د. منير العكش الباحث في الانسانيات: النازية ملاك رحمة قياساً بأميركا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 10:44 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-05-2003, 07:04 PM

zumrawi

تاريخ التسجيل: 08-31-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
د. منير العكش الباحث في الانسانيات: النازية ملاك رحمة قياساً بأميركا

    د. منير العكش الباحث في الانسانيات: النازية ملاك رحمة قياساً بأميركا


    بيروت ـ وليد زهر الدين






    أكد الدكتور منير العكش استاذ العلوم السياسية والباحث في مجال الانسانيات ان ما حدث بعد انفجارات 11 سبتمبر يسهم في تعرية التاريخ الاميركي الاسود الذي يحمل من الفظائع ما يمثل عارا على الانسانية.


    وقال العكش الذي كان في زيارة الى لبنان مؤخرا ان النازيين الالمان كانوا ملائكة رحمة قياسا بما يمكن ان تفعله النازية الاميركية بالعالم. واوضح ان نشوء الاتحاد السوفييتي في بدايات القرن الماضي اجل فكرة الاستعباد المطلق للمنطقة العربية على يد الولايات المتحدة.





    وأشار العكش الى ان الهلع العصابي الذي أصاب اميركا اثر اكتشاف اول حالة جمرة خبيثة بعد أحداث 11 سبتمبر استدعى الى الذاكرة الاميركية ما مارسته بحق الهنود الحمر من ابادة بالامراض والاوبئة. واكد ان التاريخ يحفظ للولايات المتحدة حكاية ابادة نحو 112 مليون هندي كانوا ينضوون في اطار 400 شعب وقبيلة في العالم الجديد وان محاولات طمر هذا التاريخ سببها الرغبة في الابقاء على اسطورة الارض العذراء.. وهذا نص الحوار:


    ـ ترتكز النازية الاميركية الى ما يمكن تسميته بمصطلح «القدر المتجلي» الذي كان المنطلق الاساسي في دخولها الحربين العالميتين الاولى والثانية في النصف الاول من القرن العشرين. كيف تطور التصاق اميركا بالنازيات الاخرى عبر ذلك المصطلح؟ وعبر أية قنوات سار «القدر المتجلي» ليعلن صلة القربى باستيلاد النازية الالمانية من خلال المصطلح الاخر الذي افرزه آنذاك تحت عنوان «المجال الحيوي الاميركي»؟


    ـ في القرن التاسع عشر صار المعنى الاسرائيلي للامة الاميركية يتمحور حول التوسع باتجاه الغرب وبسط السيطرة على جيران كنعان «وراء النهر» الميسيسيبي: المؤابيين، الحثيين، الاموريين، الفرزيين، الحويين، اليبوسيين، الصيدونيين، المديانيين وبني اسماعيل الذين اسرعت اليهم العناية الالهية، فأنبتت في رؤوسهم الريش، وسمتهم جميعاً بالهنود واعطت ارضهم وارواحهم لشعب الله. كل هذه الشعوب الهندية وراء النهر كانت تضم بين جنباتها مهاجرين او لاجئين من هنود كنعان الجديدة، وكان معظمها متحالفاً مع البريطانيين ومطمئناً الى وعودهم وصداقتهم، ولم يكن يدور بخلد فرد منهم أنه سيعرف شعب الله على قاب قوسين او ادنى من رقابهم.


    لم يبدأ التوسع باتجاه الغرب الا بعد ان اشترى الرئيس جفرسون اراضي لويزيانا من نابليون عام 1803. فهذا التملك ضاعف مساحة الاراضي التي يستعمرها الانجليز ووفر له سترونغ مهمة العمل على جبهتين: ففي الجبهة الاولى يغدق الله على شعبه الجديد، العرق الانغلوسكسوني، كل ما يحتاج اليه للامساك بهذا المصير، ويهييء الميسم الذي سيدفع به «ظهور» شعوب الارض وفي الجبهة الثانية يسخّر الله من يعد «ظهور» شعوب الارض لتدفع بهذا الميسم 0112 «طبعاً، ان فكرة العرق الانغلوسكسوني كذبة لا يعترف بها علم الاعراق. وكل الذين أسسوا لها عرقياً كانوا يشيرون الى ذلك الخليط المهجن للجماعات البشرية التي تسكن الجزيرة البريطانية من الجرمان والسلت والفا يكنغز.. ثم عمموه ـ زنبورياً ـ على تلك الاخوة الضبابية لناطقين بالانجليزية من البيض.. فقط».


