل بأمه ترعرع الحسن وكبر وتزوج من بنت عمته أم الحسن ولكن القدر لم يمهل والده كثيرآ اذ توفى بعد زواج محمد الحسن بشهر واحد فتركه وزوجته فظل الحسن يعمل فى الأرض ويتذكر كل لحظة وصية والده
الأرض الحسن
التمر الحسن
الغنيمات الحسن
جيرانك الحسن
جلس الحسن على عنقريب من الحبال حائرآ يفكر فى مستقبله وما آل اليه حال البلد دخل عليه ود المسيعيد وكلتومة بت الزين وهو لا يزل مستغرقآ فى حيرته. وهذا هو حال أهل الشمال لابد من تفقد بعضهم البعض من حين لاخر أو فى
حالة غياب أحد أهل الدار عن المنطقة ود المسيعيد وكلتومه صحيا فى وقت واحد سلام هوى ياالجوه فرد عليهما الحسن اتفضلوا أهلآ ياود المسيعيد أهلآ كلتوم بت الزين بادره ود المسيعيد بقوله شنو الحكاية ياالحسن طول عمرك ما أنقطعت من الخلوة ماشفتك فى الصلاه الليلة رسلت فطورك وغداك وعشاك مع الشفع للخلوة وأنت ماجيت خير أن شاء الله من عادات أهل الشمال تقديم الأكل والشاى إلى الخلوه لاكرام الضيوف الذين يأتون من بعيد وهى عادة قديمة ومتأصلة فى اهل الشمال، أستعدل الحسن
فى جلسته وقال :والله ياود المسيعيد فكرت فى السفر للخرطوم ودالمسيعيد: لى شنو خير ان شاء الله الحسن: أنت ماشايف الحال كيفنو ياود المسيعيد الجاز ما فى والمكن واقف وما قادرين نزرع الحال واقف مرة واحدة وهنا تدخلت كلتوم فى الحوار بقولها تخلى ارضك الحسن وتمشى وين البخلى دارو بيقل مقدارو الحسن: نسوى شنو ياكلتوم بت الزين ده الحال العلينا ما بيدنا حاجة ويسأله ود المسيعيد :طيب يا الحسن أنت داير تسافر تشتغل شنو الحسن: والله ياود المسيعيد إنشاء الله أشيل الطوب فى كتفى اخير من النحن فيهودا. وبعد تفكير عيق قرر محمد الحسن السفر إلى الخرطوم وبالفعل ركب اللورى متجهآ إلى الخرطوم وبعد يومين من المعاناة وصل إلى نقطة التفتيش فى ضاحية أمبدة غربى أم درمان صعد رجال الأمن إلى ظهر اللورى وسأله أحدهم أنت ماشى وين يازول الحسن:أن ماشى أشوف لى شغل الحال وقف فى البلد الجاز مافى الزيت مافى كل شىء مافى. ضحك رجل الأمن ونظر إلى زميله ثم خاطبه بصيغة الأمر نزل الزول ده وركبو التونسية سريع.
(عدل بواسطة يحي ابن عوف on 05-22-2007, 08:17 AM) (عدل بواسطة يحي ابن عوف on 05-22-2007, 08:23 AM)
05-22-2007, 04:46 PM
يحي ابن عوف
يحي ابن عوف
تاريخ التسجيل: 05-25-2002
مجموع المشاركات: 6335
يمرالصباح متثاقلآ حتى الظهيرة’ أجرجر ذاتى للأتهيأ لاسقبال يوم جديد أتلفت حولى أتأمل الأشياء.. المنضدة قبالة السرير بعض كتب..بقايا سهرة تذكرنـى على الدوام بروتين المنفى الـممل. ساهمآ شاردآ انظر إلى الساعة فيقفز إلى ذاكرتى موعد محدد احتفال سياسى؛ انـهض سريعآ ؛ ألمـلم نافر أجزائى متوجهأ إلى حيث الاحـتفال وقدكان المكان عامرآ بالأصدقاء والمعارف..سلامات..أهلآ وسهلآ..كيفك؛ وهكذا. وبين التصفيق والأعناق المشرئبة وهمهمات الاستحسان للوصلة التى قدمت فيها بعض الإنشاد الوطنى..تـتقدم المذيعة الداخلية على خشبة المسرح وتعلن: "نادين" فى كلمة قصيرة عن مناسبة الاحتفال..ووسط التصفيق تساءلت وصديقى عبدالرحمن من تكون هذه الفتاة فكان رده انـها ضمن اللجنة المنظمة للحفل.ولأننى كنت مهيأ للمشاركة ببعض الأشعار التقيتها وراء الكواليس مستفسرآ عن الوقت الذى سأقدم فيه مساهمتى وفى اللقاء السريع عرفتها بنفسى وعن انتمائ السياسى. ما هى الا ساعة ووقفت أمام الجمهور لآقدم بعض القصائد حماسة جياشة ملأتنى وانا أنتقل بين الأبيات التى ترسم تضاريس الأزمة وتشير للأفق القادم..أنهيت مساهمتى وأنا أتصبب عرقآ فهمست قائلة: كنت رائعا وشكرآ للمشاركة. اخذتنى روعة صوتـها وابتسامتها العريضة وذلك الوجه الوضاء والأسنان اللؤلؤية وفى اعماقى هتف. يالك من ساحرة ومن لحظتها امتدت نادين فى دواخلى لتحرك ماض انا مسكون به..وراحت تتقاذفنى التساؤلات الحدة هل هى الأمل المنشود..هل أحببتها حقآ؛ وهل وهل؟؟حسمت امرى ورحت أسأل عدة مرات عنها ولكن دون جدوى.
مرة ألأيام والشهور عجلى لتزداد نادين بريقآ وألقا بداخلى وبين سياج لهفة الأشواق والصدفة العفوية التقيتها؛ سألت عنك ولـم أجد اليك طريقا..وأردفت مضطربآ وكانت فى عجلة من أمرها..بادرتـنـى بأنـها فى طريقها إلى موعد هام وتأمل لقائ فيما بعد. اقترحت عليها كيفية اللقاء واستجابت. وتمر دورة الأيام وانا أسابق زمنى إلى يوم لقائ بـها وكان اللقاء واضحا وصريحآ؛ رغم ما تخلله من بعض تردد وارتباك. صارحـتها بحقيقة مشاعرى وتجاربى وبادرت هى بالإ سهاب عن أوضاعها وطموحاتـها أمالها وحكت لى وحكيت لـها لم تـهزنى علاقاتها المـتعددة وتحدثنا كثيرا عن اثار الزمن فينا وعلاقة الظروف بالمشاعر وأننا جميعآ ضحايا أزمة وختمنا اللقاء بالعهد على التواصل لترى هذه العلاقة النور. يومها نمت نومآ عميقآ هادئا وكاننى امتلك العالم بين يدى وبعدها تحولت لقاء اتنا إلى وتيرة منتظمة؛ عرفـتها باصدقائى وجميع معارفى. كنت مـمتـلئآ بالأمل والتفاؤل بمستقبل هذه العلاقة وظلت لقاءاتى بـها محفوفة بالهيام والوجد. وفى غمرة وهم جميل تملكنى رحت أحلق فى فضاءات عشقى "نادين" يـا أنت يـا ملتقى الدروب وانسابت قريحتى يانور من السودان صدرك مطار لى شفتاك امنية يانور منالسودان يازهرة برية
وفى احد لقاءاتنا ونحن فى الطريق التقينا بأحد الأصدقاء وزوجته؛ وبينما نحن نـتـبادل السلام التـقليدى وأطرافا لحديث فإذا بنادين تـتلبسها حالة غيـر طبية من الانفعال؛ غالبيته بالصمت تارة؛ وتارة بعدم المشاركة فى الحوار؛ وعقب انصرافنا وما ان ابتعدنا خطوات عنهم بادرتنى قائلة ما هى علاقتك بـها لم أعر الأمر اهتمامآ باعتباره من الغيرة
الطبيعية وكان ردى لها علاقة صديق بزوجة صديقه ولكن تكرر الأمر حين قدمتها لأحدى الصديقات فاصبح هاجسآ يخيم على هذه العلاقة وكان التتويج لهذا الاتجاه المدمر فى ذات إحدى الأمسيات يصلنى صديقى منزعجآ وبيده خطاب معنون اليه يحذره منى وعلاقتى بأسرته كان كلانا مندهشآ مما يحدث وتحدثنا طويلا بحكم طبيعة وعمق العلاقة التى تجمعنا عن من يا ترى الذى قد كتب هذا الخطاب ومن خلال تقصى الحقا ئق ثبت بالدليل ان مرسل الخطاب هى نادين أن ينهار إنسان بداخلك أن ينهدم الأمل الجميل بسلوك لم أشك فى حبها لى ولكنها الغيرة المدمرة كنت أحاول الحفاظ على هذه العلاقة بأى ثمن متتازلاعن الكثير ولكن هل يعيش الحب مع الغيرة المدمرة ظللت أعتذر عن أخطائها هى لها وأبتسم راضيا وهى على الوهم ينمو ويكبر متحو لا إلى ثرثرة وهو اجس تغلبت عواطفى على عقلى تحولت إلى تائه لاقرار لى رأسى نهم اتساؤلات تكاد تفقدنى عقلى وتوسلآ للراحة قررت ان أحكى لصديقى الحميم عبد الرحمن الذى كثيرآ أما يمنحنى الاستواء فينصحنى بقوله المأثور ابتعد عن النساء ياصديقى فابتعدت وفى قلبى غصة لأحاول من جديد .
05-22-2007, 04:52 PM
essam&amal
essam&amal
تاريخ التسجيل: 11-15-2003
مجموع المشاركات: 2579
الغالية/ام وضاح شكرا على المرور وعلى الكلمات الجميلة فعلا ان الأخ مصطفى مدثر لا يمكن لنا ان لا نشهدله بتميز مشاركته ورقه أسلوبه وقد افتقدنا بحق كتاباته
(عدل بواسطة يحي ابن عوف on 05-22-2007, 08:24 PM) (عدل بواسطة يحي ابن عوف on 05-22-2007, 08:26 PM)
05-22-2007, 10:09 PM
يحي ابن عوف
يحي ابن عوف
تاريخ التسجيل: 05-25-2002
مجموع المشاركات: 6335
نافذه عبر الواقع يحى بنعوف يجرجر ذاته لى يتهئ لأستقبال يوم جديد يتلفت حوله سهم شارد يعبر مابين ذكرايته شريط طويل من الذكريات للأصدقاء محمد أحمد. ود عبد الرحيم.وحاج عكود. ودحمد. ركب طويل من الأصدقاء هجروا البلد منهم من إستقر بالخرطوم ومنهم من هجر الوطن . نظر إلى زوجته ست الدار وابنه الصغير وهو يتأمل مستقبله المظلم ست الدار : صباح الخير ياود على مالك سارح وحالك ما عجبنى اليومين ديل ود على : صباح النور ياست الدار الحال بقى صعب والناس هجرت البلد ست الدار: نسوى شنو الزرع مات من قلت المويه قالوالبترول طلع ياربى الجاز ده بيودو وين ؟ ود على : أنا بصراحه قررت السفر للخرطوم ست الدار: تسوى شنو فى الخرطوم الحال كله ما بقى زى بعضه ود على : أشوف لى أى شغل أشتغله طالمه البترول طلع والشغل كتر فى الخرطوم ما بين اليوم واليوم الثانى قرر السفر ململم ذاته عسى أن يجد بريق أمل لحياه أفضل وصل منزل عمه الذى كان يسكن بحى العمارات يطرق جرس الباب ثم تفتح الباب الخادمة ود على : سلام هوى ياجوه زوجة عمه : آهلآ منو أنا ود على زوجة عمه : آهلآ حبابك عمك مشى يجيب ليه زول يصلح لينا الآيركونديشآ ما عارفه الحصل ليه شنو الليله إيتعطل عمك ما حيتأخر مشى بعربيته المرسيدس وبيجى هسا يدخل فى هذه اللحظة العم أحمد العم أحمد : آهلآ يا ود على حياك الله وآبغاك جيت ميتين وكييف البلد ود على : أنا جيت قبل شويه البلد تعبت والتمر ما زى زمان والزراعة ماتت من قلت المويه والناس عايشين على البضائع المهربة من مصر كأنه الشمالية ديه ما تابعه للسودان حاج أحمد : كديه خلى الكلام الفارغ ده وورينا أنت جاى تسوى شنو فى الخرطوم ود على: أنا جاى عشان تشوف ليا شغل طبعآ أنت زول كبير فى الحكومة ديه حاج أحمد: طبعآ أنت رجل مسلم والبلد ديه بتهمك ود على: آفوه يا عمى البلد ديه أغلى من جننا حاج أحمد : أنا حا أوديك الجيش عشان تمشى تجاهد فى العبيد والكفره فى الجنوب ود على: عبيد وكفره هو لسه فى عبيد وكفره ولسه فى ناس بتبيع ناس فى السودان ؟؟؟؟ فى هذه اللحظة يسأل هيثم ابن العم أحمد يعنى شنو يا بابا عبيد؟ حاج أحمد: اسكت يا ولد ياقليل الآدب ود على: يا حاج أحمد هو أى زول أسود عبد حاج أحمد:طبعآ العبد عبد والسيد سيد ود على: حسن ود عمى قال نحن لمن نمشى أى دولة من الدول العربية بيقولوا علينا عبيد للمرة الثانية يسأل هيثم يعن ايه يا بابا عبيد؟؟؟؟ حاج أحمد: اسكت يا ولد يا قليل الآدب وأنت يا ود على باين عليك من كلامك ده إنك بقيت زول كافر ود على: يا عمى ما تقول الكلام ده هو المايمشى يقاتل فى الجنوب يبقى كافر الجنوب ده ما فيه مسلمين ؟؟ فى هذه اللحظة يسأل هيثم للمرة الثالثة يعنى ايه يا بابا عبيد ؟؟؟؟ حاج أحمد: اسكت يا ولد يا قليل الآدب أسمع يا ود على الما يمشى يقاتل ملحد وكافر ود على : طيب يا عم أحمد أنت ما مشيت تقاتل ليه؟؟؟؟؟؟ حاج أحمد: يا كفره يا ملحدين لمن نحن نمشى نقاتل البيلم ليكم خير البلد ديه منو .
