عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 08:15 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-11-2003, 07:06 PM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير


    ثم جاءت .
    انخلعت أبواب الترّقـب علي تدّفـق ضوئها المباغت .
    دخلت .. وتوقّـف العالم برهة عن الدوران .
    توقًّـف القلب برهة عن الخفقان كما لالتقاط الأنفاس من شهقة .
    إعصار يتقًّدم في معطف فرو ترتديه امرأة. أيتها العناية الإلهيّة...
    ألا ترفًّـقت بي!
    أيتها السماء ...أيها المطر... .. يا جبال الألب ... خذوا علماً أّنها
    جاءت.
    التقينا إذن
    الذين قالوا : وحدها الجبال لا تلتقي أخطأوا ، والذين بنوا بينها
    جسوراً لتتصافح من دون أن تنحني ، لا يفهمون شيئاً في قوانين
    الطبيعة
    الجبال لا تلتقي إلاًّ في الزلازل والهزّات الأرضّية الكبرى
    وعندها لا تتصافح إنما تتحول إلى تراب واحد
    أكان بوسعنا تفادي الكارثة ؟ ها نحن نلتقي حيث رتبت لنا
    المصادفة موعداً في آخر معاقل الحزن ..كلعنة
    عمي صباحاً سيدتي الجميلة ... كفاجعة
    هي ذي ... كيف فك الاشتباك من عينيها . كل ما أردته كان
    النظر إليها بعد هذا الغياب. كانت تبدو كشجرة ليمون. تساقط
    زهرها دهشة عندما رأتني . كأني آخر مكان توقعت أن تراني في هو
    باريس ، في معرض رسام أنكرت وجوده خارج الكتاب
    قالت:
    - شيء لا يصّدق .
    - هي حياة ندين بها لمصادفة اللقاءات .
    ردّت باندهاش جميل لا يخلو من الذعر :
    - يا إلهي .. ما توقّعت أبداً أن أراك هنا !
    قلت مازحاً :
    - ماذا افعل إذا كان كل شيء يعيدك إليّ .
    كنت ألمح لقولها مرة (( كل شيء يعيدني أليك )) وكنت أجبتها
    مصححاً آنذاك (( كل شيء يبقيني فيك ))
    قالت معلقة بذكاء :
    - ظننتك غيرت عنوان إقامتك منذ ذلك الحين !
    أجبت وأنا أمازحها نافضاً سترتي :
    كما ترين : كلما هممت بمغادرتك تعثرت بك .
    ثم وصلت :
    - بالمناسبة .. أجمل ما يحدث لنا لا نعثر عليه بل نتعثر به .
    كنت هنا أيضا أصحّح قولها (( أجمل حب .. هو الذي نعثر عليه
    أثناء بحثنا عن شيء آخر )) .
    كيف الفكاك من حب تمكن منك حدّ اختراق لغتك , حتى
    أصبحت إحدى متعك فيه هتك أسرار اللغة ؟
    النشوة معها حالة لغوية . لكانني كنت اراقصها بالكلمات
    , أخاصرها , أطيرها , أبعثرها , ألملمها . وكانت خطى كلماتنا دوماً
    تجد إيقاعها منذ الجملة الأولي .
    كنا في حوار راقصين يتزلجان علي مرايا الجليد في ثياب
    احتفائية , منتعلين موسيقي الكلمات .
    ذات مرة قالت :
    - احلم أن افتح باب بيتك معك .
    أجبتها علي إيقاع التانغو , وأنا أعيد أحلامها خطوتين إلي الوراء :
    - وأحلم أن افتح الباب .. فالقاك .
    لكن الحياة قلبت لنا الأدوار . هاهي ذي تفتح باب قاعة لتزور
    معرضاً فتلقاني . إنه ليس زمن التانغو , بل أزمنة الفالس , بدوارها
    المحموم جملها المتخاصرة في تداخلها , وارتباك خطوتها الأولي
    بجمل منتشية , متداخلة , كتوتر شفتين قبل قبلة , لامرأة بلغت في
    غيابي ثلاثين سنة .. وبعض قُبل . ويلزمها سبع قبلات أخرى , لتبلغ
    عمر حزني الموثق في شهادة لا تأخذ بعين الاعتبار , ميلادي علي
    يديها ذات 30 أكتوبر علي الساعة الواحدة والربع ظهراً .. في
    مقهى !
    الأشياء معها تبدأ كما تنتهي : علي حافة ربع الساعة الأخير .
    كانت تتأملني بارتباك المفاجأة . وكنا بعد سنتين من الغياب
    يتصفح احدنا الآخر علي عجل , وندخل صمتاً في حوارات طويلة
    لحديث لم يكن .
    سألتها إن كان في رفقتها احد .
    ردّت :
    - حضرت بمفردي .
    - حسناً . إذن اقترح أن تلقي نظرة علي المعرض ثم ادعوك
    لنشرب شيء معاً في المقهى المجاور .
    تعمدت أن اتركها تقوم بجولة بمفردها . أردت أن أحافظ علي
    جمالية المسافة لأراها بوضوح , ولأتجسس علي ذاكرتها المعلقة
    فوق أكثر من جسر .
    كما توقعت , بعد بضع لوحات , ذهبت صوب تلك اللوحة .
    رأيتها تقف أمامها طويلاً كما لأول مرة منذ عشر سنوات .
    كما من دون قصد قصدتها . كانت تجيل النظر في دليل
    اللوحات . سألتها إن كانت أحبت تلك اللوحة .
    قالت كما لإخفاء شبهة :
    - كنت أعجب فقط أن يكون الرسام باعها . أري عليها إشارة
    حمراء .
    سألتها مستفيداً من الفرصة إن كانت تعرف الرسام .
    قالت :
    - لا .. أبداً . لكن من عادة الرسامين أن يحتفظوا بلوحاتهم
    الأولي . وحسب التاريخ المكتوب عليها , هي أول لوحاته , بينها
    وبين بقية اللوحات أكثر من ربع قرن !
    - هل يعنيك شراؤها ؟
    قالت بعد شيء من التردد :
    - لا أدري ..
    ثم واصلت :
    في جميع الحالات بيعت , وعليّ أن اختار غيرها .. لا أستطيع
    التركيز علي شيء وأنت معي . سأعود مرة ثانية لاختيار لوحة أو
    لوحتين .
    قلت مستدرجاً إياها لاعتراف ما :
    - ما زلت غير مصدق أننا معاً .. بربك ما الذي جاء بك إلي هنا ؟
    أنا الذي كنت أملك سوء ظن بأجوبتها , لم أكن مهتماً باختيار
    صيغة لأسئلتي .كان يكفيني ارتباكها كامرأة تمسك بفستانها حين
    يهب الهواء . كانت تملك إغراء الصمت المفاجئ عن اعتراف
    كادت تطيره ريح المباغتة . ولذا بين جملتين تنحسران كذباً كانت
    تشد فستان اللغة صمتاً .. إلي أسفل .
    - إنها مصادفة لا أكثر .. أمّدني أخي ناصر ببطاقة إعلان عن هذا
    المعرض لعلمه أنني أحب الرسم ... غادرت باريس منذ 10
    سنوات وما عدت منذ ذلك الحين أتابع الحياة الثقافية هنا .
    لم افهم سر إصرارها على إنكار وجود هذا الرجل ذات يوم في
    حياتها .
    أكان ذلك بسبب عاهته؟ أم كهولته؟ أم كانت فقط ككل الكتاب
    لا تحب انفضاح شخصيتها في واقع الحياة ؟
    كان واضحاً إن ناصر لم ياتِ علي ذكرى معها ولا زيان طبعاً,
    مما جعلها تتوقع وجودي هنا مصادفة . ونظرا لاختلاف اسم الرسام
    عن اسم بطلها ، ربما اعتقدت أن الكذبة انطلت علي ، خاصة أنها
    كانت واثقة من وجود زيان في المستشفي واستحالة لفائي به .
    ربما ولدت لحظتها في ذهني تلك الفكرة المجنونة التي رحت
    بسرعة الفرح اخطط لتفاصيلها ، بعد أن قررت أن أهيئ لذاكرتها
    مقلبا بحجم نكرانها !
    عندما خلوت بها بعد ذلك في المقهى ، بدت لي كثيرة الصمت
    سهوا ، دائمة النظر ألي الرواق الذي كنا نراه خلف الواجهة
    الزجاجية علي الرصيف الآخر ، كأنها كانت تستعيد شيئا أو تتوقع
    قدوم أحد . أنها لم تتغير .
    متداخل الوقت حبها , لكانها تواصل معك حب رجل أحبته
    قبلك , أثناء استعدادها لحت من سيليك .
    لفرط ديمومة حالتها العشقية ، لم تعد تعرف هلع النساء في بداية
    كل حب ، ولا حداد العشاق أمام يتم العواطف .
    أنت الذي قد يأخذ معك حداد حب سنتين ، يا لغباء حدادك
    الشعبي ! من أين لك هذا الصبر علي امرأة لها حداد ملكي لا يكاد
    يموت ملك إلا ويعلن مع موته اسم من سيعتلي عرش قلبها ؟
    سألتها مرة عن سبب ألا تكون كتبت سوي كتاب واحد . أجابت
    ساخرة : (( لم أرتد سوي حداد حب واحد ، لتكتب لابد أن تدخل في
    حالة حداد علي احد أو علي شئ ، الحياة تزداد قصرا كلما تقدم بنا
    العمر، ولا وقت لنا لمثل هذا الهدر الباذخ . ما الحداد إلا خيانة
    للحياة . )) وربما كانت تعني أن الوفاء لشخص واحد .. خيانة
    لأنفسنا . تحاشت قول ذلك لأنني كنت وقتها ذلك الشخص
    الواحد الذي كانت تحبه !
    عندما أحضر النادل طلباتنا ، سألتها وأنا أشعل سيجارة :
    _ هل كتبت شيئا خلال هاتين السنتين ؟
    كان باستطاعتي عبر هذا السؤال وحده أن اعرف ما حدث
    بعدي .
    باغتها سؤالي حتما . علي الأقل في استباقه أسئلة أخري أظنها
    أدركت بذكاء (( شيفرتنا )) العشقية .. كنت أسالها إن هي لبست
    حدادي بعض الوقت .
    ردّت بصوت غائب :
    - لا ..
    لم تضف شيئاً علي تلك الكلمة ، أيّ تبرير يمكن أن يغيّر وقعها .
