ليست هناك حرية بدون وجود ولا وجود بدون حرية لأن الحرية والوجود متلازمان ولا يستطيع الإنسان أن يصل إلى حريته دون الوصول إلى حرية الآخرين ، كما أن الإنسان يقوض حريته ويهدمها متى حاول الإعتداء على حرية الآخرين وهذا ما تؤيده الشرائع السماوية والوضعية ، فالفلسفة الوجودية المؤمنة تؤكد أن الإنسان الذي يظلم الآخرين ليس حراً لأنه يخلق جواً من الظلم يفقد حريته. فقضية الإنسان الكبرى هي الحرية في جوهرها وما زالت تطرح إشكالات حادة على كافة الصعد والنظريات منذ الأزل وما أنفكت معارك الحرية والديمقراطية تتغلغل في الأدب والفن وتتخذ معاني أكثر عمقاً وشمولاً. ولا يمكن فصل الحرية والسياسة لأنها نتاج فلسفة الحكم وممارساته ومن ثم فإن أزمة الحرية تنبع من أزمة النظام الحاكم. ومن أسمى مظاهر حرية الإنسان ووجوده هي حرية القلم وهي بكل أسف تعيش أسوأ حالات القمع والتشريد لتعارضها مع فلسفة الكثير من أنظمة الحكم القائمة على إستلاب الإنسان وتشويه قيم الحق والعدل التي ينشدها. وكذلك الحال بالنسبة لحرية الصحافة والتي تعيش هي الآخرى أسوأ حالاتها وتعاني من الرقابة الصارمة لأنها لسان السلطة وجهازه الإعلامي ومن ثم لابد من أن توجه بإحكام في إطار النهج السياسي . والثقافة هي الأخرى مستهدفة على إعتبار أنها تمثل الحاجة العليا للأمة وما يؤسف له أنها بدلاً من أن تساهم في الوعي السياسي والإجتماعي كانت تكرس الإذلال والإستعباد. الحرية لا يمكن أن تكون مبدأ نحسه في لحظات الأنا بل هي واقعة نعيشها في لحظات إهتمامنا بالعالم وإنشغالنا بالآخرين لأن الإنسان لا يمكن أن يشعر بوجوده إلا في علاقته بذلك ينكره ويعارضه بمعنى آخر أن المرء هو الموجود الذي يملك أن يعي ذاته دون أن يعي ذوات الآخرين. والحياة البشرية تظل معارضة مستمرة للذات من أجل الإتجاه نحو الآخرين مما يزيد من الإحساس بالوجود لأن الوجود الإنساني وجود إجتماعي والتاريخ البشري صراع طويل للوصول إلى غايات إعتراف الآخرين بحرية الذات وإستقلالها. وللحرية في الدين الإسلامي مكانتها السامية، حيث أطلقها هذا الدين الحنيف حتى في اختيار عقيدة الإسلام كما نصت على ذلك الآية الشريفة (إنا هديناه السبيل إما شاكرا و إما كفورا) والتاريخ الإسلامي مليء بقصص الحرية الواسعة الأبواب في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم غير أن استلام الطواغيت لزمام الحكم في الدولة الإسلامية وكز على كل متنفس لهذه الحريات التي حباها الله تعالى بني البشر وظلت هذه المفردة حبيسة بين ملفات القراطيس والكتب، وأصبح الحديث عنها ضرب من الجنون نظرا للنتيجة التي تؤول إليها من القمع والتشريد والقتل الجماعي ، و...
الدرس المستفاد من الحرب ضد العراق وأيضا في أفغانستان وتغيير النظامين بالقوة هو أن حرية الشعوب وليس غيرها هي الركيزة التي يجب أن يقوم عليها أى بناء لأى دولة .
نعم اخي الملا عمر قلت فأوجزت فأصبت الطائر الحبيس لا يغرد و الشعب الحبيس لا يقاتل أولئك المجانين كانوا يريدون منا أن نقاتل !! ويحهم .. هل أقاتل دفاعا عن جلادي ؟ هل أثبت له عرشه ليضاعف اضطهادي ؟ هل يعقل أن أقاتل و أنا مقيد بالاصفاد ؟ الوطن هو الحرية فإذا غابت الحرية فلا وطن و لا مواطن الظالم من بني جلدتنا أسوأ من الظالم الغريب لأن الشر لا ينتظر من القريب و من يقتل أخاه و عمه و أمه أخس ممن يقتل غريمه البعيد . أتفق معك تماما في كل ما قلت فهذا منطق سليم و مقال حكيم .
12-15-2003, 11:11 AM
almulaomar
almulaomar
تاريخ التسجيل: 07-08-2002
مجموع المشاركات: 6485
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة