النص واحتمالات تأويل المعنى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 11:21 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-11-2003, 07:46 AM

ديامي

تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1637

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
النص واحتمالات تأويل المعنى

    بثينة تجعل من الجنس مدخلاً للبحث عن الهوية الثقافية
    بقلم عيسي الحلو
    مقدمة:
    القاصة والروائية «بثينة خضر مكي» استطاعت بمثابرتها الابداعية ان تنال مكانة ادبية مرموقة، داخل وطنها السودان، كما حظيت بشهرة ادبية داخل الاوساط الثقافية العربية، اذ كتب عن اعمالها الروائية بعض كبار النقاد العرب. واخيراً نالت جائزة الشهيد الزبير للآداب. وازاء هذا كله كان لابد من قراءة اعمال الكاتبة والوقوف عندها، خاصة انها تمثل مرحلة من مراحل نضوج الكتابة النسوية في السودان، كما يمكن اعتبارها امتداداً ابداعياً متطوراً لمسار الروائية السودانية الراحلة «ملكة الدار محمد» صاحبة رواية «الفراغ العريض». وحتى نلقى مزيداً من الضوء على أدب «بثينة خضر مكي» سنعقد ندوة لمناقشة هذا الادب.. بمشاركة كبار نقادنا الادبيين من خلال اعدادنا القادمة.


    والآن نبدأ بقراءة مجموعتها القصصية «اهزوجة المكان» وروايتيهما «صهيل النهر» و«اغنية النار». وذلك باعتبار ان «اهزوجة المكان هو النص القصصي الذي يبلور العالم الفني للكاتبة في اساسه المبدئي. والذي يمثل الرؤية الفكرية والجمالية التي هي خلاصة وعي الكاتبة للعالم.
    ومن هذا الوعي الفني والفكري تنطلق كل اعمال الكاتبة. ومن خلال هذا الموقف تمر نصوص الكاتبة بمرحلتين من حيث ارتباط هذه الاعمال بالمكان . فالمرحلة الاولى «اهزوجة المكان» «1997» تلخص ارتباط نصوص المجموعة بالريف، حينما تستدعي الكاتبة انطباعاتها الاولى التي تكونت في قرى شمال السودان. وهي مرحلة يمكن ان نعتبرها بدايات لصياغات الاسئلة حول قضية المرأة المحاطة بثقافة تحدد الحرام والحلال.. الطيب والخبيث.. انها اذن مرحلة سؤال الجنس والأخلاق.. وهنا تحدد الكاتبة اولى الخطوات في بحثها عن علاقة الرجل والمرأة، ثم تتلاحق مراحل صياغات اخرى لذات السؤال. وهكذا تتواجه القيم وتتصادم بين مكانين حضاريين«المدينة من جهة والريفي من جهة».
    هذه هي الخطوط الاساسية التي تحدد العالم الفني لبثينة خضر مكي.. ولكنها خطوط تزداد تشابكاً وتعقيداً كلما تقدمت الكاتبة في مشروعها الروائي.
    عالم «بثينة» الابداعي
    الكاتبة بثينة هي اصلاً دارسة لعلم الاجتماع.. ومن هنا يستمد موقفها الابداعي كل مقوماته الفكرية والجمالية. وربما كان اختيارها لهذه الدراسة لارتباطها التاريخي بالقرية والريف السوداني، فهي قد نشأت في احدى قرى شمال السودان «منطقة شندي» فكان ارتباطها المبكر هذا يعبر عن ارتباط الكاتبة بالثقافة السودانية الغالبة في وسط السودان «الثقافة الاسلامية العربية» مما ولد هذا الصراع العاطفي الوجداني الطهراني الذي يمثل وجدان كل بطلاتها الروائية والقصصية. وهذا ما نجده بتمامه في مجموعتها القصصية «اهزوجة المكان» والتي انطلقت منها كل اعمالها اللاحقة فيما بعد.