    وكان دخول اميركا الحربين العالميتين اوسع معبر الى قدر اميركا المتجلي وراء البحار لدمغ ظهور البشرية بدمغة الانغلوسكسون الحضارية، او ما صار يسمى في الاصطلاح الاميركي بالنظام العالمي الجديد. وكالعادة في كل حرب، فان الرئيس الاميركي «وكان يومها وودرو ولسون» خرج على مواطنيه ليعلن عن ظهور مجاهل جديدة ووحوش حددهم «الهون الذين خلقوا الشيطان»، وليقول انه لم يورط ابناء الولايات المتحدة في الحرب الا للدفاع عن الحضارة ضد الهمجية وللدفاع عن «طريقة الحياة الاميركية».


    وفي الحرب العالمية الثانية ايضا اعلن الرئيس روزفلت لمواطنيه ان اميركا تدخل الحرب من اجل انقاذ العالم، ودفاعاً عن الحضارة، وعن طريقة حياتها.


    خلال الحربين كان السياسيون ونجوم السينما والاذاعات والصحف و«الشوبز» كلهم يمجدون الدور الاميركي «الخلاصي» ويركزون على الاختيار الالهي ووحدة المصير الانغلوسكسوني وارتهان مصير الانسانية كلها لمصير العرق الانغلوسكسوني المختار، كما عبر عن ذلك رينهولد نيبور في مقالته «المصير والمسئولية الانغلوسكسونية «قبل قصف هيروشيما وناغازاكي بالقنابل النووية، وتدشين عصر الابادة من السماء «الفضاء».


    ـ كيف يمكن الربط بين تلك المقومات التي انطلقت منها ولادة النازية الاميركية وبين استمرار ممارساتها الاجرامية الجماعية حتى التاريخين الحديث والمعاصر «الحالي»؟ ما دور ذلك في «انتفاضة الهلع» التي دمرت نفسيا «المارد» الاميركي؟ لماذا استخدام الرقم 112 عند الحديث عن دمغ ميسم اميركا شعوب الارض؟ ـ تكاد الامثلة والشواهد على ذلك الربط لا تحصى وأتوقف عند الاسباب التاريخية للذعر الذي استشرى في الجسد الاميركي كالطاعون بعد احداث 11 سبتمبر، بسبب ظهور حالة «الجمرة الخبيثة» انذاك. فلكي يفهم المرء هذا الهلع العصابي الذي اصاب اميركا مع ظهور هذه «الجمرة»، عليه ان يكون «زنبوراً».


    والزنبور «دبليو. ايه. اس. بي» اصطلاح مؤلف من الحروف الاربعة الاولى لاربع خصال عرقية واخلاقية استثنائية تميزت بها العثرة الارستقراطية «المختارة» التي اطلقت فكرة اميركا، وصنعت تاريخها، واسست اساطيرها، ففي كل الطبقات الجيولوجية لذاكرة هؤلاء الزنابير «البيض، الانغلوسكسون، البروتستانت» مناجم غنية بمشاهد الحروب الجرثومية. بدونها لم تكن فكرة اميركا ـ اي فكرة استبدال شعب بشعب وثقافة بثقافة ـ ممكنة، هناك علاقة استثنائية بين هؤلاء الزنابير الذين يستمدون حياتهم من نسغ الموت وبين الهلع الهستيري الذي ملأ ليلهم بكوابيس الخطيئة الاصلية لفكرة اميركا واكتشف في كل ذرة من جيولوجيا الذاكرة «جمرة خبيثة».