    شعرت بلسعة الألم وبوجع الاعتراف الذي تلقّيته كإهانة لحبّنا.
    ألم يبق من اشتعالات ذلك الزمن الجميل ما يكفي لإضرام نار
    الكلمات في كتاب ؟
    أهي لم تحبّني إذن ؟ وما أحبت فّي سوي خالد بن طوبال ، الرجل
    الذي كنت أذكرها به والذي كانت تقول انه أحد ابتكاراتها
    الروائية .
    أم تري أحبّت فيّ عبد الحق ، الرجل الذي توهّمته أنا وكان
    سيليني في عرش قلبها لو أنّ الموت لم يسبقها إليه ؟
    حبّ يحيلها ألي حب ولا وقت لديها للفقدان . الفقدان الذي هو
    مداد الكتابة .
    سألتني بعدما طال صمتي :
    - فيمّ تفكّر ؟
    - في مسرحية عنوانها (( الحداد يليق بالكترا )) . كنت أفكر أن
    الحداد يليق بك . جّربي الحداد بعض الشئ ، قد تكتبين أشياء
    جميلة .
    - عدلت عن كتابة الروايات . إنها كالقمار تعطيك وهماً كاذباً
    بالكسب . أثناء إدارتك الآخرين تنسي أن تدير حياتك ..أقصد
    تنسي أن تحيا . كلّ رواية تضيف إلي عمر الآخرين ما تسرقه من عمر
    كاتبها . كمن يجهد في تبذير حياة بحجّة تدبير شؤونها .
    سألتها ساخراً :
    - ألهذا تقتلين أبطالك دائماً لتوفّري علي نفسك جهد إدارة
    حياتهم ؟
    ردّت مازحة :
    - ثمّة أبطال يكبرون داخلك إلي حدّ لا يتركون لك حيزًّاً
    للحياة ، ولا بدّ أن تقتلهم لتحيا . مثل هؤلاء بإمكانهم قتل مؤلفيهم .
    بعض الروائيين يموتون علي يد أبطالهم لأنهم ما توّقعوا قدرة كائن
    حبري علي القتل .
    واصلت بعد شيء من الصمت :
    - خالد مثلاً .. لو لم أقتله في رواية لقتلني . ما قست عليه رجلاً
    إلا وازدادت فجيعتي . كان لابدّ أن يموت . جماله يفضح بشاعة
    الآخرين ويشوّش حياتي العاطفية .
    راودتني رغبة أن أقول لها إنه – برغم ذلك – علي قيد الحياة .
    يشاركنا استنشاق هواء هذه المدينة .
    لكّنني صمتّ . لم يكن آن بعد أوان تلك المواجهة !
    لم أدر لماذا ، برغم ذلك ، لم يذد ني حديثي معها إلاّ اشتهاء لها .
    كاتبة مشغولة عن كتابة الروايات بالتهام الحياة ، تفتح شهّيتك
    لالتهامها . إضافة إلي أنّ أمرآة علي ذلك القدر من الكذب الروائي ،
    تعطيك ذريعة إضافية لاستدراجها إلي موعد تسقط فيه أقنعتها
    الروائية !
    ها هي ذي . وأنا شارد بها عنها . نسيت كلّ مآخذي عليها
    نسيت لماذا افترقنا..لماذا كرهتها . وها أنا أريدها الآن ، فوراً ،
    بالتطرف نفسه . كنت سأقول : (( أضيئي نفق الترقب بموعد )) لكنّني
    وجدت في تلك الصيغة استجداء لا يليق بامرأة لا تحب إلا رجلاً
    عصيًّ العاطفة . قلبت جملتي في صيغة لاتسمح لها سوي بتحديد
    الوقت . قلت :
    -أي ساعة أراك غداً ؟
    - أأنت علي عجل ؟
    - أنا علي امتلاء .
    أضفت كما لأصحح زلّة لسان كنت تعمّدتها :
    - في جعبتي كثير من الكلام إليك .
    قالت :
    - لماذا تتبدّد في المشافهة ؟ ربّما كان ما في جعبتك يصلح لكتابة
    رواية .
    كان لها دهاء الأنوثة الفطري . فتنة أمرآة تكيد لك بتواطؤ منك .
    امرأة مغوية ، مستعصية ، جمالها في نصفها المستحيل الذي يلغي
    السبيل إلي نصف آخر ، يوهمك أنها مفتوحة علي احتمال رغباتك .
    هي المجرمة عمداً . الفاتنة كما بلا قصد . تتعاقد معها علي
    الإخلاص وتدري أنّك تبرم صفقة مع غيمة . لايمكن أن تتوّقع في
    أي ارض ستمطر أو متي .
    امرأة لها علاقة بالتقمص . تتقمص نساء من أقصي العفة إلى
    أقصى الفسق، من أقصى البراءة إلى أقصى الإجرام .
    قلت :
    - حوارتنا تحتاج إلي غرفة مغلقة .
    ردّت :
    - لا أحب الثرثرة علي شرا شف الضجر .
    أجبتها بما كنت واثقاً أّنه سيقنعها :
    - لن تضجري .. هيأت لك موقداً أنت حطبه .
    لفظت هذه الجملة وأنا أبتسم ، فوحدي كنت أعرف ما أعنيه .
    لكنني واصلت بنبرة أخري :
    - كيف تقاومين هذا المطر بمفردك ؟ نحن في باريس ، إن لم
    يهزمك الحنين إلّي ستهزمك النشرة الجوية ، إلا إذا كنت أحضرت
    في حقائب سفرك من يتكفل بتدفئتك !