    و«اهزوجة المكان» .. هي الفضاء الاساسي عند الكاتبة فالانسان هنا .. رجلاً كان او امرأة يتشكل بناءً على شكل المكان وعلى روح الزمان «الثقافة».. ففي قصتها «روائح مختلفة» «اهزوجة المكان» ص «13» يأتي على لسان الروائي قوله..«انهن مخبولات طوال النهار امام مواقد الفحم والحطب. يصنعن الكسرة والملاح ويطبخن اللحوم لأكل ازواجهن. وما ان يأتي المساء حتى يبدأن في شوي اجسادهن على دخان اخشاب الطلح والشاف الزكية الرائحة، ثم يبذلن الجهد الكثير في تدليك اجسادهن بعجائن الطيب والزيوت العطرية. ويغرقن اجسادهن في عطور مختلفة الرائحة».. في هذه الفقرة يركز السرد القصصي على مشهد ريفي.. المرأة التي تقوم بواجباتها الاساسية.. اطعام الزوج واشباع حاجته البايولوجية.. فهي «الكاتبة» اذاً تضع القيم الاخلاقية داخل اطارها الثقافي الذي شكلها.. وبذا تصبح جذور الثقافة السودانية الاساسية هي جذور ريفية.. ومن هنا.. وقليلاً تنسرب الكاتبة لاهم محاور اعمالها الابداعية. وهذه المحاور تمثل «الثيمات» الاساسية التي طبقت هذه الاعمال بطابعها. وبما ان «الجنس» يمثل اهم الثيمات عند كاتبتنا، فقد اتخذت منه مدخلاً في بحثها عن الهوية الثقافية من خلال هذا المحور. وهي في مرحلتها الابداعية الثانية كانت قد انتقلت بفكرة الجنس «كثيمة» درامية من المحيط الاجتماعي الريفي الى المحيط الاجتماعي «المدني».. ففي قصتها «زواج لاجئة» نفس المرجع السابق/ص 17» تقول بطلة القصة «حينما دعاني الى زيارة منزله ذهبت في غير حماس، هذا الرجل يحبني ويطلبني للزواج. ترددت في الذهاب. وفي ذاكرتي صوت امي يأتيني هامساً محذراً «ما اجتمع رجل وامرأة الا وكان الشيطان ثالثهما».
    ويتدفق منولوج البطلة الداخلي في صهيل شعوري مصطرع بين السمو والانحطاط. بين التحليق والسمو الاخلاقي والخوف من السقوط. ولكن الكاتبة هنا تتقدم بالفكرة الاخلاقية لاوضاع اكثر تعقيداً.. فالعلاقة بين الرجل والمرأة ان لم تكن زواجاً فهي سقوط اخلاقي «العلاقة الجسدية» كما ان العلاقة بينهما «الرجل والمرأة» ان لم يكن رابطها الحب فهي ايضاً سقوط اخلاقي.. وفي ذات القصة «زواج لاجئة» «نفس المرجع ص 18» تقول بطلة القصة: «سمعته وهو يغلق باب غرفته.. وبقيت وحدي- التهم الجاتو» في شراهة وكأنني الهي بها نفسي عن التفكير.. هل اتزوج مبارك.. انه يكبرني بخمسة وعشرين عاماً.. هل اعطيه شبابي مقابل رغد العيش الذي سيوفره لي؟
    هنا بالضبط تضع الكاتبة يدها على اهم التعقيدات في علاقة المرأة والرجل، داخل نطاق بناء اجتماع تتخلف فيه علاقة المرأة بالرجل بسبب تخلف العوامل الحضارية المادية والروحية.
    فالمرأة بسبب هذا التخلف الاجتماعي تجد نفسيها عند اسفل السلم الاجتماعي.. فالرجل هو السيد. وسيادته تأتي بسبب انه هو الذي يمتلك زمام العلاقة على المستوى الاقتصادي، فتدني وضع المرأة الاجتماعي كما ترى الكاتبة- يأتي لمجموعة اوضاع اجتماعية متضافرة، منها سيادة الرجل الاقتصادية والثقافية، فالاقتصاد في المجتمعات المتخلفة بيد الرجل. والثقافة السائدة هي ثقافة مذكرة «ثقافة الرجل» وكل ذلك لان الرجل هو الذي يمسك بكل مفاتيح جسد المرأة، فهو صاحب المبادرة الجنسية وهو صاحب الفعالية الدينماكية. وان تمنعت النساء.. «فيتمنعن وهن الراغبات».