    فجأة رأت ذاكرة الزنابير صورتها في المرآة تطاردها اشباح 112 مليون انسان ينتمون الى اكثر من 400 «اربعمئة» امة وشعب كانوا يملأون «مجاهل» العالم الجديد بضحكة الحياة «لم يبق منهم في احصاء مطلع القرن العشرين الماضي سوى ربع مليون»، وتلوح لعينيها مشاهد 93 حرباً جرثومية شاملة أتت على حياة الملايين من هذه الشعوب. هذه الابادة الجماعية الاعظم والاطول في تاريخ الانسانية، والتي حاول التاريخ المنتصر محو ذكراها من وجه الارض، ايقظتها حالات «الجمرة الخبيثة» بكل اهوالها في مخيلة الزنابير التي بدأت ترى مستقبلها في صورة ضحاياها الذين ابيدوا بجراثيم الجدري في العالم الجديد، او بمبيد الاعشاب البرتقالي وغاز الخردل، واليورانيوم المستنفد في الفلبين وكوريا وما بين الرصافة والجسر».


    ذاكرة الابادة ـ كيف استطاع الاميركان طمر هذا التاريخ الاسود؟ ـ لم تعترف الولايات المتحدة ابدا بعدد «الهنود» الذين ابيدوا في الشمال الاميركي فالكتب المدرسية تؤكد ان تاريخ الانسان في مجاهل الشمال الاميركي لم يبدأ الا مع وصول الانسان الابيض في اواخر القرن السادس عشر. اما تلك القلة الضئيلة المشاغبة من المتوحشين الهنود الذين لم يتجاوز عددهم انذاك المليون فقد حفروا قبورهم بأيديهم في حروب متكافئة شفافة كانوا هم مسئولين عن اضرام نارها وحصد اضرارها، او انهم «ماتوا» قضاء وقدراً بالامراض التي حملها الاوروبيون معهم دون قصد، وفعلا فان الكتب المدرسية التي تجيش بالعواطف الانسانية تصف هذا الموت القدري بأنه «مأساة مشؤومة يؤسف لها»، «غير مقصودة»، «لم يكن تجنبها ممكناً»، بل هي احياناً مجرد «اضرار هامشية تواكب انتشار الحضارة».


    الارقام الرسمية لم تتقلص وتختزل بهذه الشراسة الا لان الكشف عن حقيقة عدد سكان اميركا عند وصول الانسان الابيض سيعري اسطورة «الارض العذراء» التي اخترعها الزنابير، او «الارض الفارغة» التي نسجت من خيوطها كل اكاذيب التاريخ الاميركي.


    هناك مئات الكتب التي وضعها التاريخ المنتصر لما اسماه بالعامل الطبيعي، او بعامل الامراض، وهناك مئات الابحاث والدراسات التي تسخر من فكرة ابادة سكان اميركا بالاسلحة الجرثومية، فالجدري والتيفوئيد والخناق والحصبة وغيرها من اوبئة العالم القديم هي التي قفزت خفية الى سفن المستوطنين، ووصلت سرا الى شواطيء العالم الجديد، ثم تسللت الى ارواح الهنود في قراهم ومدنهم قضاء وقدراً.


    بهذا المنطق يؤكد التاريخ «المنتصر» ان حرب الابادة الجماعية التي افرغت العالم الجديد من سكانه، وقضت على اكثر من اربعمئة «400» شعب وامة وقبيلة كانت تنتشر في الشمال الاميركي فوق مساحة اكبر من القارة الاوروبية بنصف مليون ميل مربع، وكل ما واكب هذه الابادة من فظائع كان مجرد «مأساة غير مقصودة».


    وبهذه العنصرية التي تسللت بكل ساديتها الى مملكة الموت اقيم «متحف الهولوكست» في واشنطن على انقاض السوق التجارية لمدينة «نكن شئنكة» الهندية، وفوق رمم شعب الكونوي، الذي اباده الزنابير الغزاة في العام 1623. هنا على ضفاف نهر البوتوماك، دشن الزنابير في تلك السنة أولى حروبهم الشفافة عند مفاوضاتهم مع القبائل التي كان يعيش بعضها حيث يقام متحف الهولوكست اليوم، كان الزعيم الهندي تشيسكياك يتولى المفاوضات، وقد افتتحها الغزاة بدعوته هو وحاشيته لشرب الانخاب تعبيراً عن «الصداقة الخالدة بين الامتين».


    وكانت انخاب الانجليز، كالعادة، مسمومة، طرحت الزعيم تشيسكياك تحت اقدام مفاوضيه، وقتلت معه اسرته ومستشاريه ومئتين من حاشيته».


    ـ ألمحت الى استخدام الاسلحة الجرثومية في الابادة الجماعية التي استدعتها شروط قيام وحياة الامة الجديدة «اميركا»، وها هو التاريخ يكرر نفسه الان وان بمصطلحات وظروف وقدرات مغايرة، لا يجمع بينها الا الموت الواحد، والابادة الجماعية الموحدة، والاسلحة الفتاكة «من جرثومية وبيولوجية ودمار شامل» التي استخدمتها اميركا لنشوئها، وتقاتل العالم الان لعدم استخدامها، ربما حتى لا تتم ابادتها بالاسلحة نفسها التي قامت بها. ما دور اسلحة الدمار الشامل والأسلحة الجرثومية في قيام اميركا؟ وكيف استخدمت انذاك؟


    ـ لدينا الان اكثر من دليل على ان حصاد ملايين الارواح بعامل الامراض او بالعامل الطبيعي لم يكن طبيعياً، وان الزنابير ارادوا متعمدين، عن سابق نية ومعرفة واصرار، شن الحرب الجرثومية التي استمرت في زمن «السلم» وزمن الحرب مع المحترفين ومع الهواة وبشكل جماعي منظم تتولاه الجيوش، او بشكل فردي يتولاه المستوطنون، اما الادعاء بان ابادة 112 مليون انسان كان مجرد «مأساة مشؤومة»، «غير مقصودة»، و«اضرار هامشية تواكب انتشار الحضارة»، وان هؤلاء الذين نسبوا هذه الابادة الجماعية الاكبر والاطول في تاريخ الانسانية الى «العناية الالهية»، او الى العامل الطبيعي، هم اتقياء ابرياء، لم تكن لديهم المعرفة العلمية الكافية. فهو ادعاء يفتقر الى البراءة ويتنكر اول ما يتنكر للمعرفة العلمية.


    منذ ايام الطاعون الاسود، كان الاوروبيون يعرفون هذا السلاح الجرثومي، وكانوا في حروبهم يستخدمون «المنجنيق» في قذف جثث الموتى بالطاعون او جيف الحيوانات الموبوءة الى داخل المدن التي يحاصرونها، ومنذ السنوات الاولى للحج الى بليموث، اعترف الحاكم وليم برادفورد في يومياته بان هداياهم من الاغطية الملوثة بجراثيم الجدري هي السبب في انتشار هذا الوباء بين الهنود.


    في اواخر ما يسمى بالحرب الهندية الفرنسية ظهرت اول وثيقة دامغة تثبت استخدام الزنابير للسلاح الجرثومي عمداً، وتؤكد ان ابادة الهنود بالسلاح الجرثومي كانت سياسة رسمية، ففي سيناريو كلاسيكي منقح لقصة تسميم الزعيم تشيسكياك ومن معه بأنخاب «الصداقة الخالدة» على ضفاف نهر البوتوماك، كتب القائد الانجليزي العام اللورد جفري امهرست «عام 1736» امراً الى مرؤوسه الكولونيل هنري بوكيه يطلب منه ان يجري مفاوضات سلام مع الهنود ويهديهم بطانيات مسمومة بجراثيم الجدري: «لاستئصال هذا الجنس اللعين».


    وقد اجاب بوكيه لاحقاً: «سأحاول جهدي ان اسممهم ببعض الاغطية الملوثة التي سأهديها لهم، وسأتخذ الاحتياطات اللازمة حتى لا اصاب بالمرض».


    وببطانيتين وبضعة مناديل تم تلويثها في مستشفى الجدري «كما يقول ناشرا الوثيقة فاغنر والان ستيرن». انتشر الوباء بين اربعة شعوب هندية، واتى على اكثر من مئة الف من ابنائهم وبناتهم.


    وهناك وثيقة اخرى تتحدث عن اهداء اغطية مسمومة بجراثيم الجدري لهنود «المندان» في فورت كلارك. وقد نقلت هذه الاغطية يوم 20 يونيو 1837، من محجر عسكري لمرض الجدري في سان لويس، فحصدت كذلك اكثر من مئة الف ضحية.


