|
تأملات فى فكر النبيشة
|
تأملات فى فكر النبيشة
بيت الفراش مثالا
تاج السر الملك
نولد فى السودان و نحن موسومين بشلخ عبودية أجتماعية يجوز فى ساحة قضائها النبذ و الجلد و السحل و التقريع و التشنيع و اللوم و قرص (الأضان), و شيل الحال أن دعا داع الفدا, و يستلزم باب الأنصاف فيها منح شارات الشرف و أضفاء الألقاب و منح الرتب من العريف (مجامل)و الرائد ( أخو أخوان),و حتى رتبة المشير ( ضكر), و غير ذالك من الرتب و المراقى التى لا و لن تعود عليك بمعاش أو مكافأة غير صدق الظن بالذات العلية . فواجب العزاء و زيارة بيت الفراش (خاصة و هو حار) أمر يدخل فى دائرة النبش المهولة, و التى تتعقد و تلتوى حتى تصل حد ( الأداكم بالكوريق..الخ الخ), و لا يهم حال ظهورك فى بيت الفراش أن تتحول الى (ود أبو قبورة ) شخصيا فأنت معفى من كل قواعد توقير الموت و الميت, فطالما أنك ( وريت وشك) للأحياء فلا حرج, و لا يهم بالضرورة عدد ما ترحمت به على الميت من دعوات, و لا يهم أن كنت تردد ( فى القولد ألتقيت بالصديق ) و انت ( شائل الفاتحة) , كما و يمكنك عمل ( سكان) سريع خلال لحظات الشيل و تحميل أسماء الموجودين فى تلك اللحظة فى ( فائل) خاص (ماى نبيشة دوكيومنتس) , ترجع أليه فى لحظات التلذ ذ و القرقشة التأنيبية القادمة, و يتم أستثمار ذالك الفائل فى عملية دعم ( السلف ستيم ) بالشماتة فى الأخرين الذين لم تمكنهم ظروفهم من المشاركة., و تأتى المبادرة بألقاء عبارات لها هيئة الطعم, بريئة فى ظاهرها مضللة فى تركيبتها ( والله بيت ناس عزو ده بعيد خلاس)..أياك و أياك من ألتقاط الطعم..ناس عزو ما لن؟؟ - كيف ياخى ..عندهم وفا..ما ممكن تكون ما سمعت؟؟؟ جانكوف ما كلمك؟؟ ثم تتلألأ الغبطة فى العيون, حال علم السائل بأنك ( ما مشيت) , غبطة لا تعادلها غبطة الأنبا شنودة ,و تبدأ القدلة ( يا زول هوى..نحنا كل حاجة و البكيات دى, ما بنهظر فيها..)..ثم نظرة مسترقة أيذانا بميقات الضربة القاضية ( حار حار يا رجل) ..و بيد غليظة من التبكيت..توف .. و انت مبحر الى الأبد فى رحلة الذنب البائسة المظلمة. و قد تفاقمت حيرتى طوال سنوات خدمتى السودانية , يافع أستمع الى الأسئلة المكرورة المملة و أنا أحمل أبريق الغسيل بقرف زائد , لرجال يتنخمون ( فى سنة كم يا شاطر) تلاحقنى بلاهتهم الممعنة مثل عقدة أوديب, ما هو المعنى وراء كل ( غائط البغال) هذا, هل الفكرة فى العزاء كبادرة طيبة أم الغرض أتقاء النبيشة؟؟ وماذا عن عبقرية النساء فى البكاء دون دمعة ذارفة ( أىىىىىىىىى يالعديلة و يا الفضيلة..) أم أن الفكرة كامنة فى قول الحاجة ( أمشى ورى وشك و تعال ألحق الغدا) ؟؟ أو الرغبة فى الألتحاق بلجنة تحكيم الطعام ( الملوخية عند سعاد و لا بلاش)؟؟ أم التبارى فى خفة الدم ( سمعت اخر نكتة؟؟) و غالبا ما تبدأ ب (قالو..) و ذالك ( ليق اخر), أم أن حقيقية مشاعر الحزن والرغبة الحقيقية فى مشاطرتها و أقتسام الأتراح و الشعور الصادق بوجوب أسدء العزاء و الدعم المادى و المعنوى و الجسدى وراء ذالك؟؟ أذكر أن أخى عثمان سنادة و الذى ظل رافضا العمل خارج السودان حتى هذه اللحظة بصبرتاريخى و تفان أسطورى , ما أحتاز وزارة و لم يمالىء مستوزرا, قال يخاطبنى فى ليلة قارسة أنبهمت مسالكها ألا من بصيص رذاذ ضوء الرتاين ونحن فى خلاء مقابر شمبات, قال لى و هو ناظر قبر والدته الذى تم حفره بأياد رجال لا نعرفهم فى الفترة ما بين أعلان الوفاة ولحظة الوصول الى المقابر ( دى بلد بتتفات؟؟) وتداعى الى السؤال المتهالك..هل كان بوسع عثمان أنحاء اللوم على هؤلاء الرجال المجهولين ان لم يقوموا بالحفر؟؟ و وواتتنى الاجابة الأكثر تهالكا المنطقى منها..لا..و اللامنطقى ..نعم يحق له وفقا لشرائع العبودية الأجتماعية و حكمتها البوذية القائلة بصراحة سريالية ( الما رادك ما لومك)؟؟؟ و قد علمت تلك الليلة أن تحت تلك الريدة اللعينة ترقد نظرية النبش فى هدوء و سلام. قبل أيام , اتصلت بصديق لأطمئن منه على صحة صديق آخر بلغنى خبر وعكة ألمت به, و كنت قد نسيت تماما ملابسات عدم تمكنى من الوصول الى ديارهم لتقديم العزاء فى فقد الم بهم قبل ذالك بقليل, وكان قد أبلغنى خيالى المعلول أن الأمر قد أحتواه المد الحضارى بالنسيان , حتى تسربت الى رياح (الريدة) عبر الهاتف,حين تغير صوت الصديق ( بأضافة بيز على خفيف) أمعانا فى الجدية والصرامة الواجبة فى الموقف النبيشى , فأصطفقت أذناى بهزيم رعد يسبق مطر المساخة السخى , فأحتميت بقاعدة ( الحى أفضل من الميت ) دون جدوى وأنا كذالك حتى صفعنى الصديق( بريدة نجلاء) لا سبيل لأتقاءها حين زمجر بصوت صبى حديث البلوغ ( ما شفناك فى البكا)؟؟ و راودنى شيطان ( ريدتى) بقول ( أنت مالك و شغلة الحريم دى) ..و أنتهت المحادثة و التى كان الغرض منها الأطمئنان على الحى , الذى هو أفضل من الميت بهزيمة الأحياء جميعا. و أذكر أن صديقا أبلغنى حال علمه بخبر وفاة والدته, عبر الهاتف, بأنه لا يود مقابلة أى أحد لتعزيته, و أنه يحتاج لبعض الوقت , يخلو فيه لنفسه ليسترجع اللحظات السالفة فى حياته, مستعينا بالهدوء على ا لتأمل و العبادة و الصلاة و الدعاء, فأحترمت فى الرجل خصوصية حزنه, و أبلغت من أبلغت بمشيئة الصديق, فلم يردع القرار ( بوارى) السيارات من النهيق أما باب داره المؤصدة, وما توقف زحف الجماهير الأبريلية عن الأعتصام فى حارته المنكوبة, و قد تأكد لى أن الجميع كانوا على حق أياى,فبمجرد خروجه من عزلته المجيدة , كان أول ما باشرنى به( نبشة) من عيون أدب الريدة ( ياخى كان ما جيتنى فى أمى ..تجينى فى منو؟؟) فأجبت المهاتما بقولى ( يجينى معاك ..زمن..أمتع نفسى بالدهشة).
تاج السر الملك 2006
|
|
|
|
|
|