    ان عالم «بثينة خضر مكي» يبدأ في النمو والتفتح على كل هذه القضايا عبر ذاكرة الجسد.. وبطلاتها في نصوصها المفتاحية الاولى «اهزوج المكان» يبدأن بالبحث عن هذه المعاني وعن القضية الكبرى «الجنس» الذي يشكل عالم المرأة الخاص بوصفها كائناً بايولوجياً وسايكلوجياً.. وانسانياً في نهاية الامر.. والروائية «بثينة» تعرف ان الحراك الاجتماعي هو الذي يصوغ كل هذه الاسئلة الحائرة.. ولهذا السبب ذاته نجد ان بطلات «بثينة مكي» محاصرات بهذه الاسئلة «الجسد/ القيم/الموقف الحضاري».
    رواية صهيل النهر:
    هذه الرواية تعبر عن الازمة الحضارية التي تمر بها المرأة السودانية، حيث تناضل المرأة ضد السقوط مسنودة بالتمسك بالقيم الاخلاقية المستنبطة من منظومة القيم الاخلاقية الاجتماعية.. وامام هذه الازمة تعاني الشخصيات الروائية صراعاً وجودياً واخلاقياً قاسياً بين مطالب الجسد ومطالب الروح.
    وهذا ما تعبر عنه الكاتبة في مفتتح رواية «صهيل النهر».. اذ تقول البطلة «تمنيت لو كان بامكاني التقاط الذرات الهوائية المشبعة بتوتر الشوق الناري المتوهج لحد الانطفاء. ووددت لو استطيع اقتلاع الجدران والمرايا والستائر وضغطها في اشرطة ممغنطة احملها في حقيبتي حيثما اذهب .. اليوم سافر زوجي عاصم .. سافر بعد ان ايقظ جذوة الحياة في نفسي وقد خبا بريقها. كنت طوال وجوده معي اتفادى الحديث عن عودتي معه الى السعودية - لا اتصور نفسي زوجة ثانية، لا استطيع ان اضع نفسي على هامش حكاية كنت انا العنوان والتفاصيل الحرة فيها» رواية صهيل النهر ص 7».
    الكاتبة تتحول ببؤرة الصراع العاطفي الجسدي الانثوي مع الرجل الى معضلة اخرى تواجه علاقة المرأة والرجل في مجتمعاتنا العربية عموماً.. وهي مسألة الزوجة الثانية» حينما يتزوج الرجل مرة ثانية لانه يريد مولوداً ذكراً لم تستطع الزوجة الاولى ان تمنحه اياه.. ولهذا السبب تعاني الزوجة الاولى، فيشتد الصراع العاطفي وينساب منولوج البطلة العاشقة لزوجها، حيث تخشى ان تفتقده بسبب عدم سفرها معه للسعودية. فتقول محدثة نفسها «كان من الممكن ان اكون معه الآن .. لماذا المكابرة. وليس في بقية العمر سعة لتباريح الهجوع.. آه تباً لي .. لماذا ..لماذا تمنعن وهن الراغبات». وفي فقرة ثانية من ذات الصفحة من ذات الرواية ص «10» تقول البطلة:« هل يمكنني ان اتخذ قراراً حاسماً بترك عاصم «الزوج»؟ ان انسى انه تزوج اخرى.. رغم كل المبررات الشرعية والاجتماعية.. اعود الى بيتي في وقت متأخر،اعدل وضع المفتاح في ثقب الباب. استعدل وضعه ثم اديره تتشبث يدي بقوة على مقبض الباب..ادفع الباب برفق.. الج الى الداخل ولك ان تتأمل هذا المقطع الاستيهامي ودلالاته الايروسية».
