دارْفورْ: كَيْلا نَمسَحَ الدُّهْنَ فوقَ الصُّوفْ؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-16-2024, 08:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-17-2003, 07:45 PM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18727

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دارْفورْ: كَيْلا نَمسَحَ الدُّهْنَ فوقَ الصُّوفْ؟

    بقلم/ كمال الجزولي
    (1)
    (1/1) ربما لا يحتاج المراقب إلى كثير من التدقيق ليلمح قدراً من عدم الارتياح
    يشوب أداء ونبرة القائمين على أمر "اللجنة" أو "الآلية" التى أنيط بها إدارة
    الأزمة فى دارفور ، وذلك بالنظر للفارق بين قدرات البشر ، بالغاً ما بلغوا من
    خصائص التميُّز والكفاية الشخصية ، وبين جسامة المهام الملقاة على كواهلهم مما
    درجت المكاتبات الحكومية الروتينية والخطاب الاعلامى اليومى على اختزاله فى
    كلمات خمس: "حفظ الأمن وبسط هيبة الدولة"! وللمرء أن يعجب ، ما شاء الله له أن
    يعجب ، كيف استحال "أمن البلاد" و"هيبة الدولة" من حالة كونهما مناهج كلية
    وسياسات شاملة ، فى الأصل ، إلى محض إجراءات وحفنة تدابير يوكل أمر تنفيذها إلى
    "لجنة" أو "آلية"؟!
    (1/2) وبما أن خُدَّام الدولة المخلصين النشطين ليس من شأنهم ، فى العادة ،
    اجتراح هذه المناهج أو رسم تلك السياسات ، ولأن تنفيذ "الأمر" الذى يصدر من
    مركز القرار فى السلطة قد يبدو ميسوراً أول العهد به ، فإنهم ينكبون عليه
    انكباباً يستغرق كلَّ نهاراتهم وجُلَّ لياليهم ، فلا يكادون يرفعون رؤوسهم
    ليتبيَّنوا كم ضاع تعبهم بلا عوض ، إلا بعد مكابدة جمَّة للعنت والفشل
    والتدابير الاجرائية الخاطئة ، مما تنسلخ فيه الشهور والسنوات الطوال سُدى. على
    أنهم ، حين تقع الواقعة ، يكونون ، لهذا السبب بالذات ، أكثر الخازنين للمعرفة
    الوثيقة بأن "نتاج" الخسران المبين يسبقه دائماً ، وبذات المتوالية ، فعل
    المراكمة "لعوامل" هذا الخسران المبين .. وعلى قول طيب الذكر جيلى عبد الرحمن:
    "هل تلِدُ الهرَّة سوداءُ الأبوين سِوى هِرٍّ أسود"؟! حينها ، ومهما كانت ثقة
    المركز السياسى فى مناهجه وخططه ، فإنه لا يعود أمامه ثمة مناص من الاستماع إلى
    مَن أوكل إليهم أمر تنفيذها ، مباشرة ، فأضحوا أول من خبر المشى على جمر
    إخفاقاتها بأقدامهم الحافية ، وذلك بدلاً من دفعهم دفعاً "للمنافحة" عن جهدهم
    المهدر ، يوم تعلق كل شاة من عصبتها!
    (1/3) لقد ظل الناس يتابعون ، طوال الفترة الماضية ، بيانات الفريق أول ركن
    أبراهيم سليمان حسن ، والى شمال دارفور ورئيس "آلية" حفظ الأمن وبسط هيبة
    الدولة بدارفور الكبرى ، وتصريحاته الصحفية التى تتراوح ما بين صرامة التأكيد ،
    من جهة ، على أن "الدولة" ممسكة ، عن طريق "الآلية" ، بزمام الأمور فى الولاية
    ، وما بين الشكوى ، من الجهة الأخرى ، لطوب الأرض من قصور "الامكانات" المتوفرة
    "للآلية". ولكون الرجل عسكرياً محترفاً ، والبيانات تعلن أن قوات الحكومة تطارد
    فلول نهابين مسلحين يروِّعون الآمنين فى برارى دارفور ، فإن أول ما كان يتبادر
    إلى الأذهان ، عن حق ، لدى سماع شكواه ، أنه إنما يطلب المزيد من السلاح
    والذخيرة والشاحنات العسكرية، وربما المزيد من المال أو الرجال. وإلى ذلك أيضاً
    شكوى اللواء الركن "م" سليمان عبد الله آدم ، محافظ جبل مرة السابق ، من أن
    المُعينات التى كانت تصل المحافظة لم تكن تتناسب مع حجم المشكلات (الفضائية
    السودانية ، 10/3/2003م). ولكن ، ما أن اتخذت الأوضاع ، بغتة ، شكل الانفجار
    السياسى فى منطقة جبل مرة ، حتى أصبح واضحاً أن خطط "الآلية" لا تمضى فى
    الاتجاه الصحيح ، فسارعت لعقد ملتقى الفاشر التشاورى بمشاركة ما يربو على
    الخمسمائة من أبناء الولاية خلال يومى 24 ـ 25 فبراير المنصرم. وعندما وقف
    الفريق أول ركن أبراهيم سليمان ليلقى كلمة الافتتاح ، وجَّه نصيحته للمؤتمرين
    قائلاً بحكمة "شرتاى" عجوز: "يا اخوانا .. ما نمسح الدِّهِن فوق الصوف" (!) وهو
    مثل شعبى شرحه الأستاذ عبد الله آدم خاطر ، ضمن سلسلة مقالاته الجيِّدة عن
    الملتقى بما معناه "يجب ألا نخفى من الحقيقة شيئاً (الرأى العام ؛ 2/3/2003م).
    وإذن ، وحتى وقوع الواقعة ، وعقد الملتقى ، كانت ثمة حقيقة تخفى ، و"دهن"
    يُمسحُ فوق "الصوف"!!
    (2)
    (2/1) من أبرز ما ساقه قادة الجبهة الاسلامية القومية فى السودان ، تبريراً
    لانقلاب الثلاثين من يونيو 1989م على الحكومة الديموقراطية المنتخبة ، دمغهم
    لنزوعها البادى ، أوان ذاك ، لتنزيل الاعتراف بظلامات الهامش من سماوات
    الاجترار النظرى إلى أرض الفاعلية السياسية ، والأخذ بأسباب الحل السلمى لقضية
    الحرب الأهلية فى الجنوب ، كقضية سياسية بطبيعتها ، فلا هى بالدينية ولا هى
    بالعرقية ، وعكوف تلك الحكومة ، من ثمَّ ، على التحضير لعقد المؤتمر الدستورى ،
    بمشاركة الأطراف كافة ، خلال شهر أغسطس من نفس العام ، كآلية لهذا الحل ، وسط
    محيط من الآمال السخيَّة التى أنعشها اتفاق الميرغنى ـ قرنق فى 16 نوفمبر عام
    1988م. لقد اعتبرت الجبهة الاسلامية ذلك كله محض ارتداد آثم من احزاب الشمال عن
    قضية "الشريعة" ، وعجز مزر عن صون "وحدة البلاد" و"سلامة أراضيها"، وتفريط شائن
    أفضى لأن "يُنتقص" الوطن "من أطرافه" ، واستسلام مُهين لمتمردى الجنوب "أعداء
    الله وأعداء مسلمى الشمال" الذين كان ينبغى أن يُعَدَّ لهم ما يُستطاع "من قوة
    ومن رباط الخيل" لإرهابهم ، جرياً على نهلٍ انتقائى حثيث من لغة الخطاب
    القرآنى: "أوَلمْ يَرَوا أنَّا نأتى الأرضَ نَنقصُها من أطرافها" (الرعد 41)،
    "أفلا يرون أنَّا نأتى الأرضَ نَنقصُها من أطرافها" (الأنبياء 44)، "وأعِدوا
    لهُم ما استطعتم من قوةٍ ومن رباط الخيل ترهبون به عدوَّ الله وعدوَّكم"
    (الأنفال 60).. الخ.
