نشأة جذور مصادر اللغة العربية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 03:22 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-12-2009, 02:46 AM

خليل عيسى خليل

تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 953

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نشأة جذور مصادر اللغة العربية

    Quote: نشأة جذور مصادر اللغة العربية




    http://majdah.maktoob.com/vb/majdah122209/

    نائل عبد المجيد عبد العزيز





    Quote: هذا البحث يخص المراحل الزمنية القديمة التي مرت بها اللغة العربية منذ نشأتها الأولى إلى الفصحى المتجسدة في القرءآن الكريم أي منذ أواخر العصر الحجري القديم ( Paleolitic) ألذي ينتهي قبل 15 ألف عام وما قبله، أبان الفترة الجليدية الأخيرة، والمرحلة الثانية تبدأ من نهاية الفترة الجليدية ألتي توافق العصر الحجري الحديث (Neolithic) قبل 15 ألف عام وألتي تميز فيها الانسان بأختراع الزراعة في ظروف مناخية أفضل من السابق وأنتقل رويدا رويدا من البداوة إلى الإستقرار القروي البدائي وألذي بفضل هذا الإختراع المهم شرع آخرون بهجرات عديدة سادت تلك العصور وفي شتى الأتجاهات بحثا عن أرض جديدة للإستيطان القروي. عرف هذا العصر فترتين زمنيتين هما ما قبل التاريخ (Prehistoric) بين 15 إلى حوالي 7 الاف عام قبل الحاضر، يليه ما قبيل التاريخ (Protohistoric) بين 7 إلى 5 آلاف قبل الحاضر، ومنذ حوالي 5 آلاف عام دخل الإنسان التاريخ بفضل إختراع الكتابة في سومر. أن موطن ومنشأ اللغة العربية ينحصر في الجزيرة العربية بمعناها الواسع مابين الخليج العربي وجبال زاكروس شرقا والبحر الأحمر, سيناء والبحر المتوسط غربا وبين بحر العرب جنوبا وجبال طوروس شمالا.


    تتميز اللغة العربية بالمرونة العالية مقارنة باللغات الحية الأخرى وتلك المحكية في أنحاء العالم (حوالي 6 آلاف لغة). هذه المرونة جعلتها تحتفظ بأمانة جذورها ألتي تمتد إلى قدم الإنسانية، وبتطورها الإنسيابي (هارموني) دون تبعجات وإنكسارات تُذكر كالذي حدث للأخريات سواء حية أو ميتة وباتت صعبة التحري وسبر أصل مصدرها إلا بمساعدة المواد الأثرية كالمخطوطات الكتابية. واللغة العربية تضمر في باطنها أجنتها الأولية المؤسسة لها على أفضل صورها وربما لا تحتاج إلى أدلة أثرية لذلك، أدلة أثرية تاريخها يعود في أبعد تقدير إلى ما قبل حوالي 2500 عام متجسدة في نقوش عربية فصحى تم إكتشافها في الأردن. هذا الميراث اللغوي يذهب بنا في أغلب الإعتقاد إلى عنصر بيئتها من أرض مفتوحة وسماء صافية، فيها الطرد والجذب بين جفاف وأرض زراعية ووفرة حيوانية ونباتية ومصادر مائية من جهة، وإلى الطبيعة الإجتماعية ألتي بقت منذ عصور سحيقة في موقعها الجغرافي الواسع نسبيا. هاتان العنصران ثبتا هذا اللسان في مكان واحد مع تطور هارموني دون إنقطاع لغوي حيث مجموعات (عشائر) هذه اللغة تتبادل عند الإلتقاء بما هو جديد قد طرأ عند الأخرى نظرا لقصر المسافات نسبيا بينها.
    أن جميع لغات العالم الحية والميتة تحوي حروف جر كانت بمثابة إولى لبنات لغة الإنسان القديم أي بعبارة أخرى هي النواة المؤسسة لجميع اللغات الإنسانية الحالية دون إستثناء وأن عامل الزمن والحاجة والإختراع قد طور هذه الحروف إلى كلمات ومفردات بسيطة ثم معقدة تدخل في تركيب الأسماء والضمائر والأدوات والأفعال في أزمانها الحاضر والماضي والمضارع. هذه الأزمان كانت مبهمة لدى الإنسان البدائي في العصور الحجرية القديمة كما في يومنا حيث بقت لغات بدائية تخلو من مفهوم المضارع الواضح في لغتنا، مثلا عند بعض مجموعات أفريقية وأوسيانية وفي أمريكا كالهنود الحمر يعتمد بعضها للآن على حروف الجر مع بعض الأصوات تشير إلى أسماء وأفعال غير معقدة وفيها الغلبة لحروف العلة وحركاتها وأمواجها الصوتية مع البعض القليل من الحروف الصحيحة. ثم تلت هذه الفترة فترة اللغات اللصقية وهي متطورة عن سابقتها فيها المصدر يُلصق إليه حرف أو عدة حروف جر تُغير المصدر الأصلي إلى معاني أخرى فهو أمام المصدر نقول عليه حرف الجر الأولي (prefix) والوسطي (infix) ثم النهائي (suffix)، وهي تتمثل بالسومرية والتركية والتاميلية والجورجية وغيرها. وعن هذه اللغات اللصقية تطورت لغات متقدمة في تركيبتها المصدرية وأطلق عليها اللغات الهجائية (inflected languages) حيث لصق حرف جر مع المصدر ليكون مصدرا جديدا آخر يقبل التصريف كما في العربية الفصحى ولهجاتها القديمة كالأكدية والآشورية والبابلية والآرامية والكنعانية في شقها الفينيقي، وكذلك المصرية القديمة والأمهرية في القرن الأفريقي وجميع اللغات الهندوأوربية، ولكن العربية تتميزعن جُل لغات اليوم أنها اعتمدت بدمج (وليس لصق) الحروف داخل اغلب مصادرها لا على حروف جر فقط بالمعنى الذي نعرفه في باقي اللغات وإنما أيضا على أصوات حروف (phoneme)، تُبقي جوهر وقيمة المصدر، مؤثرة في تضخيم أو تخفيف معناه، كما في إضافة حرف الهاء في وسط ـ نار- يعطينا نهار وهي كلمة أوسع وأشد وقعا من نور النار والهاء هنا ليست حرف جر ولكنها صوت لدلالة الكم. وهناك مصادر ليست عددها بقليل مدموجة بين جذرين متكاملين أو أكثر متجسدة بحروف لفظية تحجرت إن جاز التعبير في حروف الجر المستخدمة اليوم، وسنعرج إليها فيما بعد. ولا نقصد به تلك الكلمات ألتي مصدرها صوتي محض (Onomatopoeia) ككلمة زمجرة أو قرقعة أو عواء الخ.
    لقد حدث إندماج لاحق مصاحب إسقاط حروف وإستبدال بالأصوات في فترات متأخرة نحو زمن تكوين العربية الفصحى المحكية اليوم وتعود تقديرا إلى ما قبل 1500عام على غرار دمج ضمير هو مع ذا لتؤلف -هذا-، أو أل التعريف إلى ذي في- ألذي- و لا على –لعل- وبإسقاط أللام تصبح علَ، وليس و ليت من لات كانت تسعمل سابقا للنفي المؤنث ، ومن ذو= منذ ومذ الخ. دراستنا تذهب إلى المصدر العربي القح والقابل فقط للتصريف وليس المستعار من لغات أخرى وتم تعريبه، أو أسماء أجناس كعنكبوت وفردوس. وسنهتم بالمصدر العربي في نهاية صيرورته حوالي 10000-6000 عام قبل الحاضر بمعنى الفترة الزمنية ألتي مضى في تحوله إلى ثلاث حروف، وبناءا عليه ولأجل تأصيل المصدر العربي وجذره البدائي سنستعين أحيانا بالأكدية ألتي اُكتشفت قبل ظهور اللسان العربي الفصيح (القرءآني) إن صح القول على مسرح التاريخ. وسنرجع لشرح فرضية هذه التواريخ أعلاه فيما بعد.
    أما عن اللغة السومرية فهي بالتأكيد ساهمت بغناء اللغة العربية. أن تاريخ هذه الحضارة ولغتها كان قد اكتنفها الغموض بسبب طريقة تفسير وقراءة الباحثين الغربيين للكتابة السومرية وإهمال رُقِمِهم التي تعج بها مخازن المتاحف والجامعات في أوربا وأمريكا دونما القيام بمسحها وترجمتها منذ أكثر من قرن ليومنا ولكن بحوث اليوم العلمية لباحثين أمثال W. Nutzel و Kurt Lambeck و Gary A. Cook وغيرهم في الجيولوجية والمناخ والبيئة في المنطقة بدأت تعطي بعض التوضيحات المهمة لمعالم أصل وموطن هذه الحضارة العريقة وألتي تشير إلى الإعتقاد بأنهم أبناء المنطقة المحليين أي لم يأتو من خارجها كما زُعم عشوائيا سابقا، وأنها قد عاصرت العرب منذ القدم البعيد جدا وإلا كيف نفسر ظهور ونشوء حضارة كبيرة كالسومرية فجأة وسلميا في المنطقة إن لم تكن مطبوعة ومعجونة ببيئتها منذ القدم القديم. أن الخطأ الذي تم بقرن السومرية القديمة في تركيبتها بالعربية ولهجاتها جعلنا أن نقع نحن في الخطأ نفسه ونخرج بالإستنتاج "المدمر" أن السومرية تختلف جذريا عن العربية ولكن إذا تفحصنا بعمق سنجد جذور مصادر وحروف الجر العربية القديمة قريبة جدا من الجذور والحروف السومرية في زمن ما قبل تكوين المصدر العربي الثلاثي الأحرف أي اكثر بكثير من 6000 عام. أن هذا الموضوع ليس مادتنا في هذا المقال وإنما سنتناوله في بحث آخر آجل.
    هذا البحث هو بالحقيقة عبارة عن مقدمة في تأصيل مصادر اللغة العربية القديمة حيث لم يسبقه أي بحث آخر في ذات المضمار وما هو سوى قطرة ماء من بحر بحوث هذه اللغة الفريدة. وهو أيضا دعوة للتحقيق والبحث مفتوحة للجميع متخصص أو غير متخصص في نفس هذا الموضوع ألذي بقى مهملا في الوقت ألذي يشن فيه هجوما متوترا هستيريا وعنيفا من قبل أعلام العولمة وخصوم اللغة العربية يريدون تشويه وقطع شجرتها المثمرة وهي ألتي عروقها الراسخة تمتد لتصل إلى بداية نشأة الإنسان نفسه.


    تطور المصدر الثلاثي الأحرف
    قبل الإيلاج في الموضوع ينبغي معرفة بعض القواعد في تأصيل وتأثيل اللغة ومصادرها. القاعدة الأولى علينا أن لا نقارن معنى المصدر في يومنا هذا مع معناه البدائي فكل مصدر له تفسير في الزمن ألذي حكمه حيث دخلت عليه تأويلات عدة وأنتقل من معنى صحيح إلى مجاز ثم ربما رجع مغايرا إلى صحيح أو أخذ معنى آخر. والقاعدة الثانية أنه طرأت على الحروف طوال هذه الفترة تغيرات كثيرة في أصواتها فالشين تصبح سين والعكس والتاء تصبح طاء والباء الى فاء الخ، وهذا ما يحدث في حاضرنا للدارجة العربية المستخدمة في الوطن العربي إذ بعض حروفها تَغير صوتا بالنسبة للفصحى. سنستعمل جذور يفرضها أي بحث في تأصيل اللغات كما في الكلمة رابية مصدرها راب وجذر المصدر المفترض (رب) خالي من الحركات.
    ولأجل تسهيل الأمر ولإعتبارات منهجية تخص البحث ينبغي تصنيف الحروف العربية في مجموعات، الأولى صوتية (حسية) فيها الحديث نسبياً والقديم والقديم جدا (ت، ث،ج،ح، خ، د، ذ، ز، س، ش، ص، ض، ظ، ط، ق، ك، هـ) والأخرى حروف لفظية وأصلها بدائي حيث الرضيع يستطيع لفظها غريزيا، وتدخل أيضا مع هذه الحروف في التصنيف صوتا الكاف والدال فقط لأنهما بدائيان، والمجموعة هي (ب، ر، ف، ل، م، ن) ألتي تألف عنها أجنة الجذر العربي. حروف العلة الألف والواو والياء ثم الهمزة لهم باب خاص. في المجموعة الصوتية تُستبدل الأصوات فيما بينها جميعا دونما أن يتغير جذريا معنى المصدر فكلما كانت هذه الأصوات قريبة لبعضها في النطق كلما كان الأستبدال سهلا فمثلا الحروف السنية س، ش، ت، ث، ذ، د، ز، ض، ص، ط، ظ في عميق وغميق، جرح وشرح، آصر وآزر، ضاع وصاع الخ. وأيضا يتم الإستبدال ك و ق مع الأخريات ولكن أقل بدرجة، والقاف والعين والحاء قابلة الإستبدال بالهمزة أحيانا لأنها من الأصوات العُنقية. ولا يتم الإستبدال بين المجموعتين الصوتية واللفظية إلا ما ندر. سنعامل المجموعة الصوتية كحرف واحد يتألف منه الجذر البدائي، يتغير صوته في زمكانه. أن الحروف اللفظية لعبت دورا مركزيا في تكوين وتأليف الجذور البدائية وهي اليوم أساس حروف الجر في اللغة العربية عدا الراء ألذي كان يُستعمل في المصرية ومعناه (إلى). هذه الحروف قابلة للإستبدال في داخل مجموعتها في مكة وبكة، سفر وسبر مثلا.
    أما حروف العلة آ، و، ي والهمزة فهي الأصوات الأقدم وحتى بعض الحيوانات تستطيع أن تصوتها ما عدا الهمزة إن جاز القول ولكن الإنسان أستخدمها منذ القدم في التعبيرعن حالات غريزية في البعد والقرب والتعجب والسؤال والتهويل الخ. هي بمثابة الخلايا الأولى لتكوين أجنة أصوات الحروف ألتي ننطقها اليوم ومعها أسست أول الجذور البدائية ذات الحرف الواحد المعروفة بحروف الجر اليوم وألذي بقى أثرها حتى الآن. فنحن نستخدم حروف العلة لدلالة درجات البعد فمثلا صوت آ (البعيد والطارد) يدل على حالة إبتعاد في راح ومضى وضاع وساح وها الهاتفة ويا النادية وما إليه. وقد خُفف إلى صوت حركة الفتحة ليصبح فوق ضمير التملك لكَ اي أنتَ البعيد و ياء (التقريب) في لي مثلا. وكذلك تُسخدم حروف العلة بالإضافة إلى الحركات للتمييز بين الذكر والانثى فالفتحة في انتَ والكسرة البديلة عن الياء في انتِ وفي لكَ ولكِ وهذا وهذه. والواو للذكر في هو، لهُ، و واو (التضخيم = الجمع) ايضا يُستخدم لجمع المذكر. والألف تُستخدم كصوت للسؤال مثلا بعد المناداة الجواب يكون في هـ/ا بمعنى (ماذا) أو عندما لا يُفهم حديث الآخر فتلفظ بمعنى (كيف) وهي اليوم أداة سؤال مخففة بالهمزة في ( أ ). تأتي للنفي بعد اللام في (لا) والياء تعاكسها في الإتجاه الآخر أي أن آ المفتوحة للبعد والطرد و ي الحادة للتقريب والقبول، كما في أداة المناداة أي والله التي أُختزلت في الدارجة المصرية أيوه وأي نعم.
    الحروف نطقها ومخارجها وإستخداماتها البدائية
    م : يُنطق بطبق الشفتين وشد الواحدة على الأخرى وصوته يخرج من الأنف حال إدخال الطعام في الفم. صوت يشد ويضمر في قضم وهضم وضم وصم وزم الخ، يشير في بدائيته وغريزته إلى الطعام منذ قضمه إلى هضمه. أستخدم للجمع وشد الأشياء بينها. أن شبيه حرف الجر مـ/ـع هو من آثار الماضي السحيق فليومنا يقولوا في العراق تعال يمي أي بجنبي، هذا اليم في الدارجة العراقية أصله ميم الشد والجمع فمنذ قدمه الأول أُستعمل ربما مع حركة أو حرف صوتي لتصبح (مَ او ما) وضخمت فيما بعد بالعين فأصبحت (مع) كفعل ثنائي الأحرف. واضيف عليه حرف الجيم ليتماشى مع حاجات الحياة القروية الجديدة، لفظه كان على الأرجح يَمع وتلت إضافة عليه أو إستبدال صوتي آخر للتمييز هو صوت ج لكي يواكب متطلبات التطور لجعله فعلاً مصدر ثلاثي الحروف في (جمع) وربما الياء إنتقلت بعد الميم في جميع أو كسرة في جَمِعْ كما يحدث هذا الانتقال الصوتي بعد التضخيم في أمثلة أخرى، وبقى الفعل (مع) كشبيه حرف الجر في عصرنا ومضمور في الكلمات ككلمة جمهور بعد تهويلها بالهاء والراء الاستمرارية جمع + هـ حلت محل ع + ر والمتواجد في المرادفة زُمرة. أما ماء وماما الأم ألتي تُطعم رضيعها والأصوات عَمْ عَمْ أو آم آم أو ما ما يشيرون إلى الطعام والشراب ألذي الرضيع يلفظها بغريزته لنفهم نحن أنه يطلب ماما = طعام حليب. والميم كانت نافية وسائلة وأصبحت موصلة (جامعة) مُصطحبة الألف البعيد في ما. أن الميم المضافة إلى المصدر الثلاثي في (عَلَمَ = مُـ/علم) اتت من ضمير الوصل (ما) ودمج مع المصدر الثلاثي ليعطي (الذي يُعلم = ما/علم بعد سقوط الألف واستبدالها بالضمة = مُعلم) . وهذا الحرف أستخدم في التمييم في مرحلة من مراحله القديمة وتغلب التنوين عليه تدريجا إلا بعض الإستثناءات ألتي بقت في حاضرنا وسنأتي لشرحها. وإختصت الميم في الإرتفاع والسمو والإتجاه فعندنا الجذر الأولي آم أو ما أو مَ حسب موقع الألف والفتحة في التركيبة اللفظية وهذا جائز بكل الأحوال في هام إلى، وعام = نما وإرتفع كالعشب مثل القمح ليصبح كـ (ط/ـعام بعد تضخيمها بالطاء) بدورة زمنية في أربع فصول، وقام، وشام في شامخ، وسام = سماء، أمام = إتجاه. هذه الجذور بالأحرى بنيت على تمييم آ البعيد للتأكيد والتشديد على المعنى (آ + م).
    ب : يُنطق بفتح الشفتين بتعبئة الفم بصوت همزة مضخمة. يشير إلى تجويف أو غلاف في عباءة (عبء) وجُبة وجعاب الأسهم وقبة الخ، أو سبر المسافة في ذهاب وإياب وفتح (باب) بفصل الأشياء وإيلاجها وأحيانا المكوث فيها أو حفرها بأدوات ثا/قبـ/ـة ومـ/دبـ/ـبة، في بَقَ وبَتَ وبَطَ ودبوس وإ/صب/ـع الـ/سب/ابة وشـ/ـهـ/ب، بعد الإستبدال والتهويل بالهاء. (بـ) هو حرف جر ايلاجي و(بين) ظرف فاصل. صوت ب يجسم الأشياء والكائنات التي يرتابها الانسان في لبوة (لبُ في الأكدية تعني أسد) ودُب وذئب ودواب وبُع بُع فهذا الصوت في الدارجة العراقية مثلا يقال للأطفال (باو) للإشارة إلى الخطر المؤلم. وتستخدم أيضا لبعض الأجهزة التناسلية والجماع في بغي وإسم باء (نكاح) مصدرها (إبَ المشددة = يولج) والفعل بَوأ (تزوج) وحب الخ، وهي ممارسات ألتي يجب ان تعاب إذا لم تكن شرعية (عـ/يـب و وباء).
    ف : حرف شفوي فيه أفيف الريح المندفع من الفم بفتح الشفاه ومخفف عن الباء. نقول بعض الأحيان فاه عوضا عن فم بتميمها بحرف الميم ألذي يَطبق الشفتين (شـ/ـفـ/ـة أُضيفت الشين إلى فاه لجعلها عضوا أكثر شعورا به وتجسيدا). هذا الحرف السافري فيه النفخ والزفير تطور عن الباء السابرة البدائية ألذي يخطلت معه في الإشارة والأستخدام، مثلا في بت وفت مع إضافة لصوت (ح) تعطي (فتح) بعد إنشراحها بالحاء، وأن حرف الجر (بـِ) الواسطة هو قريب بالمعنى واللفظ إلى (في). وكالباء يعطي مفهوم التجويف (جو/ف يختلط مع جُعب او جيب) كف وكهف مع هاء التهويل، وكفن وكوفية ألتي تغطي قحف الرأس، والقفة (أكدية الأصل وتعني قارب صغير مدور ومجوف كالإناء) تتوائم مع قبة أو قبعة. كانت أغلبها تُلفظ بالباء البدائية وإنما خففت بالفاء في الاحقاب المتتالية. بعض الأحيان تستعمل للتأفيف في نهاية بعض المصادر في (س و سوف) المستقبلية ومع الجذر سا = ساع + ف السافرة. المصدر وقف يعني النهوض من الجلوس إلى نهاية (قفة) أو قحف الرأس ولكن المصدر قام أشمل منه بالمعنى.
    ن : حرف غمدي الموضع صوته مثل الميم يخرج من الأنف ولكن أنقى منه، فيه صوت أنين وحنين وهو ضامر في مكان محدد في نقطة والمصطلح (اين) (العنوان) يعطيبنا الفكرة، وفي نوى الأثمار وينوي السفر، من نية ( أمـ/نية) أي غايته في داخله، ومنية القدر بعد خروج الروح النواة من داخل الجسد. يَئِن من العنق في (خنق وشنق وزنق وناق وقناة وقنينة وجِن وجنين). ويعني بعض الأحيان الطعام. ويجسد كل ما في الأنـ/ثى من معنى، في الجهاز التناسلي مثلا كـ هن فرج الإمرأة والإشتقاق منها وهن وإهانة لدلالة الجنس الضعيف، وفي عانة، آنسة وعانسة، نسوة وناس ألذين يولدوا من بطون أُمهاتهم الخ. إستخدمت منذ القدم في التنوين مع التمييم جنبا إلى جنب. حرفاه الجاران عن و من. (عن) بعد تضخيم الهمزة من (ءنَ) ألذي إستخدمه الاكديون، بلفظ الهمزة، بمعني (في)، ربما كان مُستعمل عند العرب بنفس المعنى واللفظ قبل إستبداله بـ (في) الجارة. وحرف الجر (مِن) ألذي هو شبيه (عن) بالمعنى ربما تألف من (ما) الوصلية + ءن = الذي عن. أن تطور المصدر (عنى) قد بدأ كـ(فعل) أحادي الحرف (ءن) ثم ثنائي الحرف (عن)، ألذي تخصص بحرف الجر فيما بعد، وأخيرا أصبح ثلاثي الحروف في عنى ويعني والمعنى في بطن الشاعر.
    كما في الميم النون في الجذر (نا) تُستعمل للنقض والنفي والنهي مع صوت الألف البعيد في ناء = بَعُدَ في السقوط أو الأختلاف (ناء عن نفسه أي منعها، من الجذر ناع بعد تشديد الهمزة بالعين وإدخال ما الوصلية ليصبح مصدر منع)، وناط و ناح وناع (نوع وتنوع) الغصن أي تمايل في إتجاهات مختلفة وفيها ناعس بعد أن لانَ وتمايل الجسد، وناه = علا وإرتفع في رفعة الرأس لنهي الحديث وتعني أيضا النبات نما وارتفع ، وناف = علا وإرتفع ثم زاد وإنتفى. لقد دخلت ميم التمييم عليها لتعطي المصدر (نما) النبات وإرتفع فهو نامٍ، وفي أغلب الأحوال أن النون والميم تشيرا إلى الطعام بحيث تمييزهما يصبح صعب. ربما (ما أو آم) تخص نتاج النبات والحيوان و (نا أو آن) تشير أكثر إلى النبات والحيوان نفسهما ولكن سوية تعطينا صورة قوية جديدة ما بعد التضخيم لـ نا/عـ/ام = نعم وأنعام ونعيم وناعم = نائم، مع الهمزة المُخفِفة، بعد أن نعس ونَعَمَ جسده، في هذا المصدر نام لقد تحقق تأويل ثانٍ للجذر (نا). ويأتي حرف النون في بداية كثير من الجذور ليشير إلى عملية نمو وإرتفاع ونفوذ وإبتعاد في نـ/بت اي النبات عن الارض ينمو بعد شقها، ونبَ في نبأ وإسم النفط أصله من الأكدية نفتا هو السائل الذي يـ/نبع من الأرض لتصبح (النفتالين) المصنوع منه، وفيه فكرة النفس ألذي ينفذ من خلال العنق في نـ/فح ونـ/فق الخ.
    ل : يُنطق بحركة لي اللسان قليلا تحت السطح العلوي من الفم. نستفاد من هذا الصوت غريزيا بتحسس حركة اللسان النافرة مع الألف بالإشارة إلى البعد والإنتقال والرفض في لا: للطرد مع الألف، و(لو) أصلها من (لا) بعد تخفيفها بالواو لتُصبح أداة شرطية للتمني المستحيل كما في إذا لا أزرع لا أحصد = لو أزرع احصد. واللام في آلَ وأولَ وقـ/ال = قال إلى أي تأويل الكلام، ولكن (كلمة) أصلها من الجذر قلَ أي صَغُر ومع التمييم أصبحت قَلم الذي يكتب الكلمة بعد إستبدال القاف لكاف لتميزها عن القلم والقال، والكلمة هي ثلمة من جُملة من كلام. وفي أقلَ وأنتقل وصال وجال وحال وسال ومال الخ جميع هذه المصادر في وزن قال وجذرها الأساس أللام يُلازمها حرف الجر إلى. وفيها كذلك معنى العلو من عال (الله)، وتُستخدم أيضا لكل ما هو متعلق في فسلجة الفم واللسان ومخارجهما في (لثة، لطع، تلعثم، لحس، لقمة، لعاب، لهجة من لَجة اي القوم يتكلم بأصوات مختلفة، لَغة في المصدر لغا أي تكلم عن شئ أو شخص. أللام متمثلة بحروف الجر (ل، إلى، على، لعل). وذات ألشئ في التنوين إذا وقعت أللام في نهاية المصدر ولم تكن هي جذره سيصبح المصدر مؤلل للتأكيد في حالة إنتقال.
    ر : قائم على تحريك اللسان سريعا بين الفكين مع دفع بعض الهواء من الفم. يؤشر إلى تدحرج أو صوت محرك أو جريان وتكرار الفعل. الأ/ر/ض، كانت تُلفظ ارص ألتي عنها خرج المصطلح إرث بتوزيع الأرض كميراث، والأرض هي القاعدة ألتي تتم عليها وفوقها الحركة فعندنا أغلب المصادر ألتي تُستخدم في الحركة نجدها تحوي هذا الحرف في ركض وهرول وجرى وهرَ وفرَ وهرب وراح وريح الخ. وتسخدم بكل ما يخص الأرض نفسها وما يجري عليها. والإعتقاد كما ذكرنا آنفاً أنه كان يُستعمل في المصرية كحرف جر بمعنى إلى والعرب ربما اهملوه في مرحلة ما وأُستبدل بـ أللام ولكن الفرق بينهما أن (إلى) حرف جر ناقل من وإلى و(أر أو را) هو حرف دال على الجري إلى مكان. وبقي هذا الحرف مضمور في الجذور الحالية ولدينا الشواهد على ذلك. وإذا وقعت ر في آخر المصدر ولم تكن هي المصدر الأصل ستصبح صوت تأرير للتشديد وتأكيد الأستمرارية كما في التنوين والتمييم والتأليل.
    ك : يُنطق بخروج الهواء ملامسا الجوف العلوي للفم مع صوت قاطع وسريع. هو بالتأكيد حرف قاطع وحاشد بكل معنى الكلمة وأيضا هو من الأحرف ألذي نطقها الإنسان منذ وجوده البدائي. متواجد هذا الحرف في لغتنا اليوم في الصوت الجاهر (ق) ألذي تطور عن الكاف المهموس في الفعل قط أو قطع وقص وقت (قتات). وبقت بعض أصواته تلفظ بالكاف نفسها وتشير للقطع في سك والأداة سكين وكاح السيف أي أثر الجرح في الجسم وفي الفعل فكَ والفك جمعها فكاك (فاء فاتحة والكاف قاطعة = فاه + أكـ/ل). وجذرها في المصدر أكَ تعني اشتد واحتشد واشتبك في الأيكة اي الغابة التي تتشابك فيها الأغصان، وحشود الناس في مـ/كة، وإتكئ إلى الجدار، إندمج معه الجذر (را = جرى إلى) ليعطينا رَكَ وركه في اريكة ومنها بعد الإستبدال والإضافة الصوتية لدلالة الإختلالف البسيط بين المعاني رص، رسـ/، ركـ/ز، شـ/رك أي الحشد مع البعض الخ. حرفها الجر كاف للتشبيه. لماذا التشبيه؟ أن أغلب الإعتقاد يذهب إلى عملية قطع الطعام في تلك العصور بحصص كانت تنطق بالصوت المفترض آك = قض الطعام = عض و عضو أي جزء من لحم الجسم، و كا أو كو= القطعة أو الحصة نجدها في المرادفة قو/ت وقتات بعد تضخيمها، وينتهي بالتأويل إلى قو/ة = ألذي يأكل، بعد التأليل بتحسس اللسان، يصبح قوي و قُح وفيه و/قو/د الطعام. أن اللهجة الأكدية تسعفنا هنا في تسليط بعض الضوء على هذا الجذر القديم، إذ كان لدى الأكديين الأوقية (أوقَ في الأكدية وحقة في الدارجة العراقية) وحدة الوزن ألذي يُكال (من الأكدية كال= وزن ، أكل) بها الطعام من حبوب وغيرها، فالأوقية هي بمثابة حصة من الأكل، والكيل هو الوزن بالمعنى العام. الأوقة أو الحقة إؤلت إلى الإسم حق بما يعنيه حاضرا في إعطِ كلاً ذي حق حقه أي حصته والحق يقضي (جذر قض) بين الناس في الـ حكم = دمج جذر حق مع ميم التمييم في التشديد وإسترجاع الكاف مكانه الأصلي. عند الأكديين اليد تُلفظ شي أو شا أو شو وتستعمل للتملك وأداة تعريف كما في العربية ذي ذا ذو، فدخلت شي لتعريف كال = شيـ/كال = وزن معدني نقدي عند الأكديين، لتنتقل إلى العربية بعد التهذيب في ثقل ومثقال. أن حرف الجر (ك) للتشبيه ربما كان يُعاز به للتنصيف (النصف يشبه نصفه الآخر) في حصص الطعام والتقاسم بالحق عند القطع والتوزيع في العصور القديمة جدا. وفي الكاف القاطعة تم تميمها في كم أي مدخل اليد ومخرجها وبعد الإضافة والإستبدال في الجذر تصبح كمش عند إستعمال الخمس أصابع التي تنتهي بإصبع الإبهام لتعنون رقم خمس، وإبهام ثاني اليد ألذي رقمه ست فيه شد عند القبض وبعد الإستبدال يكون عندنا كمشَ و شدَ = خمسة و ستة.
    الأصوات : د حرف نعامله كجذر وكصوت كما في حرف ك. يشد ويحشد في حدود. الدال هي أساس إسم اليد ألتي تملك (ذو ذا ذي) و تأخذ وتعطي وتشير (ذا) وتقود وتسود وتصد وتشد (أد/اة) وتحد وتجد في الوجود والعمل. ينضمر هذا الصوت داخل حرف الجر (حـ/تـ/ـى)، ألذي في اللهجة الأكدية (أدي) تعني حتى، والوادي يؤدي حتى ذاك الحد، تطورت عن الجذر الأساس (دا) = ذلك الاتجاه أو الجانب. والدال في يد المالكة والمؤشرة في ذا و ذو وذي ألتي تُلفظ في اللهجة الأكدية شو و شا و شي بمعنى اليد وأداة تعريف. كانت تستخدم ذ في العربية الفصحى على الأغلب كأداة تعريف أيضا وفي مرحلة متأخرة حلت أل التعريف محلها، وفي كلاهما يكون آل = أهل (بعد التهويل) = ذوي، وبقت ذو اليوم مدموجة في بداية مصادر كثيرة منطوقة بأصوات إستبدالية مختلفة كما في طبيعة و طعام و دورالخ. وصوت (ذ) هو نفسه (د) ولكنه اكثر رخوا، فإستبدل د لتصبح ذا تارة للتملك وتارة أخرى للإشارة. في المثال شي الأكدية (ثقل) عُرَف الطوب المستعمل في الكتابة المسمارية في شِـ/طوب لتنتقل ربما إلى العربية في شطب وخطب (خطاب) وكتب ولكن كلمة طبشور العربية هي من الأكدية السومرية طوب سار = الكاتب على الألواح الطينية، ولكن المصدر الأكدي كَتَبَ = شَطرُ اي سطر الحروف. واليد تبدأ أصابعها من حد/ها بعد الإستبدال بـ (ح) ومنذ الإصبع الصغير نبدأ بالعدد واحد من أحد و حد والمصدر (عدَ) يحكي عن نفسه. في دية = إعطاء مبلغ بديل للعقاب، فيها عملية تسليم من يد إلى أُخرى وبإضافة الهاء لتصبح هدية، وفي المصدر عطـ/ا بعد الإستبدال الصوتي في ع و ط، والجذر (خذ) بالمعنى المعاكس لـه. في الدال الشادة عندنا هدَ و هدم بالتمييم. تأتي في أغلب الأحيان أمام الجذر لتوجيه الحركة في راب = دَرَبَ اي نَهَجَ وفي آخره لجزمه بالتشديد (تنوين) في نجى = نَجَدَ الخ.
    أما الأصوات الأخرى فلها دور نغمي حسي فالتاء التائه المؤنثة والثاء الثائبة الثالة والجيم الفاجة الجامحة والحاء المنشرحة الحاوية والخاء المُخيفة الراخية والزاء الزاهية الزاوية والسين الحاسة الساعية والشين الشاعة الشاعرة والصاد الصافرة الصافية والضاد مع الظاء الضامرة الظانة والطاء الطائعة الطالية والعين المعظمة العانية والغين الغائرة الغازية والهاء المهولة الهاوية. جميعها تَستبدل بعضها البعض لتكييف الجذر في ظروفه ألتي تتقلب في زمكانها مستعملة أصواتها وايماءاتها المتفاوتة الدرجات. كما في الموسيقى التي تحوي سبع نغمات (نوطات) أساسية ولكن على سلمها تتفاوت درجات الأصوات والحركات تُصَدر لنا ألحان لا نهاية لها، واللغة العربية هي أيضا لديها ألوان متنوعة في الدرجات تدخل على الجذور لتلون ألواح مصادرها في معاني لا حصر لها.
    الهمزة مع الألف :أستخدمت الهمزة للتخفيف والأحتمال في واو المعية التي تجمع أكيدا أثنين أو أكثر وتُلفظ بحركة الفتحة ولكن عندما تأتي الهمزة قبل الواو (أو) لتخفيف المعنى اختلفت وظيفتها ليصبح إحتمال او إختيار، وكذلك بين ما السائلة لحدث معين و أم المخيرة بين حدثين أو أكثر. وفي صوت الألف إذا كان قبل الجذر يعطيه إتجاه معاكس عندما يكون بعده في عـ/اد ودعـا (اد و دا) بعد تضخيمه بالعين، وفي الجذر سا/ح و أس و سوى، الأول ذاهب إلى الخارج و أس الأساس يذهب ألى الداخل والثالث في الواو يتساوى بين الاثنين.
                  

06-12-2009, 02:50 AM

خليل عيسى خليل

تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 953

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نشأة جذور مصادر اللغة العربية (Re: خليل عيسى خليل)

    تكملة



    Quote: نشأة جذور مصادر اللغة العربية





    Quote: التنوين والتمييم
    تستعمل اللهجة الأكدية التمييم في الجمع وتصريف الأفعال ونهايات الصفة، والتنوين للمثنى، فالتمييم كان حالة شائعة في اللهجات القديمة بالمقابل أن تمييم الجمع اضمحل في اللغة العربية الفصحى ليصبح من البقايا القليلة هنا وهناك خصوصا في ضمائر الجمع هم وأنتم ولكم وفي بعض المفردات كما في أللهم. الحقيقة أن التمييم العربي لم يختفي وإنما أصبح في مرحلة من مراحله جزء لا يتجزأ من المصدر وإنتفى إستعماله ولازم التنوين محله. أما التأليل (ل) والتأرير (ر) الخ، فهو إختراع (Neologism) لأجل توضيح الصورة للقارئ الكريم وحسب. ربما بسبب تقارب هذه الحروف الستة ب،ف،م،ن،ر،ل في اللفظ قد جعلت الإنسان في تلك العصور أن يستعملها في نهاية المصادرلأجل التشديد وتوجيه جهة المعنى و كانت حالة شائعة بإستعمالهم لها في هذا المنوال.
    في الجذر ركَ بعد التمييم يصبح ركم وبعد التنوين يصبح ركن والمصدران جذراهما لم يفقدا قيمتهما. لكن ما الفرق الواضح بين مضمون التنوين والتمييم في بعض الجذور؟ نذهب إلى الجذر (لا) وننونه ثم نمييمه في لن و لم نلاحظ الأول يستعمل لنفي المضارع والثاني لنفي الماضي ونسبرهما أكثر ونبحث في النون أولا وخصوصا الجذر (آن) الذي يعني هـ/نـ/ا الآن = حان = (كـ/ان بعد الإستبدال يعني كينونة لحظة الحدث منها مـ/ـكان و سـ/كن)، وفي نما النبات والجذر نا في ناح ونحو تتوحدان في مضمونهما المستقبلي لأنهما في حالة نمو وتتطور. وفي المقابل الجذر (ما) في ماض ومات ومشى يعني امر قضى وانتهى. فالعرب الأوائل كانوا يتحسسوا هذه الفروقات اللفظية وبالتالي يستغلونها خير إستغلال في الأزمان والتنوين الخ.
    دمج الجذور
    رب ، رم ، بر ، فر ، مر ، بد : رب في راب من جذر را = جرى الى و آب = أما ذهب أو رجع، الجذران يقويان بعضهما البعض في معاني الحركة والجري = يربو من الرابية بلسان العـ/رب العاربة. فيه كلمة الرب (العالي). ورقم أربعة هي سبابة اليد اليمنى ولكن رقم سبعة هي سبابة اليسرى لتعطينا صورة السبابتين (أو ربما الربابة والسبابة) نحو السماء مؤشرة إلى الرب المتربع على عرشه في سابع سموات. رام (را + تمييم) له نفس التحليل والتفسير لـ راب بأختلاف بسيط مع راب ألتي تعني قرب من إتمام الفعل ورام في طريقه لإتمامه في رمـ/ـى الـ/رمـ/ح ورمم العظام أي جمعها ولم يتم ربـ/طها حتى تُجَبَر، في راب اللبن أي علا وقـ/رب من نهايته والتجـ/ربة تًقرب العالِم من الحقيقة. وبر من باء أي لاج في مكان (بـيـئـ/ـة)، وراء الأرض والجري، وحصلنا من بيئة المشتقة بيت فيها بات = مكث، وإنطلت بيئة بالطاء وضُخمت الهمزة بالعين لتصبح طبيعة. وكل شئ بادء من البيئة يكون في الجذر بد فيه أباد أي أرجعه كالبيداء لا شئ فيها سوى بدايتها والبيداء تشبه بيضاء بعد الإستبدال، والأبيض هو فاضي من الألوان مثل الفضاء = بيضاء. ب الإيلاج إندمجت إلى ر ألتي تعني الأرض فيعطي الجذر بر المعنى محيط المكان من الأرض المنبسطة، وفيها البراري (إبري في البابلية في العهد القديم تعني البَري أو ألذي يقطن البرية ألذي لا أصل له). إدخال بعض الأصوات على بر تصبح مثلا جبر (جبار) وكبر والحاء تتوسطها تعطينا بحر أوسع وأكبر من البر. ومنه الباري الذي جبرت عظامه فهو برئ. وبئر الأرض أي حفرها من الجذر نفسه باء + ر.
    ومر من (ما = الذي) و را الجري إذن مر = الذي يجري و مرء هو إشتقاق له كما الراجل تصبح رَجُل، الشخص الذي يمشي على رجليه فالمرء هو ألذي يسير على قائمتيه. تدخل على مؤخرته (ح) الإنشراحية تعطي مرح كما في سار سرح. وكل شيئ يمر عليه الدهر وباقٍ راسخ فهو مُعمر وعامر (عُــ/مر تأرير في الاستمرارية) ولكن غَمر من الجذر قام وأُستبدل بالغين ورُبط براء الاستمرارية والتأكيد لتعطي فكرة علا وغطى الشئ. وفي الليل قام القَمـ/ـر (تأرير في إستمرارية الجريان) بدرا بعد أن كان النهار شامـ/ـسا من الجذرين قام وشام. في الأكدية يتسعملوا مصطلح سِن بدل القمر وأشتقاقه دخل العربية بأسم سنة أي بعد دورة قمرية حول الأرض. الجذر فر فاء السافرة الإيلاجية + را الجارية فهي تتكلم عن نفسها.
    لم ، لب ، لف : لم لملم حاجاته من حرف الجر (ل) و ميم التمييم للشد، وِضع ح بوسطها = لحم مادة ملمومة بأنسجتها، او بإضافة السين (ذو التعريف) قبلها بعد أن إلتئم الجرح فصار لحيم ملتحم ومُلائم فهو سليم بعد الإضافة والسلام. فيها عَلمَ من الإلمام ولكن العالَم من الجذر عال مع ميم التمييم بمعنى ألذي يسود،
    لب من (ل) و ب المُعبء المتين، صورة في داخلها تتصلب الأشياء نحو المركز اللب أي قلب الأشياء كما في داخل الحـ/ب والحبوب يوجد لـ/ب فبداخل الجسد هناك قـ/لب صـ/لب. وبعد التنوين تصبح لبن ومع الحاء لتكون حلب وحليب كلها بيضاء اللون وفيها صُلب العافية. بعد الإستبدال بألف لتصبح آلفُ في الفينيقية تعني الثور الجسيم (في المغرب العربي يقولوا حلوف أي الخنزير من بقايا لغة الفينيقين) ومنها المشتقات العربية في حيوان أليف وتألف من 1000 وحدة (للجسامة) ولكن المفردة مائة أصلها سومري.
    دم ، دن : دم من دال الشد + م التمييم للشد والضمر فالدم مشدود بشرايين ومضمور داخل الجسد وبإضافة هاء التهويل (دهم او داهم معتم ومبهم مظلم) الصورة مُعبرة عن نفسها، وإستبدال الدال بالظاء (ضم) والمعنى يتجسد بـ (عظم) بعد إضافة ع للتضخيم، وفي شحم بعد الإستبدال والإضافة. والأ/دمـ/ـة التي هي تحت البشرة ضامرة وحافظة الدم والشحم والعظم، فعندنا بعض الآدميين من البشر.
    في دن شدتان دانية الواحدة نحو الأخرى تعطي فكرة شئ مرصوص و مـ/تين ومحكوم. نذهب إلى الأكدية في الفعل دونُموم تعني حـ/ـصن اسوار المـ/دينـ/ـة (من الآرامية مدائن) ودونم هي وحدة قياسية أكدية لقياس مساحة الأرض بعد تعلية وتحديد جوانبها بالـ/طين. في العربية الفصحى دين = حكم وكل شئ مرصوص ومحكوم مثل زن فيها وزن وزين و حسن وحزن وخزن وشحن بإضافة ح و خ ، وداني أو ديان إسم أكدي يعني قوي وحكيم، وعدن أي الأرض المثقلة بالمعادن أو المسمدة الصالحة للزراعة. والعالم (يدنو) ويتماسك بعضه للبعض ليصبح دنيا. وفي الجذر ثن، بعد الإستبدال، مصدرها ثنى ويثني = يدنو والعدد اثنان، كما الإصبع الثاني يدنو من بعد الأول إلى الثالث فالإصبع التاسع ساعٍ من الثامن إلى العاشر أي قبل الأخير، في المصدرين معنى آخر = الساعة والثانية.
    در ، ذر : الدال تعني حتى و را تعني الأرض مع فكرة إستمرارية التدحرج أو الرمي نحو الأرض، في الدرار و دُرر بعد الإستبدال لتصبح ذر في ذرَ الذرة او البـ/ذور وهذه العملية تحتاج إلى ذر/اع في الرمي أو النشر في الفعل ذرع، وذر البذور تعني زر/ع ثم جـ/ذر وأخيرا خـ/ضر، وكل شئ يشبه زر القميص يكبر في زهر لعب الطاولة بعد إضافة هـ ، ولكن الزهرة من الجذر زاه بعد التأرير. ومنه الجذر ثر (ثراء) = كـ/ثر وأضيفت النون النائية إليه في نثر كما في الجذر شر الغسيل أو نشر الغسيل. الجذر يشير إلى شئ فيه العدد يتكاثر في ذرات وينتشر على وفوق الأرض.
    آ ، آر ، ر : آ ذلك الصوت الأقدم ومنذ بدايته كان يحكي ظواهر الطبيعة كالضوء وبقي ليومنا في المصطلح (إيا) يعني ضوء الشمس وآية من الجمال = شعاع من الجمال وهي أمارة من السورة تُسطر فيها كلمات الله المنيرة. وبعد التنوين ألذي يُعنون المكان في نقطة صارت آن أي ظهر للعين وبان وتشديد الألف بـ ع صار عندنا عآن وعين التي ترى النور. وبن = إبن من باء الواسطة من خلالها الجنين المتكامل يشق طريقه حتى يبان، ومنها بنى ليعلو الجذر في بناية بيانها يتكامل في أفضل صوره. مع ل للعلو والإنتقال تعطينا لأ لأ ضوء النجوم في (ليل) المشتقة منه بعد التسقيط والتهذيب، ولاح ولاه السراب وبعد تمييم لأ لأ تصبح لمح ولمع الخ. وإضافة الشين أوصوت آخر قبله تصبح لدينا المصادر ألتي تنتهي في الأصوات العُنقية لأجل التضخيم والتخفيف شاع = ضاء = ضاح، ثم أُرِرَت آ لدلالة الإستمرارية ليصبح مصدرا نستخدمه في حاضرنا = أَر يعني إيقاد النار ومنه المصدر رأى ومشتقاته، و حـ/ر/ارة من الحَر، والتحقت الى بدايته نون النائية ليصبح نار ونهار.
    في جذر الجريان (أر)، قد أختلف بعض الشئ عن أر السابق، مشهود في العربية الفصحى في الري و روى وجريان الماء في هرَ بعد استبدال الألف بالهاء ثم اضيفت اليه نون النائية ليصبح نهر. لقد انجب هذا الجذر أُر كلمة يعشقها الإنسان وهي حُرية من حُر الطليق القائم على الأرض بذاته. الجذر أر أو إور يعني الأرض نفسها وما يتواجد عليها وفيها وإليها. في المصادر جور و هور و غور الأرض أي حفرها وعورها بمعنى آخر عمل لها أساس لسور فكل شئ مسور على الأرض ومسكون تعني قرية أو مدينة. العرب سابقا لم يستعملو مصطلح مدينة لأنه آرامي الأصل ولكن إسم قرية كان المُستعمل وأصلها باللفظ المفترض (اُرية وضُخم الألف بالكاف في كرَيَت الآرامية وقرية في العربية) وهذا الجذر كان مستعمل عند الأكديين والسومريين في مدينة إور وأريـ/ـدو و إورو/ك ألتي تعني جميعها بدار السلام ( إور= مدينة + كوغ في إوروك و دوغ في أريدو تعنون جميها بقح و قوي وسليم بالسومرية، وفي الآرامية إورشلِم تحكي عن نفسها). هنا مثلها مثل إسم ثقل حيث دخلت ذو التعريف أنذاك الى إور ودمجت لتصبح عندنا إسم دور أو دير وديار في الآرامية وبالإستبدال تحولت إلى سور ودورة (إذا دار الزمن أصبح دهر، الهاء توسطت)، وفي طور وتطور ألذي فيه صيرورة من صار في أطوار، وطور هو جبل (أرض) وفي الأكدية تورا تعني (قانون) اليونانية الأصل، أي المواد ألتي تكون مُؤطرة في سطور ومنها التوراة وفي العربية سورة القرءان وصورة في داخل إطار، ثم أُضيف السين إلى بدايتها لتصبح سطور. وحضر وحضارة = المدنية أصلها من دور البناء بعد الإستبدالات الصوتية ألتي لحقت بذو التملك. وكل شئ مغلق في دائرة هو آصرة وأسرة ألتي أصبحت عشرة = عشيرة بعد التضخيم وتغيير الصوت، والإصبع العاشر هو الأخير ألذي (يـ/صُر ويـ/حصر ويـ/حشر) وينهي العد. إذن الجذر اُر في بدايته كان يشير إلى حفرة أو نتوء في الأرض كلها معاني وصور خصت الأرض نقلها ذلك الأنسان إلى جسمه، في عور وجرح وقرح وشرح وشرج و قُرة العين (أُورَ) ومنها قراءة. وقد تخصص هذا الجذر، إور = الجري، في بعض الحيونات الطائرة والسائرة التي لها وزن معنوي آنذاك مثل ثور و صقر وغيرها.
    أس و قد : أس المكان وضع له أساس وسواه وساواه منها سياسة. ومن الجذر أس عندنا المصطلح حـ/اشـ/ية بعد الإضافة والإستبدال يعطي صورة حوش ألذي في داخله إلفة الـ/عيش وخارجه هو غير مألوف (واحش = تغيير موقع الواو عَكَسَ المعنى) وبعد إستبدال تالي = عاش في عِشه عز/يز والعوز عكسْ العِز بنقلة الواو. البيت تعني الحُجرة، والدار هو هيكل البناء الذي كان دائري الأساس، والحوش ألذي نعيش فيه. الـ/قد للقياس في ماهو قدك؟ أي قامتك وهي أيضا وحدة قياسية أكدية للطول. أُضيف إليها راء الإستمرارية لتصبح قدر ومقدار. فيها قتَ = قطع إلى أجزاء صغيرة كالطعام نراها في (وَقَتَ) أي جعل الزمن مُقطع في وحدات معينة. قد = جثـ/ـة وبإستبدال الثاء بالسين والتاء بالدال تعطي جسـ/د ويأتي التمييم في جسم وثم ترجع ث في جثمـ/ـان.
    جذور العلو والإرتفاع : عال وطال في العلو الأفقي، قام وسام وشام وعام في السمو والشموخ والشمـ/ـول، والمرء يسمو بـ/وشم إسمـ/ـه بـ/سمـ/ات الـ/شيَم السامية، راب ورام في الترفع و التربع. وأطول أصابع اليدين هما ثال/ث = طال و ثام/ن = شام أو سام بعد الإستبدال والتنوين في كلا الحالتين.
    الضمائر في العصور الغابرة : أنـ/ا، أنـ/ت، هـو وهي، نـ/حـن، أنـ/ـتـ/م. أن لفظ الضمائر في تلك العصور كان آ و ي = أنا وإني و ت = أنت و أنتم و يبقى هو وهي وأخيرا حـ/نا = نحن، التي جميعها نجدها في بداية تصريف الأفعال في أذهب تذهب يذهب نذهب تذهبون، هاء في (هو) تُستبدل في الياء لتسهيل اللفظ .
    بت بتر تر : أمام هذه التركيبة من المصادر نكون نحن في مشكل السؤال ما هو الجذر وما هو الحرف المضاف، في بتر يوجد الجذر بت ألذي يشبه بقيمته جذر تر بالمعنى العام فصل، فما هو الجذر الأصل؟ هذا يتكرر مرات مع بعض المصادر. في الإعتقاد أن معنى بتر يقرب أكثر من تر منه إلى بت أي تر يكون الجذر المحتمل والباء هي المضاف، وفي المصدر شطر يدعم قيمة تر في بتر، أو أن جذر تر قد تخصص بالدمج للتأكيد مع الجذور ألتي تشبهه كما في المصدر شطر المركب من شتت أو شتَ (فرق) مع تر والتضخيم، أو هو راء التأرير للإستمرارية مع الجذر بت و شتت وليس مع تر من الراء التي تخص الأرض نفسها من عائلة غور و جور الأرض. والأرجحية تذهب إلى أن حرف التاء ألتي بقت ثابتة في الوسط هي أساس الجذر وأن الباء والراء من المُضافات، وهذه التاء كانت سين في جذر أس = حد كلاهما يشبها الأساسات في (خطوط = حدود) والاستبدالات أتت فيما بعد في قـ/ص و بـ/ت وشـ/تَ=حـ/دَ وثم أضيف لها ر التأريرألتي تعطي شطر قصر وبتر ولكن يبقى السؤال مفتوح. وفيها المركب الجذري فت فتر وفطر وقت قطر . هذا المثال يعطينا فكرة أن جميع لغات الإنسان قد تأسست في بدايتها من حروف العلة أولا ثم الصوتية الحسية التي بصيرورتها ناتجة عن حروف العلة أقدم من اللفظية وقابلة للتطور عكس اللفظية و أتت أخيرا الحروف اللفظية، هذا التطور صاحبه تكيفات في فسلجة الجهاز النطقي من الشفاه الى الحنجرة بتوازي مع تطور تلافيف الدماغ وحجم وشكل الجمجمة.
    تمرين في طريقة التأصيل : نأخذ المثال للمصدر عمق ونفصل أولا ع لأنها صوت مضاف حديثا (لا يوجد جذر مرادف لـ عام يعطي قيمة عمق)، ثم نأخذ مقَ تعني أرض بعيدة الأطراف وتمققَ يعني طال وأبتعد في الفصحى، ونرفع ميم الوصل عن القاف، والقاف لوحدها لا يمكن أن تشكل جذرا عدا مع حرف علة كـ( آ ) فيصبح لدينا الجذر الأساس المفترض (قا) = قاع بعد التضخيم مع المضمون عمق، ثم نضعه في إحدى التنوينات في ر مثلا فيصبح لدينا قعر. ولأجل تثبيته في حال التأكيد نبحث عن أمثاله ومرادفاته في لغات ولهجات المنطقة القديمة كالأكدية والسومرية والمصرية الخ. فمثلا في السومرية كا أو كي تعني أرض، و (gar) في السومرية مثلها لفظاً ومعناً في العربية قر وأستقر في مكان، أصلها من (ga) بيت أو مقر أو فعل أقر. وهذا يدل أن اللغة السومرية عرفت التأرير كالعربية في إحدى مراحلها القديمة. وفي المصرية (قئو) = الإرتفاع، وهو مشهود في جميع اللهجات العربية القديمة الأخرى. نستطيع اليوم أن نشرك أصل اللغات الهنداوربية إلى منطقتنا حسب البحوث الحديثة لعالم الآثار البريطاني الكبير كولن رنفرو (Colin Renfrew) ألذي توصل من خلال بحثه إلى حقيقة الموطن الأصلي للاقوام الهنداوربية حيث حددها بحثه في جنوب غرب تركيا في الحدود المشتركة مع الهلال الخصيب وموطن العرب، ويرجعه إلى تاريخ ما بين 9 و 10 الاف عام قبل الحاضر وهو التاريخ ألذي شرع فيه هذا الشعب ولأسباب البحث عن اراضي زراعية جديدة بالهجرة إلى ألشرق نحو أوكرانيا وإلى الغرب نحو البلقان واليونان. وفي المصطلح قاع نجده في الإغريقية القديمة (gea) أي الأرض أو القاع ألتي تتصدر في كلمة جُغرافية. أن جذور اللغات الهنداوربية كفي الإغريقية واللآتينية والسنسكريتية عرفت كذلك التأرير والتمييم والتنوين والتأليل بنهايتها، وبعض حروفها الجارة تتطابق مع العربي والمصري والسومري في المعنى واللفظ والضمائر البدائة وأسماء الإشارة وأدوات التعريف وأسماء الظواهر والأشياء الطبيعية البدائية الخ كل ذلك سيكون في بحث آجل. في التأصيل والتأثيل بين هذه اللغات المتباعدة في السلم الزمني يجب أن يكون قائم في أقرب تقدير على الجذر الثنائي الأحرف وإلا سنقع في أحكام مُتعجلة.
    أن خاصية الدمج في المصدر الثلاثي المُعتمدة عند العرب الأوائل تختلف عن باقي اللغات القائمة في مصادرها على القص واللصق القياسي بحروف الجر كما في اللغات الاوربية مثلا ألتي أصبحت هجائية فيما بعد. لقد تميزت اللغة العربية بدمج الأصوات الطبيعية ألتي تتحسسها الغريزة ولأنها مكثت طويلا في بيئتها وبعد تطوير ذاتها بنفسها تراكمت وتسلست وتناسقت الاصوات مبتدئة من الحرف الأولي = متراكم تراكم ركم رك اكَ كا آ. والميزة الثانية أن الجذر يتأرجح بين الأصوات ولم تتغير قيمته، في قص قصر قصل قصم نقص أو ضم ضمر ضمن لضم. لا نستطيع كليا هنا أن نطلق المصطلح (دمج) بين الحروف بالمعنى ألذي يفسره باحثي علوم اللغات الاوربية. ولكن في العربية من الممكن إستبدال المصطلح دمج أو لصق بـ(تناغم) الحروف والأصوات. في الجذر رد من الراء الجارية يصدها دال الشد والصد فيردها على أعقابها. هذا التناغم الصوتي البديع في المعنى والمفهوم في حال (الدمج) يذهب بالمصدر لأبعد حدوده في الصور والمعاني الطبيعية. ونجد في الجذر الواحد ألتي تتألف عنه مجموعة مصادر تُبقي مضمونها الأصلي ولكن كل مجموعة فيها أصوات متدرجة في سلمها، إذا تغير احدهم درجة طفيفة يستجيب المعنى له بنفس الكم والدرجة الصوتية ( سوى و زوى و وازى : لقد إزداد الصوت سين بدرجة حرارية واحدة إلى زاء ليتغير فيه معنى التساوي على خط واحد مدود إلى إرتفاع الخط من جانب واحد فوق السطح ليكون زاوية، وإذا ابتدأت الواو الجذر إرتفع الخط من الجانبين ثم أصبح في توازي خطين الواحد فوق الآخر ومتماثلين في الإمتداد) والأمثلة لا تعد ولا تحصى، وفي المجموعتين من الجذر سا = ساه و تاه - زاه و زاغ نلاحظ جيدا التمايز الدقيق في الأصوات ألتي تنوع المعنى في درجات شُعيرية متناهية الصغر يتناسب معها معنى الجذر، أنه زرياب يوزن ويعزف مع الخوارزمي يحسب.
    أن المصدر الثلاثي الأحرف هو عبارة عن جملة كاملة مركبة من ثلاث كلمات في حروف وكل حرف له وظيفة معينة يجسد العملية بالتوالي في ثلاث أبعاد. المثال المصدر بَسمَ = فاه + حس + صم في إكتمال الأبتسامة. لا توجد لغة تحترم بالمثقال إستعمال الأصوات الطبيعية وتنسيقها في داخل المصدر كالعربية. فالتعبير الإنساني في الصوت الغريزي الطبيعي لهذه العملية تلخصَ في بَسمة وربما لا يمكن أن يكون غيره. أن معاني المصادر العربية تكمن في أصواتها الطبيعية ألتي جسمت المصدر في ثلاث أبعاد هندسيه متناسقة مع بعضها في الصوت (الحس) الصورة (الشكل) والحركة، وفوق كل الأعتبارات القومية أن هذه اللغة بمصدرها الثلاثي هي لغة إنسانية ونتاج طبيعي لا تعتمد على اللصق والدمج القياسي كما هو معروف في سائر اللغات.
    في الماضي ليس بالبعيد وفي حاضرنا يحاول المصدر الثلاثي أن يكيف ويطور ذاته في محيطه بزيادة حرفية جديدة ويتجه نحو دمج قياسي وليس تناغمي والأمر لن يكون سهلا كالعود ألذي أُضيف إليه الوتر السادس، لأنه يحتاج إلى نقلة حضارية وثقافية مهمة تواكبه في الكم والنوع. عندنا المثال قـ/شعر من الإفتراض شعر أو شعور مع حرف القاف الآتية ربما من الجذر قف لتعطي المعنى في وقف الشعر وتقشعر الجلد. هكذا ترتيبة من المصادر الرباعية سوف لن تفرض نفسها في المستقبل ولكن ربما المصدر نفسه سوف يتطور من أحد اوزان المصدر فَعَلَ أو من وزن جديد آخر ليصبح بالتصريف القياسي منهجا لتصدير المصادر الرباعية والخماسية في المستقبل البعيد حتى يتكيف مع المصطلحات العلمية والقياسية المعاصرة.
    فرضية تواريخ اللغة العربية وقدمها.
    نحن نعرف أن وقت ظهور الفينيقيين في بلاد الشام يعود إلى قبل 3500 سنة تقريبا أي أن وجودهم في الشام قد سبق هذا التاريخ بكثير. ولكن عندما يستمع أحدهم لقصيدة باللهجة الفينيقية سيظنها لشاعر عربي كتبها بالدارجة اللبنانية أو التونسية أو كلاهما مع بعض الفروق ألتي لا تذكر. فاءذا كان الإنسلاخ بين الفينيقيين والعرب قد تم قبل حوالي 4000 سنة ولم تحدث تلك الفروق المهمة بينهما كما ألتي حدثت مع الأكدية، فمتى إذن تم انسلاخ الأكديين عن حاضنتهم الأم الجزيرة العربية ولا نقصد تاريخ ظهورهم في وادي الرافدين؟ أليس هم اقدم في إنسلاخهم بكثير من تاريخ إنسلاخ الفينيقيين؟ حسب النظريات يعود ظهورهم في العراق ما بين 4500 الى 6 آلاف عام قبل الحاضر، ومع ذلك كان المصدر الأكدي الثلاثي الحروف بأتم صوره. وإذا إدرجنا العامل الزمني في البعد بين المصرية القديمة ذات المصدر الثلاثي الأحرف بينها وبين الأكدية بالنسبة للعربية سيتبين لنا أن المصريين كانوا يستخدمون المصدر الثلاثي في حدود قبل 10 آلاف عام على أقل تقدير. وإذا حسبنا مدة التطور بين فترة لغوية وأخرى في تلك الحقب وألذي لم يكن سريعا كما هو الحال اليوم بفضل وسائل الإتصال, سنستطيع إذن أن نبني الفكرة ألتي تقربنا من حدود كينونة المصدر الثلاثي ونعزيه لفترة ما بعد إنتهاء العصور الجليدية أي قبل حوالي 15000 عام فما دون، هذه الفترة ألتي سادتها الزراعة والهجرات في البحث عن أرض جديدة ومصادر مياه، وكانت فترة طويلة وشاقة حفزت الأنسان على تطوير جميع وسائله ومنها وسيلته اللغوية لتلائم متطلبات زمنها.
    فاللغة العربية هي الأم لجميع اللهجات الأخرى ميتة وحية كالأكدية والبابلية والآشورية والآرامية والفينيقية والنبطية وغيرها لأنها هي الوحيدة ألتي بقت في الجزيرة العربية في المكان الأصل والمصدر ومنذ القدم فهي إذن صاحبة الأصل والمصدر، وأحد الادلة النحوية الكثيرة أنها حافظت على نظام جمع التكسير وتفننت به ألتي هي من ميزات اللغات القديمة والأصيلة في دراسة علم التأصيل والتأثيل. فكلما كان تاريخ الأنسلاخ قديما كلما ندرت مفردات جمع التكسير والأكدية خير مثال فهي كل التي تحويه من مفردات جمع التكسير لا يعد بعدد أصابع اليد الواحدة وكلما تقربنا زمنيا من الأصل كلما زادت هذه المفردات، إلى الآرامية و الفينيقية ولكنهما تبقى أقل مما تحويه العربية من مفردات جمع التكسير.
    ان مصطلح اللغات الجزرية هو خطأ علمي آخر وقع فيه الباحثون دون دراية في تعويض المصطلح العنصري "السامية"، فمصطلح الجزيري أو الجزري بظاهره حيادي ويعتمد على المفهوم الجغرافي ولكن في باطنه يجرد أصحاب هذه اللغة من صيرورتهم وحضارتهم ويطمس حقيقة وأصل لغتهم الآدمية وألام. إذا كان انسان في مكان فهل يصح لنا أن نلقبه بمكان ولغته المكانية؟ إذن الجزري هو مصطلح لا بعد له سوى معنى الفضاء ألذي يتيه فيه السؤال والإبداع، وعليه يجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها العلمية الحقيقية اأتي تفرض نفسها.
    الخاتمة
    اللغة العربية ليست هي فقط للكلام والكتابة والأعراب، هي لغة تحكي عن نفسها، في كل كلمة وحرف كان هناك تاريخ الأنسان الاول، عبرت الزمن البعيد لتسرد لنا اليوم بأحترام شديد أصل معانيها التي تتنسق وتتسلسل في داخلها مواقع الحروف وكل حرف هو حدث عاشه ذلك الأنسان يخبرنا عن كيف فكر وتأمل وفرح وعانى في بيئته وطبيعته. علينا نحن الأحفاد أن نصون هذه اللغة الرائعة بأمانة لأنها ليست فقط إرث العرب وإنما هي إرث الإنسان بمعناه الشامل والعام. في هذا البحث اللمحة نحن بعيدون عن الإلمام برسم الصورة الكاملة لصيرورة الجذور والمصادر. هذا البحث لا يمكن أن يكون سوى إنطلاقة لإرساء بداية جديدة في تأصيل المصدر العربي والله المعين. صدق من قال أن آدم كان ينطق بالعربية.

