|
الموس و الشطة...و فلسفة الجمال
|
الموس و الشطة...و فلسفة الجمال تاج السر الملك
قد لا يستطيع أحد الجزم بتشابه (الأخوان الصينيون!!!) المطلق , ولكننا نتفق جميعا على خصوصية ملامحهم و توافق قسماتهم و أتساق أبعادهم و أحجامهم و مميزاتهم, و ينطبق هذا القول على جميع الشعوب و القوميات , فللغانيون ملامح فارقة عن أهل الكاميرون و النيجيريين, و للجزائريون ما يميزهم عن أهل المغرب و تونس, و كذا الهنود والبنغال و أهل المالديف و الأنجليز و الأفغان و الشراكسة و حتى ( أولاد بمبة)- جميع شعوب الأرض لم تنجبهم (بطونا بطرانة) كالتى دفعت بنا ألى الحياة, خلاصة القول أننا أمة من الخلق الغير متشابهين!!! على الأقل شكلا, أما مضمونا, فذاك حديث يطول . و قد عن لى هذا الخاطر المؤرق بعيد فراغى من مشاهدة حفل غنائى مسجل على شريط فيديو (كل الضيوف فى الصورة الا العرسان) و ذلك تقليد فيديوهاتى عريق فى السودان, بدأت بمقارنة الألوان فشذ الجميع عن الأتفاق على حد أدنى للون, فكانت المسافات فارقة., و تأملت فى الأحجام و الأطوال و أنواع الشعر و الآناف و الشفاه فما تطابق أثنان أو ا قتربا من شعيرة القربى حتى أكذب عيناى و ألعن الشيطان , و قد أتفقت رؤيتى مع استدراكى و استحضارى للطريقة التى نصف بها ( الزول) لتقريب صورته الى المستمع مثل قولنا (أصفر ..طويل , ماكن, ليهو علعلة), فيفهم المستمع أن المعنى هو حسين محمد بيومى, وكذالك ذكرطريقته فى السعى فيأتى (سكريج)و (حسن أب كريع) أوصفاته الباطشة (محجوب أب لغد) و (عثمان طالوش) و حتى المجرمين توجب تممييزهم للعلم..(أب جنزير) فى عطبرة, و محمود حريقة فى مدنى كمثالين, و كذا الضحايا (قتيلة الشنطة), ( محمود وردية), الى آخره الى آخره...بينما لا يمكنك أحراز اى تقدم وصفى فى تركيا مثلا حين تقول(أصفر طويل ماكن ليهو علعلة) فهناك ثلاثة ملايين على الأقل ينطبق عليهم هذا الوصف. ثم أننا فوق ذلك نستخدم ألوانا ما تعارف عليها البشر فى الوصف , فنقول (أخدر) و (أزرق) فى وصف دكنة البشرة, وقد نضيف درجة حرارة اللون (خدرة باردة) بواعز ماكر, و هناك (الحمرة) و (الصفرة), و لون زينب, و القمحى, و غير ذالك ما غاب عنا فى أضابير الرطانة. و المتأمل فى ملامح الناس فى السودان , يجد فروقا بينة داخل البيت الواحد, و تذكر عبارة (البطن بطرانة) فى هذا السياق, تعليلا جازما و حاسما, وفى الشريط الذى شهدته, كان هنالك الطويل (عنقوق), و القصير (البعيو), و صاحب الرقبة الطويلة (العنبلوق), و الرقبة القصيرة( أب ضهير),و الرقبة (الوقاية), ثم فاتح اللون (الحلبى), و الغامق (كحلة) و (اب دفسة) فى الأشارة الى غليد القوم , و تفاوتت مقاييس و أشكال العيون , فالمفنجل غير المدومس, و فى الشفاه تجاورت (التلاليش) و خشم الموس, و (القدوم) و ( قدوم الكونسول),و الباسم ديمة, ثم الوجوه, وش طويل, وش عريض, وش مكنة, ووش بمستطاعه قطع الخميرة (من البيت),ووش طربيزة لحام و الوجه ( السرويس), و يأتى الشعر متنوعا, أكرت, وسبيبى (و يقال فى وصف صاحبه ديبى) , أما الرؤوس, ففيها الدومة و القلووظ, والمفك و سرج عجلة و(بتيخة روثمان) تنطق (روصمان),و الداقوس و الهامة و (كلنق اب صلعة), ثم هنالك (أب راسين) و اب قوبة و اب صنقور. و قد تلخصت قوانين الجينات و الوراثة فى السودان فى كلمة (جابدو), فبأمكان الرجل الأزرق و المرأة الزرقاء أعتمادا على هذا القانون العلمى, أنجاب طفل أصفر , و يقال فى تعليل هذه الشطحة أن جده فلان (جبدو)!! حتى و ان لم يوثق لجده باى صورة او شاهد عدل, و يجوز الجبدان فى حال أختلاف الملامح و لون العيون و درجة نعومة الشعر ألا فى حالات نادرة مثل تلك التى قال فيها زوج لزوجته ( رجعى الولد ده لأهلو فى الحطابة)!! و السودانيون يهتمون باللون الأصفر أكثر من الأبيض مثلا كما فى بعض الثقافات الأخرى, و الأصفر فى السودان ليس كما الأصفر الآسيوى أو الكركم. و لكنه أصفر تتذوقه العين بمرجعية اللسان, فهو قمحى وهو ليمونى بناء على جهة الأطلاق, وهو أصفر –أحمر فى بعض المناطق, و ألأحمر ليس أحمر (الكريملين) بالضرورة, ولكنه أحمر يتاح للعين السودانية رؤيته, و يباح للمهدى أن يأباه, حينما يجد أبناءه فى طلبه من بعده,أما أسهل الألوان فهو(خاتف لونين) و هو لون لم يكتشفه (أسحق نيوتن) الى ان وافته المنية. أما أحب أنواع الشعر فهو (السبيبى) و هو نفسه (المموج) فى ثقافة الستينات و السبعينات,و خاصة النوع الذى يمكن كسره كما قيل فى فضائل (كسر المسيرة), و يجوز فى شأن الوصول الى تلك الدرجة أستخدام (السلة) و الكركار وفى أقصى الحالات دعك فروة الرأس بموية الباسطة أو حتى أعمال المبرد الخشابى أذا ما دعت الضرورة, أو احتمال حدة المخرز. و الجمال فى السودان يوصف لتقريبه الى الأذهان بأشياء لا علاقة لها بمفهوم فلسفة الجمال مثل التوابل كقولنا (بت شطة) أو استخدام مفردات من اسماء لالات الحادة كقولنا (موس), أو (شاكوش) فى وصف حال الحبيبة تذهب الى حيازة مغترب , متنكرة (لعزو) و الحب الذى كانا. و يجوز فى وصف الجمال استخدام كلمات ذات دلالات تدميرية مخبوءة مبيتة, مثل كلمة (شرط) و غير ذلك من الأشارات الأيحائية المعتمدة فى تخاطب الصم و البكم و التى تتم بأمرار الأصبع السبابة ما تحت الجفن فويق الخد فى الأتجاه المعاكس للأنف, و قد لخص الشاعر السودانى عجزه عن وصف جمال محبوبته فى الأغنية الشعبية الكلاسيكية الشهيرة , حين أراح نفسه و قال بأختصار شديد (سيدة و جمالا فريد..)... هكذا.
تاج السر الملك
|
|
|
|
|
|