05-22-2007, 11:25 PM
سلمى الشيخ سلامة
سلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754
اغتسل الآن فى نهر التسامح علّ الغائب يعود ، اعود الى مجرى النهر اسأله : هل ؟ لا يجيب النهر ، امضى مع تياره ، اتذكر الآن بوضوح تلك الاماكن ،احاول جاهدة ان لا تخرج من ذاكرتى ، لكنها تمضى مع غيابك آخر مرة قلت لك الانتظار ممل ، لكنه طال هذه المرة 0
اغتسل مرة اخرى من نفس الماء ادلقه الآن الى كل روحى وجسدى ،الى شئ ما كنت اهفو ، لعله صوتك ، لكم غابت عنى ملامحه ، هذه المرة اغتسل فى نهر لا ترد دعواته
05-22-2007, 11:49 PM
سلمى الشيخ سلامة
سلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754
قال لها بالأمس تأوب طيفك زائرا، همس لى أن اقترب اقتربت، قال أكثر وحين حاولت أن أقبض عليه ،كان خارج أسوار حلمي تيقنت حينها أنى احلم ضحكت قلت: ـ بالأمس تأوب طيفك ولغدي آتيك، فأنت نبع حب فجرته الأحلام، أتته الطيور، طيور الفرح، ثم طارت حطت ثم طارت ، ثم فى طيرانها غنت لك ـ يا أنت يا سنبلة فى حقل حب نبتت يا فتاتنا انهضي كل الأمور هانت ـ أنجيلا كانت أنجيلا ذات الثمانية عشر ربيعا غضة، لها جيد مزين بالسكسك وشعر أجعد، مفصدة الجبين لكثرة الهم، رغم أنها صغيرة، مع ذلك دلك ظلت دوما مبتسمة ، هيفاء لونها الأبنوس فى بكارته ،بدرجة ليلية حسن كان اسمرا، لفحت الشمس لونه ، فارع كالنخل ، وجهه حلو المقاطع تحس انك تعرفه منذ الأزل ، لسماحة محياه وتلقائيته يداه المعروقتان كانتا تحملان طيبة وسماحة حين يمدهما لك مرحبا، تحيته تمنحك الامان يلفت انتباهك انه كان يلبس فى معصمه الأيمن سوارا من العاج أهدته إياه أنجيلا عقب ثاني لقاء لهما فيما أهداها طرحة كاملة من السكسك المطهوم بالعاج فى لقائهما الثالث قال لها: ـ أنجيلا ـ نعم يا حسن ؟ ـ تعرفين، حالك هذا المساء اغتراب، ما بك ؟ لقد صار جسمك أكثر نحولاوجهك شاحب، هل ؟ ـ الا تدرى يا حسن ؟ لقد حدقت الطيور بالامس بماء النبع فانتهرها الحارس وأبعدها عن شاطئ الحب، صاح فيها
ـ طيرى لا تشربى ولا تغنى ، قلت له: ـ يا حارس، يا أمين ، هذى الطيور صديقتي ، ـ قال: اصمتى فأنت تبدين كعجوز تئن تحت وطأة الهم والحنين ما لشعرك، ما لجمالك يزوى هكذا ؟هل انتى مريضة ؟ ـ قلت له : احمل عنى بعض همي برغم كل شئ ادعوك الآن لنغنى ، غنى لى ـ هل سالتيه عنى ؟ ـ لقد كنت أنت من حادثني، غنى لى: ـ يا حبيبتى ياصغيرتى التى تتزين بالسكسك والعاج من أين اتيتى ـ من الطرف الآخر للنهر ـ هيا يا فتاتي إلى تلك الساحة الواسعة لنتمدد على الأرض لننام، نوما كالموت وعند بزوغ الفجر نذهب ـ علينا أن نفعل ذلك الآن ففي الفجر سنؤدي فروض الأرض والزراعة ـ حينها عليك أن تحدثي امك أن تترك لى نصيبي من المريسة لحين عودتنا من الحقول لم يدعها تنام فلقد كان محتشدا بالفرح غنى لها وهى رقصت، بل رقصا معا وتبللا بعرق مر، وتمددا ملتحفين بالسماء ، أشرقت الأرض بهما معا ـ حسن انهض سنذهب معا ـ طبعا يا أنجيلا
كانت قريتهما فى الطرف الآخر لمدينة ملكال حيث تغطى أشجارالدليب المنطقة التى يقصد فيؤها العابرين فى طريقهم إلى المديرية أو الملكية، أو حي الجلابة، يلتقي العابرون بعابرين آخرين فيقترحون اللعب، خاصة إن كانت ليلة اكتمال القمر ، ليلة تسبح فيها الحياة بلا وجل ،كما قال حسن لانجيلا تلك الليلة : ـ تعالى نتحد فى جسد واحد كما تتلاقح أشجار النخيل تعالى ـ سأذهب ، علىّ أن اذهب يا حسن ـ ستذهبين الى الدليب هيل؟ ـ نعم علىّ ان الحق السوق ـ كوني حذرة فهذه الأيام يمر صيف قاس والأرض كما تعلمين جافة، الخريف ان لم تنطلق بشاراته فان شقوق الأرض ستتسع وتبتلع من خطا فيها، خذي حذرك، راقبي الأرض جيدا مع السلامة ـ حسن ـ نعم ـ لا شئ سوى انى تذكرت أيام الصبا، حين كنا صبية نلعب فى ضفة النيل نأكل ثمار الدليب ـ يا بنية، تلك أيام بطعم حلاوة ومرارة الدليب ترى هل تعود ؟ كنا نندس بين الأشجاروالاعشاب الطويلة فلا يرى احدنا الآخر، نلعب دسوسية نتقافز بين الأشجار فيجرى دم الحياة حلوا بين عروقنا، نمتص حلاوة الدليب بعد نزولنا عن الشجر، رغم مرارة الدليب النيئ لكننا كنا نستعذب طعمه لا صبر لدينا لينضج، ماذا يا أنجيلا ما بك تتبرمين ؟ ـ لا أتبرم، لكنا كبرنا على تلك الألعاب، صرنا مثل العواجيز نمضغ الذكرى ـ لا تقولي كبرنا، لا ياانجى سنظل أولئك اليفع، سنلعب حتى بعد ان يجئ أطفالنا، وسنلعب معهم لنحفظ ارثنا من الاندثار، يا حبيبتي تعرفي كم انى متفائل ، بك وبنا معا ، بكل شئ ـ أخشى ان ـ ماذا ؟ ـ ان ياتى خريف مفزع هذا العام ـ هل بتي تخشين صوت الرعد ؟لقد تربينا على صوته ، أتذكرين ذاك اليوم حين هطلت الأمطار وكنا نعدو باتجاه البيت ، كنت أعدو بخوف أكثر منك كنتى تضحكين منى وتشيرين الىّ بقولك ( يا جلابي ما عندكم رعد هناك ؟) لم أكن أجيبك، بل كنت أجرى، أجرى، وكنتى تمعنين فى الضحك ما بك يا انجى ؟ وجهك مترب من الخوف هل تودين ان تبكى، أبكى، أبكى فالبكاء مفيد انه ينشط الغدد، دعي دمعك يجرى، لا تخافي، سأمسحها لك ـ لكنى خائفة خوفا غريبا ـ الهذا الحد ؟ ـ بل أكثر يا حسن، أخشى ان يداهم السيل القرية المجاورة ـ متى سيحدث ذلك لا اعرف لكنى احسه ؟ ـ لا تخشى ـ قل كلاما غير هذا، فالفيضان حين يجئ يا حسن، أنا خائفة ـ دعك من كل هذا وتعالى نغنى ـ خائفة ـ من الغناء ؟ ـ حسن كن جادا مرة ـ هيا حبيبتي اضحكى، وتعالى ننشد نشيد الميلاد، تعرفينه ؟ غنه لى فصوتك عذب حين تغنيه، اعرف انك تتألمين الآن ، لكن هذا لا ينفى ان ننكر أحزاننا لبعض حين ، ونبدأ أفراحا مجترحة ، فالفرح أجمل ، قولي معي : ـ فى ليلة الميلاد اكتب للحنين المسافر فى طائرات الفرح للجنين الذى سيأتي من ركام مخاضنا سلوى شجرة تماسكت فروعها قويت جذورها ضاربة فى عمق الأرض قويت جذورها وناغمت أغصانها لنا ـ احبك ـ احبك يا حسن ـ أين كنتى تخبئين هذا الغناء العذب ؟ لمن كنتى تخبئينه ؟ولمن كنتى ستغنيه إن لم يكن لنا ؟، اسمعى اغنيتى الآن : افتحى قلبك أتيتك بنبض الحب ها أنا ذا تخب اليكى خيولي وتقرع طبولي وتقرع روحي طبول اللقاء وحين التقيك ينأى قلبي عن موقعه فإذا ما هللتى ادعوكى ان تفتحي باب المنى لأبيح الهوى وافتح روحي على ضفتيك ـ تعرف يا حسن ؟ قلب المرأة ينازع طويلا لكن لا يموت، هكذا كانت تقول امى آه منك يا ولد يا بلد، يا بحار يا خرائط يا أنت كيف دخلت عمقي ؟ دخلت رواكيب روحى فأسندتها بجزعك اعرف أنها لن تهوى فهي تعريشة من الوهج الوضئ (شفت كيف) امتلئ الآن بك الآن،( انت مافى ، وانت فى ) ولو خطر ببال الزمن مرة انى أكون بعيدة عنك حاموت حرقة، حرقة اموت لمن ما أشوفك يوم يا حسن أرأيت كم انى مكتوبة لك قرأت ذلك حين التقينا أول مرة حين دلقني القدر الى دربك يا دربك يفتح على قلب السؤال قلب السؤال مفتوح على قوس الحياة يا حياتي ـ يا أنجيلا ـ عيون الرؤى عندى ـ اقعدي هنا، مكانك القلب ـ سأقعد فى ظل خطاك، ليس ضعفا، لكنى اعلم انك ستجنبنى متاهات الملل، لا تغب عنى لانى لا احب الانتظار ـ هيه يا أنجيلا ، أنا حسن الذى أعرفك ـ احبك
كان اليوم التالى ماطرا كما توقعت أنجيلا، الأطفال والنساء كانوا يعاركون الماء والرياح، يصدون الماء فى تفان نادر، فاق طاقتهم، الرجال كانوا يضعون المتاريس المملوءة بالرمل كان الجميع يعمل طوال الليل ليقي أهله الطوفان بدا الليل طويلا كأنه ألف عام ملكال بدت كنسوة توحمن على الارتعاش، كل شئ كان مائدا تحت وطأة المياه، حتى الدليب صعب عليه المشهد، فانحنى ومادت سيقانه تحت ضربات المياه، بدت الأحياء كبركة كبيرة تطفو على سطحها البيوت المبنية من القش والطين فلا تتبين منها سوى التاج الظاهر للرأس، يا للمكان، خفت كثيرا من ذلك المشهد، فبعد ان تذهب المياه سنكون أسرى البعوض، والحشرات التى ستفتك بالأطفال والكبار، وستحل الكارثة التى قرأتها أنجيلا قبل حدوثها المكان لم يعد هو نفس المكان الجداول الملأى بالمياه كانت كالشوك الذى ينغرس فى كعبك، فلا تعرف أين هو لتخرجه، كل شئ بات خرابا، الآن لا ترى سوى الخيران الصغيرة التى كانت لا تراها الا شقوقا ـ خرج الجميع يا حسن ، بدا الفيضان وحلت الكارثة ، لم يحسب احد حساب ذلك ، لكننا كنا يد واحدة ، يد واحدة بلا اهتمام للون أو عرق،حين صارت البلاد بلا عماد ، كنا أعمدتها ،حين أفلتت الشوارع بالماء ، كنا من صدها ، ماء ، ماء ، كل أبقارنا كانت تحت سطوة الغرق ، الأطفال ، الكل كان يصارع الطوفان ،النهر بدا الها وأطفالناوابقارنا كانوا قرابينه ، هذا طفل جاك ، وتلك بقرة آمنه ، وهذا طفل ،يا إلهى يا حسن ، مشهدهم وهم يتدافعون للنجاة وما من مخرج يقطع القلب ، لم يكن من مخرج سوى الدوامات تلتهمهم ، النساء أيضا حملتهن الدوامات كانت أصواتهن تصم الآذان وهن يطلبن الغوث ، سيل جاء ، لا تنامي أيتها العين ، كيف تنام ؟ والنساء يتقاطرن بلا انوثة، تركنها فى سبيل النجاة فدى للأرض، وان عشن فللفرسان فى الغد، صهيل الغابات، كان متوحشا، كان الصوت عاريا عاليا، لم أ سمع مثل ذلك الصوت فى حياتي، حتى صوت الريح كان غريبا، أصوات ما سمعنا مثلها من قبل، لا رعد كان يشبه الرعد، ولا البرق كان مثل بروقنا المعتادة ماذا أصاب السماء ؟ لابد ان شيئا ما حدث انزعج له الكجور فغضب منا مرسلا جحيمه، ربما، ليعظنا ـ لا ازعم ذلك يا انجى، دعينا نفكر فى كل شئ بروية، الأطفال ـ عن اى أطفال تتحدث ؟ لقد جرفتهم السيول ، اى أطفال ؟ جيمس سمانى أكول، كوال، كلهم يا حسن، كل عيال الحلة، حاولنا إنقاذهم، لكن السيل ما ترك لنا مجالا ناديتك فلم تأت، لم يكن معي احد، لم أجد حبلا لأربط واحدا منهم، ولم يكن ثمة جبل نستعصم به من الماء ، انه الطوفان يا حسن مدوا الىّ بأيديهم الصغيرة ضفائرا ، لم استطع جدلها جرفهم السيل يا حسن يا للمساكين آه لهم ـ لا يا انجى ، لا تنكفئ الدنيا هكذا ، لا ترقصي رقصة الحمام المذبوح هذى ، تماسكي ،ألغى الطفولات الغبية من على كاهلك ،احرقيها ، لتتبرك الغابات باللهب الصغير ، لن تكون هذى آخر المحطات ، رغم قسوة الظرف الآن ، لكن هذى ليست آخر المحطات ، لا حداد ، لا أضرّحة ، ـ رنين صوت الصراخ فى روحى ،الدم ومشهده فى قلبي ينطوي على الم لن يبار حنى حتى الأبد لم تكن النساء تزغرد ، بل كن مرعوبات يزغردن للبيوت الا تميد ، وتهاوت مع ذلك البيوت كالأناشيد الرديئة ،لم يعد من شئ سوى الفضاء ، والوحشة والحزن ، لقد رحل الأطفال ، رحلوا مطعونين بطعنات الماء الغادرة حالهم الآن بين فكي التماسيح والأسماك التى اعتادت الى أكل بعضها ، كل ما أخشاه ان تنهد الأناشيد التى كنا سنغنيها ، والتى غنيناها ـ لا يا زنبقتي، لا، سنمد ظلالا جديدة أشهى من كل الظلال، سيشملنا ظلها باجمعنا، فتعالى نعبر المحنة للضفة الاخرى، ثمة مراكب تنتظرنا لنبدأ من جديد، هيا اضحكى فمن وجهك تنسل الابتسامات باتجاه العالم، يا لملامحك حين تنتصب بالفرح وتتفصد على جبيني ملامحك ـ ما الذى يضحكك الآن ؟ ـ تذكرت يوم كان نستحم فى تلك البركة، كنا صغارا، تلك البركة التى تجاور غابة الدليب، كانت مقطوعة كنبع غادرته الاوزات، وحدنا كنا ، لا ثالث لنا ، ثم نمنا بعد ذلك الى طرف البركة ، فكرة كانت الجنون بعينه ، مع ذلك حلمنا حلما واحدا ، حلمنا بالرحيل الى هناك ، حيث حدائق الوجد الحميم براكين الحقيقة ، اخذتنى اليكى ، وأخذتك الىّ وظللنا نطفو على أمواج ذلك الحلم كنا كشجرة ضوء ، لقاءا لا ينفصم ، زهور للحياة ، توغل فى دمنا معا ، فتحت أكمام ميلادنا ، قلت لك ، ثمة أطفال سيأتون ،وان فيضانا آخر سيحل ، لكنه ، لن يجرفنا ابدآ ، وسنغنى دائما معا : ـ من الطرف الغربي للنهر أتيت تعالى لننام هنا، فالوقت جن الليل عسعس وعند تنفس الصباح ننهض لنرتق ما خربته يد النهر
الخرطوم/1989
05-23-2007, 07:47 AM
يحي ابن عوف
يحي ابن عوف
تاريخ التسجيل: 05-25-2002
مجموع المشاركات: 6335
الواقع فى أرض الشمال يحي بنعوف صديقنا محمدأحمد ود الرزوقى تربال بسيط برنامـجه اليومى معروف لدى كل الناس حاله كحال كل أبناء الشمال يقوم فى الفجر يتوضأ ويصلى ويستغفرربه ثم يشرب شاى الصباح باللبن ويتوكل على الله ويشيل طوريته ومنجله ويتدلى على الساقية يدور بابور الموية ويقعد يقرع فى مويته من حوض لحوض أما زوجته بنت إدريس فتآتى له بالفطور فى الصباح فطاره المعروف القراصة والسمنة وتيرميس الشاى أما فى الغداء فكانت الكسرى والملاح وعندما تأتى الساعة الثالثة عصرآ يحمل محمد أحمد منجلة ويحش قش الغنم بعد أن يكون قد أوقف بابور المياه ويحمل قش غنمه على حماره المعروف ثم يحمل الطوريه والمنجل ويرجع فى المساء إلى منزله فيجد زوجته بنت إدريس قد جهزت له شاى اللبن فيشربه ويخرج ليتسامر مع أصدقائه على ضوء القمر وبين أحضان الرمال لم يحلم يوم من الأيام صديقنا محمد أحمد أن يكون له عربية خاصة أو أن يكون وزيرآ أورئيسا كان كل ما يحلم به هو أن يذهب إلى الخرطوم ليرى الكهرباء ومويه الدش والعمارات الشاهقة كان حلمه بسيط لا يبعد عن قدميه بضعة أمتار وذات يوم قرر أن يذهب إلى الخرطوم لزيارة أقاربه وليمتع نظره بأحلامه البسيطة فتوجه إلى كريمة حاملا شنطته الحديدية وبداخلها ملابسه وقليل من التمر والمنقه للأقارب بالخرطوم ثم ركب القطار وبعد أربعة أيام وصل محمد أحمد إلى ابن عمه بالخرطوم بحرى وجلس يحكى لابن عمه عن المصاعب التى واجهته بالقطار وعن الأحوال التى تمر بها البلد فى المديرية الشمالية وقال أن كل شىء بقى بالسوق الأسود وما فى وفجأة أنقطع عن الحديث وظل شارد البال بضعة دقائق ثم سأل ابن عمه أنت المصانع وقفت فى البلد دى ولا شنو ضحك ابن عمه ضحكة عالية فقال له هو فى مصانع الأن مع ناس الجبهة دى ما كل حاجة انتهت يا محمد أحمد . محمد أحمد: ياحليل أيام زمان وقت الزمن زين وقت كنا صغار بطينين كنا لا نعرف جروره ولا سداد دين ولا نعرف عشانا بيجوبوه من وين
ابن العم كدى سيب الغنا يا محمد أحمد وقوم أستحمى وأرتاح شويه علشان بكره أنا أوديك لناس عمك وأولاده تسلم عليهم وتأخدلك يومين معاهم محمد أحمد أنت ما داير تنـزل تفسحنى ولا شنو ابن العم كدى أمشى أخدلك يومين مع عمك وبعدين أجى أفسحك وفى اليوم التالى توجها إلى أمدرمان هو وابن عمه وفى الحافلة المتوجهة إلى أمدرمان ظل محمد أحمد ينظر إلى العمارات والبنوك الاسلامية المنتشرة فى كل الخرطوم وظل ينظر ذات اليمين وذات الشمال
فقال يا ود العم صاحبى السر لمان جى زار الخرطوم وقعد يحكى لى عنها قال لى أن فى بنات لافات فى الشوارع زى الغزلان أناحاليآ ما شايف غزلان شايف لى تيوس لافه فى الشوارع الحصل شنو فى البلد دى فجأة يسأله الشخص الذى يجلس بجواره فى الحافلة: أنت من وين ياود العم؟
محمداحمد: أنا؟ انا من الشمالية. الماعاجبك شنو فى البلددى؟
محمداحمد: والله الحال أتغير كان فى الخرطوم ولا فى الشمالية أتغير أنا ما كنت فاكر البلد دى بالطريقة دى .
