لبنى بت الحسين: امرأة واحدة (أكسر) لرأس الإنقاذ من ثلة رجال

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 06:18 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-20-2009, 02:30 PM

هاشم الحسن
<aهاشم الحسن
تاريخ التسجيل: 04-07-2004
مجموع المشاركات: 1428

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لبنى بت الحسين: امرأة واحدة (أكسر) لرأس الإنقاذ من ثلة رجال

    لبنى بت الحسين: امرأة واحدة (أكسر) لرأس الإنقاذ من ثلة رجال

    أثبتت السيدة الصحفية المعروفة لبني أحمد الحسين التي تكتب عموداً صحفياً كنت أقرأه ثم لم أعد أطيقه منذ زمان، فلا أعرف لو داومت عليه أم توقفت عن كتابته. هذا بالرغم عن عنوانه المفارق ذي العنفوان المتحدي للتقليد (كلام رجال). بيدَ أن الحق أحق بأن يحق، فإنها هي لبنى لا غيرها التي قطعت قول كل خطيب أو ساع بين الخلق بخطة طريق عن إمكانيات و كيفية النضال المدني في السودان. لقد أثبتت الكثير المثير بموقفها الأخير من مادة قانون النظام العام المتخفية بين مواد القانون الجنائي، و بوقفتها الشماء كمثل نخلة أو مهوقنية أو تبلدية أو دومة شجاعة في بلقع قفر ثم لم ترتجف من الحطاب أو تكترث للفأس. لقد تحدت السيدة لبنى عسف العسس العام، و جادلت بالحق محكمة النظام العام، و في عصف عام اقتحمت رهبة التبعات الاجتماعية التي قد تدمغ السودانيين و السودانيات و كلهم من بنات و أولاد الناس و الأسر و القبائل و الوطن، و بالخصوص من غير ذوي الحصن و المنعة فيوقفهم سوء الحظ أمام حضرة "القراقوشات" من سدنة النظام العام فتدمغهم تلك الوقفة بسمعة معيبة ذميمة تلتصق بالواحد منهم و بالذات بالواحدة منهن حتى لا يجدي لمحو أثرها الجلل و لو يغتسل المرء أو المرأة منها لسبع مرات كلهن بالتراب. أثبتت لبنى إنها على قدر كلامها و زيادة، بل و أقنعت العالمين إنها و طرائقها في المقاومة لأنجع و أوجع رمياً على "دروة" الإنقاذ، و أهدم نقراً لأعمدة هيكلها من رجال ذوي صيت شمسوني من أهل الخبرة و التجاريب لطالما قد سطرت أسماؤهم في تأريخ الصولات و شهدت لهم الجغرافيا بالجولات.
    قيل أن الزمان يتقدم و أن الأحوال تتجدد و أن الابتلاءات تتعدد و أن المفاهيم تتغير و أن كل من عليها فانٍ و ألا شيء باقٍ غير وجهه تعالى، فآمنّا بذلك و أمّنّا عليه خيراً، و لكن بعض القوم لا يؤمنون و لا هم في الآفاق ينظرون و بكل و أي آلاء أنفسهم و الواقع المعاش يكذبون. و بغض النظر عن ملابسات الفارق بين أنماط الحياة و موازين الأخلاق المعتادة في السودان و بين هذه الجديدة المستشرية قدماً بفعل الأيادي الأخطبوطية للتدويل العولمي الواصلة بأحابيلها ذوات الحبك و السبك لعند برجوازية الخرطوم و لعند غيرها من برجوازيات المدن السودانية الكبرى، و هو ما أفادت عنه مثلاً ـ لفائدة دروس المبحث الاجتماعي الأشمل ـ الملابسات و الأخبار و التعليقات في الصحف اليومية و الثرثرات الأهلية، من لدن قضية "تيدي الدبدوب" الذي كان في مدارس "الكمبوني" مثلاً، أو من عند تلك التساؤلات و الأقاويل الخجولة و الأخرى الصريحة الكيدية التي سرت سريان النار في الهشيم عن حفلات الأندية العاصمية العابرة للحضارات و المتعالية على شعبوية مسغبة الجمهرات، أعني تلك التي انطلقت على خلفية مقتل الأمريكي "غرانفيل" بينما هو في طريقه لمنزله من حفل ساهر قيل إنه كان في مكان قريب من أو على حدود الأراضي السودانية المعمورة بالدوليين حتى لا نقول المحتلة! و بالطبع فقد حدث ذلك قبل تحديد الجناة لاحقا و قبل الكشف عن حقيقة دوافع جريمتهم فيما بعد أن فعلت تلك التداولات السابقة فعلها ثم أثارت الحقائق الجديدة أسئلتها الأخرى المتعلقة أيضا بجدل القيم.