    وبعد حوالي 15 سنة كانت الولايات المتحدة تتساءل عن افضل وسيلة للقضاء على هنود كاليفورنيا، فمع الاستيلاء على هذه الولاية الغنية من المكسيك، وجدت فكرة اميركا نفسها امام مهمة جديدة وصفتها صحيفة «دايلي التا» «في 6 مارس 1853»، كما يلي: «ان الهنود هنا جاهزون للذبح وللقتل بالبنادق او بالجدري، وهذا ما نفعله الان».


    مع استحالة استخدام هذه التقنيات الفظة في العصر الحديث ابتكرت الولايات المتحدة اساليب جديدة للتغلب على التكاثر «الخطير» الذي رفع عدد الهنود من ربع مليون في اول القرن العشرين الى ما يقارب المليون في نهاية الستينيات، لعل ابرزها «التعقير» او التعقيم القسري.


    في منتصف سبعينيات القرن العشرين اكتشفت الطبيبة الهندية كوني اوري بالمصادفة احدى هذه التقنيات الحديثة لابادة الهنود، وكشفت عن فضيحة التعقير الاجباري لاكثر من 30 بالمئة من نساء شعب نافاهو، وكلهن دون الثلاثين.


    وقد اغمضت الدولة عينيها عن هذه الجريمة، الى ان اثارها السناتور جيمس ابو رزق، ففجأة رأت ذاكرة الزنابير صورتها في المرآة، كما رأتها بعد ظهور حالات الجمرة الخبيثة، وامتلأ ليلها بكوابيس الخطيئة الاصلية لفكرة اميركا، فكرة استبدال شعب بشعب وثقافة بثقافة».


    ـ يلاحظ ان نشوء اميركا واستمرارها مطبوع بالعنف والابادة والحروب على انواعها. وقد طبقت اسرائيل هذه المظاهر، ولاتزال ايضا انطلاقا من قيام كيانها العنصري وفق تلك الفكرة الاميركية ذاتها: «الشعب بشعب والثقافة بأخرى»، هل يبدو العنف هو الطريق الاقصر الى ترجمة هذه الفكرة ووضعها موضع التنفيذ العملي سواء في القرون البعيدة في «العالم الجديد» المكتشف «اميركا»، او قبل عقود ليست ببعيدة كثيرا في الارض العربية المغتصبة «فلسطين»؟ هل العنف هو الطريق الاستعماري والعنصري الوحيد؟ ـ مثل تلك الفكرة الاستيطانية «استبدال شعب بشعب» والعنصرية «استبدال ثقافة بثقافة» لا يمكن تحقيقها الا بطقس العنف المميت.


    هذا العنف لازم فكرة اميركا وصنع تاريخها. صحيح ان الزنابير الغزاة استخدموا اسلحة مختلفة لتحقيق فكرة اميركا، من اهمها: العمل بالسخرة، التجويع وتدمير البنى الاقتصادية اللازمة للحياة، الترحيل الجماعي القسري، الحرب الجرثومية، الحرب النفسية لتدمير معنويات الضحايا وتفريغها من معناها الانساني، الاتفاقات الملغومة، التذويب الثقافي، الاستعمار الداخلي او ما يعرف حديثاً باسم الحكم الذاتي، او السلطة الوطنية.. الا ان طقس العنف لم يفارق واحدا من هذه الاسلحة الثمانية.


    في كتابه عن نظريات الاستعمار الانجليزي، يعتقد كلاوس كنور ان الانجليز هم اكثر القوى الاستعمارية الاوروبية ممارسة وتعمدا للابادة، وان هدفهم النهائي من استعمار العالم الجديد واستراليا ونيوزيلاندا، هو افراغ الارض من اهلها، وتملكها ووضع اليد على ثرواتها خلال هذه المسيرة التي بدأت بايرلندا، ولم تنته بعد، تحكمت عقدة «الاختيار الالهي»، و«التفوق العرقي» بسلوكهم وبنادقهم.