ابن: العم يا محمد أحمد أسكت يأخى.
بعد نصف ساعة وصلت الحافلة إلى المحطة الوسطى أمدرمان فنزلا من الحافلة وفجأة أستوقفهم صديق لابن عم محمد أحمد وبدأ يتحدثان عن العمل فى الخليج بعد أن أحيلا إلى الصالح العام وفجأة التفت ابن العم لينظر إلى محمد أحمد فلم يجده وظل كالمجنون يسأل كل الأشخاص حوله وينظر ذات اليمين وذات الشمال كأنه ذهب مع الريح فذهب إلى قسم الشرطة وبلغ وذهب إلى المستشفيات فلم يجده ورجع إلى منزله يائسا وفى اليوم التالى فتح ابن العم الصحيفة ليتصفحها مع كوب من الشاى فى الصباح فرأى صورة محمد أحمد فى الصفحة الأولى فأستغرب وأستعجب وفى لهفة بدأ يقرأ فى الخبر القبض على زعيم خلية من خلايا الشيوعيين فظل يضحك ويقول هذه زمانك يامهازل فامرحى هذه زمانك يامهازل فامرحى .
05-24-2007, 08:00 AM
يحي ابن عوف
يحي ابن عوف
تاريخ التسجيل: 05-25-2002
مجموع المشاركات: 6335
الاخ ابن عوف، عوافي مشكور كمية شهور على هذا البوست اليتيم الذي يبحث عن القص والسرد والاقاصيص، طبعا كل ما له علاقة بالابداع يصبح طفل يتيم في هذا المنتدى، لكن اسمح لي لو سمحت بانزال هذه القصص القصيرة ارجو منك ومن الاستاذة سلمي بت الشيخ السلامة وبقية الزائرين ضرورة التعليق- نقديا-عليها بدون مجاملات، براكين المحبة والود لكم:
05-24-2007, 01:56 PM
محمود الدقم
محمود الدقم
تاريخ التسجيل: 03-19-2004
مجموع المشاركات: 10984
الجامبو: حدقتُ في المراة كعادتي منتصف كل ليلة قمرية عندما يتقاطع برج الجدي مع العذراء، ويا لهول ما رايت صورتها للمرة الخامسة بعد الالف في اسبوع واحد، وهي تتلفح ثوب ثلجي ابيض، وثغرها يشي بابتسامة مجروحة مثل وتر كمنجة مبتور، ناولتني تفاحة من البلاسيتك من بين خلايا المرايا المحدبة، تهندمتُ وسكبتُ عطر ون مان شو على وجهي الممزوع اللحم ، وارتديت بذلتي الصفراء مع قميص احمر ثم ربطتُ ربطة العنق وابتسامة جانيية تعلو بقايا عظام الخدين، فبدوت مثل جنتلمان. اندفعت خارجا، ليستقبلني نسيم الليل البارد، سكان العمارة اطلو برؤوسهم وبصدورهم الشبة عارية، وهم يهتفون باعلى صوت، لا ترسم الزهرة على حدق الليل، لا تعزف مقطوعة الحزن على سفمونية العتة، حذار من وطاويط التأمل، نظرتُ اليهم بلؤم وانتصفت الشارع العام، لا شيء سوى القطط الضالة والكلاب، وبراميل القمامة الكبيرة وهي تغازل عفن اكياس النفا يات الطافحة مثل بهق جلدي، مثل بثر في ظهر اجرب، وسيارة شرطه تسير على مهل كأنها سلحفاة دب فيها مرض الخرف، على يميني يمتد الطريق عبر بيوت القرميد المتراصة مثل اسنان كلاب البادية حتى ينتهي بمخفر للشرطة، وعلى يساري تتكيء مصانع الخشب والحديد الصلب مع بعضها البعض، كنسوة في مأتم جنائزي، حتى ينتهي بي الطريق نحو المطار، وسلكتُ اليسار، في البوابة الرئيسية للمطار اهداني رجال الامن مسدسا ضخما محشوا بجماجم عيال، وابتسمو لي ابتسامة ابليسية، دلفتُ نحو الداخل، اهمهم باغنية قديمة مطلعها: (اعزف لي حزنا صيفي ودع القمر يرقص حذاء الشمس). حدقتُ في الشاشة الضخمة الكبرى داخل صالة المغادرة ، كانت تبرق بالوان مختلفة زرقاء، ، بيضاء، رمادية، ايذانا بمواعيد رحلات الطائرات، تماما مثل حديقة جن، قهقهتُ بصمت مدوي ثم دلفتُ وحدجت رواد الصالة الضخمة كانوا يبتسمون لي في حب ابله قبل ان اخطوا نحو طائرة الجامبو الضخمة الميممة نحو الغرب، رجل الامن يراقبني من على البعد ويشير الى بأن تقدم فالطريق سالكة، ابتسمتُ له وانا ارسم بابهامي وسبابتي اشارة النصر، مدرج المطار كان كبيرا وبدا لي بعيدا، صرخت في وجهي سائقة البص المكتنزة الجثة الذي يقل الركاب من خشم الصالة الى سلالام الطائرة: اصعد يا ملاك الحلم، اصعد!!! ابتسمت لها وانا اشير نحو دراجة هوائية نكاية لها بانها بديلي الموضوعي، ووصلتُ اخيرا سلالام الطائرة، تحسستُ المسدس الضخم من بين ثنايا ملابسي كان يطل براسه وهو مضطرب ترقص الجماجم بداخله محرضة ان انهي المسألة ودعنا نعود الى حديقة اللعب واللهو اللذيذ، انتظرتُ قليلا حتى استوى الجميع بالداخل، ام تعانق طفلها، واخرون يصفون حقائبهم على سقف المقصورة الطويلة الممتدة مثل امل الاحمق، واخر يقرأ في الانجيل، وانا اتبسم، ثم طفقتُ امسح نوافذ الطائرة بقعر المسدس، نافذة تلو الاخرى، واحدة تلو الاخرى، حتى وجدت نفسي امسح زجاج كابينة القيادة الامامية فرأني الكابتن هكذا على عينك يا راجل، وفجأة اخخخخخ هجم على الكابتن ودوت صافرات سيارات الشرطة، وانهمرت سيارات الاسعاف مثل المطر، والصحافة، وانا ابتسم مثل مضيف الطائرة، واعادوني بهدؤ من جديد الى غرفتي في مستشفى الامراض العقلية والنفسية، وفي الليلة التي تليها حدقت في المراة كعادتي منتصف كل ليلة قمرية عندما يتاقطع برج الجدي مع العذراء، وجاءتني صورتها من جديد.
05-24-2007, 01:59 PM
محمود الدقم
محمود الدقم
تاريخ التسجيل: 03-19-2004
مجموع المشاركات: 10984
لملمت بقجة ثياب الرحيل من دولاب الحزن، حدقت في فضاء الحجرة اليتيمة، كان الذهول يطل عبر نوافذ الفراغ، والسقف يئن تحت براح الوداع، المرايا الموغلة في احشاء الحائط، ضجَت في ذهول، وصرير الرياح يطرد امامه ذرات الرمل الصحرواي من فخذ الصحراء الى عمق الجرف، الوقت بين ظهيرة اليقين ومساء الانتظار، ستبحر اللحظة الى السماء، فقط فليسترح ملك الموت، لماذا ياتي الى البشر والكائنات؟ ربطت حبل الحياة السري في السقف حيث المكان المخصص، اشاحت ببصرها في بكارات الغرفة العذراء، العطور، دفاتر الحزن، خطابات الوعيد الكاذب، تذكارات لفجر ابى ان يشرق. اشعة شمس تكسرت ذرات غبارها المتسرسب على الواح الضجر، لوحة لطيور النورس تودع قارب صيد بين الامواج، نافذة تطل على حقل مفتوح على الترعة، مذياع تصدح منه سمفونية حزينة، نظرت الى المرايا النظرة الاخيرة، فرات نفسها، بنت الاربعة وعشرين عاما، طويلة القامة، حنطية اللون مثل قمح الحقل، نحيفة مثل كمنجة الغجر، شاحبة الوجه مثل يافطة مقبرة لم تكتمل، اخرجت صورته الفوتوغرافية من احد ادراج الخزانة، وضعت البرواز النحاسي مقابل الزهرية التي فارغت الحياة زهورها، ثم جرجرت الكرسي الوحيد على مهل، كررر،كررررررر، حتى اصبح تحت رحمة الحبل المتدلى من السقف،وسط الغرفة، وعلى مهل صعدت، و صعد معها الصمت، كانت قطتها (لولي) تموء في حزن بين الفينة والاخرى وهي تتمسح بين قدميها، تتوسل اليها ان لا تفعل ذلك، لفت الحبل على عنقها، ثم ..ثم.. ثم دفشت الكرسي جانبا واصبحت معلقة بين سقف الحقيقة وارضية التيه، و..و.. و سقطت من كفها ورقة حمراء كتب عليها (حماد..مبروك..الحياة لعنة.. الافق يموء بقطط العذاب.. الوداع- الامضاء- سين- اميرة العذاب).
05-24-2007, 04:35 PM
محمود الدقم
محمود الدقم
تاريخ التسجيل: 03-19-2004
مجموع المشاركات: 10984
3- *الطريق الى قبرص انسل القارب من بين صخور الشاطيء نحو الماء البارد كتمساح استوائي يفض عذرية الموج الهاديء غير عابيء بسدنة الليل في الامتدادات المهيبة والانجم المبعثرة كحبات خرز في كف شيخ عراف مسن،كانت الساعة تشير الى الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل بتوقيت بيروت، اربعة عشرة رجلا وسبع نسوة، قبرص جنة الشمس الدافئة والامان والطمأنينة، او قاع البحر والديجور، من منطقة الاشرفية ببيروت الشرقية تسلل الفان (الحافلة)، قعقعة الرصاص تسود المكان، الظلام اميرا على الفراغ، متاريس المليشيات المسلحة كالفطر البري منتشرة تسد الطرقات والازقة والحواري ومداخل الطرقات، القناصة في جنون يبحثون عن فريسة يمارسون فيها الموت المجاني، العمارات، البيوتات، اسقف المحلات، تعبق من دواخلها روائح الحريق او اللهب، الافق كان شاحبا كوجه شحاذ منهك، القمر شبه مستيقظ نصفه يطل على مساءات بيروت ونصفه الاخر احتجب خلف سحب الحزن الرمادية، والنجوم سادرة في الفضاء لا تلوي على شيء، القنابل تمزق بكارة الصمت من هنيهية لاخرى، سيارة الاسعاف (الفان) تنطلق بنا نحو الجانب الاخر من المقتلة، بداخلها كنا، اربعة عشرة رجلا وسبع نسوة، المكان مكتظا مثل سبيطة بلح، مثل قندول زرة، مثل منحلة نحل، مثل هم في قلب مراهقة، قبرص هناك خلف الشمس المقاهي تنضح حيوية، الليل له ألقه، السهر حتى تنعس النجوم وتتكيء على كتف الفجر.
مسح شاهين دمعة اندلقت على خده، قبل خمس ايام القى النظرة الاخيرة على جثة حسين ابن عمه المسجية في مشرحة المستشفى، مات فجأة اثر نوبة قلبية لم تمهله طويلا ذهبت بشبابه الى ما خلف الدنيا، حيث الراحة الابدية، (لا تحزن يارفيق.. الموت ما هو الا سكون للحركة، تَرُجل فرد في القافلة لا يعني نهاية الكرنفال) الهام الفلسطينية وهي طبطب على كتف شاهين في مشرحة المستشفى، (شو بِنا يا رفيق، خييك بالنهاية شهيد كان معنا في صلب القضية، كان ضاحكا في وجه القذائف بمحور مدينة صور جنوب لبنان، لا يعبأ الموت، تبرع بدمه كان شهما اي والله..) كان كلام الهام يتنزل عليه من بعيد كانه منبعث من قعر بئر الالم والحضور.
لولا لطف الله لاطلق قناصة طريق المتحف النار بلا رحمة علينا كم هي محظوظة سيارة الاسعاف اللعينة،( فان) الهروب الاكبر من موت بالرصاص الى مصير مجهول،مصير ابتر نكرة كقناع لاعب بهلواني في حديقة اطفال، (انت لعنة يا ابوالهول) انحرف الفان -الحافلة- تحت جسر البريبر في اللحظة القاتلة من الزمن المستقطع من اعمارنا، (انها بركات الامام ابا عبدالله الحسين) هتف ابوعلي العراقي النجفي لخَلاصنا، وتناسى المسكين اننا في اجواء الحرب الاهلية اللبنانية، عايزة ماء، عايزة ماء، عايزة ويس.....، ربت شاهين على كتف (مايا) التي كلما داهمها الخوف تهرب الى الشراب كي تستكين اهديء يا بنت الحلال.......، ساد الصمت حيناً،ثم بدأ الهرج والضجر يعم الحافلة (الفان) فالتفت اليهم المعلم دعيبس: بادرهم - اصمتو يا اولاد ال(.......) وبعد برهة اتم علي دعبس اللبناني صاحب مشروع الهروب الكبير من لبنان الى قبرص، (اصمتو يا اولاد الحلال، هلق بتحس فينا الدوريات العسكرية او المليشيات وبطخونا بالنار، ثم موجها حديثه الى الشوفير -السائق- ابوالهول الفلسطيني من فين بدك تروح هلق -الان-؟ -(راح بنكفي من جوى بنروح على طريق البربير بالقرب من مستشفى المقاصد الاسلامي، وبعدين حد تعاونية صبرا بننطر -نتنظر- شوي بس بتمرق سيارة تاكسي بضوء مرتين معناه الطريق سالكة ساعتا بنروح دوغري الى منطقة بئر حسن، وبعد ذلك الى جسر السلطان ابراهيم، هناك في حاجز تابع للمخابرات السورية، بس ما تخاف، اصحابنا ديل اصحابنا اهم شيء الله يرضى عليك انتبه لي على الاربعة كيلو.
في احد المنازل المهجورة وتحت الارض بين انقاض البنايات التي مضغها الرصاص، انسللنا اثنين اثنين، عباس وعبدالرسول المصري، معتز وعمر (ابضنين)، عمك ادم وفتحي (الملقب بحمار النوم)، فدوى الفلسطينية و ابو علي العراقي، الهام و ادروب، انا ومجاهد مولانا، عادل ومولودي الجزائري، وهكذا نزلنا كانت اصوات قذائف الهاون تنطلق من جبل الشوف تجاه بكفيا في بيروت الشرقية، بينما لعلعات الرصاص تبدو قريبا منا، ربما في منقطة عين الرمانة والشياح، الحد الفاصل بين بيروت الشرقية والغربية، اخذ دعيبس يعيد في تعدادنا، واحد، اثنين، تلاتى، اربع، خمس، لييك انتا اقعُد هوون ما بدنا حكي يا عمي. نظر شاهين الى ساعته البلورية حول معصمه كانت تشير الى الثانية بعد منتصف الليل بتوقيت بيروت، ثم حدق في التاريخ فكان الرابع عشر من حزيران عام 1982م ثم دوى انفجار ضخم.