    العشق على الطريقة السودانية:
    ان بطلة رواية «صهيل النهر» شديدة التوله بزوجها. وهذا الوله السوداني تعاظم بسبب استحالة امتلاك الزوج.. انها ذات الاستحالة التي جعلت بطلة اغنية محجوب شريف بقوله تؤكد استحالة استعادة الحب القديم والاحتفاظ بالجميلة المستحيلة. ان هذا الوجدان الشقي هو من تأثيرات الشعر الصوفي.. وهو اعلاء للغريزة الجنسية والارتفاع بها عن الارواء الجسدي.. وهذا ما نجده في الكثير من التراث الابداعي السوداني.. قصة تاجوج والمحلق واغلب اغاني المطربين السودانيين.
    ولكن السؤال المهم هنا.. لماذا لم تستطع الكاتبة النفاذ الى جوهر هذا التعقيد الوجداني؟ لماذا كانت هذه العاطفة التي ولدتها اشواق الجسد لم تجد من الكاتبة اهتماماً بالتحليل النفساني حتى تستطيع الروائية التعرف على عوالم بطلاتها.. تلك العوالم الداخلية العميقة كما يفعل كل كتاب الرواية المعاصرة في عالمنا اليوم؟
    يبدو ان المنهج البنائي والتشكيلي الذي اختارته بثينة خضر مكي كان منهجاً واقعياً بحتاً، حيث اهتمت بوصفها دارسة لعلم الاجتماع بالنظر للظواهر الاجتماعية من النظرة الخارجية للظاهرة.. وبوصف الظاهرة وارجاعها للمحيط الاجتماعي الذي شكلها فقط.
    وكان من الممكن ان تنظر الكاتبة في بنية هذا الوله «العشق الجسدي» كنزوع وجداني داخلي بوصفه نزوعاً وجودياً يرتبط باطاره الاجتماعي. وهذا ما فعله كثير من كتاب الرواية العالمية المعاصرين. هو بالضبط ما فعله الطيب صالح في موسم الهجرة الى الشمال، حيث شرح لنا هذا العشق الذي يعاني منه مصطفى سعيد على المستويين ا لمستوى الخارجي الظاهري المرتبط بالحراك الاجتماعي والمستوى السايكولوجي .. تلك الدوافع الشعورية والعاطفية .. فكانت الشخصية الروائية شخصية كاملة ومحددة. ومن ثم استطاعت في النهاية ان توصل لنا «الثيمة» التي ارادت الرواية معالجتها وتوصيلها.
    ولكن «بثينة» كانت مصرة اصراراً عنيداً على ان تنظر لفكرة «الجنس» من زوايتها الظاهرية فقط. ولهذا احتلت قصة «فاطمة السمحة» ثلث مخطط الرواية، مما جعل حركة الفكرة في تجسدها وحركتها الدرامية بطيئة الايقاع. وهذا ما جعل الخط الاول للرواية لا ينسجم مع الجزء الخاص بحكاية «فاطمة السمحة».
    ويبدو لي ان هذا الخلل التقني كان قد تسرب الى الرواية، لان الرواية لم تكن تمتلك مخططاً اولياً، بل كتبت بعفوية انفعالية كما تكتب قصيدة.
    وكما سبق ان اشرنا كان يمكن لهذه الرواية ان تصل القمة الابداعية لولا هذه النظرة الخارجية التي لم تستطع ان تنفذ لاغوار الشخصيات، كما انها لم تستطع ان تنفذ الى فكرة العشق والوله الجسدي بوصفه ظاهرة نفسانية وجودية الى جانب انها ظاهرة اجتماعية.