    نائل عبد المجيد عبد العزيز

    http://majdah.maktoob.com/vb/majdah122209/
    بعض المصادر
    علم المصطلح؛ أسسه النظرية وتطبيقاته العملية تأليف: عليالقاسمي
    لسان العرب و المعجم الوسيط
    Cours d'Egyptien Hiéroglyptique : Pierre Grandet- B. Mathieu
    Origin of The Languages : Merritt Ruhlen
    The Climate Changes of Mesopotamia : W. Nutzel
    The Arabian Gulf : Oxford D. Potts
    The formation of the Arabian Gulf from 14ooo B.C ; Nutzel, W.Sumer (1975)
    The Pennsylvania Sumerian Dictionary
    The Chicago Assyrian Dictionary
                  

06-12-2009, 02:56 AM

خليل عيسى خليل

تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 953

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نشأة جذور مصادر اللغة العربية (Re: خليل عيسى خليل)

    Quote: لغة بعشيقه وبحزانـي - أبعاد ودلالات



    http://www.gilgamish.org/viewarticle.php?id=index-20060626-101
    صباح كنجي
    الخميس 22/06/2006




    Quote: تواجه الباحث في شؤون الأيزيديه جملة مسائل شائكه تتطلب جهدا ً غير عاديا ً وقدرة ليس على الأجتهاد فقط ، بل تقصي حقائق تاريخ الشعوب والأجناس وتاريخ اللغات واصولها وجذورها، وهو امر يفوق قدرة الأنسان - الفرد ويتطلب جهدا ً جماعيا ً تقوم به المؤسسات العلميه من جامعات ومعاهد متخصصة من خلال حلقات البحث الجماعيه طويلة الأمد.