*جزء من قصة قصيرة بعنوان (الطريق الى قبرص) من ضمن مجموعتنا (درب النمل) مخطوط
05-24-2007, 08:53 PM
يحي ابن عوف
يحي ابن عوف
تاريخ التسجيل: 05-25-2002
مجموع المشاركات: 6335
العزيز محمود الدقم مرحبا بقلمك معنا هنا قلنا نراجع ذكريات الماضى مع بت الشيخ سلامه أيام الواحة الجميلة فى الصفحة الثقافية بصحيفة الأتحادى الدولية
الفكرة هي جمع أكبر عدد من الأعمال القصصية النقد مدرسة تحتاج لإدوات كثيرة ، ولكن على الأقل يمكن لبعض متذوقي الأدب أن يقدموا ولو انطباعات شخصية وتعليقى رائع وروعتك زائدة
حينما وصلت امام البيت الذى كانت تحمل عنوانة فى يدها المرتعشة كانت خائفة ومترددة الخطى فهى لم تستطع حتى هذه الحظة ان تستوعب ما ال اليه حالها وفى تلك اللحظة مر على زهنها شريط من الذكريات الجميلة ولكن قسوة الوقع والالم جعلها تفوق لنفسها حين سألها بواب العمارة البواب: ايوه ياانسة بتفتشى على ايه
قالت: مدام سميرة ساكنة هنا البواب :ايوة فى الدور الخامس شقة 2
وقفت أمام المصعد بضع دقائق ثم دخلت وضغطت على الزر رقم 5، وهى فى المصعد تملكها احساس بالقلق والتوتروالرهبة من لقاء مدام سميرة فهذه هى أول مرة فى حياتها تضطرها الظروف الى ان تبحث عن عمل حتى تتمكن من توفير مصروفتها بعد ان انقطعت عنها الاعانة التى كان يرسل لهل أخوها المغترب بْاحدى الدول العربية بعد ان تزوج وطلب منها تدبير شئونهها بنفسها وبتردد وصلت أمام باب الشقة رقم 2 وضغظت على جرس الشقة مدام سميرة :هو أنت اللى بعتك مكتب الخدمات
قالت :ايوه انا قالت: لها اسمك ايه قالت :سعاد
قالت: لها مدام سمير اتفضلى حطى حاجاتك فى الحمام تلاقى أشياء المخصصة لنظافة قالت: سعاد مامعاى حاجات عشان اختها غير شنطة اليد
مداد سميرة طيب هتبتدى بالصالون وتنظفى الأتربة وبعدين المطبخ ده عايز نظافة شديدة علشان امبارح كان عندنا عزومة يعنى المطبخ لازم يتنظف كويس وبعد ما تخلصى المطبخ تنظفى غرفة المعيشة وغرفة النوم خاصة الاوضة الأخيرة لانها دى اوضة ابنى هشام وهو مسافر امريكا من شهرين وسوف يحضر غدا قالت سعاد كويس وذهبت الى الحمام لتحضر أدوات النظافة ووضعت شنطة اليد التى كانت تحملها على الانتريه ولاكن نظرت مدام سميرة الحادة جعلتها تأخذ الشنطة وتضعها فى الحمام قامت سعاد واخذت أدوات التنظيف المكنسة والفوطة والبليدج والريشة وبدأت النظافة قالت لها
مدام سميرة :لا حطى داهنا قالت :كويس مدام سميرة :لا سيـبى دا هنا قالت :كويس
مدام سميرة : جوزى ما بيحبش كده ايوه كده احسن كويس طيب سيبـى دا وروحى الاوضه لم تكن سعاد تضع فى بالها ان مدام سميرة امراة ثرثارة الى هذه الدرجة فمافعلت شيئا والا قالت لها مدام سميرة هذا خطأوفى تمام الساعة الثانية ظهرا وفى داخل احدى الاوض قالت لمدام سميرة لوسمحتى انا تعبت وعايزة ارتاح خمس دقائق ايه لا مافيش طريقة اصل زوجى زمانه جاى والاولاد كمان جايين من المدرسة معقول خمس دقائق بس لا اصلى انا ما احبش كده ولازم تخلصى البقى عشان تمشى تروحى قالت سعاد فى سرها خمس دقائق بس ما عايزانى ارتاح فيها استمرت فى عملها حتى الرابعة وحينما انهت عملها دخلت سريعا الى الحمام حتى ترتدى ملابسها وفى الرابعة وربع كانت قد خرجت الى الشارع وفى طريقها الى البيت كانت تحس انها فى غاية التعب قالت لنفسها كاننى كنت فى زجاجة وخرجت منها المهم أنا كده سوف أستطيع ان اضمن توفير قليل من المال حتى يمكننى ان اضمن ايجار البيت وبعد أسبوع أكون وفرت مصاريف الكرس والدراسة فى المعهد وبعد شهرين أكون وفرت وهى تحدث نفسها كانت قد تخطت المحطة ولاكن استوقفها صوت احدى الباعة وهو يصيح ايوه الكيلو اثنين جنيه بس ايوه اتفضلى ياانسه قالت: سعاد للبائع لوسمحت محطة الاتوبيس وين قال: لها البائع تروحى يمين فى شمال تلقى نفسك فى المحطة مر يومان وهى تأتى الى شقة مادام سميرة وتقوم بواجبها فى التنظيف وترجع عند الرابعة مساء وفى اليوم الرابع وعندما انتهت عملها دخلت الحمام كالعادة لكى
ترتدى ملابسها سمعت طرق على الباب قالت: نعم ايوه قالت: لها مدام سميرة انتى بتلبسى بدري كده ماشية فين قالت انا اسفه مابقدر اتأخر اكثر من كده لانى مرتبطة فى المعهد وممكن احضر بكرة بدرى شوية عشان اكمل باقى الشغل وأوعدك تانى ماحاقصر فى أى حاجة قالت: سميرة ازاى دانا بدفع ليك فلوس وانتى النهاردة اتاخرتى نص ساعة سعاد: بتدفعى فلوس قصاد عملى وانا ماقصرت بس عندى ظروف ازاى أنت تكلمنى كده مدام سميرة: واكلمك كيف سعاد: لو زعلانه عشان انا اتأخرت نص ساعة خلاص اخصمى نص ساعة من المرتب مدام سميرة: هو أنت هتاخدى حاجة أنت ماتستحقى أى حاجة سعاد: يعنى شنو تعب الايام دى كلها عايزة تاكليوه ولاشنو مدام سميرة: دى أنت مابتعمليش حاجة وانت لما تخرجى من البيت انا وررك بغسل واكوى واطبخ سعاده :وو ايوه لو انتى قادرة تعملى كده جبتينى هنا عشاان اشتغل معاك مدام سميرة: مش ممكن ازاى تردى على كده يابنت سعاده: خلاص اصلك القروش أنت ما عايزة تدينى ليها والوقت بالنسبة لى
تأخر علشان المعهد قالت: لها مدام سميرة اسمعى انتى بكره ماتجيش قالت :سعاده ومن قال ليكى انا جاية هنا تانى ادينى قروشى بس انا اشتغلت معاكى اربعة ايام مدام سميرة: مفيش فلوس امشى ولا انادى ليكى البوليس لم تصدق سعاد نفسها ان جهد كل تلك الايام قد ذهب سدى وفى طريقها إلى الباب وهى خارجة قالت للمدام أنت افتكرتينى انا خدامة لوما الظروف اضطرتنى انا ما كان اشتغلت مع الزيك ده انا خريجة جامعية انتى فاكره انى انا جاية من الشارع بس لو سمحت لو عايزة تشغلى واحدة تانى ما تشغلى واحد مننا نحن القروش ما بتساوى عندنا حاجة لو كرامتنا انجرحت خرجت سعاد إلى الشارع وهى تحدث نفسها ناس ما عندها دم الله يجازى الخلانا نسيب البلد عشان نتهان كده وتذكرت انها لابد ان ترجع لمكتب الخدمات لكى يبحث لها عن فرصة عمل اخرى.
05-25-2007, 05:50 AM
يحي ابن عوف
يحي ابن عوف
تاريخ التسجيل: 05-25-2002
مجموع المشاركات: 6335
دعونا نستمتع فى هذه الواحة الظليلة في ظل القصة القصيرة القصة القصيرة أشبه بالقصيدة الغنائية التي يبثها الشاعر نجواه ولكنها أيضآ أشبه بالمقالة البحثية التي يراعى فيها الكاتب موضوعية التناول ودقة التعبير إذا كانت القصة القصيرة هي فن التركيز فهي لاتحتاج إلى أكثر من شخصية أو ثنتين في موقف واحد في لحظة واحدة ومع ذلك قد يتفرع الموقف فيصير بضعة مواقف وقد تمتد اللحظة فتصبح أيامآ أو شهورآ أو سنينآ ومهما تمادى التفرع والامتداد فلابد من تلك العصا السحرية التي تشبه عصا المايسترو وهي العصا التي تمكن كاتب القصة القصيرة من التحكم في الشخصية والموقف واللحظة بحيث لا تنشز أو تصيب بنية القصة بالخلل وهذا ما يدركه الكاتب الموهوب عن طريق الممارسة حين يصل إلى ذلك التوازن الدقيق بين ذاته وموضوعه
05-25-2007, 08:11 AM
يحي ابن عوف
يحي ابن عوف
تاريخ التسجيل: 05-25-2002
مجموع المشاركات: 6335
بينما كنت جالسآ أمام التلفزيون أشاهد برامج الفضائية السودانية وأستمع إلى بعض الأخبار فجاة ظهر أحد المذيعين على شاشة التلفاز وأشار إلى أن هذه الليلة هى ليلة الإحتفال بعرس الشهيد إستعجبت من هذا الحديث وقلت لأحد الأصدقاء الذين كانوا يجلسون بجوارى لقد أخطأ هذا الرجل كان من المفترض أن يقول إن هذه الليلة هى ليلة تأبين الشهيد فضحك الأصدقاء وقالوا هذه تقليعة من تقاليع الجبهة وبعد ثوانى معدودات ظهرت على الشاشة فرقة موسيقية تغنى شهيدنا سار يا عديلة لى قصرو سار يا عديلة إستعجبت من هذه الكلمات وبدأت أسال نفسى هل من الممكن أن يكون للشهيد المعنى قصر فى الجنة رغم إعدامهم 28 ضابطآ فى شهر رمضان الكريم رغم إعدامهم مجدى ورفاقه ورغم إبادة الأطفال والنساء والشباب فى الجنوب وإعدام وتعذيب وتشريد كل شباب وأبناء السودان بدأت أسترجع شريط الذكريات إلى الوراء وأضحك على هذه الدنيا وتقلباتها وتذكرت الخطاب الذى القاه السيد الزبير محمد صالح والسيد إبراهيم شمس الدين والسيد حاج نور ذات يوم وقالوا فيه لابد أن يموت ثلثين الشعب السودانى ليعيش ثلث واحد ليحكم السودان وكانوا يعتقدوا أن هذا الثلث هو الجبهة الإسلامية وهم فى مقدمتها ولكن أمر الله جعلهم هم من أوائل الثلثين هذه القصة ذكرتنى بقصة صديقنا الذى كان دائمآ يلح ولا يرضى بما قسمه له الله رب العالمين حيث ركب الطيب الأتوبيس وظل يردد دعاءآ واحدآ قائلآ يا ربنا شكها شكها وكان يركب إلى جواره شخص يستمع إلى دعائه وفجاة إنقلب الأوتوبيس ونجا كل الركاب وظل الرجل الذى كان يجلس إلى جوار الطيب يبحث عنه يمنة ويسرة بين الركاب إلى أن وجده وقد كان هو الوحيد الذى مات فى الحادث رغم أن الأتوبيس كان يعج بلركاب ضحك الرجل بأسى وقال مخاطبآ الطيب والطيب جثة هامدة ها أنت وقد رماك الله بايظ ورغم وجه التشابه فى الحدثين إلا أن الطيب كان يبحث عن وضع أفضل له عن طريق ربه وهو الدعاء من الله تعالى إلا أن الزبير محمد صالح و إبراهيم شمس الدين والسيد حاج نور كانوا يحلمون بأن يظلوا مخلدون لقتل الشعب السودان بأكمله ليظلوا هم والترابى وأعوانهم فى حكم السودان ولكن على الباغى تدور الدوائر واللهم لا شماتة فى الموت فهوحق كتب علينا جميعآ
05-25-2007, 08:47 AM
Abdulbagi Mohammed
Abdulbagi Mohammed
تاريخ التسجيل: 12-11-2006
مجموع المشاركات: 1198
.....؟ إنه السؤال الذي يدور بذهني كلما وضعت الهاتف جانبا ، منهياً مكالمة معهم.. الأهل ، الأصدقاء في السودان... سؤال يلف الغمام حول ذاكرتي منذ أن وطئت قدماي هذه الامكنة التي لا تمر دقائق إلا وتذكرني ، تذكرك،تذكرنا، بأنك ، أنني أو أننا نخلة تحاول بشكل بائس النمو في هذا الجليد... لماذا كلما انهيت مكالماتي معهم أحس بهذه النشوة ؟ هل لأنني سمعت صوت هؤلاء الذين أحبهم و عرفت أخبارهم؟.. المفرحة؟ أو.... حتي الغير مفرحة ؟ أم أنها نشوة مبعثها هذه التكنلوجيا التي وفرت لنا هذا وما كنا له مقرنين؟ - - نعم إيلينا ماذا تريدين ؟ - هكذا سألتها . - رفعت ساقيها ..وضعتهما فوق فخذي الأيمن .. تمددت هي على الكنبة ..وضعت رأسهاللخلف وهي تلوك علكتها ، التي هي جزء من حميتها الغذائية ،بهدوء ودندنة ، إنزلقت عنها الفركة التي كانت تلفها حول جسدها..الفركة التي هي و احدة من فركتين إمتلكتهما، الأولي بعثتها إليّ صديقة رأفة بي وخوفاً من أنني لن أتزوج سودانية مما يجعلني افتقد الكثير .. صديقتي التي تزوجت يأساً .. لا لشي يربطها بذلك الزوج فقط لأنها تريد أن تتزوج...بعثتها إليّ من دول الخليج حينما علمت، من أين ؟ لا أعلم ، برغبتي في الزواج... الزواج الذي لم يتم .....تقريباً..و لن يتم طالما انه رغبة لم تراوح إقتراح أسري ملفوف ببعض التعاطف معي . - اخي الذي يصغرني بعامين تزوج ، بل أنجب طفلة أخذت أسمها من صديقتي إيلينا. الفركة الأخرى كانت من صديقي الذي تسللت لشنطته بالخطاء من إحدى الشقق المفروشة التي أقام بها لعدة ليالي بالخرطوم .. يبدو أن عروسة ما نسيتها ،أو، أسقطتها من ذاكرتها عمداً بعد أن ملت من وظيفتها ،وظيفتها التي لم أكتشفها بعد، فعلاً رائحتها تختلف تماماً عن الأخري ، تركها صديقي لي بعد ان إستدرك أن زوجته سوف لن تصدق هذه القصة ، خاصة و انا نفسي ساورني الشك لبعض الوقت. اخر محادثاتي مع والدي قبل أن يتوفي ، كان الموضوع المشترك في تلك المكالمات هو موضوع زواجي، حتي ولو تلك الخادم.. إيلينا، هكذا أبدى تنازله و عدم إعتراضه عليها طالما هذا خياري، فقط علي الزواج رحم الله والدي حكيت عنه لإيلينا . ضحكت كثيراً . رأت صورته تعاطفت معه معي أو معنا ..كلما سمعت الأخبار المهاجرة من هناك عن الحرب أو السلام في ذلك الوطن الممزق.. ما أن علمت ، فنيسا ، بدور الفركة في ثقافتنا الزواجية ، الزوجية ، الجنسية أو علاقة النساء و الرجال المتزوجيين بها... - " لا أعلم ماذا ستفعل لو أخبرتها عن ذلك القرار الوزاري الذي بموجبه تم منع الغساليين غسل أو إستلام ملابس النساء الداخلية" عموماً ما أن علمت بذلك حتى صارت لا تعرف إرتدأ شيء غيرها ، أقصد الفركة ..في المنزل ، في التسوق و الحدائق العامة ، ظانة أنني ملتزم ثقافياً، أقصد جنسياً بذلك ، و إلى يومنا هذا لم المح لها بعدم إهتمامي بذلك كما أنني لم أشجعها ..إنزلق عريها عن ساقيها حتي فخذيها أحسست بتحولات لا ارادية تسري في جسدي ..إنقشعت تلك الفركة عن اشجار كاكاو إستوائية ...لفحتني موجة دافئة من هناك ... اعطتني حركتها تلك بعض التركيز على دور هذه القطعة من القماش الناعم الملمس ، المتزلجة بحرية على هذا الجسد او ذاك، سالت نفسي ..ماذا لو كان......؟ شمتت رائحة شتاءنا الدافيء تتسلل إلى أنفي عبر ذاكرتي . " ها انني صغير بساقين نحيلتين تزدان بجروح قديمة وجديدة ، الجروح التي لم أتخلص منها إلا عندما بلغت الثانوية العليا من عمري ، أجري في تلك الازقة الهادئة خلف صدي حفظ القصائد المدرسية و سور القران القصيرة أوالمتوسطة الطول ، اجرى فتدفئني أنفاسي ، أعود بالعشاء من ذلك الفوال الأريتري الأصل أو لأعود بفحم من كنتين البكري ، يلفني ذلك الهدوء برائحة الدخان الخارج من كل نوافذ الحارة الصغيرة ... فركة ... شملة.... حفرة دخان قرب المطبخ الدافئ .... النساء يتبادلن أدوارهن في تلك الحفرة القابعة خلف المطبخ .. الدلكة؟ لم يتبادر لذهني لماذا يفعلن ذلك و ببراءة كنا نأتي بالحطب .. -أه نعم الحنة و المحلبية .. شكراً صديقي على اسعاف ذاكرتي . - فنيسا ؟ فنيسا لا تختلف عن إيلينا في علاقتها مع الفركة كثيراً ..بل و اكثر من ذلك هي أيضاً كوبية ،فقط والدها برتقالي من جهة والده و ليس إيطالياً كوالد إيلينا .. و الدته أيضاً من غانا أو ساحل العاج أو هذا ما تعتقد جديتهما كلما دلف الحديث على اصول المهاجرين الأفارقة لهذه الأراضي القديمة الجديدة.. والدتها من جنوب أفريقيا عصفت بها أيام النضال داخل أروقة طلاب المؤتمر الوطني الأفريقي، إلى هنا لدراسة الطب و العلوم العسكرية ، إلا أنها وقعت في حب مفاجئ و دون حساب لتبعاته ... كانت طالبة، أنجبتها .. شبت .. ترعرت على أيدي جدتها التي تفهمت ، كذلك إيلينا، عودة والدتها إلى جنوب ُافريقا ،تاركة إياها و لم تعبر السادسة من عمرها بعد ... إمتصت الدنيا أخبارها بعد عامين فقط من عودتها و معظم الأخبار المؤكدة أنها توفت في حادث مرور مدبر من نظام الفصل العنصري ام أن العملية كانت تصفية حسابات داخل التنظيم و الأخير رأي نظام الحكم آنذاك في محاولة لدفع التهمة عنه أمام أحدي منظمات حقوق الإنسان. كل الذي تعرفه فنيسا أن أمها أرادت لها أن تنمو كشجرة إستوائية لكن بعيداً عن ذلك النظام المريض ، المتسلط الذي يدير شئون حياتهم .. فنيسا تحن إلى افريقيا فتسقط في أحضاني فأحن ،أنا ، لكوبا الجزيرة التي مررت بها لأدرس الطب، ايضاً، لكنني لم أجني منها سوى اللغة والهروب غرباً ..عكس والدتها تماماً .. لا اعلم لماذا هربت، أنا، إلى هنا ؟ هل لانني اقع في تعداد سليلي نظام الفصل العنصري أو الديني في بلدي؟ أم خوفي من الدخول في نضالٍ عامل الفصل فيه بين الصاح والخطاء هو العاطفة .. من أي أسرة أنت لتناضل سياسياً؟ إن اردت الخروج على هذا النظام اشهر سيفك و إلا ..... - ماذا أريد ؟ اريد ان أفهم لما تنهي محادثاتك بتلك النشوة أعلم أنك لا تعلميين أنه سؤالي منذ أن رفعت أول تلفون لمحادثة أهلي هنالك،كان ذلك لأعلمهم إلى أين إنتهيت ، جاءت كل الأخبار سئة ..وفاة بعض الأهل .. معناة الأخرين، إلا أنني وجدتني منتشياً بعد أن إنهيتها .... بعض وصايا ودعوات الوالدة تطاردني حتي الأن ... وجه طفل في التلفزيون يحوم الموت والذباب حوله...المجاعة .. الإبادة إلا أنه نفس الإحساس منذ ذلك التاريخ . - كل هذه النشوة من محادثة فقط ماذا لو ذهبنا إلي هناك ؟ - إيلينا!! هناك ؟ _فنيسا!!!!!!!!!!!!! أين؟ - متي ؟ - لماذا؟ هكذا خرجت مني تلك الأسئلة اللا إرادية ككل مرة ..... إندهشت إيلينا و أيضاً ككل مرة يدور بيننا هذا الحوار ، بعد ذلك النوع من المهاتفات التلفونية. وقفت، هي، تلملم أطراف الفركة المتدفقة حول أجزاء جسدها الأسفل ....رفعتها إلى الجزء الأعلى من جسدها ، لفت صدرها بجزء منها ...أشعلت نهديها و ضوحا فيّ تمرد كل شئ في جسدها على جسدها .. أو في جسدي على جسدي
_ أه كم أنت مثيرة يا إيلينا بهذه القطعة 02..أعتقد أنني أصبحت وطنياً _تقصد الفركة ؟ قالتها بطريقة سودانية مكسرة _ لا بل اقصد الفكرة إندهشت ، وهي تركن لذراعيّ اللتين أحطاتا بها سالت الفركة من من كل جوانب غصونها المنسربة فيّ أندلقت، أنا، لداخلها بكل أسئلتي .تبعثرت الذاكرة إنبثقت إيلينا من حولي . يساورني نفس السؤال بإقتراح جديد ربما لأنني بعيد عن ذلك الجحيم الذي ينقلونه إليّ حياً بالهاتف أو،... أو الذي أحسه في زخات ذفراتهم حينما نتحدث عن تفاصيل القمر غياب الشمس تماهي الروح مع الكثافة في الغيبية أم،... أو حتي من المحطات الإذاعية أو هذه القناة التي بالأمس فقط أفردت خمسة وعشرين دقيقة، و لأول مرة في تاريخها، تقريباً، دون أن تتخللها أي إعلانات تجارية ، كل ذلك لدور وطني ، وطننا ، أو، وطنهم والجنجويد في الإبادة التي تحدث هناك .. هنا بيني و بيني ..بيني و إيلينا ، أو فنيسا ... أخرجني صوت المغني الضرير، ري شارلس وهو يتغني بأغنية ليست له بل إستلفها من مغنيٍ آخر TAKE ME HOME أيعقل أن أكون بهذه الـ .. كل تلك النشوة فقط لأنني لست هناك ..فقط لانهم يذكرونني بمصيرٍ أعتقد أنني أفلت منه لكن إيلينا هل أفلت منه ...... فنيسا ... يا لها من فركة فكرة .... تذكرت ذلك البائع المتجول الأفريقي في الحديقة العامة، الذي سألني حينما علم أنني سوداني - لماذا يقتلكم الجنجويد؟ إبتسمت لاشرح له .. تراجعت عن فكرة الشرح .. حمدتُ الله أنه لم يعلم أكثر من أنني أسود لوناً منه لذا يجب أن اكون من الفارين من تلك المذابح .. لا من جانب مرتكبيها .. إبتسمت دون نشوة هذه المرة ..افقت على صوت ري شارلس Hit the road Jack Don’t come back No more
11.2.2007
05-26-2007, 05:58 AM
يحي ابن عوف
يحي ابن عوف
تاريخ التسجيل: 05-25-2002
مجموع المشاركات: 6335
آحد الأصدقاء أرسل إليا شريط كاست من السودان من آحد فننى الطمبور يوجد فى هذا الشريط أغنية تقول آسمر صحيح أنا معترف وآهلى الهناك بالجملة سود لكن سمار اللون وبس أما القلوب عكس الجلود هذه الكلمات أسترجعت لى ذكرياتى القديمة عندما كونت أعمل بأحدى الصحف بالمملكة العربية السعودية فى الثمانينات عندما غادرت السودان متوجهآ إلى السعودية كونت مشحون ومعبأ تعبئه كاملة من أوهام الطفولة التى زرعت بدواخلنا منذ الصغر بأننا عرب من أحفاد العباس وكل البشر عبيد ونحن الآسياد ونحن المسلمون الذين لابد من التبرك بهم ولكن انهار هذا الوهم من أول وهله عندما وصلت مطار السعودية كانت أول صعقة كهربائية بالنسبة لى عندما سألنى آحد السعوديين العامليين بالمطار أين عقد عملك ومن هو كفيلك يا عبد غضبت منه غضبآ شديد وبدأت أتشاجر معه وأنا السيد والعربى الحر حفيد الرسول فبدأ يسخر منى عندما قولت له أنا عربى وآخآ لك ثم ناده إلى أحد زملائه ساخرآ قائلاآ انظر إلى هذا العبد الذى يدعى انه عربى وانه من أحفاد الرسول كانت هذه المرة هى المرة الأولى التى آواجه بها بحقيقت نفسى ولا كننى لم آعر للموضوع أهتمام فى تلك اللحظة جأنى مندوب الصحيفة وحسم الموضوع وقولت فى نفسى هذا الأنسان جاهل لا يعرف آى شيئ عن السودان وعن أصولنا ولكن بعد ذلك تكرر الموضوع مرات عديدة كانوا السعوديين الزملاء يسألوننى أسألة غريبة اين تعلمت العربية متى اسلمت هل لديكم منازل هل لكم أهل كما لدينا كانوا ينظروا إلى انفسهم وكأنهم هم الشعب الوحيد الذى انزل فى الأرض كما تكررت معى مثل تلك المواقف فى ليبيا هؤلاء القوم يحتقرون حتى كلمة عبد ويصغرونها إلى عبيد وأخوننا المصريين يدلعونها بأبوه سمره أما بقية الدول العربية ينظروا إلى السودانى وكأنه العبد المخلص لسيده يجب أن لايفكر فى يومآ من الأيام أن يتزوج منهم أو أن يقول أنا عربى الإ فى اجتماعات جامعة الدول العربية التى يوهمون آخوننا الأفارقه ليكملوا بهم العدد أخواتى أفيقوا من غيبوبتكم ودعكم من التجارة بأسم العروبة والدين إذا أردنا أن يحترمنا العالم بما فيه الأمة العربية التى لا تحترم حتى بعضها البعض. .
05-26-2007, 07:41 PM
يحي ابن عوف
يحي ابن عوف
تاريخ التسجيل: 05-25-2002
مجموع المشاركات: 6335
بينما كنت جالسآ بأحدى مقاهى القاهرة المعروفه لدى السودانين ما يسمى بمقهى جى جى ظهر لى فجاءة بوجهه شاحب من التعب كأنه كبرعن عمره الحقيقى خمسين عاما لم نلتقى منذ سنوات هو من أبناء المديرية الشمالية ترعرعنا سويآ أنا وهو ودرسنا كل المراحل التعلمية سويآ سلمت عليه وبدأت أحكى له مشوار حياتى وبدء هو يحكى اليا ما فعلت به الأيام منذ أن أفترقنا فى الوطن فقال لقد عدت إلى السودان بعد غيبة دامت سبع سنوات قادم من المملكة السعودية بعد نهاية خدمتى فى جريدة المدينة وكان كل آملى أن أساهم فى بناء سودان جديد جئت إلى وطنى لارتاح من عناء السفرولكن قبل أن توضع بصمات قدم على الأرض جاءت الجبهة الأسلامية بانقلابها المشئوم فى 30 يونيو/ فتم أعتقالى بل سجنى من قبل النظام الحاكم الجبهة الأسلامية وذقت ما ذقت من أنواع التعذيب من كى بالنار إلى الضرب المبرح والتعليق فى أماكن مرتفعة وصب المياه الباردة على جسدى وأنا نائم وفى النهاية أطلق سراحى بعد أن سحب جواز سفرى وكل شهاداتى الثبوتين وحتى إطلاق سراحى لا أعلم ما هى تهمتى الموجه آليا وما هى قضيتى وبعد إطلاق سراحى عزمت على الرحيل مرة أخرى وغادرت السودان بجواز سفر تحت أسم مستعار إلى القاهرة ثم إلى ليبيا فلم أسلم من ملاحقتهم رفعت السفارة السودانية وأذيالها الممدودة تقدير كاذب إلى الأمن الليبى فتم القبض على مرة أخرى من قبل النظام الليبى وكانت التهمة الموجة إلى فى هذه المرة محاولة أغتيال عمر البشير والوفد المرافق له وبأننى أعمل مع تنظيم سرى وذقت ألوان جديدة من العذاب لقد نزف القلب الأبيض كثيرآ من الدماء ولكن كل ذلك لايهم فى سبيل الوطن المهم انه سينتهى البشير والراغبين فى مهما طال الزمن ولكن يدور سؤال فى ذهن كل سودانى عذب أو شرد أوقتل أهله ماذا سنفعل بهم عند ما تأتى الثورة القادمة هل سنمد أيدينا بيضاء ونصافح كما صافحنا فى أبريل ام سنحاسبهم كما حاسبونا من غير قضايا
05-26-2007, 08:19 PM
سلمى الشيخ سلامة
سلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754
نافذه على ا لتاريخ مملكة كوش ( نبته) 725 - 591 ق.م يحي ابنعوف
كعادته كل يوم كان يحكي لنا عن أمجاد المماليك النوبية كما حكا لنا عن أسماء كثيرة لا زالت موجودة في عصرنا هذا أسماء لبعض الآلات الزراعية وبعض الأسماء لأشياء كثيرة كان يقول أن هذه الأسماء أسماء نوبية مثل الآربل والكويق والكوريك والمنجل والكرديك والسلبة والآشميك وأسماء كثيرة تتداول ما بين أهل الشمال مرة وكعادتنا كل أمسية تحلقنا حول جدنا الشيخ الرزوقي وهو جالس ليروي لنا حكاية من حكاياته التي نتشوق إليها وننتظرها كل أمسية قال جدانا الشيخ وهو يمسح بكفه على لحيته البيضاء هذه الأمسية لن أروي لكم قصة خيالية قال سأحدثكم عن فترة من أمجاد وأقدم فترات التاريخ في بلدنا والتي تؤكد أن السودان من أقدم البلدان العريقة التي عرفت الحضارة قبل الكثير من الأمم سأحدثكم عن بطلين من أعظم الأبطال في التاريخ القديم: الملك العظيم بعنخي والملك العظيم تهارقا وعاش هذان الملكان وأسرتهما التي حكمت السودان ومصر في عهود سابقة. سأحدثكم عن مملكه تسمى مملكة نبته أو كوش التي كانت في الفترة ما بين 725 إلى 591 ق م تلاحظون أن هذا التاريخ يبدو وكأنه مقلوب بالنسبة للتواريخ التي نتعامل بها الآن والحقيقة أنه غير مقلوب ولكنه يحدد فترة زمنية مختلفة. فالتاريخ الأفرنجي يبدأ بميلاد المسيح عليه السلام فيقال سنة كذا ميلادي الأحداث التى وقعت بعد ميلاد المسيح والسنة الميلادية يرمز لها بحرف (م) أما الأحداث التي وقعت قبل ميلاد المسيح يرمز لها بحرفين( ق. م )وقبل أن أسرد عليكم سيرة البطل السوداني بعنخي الذي كان ملكا على نبتا والذي غزا مصر سأحدثكم قليلا عن هذاالملك العظيم وعن علاقته بمصر لأن العلاقات بين مصر والسودان في ذلك الزمن البعيد قد تركت تأثيراتها على البلدين يقول المؤرخون وعلماء الآثار أن العلاقات بين مصر والسودان قامت منذ العصر الحجري وأنه كان هناك ترابط وثيق يرجع إلى عصر الشاهيناب في السودان والفيوم في مصر منذ سنة 4000 قبل الميلاد. والشاهيناب والفيوم من لمناطق التي كشف التاريخ عن آثار الإنسان المتقدم عاش فيها فى ذلك العصر الحجري وقد اتفق المؤرخون أن مناطق الشاهيناب والفيوم أخذتا ملامح صناعتهما من بعضهم ا لبعض وأن كان قد اختلف المؤرخون أيهما أخذ من ألاخر ومن الناحية العرقية أي الجنس فإن المجموعات الأولى في مصر أو السودان تنتمي إلى جنس البحر الأبيض المتوسط أو الحامي حيث نجد بعض الرسومات متشابهة.