    وهذا ما حاولت «بثينة» استدراكه في روايتها الاخيرة اغنية النار» حينما تحولت بطلة هذه الرواية لباحثة باطنية سايكولوجية تنظر في عالم «الرجولة» علها تكتشف كنه هذه التعقيدات التي تحيط «الجنس» وتجعله لغزاً انسانياً تكتب حوله الروايات والقصائد.. وتبحثه علوم النفس والاجتماع. «بثينة» كاتبة جادة لها عالم ابداعي غني. وتجتهد في صياغة اسئلتها حتى وان لم تصل الآن لاجابات.. ولكن هذه الجدية وهذه الموهبة تحملان كاتبتنا الى مصاف الكاتبات الجيدات.


    نقلا عن جريدة الصحافة
                  

09-11-2003, 08:07 AM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النص واحتمالات تأويل المعنى (Re: ديامي)

    شكرا لك يا ديامى على هذا النص
    استمحيك عذرا فى ادراجى
    لبوست عنها هنا
    والتحية لاستاذنا عيسى الحلو

    كنت قبل فترة انزلت بوستا عنها
    وهى بداية محاولة لدراسة ادب هذه الكاتبة المبدعة

    وسادرجها هنا
    مع الفارق الكبير
    بينما كتبته وكتبه استاذنا العظيم عيسى الحلو
    بتواضع وخجل لكم محاولتى

    font color=blue>
    بثينة خضر.. امرأة مألوفة تخرج عن المألوف

    بثينة خضر …. امرأة أليفة تخرج عن المألوف
    فى عام 2000 التقيت الكاتبة بثينة خضر و اهدتنى مجموعتها القصصية. وهى عدة روايات و مجموعات قصصية وقرأتها و أعجبتني أفكارها خاصة فى الكتابة التى تشبه الخواطر فهى امرأة ذات عوالم ثرة و كذلك نسائها.. و أنا لا أريد أن أقع فى محظور أن تحلل الأعمال الإبداعية على حياة الكاتبة و هذا ما فتأ النقاد يفعلونه عند تحليل الأعمال النسائية . بثينة خضر أمراه سودانية و هى أم و جدة و مما أستشفيت من حياتها فهى امرأة لم تعانى القهر الذى عانته الكثير من نساء جيلها و الدليل على ذلك هذه الكم من ألاعمال الإبداعية و لكنها تتحدث عن ذلك القهر الذى تعانى منه المرأة السودانية و تتحدث عن الأحلام المجهضة للمرأة السودانية
    وكأنى بها تريد أن تعيد الأمور إلى نصابها, مستخدمة الكتابة كسلاح لتصحيح هذا الخلل . فأنا لا أتخيل بثينة خضر تجلس فى اجتماعات تحرير المرأة و أو الاتحادات النسائية و إلا ستكون نشازا فى عزف معزوفة تقليدية فهى أختارت و سيلتها لتغير و ضع المرأة السودانية فقدمت لنا مجموعة الشخصيات النسوية لكل آمالها و أحلامها و فى كل كتاب تقرأه تجد أنك تعرف أمراة مثل هذه المرأة و أنا هنا لا أقول أنها نمطت الشخصية النسوية السودانية و لكن أعنى إنها قدمت لناس شخصيات قد نجدها فى مجتمعنا فى كل شرائحه.
    سأقوم بعرض الشخصيات التى قدمتها من حيث المضامين المتضمنة فى أعمالها و لن أتحدث عن الشكل عندها إذ أنني لدى بعد التحفظات على التقنيات الكتابية عندها و لكن ستكون هذه الدراسة على مستوى المضامين مع أيماني الكامل أن الشكل و المضمون لا ينفصلان.
    سأبدأ هذه السلسلة برواية صهيل النهر وهى من منشورات سدرة للطباعة و النشر والتوزيع
    و الرواية تقع فى فصول متعددة مرقمة دون عنوانات و لكل فصل اضاءة نثرية أو شعرية لشعراء سودانين مشاهير بعض الشعراء العرب و ومقتطفات تراثية.
    رقم واحد قصة فى شكل منولوج مصدرة بأبيات شعرية للجواهرى تتحدث فيها الراوية
    فى حزن و أسى عن علاقتها الشائكة بزوجها الذى تحبه و لكنه تزوج عليها وهى على الرغم من غبنها منه إلا أن هناك صراع بين العقل والقلب. عقلها يحاول تبرير فعله الخائن بأنه حقه الشرعى و لكن قلبها يرفض التبرير فكيف يمكن لإنسان أن يحب امرأتين فى ذات الوقت.
    " وبعيدا عن ذاتى لكن عاطفتى تنكفئ فى حسرة يتوسل قلبى يطالبنى باستدراك الأمر. .باللحاق ووداعه فى المطار, فينتهره عقلى… وحزن عينيه يطاردنى فى أزقة وشوارع المدينة الضائعة ,تحت هجير الشمس اللافحة, و سموم حارقة تفح بها الأرض و ترسلها ريحا جافة مثل شواظ من جهنم تحرق الوجوه والأمزجة, أجلد ذاتى عشرين سوطا من بطان عرس القبيلة و اذبح نفسى بشفرات كرامة أنثوية ساذجة توارثناها فى بلاهة"
    من هنا نستشف الدوامة التى تعيشها هذه المرأة و عدم مقدرتها على تجاوز اتخاذه زوجة أخرى رقم المبررات الاجتماعية و الشرعية و الراوية كاتبة فهى تتسائل بحسرة عن عجزها بالجهر بما يعتمل فى دواخلها من صراعات و تقول ه" وتظل أفاق الكتابة هى سقف الحرية الوحيد المتاح لى الانطلاق بداخله؟"
    فى القصة تتوسل الراوية إلى فاطمة السمحة وفاطمة هى بطلة حكاية شعبية استطاعت ان تهزم واقعها المرير و تشق طريقها و تنتصر لأرادتها فالراوية تتمنى أن تأتى و تساعدها فى اتخاذ القرار الذى يؤرقها و الذى يضعها فى خيارين أحلاهما مر كالعلقم خيار ان تتبع زوجها و تكون نصف أمرأة او تترك زوجها و تكون امرأة وحيدة . لقد طلب منها زوجها ان تذهب معه لتعيش كزوجة ثانية فهى وعدته أن تفكر فى الأمر وهى تقول فى ذلك" نعم وعدته بذلك رغم إنني اعلم عن نفسى أنى لن استسيغ أن أكون زوجة ثانية . لن تسمح كبريائى بكونى ضرة لامرأة أخرى".
    تريد الراوية التمرد و لكن هيهات فكيف لها ن تهرب من هذه القيود الاجتماعية و الفكاك منها هى تنادى ود النمير البطل الشعبى أن يمدها بالقوة و أن يشق بخنجره جلد الرجل العجوز للتخرج شابة و كأن هذا الفعل يحررها من التقاليد البالية و يجعلها تتخذ قرارا صعبا ينهى حالة أنها نصف امرأة.
    " تعال يا ود النمير … فإنني أفتقدك بشدة و أحتاج اليك . ضاعت معالم إنسانيتي يوم أضعت ذاتى و سجنتها داخل حدود "مطمورة" القيود الاجتماعية المحفورة بمعاول وأد الموتى, وحملت نفس فوق طاقتها أعالج صعوبات تقاليد يتعذر فهمها بارتباط وعيى و قناعاتى و لكننى أطابق معناها قسرا على قناعاتى" حياتى تفسيرا لمقايس تافهة وضعها آخرون تختلف ظروف حياتهم و أمزجتهم عن ظروف حياتى و
    ومن المنلوج نستشف أن لها بنت اسمها سندس تعيش بعيدا فهى لا تذكر بوضوح لماذا تزوج زوجها مع إنها تعطى ا يحاء بأنها عقيم " "امرأة عاقر .. نصف مطلقة.. نصف ميتة.."
    و لكن فى قرب نهاية الجزء الأول نعرف أن لها بنت
    " ترى أين سندس… أين أبنتى الحبيبة ألان … هل هى سعيدة بوطنها الجديد بعيدا عنى… يا وجع قلبى .. يا سندس"
    تجلس الراوية لتسطر رسالة إلى زوجها و تتدع الباب مواربا و تطلب منه أن يتركها للقدر و تصاريفه على الرغم من أنها بثته حبها و شوقها له دون تحميله وزر هذا الخطأ فى حقها.