    بغض النظر عمّا سبق و عن الكثير من مثله و غيره، فإن المهم هو أن هناك فرقاً بين الذي وصفنا بأعلاه و بين تلك الأساليب الحياتية السائدة عند مجاميع الأهالي الغبش الذين تكتظ بهم أحياء و فرقان بيوت الطوب و الطين و القش في أصقاع بلاد السودان البعيدة أو هذه التي على مرمى حجر اجتماعي و اقتصادي و تعليمي و بالتالي أخلاقي من تلك الأقليات الفئوية الأولى. و بدون الإغضاء عن ضرورة النظر الأعمق في تلك التحولات و المفارقات القيميّة و العرفية، و عن أهمية معرفة مقدار الانحراف عن معيار الحكومة في كلٍ، و هو مما يحتاج القول المتثبت فيه إلى ما هو أبعد سبراً من مسبار الكلام العابر في مقال غير مستوف لشروط مثل ذاك البحث الشائق أرجو أن يتكبده أولو لأربة و يتأهل له أهل المعارف، إلا أن ذلكم ليس بالموضوع هنا، بل موضوعنا هو ما أثبتته السيدة لبنى، بفعلها بالغ الجرأة و الشجاعة الذي أشهدت عليه كل العالم شهادة حق لا زور حين أثبتت لهم و لنا عن مثلنا الشهير الذي طالما أقام بيننا آمناً مطمئناً على غير هدي جندري إلا كما يأفكون في الضلال الاجتماعي المستقر فينا حتى حينه و القائل إن ((المرة كان بقت فاس ما بتكسر الرأس)). نعم، بهذا الذي فعلته لبنى فقد أشهدتنا على هذا المَثل إنه يفقد قيمته فيكاد يكون كمِثل الكلام الساكت أو أوهى من ذلك، و إنه قد أمسى و الباطل يأتيه من كل الجهات، و إنه يسدر متهادياً إلى حيث البائد مما عصف به حكم الوقت، و إنه بعدما قد ساد قبلاً في كم و كم صبح و ضحى و ديجور، فقد آن أوان يركن إلى تقاعد تأخر عنه كثيراً، و أن ينزوي إلى أضابير الفولكلوريات لا يخرجه عنها مع حذر العدوى إلا الشديد القوي من الباحثين المؤتمنين على أنفسهم قبل غيرهم. و طبعاً سيكون في ذلك فوائد عدداً، فمنها أن يريح مثَلُنا الخرِف هذي الحساسية المعاصرة عن ملامساته الخشنة، و منها أن يترمم فيرتاح في عظمه من توالي المضغ بين الأشداق الذكورية.
    و أما الذي حدث يا أيها الأكرمين، فهو كما قد طرق مسامع الجميع عن كيف دهم عسس النظام العام بالخرطوم حفلاً خاصاً تجاوز الوقت المحدد له فاقتادوا الأستاذة لبنى مع أخريات إلى محكمتهم تلك بتهمة اللبس الفاضح و ذلك تحت طائلة المادة 152 من القانون الجنائي التي هي يقيناً من عين قانون نظامهم العام المختصة (بالأفعال الفاضحة و المخلّة بالآداب العامة) و التي يجري نصها الغير مقدس كالتالي أو قريباً منه: (1) يعتبر مخلاً بالآداب العامة و مرتكباً للأفعال الفاضحة من يأتي في مكان عام فعلاً أو سلوكاً فاضحاً أو مخلاً بالآداب العامة أو يتزيا بزي فاضح أو مخل بالآداب العامة يسبب مضايقة للشعور العام، و يعاقب بالجلد بما لا يتجاوز الأربعين جلدة أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً. (2) و يعد الفعل مخلاً بالآداب العامة إذا كان ذلك في معيار الدين الذي يعتنقه الفاعل أو عرف البلد الذي يقع فيه الفعل.! و بحيث أن المحكمة المقصودة إنما هي فضلة من تلك الأيام لا أعادها الله، حين يد العدالة الإيجازية لم تكن لتتلكأ عن توقيع العقوبة الفورية بأعذار كمثل غياب المحامي أو الحاجة للمراجعة أو غيرها من المعايير المتعارف عليها في القوانين، أو حتى بالشبهات! فقد نكلت عدالة النظام العام الأخيرة، حذو الحافر بالحافر و الجلدة بالجلدة، بغالب الحاضرات أمامها من اللائي ما وسعهن من أمرها الغالب بالقوة الغشوم غير الإقرار بالتهم الموجهة إليهن دونما لت منهن و لا لخبطة لعجينها المخمور بالسلطة. و هو في الغالب إقرار منهن نتج عن ضغوط جسام، فلا مناص أن يفعلن كفعل المستسلم للأقدار يصدر عن استكانة مؤسية لسيرة القهر القديمة، و عن رغبة ذات سوق ضخام و عميقة الجذور غرستها فيهن يوميات القهر الاجتماعية التي زينت لهن أن الأفضل لمستقبلهن بين الجماعة السودانية هو أن يقصرن من عاقبة التطويل و يسترن ما قد يجره عليهن التدوير من وبال خلق الله ذوي الألسن السامة الحداد. و بذاك انتهت قضية الغالبية من المتهمات. و لكن، المحكمة أبقت على ثلاث منهن رهن الضمان و تحقيقات النيابة و ذلك لأنهن لم يرضخن لآلية القهر العاملة بغير إحسان، فطالبن بمحام أو تعذرن عن الإجراء المستعجل بالحصانات الدولية. و هذه الأخيرة، أي الحصانة الدولية، التي تضفي على صاحب حظوتها شرفاً على القانون لا ينتظم لعامة مهدري الحصانة الوطنية، لهي في ذاتها من أشرِّ شر البلية التي هي أنكى للمراقب و لنا إليها عودة بآخره و ذلك لأن فيما أوردت الأخبار فأن لبنى قد أتت بالحجتين معاً، حجة المحامي و حجة الحصانة، فتأجل الجلد الناجز!
    كل ذلكم إنما هو خبر ما حدث حتى حين التصعيد العام في قضية لبنى و هو مناط العناية هنا. إن الناظر بغير عين الرضا فقط حتى لا أقول بعين السخط، أي تلك العين الأخرى الناقدة التي لا تكل و لا تمل عن تقصي العيوب و نقب الظواهر عن بواطنها، سيجد أن معايب لا أول لها و لا آخر قد شابت الصياغة المهلهلة لذلك القانون و قبحت من فعل هؤلاء العسس و شككت في إجراءات تلك المحكمة، و سيجد كذلك أن في أمر بعض دفع المتهمين نحو التأجيل على ذمة الحصانة، كما أسلفنا، نظر! قالت العسس إن الحفل قد تجاوز الوقت القانوني! و لكن هذا يحدث يوميا في السودان و لا يجلد أحد بجرائه بل هي سيرة و انفضت و يا دار ما دخلك شر. و دفعت العسس بأن الحفل كان حفلاً مختلطاً! نظرنا فوجدنا الواقع يقول إن كل نشاط في "المكان العام الذي قال به القانون" يكاد هو الآن أن يكون مختلطاً، بما في ذلك أقسام الشرطة نفسها و ديوان المحكمة ذاتها. و تلك الثانية مما كان يستوجب على مشرعي المشروع الحضاري، إن أرادوا إلا المماراة فيه، إعادة النظر في تعريف الاختلاط بما "يستوعب مبدأ الضرورات و يستصحب ابتلاء المتغيرات" كما لو قد كانت ستجري العبارة بمصطلح الشيخ المؤسس للمشروع لو يعود به الزمان القهقرى. و ثالثة أخرى في الأثافي هذا الموضوع هي أن ذلك التعريف الفضفاض للزي الفاضح كما في مادة القانون المعنية، لا يدع للمراقب مجالاً ليدلي بغير إنه قانون فالت العيار واسع العبارة و لابد أن يصبح تطبيقه رهيناً بتأويل العسس و النيابة و القضاة و الذي هو محض تأويل بشري محدود قد لا يوافق بالضرورة لمعيار الفقه الديني و نمط التدين (و لا أقول معيار الدين حتى لا نتغالط) الذي يلتزمه الفاعل أو يتقبله العرف السائد في البلد المعني. و هذه النقطة الأخيرة هي بالضبط العَصَبة التي في كعب أخيل هذا القانون الاعتباطي، و الثقب الذي في دروع تنفيذه العشوائي. ففي سبيلها المشرع لدحض هذا القانون و لفضح الممارسة التي تقوم باسمه، فقد استمسكت الأستاذة لبنى بتلك العَصَبة، و هي محقة في استمساكها هذا بالتي هي أوهى فيه فعبرها أثارت كل الأسئلة الضرورية و اللحوح و الحارقة عن جميع ما يتعلق بهذا القانون من حيث قعره السياسي و حتى سقوفه العرفية أو التمكينية أو حتى تلك الدينية. لقد نجحت الأستاذة و عبر استخدام ذكي و فعال و نشط لسلاح الإعلام و لتقنياته الحديثة و لقنواته السالكة التي تعرفها، نجحت في أن تشبع أفاق العالم أجمع بتلك الصورة الشهيرة جداً الآن، أي صورتها (البورتريه الكلوزأب) كما صورة لأي وجه من وجوه البنت السمراء ذات الطرحة التي تراها كل يوم في الشارع و المصنع و المكتب و قسم الشرطة و المدرسة و على أهبة الخروج من البيت و في عرس أختك و مأتم قريبك و في غيره. نعم، تلك البنت العادية اليومية بذاتها، و لكنك الآن و هنا في هذه الصورة الواضحة غير الفاضحة، تعرف و من أول نظرة إنها مغتاظة جداً تعضض في بنانها من القهر لحد أن كادت روحها الموجوعة تتسرب إليك من الأسر الإلكتروني في شاشة حاسوبك العمشاء و هي يكاد يفطرها الكمد. ستجعلك تلك الصورة و دونما أدنى تردد تتساءل جهرة عن حجم النكد و العدوان الغليظ سيصيبك من هذا المشروع الحضاري لو قدر عليك شخصياً أن تلبستك تهمة من تهمه المهلكات كمثلما التي وقع بلاؤها على هذه البنت المسكينة التي في تلك الصورة. ثم لا تتركك خطة لبنى القاصدة بغير أن تشاهد صورة أخرى لتلك المسماة متهمة، فما إن نظرتها، لن تلبث مخاوفك الشخصية حاصل الصورة الأسبق أن تتحول إلى غضب عارم كثيف متجهم كما دجنة لا نجم فيها تتجسد كما مثاقيل صخر على قلبك. في تلك الصورة الثانية تستعرض لك الأستاذة لبنى نفس ذاك الملبوس المتهم عند العسس و القانون! و البريء كل البراءة في نظرك و نظر جل الذين تعرفهم و بالذات هؤلاء الناس الذين تراهم في "سنتر" الخرطوم حيث اعتادوا على تنوع الأعراف بالكوم! هذه الصورة الثانية ستخبرك عن هذا الزي بعيان شوّاف و بليغ التبئير، إنه غير مخل و لا فاضح و لا حاجة! و إنه هو بقماشه و نقشه و خيطه و أزراره هو ذات الزي الذي سيقت به الأستاذة من الحفل حتى الكومر و إلى أمام القاضي. لن يخامرك بعدها شك في تقعر أؤلئك أو عن فرط تلك المظلمة التي تعرضت لها البنت التي في الصورة و خاصة لو أعلمتك ملحقاتها إنه بعينه الزي الذي أبرزته لبنى للكاميرات حين عقدت به المؤتمر الصحفي التضامني، و هو نفسه الذي طافت به في رابعة النهار من محل عام إلى محل عام و هي توزع للجميع بطاقات دعوتها المتحدية لحضور محاكمتها حيث سيتم فضح القانون و ممارسته. في طوافها بتلك الدعوة و بهذا اللباس فإنه لم يرد في الأخبار ما يدل على أيما ريبة ساورت قلب أحدهم أو إحداهن في حشمتها المفترى عليها. نعم، تلك هي حرب الصور التي شنتها و أذاعتها الإعلامية المتمرسة دونما خشية و لا وجل ضد مظالم النظام العام. لقد أثارت جدلاً و حواراً بالداخل عن طرائق عدداً و لن تذهب ريحه سدى، و تبنتها بالنشر وسائل الإعلام في طول العالم و عرضه مع إشارة لازمة إلى أن أخريات من صويحباتها قد قطعت الأسواط من جلودهن و ثقبت أصوات طرقعتها من أرواحهن و خدشت ملابسات الجميع من سمعتهن. و هو ما يقودنا إلى رابعة الأثافي التي خيرها لا يرتجى!
    فلو افترضنا التوافق العام على هذا القانون لضبط المظهر العام في الشارع السوداني، و هيهات! فلماذا إذن الجلد لا غيره هو العقوبة المثلى في مثل هذا القانون التعذيري و ليس الشرعي بأية حال؟ هل هو من فقه أي مذهب في المذاهب ؟ هل يجدونه نصاً في القرآن؟ أم تراه متواتراً في السنة الملزمة؟ هل هو مجرد تشبه بالسلف الصالح فتكون العقوبة حذو العقوبة عندهم حتى و لو لم تصلح لا شكلاً و لا موضوعاً لهذا الزمان ولم تعد تناسب الأحوال الإنسانية المتجددة؟ هل هي ضرورة تأصيلية أملاها التمايز الحضاري أم هو من بعض مطلوبات السلام الشامل؟ ثم، و ما هي هذي الآداب العامة؟ و ما تلك الأعراف التي لا خلاف عليها و لا حولها بين ثمانية الملايين الذين يقطنون الخرطوم دعك عن الأربعين الذين أدركهم الإحصاء؟ ما هي تلك الضرورة التي تلزم بالجلد في مثل هذا القانون؟ هل هو من بعض المواريث التربوية أم قد أُختير بعناية للنكاية في الناس و للإهدار المتعمد لكرامتهم و لكسر روح المقاومة فيهم أمام جبروت الدولة المستقرة تحت هيمنة المشروع الحضاري؟ تلك هي فقط بعض الأسئلة التي أخرجت أثقالها جراء جرأة لبنى في حقها، و ما خفي من متتاليات المساءلات أعظم، خاصة بعدما أضحت القضية كلها برسم المعرفة العالمية و برهن المقارنة من معايير الحقوق الإنسانية الدولية!
    من المعلوم للكافة أن قانون النظام العام و قد أشيع قبلاً عن إلغائه بينما كان هو في الحقيقة يدغم في القانون الجنائي إدغام تجويد، و أن شرطة النظام العام و محاكم النظام العام و كل ما يتعلق بمصطلح النظام العام أو يمت له بصلة كما في خاصة كتاب الأحوال السودانية، إنما هو و هي بعض من آلية جهنمية اخترعتها نوابغ التمكين الإنقاذيين و وظفتها جلاوزتهم في بعض من خطتهم الكبرى ذائعة الصيت بمسمى بالمشروع الحضاري العظيم القار في واعيتهم السياسية منذ آماد و المصنوع على أعينهم في وزارة التخطيط الاجتماعي، و كله لأجل قولبة الإنسان السوداني بما يناسب مقتضيات العقل الميكافليسي <<الميكافليسي مسخ شيطاني من تركيب ميكافيلي على مفستوفليس>> الذي قد علمنا. صحيح أن كثير من أركان ذاك المشروع قد تصدعت على عروشها، إلا أن بعض تلك الآليات الجهنمية المركبة خصيصاً لتنفيذ ذاك المشروع قبلما يتداعى، قد احتفظت بجل طاقة خبثها و ظلت تعمل آلياً بالرغم عن صدأ قد اعتور تروسها و ضعف قد اعترى مفاصلها و كأنها تذكرك بتلك الآلات التي تتمرد على صانعيها في أفلام الرعب التي تنتجها هوليوود، فتظل حتى و هي تحت الركام أو تتعثر بأجداث مخترعيها، دائرة المحركات و فاغرة كلاليبها في جنون صاخب مرعب تلقف و تلتهم ضحاياها المرعوبين غير آبهة بنا أو حتى تخضب الشاشة.
    إن مقاومة و تحدي و فضح و مساءلة هذا التناقض الإنساني و القانوني و العرفي و الحضاري الكامن في الجذور الفكرية المتهالكة، أو الظاهر من تطبيقات هذا القانون القائمة، لعمل رائع لا مراء فيه حتى لو قام به شخص واحد و لكن بكفاءة كما كفاءة لبنى، فكرة الثلج التي كورتها ثم دفعتها لتبدأ في الانحدار من القمة لن تتوقف قبل أن تلطم علي أم يافوخ منطق وجود هذا القانون. لقد انكشف حال القانون للناس فهدرت أسئلة الرأي العام المحرجة تصخب في حيثما تقرأ للسودانيين و في كل صحف العالم. و بل أن عساسا كبيرا في العسس العام و على غير عادتهم، قد أضطر أن يدلي بتوضيح في الصحف. و تأجلت المحكمة إلى حين. و أكيد أن مساومات قد بدأت في الكواليس قد تفضي لتعطيل الحكم تفادياً للحرج و خوفاً من الفضيحة و الضغوط النفسية، فلو برئت لبنى من التهمة فسيتعلق في الأجواء القانونية سؤال أبدي (و تلك الموءودة قبلاً، فكيف جلدت)، و حتى لو حوكمت لبنى فأدينت و عوقبت بالجلد، فالمؤكد أن جبهة هذا القانون لن تظل ساكنة كما كانت قبيل تصعيدها الجريء. و لله در لبنى، ففيما يليها من هذا الثغر و كما لم يحدث قريباً، فقد أحرجت من بُنية و طوية الإنقاذ السياسية و أنضبت ماء وجهها القانوني حتى لن تجدي معه كل المساحيق. إن نقبها في هذا الجدار و شروعها القاصد و الواقعي و الموضوعي في نقض غزله من جهة تأسيسه القانوني و بالتالي الفكري مما يلي قضيتها التي أجادت إدارتها أيما إجادة، قد تقاصر عن مثله كثير من المجربين ذوي الباع. لقد ألقت في النهر، عن جرأة و بتصميم حاذق، بما لن يبقى بعده النهر كما كان، و أجرت الكثير من المياه تحت تلك الجسور التي استعصى عبورها من قبل على تلك (الغرانيق العلى) حتى لقد و الله حار بهم الدليل فأمسوا و هم يتخبطون أمام أعيننا. و كمثال فقط، فإن ما فعلته لبنى تتضاءل أمامه الجعجعة الدستورية التي أصخبنا بها في الأسابيع المنصرمة هؤلاء الأشياخ فإذ بهم و إن هم إلا ثلة من الغابرين ضررهم على أنفسهم أكبر من نفعهم للناس حتى و لو روجوا لغير ذلك بالمقعقعات أم الشنة و الرنة أو بأساطير الأولين. و إن فعلها بالحق لمما يجوز فيه المثل (جبل الكحل بيهدمنّو المراويد) و كفى به إعتبارا.
    أما هؤلاء السادة الرجال أهل الصولة و الجولة في الحكم السابق و الحالي و ربما القادم، و في معارضة الإنقاذ كيفما كانت المعارضة أو قد تكون، فإنهم قد أهاجوا قضية لا أكبر منها و لا أشمل للقوانين و ذلك حين فجأة من الزمان و كأرخميدس قد كان نائماً في دفء حوض الحمام العمومي، صاحوا بنا أن وجدناها وجدناها! إن هذه الحكومة غير شرعية بحكم دستورها الذي لم نخط في ملازمه حرفاً! هؤلاء قومنا فلا نسيئهم بل قلنا هو خير و بركة مما كانوا يهبون على أيام سعدهم و نحس الأقدار. فهذا قدح قانوني حتى و لو غالط حكم الوقت أو عاظل تناقضات الدستور الذي أسهرته الحمى من بعضه ـ الاتفاقية ـ التي تتوجع كل مفاصلها و لا يقدر قادر أن يستأصلهما عن بعض. و قلنا لا ضير يا سادة، فربما سيؤتي أكله لو أجريتم حسابه على المجرى الصحيح الذي ستدل عليه المصالح الانتخابية القادمة مما قد يستدعي التصعيد إلى و المطاولة في أمره أمام المحاكم التي هي لهذا الغرض، و كذا في تداوله لحوحاً بما يبقي الخبر حياً في واعية الناخبين عن مرشحي اللاشرعية أؤلئك و مرشحي الشرعية أنتم. و قلنا إن غير ذلك مغامرة محفوفة بالمرض، إلا لو كان الغرض منها هو بعينه المرض الذي يزين لبعضهم أن إفشال الانتخابات متى ما انعقدت هو غاية حاجتهم من التحول الديمقراطي. قلنا و قال كثيرون بأحسن القول، و لكن، هل و منذ متى تسمعنا الغرانيق، لا عقل لك! فبدلا من أن يكونوا هم الهداة و نحن المهتدين كما في طبائع الأمور التي عادة ما تسود بين الأشياخ و شعب جله من الصبيان يرجون أن يتعلموا، بدلاً عن ذلك فقد رزءونا بالسبهللية التي ليست من معدن لبنى، و نكبونا بالفتاوى أن لا، لن نتحاكم إلى المحكمة! بل سنذهب بشكوانا إلى الشريك الآخر! أمَا ردهم خائبين، نعم و بلى يجرجرون أذيالَ الخيبة! و خطبونا إنهم سيبثون شكوانا و عنت بلوانا عند ضامني الاتفاقية و سدنة الديمقراطية الدوليين! و كأنما أؤلئك الذين لم ينقض شهر واحد منذ عقدوا ـ لتدارك احتضار سلام نيفاشا لا غيره، مؤتمرهم الأخير في واشنطن ـ كأنهم على وفر من الوقت (فيلاعبونهم هذه العشرة) على مستحقات السلام و واجبات الاستفتاء و تحقيق المصير. أمور كلها من المخطط له عبر هذه الشراكة التي في فضّها تسعى غرانيقنا الألى بلا هدي سياسي و لا تحاكم إلى محاكم دستورية و ليس إلا أفواه هتم و فعل عيي! و قيل لهم إن وقت (أبيي) أزف، فهو (غيب) أسبوعين أو أدنى أن ينفخ في صوره بما لا تحتسبون، و ليس هذا بوقت يناسب دعوتكم العاجلة الموجهة لمن لم يعد يحسن الظن بكم أو يصدقكم هكذا على عماه، أن يخرجوا لحل حكومة قائمة بالأمر الواقع أو تكوين حكومة أوسع تناقضاً منها، بينما أنتم تحت أفياء برلمانها قاعدين ناعمين و من فضل فيئها كاسين و طاعمين. بل المنطق كان يقتضي منكم و يحتم عليكم السعي لترسيخ استقرار الشارع و إعداده للانتخابات، و أنه لا مجال لتلك المزايدات عليه و به فيلحق بأمر دستوركم و انتخاباتنا ما فعل (زار)كم بقضية دارفور التي ما كان وسعكم فيها غير استغلال جنّها و جنونها المتفاقم لأغراضكم التكتيكية دوناً عن العمل على حلحلة عقدها في أي رؤية إستراتيجية! ثم قالوا: لا أيهذا الجربندي الرجرجة، إنّما نحن ساسة متطلعون إلى حظوظنا و نفقه من أمور الثلاث ورقات ما لا تفقهون!!!! الحق، بل أنتم يا هؤلاء الغرانيق، فكلامكم نيئ لن ينضج، أوله صدق و آخره هدر مجاني للوقت و للمصداقية و للفاعلية عند من يعوّل على ذلك. لستم سوى قوم يهذرون ثم حين الانتخابات أنكم لتسترذلون، و إنما النيئ فللنار! وأما لبنى، فهي منصورة بإذن الله، مستغضبة في الحق أتته بقوة و بذكاء، جادة و واقعية و إن شفاعتها في هذا الخصوص لترتجى، أما شغلها الأخير ـ بصرف النظر عن المحاذير الجندرية ـ فـ(كلام رجال) دُت!
    لن يبقى معلقاً على حبال الاستغراب من بعد درس لبنى هذا، غير السؤال: و كيف تكون لمنسوبي و منسوبات اليوناميد و غيرها من الموجودات و المنظمات الدولية، كيف تكون لهم و لهن حصانة عن مجريات قانون الأرض السوداني و قد طال بأسيافه و بأسواط عنجه كل الآخرين ممن لا حصن لهم و لا حصانة لهن؟ هذا و ثمة غصة! و ما الذي جرى لميزان الوطنية رجحتها علينا تلك الحصانات؟ أم أنها أُكلت و خفّت موازينها في يوم استّحلوا لحم العدالة بلا تسمية و لا نذير؟
    و نحمد للأستاذة و لقضيتها أن غبّرت أقلامنا بهذا السؤال الأخير فلا نشرق به، و لو إنه يجري على حافة مضمار سبقها لا أمامه و لا خلفه. ثم نرجو لها النصر و الحسنى و نشكرها مرة أخرى ذاكرين بخليط من إعجاب بها و امتنان لها و خجل لهم و منّا، إنها قد سبقت ثلةً من أشياخ ذوي شوارب و لحى.... و الأهم، معارضين منذ عشرين انصرمت.... إلى تصديع و بداية تكسير رأس الإنقاذ الغليظة.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de