|
الواقع فى أرض الشمال
|
الواقع فى أرض الشمال
صديقنا محمدأحمد ود الرزوقى تربال بسيط برنامـجه اليومى معروف لدى كل الناس حاله كحال كل أبناء الشمال يقوم فى الفجر يتوضأ ويصلى ويستغفرربه ثم يشرب شاى الصباح باللبن ويتوكل على الله ويشيل طوريته ومنجله ويتدلى على الساقية يدور بابور الموية ويقعد يقرع فى مويته من حوض لحوض أما زوجته بنت إدريس فتآتى له بالفطور فى الصباح فطاره المعروف القراصة والسمنة وتيرميس الشاى أما فى الغداء فكانت الكسرى والملاح وعندما تأتى الساعة الثالثة عصرآ يحمل محمد أحمد منجلة ويحش قش الغنم بعد أن يكون قد أوقف بابور المياه ويحمل قش غنمه على حماره المعروف ثم يحمل الطوريه والمنجل ويرجع فى المساء إلى منزله فيجد زوجته بنت إدريس قد جهزت له شاى اللبن فيشربه ويخرج ليتسامر مع أصدقائه على ضوء القمر وبين أحضان الرمال لم يحلم يوم من الأيام صديقنا محمد أحمد أن يكون له عربية خاصة أو أن يكون وزيرآ أورئيسا كان كل ما يحلم به هو أن يذهب إلى الخرطوم ليرى الكهرباء ومويه الدش والعمارات الشاهقة كان حلمه بسيط لا يبعد عن قدميه بضعة أمتار وذات يوم قرر أن يذهب إلى الخرطوم لزيارة أقاربه وليمتع نظره بأحلامه البسيطة فتوجه إلى كريمة حاملا شنطته الحديدية وبداخلها ملابسه
وقليل من التمر والمنقه للأقارب بالخرطوم ثم ركب القطار وبعد أربعة أيام وصل محمد أحمد إلى ابن عمه بالخرطوم بحرى وجلس يحكى لابن عمه عن المصاعب التى واجهته بالقطار وعن الأحوال التى تمر بها البلد فى المديرية الشمالية وقال أن كل شىء بقى بالسوق الأسود وما فى وفجأة أنقطع عن الحديث وظل شارد البال بضعة دقائق ثم سأل ابن عمه أنت المصانع وقفت فى البلد دى ولا شنو ضحك ابن عمه ضحكة عالية فقال له هو فى مصانع الأن مع ناس الجبهة دى ما كل حاجة انتهت يا محمد أحمد . محمد أحمد: ياحليل أيام زمان وقت الزمن زين وقت كنا صغار بطينين كنا لا نعرف جروره ولا سداد دين ولا نعرف عشانا بيجوبوه من وين ابن العم كدى سيب الغنا يا محمد أحمد وقوم أستحمى وأرتاح شويه علشان بكره أنا أوديك لناس عمك وأولاده تسلم عليهم وتأخدلك يومين معاهم محمد أحمد أنت ما داير تنـزل تفسحنى ولا شنو ابن العم كدى أمشى أخدلك يومين مع عمك وبعدين أجى أفسحك وفى اليوم التالى توجها إلى أمدرمان هو وابن عمه وفى الحافلة المتوجهة إلى أمدرمان ظل محمد أحمد ينظر إلى العمارات والبنوك الاسلامية المنتشرة فى كل الخرطوم وظل ينظر ذات اليمين وذات الشمال
فقال يا ود العم صاحبى السر لمان جى زار الخرطوم وقعد يحكى لى عنها قال لى أن فى بنات لافات فى الشوارع زى الغزلان أناحاليا ما شايف غزلان شايف لى تيوس لافه فى الشوارع الحصل شنو فى البلد دى فجأة يسأله الشخص الذى يجلس بجواره فى الحافلة: أنت من وين ياود العم؟ محمداحمد: أنا؟ انا من الشمالية. الماعاجبك شنو فى البلددى؟ محمداحمد: والله الحال أتغير كان فى الخرطوم ولا فى الشمالية أتغير أنا ما كنت فاكر البلد دى بالطريقة دى . ابن: العم يا محمد أحمد أسكت يأخى. بعد نصف ساعة وصلت الحافلة إلى المحطة الوسطى أمدرمان فنزلا من الحافلة وفجأة أستوقفهم صديق لابن عم محمد أحمد وبدأ يتحدثان عن العمل فى الخليج بعد أن أحيلا إلى الصالح العام وفجأة التفت ابن العم لينظر إلى محمد أحمد فلم يجده وظل كالمجنون يسأل كل الأشخاص حوله وينظر ذات اليمين وذات الشمال كأنه ذهب مع الريح فذهب إلى قسم الشرطة وبلغ وذهب إلى المستشفيات فلم يجده ورجع إلى منزله يائسا وفى اليوم التالى فتح ابن العم الصحيفة ليتصفحها مع كوب من الشاى فى الصباح فرأى صورة محمد أحمد فى الصفحة الأولى فأستغرب وأستعجب وفى لهفة بدأ يقرأ فى الخبر القبض على زعيم خلية من خلايا الشيوعيين فظل يضحك ويقول هذا زمانك يامهازل فامرحى هذا زمانك يامهازل فامرحى .
|
|
|
|
|
|