    كانت قصص اجتياح كنعان في الادبيات العبرانية تمدهم بالاسس اللازمة لتماسك هذه السيكولوجيا الاستعلائية ولتبرير عنصريتها وعنفها المميت، وكانوا يقتلون الهنود وهم على قناعة وسعادة صوفية بانهم عبرانيون، لديهم «تفويض الهي» بقتل الكنعانيين.


    «...» والواقع ان المستوطنين الانجليز «كما يقول رونالد بينتون في احد كتبه»، برروا ابادة الهنود من خلال استعادة ادبيات الاجتياح العبراني لارض كنعان «..» وعلى قاعدة ان الهنود متوحشون عدوانيون لا تنفع معهم الا الابادة «وكأن التاريخ يكرر نفسه بين الماضي والراهن» ـ ان حرب التشويه تقوم على منطق بسيط يلخصه ريجنالد هورسمان في كتابه الرائع عن العنصرية من خلال القانون الخالد «للبروباغندا الاميركية»: «ان اغتصاب اراضي الهنود وابادتهم فضيلة انسانية «كاغتصاب اسرائيل لاراضي العرب»، اما مقاومة ذلك الاغتصاب وتلك الابادة، «كمقاومة الاحتلال الاسرائيلي»، فوحشية وشر وجريمة عقابها الموت».


    قبل مذبحة «ووندد ني» الشهيرة بأيام، كتب فرانك باوم في صحيفته ولم تكن عبقريته القصصية قد تفتحت بعد، يدعو الى الابادة الشاملة لمن تبقى من الهنود، فيقول: «ان اصحاب البشرة الحمراء قد ابيدوا ولم يبق منهم الا مجموعة صغيرة من كلاب هجينة تعض اليد التي تطعمها، ولا تتوقف عن النباح، اما البيض فانهم بحكم الغلبة، وبقضاء الحضارة اسياد القارة الاميركية وان افضل امن لمستوطنات الثغور يجب ان يتحقق بالابادة الكاملة لهذه البقية الباقية من الهنود، ان موت هؤلاء الاشقياء خير لهم من الحياة».


    وبعد ايام قليلة ارتكبوا مذبحة «وونددني» التي قتل فيها المئات من رجال شعب لاكوتا ونسائهم واطفالهم، اما الناجون فقد تعقبوهم وقتلوهم انساناً فانساناً، لا لشيء سوى ان بشرتهم حمراء ودمهم هندي، وارضهم كنعانية طيبة.


    لقد اسقط التاريخ المنتصر كل عنفه وفظاعاته الدموية على الهنود، ان مقتل مئة هندي، او حرق قرية هندية كاملة قد تحوله هوليوود الى مناسبة للضحك والتسلية، فيما هي تنسج من مجرد تلويح الهندي بيده في وجه الرجل الابيض دراما مخيفة تجعلها عنوانا للعنف والوحشية التي تؤهله للموت. وصورة الضحية في غالب الاحيان تجسد فتاة جميلة شقراء مذعورة نصف عارية تكشف عن بياضها.


    في كتابه الوثائقي «في مواجهة الغرب» يؤكد ريتشارد درينون ان الانجليز ارتكبوا جريمة سلخ فروة الرأس في معظم حروبهم... فهم الذين ادخلوا عادة السلخ الى «العالم الجديد»، وان اكثر جرائمها من صنع ايديهم.
                  

03-05-2003, 07:05 PM

zumrawi

تاريخ التسجيل: 08-31-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. منير العكش الباحث في الانسانيات: النازية ملاك رحمة قياساً بأميركا (Re: zumrawi)

    كانت عادة سلخ فروة الرأس متبعة ايام الحروب الانجليزية ـ الايرلندية، ففي اواخر القرن السادس عشر لجأ القائد الانجليزي همفري جلبرت الى قطع الرؤوس، وسلخ فروتها لاثارة الذعر في نفوس الايرلنديين وقمع انتفاضتهم «بين عامي 1567 ـ 1570» في فظاعات اقلها زرع جانبي الطريق الى مقر زعيم الانتفاضة بالرؤوس المقطوعة.


    ولقطف الرؤوس وظائف اخرى غير الزينة او فرض الهيبة، لقد استخدم في البداية للتأكد من عدد القتلى ثم سرعان ما اكتشفت اخلاق السوق فيه وسيلة للرزق فاعتمدته وطورته وجعلت منه صناعة مستقلة.