    (2/2) بالمقابل ، بذلت القوى الشمالية المعارضة ، والمسلحة أحياناً ، كلَّ ما
    فى وسعها للنفاذ من سطح القشرة الشكلانية فى بنية هذا الخطاب الاسلاموى ، برغم
    لغته القرآنية ، وإثارة "الشكوك" حول النوايا الحقيقية الكامنة فى قاعه. وقد
    انصب غالب تلك الشكوك على أن كلَّ ما تطلبه نخبة الجبهة الاسلامية من انقلابها
    هو السحق التام لخصومها فى الأحزاب الشمالية والنقابات و"حركة التمرُّد"
    الجنوبية ، و"التمكين" لنفسها وحدها من السودان "كله" ، إستفراداً به، وإقصاءً
    لسواها منه ، وإعادة لترتيب أوضاعه على "مقاس" مصالحها الذاتية الضيقة ،
    ومثالها النخبوى المُصَمَّم على الورق بإتقان ، تحت عنوان "المشروع الحضارى".
    أما الحديث عن "الحدب" على "وحدة" الوطن و"سلامة" أراضيه فهو محض تمحُّك سياسى
    ، ومصادرة على المطلوب ، لا أكثر ولا أقل.
    (2/3) وبصرف النظر عمَّا قالته أو تقوله المعارضة عن نوايا النظام ، وما قاله
    أو يمكن أن يقوله النظام عن ردة المعارضة ، فإن الأداء العملى نفسه قد تكفل ،
    على مدى السنوات الأربع عشرة الماضية ، بترجيح تلك "الشكوك" الباكرة وتكريسها
    فى الأذهان ، حتى غدت ممَّا لا تنتطح فيه عنزان حتى بين الناقدين للمعارضة
    نفسها. فما جرى التبشير به صبيحة الانقلاب لم يتحقق شئ منه فى أىِّ وقت ، طوال
    تلك السنوات ، بل شكل ، على العكس من ذلك ، أزمة عميقة للنخبة الاسلاموية
    القائدة لهجين السلطة الاجتماعى والسياسى ، حيث تضاعف "انتقاص" الأرض "من
    أطرافها" ، وتمدَّدت جبهات الصدام المسلح إلى الشرق والغرب ، وتكاثرت مهددات
    "وحدة" الوطن و"سلامة" أراضيه ، وتفاقمت صعوبات الاقتصاد والاجتماع ، وتباعَدَ
    "الواقع" الماثل عن "المثال" المعلن بفراسخ ، وغرقت الخطة القديمة فى موج
    متراكم من معطيات الصراع الداخلى الذى لا يهدأ ، وحقائق الاستراتيجيات العالمية
    والجيوبوليتيكية التى لا تكف عن الانفجار ساعة فساعة. ومع أن النخبة اصطدمت ،
    نهائياً ، باستحالة حشر الوطن فى "أنبوب" الأيديولوجيا ، إلا أنه كبُرَ عليها
    التراجع إلى منطقة وسطى تلتقى فيها مع أقسام المعارضة المختلفة ، ولو لترميم
    شروخات الجبهة الداخلية ، بل لقد ألفت نفسها ، هى نفسها ، بسبب كل هذه المصاعب
    والاحباطات ، فى دوامة لا تكاد تنقضى من الانشقاقات المتناسلة بمتوالية أميبية
    ، مما انتهى بشعاراتها القديمة الرافضة للتدخل الخارجى والهيمنة الأجنبية ، إلى
    مقاعد "التتلمذ" على محاضرات خبراء الإيقاد ، وأصدقاء الإيقاد ، بكل أجنداتهم
    "المدخولة" ، من مشاكوس إلى .. كارن!