    غرقت لأول مرة في صمت طويل .
    لاحظت في صوتها نبرة حزن لم اعهدها منها .. ثّم تمتمت كأنها
    تحادث نفسها :
    - سامحك الله ..
    ولم تضف شيئاً .
    شعرت بحزن من أساء إلي الفراشات ، ولم أجد سبباً لشراستي
    معها . ربّما لفرط حبّي لها . ربّما لإدراكي بامتلاكي المؤقت لها . لم
    أستطع أن أكون إلا علي ذلك القدر من العنف ألعشقي .
    قلت معتذراً :
    - سامحيني لم أكن أقصد إيلامك .
    قالت بعد صمت :
    - يؤلمني أنك مازلت لا تعي كم أنا جاهزة لأدفع مقابل لقاء
    معك . عيون زوجي مبثوثة في كل مكان .. وأنا أجلس إليك في
    مقهى غير معنية إن مت بسببك في حادث حب . أنا التي إن لم أمت
    بعد ، فلكوني عدلت عن الحب وتخليت عن الكتابة . الشبهتان
    اللتان لم يغفرهما لي زوجي .
    أمسكت بيدها قصد تقبيلها ، بدا لي خاتم الزواج ، أعدت
    وضعها وأخذت الأخرى . طبعت قبلة طويلة عليها وتمتمت كما
    لنفسي :
    - حبيبتي ..
    سألتها وأنا أرفع شفتي عن يدها :
    - كيف سمح لك أن تسافري من دونه ؟
    قالت :
    - جئت مع والدتي بذريعة أن أراجع طبيباً مختصاً في العقم
    النسائي . نحن هنا لنلتقي بأخي ناصر . حضر من ألمانيا خصيصاً
    ليرانا . أخاف أن تموت أمي بدون أن تراه .. أصبحت هذه الفكرة
    ذعري الدائم ، هرول العمر بها سريعاً منذ غيابه .
    قلت وأنا ممسك بيدها :
    - كم تمنيت أن ألتقي بوالدتك . كثيراً ما شعرت أنها أمي . لا
    بسبب يتمي فحسب ، بل لأحاسيسي المتداخلة المتقاطعة دوماً مع
    جسدك . أحياناً أشعر أننا خرجنا من الرحم نفسه . وأحياناً أن
    جسمك هو الذي لفظني إلي الحياة ومن حقي أن استوطنه . أعطيني
    تصريحاً للإقامة فيه تسعة أشهر .. أطالب باللجوء العاطفي إلي
    جسدك !
    ابتسمت وعلا وجنتيها احمرار العذارى ، وارتبكت خصلات
    شعرها حتى بدت كأنها صغيرتي .
    كنت أحب جرأتها حيناً ، وحيناً حياءها . أحب تلك الأنوثة
    المترفعة التي لايمكن أن تستبيحها عنوة إلا بإذن عشقي .
    قالت وهي ترفع خصلة شعرها ببطء :
    - معك أريد حملاً أبدياً .
    أجبت مازحاً :
    - لن أستطيع إذن أن أستو لدك طفلة جميلة مثلك . أتدرين
    خسارة ألا تتكرري في أنثي أخري ؟ ستتضائل كمية ألأنوثة في
    العالم !
    - بل أدري خسارة أن أتحسس بطني بحثاً عنك كل مرة ، ولا
    أفهم ألا تكون تسربت إلي . لابد أن تكون أمرآة لتدرك فجيعة بطن
    لم يحبل ممن أحب . وحدها المرآة تدرك ذلك .
    سألتها بعد صمت .
    - حياة ، هل أحببتني ؟
    - لن أجيبك . أري في سؤالك استخفافاً بي ، وفي جوابي عنه
    استخفافاً بك . كل المشاعر التي تستنجد بالبوح هي مشاعر نصف
    كاذبة . إن خدش حميمية الآخر لا تتأتي إلا بالتعري الدميم للبوح .
    هذا كلام تعلمته منك في ذلك الزمن البعيد أيام كنت أستجدي
    منك اعترافاً بحبي فتجيب : (( أي طبق شهي للبوح لا يخلو من توابل
    الرياء . وحده الصمت هو ذلك الشيء العاري الذي يخلو من
    الكذب . ))
    قلت مندهشاً :
    - متي حفظت كل هذا ؟
    - في تلك الأيام التي عشتها عند أقدام أريكتك ، بصبر قطة ،
    ألعق صحن الانبهار كل ما تتفوه به .
    قلت مازحاً :
    - وعندما كانت تشبع تلك القطة ، تحولني إلي كرة صوفية تلعب
    بها حيناً وأحيانا أخري تنتف بمخالبها خيوطها . كم غرست مخالب
    ساديتك في طيبوبتي .. ثم لعقت جراحي إمعاناً في إيلامي .
    ضحكنا بتؤاطو الزمن الجميل . وعندما رايتها تنظر إلي ساعتها
    معلنة تأخرها ، قلت :
    - أريد أن أراك .. لابد أن تتدبري لنا موعداً .
    - لا اظنني أستطيع التحايل علي ناصر وآماً معاً . سيلحق بي
    أحدهما حتماً حيث أذهب .
    قلت ضاحكاً :
    - ولماذا أنت روائية إذن ؟
    هذا جزء من الفصل السادس من رواية عابر سرير للكاتبة الجزائرية احلام مستغانمي وقد صدرت قبل شهر ونصف وقد ادهشتني جداً وقد رأيت ان اعزمكم معي
                  

08-12-2003, 07:12 AM

ود عقاب
<aود عقاب
تاريخ التسجيل: 03-10-2003
مجموع المشاركات: 869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: هدهد)

    شكرا
    هدهد
    لك المدى
    ودعقاب
                  

08-12-2003, 06:57 PM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: ود عقاب)

    شكرا لك انت
    ياودعقاب
    لازالت هذه المرأة تسكن في عميق التمتمات من لغتي
    وتسرقني اليها كلما نزحت بعيداً عن النساء
    النساء الجميلات الوهم الفضي في حلقة ذهبية
    وسوف نعود ايها كي نحج
                  

08-12-2003, 07:06 PM

zumrawi

تاريخ التسجيل: 08-31-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: هدهد)

    ساحاول طباعتها وقرائتها بهدوء فالخط هنا صغير ياهدهد
                  

08-12-2003, 07:38 PM

زوربا
<aزوربا
تاريخ التسجيل: 06-08-2003
مجموع المشاركات: 733

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: zumrawi)

    هدهد
    نيلينك والابنوس والشوق الجاري عليك

    جميل أنت حد النشوة
    ومدهش أنت حد الجمال


    والريد نيلين
                  

08-13-2003, 10:36 AM

الجندرية
<aالجندرية
تاريخ التسجيل: 10-02-2002
مجموع المشاركات: 9450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: هدهد)

    up
                  

08-13-2003, 10:56 AM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: الجندرية)




    احلام مستغانمي
    تلك المراة التي تعشق الاسود
    وسوف نحكي عن التجربة










                  

08-13-2003, 11:27 AM

السمندل

تاريخ التسجيل: 04-08-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: هدهد)

    هدهد
    شكرا على هذه التعبئة الفياضة
    لأن احلام ـ بالذات ـ اضاءت لنا اكثر من كهف في ذكوريتنا المستغلقة
    وعلّمتنا أن الأنثى هي قضية خلاص
    وأنها المستحيل غير القابل للعطب
                  

08-13-2003, 03:05 PM

ahmad almalik
<aahmad almalik
تاريخ التسجيل: 04-03-2003
مجموع المشاركات: 752

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: هدهد)

    شكرا هدهد، اللغة جميلة ومبهرة
                  

08-14-2003, 09:58 AM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: ahmad almalik)



    ـ سيرة ذاتية ـ

    أحلام مستغانمي كاتبة تخفي خلف روايتها أبًا لطالما طبع حياتها بشخصيته الفذّة وتاريخه النضاليّ. لن نذهب إلى القول بأنّها أخذت عنه محاور رواياتها اقتباسًا. ولكن ما من شك في أنّ مسيرة حياته التي تحكي تاريخ الجزائر وجدت صدى واسعًا عبر مؤلِّفاتها.
    كان والدها "محمد الشريف" من هواة الأدب الفرنسي. وقارئًا ذا ميول كلاسيكيّ لأمثال Victor Hugo, Voltaire Jean Jaques, Rousseau,. يستشف ذلك كلّ من يجالسه لأوّل مرّة. كما كانت له القدرة على سرد الكثير من القصص عن مدينته الأصليّة مسقط رأسه "قسنطينة" مع إدماج عنصر الوطنيّة وتاريخ الجزائر في كلّ حوار يخوضه. وذلك بفصاحة فرنسيّة وخطابة نادرة.

    هذا الأبّ عرف السجون الفرنسيّة, بسبب مشاركته في مظاهرات 8 ماي1945 . وبعد أن أطلق سراحه سنة 1947 كان قد فقد عمله بالبلديّة, ومع ذلك فإنّه يعتبر محظوظاً إذ لم يلق حتفه مع من مات آنذاك (45 ألف شهيد سقطوا خلال تلك المظاهرات) وأصبح ملاحقًا من قبل الشرطة الفرنسيّة, بسبب نشاطه السياسي بعد حلّ حزب الشعب الجزائري. الذي أدّى إلى ولادة ما هو أكثر أهميّة, ويحسب له المستعمر الفرنسي ألف حساب: حزب جبهة التحرير الوطني FLN.

    وأمّا عن الجدّة فاطمة الزهراء, فقد كانت أكثر ما تخشاه, هو فقدان آخر أبنائها بعد أن ثكلت كل إخوته, أثناء مظاهرات 1945 في مدينة قالمة.

    هذه المأساة, لم تكن مصيراً لأسرة المستغانمي فقط. بل لكلّ الجزائر من خلال ملايين العائلات التي وجدت نفسها ممزّقة تحت وطأة الدمار الذي خلّفه الإستعمار.

    بعد أشهر قليلة, يتوّجه محمد الشريف مع أمّه وزوجته وأحزانه إلى تونس كما لو أنّ روحه سحبت منه. فقد ودّع مدينة قسنطينة أرض آبائه وأجداده.

    كانت تونس فيما مضى مقرًّا لبعض الرِفاق الأمير عبد القادر والمقراني بعد نفيهما. ويجد محمد الشريف نفسه محاطاً بجوٍّ ساخن لا يخلو من النضال, والجهاد في حزبي MTLD و PPA بطريقة تختلف عن نضاله السابق ولكن لا تقلّ أهميّة عن الذين يخوضون المعارك.

    في هذه الظروف التي كانت تحمل مخاض الثورة, وإرهاصاتها الأولى تولد أحلام في تونس.

    ولكي تعيش أسرته, يضطر الوالد للعمل كمدرّس للّغة الفرنسيّة. لأنّه لا يملك تأهيلاً غير تلك اللّغة, لذلك, سوف يبذل الأب كلّ ما بوسعه بعد ذلك, لتتعلَّم ابنته اللغة العربيّة التي مُنع هو من تعلمها. وبالإضافة إلى عمله, ناضل محمد الشريف في حزب الدستور التونسي (منزل تميم) محافظًا بذلك على نشاطه النضالي المغاربيّ ضد الإستعمار.

    وعندما اندلعت الثورة الجزائريّة في أوّل نوفمبر 1954 شارك أبناء إخوته عزّ الدين وبديعة اللذان كانا يقيمان تحت كنفه منذ قتل والدهما, شاركا في مظاهرات طلاّبيّة تضامنًا مع المجاهدين قبل أن يلتحقا فيما بعد سنة 1955 بالأوراس الجزائريّة. وتصبح بديعة الحاصلة لتوّها على الباكالوريا, من أولى الفتيات الجزائريات اللاتي استبدلن بالجامعة الرشّاش, وانخرطن في الكفاح المسلَّح.

    ما زلت لحدّ الآن, صور بديعة تظهر في الأفلام الوثائقية عن الثورة الجزائرية. حيث تبدو بالزي العسكري رفقة المجاهدين. وما زالت بعض آثار تلك الأحداث في ذاكرة أحلام الطفوليّة. حيث كان منزل أبيها مركزاً يلتقي فيه المجاهدون الذين سيلتحقون بالجبال, أو العائدين للمعالجة في تونس من الإصابات.

    بعد الإستقلال, عاد جميع أفراد الأسرة إلى الوطن. واستقرّ الأب في العاصمة حيث كان يشغل منصب مستشار تقنيّ لدى رئاسة الجمهوريّة, ثم مديراً في وزارة الفلاحة, وأوّل مسؤول عن إدارة وتوزيع الأملاك الشاغرة, والمزارع والأراضي الفلاحيّة التي تركها المعمّرون الفرنسيون بعد مغادرتهم الجزائر. إضافة إلى نشاطه الدائم في اتحاد العمال الجزائريّين, الذي كان أحد ممثليه أثناء حرب التحرير.

    غير أن حماسه لبناء الجزائر المستقلّة لتوّها, جعله يتطوّع في كل مشروع يساعد في الإسراع في إعمارها. وهكذا إضافة إلى المهمّات التي كان يقوم بها داخليًّا لتفقّد أوضاع الفلاّحين, تطوَّع لإعداد برنامج إذاعي (باللّغة الفرنسيّة) لشرح خطة التسيير الذاتي الفلاحي. ثمّ ساهم في حملة محو الأميّة التي دعا إليها الرئيس أحمد بن بلّة بإشرافه على إعداد كتب لهذه الغاية.

    وهكذا نشأت ابنته الكبرى في محيط عائلي يلعب الأب فيه دورًا أساسيًّا. وكانت مقرّبة كثيرًا من أبيها وخالها عزّ الدين الضابط في جيش التحرير الذي كان كأخيها الأكبر. عبر هاتين الشخصيتين, عاشت كلّ المؤثّرات التي تطرأ على الساحة السياسيّة. و التي كشفت لها عن بعد أعمق, للجرح الجزائري (التصحيح الثوري للعقيد هواري بومدين, ومحاولة الانقلاب للعقيد الطاهر زبيري), عاشت الأزمة الجزائرية يومًّا بيوم من خلال مشاركة أبيها في حياته العمليّة, وحواراته الدائمة معها.

    لم تكن أحلام غريبة عن ماضي الجزائر, ولا عن الحاضر الذي يعيشه الوطن. مما جعل كلّ مؤلفاتها تحمل شيئًا عن والدها, وإن لم يأتِ ذكره صراحة. فقد ترك بصماته عليها إلى الأبد. بدءًا من اختياره العربيّة لغة لها. لتثأر له بها. فحال إستقلال الجزائر ستكون أحلام مع أوّل فوج للبنات يتابع تعليمه في مدرسة الثعالبيّة, أولى مدرسة معرّبة للبنات في العاصمة. وتنتقل منها إلى ثانوية عائشة أم المؤمنين. لتتخرّج سنة 1971 من كليّة الآداب في الجزائر ضمن أوّل دفعة معرّبة تتخرّج بعد الإستقلال من جامعات الجزائر.

    لكن قبل ذلك, سنة 1967, وإثر إنقلاب بومدين واعتقال الرئيس أحمد بن بلّة. يقع الأب مريضًا نتيجة للخلافات "القبليّة" والانقلابات السياسيّة التي أصبح فيها رفاق الأمس ألدّ الأعداء.

    هذه الأزمة النفسيّة, أو الانهيار العصبيّ الذي أصابه, جعله يفقد صوابه في بعض الأحيان. خاصة بعد تعرّضه لمحاولة اغتيال, مما أدّى إلى الإقامة من حين لآخر في مصحّ عقليّ تابع للجيش الوطني الشعبيّ.

    كانت أحلام آنذاك في سن المراهقة, طالبة في ثانوية عائشة بالعاصمة. وبما أنّها كانت أكبر إخواتها الأربعة, كان عليها هي أن تزور والدها في المستشفى المذكور, والواقع في حيّ باب الواد, ثلاث مرّات على الأقلّ كلّ أسبوع. كان مرض أبيها مرض الجزائر. هكذا كانت تراه وتعيشه.

    قبل أن تبلغ أحلام الثامنة عشرة عاماً. وأثناء إعدادها لشهادة الباكلوريا, كان عليها ان تعمل لتساهم في إعالة إخوتها وعائلة تركها الوالد دون مورد. ولذا خلال ثلاث سنوات كانت أحلام تعدّ وتقدّم برنامجًا يوميًا في الإذاعة الجزائريّة يبثّ في ساعة متأخرّة من المساء تحت عنوان "همسات". وقد لاقت تلك "الوشوشات" الشعريّة نجاحًا كبيرًا تجاوز الحدود الجزائرية الى دول المغرب العربي. وساهمت في ميلاد إسم أحلام مستغانمي الشعريّ, الذي وجد له سندًا في صوتها الأذاعيّ المميّز وفي مقالات وقصائد كانت تنشرها أحلام في الصحافة الجزائرية. وديوان أوّل أصدرته سنة 1971 في الجزائر تحت عنوان "على مرفأ الأيام".

    في هذا الوقت لم يكن أبوها حاضراً ليشهد ما حقّفته ابنته. بل كان يتواجد في المستشفى لفترات طويلة, بعد أن ساءت حالته.

    هذا الوضع سبّب لأحلام معاناة كبيرة. فقد كانت كلّ نجاحاتها من أجل إسعاده هو, برغم علمها أنّه لن يتمكن يومًا من قراءتها لعدم إتقانه القراءة بالعربية.

    وكانت فاجعة الأب الثانية, عندما انفصلت عنه أحلام وذهبت لتقيم في باريس حيث تزوّجت من صحفي لبناني ممن يكنّون ودًّا كبيرًا للجزائريين. وابتعدت عن الحياة الثقافية لبضع سنوات كي تكرِّس حياتها لأسرتها. قبل أن تعود في بداية الثمانينات لتتعاطى مع الأدب العربيّ من جديد. أوّلاً بتحضير شهادة دكتوراه في جامعة السوربون. ثمّ مشاركتها في الكتابة في مجلّة "الحوار" التي كان يصدرها زوجها من باريس, ومجلة "التضامن" التي كانت تصدر من لندن.

    أثناء ذلك وجد الأب نفسه في مواجهة المرض والشيخوخة والوحدة. وراح يتواصل معها بالكتابة إليها في كلّ مناسبة وطنية عن ذاكرته النضاليّة وذلك الزمن الجميل الذي عاشه مع الرفاق في قسنطينة.

    ثمّ ذات يوم توّقفت تلك الرسائل الطويلة المكتوبة دائمًا بخط أنيق وتعابير منتقاة. كان ذلك الأب الذي لا يفوّت مناسبة, مشغولاً بانتقاء تاريخ موته, كما لو كان يختار عنوانًا لقصائده.

    في ليلة أوّل نوفمبر 1992, التاريخ المصادف لاندلاع الثورة الجزائريّة, كان محمد الشريف يوارى التراب في مقبرة العلياء, غير بعيد عن قبور رفاقه. كما لو كان يعود إلى الجزائر مع شهدائها. بتوقيت الرصاصة الأولى. فقد كان أحد ضحاياها وشهدائها الأحياء. وكان جثمانه يغادر مصادفة المستشفى العسكري على وقع النشيد الوطنيّ الذي كان يعزف لرفع العلم بمناسبة أوّل نوفمبر.

    ومصادفة أيضًا, كانت السيارات العسكريّة تنقل نحو المستشفى الجثث المشوّهة لعدّة جنود قد تمّ التنكيل بهم على يد من لم يكن بعد معترفًا بوجودهم كجبهة إسلاميّة مسلّحة.

    لقد أغمض عينيه قبل ذلك بقليل, متوجّسًا الفاجعة. ذلك الرجل الذي أدهش مرة إحدى الصحافيّات عندما سألته عن سيرته النضاليّة, فأجابها مستخفًّا بعمر قضاه بين المعتقلات والمصحّات والمنافي, قائلاً: "إن كنت جئت إلى العالم فقط لأنجب أحلام. فهذا يكفيني فخرًا. إنّها أهمّ إنجازاتي. أريد أن يقال إنني "أبو أحلام" أن أنسب إليها.. كما تنسب هي لي".

    كان يدري وهو الشاعر, أنّ الكلمة هي الأبقى. وهي الأرفع. ولذا حمَّل ابنته إرثًا نضاليًا لا نجاة منه. بحكم الظروف التاريخيّة لميلاد قلمها, الذي جاء منغمسًا في القضايا الوطنيّة والقوميّة التي نذرت لها أحلام أدبها. وفاءًا لقارىء لن يقرأها يومًا.. ولم تكتب أحلام سواه. عساها بأدبها تردّ عنه بعض ما ألحق الوطن من أذى بأحلامه.



    الجزائر حزيران 2001

    مراد مستغانمي

    شقيق الكاتبة

                  

08-14-2003, 10:07 AM

shiry
<ashiry
تاريخ التسجيل: 07-05-2002
مجموع المشاركات: 3511

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: هدهد)

    سلام مربع

    عايزه اكون ثقيلة وسمجة شوية
    واطلب منك
    تنزل
    اجزاء
    اخرى
                  

08-15-2003, 01:55 AM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: shiry)



    أعجتني كثيراً "ذاكرة الجسد" ففيها زخم من الوقائع والأحداث التي تصوّر جزءاً من شخصيّة مجاهد في الثورة الجزائرية, وعادات قسنطينية العريقة, وكيف تعامل المرأة في المجتمع الجزائري. وللكتاب مخيّلة خصبة لصناعة الصورة السنمائيّة, وهو ما صبغته أحلام في روايتها.

    أمّا أحلام الكاتبة, فهي إمرأة رائعة, استطاعت أن تفرض نفسها كأحد الأصوات الروائية العربيّة الهامة, التي تربّعت على عرش الكتابة في أواخر القرن.

    يوسف شاهين
                  

08-15-2003, 12:16 PM

Husam Hilali
<aHusam Hilali
تاريخ التسجيل: 02-21-2003
مجموع المشاركات: 429

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: هدهد)

    العزيز زوربا / هدهد
    اسنح للؤمي أن يوجه لك بضعة تساؤلات حتى نلتقي :
    من أين لك بتذكرة العبور على السرير المستغانمي / 40 جنيه ؟
    وألا يعتبر نشرك للفصل السادس انتهاك لحقوق الملكية الفكرية ...
    ومتى نسمع عن رواية تدون باسم نعرف مؤلفه جيداً
                  

08-15-2003, 08:10 PM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: Husam Hilali)

    لكم جميعا الشكر
    العزيز دوماً حسام هلالي
    التحيات النواضر
    لم يلاحظ احد الحق الفكري للكاتبة
    وهناك تحذيرما بهذا المعنى على الكتاب
    وحين فكرت بنشر هذا الجزء
    كان يدور في بالي ذلك كله
    ولكن اعتبره للدعاية لهذه الرواية الجميلة
    والتحريض على شرائها
    لهذا لم انشر الفصل كاملاً
    وهذا جزء منه
    اما 40 جنيهاً فهي صعبة للغاية ولكنها تهون امام روعة كهذه
    ونحنا خلاص فلسنا الخقونا مع حضوركم بحبة ريالات
    انا في انتظارك ياصديقي على احر من الجمر
                  

08-18-2003, 08:44 PM

ابنوس
<aابنوس
تاريخ التسجيل: 04-19-2003
مجموع المشاركات: 1790

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: هدهد)

    up
                  

08-24-2003, 02:18 PM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: ابنوس)


    روايتها دوّختني. وأنا نادراً ما أدوخ أمام رواية من الروايات, وسبب الدوخة أنّ النصّ الذي قرأته يشبهني الى درجة التطابق, فهو مجنون, ومتوتر, وإقتحاميّ, ومتوحش, وإنساني, وشهواني.. وخارج عن القانون مثلي. ولو أن أحداً طلب أن أوّقع إسمي تحت هذه الرواية الإستثنائية المغتسلة بأمطار الشعر.. لما تردّدت لحظة واحدة..

    هل كانت أحلام مستغانمي في روايتها (تكتبني) دون أن تدري..

    لقد كانت مثلي تهجم على الورقة البيضاء, بجماليّة لا حدّ لها.. وشراسة لا حدّ لها.. وجنون لا حدّ له (...)

    نزار قبّاني
                  

08-24-2003, 02:32 PM

Raja
<aRaja
تاريخ التسجيل: 05-19-2002
مجموع المشاركات: 16054

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: هدهد)

    طبعا لازم أغيظكم كلكم لأني حصلت على نسخة من الرواية من الرائع هدهد هدية عيد ميلادي.. وبدأت قراءتها في طريقي للمنزل، وعندما وصلت ودخلت في دوامة الغيار والأكل...الخ، بدأت اختي سارة في التصفح.. ثم القراءة واصرت ان تنهيها قبل ان تعطيني ايها لأنهيها.. وقد كان



    احلام مستغانمي.... ملهاش حل، زي ما بيقولوا المصريين
                  

09-09-2003, 09:56 PM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: Raja)

    رجاء

    من جلس على قوس الشمس الاعلى
    المصريين صاح
    بس انا اتورطة مع شيري
                  

09-22-2003, 04:27 PM

kramilla


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عابر (( ا ل ف ص ل _ ا ل س ا د س )) سرير (Re: هدهد)

    UP
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de