    ولكن من اجل التنبيه لهذه الحقيقة سأحاول ان انوه الى اهمية هكذا دراسات من خلال هذا البحث المتواضع في موضوعة علم اللغة وتاريخ اللغات والشعوب والأجناس.
    وقد استوقفتني كثيرا ً طبيعة اللغة التي يتكلم بها سكان بعشيقه وبحزاني . وهي لغة خاصة بهم لا يتحدث بها إلا سكان هذه المنطقة المكونة تاريخيا ً من قريتين هما بعشيقه وبحزاني * ، وقد اصبحت الأولى مركز ناحيه رغم صغرها وقلة نفوسها قياسا لبحزاني التي ما زالت قصبة تابعة للناحيه ، وعموما فقد اختلطت المدينتان الصغيرتان الآن وهما يشكلان قوام ناحية بعشيقه بنفوسها الذي يقرب من الثلاثين الف نسمة غالبيتهم من الأيزيديين ويليهم النصارى وعدد قليل من العوائل العربيه والأرمن وأفراد من الشبك والتركمان والأكراد المسلمين .
    اما توابع الناحيه فهم خليط عجيب من عدة اقوام ولغات وبقايا شعوب سكنت العراق منذ العهود الغابرة وفي المقدمة منهم الشبك والأرمن والكورد والتركمان وألاشوريين والكلدان والسريان وهو محيط غني ومتنوع العادات والطقوس والملبس واللغة والدين ، ورغم هذا المحيط المنوع فأن اللغة تجمع بين الناس من مختلف الأديان والقوميات وألأجناس داخل المدينتين .
    وهي لغة متميزة مكونه من مرادفات خليطه من اللغات الكورديه والعربيه وبعض المرادفات الفارسيه والتركيه وفيها ايضا ً مرادفات من الأنكليزيه والألمانيه والروسيه والهنديه والأرمنيه ولغة الاردو بألأضافة الى اللغات القديمة من آشوريه وسريانيه وعبريه وسومريه التي تجد لها مكانة في لغة سكان هذه المدينة الصغيرة... وهو امرٌ يستوجب التوقف عنده ومعرفة دلالات هذه الظاهرة اللغوية وابعادها التاريخيه وجذورها وصلاتها وعلاقتها بميثولوجيا الشعوب ، وقبل ان نغوص في غمار البحث وألاجتهاد لابدّ من ان نبين صفات ومميزات هذه اللغة والأسس التي نعتمدها في إعتبارها لغة متميزة .

    فما هي هذه المعطيات؟ ولماذا نعتبرها لغة وليس لهجة ؟

    1- انها لغة وليست لهجه .. لأنها لغة هاتين المدينتين وحدهم فقط ، ولا يوجد من يشاركهم فيها اطلاقا ً وهي لغه خاصة بهم وحدهم.

    2-هي لغة تجمع بين الكرديه والعربيه فيها الأصول الكرديه والكلمات العربيه في تداخل يصعب معرفة اين تبدأ العربية وتنتهي ومن اين تبدا الكرديه وما هي حدودها.

    3- في التشكيل اللغوي تتداخل اللغتين لتنتج هذا المزيج الذي يربط العربيه بالكرديه في ظاهرة تاريخية- لغويه ، و انسانيه- ميثولوجيه ، فريدة ومتميزة ، تتطلب البحث والأستقصاء من لدن الباحثين والمختصين وعدم التسرع في طرح الأستنتاجات .

    4- تشكل اللغه بحد ذاتها ضاهرة تاريخية فريدة قد تكون مدخلا ً لمعرفة حقيقة هذا الدين واصوله وجذوره برؤية منفتحة وموضوعية بعيدة عن روح التعصب والميل العنصري الذي يغلب صفة معينة وبشكل شوفيني من خلال مفاهيم قومية متعارضة استعلائيه من ( قبيل شعب الله المختار) أو ( كنتم خير امة اخرجت للناس ) ،على حقائق التاريخ المشترك للشعوب والقبائل والأجناس، الذي تؤكده الجذور المشتركة لِلـُغات هذه الشعوب ذي الأصول المشتركه والمنبع المشترك.

    5- يتحدث بهذه اللـّغة كافة سكان بعشيقه وبحزاني بمختلف اديانهم وقومياتهم وهذه خاصية فريدة ومتميزه تجمع بين مجموعة اقوام ( اكراد وعرب وارمن واشوريين وكلدان وسريان) من مختلف الأديان من ( ايزيديين ومسيحيين ومسلمين وسابقا ً اليهود ) في لغة واحدة متميزة في سابقة تستحق التوقف عندها من لدن المختصين.

    6- انها مزيج من الكرديه والعربيه مع وجود مفردات اخرى من فارسيه وتركيه والمانيه وانكليزيه وهنديه وروسيه وارمنيه وشركسية مع جذور مشتركة للغات قديمه كالآشوريه والسريانيه والكلدانيه والسومريه .

    والسؤال الذي يتبادر الى الذهن كيف تجمعت مفردات جميع هذه اللغات القديمة والحيّة في لغة هذه القرية الصغيرة في سفح جبل مقلوب ومتى نشأت ؟ واين كانت تلتقي كل هذه اللغات سابقا؟ وما هي ارضيتها التاريخيه؟

    7- الصفات المميزة لهذه اللغة تتحدد بالمسائل التالية:-

    -لايلفظ فيها حرف (الذال ) و يحول الى ( زاء ) كما في لهجة بعض السوريين واللبنانيين مثلا ً( ذ ُل) يلفظ ( زُل)

    -لا يلفظ ( الظاد) فيها ويحول الى ( زاء ) مثلا (ظاهر) يلفظ ( زاهر).

    -لا يلفظ (الضاد) فيها ويحول الى ( زاء ) مثلا (ضابط ) يلفظ ( زابط )، (ابيض ) تلفظ ( ابيز أو ابيص) .

    -لا يلفظ (الثاء ) فيها ويحول الى (السين ) مثلا ( اثنين ) تلفظ ( اسنين ) ، (ثائر) يلفظ ( سائر ).

    - لا يلفظ فيها ( الصاد ) في الكثير من الأحيان ويحول إلى ( سين ) مثلا (الصدق ) تلفظ ( السدق ) ، ( صالح ) تلفظ ( سالح ) .


    - فيها حروف ( الباء ) و (الفاء) و (الجا ) و(الزاء ) المفخمة بثلاث نقاط و (الكا ) كحروف مفخمه كما في اللغات الأوربيه والفارسيه.

    - لا يلفظ ( الراء ) بل يحول إلى ( غاء ) مثلا ( روح ) تلفظ ( غوح ).

    - تعداد الارقام متميز وتحسب هكذا.. ( ويحد ، اسنين ، ساسي ، اوبعه ، خمسي ، ستي ، سبعه ، اسميني ، تسعه ، عشخه .

    اما تسميات الأعياد والطقوس فتميل الى الاصول الكرديه والسومريه وكذلك تسميات الطعام واسماء الحيوانات والألعاب..

    والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن..
    ما هو اصل هذه اللغة؟
    وكيف ومتىأ ُدْ مجت اللغتين الكرديه و العربيه لتكون هذه اللغه الهجينه ؟
    أين التقت هل هنا في بعشيقه أم في مكان آخر في غابر ٍ من الزمان؟
    ما هو اصلها المباشر هل هي لغة كرديه أم هي لغه عربيه أم أنها منحدرة من لغة ثالثة قديمه تجمع بين اللغتين كلغة أم؟
    والناطقين بها تبعا ً لهذا التساؤل والجواب عليه هل هم اكراد أم عرب أم من قوم يجمع بين الأثنين؟

    قد يكون السؤال غير منطقيا ً للبعض ممن يجدون هونا ً وبعدا ً شاسعا ً بين القوميات وشعوب المنطقه ويقسمونهم إلى شعوب وقبائل متفرقه ومتعاديه لا يجمع بينها جامع وتتكرس هذه الظاهرة من خلال المفاهيم العنصريه التي تضع الفارسي في مواجهة العربي والكردي كعدو ازلي وتاريخي ، أو وضع الترك ( ألآذريين ) في مواجهة عدائية ازلية وتاريخية مع الكرد و الأرمن وغيرهم من شعوب المنطقة وهكذا..

    وجاءت الأديان لتدفع بهذا ا لبعد إلى مديات اوسع بينها ، ( خاصة بعد أن تكونت الأديان التي توصف بالسماويه ) ، وإختلفت المفاهيم والمعبودات والطقوس فظهرت الديانه السومريه والأيزيدية والبابليه والآشوريه والمندائيه والزرادشتيه والمثرائيه واليهوديه والمسيحيه والأسلام في مرحله لاحقة، وتطور الصراع في العهود اللاحقه بعد ظهور المفاهيم القوميه التي حاولت أ ن تضع كل شعب أو قبيلة في خانة متميزة ومختارة كأنها مصطفات من آلهة تؤمن بها .

    وتؤجج هذا الأختيار أو الأصطفاء لصالح قوميه أو شعب من شعوب المنطقه على حساب المساواة والأصل المشترك أو حصرها في ثلاث مجموعات هي الساميه والحاميه ونسل يافت الذي تبنته التورات واعتمد عليه الكثير من المؤرخين ، وعدد من أصحاب النظريات التي تؤكد إن البعض من هذه الشعوب هم قوم قد اصطفاهم الله ولا يجمعهم جامع مع الآخرين من الناحية التاريخيه وان اللغه التي يتكلمون بها هي لغة منزلـّة من عند الله مستندين على ما جاء في القران ( واننا انزلناه قرآنا ً عربيا ً ) لهذا يرفضون أية محاولة للبحث عن جذور هذه اللغه ( العربيه ) ، ولم يهتم العرب بالدراسات المتعلقة بفقه اللغة وجرت محاربة كل من حاول استقصاء هذه الجذور أو منعه في مختلف العصور وآخرها محاولة الدكتور لويس عوض في مصر عام 1980 حينما اثمرت جهوده في مجال فقه اللغة العربيه عن كتاب رائع عنوانه مقدمه في فقه اللغه العربيه فمنع الكتاب بعد أن إحتج شيوخ الأزهر عليه وتمت مصادرة الكتاب للآسف الشديد .

    والشيء الذي لفت انتباهي منذُ مطلع الثمانينات بعد لجوئي لحركة الأنصار في كردستان في المنطقة الممتدة بين إيران وتركيا وسوريا والعراق والتي يتواجد فيها بألأضافة الى الأكراد الآشوريين والكلدان وألأرمن والترك والفرس والعرب والمندائيين وغيرهم من بقايا الشعوب بمن فيهم الشراكسه والداغستانيين، وألعديد من الأديان القديمه والجديده و المذاهب والفرق والطوائف المتنوعة ، ومما لفت انتباهي الحقائق التاليه:-

    1- المنطقه التي تشمل خليطا ً منوعا ً من هذه الأقوام وألأجناس تمتد خارج حدود كردستان لتصل المناطق التي كانت في عداد جمهوريات الأتحاد السوفيتي المنحل والتي تسمى جمهوريات القفقاس في مناطق بحر القزوين وما جاوره او ما كان يعرف بجهوريات آسيا السوفيتيه منها جورجيا وارمينيا وآذربيجان وتركمانستان وغيرها وانها تستمر في الأمتداد شرقا ً إلى حدود البحر الأبيض المتوسط في سواحل سوريا وفلسطين ومصر وألأردن والعراق مرورا ً بايران وافغانستان والباكستان والهند والعراق والأناضول وكردستان.

    2- إن هذه الشعوب متشابهه ومتقاربه في الملامح ألعامه وبعض العادات والطقوس وهناك الكثير من المشتركات بينهما .

    3-في هذه المنطقه ظهرت الحضارات القديمه وبأسماء شبيهة أو متقاربه من تسميات هذه الشعوب والقبائل أو مرادفة لها .

    4- اللـّغات التي يتحدث بها شعوب وقبائل هذه المنطقه الشاسعه رغم تنوعها وكثرة تسمياتها القوميه والأثنية هي لغات يجمع بينها الشيء الكثير ويكاد بعضها أن يكون متجانسا ً ومتطابقا ً.

    5- تدخل اللغه المشتركه التي يطلق عليها ( العربيه ) في قوام وتركيبة غالبية لغات هذه الشعوب فهي تشكل نصف قوام اللغه الفارسيه تقريبا واكثر من ثلث اللغة الاذاريه (التركيه) وكذلك الحال بالنسبة الى الآشوريه والعبرية والسريانيه وهي تمتد لتدخل في قوام الكرديه والشركسيه ( الجركسيه) وكذلك لها امتداد في اللغات القديمه كالسومرية والمندائيه وتواصل علاقاتها وتشابكاتها إلى اللغة الهنديه والباكستانيه ويتخطى هذا الأشتراك الحدود ليصل إلى اللغات الأوربيه كالأنكليزية والألمانيه وغيرها من تفرعات اللغة الأوربيه واللاتينيه لتشكل حالة تستدعي التوقف عندها وغوص اغبارها من قبل متخصصين في علم اللغة وتاريخ الأجناس والشعوب في المرحلة اللاحقه وهي مهمة الجامعات والمعاهد المتخصصة .

