|
مسألة الهوية المربوطة بلغة او ثقافة او دين هي نوع من الاستهبال والتدليس السياسي والفكري
|
السلام عليكم بعد غياب
وها نحن نراهم يلجئون اليوم إلى طرق جديد للمراوغة وكسب الوقت لابتزاز الشعب السودانى بأسم العروبة والدين والوصاية على دين الله وانقل حرفيا ماقاله عمر احمد البشير لايمكن أن تكون هناك وحدة فى السودان إلا تحت راية الإسلام ولايمكن أن تكون الخرطوم عاصمة لدولة علمانية ويوضح هذا التصريح الخطير توجهات الحكومة والمقصد منها تقسيم السودان ونخطىء ان اسمينا هؤلاء المتعصبيين بالأسلاميين فالذى يدعون له لا يتفق مع الممارسات السائدة فى أى دين ولاشك فى أن نداء كل القوة السياسية المعارضة لهذا النظام للفصل بين الدين والدوله هو الأقرب لتقاليدنا السودانية ففى افريقيا مثلا دول يمثل المسلمون غالبيتها العظمى مثل السنغال ومالى ومصر وتشاد وارتريا ونامبيا والصومال لم تقبل واحدة منها الإنزلاق إلى تلك اللعبة الخطرة لعبة فرض قوانين عامة ذات طابع دينى وينطبق هذا أيضا على دول عربية إسلامية بل يمثل فيها المسلمون كل السكان مثل الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتنيا ودول عربية عديدة لم تقبل واحدة منهم الإنزلاق إلى فرض قوانين ذات طابع دينى ان نصيحتنا الخالصة للبشير الكف عن انتهاج موقف المتعصبيين لأن هذا المنهج منهج غير تأريخى وغريب على السودان كما هوغريب على افريقيا ونكرر القول أن أى قانون دينى إنما هو بالضرورة قانون خاص لأنه يعالج العلاقة بين الفرد وربه وحسابه على ماقدم سيكون عند ربه لاعند حاكم دهرى يفترض أنه وكيل الله على الأرض. مسألة الهوية المربوطة بلغة او ثقافة او دين هي نوع من الاستهبال والتدليس السياسي والفكري يتكون السودان من قوميات متعددة، من مجموعات إثنيَّة متعددة، أكثر من 500مجموعة تتحدث أكثر من مائة لغة مختلفة، فى الشمال قبائل كثيرة غير عربية والغرب والشرق والعديد من القبائل فى الجنوب، هذا هو التنوع، فهناك المسلمون، وهناك المسيحيون هكذا، فإن هذا التنوع المعاصر، "قومياً" وإثنياً وثقافياً ودينياً، الذى يواجهنا فى السودان هو أن نصهر جميع عناصر التنوع التاريخى والمعاصر لكى ننشئ أمة سودانيَّة، نستحدث رابطة قوميَّة تتجاوز هذه "المحليات" وتستفيد منها دون أن تنفى أى من هذه المكونات. إذن، وحدة بلادنا، الوحدة التى نتحدث عنها، لا بدَّ أن تأخذ هذين المكونين لواقعنا بعين الإعتبار حتى نطور رابطة إجتماعيَّة سياسيَّة لها خصوصيتها، وتستند على هذين النوعين من التنوع، رابطة إجتماعيَّة سياسيَّة نشعر بأنها تضمنا جميعاً، وحدة أفخر بالإنتماء اليها، نحن بحاجة الى وحدة جديدة، وحدة تشملنا كلنا بغض النظر عن العرق أو القبيلة أو الدين، هناك في التاريخ أمثلة كثيرة على انصهار الحضارات وذوبان الأعراق في بعضها البعض، وهناك أمم كثيرة فقدت الارتباط بأصولها التي جاءت منها، الحضارة جسد حي يمكن أن يتصاهر ويتناسل لينتج أجساداً حية أخرى، كما يمكنه أن يصطدم ويتصارع مع أجساد أخرى، ولكن الصراع نتاجه الهدم لا البناء، فكما أن البقاء للأقوى، فإن هذا الأقوى لا يمكن أن يخلد دون أن ينتج عنه جسدٌ جديد يكون وارثاً لحاله.
|
|
|
|
|
|