وهنا سأل أحدنا مقاطعا جدنا الشيخ قائلاً: ولكن كيف عرف الناس كل هذه المعلومات عن تلك الفترة البعيدة. أجاب الشيخ الرزوقي دون تردد وكأنه كان ينتظر من أحدنا مثل هذه السؤال فقال هناك كما تعرفوعلم يسمى علم الآثار يعتمد على التنقيب في المناطق الآثارية بكشف القبور وقراءة النقوش ودراسة التماثيل والآثار فى المعابد ويقدرون عمر الحجارة التي عملت منها تلك التماثيل وغيرها وأيضا عرف قدماء السودانيين والمصريين فسجلوا أخبارهم وغزواتهم فوق جدران ا لمعابد والمسلات التي أقاموها واللوحات ولكن الكتابة التي عرفتها تلك الحضارات ليست كالكتابة التي نعرفها نحن اليوم فهي كانت عبارة عن رسومات ورموز للمعاني التي يريدون التعبير عنها. ومن أقدم اللغات التي عرفها الإنسان اللغة الهيروغرافية والتي كانت لغة قدماء المصريين كما عرف سكان السودان في فترة المملكة نبته كانت لهم لغة خاصة تسمى اللغة المروية نسبة إلى مروي التي كانت عاصمة في يوم من الأيام وربما حدثتكم عنها في يوم من الأيام كما هو معروف فأن مقابر النبلاء والملوك في تكل العصور كانت أشبه بالمتاحف. فكانوا يدفنون مع الميت كل أدواته التي يستعملها في حياته من سلاح وأواني وذهب ومأكولات نسبة لأنهم كانوا يؤمنون بحياة أخرى بعد الموت. يعتقدون أن الميت سيحتاج لتلك الأشياء لحياته الجديدة في تلكا لفترة من التاريخ. عاش ملك عظيم يسمى بعنخي وقد تولى بعنخي الملك بعد وفاة والده الذي كان يدعى كاشتا 751ق م وقد كان بعنخي حاكما عظيماً ازدهرت في فترة حكمه المملكه وخلف آثار كثيرة من المعابد والرسومات وتماثيل. بعض هذه الآثار موجود في متحف السودان القومي وبعضها موجود في متحف القاهرة كما أن بعض الآثار موجودة في منطقة جبل البركل والجبانات القديمة في نوري. ولعل من أعظم إنجازات بعنخي فتحه لمصر وتخليصها من الحكم الأجنبي تسلط عليهم ويقال أن أصلهم كان من ليبيا وقد عرفنا أخبار هذه الحملة لفتح مصر من لوحة خلفها بعنخي في منطقة جبل البركل. وهي موجودة الآن في متحف القاهرة القومي. جاء في اللوحة أحدهم قائلا لجلالتته أن شيخاً من القرب هو أمير إقليم نشر تفنتخت العظيم ألقى قبضته على كل الغرب من ألأرض السوداء وان حكام المدن قد تنبعوه كما أن أمير الأشمونين انحاز لجانب تفتتخت وخان بذلك عهداً قطعه عل نفس بالطاعة لبعنخي وهذا يعني أن الصلة بين بعنخي والمصريين كانت قبل ذلك الحقيقة أن أسلافه ومن بينهم والده كاشتا كانوا قد دخلوا مصر من قبل ومهدوا له الطريق.وتقول اللوحة أن بعنخي ضحك عند سماعه ذلك الخبر وذلك لوثوقه من النصر وأستخفافه بأعدائه ولكنه لم يبدأ الحرب حتى أرسل لجلالته الأمراء وقواد الجيش الذين كانوا بمد نهم قائلين له هل يمتد صمتك بدرجة تنسى فيها أقاليم الأرض الجنوبية في وقت يتقدم فيه تفنتخت غازياً ولا يجد من يرده. وهنا أرسل بعنخي لقواته وقادتها وأمراء مصر الذين كانو تحت طاعته قائلا أسرعوا إلى المعركة وخوضوا غمارها. وتحركت جيوش بعنخي من نبته وحينما ودعهم الملك زودهم بنصائحه حاثأهم على القتال. ومن كلماته التي قالها لهم والتي تعبر عن بعض معتقداته ولا تهاجموا أثناء الليل ولا تهاجموا هجوم المتلاعبين بل إهجموا متى ما رأيتم أن العدو أعد جيشه وخيله للمسير إليكم. وإذا قامت الحرب فاعلموا أن آمون هو الذي أرسلنا إليهم فإذا وصلتم مدينة طيبة اغتسلوا في مياه معبد آمون واسجدوا له وقولوا ثبت فدتنا على الحق لنحارب فى ظل سيفك. واستمرت اللوحة تحكي عن انتصارات جيش بعنخي. فقد استطاع السودانيون إخلاء المحاصرين وفر تفنتخنت إلى الشمال وهرب نملوت إلى الجنوب للذود عن الأشمونين.ولما وصلت أنباء تلك الإنتصارات لبعنخي لم يبتهج بل قال (وهل تركوا بقية من جيش أرض الشمال من الافلات ليحكىعن المعركة. ثم أ قسم بحب آمون لى وبتفضيل آمون أياى أني سأبحر بنفسي إلى الشمال وسأضرب ما بناه تفنتخت حتى أجعله يتجنب القتال إلى الأبد واستطرد جدنا وهو يعتصر ذاكرته القوية ليقدم لنا تفاصيل ذلك التاريخ البعيد قائلا: قام بعنخي بجيشه إلى أرض الشمال ووصل إلى طيبه حيث احتفل بعيد رأس السنة ثم أبحر شمالأ لمدينة الأشمونيين حيث وجد جنوده يحاصرونها وانتصرت جيوش بعنخي على المدينة المحاصرة واستسلم من فيها وأرسل نملوت رسله بالهدايا ومنها تاجه الملكى ولكن بعنخي لم يستجب لرجائه إلا بعد أن تدخلت بناته ونساؤه استجابه لتوسلات بنات نملوت وزوجته. وبهذه المناسبة أود أن أذكر لكم نبأ ظريف قبل أن نستمر في أخبار بعنخي. فقد كان قدماء السودانيين يؤمنون بتعدد الزوجات، وأن لبعنخي أربعة زوجات حفظ لنا التاريخ أسماء هن:وهى كتسا ، وبكسا، وتابيري وآبار. والأخيرة هى والدة الملك العظيم الأخر الذى وعدتكم بالحديث عنه في فرصة قادمة، ترهاقا.وواصل جدنا الشيخ حديثه عن غزوة بعنخي قائلا: وبعد أن خضعت له كل المدن ذهب الى تفقد خيول نملوت. وجد الخيول جوعى. فقد كان يحب الخيول ومما ذكره بعض المؤرخين أن من الأسباب التى جعلته بعنخي يغزو مصر، إساءة للخيول. وقال لنملوت: أقسم برع لأن أرى الخيول جائعة ليكونن هذا أصعب علي من كل جرم التي ارتكبته.)ومن المدن التي قاومن جيوش بعنخي مدينة منف. لكنه في النهاية تمكن من إلحاق الهزيمة بجيشها بعد استيلائه على المدينة سار بعنخي إلى معبد إله المدينة الذي اعترف بجلالته ملكاً على منف وأعطى بعنخي الإله بتاح كثيرا من الهدايا فتظاهر كهنة الإله بتاح بالرضا ولكنهم كانوا يضمرون الغدر، إذ أن بعنخي كان يحارب باسم الإله آمون ووصل بعنخي إلى معبد عين شمس ودخل الأقداس حيث اعترف به شيخ آلهة المصريين وبأنه ابن من سلالته الجالسة على عرش مصر وجاءه أوسر كورن وهو من ملوك الأسرة الثالثة والعشرين، وقدم له فروض الولاء والطاعة واعترف له بالسيادة على أرض مصر والسودان. وبعدها استسلم ملوك الدلتا وتوج بعنخي ملكا على القطرين. ومرة أخرى ينبرى أحدنا مقاطعاً بالسؤال: عن ما هو التتويج وكيف يتوج الملك؟. صمت جدنا الشيخ قليلا وكأنه يسترجع الأحداث التي نعرف أنه يعيها جيدا وأخيرا قال: كان قدماء السودانيين والمصريين يهتمون اهتماماً بالغاً بحفلات التتويج ويعتبرونها جزءاً من الطقوس الدينية. وكان اهتمامهم يتزايد حينما يموت ملك ويشغر مكانه. إذ كانوا يعتبرون الفترة ما بين وفاة الملك القديم وتتويج الملك الجديد فترة من أخطرة الفترات قد تتسبب فى الاضطرابات وعدم الاستقرار. ولعل هذا ما نسميه الآن بالفراغ الدستورى. وكان للتتويج مواقيت معينة، وأماكن معينة. وبماأنه حدث كبير وخطير فأنه من الناحية الذمنية لابد أن يتوافق مع التغير فى الفصول، كأن يكون فى بداية الصيف أو في بداية الخريف مثلاً. أما من ناحية المكان فكان يتم فى مكان يدعى بيت الحياة وهو أشبه بالمعهد الديني حيث العلماء ورجال الدين وكبار الكهان ينقطعون للعبادة ويقرأون الكتب ويمارسون نشاطهم الفكري. لكن قبل أن يتم التتويج، يتحتم على الملك الجديد أن يطوف بمعابد الآلهة.العظام ويقوم بالطقوس الخاصة باعتلاء العرش وبعد ذلك تجرى الطقوس الدينية وتقدم القرابين للإله ثم يوضع التاج على رأس الملك، فتكتمل له السلطة يباركه الإله حورص.والتاج عادة يكون من الذهب الخالص المحلى بالرياش-وعندما أتم بعنخي سيطرته على مصر وتوج ملكا عليها، راجعأ إلى نبته محملاً بالغنائم واستقبله مواطنوه بالفرح والترحاب، وكانوا يقولون قوي قوي أيها الملك بعنخي. قد أثبت وفرضت ا لسيطرة على أرض الشمال، ما أسعد قلب الأم التى ولدتك والأب الذي أنجبك. ولعلكم يا أبنائي قد لاحظتم شيئين هامين في غزوة بعنخي لمصر: الأمر الأول أنها تمت بناء على دعوة من بعض أهلها وأمرائها والأمر الثاني أن عدو بعنخي الذى ذهب ليحاربه ليس شعب مصر الذى وقف معه واستقبله وغنى بنصره لأن بعنخي هو ابن الإله آمون. ارتكب الملك بعنخي غلطة تاريخية أثرت على مجرى الأمور فى تلك البلاد فقد عاد الى الملكته نبته دون أن يترك أحدأ من قبله يكون موضع ثقة ويحافظ على ما حققه من انتصارات ومن إعادة لتكريم الإله آمون. لقد ترك وراءه أمراء وكهان دا هنوه و تظاهروا له بالرضا والاستسلام وعفا عن الذين تمردوا على سيطرة نبته فماأن تأكد كل أولك ان بعنخىعاد الىأرضه وانشغل بأمور البلاد حتى تحركوا. وكان أولهم تفنتخت الذى عفاه بعنخي عنه بعد أن قدم فروض الولاء والطاعة. نقض تفنتخت العهد وأعلن نفسه أمبراً طورا وامتد نفوذه من الدلتا إلى أكثر أرض مصر السفلى. ولكنه سرعان ما توفى وخلفه على العرش ابنه باكرشى كم استولى سركوب الثالث ونالكوت الثالث من أبناء ملكوك مصر فى عهد بعنخي على حكم طيبة.ونجحا حينا من الدهر حتى اعتلى شيكة أخو بعنخي العرش 716 ق. م بعد وفاته فخرج غازيا مصر وأجلى كل الذين تسلطوا عليها بعدغياب بعنخي. ومرة أخرى ينبر أحدنا ليقدم لجدنا الشيخ سؤالاً: وبهذه المناسبة لم يكن جدنا الشيخ يضيق بأسئلتنا، بل يعتبرها دليل على متابعتنا واهتمامنا بأحاديثه. في بداية حديثك قلت أن بعنخي كان من الملوك العظماء في مملكة نبته وما سردته علينا انحصر في الحروب، فكيف كان أجدادنا القدماء يقيمون عظمة ملوكهم وهل كانت الحروب أهم نشاطاتهم؟ فكر جدنا ملينا وخيل إلينا أنه فوجى بالسؤال وساد الصمت بيننا وأنظارنا متعلقة بشفتيه بل وتملك بعضناالحرج خاصة الذي سأل السؤال وقلنا له ليس من اللائق إحراج جدك ولكن سرعان ما ابتسم جدنا الشيخ وانفرجت شفتاه عن ابتسامه راضية وقال كما عودنا حقا هذا موضوع هام كان على أن أحدثكم عنه من البداية. لقد كانت مملكة نبته من الممالك الظمة. كان الملك هو الحاكم المطلق وكما ذكرت لكم من قبل فقد كان الارتباط بين الملك والإله ارتباطا وثيقاً. فالملك مقدس كالإله تماما، إذ يعتبر أبنه يعمل بآرادئه وليس بإرادة البشر. كان يساعد الملك أفراد من الموظفين و قواد الجيش وكانت عظمة الملك تقاس بمايحققه فى عهده من ازدهار ورفاهية فى ميادين التجارة والعدل والحفاظ على حقوق المواطنين كا نت له شرطة تؤدى دورها فى خدمة الناس يفصلون بين الناس في منازعاتهم التى تنشب بينهم. أما موضوع الحرب فموضوع كبير ومهم في تلك الحقبة من حياة أجدادنا. فالملك القوى هو الذي يملك الجيش المدرب المسلح يستطيع تأمين الدوله ورعايتها من هجمات الأعداء. وكان الملك هو بنفسه قائد الجيش، أما الغزوات الخارجية فكانت من نشاطات المهمة للدولة إذ يحقق مكاسب للدولة فهويخيف الطامعين ويرد المعتدين كما يحقق مكاسب من غنائم وبما يجلبوه من سبايا وخيرات للبلاد ولعل الأسرى والغنائم ومصنوعات وخلافها يشكلون مصدر من مصادر الثروة، فبعضهم يضم إلى الجيش الدولة وبعضهم يعملون كعبيد فىاقطاعيات الملك والنبلاء. ولكن هناك موضوع ذكرته لكم ولم ينتبه له أحد منكم ولم تسألوا عنه فقد ذكرت أن ترهاقا العظيم هو ابن بغنخي. ولكن بعد وفاة بعنخي تسلم الملك أخاه شبكه وقد جرت العاداة أن يرث الابن أباه لكن الحقيقة أن نظام الوراثة عند ملوك نبته القديمة يختلف عن نظام الورثة مابين السودانيون و المصريين. ولكن هذا موضوع طويل سأحدثكم عنه فى المرة القادمة ثم صمت قليلا جدنا الشيخ الرزوقى ومسح بيده على لحيته البيضاء وقال : يا أبنائى أريد أن أوضح لكم شيئ هام كثرة حوله القيل والقال سأحدثكم عن الشلوخ أو الفصاده قالوا بعض الناس أنها علامات ورموز لبعض القبائل أو الأعراق ولكن هذا غير حقيقى فالحقيقة أن الشلوخ هى طقوس دينية إبتدعوها الكوشيون والكنوز أى النوبين كان عندما يولد الطفل أو الطفلة يشلخ أو توضع ثلاثة خطوط على وجه من اليمين والشمال كانوا يعتقدون أن تلك الخطوط أو الشلوخ تحرصه من أى آزا هذه العقيدة قبل الأسلام ولكن بعد دخول الأسلام ظلوا أهل الشمال متمسكين بتلك الطقوس وحتى يومنا هذا ومتمسكين ليس بالشلوخ فقط بل بأشياء كثيرة كالمشاط وصناعة العناقريب وأشياء كثيرة وهذه الشلوخ موجوده حتى الآن عند الدنقلا والمحس والشايقية والحلفاويين والجعاليا كما توجد بعض القبائل الجنوبية وأن كانت هذه الطقوس طقوس نوبية وإذا آخذنا الدنقلا والمحس والسكود تجد شلوخهم ثلاثه مستطيله أما الشايقية والمناصير فشلوخهم ثلاثه بالعرض أما الجعليا فشلخهم هوتى كما يوجد فى بعض القبائل السودانية المختلفة ثلاثة شلوخ فى شكل سلم توارثو تلك الطقوس من أجدادهم جيل بعد جيل فسأل آحدنا جدنا الشيخ قائل: إذا كانت الخطوط أو الشلوخ عادة نوبية قديمة توارثوها الأجيال فماذا عن اللغة العربية التى نتحدث بها اليوم صمت جدنا قليلا. قائل : لقد حكم مملكة كوش ملوك كثيرة وعدتكم بالحديث عنهم فى المرة القادمة ولكن سأحدثكم الآن عن اللغة العربية ودخولها إلى هذه المنطقة عندما بدأت المملكة فى الأنهيار كان لابد من عقيده يعتنقونها كانت فى تلك الزمان افريقيا مزدهره بالتجارة وكان التجار يأتون اليها من كل انحاء العالم إلى هذه المنطقة وبالأخص المناطق النيلية فجاءت الدعوة الأسلامية أو المبشريين بالدين الأسلامى من الدول المجاورة وكانوا من العرب والفرس كان لابد من تعلم العربية لمن آراد أن يعتنق الدين الجديد الا وهو الدين الآسلامى بما أن القرءان انزل باللغة العربية والشيئ الثانى الذى شجعهم على تعلمهم العربية غضبهم على نظام الحكم فى تلك الفترة وأول من هجروا لغتهم هم أبناء كوش أو نبته كانت لغتهم الأساسية هى اللغة المروية برغم وجود لهجات ولغات مختلفة بمناطق النوبيين وإذا أراد أيآ منكم أن يتعرف على هذه اللغة المروية فاليذهب إلىمقبرة نورى القديمة أو جبل البركل أو منطقة الكورو الأثارية ستجدون عديد من اللوحات المكتوبة بتلك اللغة المروية كان من يتعلم العربية يعلم الآخر أصول الدين الآسلامى بالعربية أو بالهجة المحلية منهم من تمسك بلهجته حتى يومنا هذا ومنهم من تخلى عنها فالسودان يا أبنائى من أعرق الدول فى العالم كانت به مماليك كثيرة وملوك كثيرة.