    6- والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن متى نشأت هذه اللغات وهل هناك زمن يمكن تحديده لكل لغة ومصدرها وجذورها واصولها ؟ هل هناك علم مختص بهذه القضيه؟ هل هناك مسلمات وقواعد يركن اليها عند الحديث عن تاريخ اللغات ؟ والسؤال الأهم هل هناك ميكانيكيه أو آليه فونوطيقيه تتحكم بالعلاقة بين اللغات وتكشف اسرارها التاريخيه وابعادها الزمنيه أم إن المسالة هي مجرد رغبات ذاتيه وقناعات ترفض أو تؤكد ما يدخل في باب فقه اللغات الذي أصبح علما ً يدرس في مختلف جامعات العالم ما عدا العربية وملحقاتها الشرقية.

    قبل الأجابه على البعض من التساؤلات المطروحه في الفقرات السابقه لابد ّ من التطرق إلى حقائق تاريخيه مسلم بها من باب البحث العلمي والذي اجاب عنها من خلال الدراسات التاريخيه والمكتشفات الآثاريه وعلم الجيولوجيا الذي يستند إلى مخلفات الحضارات الناشئه في هذه المناطق على الكثير من الأمور المهمة التي كانت تشغل بال العلماء والمفكرين عن اصول الحضارة ومنبعها وبداياتها التي كانت موضع جدل في القرن الماضي ، حيث أخذت تميل الكفة الراجحة إلى الأعتقاد المؤكد إن الحضارة قد بدات في مناطق حوض بحر قزوين واطرافها ومنها اتجهت نحو الشرق إلى حدود البحر المتوسط وبلاد الرافدين وصولا ً إلى مناطق الخليج واليمن من جهة ، وفي خط آخر نحو المناطق الأوربيه ، أي أن البداية كانت مناطق القوقاز كمنبع للهجرات المتعاقبه وهذا ما تؤكده المكتشفات الآثاريه التي تذكر شعوب وقبائل هذه المنطقه بالتعاقب ابتداء ً من السومريين وما اعقبهم من قبائل وأجناس رعوية كانت تعيش في مرحلة ما قبل إكتشاف وتعلم الزراعة وتقـتاد على الصيد وتمتهن الرعي ومن ثم على الحيوانات المدجنه من ماشية وخيول وجمال قبل أن تزاول الزراعة وتستقر في مناطق محددة لها لتكون مرحلة جديدة و اساسا ً لتشكيل اللغات العديدة التي ترتبط بلغة سابقة لها أو متجاورة معها في اصول اقدم واعرق من ذلك .

    7- يذكر التاريخ تسلسل متعاقب لهجرة وانتقال هذه القبائل وامتداداتها وتؤرخ التورات للكثير من تسميات هذه الشعوب والقبائل وإن لم يكن ما ورد في التورات من باب المسلمات التاريخيه المطلقه والعلميه لكنها تترادف مع المكتشفات الاثارية ولا تبتعد عنها في الكثير من التسميات.

    8- وتاتي في سياق هذه الهجرات ، المتأخرة نسبيا ًحيث سبقهم قبلها السومريون بنحو أربعة آلف سنة ومن بعدهم الآشوريين والسريان وألارمن والآذريين والعبريين وغيرهم من الأجناس التي انطلقت من الحوض البشري الذي كان يفيض بالسكان ويتحول للزراعة فيبحث عن المزيد من الأراضي في الجهات التي تهيء له مستلزمات البقاء والديمومة الملائمة له ولحيواناته الداجنه فكان الشرق وكانت الشمس الدافئه المنورة التي أحس بأهميتها وفائدتها فقدسها وسجد لها وألهها ، العرب كآخر قوم أو شعب وصل مناطق الشرق فالتجأ إلى الأماكن غير المأهوله بالسكان في منطقة شبه الجزيرة التي كانت تبتعد بعض الشيء عن المناطق الحضرية التي كان يقطنها الميديون والسريان والكلدان والعبرانيون والفرس ، وهو رأي مناقض لدعاة هجرة العرب من الجزيرة العربيه إلى خارجها ، كما يحاول أن يؤكد الدعاة المزيفون للحقائق ، من القوميين العرب الذين لا يؤمنون بالتاريخ المشترك للشعوب ،وأستند في رأي هذا على ا لمسائل التالية في هذا الموضوع :-

    الأولى :- إن كلمة العرب هي كلمة سريانية تطلق على البدو الرحل والمتنقلين (اربايا ) ، وقد اشتقت منها العربه التي هي وسيلة التنقل والحركه.

    الثانية :- إن الشعوب السابقه للعرب كانت مستقرة في مدن وممالك ذكرها التاريخ وأكدتها المكتشفات الأثريه ووردت اسماؤها في التورات ما عدا العرب.

    الثالثة:- إن أول تسميه للعرب وردت كشاهد حضاري يؤكد على وجود العرب هي الشاخص الحجري على قبر امرؤ القيس في الجزيرة التي كتب عليها ( قبر ملك كل العرب ) وهي في بحدود (328 ) قبل الميلاد وتعتبر حديثة قياسا ً لبقية الشعوب واللغات المدونة فيها المكتشفات الاثريه.

    الرابعة :- لو أخذنا بنظر الأعتبار تاريخ الأديان وتاريخ تطور الفكر الديني عند الشعوب ابتداء ً من عبادة الظواهر الطبيعيه وعبادة القمر والشمس وغيرها من الظواهر التي تطورت من مراحل الصيد ومن ثم الرعي والزراعة لأكتشفنا إن العرب هم في مؤخرة الشعوب التي سبقتها في تطوير مفاهيمها الدينيية وطورت معبوداتها فظهرت الأيزيديه والزرادشتيه والمثرائيه والمانويه في اعقاب الديانة السومريه التي تلتها البابليه والديانة الآشوريه مرورا بالمندائيه واليهوديه والمسيحيه ومن ثم الاسلام كآخر دين حديث ظهر بين العرب وسط مجموعة اديان كانت متواجدة في المنطقة وتؤكد المعطيات الثقافية إن الزرادشتيه كانت منتشرة بين العرب قبل الأسلام بالأضافة إلى اليهوديه والمسيحيه وعبادة ( اللات والعزة وهبل ) التي سبقت الأسلام وتوجد مقاطع شعريه تؤكد إن العرب كانوا يحتفلون بنوروز كعيد يجمعهم مع بقية الأجناس وألأقوام في رأس السنة.

    إما الأدعاء بأن العرب هم من اقدم سكان المنطقه في الجزيره العربيه ومنها هاجروا إلى بقية المناطق في العراق والشام فهو قول تدحضه الحقائق الجغرافيه والتاريخيه وعلم الاثار وكذلك علم تاريخ الشعوب والثقافات بما فيه علم فقه اللغات الذي يختص بدراسة الأصول والمشتركات اللغويه للشعوب والأقوام ، وعلى سبيل المثال فأن علم العروض في الشعر العربي وبحوره التي تشكل قوامه هي ليست عربيه كما يدعي مزيفو التاريخ من العرب بل هي مشتركه في أكثر من لغه هي الفارسيه والعربيه والكرديه والآشوريه والعبريه والسريانيه والروسيه وقد اخذها العرب من غيرهم ممن سبقوهم في تنظيم الشعر ، والأدهى من ذلك إن كلمة الشعر نفسها تتردد في هذه اللغات بأشكال متقاربه ومتشابهة ابتداء ً من السومريين ومرورا ً بالبالبليين والسريان والعبرانيين والآشوريين والفرس والترك وحتى الفراعنه فجميعهم يستخدها بتسمية الشعر وكما يلي:
    شيئر،شعر ، شئر ، شير،شيعر.
    إما التنقيط الذي ينسب إلى الحجاج بن يوسف الثقفي فما هو إلا استعارة متكاملة من السريانيه ادعى المزيفون تنسيبها له ، وكذلك الأرقام المسمات بالعربيه التي جرى استعارتها من الهنديه بالكامل .
    وهذه الأدعاءات المنسوبه للعرب والعربيه يدحضها التاريخ لأنها تعود لأقوام وشعوب أخرى عاشت في نفس المنطقه قبل العرب وهذا لا يشكل نقصا ً أو عيبا ً في تاريخ الشعب العربي الذي كان لعهود طويله يزاول الرعي والتنقل الذي يناسب الحيات البدويه ومن هنا ما نراه من تفسير لأسم العرب عند الشعوب التي سبقتهم فالسريان والآشوريين يطلقون التسميه ( ارابايا) على البدو وكذلك الفراعنه وهي تسميه يختص بها من يمارس مهنة الرعي والتنقل من قبائل البدو فقط.
    من هنا نستطيع أن نؤكد بان العرب شانهم شأن بقية شعوب وقبائل المنطقه ينحدرون من منبع ومنطقة مشتركه سابقه كانت تضيق بسكانها فيغادرونها في فترات متعاقبه نحو الشرق تارة ، ونحو الغرب تارة أخرى ، ومن هنا فقط نستطيع أن نجيب على الأسئله التي حيرت المؤرخين والعلماء ممن وجدوا تشابهات وتقاربات في عدد من لغات الشرق منها العربيه وعدد من اللغات الأوربيه وبألأخص الأنكليزيه والفرنسيه والالمانيه وامتداد بعض كلماتها إلى اللغات القديمه في الشرق من العهد السومري والبابلي وكذلك اللغة الفرعونيه .
    والمتابع للتطور العلمي الحاصل منذ القرن التاسع عشر في العديد الجامعات الأوربيه يلاحظ تشعب الأختصاصات في مجالات علم الصوتيات ( الفونوطيقا) وقوانين الأشتقاق (الأيتولوجيا) وفقه اللغه ( الفيولوجيا ) ، جنبا ً إلى جنب مع اسس علم تاريخ اللغات وتحديد علاقته بتاريخ الأجناس بالأضافة إلى معطيات الأنثربولوجيا الأجتماعيه التي تتوسع الدراسات فيها لتشمل علم الاديان المقارنه والأساطير والفلكلور والعادات والتقاليد والأدب الشفاهي المقارن.
    بينما تُمنع و تُحارب الدراسات العلميه في البلدان العربية ويُردع الباحثون من إعلان نتائج دراساتهم وبحوثهم والبعض يطارد أو يقتل لأنه جاهر برأيه أو أعلن ما توصل إليه من نتائج ، كان الأبرز فيها ما توصل إليه الراحل لويس عوض ، الذي تعرض للقمع ومنعت ابحاثه من التداول منذ عام 1982 ، حيث اصدر الأزهر فتوى بذلك .
    (حاول الدكتور عوض من تطبيق قواعد وقوانين العلوم الحديثه على اللغة العربيه كي يهتدي للصلة بين لهجاتها وما بين مفرداتها ومفردات اللغات الأخرى لكي يتوصل إلى الوشائج التي تربط النحو العربي بالنحو في اللغات الأخرى) 1. وقد استخلص .. إن العربيه كغيرها من اللغات في العالم مكونة من طبقات شبيهة بالطبقات الجيولوجية التي اندمجت وتكاملت مع نفسها وانصهرت في هذه البوتقه وخرجت منها هذه اللغه التي نسميها اللغة العربيه.
    ويذهب عوض إلى ( فالعرب امة حديثة نسبيا ً اذا قيست بما جاورها من الأمم ونحن نؤرخ للحضارات عادة ببداية عصر التدوين واستعمال الأبجديه وبهذا المقياس يجب أن نبدا تاريخ الحضارة العربيه الشماليه والحضارة العربية في وسط شبه الجزيرة بما فيها الحجاز ببداية القرن الثاني قبل الميلاد أي بنحو ( 800 ) سنة من ظهور الأسلام ) 2 .
    أما تاريخ الحضارة العربية الجنوبيه ( أي سبأ ومعين وقتبان ) فيبدأ بنحو ( 800 ) ق م ، ( وكانت الأبجديه الآراميه قبل الميلاد بقرون وبعد الميلاد بقرون هي ابجدية التدوين في الهلال الخصيب سواءً بين من يتكلمون الآراميه أو من يتكلمون العربيه ) 3 .
    ويضيف عوض ( ولن نستطيع أن نفسر ظاهرة تكوين اللغة العربيه من عناصر مشتركة الجذور مع اللغات الهنديه الأوربيه إلا إذا افترضنا ان التكو ّن السكاني لشبه الجزيرة لم يكن فيضانا ً سكانيا ً من داخل الجزيرة إلى داخلها أو حوافيها المحيطه بها ولكن كان فيضانا ً سكانيا ً من خارج شبه الجزيرة إلى داخلها وخاصة من اقوام باديه لا تزال في مرحلة الرعي آثرت حياة البداوة على حياة الأستقرار في وديان الأنهار أو حِيْل َ بينها وبين الأستقرار ) 4 .
    فهل صحيح إن الأمه العربيه امة حديثه أم هي احدث امم المنطقه ؟ وهل كانت شبه الجزيرة العربيه حقا ً ارض استقبال للهجرات في مدى التاريخ المذكور إن القبول بهذه النتائج والأفتراضات التي ذكرها عوض في هذه الفقرات يؤدي إلى القبول بالنتائج المترتبة عليها والتي يعلنها المؤلف...
    (وقد انتهيت من ابحاثي في فقه اللغه العربيه إلى أن اللغه العربيه هي احد فروع الشجرة التي خرجت منها اللغات الهنديه الأوربيه ، وإذا نحن اعتبرنا اللغة العربية نموذجا ً لبقية اللغات الساميه خرجنا بأن ما يسمى بمجموعة اللغات السامية هو احد الفروع الرئيسية التي خرجت من هذه الشجرة ثم تفرعت إلى فروع ثانوية كانت العربية إحداها ) 5 .
    ويضيف ( فالعرب موجة متأخرة جدا ً من الموجات التي نزلت على شبه الجزيرة العربيه من القوقاز والمنطقه المحيطه ببحر قزوين والبحر الأسود نحو 1000 ق. م... فنفذت إلى الفراغ الكبير في شبه الجزيرة من طريق بادية الشام حاملة معها لغتها القوقازية المتفرعة من المجموعة الهندية الأوربية ) 6 .
    وأصبت بالذهول حينما وجدت بعض مرادفات لغة بعشيقه تمتد جذورها إلى اللغة السومريه من جهة والالمانيه المعاصرة من جهة أخرى، والسؤال كيف لهذه اللغة المحلية المنزويه في أحدى قرى جبل مقلوب أن يكون لها كل هذا الأمتداد والتواصل ، أما الدليل التاريخي فلا نحتاج إلى جهد كبير للوصول إليه لأن منطقة بعشيقة تقع ضمن المنطقه الجغرافيه التي تكتشف فيها الآثار من جميع جهاتها في أطراف الموصل واربيل وكذلك يعطيك الجبل اجاباته المنحوته في أكثر من موقع حيث مساكن ومنازل الإنسان منذ اقدم العصور ناهيك عن الميثولوجيا الأيزيديه التي تشكل بعشيقه وبحزاني عمادها الديني حيث يتواجد القوالون وهم المنشدون الدينيون الذين يرافقون الناس في افراحهم و احزانهم بما فيها دفن الميت ونقله إلى مثواه الأخير من خلال الفرق الموسيقيه التي ترافقه وهي عادة تمتد جذورها إلى ما قبل التاريخ المدون.