    الراوية هنا امرأة محبطة لا تدرى ماذا تفعل تعيش فى دوامة الاختيار والرفض والخوف من المستقبل. ونتعرف على مخاوفها فى تخشى أن تكون وحيدة فى بيتها المرتب و تخاف الوحدة
    وتفتقد صوت رفيق دربها الذى اختار أن يتزوج مرة أخرى. فهى امرأة ضعيفة لمم تحرر من ربقة
    ".ضل راجل ولا ضل حيطة" فهى على الرغم من ادعائها بأنها مثقفة و رافضة للتقاليد إلا أنها لا تستطيع الفكاك من هذه الانشوطة التى تكبل المرأة السودانية رغم أعتمادها على نفسها وتعليمها إلا انها تخشى ما تخشى أن تحارب المجتمع فلذلك تطمر أحلامها الذاتية و تغرق في النشيد الجماعي وتتبع كل خطوات النشيد خشية أن تأتى بصوت نشازا يخرجها من الجوقة فتصبح منبوذة وهذا اكثر ما تخشاه المرأة السودانية التى نشئت على إنها وحدها يقع عليها تنفيذ ثنائية الفضيلة و العار ولذلك نجدها تضحى بسعادتها لتبقى فى علاقة لا تشبع رغباتها خشية نظرة المجتمع لها فالمرأة المطلقة لا يتعاطف معها أحد و تظلم من النساء اكثر من الرجال . فهى ترفض بواسطة أم أي شاب يريد الارتباط بها و كذلك تهجر بواسطة صديقاتها لأنهن يخشين على ازوجهن منها و لذلك تقصى من مجتمع النساء أما الرجل فينظر لها على أن لا قيمة لها و كثير ما يظنون بها الظنون كون أنها غير عذراء وجربت الرجال فيبدأ عدد منهم في العمل أو الجيران بالتحرش بها جنسيا. ولذلك نجد الراوية حقيقة تعيش فى دوامة عميقة فهى كضرة ستحس بتعاسة خاصة أن زوجها تزوج عليها فهذا يعنى انه يفقد شئ يريد أن يعوضه باتخاذه زوجة أخرى غيرها. وهى كذلك فى سن قد لا تجد من يتزوجها و لذلك ستعيش وحيدة وهى تخشى الوحدة أيضا. و لكنها تترك الباب مواربا مع زوجها حتى لا تندم
    فيما بعد. وهذا النموذج النسوى نجده فى كل الطبقات و الغريب أن التعليم أو الاستقلال المادى لا يغير فى خياراتهن إذ كثير منهن يفضلن أن يكن نصف نساء نصف متزوجات فهو خيار مريح للمجتمع وأسرتها , لكنها تكون امرأة بلا كيان.
    فى نقلة فجائية تنتقل الراوية الى سويسرا و هناك تجد واحدة من معارفها تنقل لها تجربة المرأة عندما تخرج من مجتمع محافظ الى مجتمع منفتح و تفشل فى التعايش مع معطيات الوضع الجديد و يستلبها الحزن والضياع. و فى القصة ايضا تأتى شخصيات اخرى مثل عواطف التى تزوجت وطلقت لعدم الانجاب. و تجربة لها مع شيخ من الشيوخ ذهبت ليعطيها طفل و تتعرض الكاتبة هنا الى الممارسات الخاطئة لبعض الشيوخ الادعياء اذ يقوم الشيخ بمارسة الجنس بصورة طقسية وكأنه يقنع المرأة انه واجب دينى أن يفعل ذلك حتى يمنحها طفلا. وظاهرة زيارة اولياء الله و الشيوخ هى سمة ظاهرة فى المجتمع النسوى السودانى على اختلاف قطاعاته.
    يتبع
    مع تحياتى
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de