05-27-2007, 10:04 AM
Abdulbagi Mohammed
Abdulbagi Mohammed
تاريخ التسجيل: 12-11-2006
مجموع المشاركات: 1198
دي قصص تم نشرها هنا من قبل ، لكن طالما البوست للقصص القصيرة لزوم إستمرارها وجعله إقتراح ركن ، زاوية أو شجرة زهاجة للقصة القصيرة
هواجس عبد الباقي م. مختار
ها وأنني الأن قد تأكدت ،تماماً، من أنني لم أمت في تلك المعركة كما كنت أحلم ، تلك المعركة التي دارت وأنا في وسطها ،بكامل قصفها المدفعي والجوي ولم اكترث لها ، فقط ، كنت أمارس صيد السمك في ذلك النهر ، الذي يفصل بيننا و جيش العدو، والذي يشبه كل تلك الأنهار التي عبرتها أثناء الحرب . يدي اليسرى سليمة ،يمكنني الأن ان أحركها هكذا ، كما يمكنني أن ألف كفها ، أقصد يدي اليسرى ، حول معصم يدي اليمنى وأكور كفي الأيمن واجعله هكذا في وجهه مباشرة بعد ان افتح له الباب وانا اقذف بسبابي المعهود عليه ، ذلك الرجل اللعين الذي إعتاد كل يوم في هذه اللحظة ، اللحظة التي يجب ان تكون قد تذكرتني فيها ،كما تذكرتها أنا أيضاً ، يوقظني أو يحضر إليّ في وقت متأخر من الليل ليذكرني بانه صاحب هذه الغرفة التي إعتدت أن ادفن نفسيّ فيها كل مساء وانا متنازع بين الشك والشك بأنني لن اخرج منها صباحاً إلا نعشاً محمولاً صوب مكانٍ ما ، مما سيحمله ،هو، صاحبها على اللحاق بي نعشاً من الغيظ لإستطاعتي الإفلات منه دون أن أدفع له ما كان يريد مقابل موتي فيها كل يوم . علي الأن وقبل أن أخرج إليه شاهراً يدي بالطريقة التي قررت أن ألقاه بها وأفجر الوضع مرة واحدة ، عليّ أن أزيل آثار تفاحة ليلة البارحة ، كما يجب أن أضيف لذلك الوضع إطلاق سبابي المعتاد،أنا، على إطلاقه بعد ان اسكر ،أو، بعد أن أتناول قليلاً من الخمرة ، الخمرة التي سيكون قد دعاني إليها أحدهم دون أن أكون ، أنا ، راغب في تلك الدعوة و التي لا أستطيع أن أقاومها حتى لا أحرج صاحبها بحكم طبيعتي أو تكويني الذي لم يعتد على رد أي دعوة كانت منذ أن تعرفتُ وأحصيتُ عدد الشامات التي على جسد بنت جارنا و مدرستي ، التي تجتاح ذاكرتي ، الأن ، بشتى أنواع ممارسة الحب معي . أجل سيفلت منك السباب الذي اعتدت أن تطلقه عليه سراً ، دون أن تقصد ، سيفلت منك في وجهه مباشرة ثم تلحقه بهذا الوضع الجديد ليديك، الوضع الذي قررت أن تلقاه به اليوم ، ليس لأنك متأكد من أنك ستدفع له إيجار الشهر الذي مضى بعد أسبوع من الآن ، ولا لأن الوضع بينك وبينه خالٍ من أي عقد معك يحتوي على اتفاقٍ حول هذه الغرفة بمقتضاه يستطيع هو ،مالك الغرفة ، أن يشكوك أو يجرجرك أمام البوليس والقضاة ، بل ، وأولاً، لأن هذا الوضع الجديد ليديك أمام وجهه سيضفي عليك ،على هذا الصباح و على هذه اللحظة المتكررة شئ من التغير ، ثانياً ، لأنه صار يقطع هجرتها اليومية إلى ذاكرتك مثلما ستكون أنت قد هاجرت إليها في هذه اللحظة بالذات ، وفي شكلك ذاك ، شكلك الذي يهم بالخروج من دفئها إلى صباح ، كصباح هذا اليوم الشتوي قبل أن تكتشف أمك غيابك المبكر أو نومك خارج المكان المخصص لذلك ، بعد ان تكون هي ، مدرستك ، قد أوصتك وعينيها تسعيان نحو الاختفاء في وجهك المشرق أو المطل على الحياء وبصرك الهارب من النظر إليها مباشرة ، تلك التي صارت توقظك من الصحو كل صباح شتوي غائم كهذا ، توصيك وبلهجتها الناعمة ، أو ، الخالية من تلك الصرامة ، التي طالما رأيتها تتدثر بها طوال النهارات المدرسية مع زملائك وزميلاتك ، فتقول لك وبتلك النعومة ،أو، بذاك الخلو من الصرامة • لا تخف في المساء من أن تبادر أنت بالخروج إليّ إذا اعتراني شئ من الخوف الخوف الذي لم ولن يعتريها من أن يشعر والدها الأعمى بحركتها صوبي ،أو ،صوب اختطافي، أنا ، إلى حيث يرقد دفئها ،ونومي المتمزق الأحلام بجانبها ، تتعرى أمامي دون ذلك الحياء الذي صرت لا أتصالح معه قط في أي أنثى ، خاصة بعد أن أقنعتني بأنني زوجها في المستقبل لا محال ، بالرغم من فارق العمر الذي حددته هي عندما كنت أنا في الثانية عشرة من عمري وهي في الخامسة والعشرين فقالت لي وهي تقاوم خروج روحها إليّ،أنا القابع في قلب أحضانها • أن الفرق بيننا الآن عشرة أعوام فقط ثم تلحق جملتها تلك بتذكير خاص لك وبعد ان تكون قد استعادت جزء من أنفاسها التي أهدتك عبرها الكثير من الدفء والعلوم الحسابية ، تذكرك ، بزواج السيدة خديجة من النبي بالرغم من أنها كانت تكبره بأكثر من عشرة أعوام ثم تقوم ، هي ، بتحويل ذلك الفارق ، أو الفارغ في العمر، كما تتعمد أن تقول هي ، بعد بلوغك السابعة عشرة سيتقلص إلى ستة أعوام لا غير،ثم تلف ذلك التقليص بوعد منها بتخفيضه إلى الصفر إذا تر آت لها جديتك عند بلوغك العشرين . لم تكن أنت تهتم لذلك بقدر ما كنت تهتم وتكترث إلى كيف ستتخلص منه أو إخفائه من والدتك ، ذلك الشلن اللعين الذي كانت تعطيك إياه حينما تكون عائداً من المدرسة وهي تتلبسك ،أو تتلبسكما العلاقة الحميمة التي نشبت في ذلك الوقت بينكما ، بينك وبينها ، تدسه في يدك ذلك الشلن وهي توصيك بان تذهب إلى السينما بدلاً عن الذهاب إلى النيل كما يمكنك بالباقي شراء كمية لا بأس بها من السمك الذي يقتسم معها حبك لها ، هي ، مدرستك أو بنت جارك الطيب الذي طالما ناداك بالمبروك ، ولم يعلم انك ، وبعد أربعة أعوام فقط من خروجك طوعاً للحرب ، أو تمردك كما يسمونكم في أجهزة الإعلام والمساجد ،أجل لم يعلم أنك وبعد أربعة أعوام من خروجك وحينما كنت عائداً من المعارك التي صرت تعتقد أنها ، أي تلك المعارك ، لن تنتهي إلا بأسرك ثم قتلك أو هروبك إلى أي مكان آخر ليس به حرب ، كما ليس بالضرورة أن يكون بها سلم ، فقط حتى ولو حرب لا يعنيك أمرها إلا في حدودها الشِبهِ غير مباشرة ، لم يدرك جارك الطيب ،أو بالأحرى والدها ، حتى الأن وأنت متأكد من ذلك ، ليس لأنه أعمى، بل ، ولا بد من ذلك ، سيكون قد رحل و للأبد تاركاً ابنته تلك بكامل حبها لك أو بكامل حبك أنت لها ، رحل ودون أن يدرك ، أنك في ذلك اليوم الذي هو بعد أربعة أعوام من خروجك ، اليوم الذي كنت عائداً فيه من إحدى المعارك و مررت بمنزل أحدهم ، كنت تعرفه ، أجل تعرفه ولكن ليس جيداً، فقط كنت تعرفه ،مررت به لتغسل عنك غبار تلك المعركة بأي ماء يمكن أن يؤديّ تلك الوظيفة ، لم تجد سواها ، زوجته، أقنعتك الفكرة التي حومت بذهنها ، بأنها زوجة شخص ما ولا تجالس سوى سوء حظك الذي كان يجلس بجانبها مرتدياً قلق انتظارها لك ، تحفزت الخمرة برأسك، كما تحفزت هي حينما تململت معلمتك ، أو، ابنة جاركم الطيب في ذاكرتك ،ففعلتها هي صاحبة البيت واغتصبتك بتحريض منك ، أجل فعلتها هي كما صارت تفعلها كلما أرادت ذلك ، حتى بعد أن صارت عارية من تحريضك الأول ذاك، إلى أن فاجأتك بهروبها من زوجها صوبك ، لم تفكر أنت كثيراً في ذلك ، وبنفس عدم جديتك التي تتمنى لو تتلبسك دوماً لو لا الحرب التي تحاصرك بذاكرتها اللعينة ، رددت أنت ،بان بإمكانها أن تبقى معك إلى أن تشاء الرحيل ، بالرغم من أنك تعلم أنها تكبرك بأعوام لا تظهر عليها إلا بعد أن تقول لك أن عمرها ثمانية عشرة أعوام فقط . ردت عليك هي ، بعنف ،بعد أن راودها شئ من القلق لعدم اكتراثك الراشح في كل ممارستك معها ومع غيرها : • هل تعلم ماذا سيحدث إذا ما عدت إليه ، أو ماذا يعني ذلك ؟ إنه يعني موتك لأنه سيعتقد أنك أنت الذي دفعتني إلى ذلك ، وفي أحسن الأحوال ستحاكم بستة أبقار ، كسر بيت ، وسابعة كغرامة للمحكمة عندها لا يمكنني أن أتعاطف معك لأن الضرورة تقتضي أن أقف بجانب من هو ، أو من سيكون زوجي . لم تجب عليها ، أنت ، بأكثر من " معك حق" وذلك لأنك كنت تعلم أبعاد ما تقوله ،هي، بالرغم من انتمائها لثقافة زراعية لا تتعامل بالأبقار في مهور الزواج أو الطلاق ، فقط أرادت أن تضخم المسالة علها تفلح في إثارتك ، كما أنك لا تكرهها و لا تكره أي أحد ، وعموماً لا بأس بتلك المعركة الواقفة في انتظارك أمام المحكمة ولسبب ما يمكن أن يستحقها . عليّ الأن وقبل أن اخرج إليه بيدي وبنفس الطريقة التي ابتدعتها قريحتي اليوم ، ان أخفي قشر التفاحات التي عاقرتها ليلة البارحة وأنا أختفيّ خلف باب الغرفة ، كما نصحني أحد أصدقائي بذلك الفعل في كل مرة يمر خلالها طعم التفاح بفمي داخل هذه الغرفة ، نصحني بذلك ووافقته ، أنا، الرأي حتى لا يعتقد هو ، مالك الغرفة ، الذي يقيم معي في نفس المنزل ، أو الذي أقيم أنا معه ،أو أننا نقيم معاً، طالما أنني ادفع له سعر إقامتي في هذه الغرفة ، بغض النظر عن شكل طريقتي في الدفع التي لا و لن تعجبه ، عليّ أن أحرر يدي اليمنى من قبضة يدي اليسرى حتى أزيل قشر التفاحة ليس لأنني أخاف إذا رآها ، أي قشر التفاحة، سيرسخ لديه الاعتقاد بأنني ميسور الحال ولا أريد ان أدفع له ، سيما وانه عبر عن ذلك حينما رآني أحمل جاكيتي الوحيدة للغسالة في ذلك الشهر الذي بيني وبينه الأن شهر آخر مضى ، ليس لذلك السبب ، بل لأنه لو رآها ، أقصد،قشر التفاحة التي فجرت فيها كل أحقادك المشروعة ، التي هي ثورية مطعمة بالهزيمة لا الانكسار ، في الليلة الماضية ، نعم بسبب أنه لو رآها سيرتفع ضغط الحسد عنده لحياتي أنا العاذب جداَ، مما يجعله أكثر اندفاعا، تجاه أن أخرج من هذه الغرفة أو أحضر زوجتي التي ادعيتُ ،أنا، في الأيام الأولى ،تلك الأيام التي كانت تحتوي على قدر لا بأس به من الود ، ادعيت بأنها، اقصد زوجتي ، ما زالت على قرار أنها زوجتي ، مع علمي بأنها انفصلت عني ، أو ، انفصلت ،أنا ،عنها ..كلا انفصلنا عن بعضنا وذهب كل منا في سبيله بالرغم من ما بيننا من ود لم تضعضعه المسافة التي نشبت بيننا . لم يعلم هو ،مالك المنزل، أنني ادعيت ذلك حتى لا يصاب بتلك الغيرة على غير المتزوجين التي اكتشفتها حينما كنت على قيد الزواج ، كما،رأيتها تصيب آباءنا وآباء أصدقائي فتدفعهم لطرد أي عازب يستأجر بجوارهم أو في أي مكانٍ آخر ،بدعوى خوفهم على عوراتهم من النساء والبنات . عليّ أن أضعها ،قشر تلك التفاحة اللعينة ، في اسفل كيس القمامة الخاص بيّ، أنا وحدي في هذه الغرفة ، حتى أتمكن في منتصف النهار والبيت خالٍ من نظراته الباحثة عن أي سبب للاشتباك معي ،من قذفها في المرحاض وبسرية تامة . يمكنك الآن أن تنتظره حتى يطرق لك الباب ليجدك بهذا الوضع الذي حتماً سيدهشه ، بالرغم من أنه لن يرضي معلمتك ، التي صارت تحوم حول ذاكرتك الأن و منذ عشرة أيام خلت، لماذا؟ لا تعلم ، يمكن لأن هذه الفترة تماثل فترة الشتاء هناك مما يجعل علاقتك بها اكثر إنشداداَ ، ليس فقط لأن الشتاء بارد وأنك تحتاج أو هي تحتاج لدفئك الغارق في نهم النمو، بل لأن الصيف هناك يجعلك تتآمر عليها وتذهب للنيل لممارسة هوايتك المفضلة بعد أن تكون قد أخرجت صنارتك وتسللت إلى النيل مساءاً ،دون أن يراك أحد من أسرتك ،أو من أي أسرة تجاورك وتعطي نفسها الحق في الخوف عليك من الغرق في مياه النيل ، الذي، أي النيل ، احتضن عدد لا بأس به من أصدقائك أو زملاء دراستك ، "إلا أنك لم تتعظ من ذلك" كما كانت تقول لك بنت جارك ، التي صارت تغرق في دموعها كلما علمت أنك ذهبت إلى هناك ولا تكف عن النهنهة والتوتر أمام الآخرين ،أو ، البكاء داخل حجرتها إلا بعد أن تعود أنت ممتلئاً بعقدة الذنب وحبها فتعدها بأنك لن تذهب إلى هناك مرة أخرى ،كما ،وأيضا أن الصيف هناك،حيث هي الآن، يدفع الكل للنوم خارج غرفهم أو في ساحات بيوتهم ، مما يجعلها وأنت تتهيبان هذه المغامرة ، التي ما أجملها في الشتاء بالرغم من أنك لست الطرف المتشجع لدخولها ، كعادتك، في تلك الفترة ،حينما كانت توصيك فيها بأن تحافظ على نفسك من أولئك المعلمات اللائى كن يتلاهين بك بدعوى ذكاءك الذي لا تعلم أين ذهب الآن . لم تكن تأتي ، هي، بعد التاسعة ليلاً أو برداً لتسرقك ، فقط أنت الذي كنت تنسرق ، إليها،أليست مدرستك ، كما أنت تلميذها متعدد الأغراض ؟. لابد وأن زوجها ذاك ، الذي كانت تكره، هي رؤيته، في تلك الفترة مثلما كنت أنت ،لا تكرهه،بل وفقط ، كنت لا ترغب في رؤيته، وحتى الآن لا تريد أن يمر بذاكرتك طيفه ، وفي هذا الوقت تحديداً ، الذي يجب ان تكون هي قد غادرته في مثله ، أي الوقت ، دون أن تلقي عليه تحية الصباح وبعد ان تكون قد رفضت له ، طيلة الليلة الماضية والتي نحن الآن في صباحها ، أن ينقض على حقوقك فيها. كان ينبغي عليّ أن لا اقلق ، لأنها طرقته التالية للطرقة التي أصحو عليها ، إلا أنها تذكرني بالصفارة الثانية في مراكز التدريب القتالي والثوري جداً ،التي ، أي الصفارة الثانية ،يجب أن أكون قد سمعتها غصباً عني وعن رفاقي الذين هم معي في نفس الدورة التأهيلية الأولى والأساسية للقتال ، وسأكون قد شرعت بعدها ،أي الصفارة الثانية ، مباشرة في تجهيزي ووضع خرقي البالية على جسدي ، أو حشر جسدي البالي فيها ، ثم أشرع في البحث عن مسواكي الخشبي الذي يزعجني بضياعه اليومي أو هروبه الدائم من أمامي ، مما يكلفني نصف الزمن المتاح ليّ لأضع نفسي في حالة الاستعداد للصفارة الثالثة والنهائية كما أنهما ،أي المسواك والبحث عنه ،يتلفان كل فكرتي التي جهزتها البارحة ليلاً للإفلات من البرنامج الرياضي ،أو العقابي ، والذي هو إجباري طبعاً ويستمر لثلاث ساعات كاملة دون أي توقف يشكك في الولاء الثوري أمام مدربينا ، الذين لا يفوتون أي فرصة أو خطأ ليحولوه إلى ساعات إضافية من العمل المضني والفردي أحيانا. ما عليك الأن إلا أن تجهز نفسك و تجعلها في الوضع الذي اقترحته ، أنت ،لتقابله به هذا الصباح بعد الطرقة الثالثة ، التي هي حتماً آتية بعد دقيقتين من الآن . اعلم انك لا تريد أن تدخل معه في حوار طويل يمكن