    لكن المفردات التي تجمع بين الألمانيه ولغة بعشيقه هي ما يمكن أن نضعه في خانة الحيرة وتستحق التوقف ازاءها.. على سبيل المثال:-

    يقول أهالي بحزاني وبعشيقه لعمليه دلك الصابون بالملابس عند الغسيل ( زيفه ) أو زيِّف الملابس والزايْفه هي الصابون في الألمانيه .
    أما النساء بعد الخبز في التنور فتقول لبقايا الرماد ( اشة الناغ- النار) ، واشن هي بقايا الرماد في الألمانيه أيظا ً ، وكذلك لقشرة الحنطه بقاياها ( اشة الحنطه) .

    وتسمع النساء يقولن في بعشيقه للمساء ( آبنت ) ومنها ( آبَنَ المُلا ) أي اذن في المساء ، وآبن هي في الالمانيه المساء .
    وهكذا يطلق الألمان كلمة ( ريو كر ) على قاطع الطريق وهي نفسها في لغة بعشيقه ونستطيع أن نعد العشرات من الكلمات المشتركه في عدد من لغات اوربه المتقاربه مع الكرديه والعربيه في تداخل يستوجب أن نتوقف عنده ونسبغ غوره لمعرفة المزيد من العلاقه التي تجمع شعوب العالم وتوحد منابع ثقافاتهم عكس ما تفرقه السياسه والمصالح التي تنضوي في اطر قوميه تُبعد بين الشعوب وتدفعهم للتطاحن والأحتراب وتسعر من حدة الأختلاف الذي يجب النظر إليه والتعامل معه كعامل قوة واغناء يوطد العلاقه بين الشعوب بدلا من روح التعصب والغاء آلاخر. وسنأخذ امثلة أخرى في الأسطر التاليه
                  

06-12-2009, 02:59 AM

خليل عيسى خليل

تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 953

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نشأة جذور مصادر اللغة العربية (Re: خليل عيسى خليل)

    تكملة


    Quote: لغة بعشيقه وبحزانـي - أبعاد ودلالات




    http://www.gilgamish.org/viewarticle.php?id=index-20060626-101
    صباح كنجي



    Quote: لو سالت أي عربي الان ما معنى كلمة :

    ( الجوسق) لوقف حائرا ً ولسألني هل هذه المفردة عربيه ؟ نعم أنها عربيه وتعني البيت الصغير المصنوع من الخشب ولو وضعت الكلمة تحت المجهر وحللتها بعد تطبيق قانون تحولات اللغه وتبدل الحروف لدى الشعوب والقبائل ، ومنها تحويل (السين ) إلى ( شين ) و (الجيم ) إلى ( كيم ) ، لما وجدت صعوبه في فهم معنى ( الكوْشك ) أو ( كْيوسْك) في الأنكليزيه والالمانيه ومنها أيظا ً( الشقْ ) او ( الشكْ) عند العرب البدو من أصحاب الأغنام في وصف الخيمه الذي هو البيت أو الشك ومنها ايظا ً الشقق السكنيه المعاصرة ، أما أهالي بعشيقه فما زالوا يسمون الغرفة الطويله ( جوة) وإن كان البيت عبارة عن غرفتين متداخلتين فيسمون الأولى جوة والثانيه التي تليها (جوه الخلفيني ) وانظر ترابط هذه الكلمات واشتقاقاتها من ( جوشق أو كيوسك أو الكوشك ).

    اما ( القليد ْ ) الذي هو المفتاح في العربيه القديمه فهو لا يبتعد في اللفظ كثيرا ً عن (الكليتْ ) أو ( الكنيد ْ ) او (الكليلْ ) أو ( الكلوش ْ ) أو ( الكلوج ْ )في اللغات الروسيه والتركيه والفارسيه والكرديه والعربيه ، ومنه اشتقت في اللهجة العراقية ( كيلون الباب ) أو ( سوركي الباب ) أو كلمة ( سرْكـْل الباب ) أي اغلقه وللكلمة علاقه بكلمة ( كي - الأنكليزيه ) بلا شك ولا تحتاج إلى جهد لمعرفة اصول الكلمة ومنبعها المشترك.
    وتسمية الإنسان تدخل من دون أي تغيير في العربيه والكرديه والفارسيه والتركيه ومنها أيضا ً منشن في الالمانيه أو مان في الأنكليزيه.

    وكذلك التسميه الثانيه ( المرء ) التي هي (مري) أو( مريوي ) او (مروف ) أو ( ميروف ) في عدد من لهجات العشائر الكرديه والفارسيه.

    اما ( الجاموس) او ( الكاميش ) أو ( الكاموس) فهي تسميات مشتركة في الكرديه والعربيه والتركيه والفارسيه والسومريه والفرعونيه والعبريه .

    والكاغد ( الورق ) هي تسمية مشتركه في العربيه والكرديه والفارسيه والتركيه والهنديه .

    و(الفم) أو ( الثم ) أو ( التم) هو ( دم ) أو ( دف) في الكرديه والعربيه والفارسيه.

    ومفردة ( الموت) تتحول في الكرديه إلى ( مرد) ، أو (مردن) ، و (مورت) أو ( توت) في الألمانيه بمعنى الموت أو القتل وفي الفارسيه ( مركبر).

    إما كلمة ( ضيق) أو( ديق ) في لهجة الشام ومصر و(تنك ) في الكرديه و ( انك) في الألمانيه.

    و(الأرض ) هي ( أرد )أو ( ارز) أو( ايرث) أو ( ايرد) في الكرديه والفارسيه والعربيه والسومريه والأنكليزيه والالمانيه.

    (مكتوب ) مشتركه بين العربيه والكرديه والفارسيه والتركيه.

    (ينز) أو( نزيز) أو ( نيزن) في الالمانيه والكرديه والعربيه.

    (ابيض ) أو ( ابيز) أو( بياز) أو (بياص )أو( فايس ) أو ( وايت). في الكرديه والعربيه والتركيه والألمانيه والانكليزيه.

    إما (الشفه) فهي ( ليف ) في لغة بعشيقه و الكرديه وفي الألمانيه ( ليبن ) .

    وانظر إلى كلمة ( اليد ) في الكرديه والفارسيه ( د ست ) وفي الأنكليزيه والألمانيه (هاند ).

    أو كلمة ( دكان ) التي يلفضها عرب وسط العراق والجنوب ( تكان) فهي في الكرديه (تكان ) وكذلك في التركيه والفارسيه ، وايظا ً في السومريه وبنفس الصيغة (تكان ) .

    هذه امثلة لمرادفات وكلمات مشتركه بين عدد من اللغات تأتي في لغة بعشيقه وبحزاني شأنها شأن بقية اللغات التي تدخل فيها فهل يمكن أن نقول عنها أنها عربيه أو نضعها مع الفارسيه أم نرجعها إلى الأنكليزية أم الهنديه أم التركيه أم أنها سومريه ، أنها بلا شك مسألة شائكه تتطلب عدم التسرع وهناك من يؤكد وجود لغة أم مشتركه تنحدر منها هذه اللغات بما فيها العربيه ويرجعها إلى اصول قوقازيه.

    قد يقول البعض أنها ترجع إلى العهد الأسلامي وتاثيرات اللغة العربيه وهذه وجهة نظر تنسجم مع مفهموم التلاقح الثقافي الذي لا يمكن نكرانه وبات من المسلمات في العديد من مناطق العالم فقد ترك العرب تأثيراتهم اللغويه على العديد من شعوب العالم ولكن ما مدى هذا التأثير هل هو بحدود عشرة أم مئة أم ألف كلمه ماهي حدود هذه النسبة من التاثير هل هي 10% أم 20% أم أكثر ، إن التلاقح الثقافي لا يمكن أن يتجاوز في تأثيره نصف مكون اللغه كما في الفارسيه التي تتجاوز نسبة (العربيه ) فيها ال50% وكذلك التركيه .

    هذا من جهة ، و ما تعليل أصحاب هذه النظريه في وجود هذه الكلمات المشتركه في اللغات التي سبقت العرب وكانت لديها حضارتها الرائدة من آشوريين وبابلين وسريان وعبرانيين وهنود وارمن وغيرهم ممن يشتركون في استخدام المشتركات اللغويه أو مرادفاتها ؟.

    وماذا يقول أصحاب تلك النظريات عن وجود هذه المشتركات في اللغات الأنكليزيه والألمانيه والفرنسيه والهولنديه وغيرها من لغات بقية الشعوب البعيدة عن الأسلام والمسلمين .

    وماذا نقول عن المرادفات التي تعود للعهد السومري هل تأثر السومريون بالعرب؟ أين كان العرب حينها ؟ وكيف يمكن تعليل ذلك؟

    من المؤكد وجود جذور ومنبع مشترك لهذه اللغات يعود للحوض البشري الذي انطلقت منه المجموعات البشريه نحو الشرق والغرب من مناطق القوقاز التي توزعت لغتها الأم في ثنايا هذه اللغات بنسب تعود لتعاقب الهجرات البشريه والأستقرار في الأرض الذي كان نقطة الأنعطافة الكبرى في استقلال القبائل وتحولها إلى شعوب حضاريه تطورت لغاتها من خلال خلق الالاف من المفردات الجديدة التي نشأت مع تقدم الحضارة ومن هنا نستطيع أن نفسر معنى الأشتراك اللغوي في العديد من اللغات واستخدامها لنفس الألفاظ والتسميات خاصة تلك التي تتعلق بمرحلة ما قبل الزراعة والأستقرار، وتلك التي باعدت بين تلك القبائل بعد الأستقرار وتعلم الزراعة وما رافقا من ابتداع المرادفات الجديدة التي تختلف بالضرورة من منطقة لأخرى وكان ذلك مرحلة جديدة ، في تكوين اللغات وتعددها ، مع احتفاضها بجذورها المشتركه.


    اذن نحن أمام معطيات تاريخيه وميثولوجيه ولغويه متداخلة تتطلب عدم التعصب والأنطلاق من مفاهيم انسانيه تعالج ما يواجهنا من حقائق وادلة قد تساعدنا في وصف وتعليل ما نصبو إليه من حلول لاشكاليات ليست سهله ولا يجوز فيها الأنطلاق من زاوية ضيقه تسبغ مفاهيمها واستنتاجاتها القاصرة بدلا ً من حقائق البحث العلمي الذي يتطلب المزيد من الصبر والجهد وهو ما نسعى إليه في محاولتنا هذه ولا ندعي امتلاك الحقيقة كاملة فـزمن احتكار الحقائق قد ولى .
    وفي الختام لا يسعني وأنا احاول أن اختم هذا الفصل من محاولتي للبحث عن جذور الأيزيديه ومعتقداتهم إلا أن أتذكر كلمات جدي قبل أن ينتقل إلى مثواه الأخير في عام 1975 وكان حينها يقترب من العقد الثامن من عمره حيث سألته عن اصل أهالي بعشيقه وبحزاني ومن أين جاؤا حينما قال لي سالت الأكبر مني في العمر فكانوا يجيبون إننا اتينا من مناطق المسقوف وهي تحوير للفظة موسكو أي من مناطق روسيا ، واضاف لتأكيد ما سمعه من الذين اكبر منه ، من مناطق قريبه من ارمينيا بالتحديد ، ها أنا اجمع بين حديث لجدي الأمي وما كتبه عالم جليل من وزن لويس عوض وأنا اتجول بين القرى والمدن الأيرانيه ومرورا بتركيا والعراق نحو الشام قرية قرية على امتداد أكثر من خمسة عشر سنة قضيتها في الأنصار فلا اجد إلا مايؤكد صحة استنتاجات عوض ، ودقة تحليلاته ، يوما بعد آخر .




    صباح كنجي

    * قد تتشابه لغة زاوه في تركيا بها لكني لم اصادف احدا منها

    الهوامش
    1- نسيم مجلي من كتاب لويس عوض ومعاركه الادبيه ص6مقدمه في فقه اللغه العربيه.. الكتاب والقضية
    2 مقدمة في فقه اللغه للباحث لويس عوض ص7.
    3- نفس المصدر ص8
    4 - نفس المصدر ص9
    5- نفس المصدر ص9
    6- نفس المصدر ص9
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de