    ولعل اقدم مكافأة انجليزية على «فروة الرأس» بدلا من كامل الجمجمة تعود الى العام 1694، ففي 12 سبتمبر من ذلك العام رصدت المحكمة العامة في مستعمرة ماساتشو ستس مكافآت مختلفة لكل من يأتي بفروة رأس هندي مهما كان عمره او جنسه.


    وكان بامكان اي مستوطن عجوز ان يصطاد طفلين وثلاث نساء هنديات سنوياً ويتنعم بما لم يتنعم به جلالة الملك جيمس».


    التسلي بازهاق الأرواح ويروي شاهد عيان يدعى جون ايستون قصة اصطياد هندي عجوز لم يعد قادراً على المشي فيقول: لقد تسلى الجنود بتعذيب هذا العاجز لاكثر من ساعة، ثم قرروا ان يقتلوه، بعضهم ارتأى اطعامه للكلاب، غير ان الرحماء منهم انتصروا في النهاية، واكتفوا بقطع رأسه».


    وفي العام 1968 عندما اقتحمت قوة اميركية شبه جزيرة «باتنغن» وراحت تحرق القرى، وتقتل فلول الفيتناميين الفارين من اذاها قال احد القتلة: «لقد امضينا وقتا سعيداً هناك وتسلينا». وفي فبراير 1991 كانت الطائرات تطلق النار على طوابير العراقيين المنسحبين الى البصرة. وفي خبر من على متن «يو. اس. اس. رانجر» قال احد الطيارين: «لقد كنا نزجي الوقت في صيد طيور التركي». وقال اخر: «لقد تسلينا كان قتلهم اشبه بصيد السمك من البراميل..


    قبل ان يصدر رمزي كلارك وزير العدل السابق كتابه عن جرائم اميركا ضد الانسانية في حرب الخليج، كانت الفرقة الجوية القتالية السابعة والسبعين قد انتجت ووزعت كتاب اناشيد تصف فيه ما ستفعله الفرقة في «الخليج»، وتنذر هذا العربي «المتوحش القميء».. بان يستعد للابادة فيما ينتهي احد هذه الاناشيد بخاتمة تقول: «الخالق يخلق اما نحن فنحرق الجثث».


    والكتاب، كما يصفه كريستوفر هيتشنس في «الامة» خليط من السادية والغش، ومعظمه تشنيع وتشهير وشتائم بذيئة للعرب والمسلمين باعتبار انهم اعراق منحطة و«حشرات» و«جرذان» و«افاع»، وقد اعترف الجنرال نورمان شوارزكوف قائد القوات الاميركية في حرب الخليج الثانية عام 1991 والذي قام بمهمة تدمير العراق» قال في عدة مقابلات تلفزيونية بانه كان يريدها معركة فناء، واشار الى انه كان يخطط لان تكون على شكل معركة «كاناي» القرطاجية التي يطلق الطليان على موقعها الان اسم «حقل الدم».


    ... وكان وضع الدستور قد شجع على تأصير المعنى الاسرائيلي لاميركا، كما كتب صموئيل لانفدون رئيس جامعة هارفرد في رائعته: «جمهورية الاسرائيليين... نبراس للولايات الاميركية»، والواقع ان كل هذه الرائعة شرح واستطراد وتعليق وقياسات تمثيلية بين شريعة موسى والدستور الاميركي، وبين الاسرائيليين والامة الاميركية.. فاذا تعلم الناس منهم «طريقتهم في الحضارة» رفعوا من شأنهم، واذا استكبروا وابوا جروا على انفسهم الدمار والخراب «والاضرار الهامشية»، هذا نرجس الاعمى مرة ثانية يحدق في مياه النهر، فتلتبس عليه اسرائيل التاريخية باسرائيل الاميركية، وما جرى في كنعان الفلسطينية، بما يجري في كنعان الاميركية».


    ـ هل تعتقد ان اميركا اصبحت ممثل النازية بعد ان قاتلت هتلر في الحرب العالمية الثانية؟ ـ يقول واتيكين دايفس في مقالته المنشورة في اغسطس عام 1947 بعنوان «جيوبولوتيكية» الولايات المتحدة ان اميركا خاضت الحربين العالميتين لكي تحول دون وقوع مجالها الحيوي الذي يمتد من القطب شمالاً الى المتوسط جنوباً فشواطيء الصين شرقاً تحت هيمنة غيرها، لان من يهيمن على هذا المجال الحيوي يهيمن على العالم، لقد احست اميركا ان امنها اصبح مهددا عندما حاولت المانيا السيطرة على الجزء الغربي من هذا المجال الحيوي بينما حاولت اليابان السيطرة على جزئه الاخر، والواقع ان «المجال الحيوي» ليس الا الترجمة الالمانية لعقيدة «القدر المتجلي» الاميركية. وعلى الرغم من اختلاف وتباعد البيئتين اللتين صدر عنهما كل من هذين الاصطلاحين، فانهما وجهان لعملة واحدة، وتجمع المؤمنين بهما قناعات وتصرفات وعواطف ومثاليات متشابهة تدل على وحدة القوى النابذة التي اطلقتها، وهي فكرة الاختيار الالهي والتفوق العرقي والثقافي والاخلاقي.


    وبرغم التباين في اساليب تطبيقها فان اصطلاحي «القدر المتجلي» الاميركي و«المجال الحيوي» الالماني توأمان ولدا من رحم واحدة لا يفرق بينهما الا التنافس على احتكار مفهوم الاختيار، ان اسطورة مكيدة «اسرائيل» بابيه الاعمى لاغتصاب هذا الاختيار من اخيه «عيسو» «الذي تزعم الاساطير انه جد العرق الابيض» استحكمت بمعظم حروب الالمان والانغلوسكسون في القرن الماضي.


    كلا الاصطلاحين اعتمد بشكل او بآخر فكرة النماء الطبيعي فالمانيا النازية واميركا كلتاهما آمنت بالحاجة الحيوية لنماء الدولة، وبررت الغزو والتوسع انطلاقاً من ذلك، كلتاهما ساوت بين البقاء وبين التوسع انطلاقا من النظرية التطورية، البقاء للاقوى «ان اصرار الاميركيين على تجريد العرب من اي قوة لا يمكن فهمه الا في هذا الاطار».


    كما انهما «المانيا النازية واميركا» آمنتا بأن الاكتفاء الذاتي الاقتصادي يحتم توسع الدولة، وان النماء الاقتصادي يتوقف على نماء المجال الحيوي.


    كلتاهما اعتمدت ايضا على استراتيجية جيوسياسية تؤكد على صلاحية الامتداد المستمر للمجال الحيوي.


    انهما تؤمنان بفكرة انحطاط قوانين واخلاق الشعوب الاخرى وضرورة عدم احترامها عندما تتعارض مع حقها في النماء والتوسع.


    ـ هل تعتقد ان وجود الاتحاد السوفييتي كان رحمة للامة العربية؟


    ـ نعم.. لقد كان من رحمة القدر بالشعوب العربية ان نشأ الاتحاد السوفييتي في بداية القرن وشكل قوة ردع للنازية الاميركية، الامر الذي ساعد على تأجيل فكرة الاستعباد المطلق لهذه الشعوب او ابادتها لاكثر من 75 سنة، ان كل ما نراه منذ انهيار الاتحاد السوفييتي الى الان من تدمير وسائل الحياة ومقومات البقاء، ومن احتلال مباشر وغير مباشر، ومن سيطرة على القرار السياسي والمالي والعسكري المصيري لمعظم عواصم العرب، ومن تورط كثير من انظمة الاستعمار الداخلي العربية في حرب الابادة الاميركية، ومن ظهور مؤسسات اعلامية وثقافية ودينية، لم يعد لها من هم إلا تزيين وجه الذئب «مع ابادة اكثر من مليوني عراقي وفلسطيني خلال العقد الماضي» سيجعل الناجين من امتنا، عاجلاً او آجلاً، يتأكدون من ان ادمي «الاكثر دموية»، النازيين الالمان كانوا ـ مقارنة بالنازيين الاميركيين ـ أرحم من «ملائكة الرحمة».

    Albayan Newspaper
    Bayan Alarbaa
    03-05-03
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de