أن يفسد لك مزاجك الصباحي الذي استقرت فيه نواياك ، الحسنة جداً ، على أن تقابل به ذاكرة صديقتك ، تلك التي ستكون الأن وبلا شك قد بلغت أنت أيضا ذاكرتها ،عملاً بالمثل الذين يقولون أنه يقول " القلوب شواهد" . عليك الآن أن تستعد في وضعك الجديد الذي اخترته للقائه هذا الصباح أو الوضع الذي اقترحه سلوكه ،هو ، الملحاح اللجوج واللزج معك ، أنت ذو الحساسية المفرطة لحد ابتداع شتائم لا وجود لها في قاموس أي لغةٍ ، شتائم أشبه بشيءِ ناعم يتحرك بين الهمهمات و رائحة النعناع، تبتدعها أنت من جراء حساسيتك المفرطة على إذن جارتك الرقيقة تلك ، تبتدعها لا لشيء سوى أن تجعل (فورتك) الصباحية تلك غير ناقصة من حيث الإحساس الشتائمي الذي يجب أن يصاحب حالات كتلك الحالات التي صارت تتلبسك كل صباح عند رؤيته ،كما أنه هو ، وبحكم عدم إجادته للغتك ، أو أي لغة غير التقرنجة ، سيعتقد أنها شتائم وستكون بذلك قد أبلغته رسالتك الشتائمية كاملة وغير منقوصة ، مما يحمله على التراجع مندهشاً ومتوارياً عنك خلف شتائمه ، هو ، والتي لا تفهم منها أنت شيئاً سوى اعتقادك بأنها شتائم يجب أن يطلقها الشخص في المرحاض ثم يخرج ليواصل فورته الصباحية . ضع يدك بهذه الطريقة التي لم تجربها قط حتى في طفولتك ، بدعوى التهذيب الذي يصفك به كل جيرانك ومعلميك، ولا تريد أنت إفساد هذه الصورة التي في أذهانهم عنك ، مما جعلك ، أنت ، أسير فكرتهم تلك ولا تجيد أشياء بديهية وضرورية لمواقف كهذه ، كالسباب وأشياء أخرى كان من الممكن أن تنفس بها أو تنفذ بها كل مخططاتك العدائية حينما لا تواتيك الجرأة أو القدرة على ذلك الفعل المادي الذي يحتاج منك لقوة كافية لا لجسدك النحيل هذا ، كما وأنه يحتاج أيضاً ، ذلك الفعل ، لحماية قانونية تضمن لك عدم دخولك غرف لا تريد المرور بها في هذا الظرف الماثل أمامك دون أن تظهر عليه بادرة ملل أو رغبة في الذهاب من أمام وجهك ، وجهك الساعي نحو الحياد والابتسام حتى في قمة ضجره . عليك الأن أن تبحث في ذاكرتك جيداً عن سباب يتناسب و هذا الوضع الجديد الذي انعطف عليه صراعك معه ، ذاكرتك التي أصبحت لا تحتوي أو لا تجيد سوى تذكر مواقفك مع بنت جارك / معلمتك أو صديقتك مؤخراً بعد أن بلغت ، أنت ،السابعة عشرة من عمرك وأصبحت المتلقي الأول لنصائحها الغير سارية المفعول عندك ، لا سيما وأنك كنت تعتقد أنها صممت خصيصاً لك ، خاصة وأنها قد بدأتها في ذلك اليوم الذي ضبطتك فيه متلبساً بمراقبتها وأنت تداعب شئٌ ما يخصها هي وحدها في ذلك الزمان، أجل حينما ضبطتك تمارس هواية مراقبتها وهي غارقة في إغماض عينيها المشرعتين صوب استرخاءها ، لم تنزعج هي كثيراً لذلك إلا أنها عبرت عن عدم ارتياحها لفعلتك تلك بتعليقها لك ، بعد يومين ، بأنك وحسب المفاهيم القديمة ، والتي تعلمتها من جدتها ، كما قالت لك • انك إذا فعلت كما فعلت في ذلك اليوم ستصبح أسير من كنت تنظر إليها وهي في تلك الحالة ، وستتعلق أنت بها حتى وإن هجرتك . لم اعمل أنا بهذا النصح لمرتين غير متتاليتين مما أوقعني في حالات حملتني إلى شبه اليقين من صحة حديثها ، أو من صدق نصحها ذاك الذي سأبدأ العمل به مع أول صديقة تتيسر ليّ . هاهي الطرقة الثالثة تقترب بخطواتها اللعينة وأنت غير متأهب تماماً، هاهما يديك في الوضع الذي اقترحته يدك اليسرى لليمنى ، لكن كيف ستتمكن من فتح باب الغرفة ويديك بهذا الوضع ، لا بد لك وقبل سقوط الطرقة على بابك ، باب الغرفة ، من أن تمرن إحدى قدميك على طريقة ما لفتح الباب وأنت في هذا الوضع ، قبل ذلك عليك أن تجعل الباب متحرراً من الاحتياج إلى المفتاح أو حتى السقاطة ، سيما وأن أي من قدميك لا تستطيع الارتفاع إلى حيث تقيم أو تقبع سقاطة الباب ، خاصة وأنك لم تحاول في طفولتك أن تتعلم أي شئ من فنون الكاراتيه يمكن أن يفيدك الأن .أيضا لابد من تصميم بعض الشتائم الناعمة لتقع دافئة على آذان جارتك الصغيرة التي تقاسمك انزعاجك اليومي وتتمنى ، أنت ، أن تشاركك أشياء أخرى تجذبك نحو هذه الغرفة التي تتهرب أنت ، ومنذ مدة ، دخولها مبكراً . عليك أن تختار شتائم لا وجود لها في قاموس الشتائم بأي لغة أخرى وفاءاً لها وللطفها الذي تقابلك به كل صباح حافل ، كهذا ، بابتسامة تشيع فيك المرونة و الرغبة في الاشتباك مع الآخرين بمثلها ، تلك الابتسامة ، أو بسباب مثل " يالك من رجل لا يجيد سوى طرق أبواب الآخرين صباحاً ومساءا" أجل سباب كهذا على أن تقوله بإحساس يملؤه الغضب وبصوت مستعار من أولئك الذين يؤدون الأفلام الشريرة . سيرد عليّ هو ، وحتماً، سيكون ذلك الرد تحت تأثير اندهاشٍ أجتاح وجهه من مشهد يديّ الجديد عليه وعليّ والمثير لقلقه وتساؤلاته عن معناه ، سيرد عليّ هو ، ومن المؤكد ، لأنه لا بد من أنه لم يكن مهذباً مثلي في طفولته ، سيرد عليّ بأبلغ مما صدر عني وبلغته هو طبعاً ، التي سيشحنها بغضبه ، وسوف لن افهم أنا منها شيئاً ، سيشحنني رده بالغضب ، مما يجعلني أنزل يديّ من أمام وجهه أطلق سبابي الآخر ، أو التالي للأول ، السباب الذي اقترحته عليّ طريقتي البسيطة في التفكير بأن يكون "عالمي أنت رجائي أنت عنوان أي شئ" ولا بد أن يكون ذلك حينما أكون قد وضعت قدمي اليمنى في الطريق إلى الحمام بعد أن أكون قد تأكدت،أنا ، تماماً ، من أن كل من في البيت قد دلف إليه أمامي وخرج ، وسوف لن يزعجني أحد بطرق الباب لي وأنا على المرحاض أو حتى بقلق انتظار أحدهم لخروجي ، الذي لن يحدث حتى افرغ كل مقولاتي المتلبسة ثوب فوضي الشتائم وغضبها أو غضبي الذي سأضفيه عليها أنا معه ، هو ، صاحب البيت . عند خروجي من الحمام وانا فارغ من كل تلك المقولات المتشبهة بالشتائم ، سيكون قد انتهى من ضخ بعض الهواء الناقص على إطار دراجته وشرع في الخروج متوعداً إياي ومتحرشاً بصورتي ، التي لن تفارقه ،كما أنها ستطارده بشتائمي الناعمة ، نعومة ابتسامة جارتي الصغيرة ، ستطارده حتى مكان عمله مما يجعله عاقداً العزم على إحضار رجل قانون ليخرجني أنا بكامل شتائمي الغير مقنعة له ولأذنه ، التي تعلمت شتائم من نوع أصيل يجعله يتنفس بارتياح لاشتباك صباحي يستعرض فيه قدراته الشتائمية أمام زوجته ، التي ستؤازره بالتصفيق له أحياناً أو بتلقينه بعض الشتائم التي ستغيب عنه من جراء مشهد يدي الجديد ، كما سأعتقد أنا وأستنتج ذلك من فشلي في استيعاب ما يقوله ، هو ، لي ، أو ما تلقنه له زوجته ،ثم ادخل أنا إلى داخل ملابسي على عجل ، حينها ستراودني ، وككل صباح وخاصة بعد الحلم الذي صحوت على تأثيره هذا الصباح، ستراودني فكرة أن اشتري صنارة لصيد السمك وأتجه لتلك النافورة ، التي هي ،وأنا اعلم ذلك أنها خالية من أي سمك . أتوجه إليها لاصطاد فيها ،أو بالأحرى، لأمارس فيها هوايتي المفضلة ، وساكون أنا مقتنع بانه ليس من الضرورة أن اظفر منها بسمك ، فقط عليّ أن استعيد تلك الأيام التي كنت اذهب فيا لصيد السمك في النيل و أعود خاوي الصنارة وانا منتشيّ لأنني لم ارتكب أي جرم علي السمك الذي أتوزع ، أنا ، بين حبه و حب بنت جارنا الطيب ، التي ستلقي بيّ في أحضانها وهي منهمكة في البكاء عليّ حينما تعلم أنني ذهبت إلى ذلك المكان الذي لا يعني لها سوى غرق كل من يقترب منه ، لكن ستواجهني الآن مشكلة يمكن أن تحول بيني واكتمال استمتاعي بممارسة هوايتي " إذ من أين سأوفر ديدان الصار قيل التي هو الوجبة المفضلة للسمك كما يرى الصيادون وال……. هاهي الطرقة الأخيرة تسقط على رأسك ………….. لكن ماذا لو تمردت،أنا، علي هذا الروتين ولم افتح !!!!!؟؟؟؟؟
05-27-2007, 06:25 PM
يحي ابن عوف
يحي ابن عوف
تاريخ التسجيل: 05-25-2002
مجموع المشاركات: 6335
الحبيب عبد الباقي اشد على يدك لك التحية والهدف ياعبد الباقي هو أن نقدم شئ يفيد ارجو ان يستمر هذا البوست لاعتصار الجمال الذي يحتويه كثير من اعضاء المنبر فى باب القصة القصيرة
05-29-2007, 04:20 AM
mustafa mudathir
mustafa mudathir
تاريخ التسجيل: 10-11-2002
مجموع المشاركات: 3553
الصديق القاص يحيى بن عوف أشكرك على فتح هدا البوست الهام وأبعث عبرك تحياتي لمشاركيك فيه وأخص منهم الأخت العزيزة آمال التجاني وسلمي الشيخ وعنواني الالكتروني يا آمال هو: [email protected] ,أرجو أن تراسليني سريعاٌ وسأوافيك يا يحيى بقصة قريباٌ وشكراٌ لك مصطفى مدثر
05-30-2007, 06:54 AM
يحي ابن عوف
يحي ابن عوف
تاريخ التسجيل: 05-25-2002
مجموع المشاركات: 6335
الاستاذ العزيز مصطفى مدثر تحياتي واشواقي لك ياراجل وين انت والله الشوق مطر وشكرا على مرورك فى بوسط القصة القصيرة ومرحبا بعودتك والدار نورت و اسف على التأخير فى الرد لظروف العمل
الي حبيبتي التي هناك .. هناك هي لا أنا ، أنا هنا أرقب رمق أمل ظامئٍ الي وعدٍ حاقنٍ تحمله أضرع سحاب ثقال والريح تجري به الي بلدٍ .. حيث لا أنا حيث لا هي .. حيث الفراق ماثل ، حيث الصمت يفترش أضرحة المداخل ، وبهو الأمكنة خزفيً الطلاء تسيل دموعه نفطاً عبثياً لا يضئ كهوف الكآبة التي لا يسكنه فتية ، غير كلبٍ بوصيدٍ باسط ذراعيه .. وأنا هنا تعرت شجاعتي المفتعلة ويبست على غاباتي أوراق الشجر ، فليت يلفظني إليها جوف الكهف الي أسفل اليم .. حيث هناك ورق اليقتين ..
هناك حبيبتي – حيث كنت – تنسرب زرافات الفرح فتمتلئ أزقة الطرقات بالعبث المنقى من هوجة الزيف والفعل المشين ، هناك تناديني مريمٌ بدعوات مليحات فتقوُم إعوجاج شغبي الطفولي المجنون ، وهناك أكون .. كيفما أحب أن أكون ، وعلى صدرها الحنون تعاتبني فيما التأخير ، فأتجاسر على أمي الحنون ، أعلن لها بأني أصبحت كبيراً ، فتضحك من جهلي أمي وتجاوبني بلطف – رغم فظاظتي – وأنا أيضاً شوقي وحبي إليك كبير ، لا تغاضب هناك أمي ولا أزقة الحوارى تمل مني ، وهناك في بعيد الزمان – حيث كنت – هناك بين أتراب الحسان – حيث أذكر – إنفلتت كاعب حسناء تضاحك طفلة .. كان لونها أذكر مثل لون الطفلة صافٍ ، وأذكر حينها إختلط عليً الأمر ، فلم أعد أفرًق هل كنتِ أنتِ الطفلة وكانت هى الحسناء الكاعب ، أم العكس هو الماثل .. حيث دنوت من طفلتي أقبلها أحسست – حينها – أن ذاك الخد ناضج ، لم أعاتب نفسي ولم أشعر بالحرج حينها ، فكنت أدخل البيوت دون إستئذان ، لا أذكر أن هناك من قال لي عليك بطرق الباب قبل أن تلج .. فكنت أجهل أن طرق الباب والإستئذان واجب ، فكنت حينها طفلا صغيراً .. إلا على أمي فأنا رجل وطفل .. هادئ ومشاغب ...
أذكر يوما كان ذلك قبل أن أعرفك – حسب ظني – سألت أمي أن تأذن لي ، وكان كل من في سني يذهب صباحاً ويعود وضح النهار ، آثرت مصاحبتي ، وأذكر بوضوح شفيفٍ أن الناظر تفرس في وجهي ، فأخرجت أمي شهادة – كان الشهادة مدسوسة في صدر أمي – قال لإمي دون أن يعنيني تنقصه بعض الشهور ، فهو – حسب شهادة ميلاده – مولود في أكتوبر ، فألححت وبكيت وصرخت ، وأذكر حتى الآن أني أعلنت الإضراب عن الأكل – كان ذلك فقط أمام أمي – أذكر أني ركبت معها في عربة كنت بالطبع أجهل وجهتي وكذا أمي ، لو لا أن جاراً لنا كان يقصد نفس الوجهة ، جاء دوري ، داعبني الطبيب سائلاً ماذا تريد ؟ رددت مثل الببغاء ما قاله الناظر لإمي ، تنقصني بعض الشهور ، فقال أوتيت سؤلك يابنيً ، ستة ستفي بالغرض ، فصادف ذلك شهر أبريل ، وفي الصباح – كان ذلك صباح اليوم التالي – خرجت مع أقراني ورفاقي وأوصتني أمي أن أسلم هذه الورقة – ودستها في جيبي – الي الناظر ، فتفرًس مرة أخرى في وجهي – مثل الأولى أذكر – ودلفت مع الصبية الي الصف ، ولكني سريعاً أشتقت إليك حبيبتي .. والى أمي ..
هل أنا أحببت فعلا وأنا ما زلت طفلا صغيرا لا يفهم معنى الحب ، أم تلك الصورة القديمة لا تمثل الواقع .. لكن كل ما أعرفه عن نفسي كنت صبورا ، كان صبري مثل الافق شاسع شاسع .. لا أذكر – مرة – أني مللت إنتظارك طرف الشارع .. ساعةً .. يوماً .. أو مجموع أيام .. فكنتِ تأتين وكنتِ تأتي ، وفي كل مرة كنت أبني لك عذراً ، حتى صار - بسبب غيابك – بناؤك شامخاً ، كان يماثل برج إيفل .. كان مثل خوفو وأبي الهول .. كان إنتظاري وغيابك يمثل كل حضارات الفراعنة وكل داعيات الفتوحات العربية ، كان يمثل تمدن الفرنج ويمثل بدائيات الزنج في أحراش الإستوائية ، وفي ( كيب تاون ) وفي ( الملايو ) ، وحين كنتِ معي وأنتِ لا تأتي كان يسكنني فدياسا وروحاً عبقريا ، فكنت أعبث بشعرك الشلال وبالمرمر ، وكنتِ أنت أعظم عندي من كيلوباترا ومن مريا ..
أنت الآن هناك ، لم نلتق رغم أن الشمس تطرح كل يومٍ صباحاً جديدا ، ولكن لا نلتق لأنني أنا هنا ، وأنت هناك ، هنا عكس ما عندكم ، المرافئ هناك يا وعدي ، هنا المنافي ، هنا نسمع صدى الكلام ، هنا نرى كل يوم فقاعات الرجاء حيث يذهب الزبد جفاء ، أما ما ينفع حبيبتي فيبق هناك ، هناك حيث أنتِ يا ألقي ..
وعدت نفسي – قبل أن أعدك – أن أكتب إليك كلما سنحت لي فرصة ، كي أبثك – بجانب شوقي – همي وحزني ، ولن أنسى بالطبع – كما أوصيتيني من قبل - أن أدون لك لحظات الفرح والألق التي تنسرب بين حين وحين من قبضة – الماكر – ذا الزمن ، وأذكًرك الآن حتى لا أنسى – كما فعلت في جميع رسائلي – عليك بالصبر ، فعندي يقين رغم قتامة الزمن الذي يبدو لي ولك ، يقيني أننا سنلتقي ، سيكون لقاءاً – مثل حبنا – قوياً ثائراً مذهلا ، وسنطفئ بوهج الشوق الذي يدفعنا دفعاً لظى الحرمان الذي كان ، وسنغسل بدمع الشوق الذي يمطرنا مطراً عباءة المآسي والأحزان التي لفت كطوقٍ حول الجسد فما وهن .. هذا حبيبتي ظني ويقيني ، مع خالص أمنياتي لك ولأمي ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة