|
القضية لا يمكن أن تهالج بالهتافات أو اليمين المغلظ
|
حديث المدينة عثمان ميرغني Email: [email protected] عقلك في راسك .. تعرف خلاصك ..!!
ليت الحكومة تتريث قليلا قبل أن تلتزم بموقف تجاه قرار مجلس الامن باحالة زمرة من السودانيين الى محكمة الجزاء الدولية .. فالقضية لا يمكن ان تعالج بالهتافات او اليمين المغلظ..
قرار مجلس الأمن يمثل الارادة الدولية لسكان كوكب الارض .. وليس من سبيل أمام السودان للانتقال من هذا الكوكب الى آخر.. ولنا عبرة في دولة شقيقة رفضت المحاكمة الدولية فضرب عليها حصار دولي بضعة عشر عاما ثم عادت بعد كل ذلك وامتثلت للأمر وسلمت مواطنيها للمحاكمة ونال أحدهم البراءة ..
ثم إن الحكومة حاليا في وضع انتقالي أخير, فبعد بضعة اسابيع سينضم اليها شريك بالأصالة وحلفاء آخرون بالوكالة.. فالقرار ليس قرارها وحدها .. وليس قرار حزب المؤتمر الوطني .. بل سيكون القرار - قرار تسليم المطلوبين - في يد هذه الحكومة الجديدة .. ولا يمكن للمسؤولين الآن أن يفترضوا أن الحكومة الجديدة سترفض التسليم وأنها ستتجه للتصعيد والتعبئة..إذ ربما يوافق جون قرنق وحكومته الجديدة على مبدأ التسليم فهو في حل من أى يمين أو قسم أقسمته الحكومة السابقة..!!
لم يكن حكيما منذ البداية أن تنتظر الحكومة الواقعة لتقع ثم تبدأ في البحث عن مخارج الطواريء .. وما كان سديدا أن تبدو قيادات المؤتمر الوطني كما لو بوغتت بأمر ظل موضع جدل دولي في أروقة مجلس الامن بضعة شهور وكان مرتقبا بسيناريوهات عدة واحد منها ما تحقق بالفعل في النهاية وهو صدور قرار تقديم المشتبه بهم الى المحكمة الدولية..
وعلي كل .. وقد وقعت الواقعة ..فالأجدر أن تتعامل الحكومة مع الامر بعقلانية مبصرة.. جديرة بحل الأزمة لا تعقيدها .. ولا أتصور أن الحل في أن تفترض الحكومة أن التعبئة الجماهيرية ستجعل قرار مجلس الامن يذوب تحت حرارة العواطف والهتاف ..
من العسير افتراض اجماع وطني على رفض المحاكمات .. فهي قضية خلافية لكل فيها مآربه ونواياه المستترة او المعلنة .. فالبعض أصلا معارضون ويتمنون أى قدر يقبض بخناق الحكومة .. مهما كان هذا القدر تعيسا..والبعض الآخر محمول على تراكمات أحزانه فهو يمارس الاحتجاج الصامت بأن يصمت أكثر .. والبعض الآخر شامت على سياق قول أحد الحانقين في عهد الخليفة عبد الله التعايشي لما رأى جيوش (كتشنر) تقترب من امدرمان فصاح ( يا الضايقين حلوها .. الليلة مرها تضوقوا ..) .. وهي عبارة لا تحمل غير الشماتة بعيدا عن أىة رؤية وطنية تتبصر بحجم الضرر الذي يصيب الوطن كله من الأزمة.
في مثل هذه الأزمات الكبيرة .. العقل يقلل المخاطر الوطنية .. والعقل هنا يفترض اعادة (تفكيك) النظرة الرسمية لقرار مجلس الامن ..التعامل بذكاء يهتم بسلامة الوطن أولا قبل سلامة الأفراد ..
|
|
|
|
|
|