    (3)
    (3/1) من تعبيرات د. حسن الترابى عن بَرَمَه بمنظومة التعدد السودانى وتركيبته
    المعقدة التى تثير "المصاعب" أمام حركته السياسية قوله ، فى سياق تقديره لنسق
    البنية الهيكلية لعلاقات هذا التعدد: "لقد كان (قدرنا) (نحن) فى السودان أن
    (نبتلى) ببلد مركب معقد البناء يكاد يمثل كل الشعوب الأفريقية بلغاتها وسحناتها
    وأعراقها وأعرافها" (أقواس التشديد من عندنا ـ م/الصياد ، بيروت، 6/5/1988م،
    (ص30). وبرغم الالتباس الذى قد تثيره كلمات مثل "قدرنا" و"نحن" و"نبتلى" ، إلا
    أن نبرة التذمر التى تنشع من العبارة لا تحتاج ، فى رأينا ، إلى "فانوس
    ديوجينس" لإضاءتها. وقد أفضى هذا "التذمر" بالاسلامويين للاعتقاد التبسيطى
    المُخِل بأن حل هذه "المعضلة" إنما يكمن فى التركيز على إحكام القبضة على
    الشمال وحده ، حتى لو كان ثمن ذلك فصل الجنوب ، بل وحتى لو اقتضى الأمر
    المبادرة إلى الدعوة لذلك من داخل صفوفها!
    (3/2) ولكن أحداث "دارفور" جاءت مؤخراً ، وبهذه الكيفية ، لتشكل مناسبة جديدة
    لاستجلاء أحد أهم وجوه أزمة هذه النخبة سياسياً وفكرياً ، والذى يتمثل فى كونها
    استكفت ، على ما يبدو ، بذاتها تماماً ، وأضحت ناجزة بمجرَّدها كلياً ، فتوطنت
    ، نهائياً ، فى حالة فريدة من الامتناع الصارم ، ليس فقط عن رؤية حقائق الواقع
    السودانى على ما هى عليه ، بل حتى عن الاصغاء لأى صوت ناقد ، أو ناصح ، أو
    مجرَّد مُنبِّه من خارج مواقع الولاء المطلق لأيديولوجيتها وبرنامجها تحت عنوان
    "المشروع الحضارى" ، ولو من باب النظر فى "حكمة" أخرى قد تقع لها ، فتجد فيها
    "ضالتها" ، بصرف النظر عن مصدرها! وقد أضاعت ، بسبب انغلاقها هذا على هواجسها
    "الأمنية" المتناسلة وحدها ، كل فرصة لتدبر شئون الحكم خارج هذه السايكولوجية
    المعكرة ، فعجزت حتى عن الخلود ، بمحض إرادتها ، إلى مراجعة واجبة ، تستبعد ما
    قد يكون ثبت خطؤه مع الزمن ، أو سقط بالتقادم ، وتستصحب ما قد يجود به الواقع
    الحىُّ من معطيات وحقائق لم تكن فى الحسبان.
    (3/3) من تلك الفرص الضائعة ، على سبيل المثال ، ما وفره صوت النذير ، من مختلف
    مواقع الخصومة والولاء على السواء ، بأن الأوضاع المتردية ليست وقفاً على
    الجنوب وحده، وإنما تشمل "سودان الهامش" كله ، غربه وشرقه وشماله ، وربما حتى
    وسطه ، بل حتى "خرطومه" نفسها ، أو بالأحرى "حزامها" ، على تفاوت طفيف فى
    الحظوظ ، بينما شريحة طفيلية تحسب على أقل من أصابع الكف الواحدة ، تمارس من
    الشراسة فى المراكمة الأولية لرأس المال ما كان يجرى فى أوربا قبل 500 سنة ،
    سوى أن تلك تحولت إلى مصانع ومنشئات إنتاجية هزمت الاقطاع وصعدت بمجتمعاتها إلى
    طور أرقى ، بينما هذه لا تنفك توسِعُ المال العام نهباً حتى قال المراجع العام
    أن 80 مليار دينار قد تم الاعتداء عليها من خزينة الدولة خلال العام 2002م فقط
    ، دع عنك نهبها للقطاع المصرفى ، ومضاربتها فى العملات ، والسمسرة ، وغسيل
    الأموال ، وكل ما هو غير منتج ، واستئثارها ، مع ذلك ، بالخير كله ، حتى قالت
    البيانات الداخلية والعالمية أن نسبة من يعيشون تحت خط الفقر بلغت 96% (!) بحت
    فى الحديث عن ذلك أصوت سياسيين ، وأكاديميين ، وصحفيين ، وكتاب ، وناشطى منظمات
    مدنية ، ليسوا كلهم معارضين ، بل فيهم من ابتدر الانقلاب نفسه بالترحيب، بل
    فيهم حتى من شارك فى الدفع باتجاهه ، والتخطيط له ، وتنفيذه ، وبناء مؤسساته ،
    وحزبه الحاكم!
    (4)
    (4/1) ولم يعُد خافياً ، فى هذا السياق ، أن ما أفردته النخبة "لدارفور" من
    نصيب فى "مشروعها الحضارى" هذا ، على مدى سنواته الأربع عشرة الماضية ، لا يعدو
    بضعة ترتيبات وتدابير "أمنية" لترسيخ نفوذ السلطة بفرض كيانات إدارية غريبة على
    الاقليم ، وإضعاف إداراته الأهلية بدلاً من ترشيدها ، واستغلال تباينات قبائله
    إثنياً وديموغرافياً ، وحراكات النزوح العشوائى غير المنظم عبر الحدود ، وخلخلة
    الأعراف التى تشد أعمدة تلك الحياة البدوية ، وهياكلها ، وبنياتها ، مما لا
    يجرؤ على استهدافه بمثل هذه الجزافية سوى متجانف لهلكة. أما فى ما عدا ذلك فقد
    ترك الاقليم تحت رحمة التدهور البيئى ، بفعل الجفاف والتصحر ، وشح مصادر المياه
    ، والضيق المتزايد فى الرقعة الزراعية والرعوية ، والاختلال فى الكثافة
    السكانية والحيوانية ، والصراع حول ملكية الأرض وحيازتها بين المزارعين ،
    ومعظمهم من "الفور" و"الزغاوة" و"المساليت" و"التاما" المدقعين ، وبين الرعاة ،
    وأغلبهم من "العرب" المقتدرين نسبياً ، أو ، بالأحرى ، الاعتداءات المتواصلة
    التى لا تخلو من شبهة السند الرسمى فى الذهنية الاجتماعية العامة ، من جانب
    مليشيات العرب "الجنجويد" على أولئك المزارعين ، قتلاً وسبياً ونهباً ، ثم جاءت
    ، من فوق ذلك كله ، تجارة السلاح غير المرخص ، ضغثاً على إبالة ، لتكشف عجز
    الدولة الكامل عن إطفاء حرائق الصراع القبلى التى أشعلتها بسياساتها العوجاء ،
    وخططها التى غابت عنها التنمية تماماً ، من جهتى الموارد البشرية والاستثمار
    المادى. حتى "طريق الانقاذ الغربى" الذى دفع فيه مواطنو الاقليم دم قلبهم زيادة
    فى سعر سلعة السكر ، وعلى مدى سنوات متطاولة ، أضحى "أحجية" ماسخة يتناقلها
    رواة "الفشل" حيناً ، ورواة "الفساد" حيناً آخر ، ورواة "مطل العدل الحكومى"
    حيناً ثالثاً.
    (4/2) قد يقول قائل إنه ليس من الانصاف تحميل الحكومة القائمة كل هذه الأوزار ،
    فكثير منها مما يندرج ضمن تركة الحكومات السابقة ، وبخاصة خراقة التدابير التى
    أطلقت يد المليشيات الحزبية فى تلك البقاع إبان الديموقراطية الثالثة ، علاوة
    على استباحتها من جانب النزاعات المسلحة التشادية الليبية تارة ، والتشادية
    التشادية تارة أخرى ، وما إلى ذلك. وهذا كله صحيح. على أن استمراره ، بل
    استفحاله وتفاقمه والعجز عن مجابهته ، وعلى مدى أكثر من عقد من الزمان ، من
    جانب سلطة كانت ، فى الأصل ، قد جعلت منه ، بالذات ، بوَّابة لانقلابها ،
    يجعلنا نعمد إلى فتح الجرح على آخره ، ذمَّاً ، على الأقل ، "للتفريط" المفضى
    "لانتقاص الأرض من أطرافها" ، واستجابة "لنصيحة" الفريق أول ركن أبراهيم سليمان
    "بألا نمسح الدهن فوق الصوف"!
    (4/3) كان طبيعياً أن يحفر ذلك كله أخاديد عميقة من المرارات فى النفوس ، ومن
    الشعور بالظلم والغبن والضغينة والبغضاء ، مما أفضى "بالفور" للتسلح ، بدورهم ،
    والتمترس فى سفح "جبل مرة" ، للانتقام ، فى البداية ، لمقتل ذويهم وحرق قراهم
    ونهب ممتلكاتهم الشحيحة. لكن حركتهم ، تماماً كما فى الحكاية الأفريقية
    المأثورة من بيافرا إلى جنوب السودان ، سرعان ما تسيَّست تحت قيادة نفر من
    أبنائهم أعلنوا عن بعض الاجراءات ، على رأسها تكوين "حركة تحرير دارفور"! هكذا
    انبجس دِمِّلٌ جديد فى خاصرة الوطن ، الله وحده يعلم متى وكيف سيبرأ!
    (5)
    (5/1) لقد توفر للحكومة ، لو كانت تصغى دون هواجس أمنية أو تنظر بلا غشاوة
    حزبية ، ما لا حصر له من التحذيرات والتنبيهات ، يسطع منها الآن فى الذاكرة
    تنبيه الأستاذ أحمد أبراهيم دريج ، زعيم التحالف الديموقراطى ، عبر الفضائية
    السودانية قبل شهور طويلة لما سيحدث فى دارفور عمَّا قريب! وكذا حديث الأستاذ
    محمد أبراهيم نقد ، السكرتير العام للحزب الشيوعى لصحيفة "البيان" ، فى الحوار
    المشهور الذى أجرته معه من مخبئه قبل شهور أيضاً ، حيث دعا "لمشاكوس أهلى" ولو
    على سبيل البروفة "لمشاكوس دارفور" منهياً دعوته بقوله: "ولا أمزح"! وإلى ذلك
    حديث المثقف الدارفورى المستنير والمستقل الأستاذ عبد الله آدم خاطر بصحيفة
    "الرأى العام" السودانية فى 1/10/2002م عن البنية المعزولة التى أسسها
    الاستعمار وعززتها قوى الهيمنة المركزية على سياسات "فرق تسد ـ حفظ الأمن ـ
    التبعية للمركز" دون النظر باهتمام لمبدأ "التنمية أولاً"! ثم ها هو الأستاذ
    الفاتح التيجانى ، الذى لا يستطيع أحد أن "يتهمه" بمجرد التعاطف مع أحزاب
    المعارضة ، يقول ما ظلت تقوله نفس هذه الأحزاب منذ أن كانت تحضر لعقد المؤتمر
    الدستورى الجامع فى أغسطس من عام 1989م ، والذى قطع الانقلاب الطريق أمامه ،
    وذلك من موقعه المستقل أيضاً: "مشكلة السودان لا يحلها إلا مؤتمر جامع يضم كل
    أصواته وجهاته واتجاهاته ، يعكف على توصيفها وتشريح أسبابها .. ووصف الدواء
    الذى لا بد أن يتجرعه الجميع" (الرأى العام ، 2/3/2003م).
    (5/2) ولكن الحكومة استعصمت ، للأسف ، بأوهامها حول نفسها ، وشكوكها فى سواها،
    فسدَّت أذناً "بطينة" وأخرى "بعجينة" ، حتى ألفت نفسها ، بل والوطن كله ، فى
    مصيدة مشاكوس وكارن. ثم ها هو الوضع ينفجر فى دارفور من باب "السياسة" ، هذه
    المرة ، وليس مجرد "النهب المسلح" ، وقد شهد بذلك مسئولون نافذون فى السلطة وفى
    حزبها الحاكم ، وقد لا يكون آخرهم اللواء محمد عطا ، نائب مدير جهاز الأمن
    الوطنى الذى ربط بين حركة الجبل وحركة قرنق (أخبار اليوم ، 6/3/2003م)، وكذلك
    السيد عبد الرحمن داؤود عبد الرحمن ، رئيس اللجنة الاقتصادية بمعتمدية الخرطوم
    الذى أكد أن حركة الجبل "تمرد حقيقى ومنظم على شرعية الدولة ، وليس مجرد نهب
    مسلح" (أخبار اليوم، 9/3/2003م).
    (5/3) على أن ثمة خشية جدية من عودة الحكومة لمعالجه الوضع بمناهج "البصيرة أم
    حمد" التى قال لها قومها ، فى الحكاية الشعبية ، إن العجل حشر رأسه فى إناء
    "العجين" الفخارى ولا يستطيع إخراجها ، فنصحت بقطع رأس العجل ، وبعد أن فعلوا
    "فوجئوا" بأن المشكلة لا تزال قائمة ، فنصحت بكسر الاناء (!) فهل ، تراه ، سيدى
    الفريق أبراهيم ، تبقى "صوف" لكى نمسح عليه "الدهن"؟!
    (إنتهى





















    http://www.aboutsudan.net
    http://www.alsudantoday.com
    http://www.ALSUDANTODAY.NET
    http://www.ANCIENTSUDAN.COM
    http://www.BAKRIABUBAKR.COM
    http://www.BAKRIABUBAKR.NET
    http://www.bayanit.com
    http://www.berberpaper.com
    http://www.BIZSUDAN.COM
    http://www.CALL2494LESS.COM
    http://www.cheaprepaidphonecards.com
    http://www.DISCOVERSOUTHSUDAN.COM
    http://www.E-BOOKSUDAN.COM
    http://www.EKHARTOUM.COM
    http://www.electronicsudan.com
    http://www.electronicsudan.net
    http://www.factsaboutsudan.com
    http://www.factsaboutsudan.net
    http://www.funsudan.com
    http://www.go2sudan.com
    http://www.gosouthsudan.com
    http://www.historyofsudan.com
    http://www.historyofsudan.net
    http://www.internetsudan.com
    http://www.jobsinsudan.com
    http://www.jubanews.com
    http://www.jubanews.net
    http://www.jubatimes.com
    http://www.khartoumpress.com
    http://www.khartoumtimes.com
    http://www.khartoumtimes.net
    http://www.khartoumtimes.org
    http://www.khartoumtoday.com
    http://www.khartoumtribune.com
    http://www.khartoumtribune.net
    http://www.lostboysofsudan.net
    http://www.ndasudan.org
    http://www.newkhartoum.com
    http://www.nilevoice.com
    http://www.seesudan.com
    http://www.soutelniel.com
    http://www.soutelniel.net
    http://www.southsudanair.com
    http://www.southsudanairways.com
    http://www.southsudandaily.com
    http://www.southsudanews.com
    http://www.southsudantimes.com
    http://www.southsudantoday.com
    http://www.southsudantv.com
    http://www.sudan-daily.com
    http://www.sudan-info.com
    http://www.sudan-times.com
    http://www.sudan-today.com
    http://www.sudanclip.com
    http://www.sudanclip.net
    http://www.sudanculture.net
    http://www.sudandailynews.com
    http://www.sudaneseonline.biz
    http://www.sudaneseonline.info
    http://www.sudanewspaper.com
    http://www.sudanfood.net
    http://www.sudangate.info
    http://www.sudanheadlines.com
    http://www.sudanheadlines.net
    http://www.sudanhosting.com
    http://www.sudaninformation.net
    http://www.sudanit.com
    http://www.sudanjournal.info
    http://www.sudanjournal.net
    http://www.sudankids.net
    http://www.sudanlink.com
    http://www.sudanlink.net
    http://www.sudanobserver.net
    http://www.sudanonweb.com
    http://www.sudanpost.net
    http://www.sudansong.net
    http://www.sudansongs.net
    http://www.sudantonight.net
    http://www.sudanusa.com
    http://www.sudanusa.net
    http://www.sudanvoice.com
    http://www.sudanvoice.net
    http://www.sudanvoice.org
    http://www.sudanvoyager.com
    http://www.sudanvoyager.net
    http://www.tanadeyna.org
    http://www.timesofsudan.com
    http://www.timesofsudan.net
    http://www.toursudan.com
    http://www.toursudan.net
    http://www.toursudan.org
    http://www.travelsudan.info
    http://www.travelsudan.net
    http://www.visitingsudan.com

    (عدل بواسطة بكرى ابوبكر on 06-05-2010, 04:31 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de