|
ليس حشفاً في الكيل يا سعادة الوزير جمال إبراهيم
|
المغيظ في حشف الإنترنت !
جمال محمد إبراهيم *
إن أكثر ما يغيظ هو الهجوم عن جهل ، و النقد بلا مبرر، و أخذ الناس بالشدة بلا مسوغ !
يسؤني أن أتناول قلمي لأدفع عن نفسي أذىً ،جاءني ممن قذف نحوي حجارة وهو لا يعرف لمه يرمي ،ولا أي حجر ٍ قذف ، ولا أيّ أذى ً سبب. أحمد للإنترنت أنها أعطتنا مساحة من الحرية المطلقة ، و لكن حتى الصحافة الإلكترونية ( وأعرف الأستاذ بكري أبوبكر و أعرف موقعه سودانيزأونلاين ، وأقدره كثيراً) تراعي - لصون مصداقيتها و رصانة بضاعتها - أن تضبط إيقاع ما تنشر بأقل ما يسيء لهذه الحرية ، وأن لا يكون في الذي ينشر سفهاً مؤذياً لأناس يشار إليهم بالإسم كاملا ، دون ترو ٍ يتيح الإستبانة ، أو تمهل ٍ يفضي إلى موضوعية في التناول .
لا أعرف شخصياً ولا تعرفني ،هذه الأستاذة التي تناولت قلمها و شرعت في هجوم عنيف على من سمتهم "نخب الإنقاذ" ، ثم أشارت إلى أسماء بعينها في وزارة الخارجية ، بينهم وزير الدولة على أحمد كرتي ، ووزير الدولة السماني الوسيلة ، و السفير جمال محمد إبراهيم الناطق الرسمي السابق بإسم وزارة الخارجية (2005-2006) و سفير السودان الحالي في لبنان ، و السفير علي الصادق الناطق الرسمي الحالي بإسم وزارة الخارجية . و للعلم فإني أورد هذه الأسماء كاملة مع وصف للمهام ، وهو وصف من عندي ، و ليس من عند الكاتبة الحصيفة التي منحت في مقالها الأستاذ علي كرتي درجة الدكتوراة ، وألحقت بالسماني لقب الوزير كاملاً وهو وزير دولة بالخارجية ، ولم تشأ أن تلحق بإسمي أنا أو إسم علي الصادق لقبنا المهني ،ونحن سفيران بوزارة الخارجية منذ زمن . إذ أنا سفير مهني منذ عام 1998 بخبرة تزيد عن ثلاثين عاما في العمل الدبلوماسي ، وعلي الصادق سفير مقتدر ترقى لهذه الدرجة الوظيفية منذ أكثر من أربعة أعوام .
ولا تعجب عزيزي القاريء ، فجهل الكاتبة ، وإغفالها ذكر وصف الوظائف لمن شاءت أن تشن هجومها عليهم ، يعكس أيضاً جهلا ً بأمور عدة :
أولها : أن الحكومة الحالية في السودان إسمها ووصفها هو "حكومة الوحدة الوطنية "، ومعروف أنها تشكلت وفق دستور انتقالي ، صيغ إثر توقيع إتفاقية السلام الشاملفي يناير 2005 ، وهي الإتفاقية التي أنهت الإقتتال الذي امتد لأكثر من عقدين في جنوب السودان . فالدقة تقتضي أن نسمي الأشياء أسماءها . نحن نتحدث عن حكومة وحدة وطنية ، رئيسها من شمال السودان و نائبه الأول من الحركة الشعبية التي وقعت اتفاقية السلام الشامل ، و مساعد رئيسها قائد أكبر الفصائل التي كانت قد تمردت على الحكومة المركزية في دارفور . الحديث عن حكومة " الإنقاذ " إذن ، لا يعكس دقة في التناول ولا موضوعية في الصياغة والطرح .
ثانيها : أن الكاتبة ذكرت أن هؤلاء الذين سمتهم في مقالها لا يصنعون الأحداث ولا يحلون مشاكل السودان ! ومن قال لهذه السيدة أن ناطقاً بإسم وزارة أي وزارة ، منوط به حل المشاكل و المعضلات في بلاد السودان ؟ وزارة الخارجية بحكم اختصاصها هي صوت البلاد الخارجي و تتحدث بلسان الحكومة وسياساتها في الساحات الإقليمية والدولية ، و مع كامل تفاعل العاملين فيها مع كل معضلات الوطن ، لكن ليس من اختصاص وزارة الخارجية أن تحل مشاكل المعاشيين وذلك اختصاص لهيئة حكومية معروفة ، أو المرضى في المستشفيات وتلك مهمة وزارة الصحة ، أو أوجه الصرف العام وذلك من اختصاص وزارة المالية ، أو إحقاق العدل وتلك مهمة وزارة العدل . الناطق بإسم وزارة الخارجية ينطق بمواقف السياسة الخارجية للسودان فما علاقته بأي "إخفاقات داخلية " حسب رصد الكاتبة الهميمة ، سواءا تتعلق بالمعاشيين أو بمستوى المعيشة في البلاد أو باليخت الرئاسي؟
ثالثها : هو اتهام من أسمتهم "الإنقاذيين" ، بأنهم يتهافتون على وزارة الخارجية لنيل مغانم ، أو الهروب خارج البلاد بحجة التحضير لدراسات عليا ! لا أحكي عن الآخرين ، و لكن لمعلوماتك أيتها الأستاذة الصحفية - والتي لا أعرف أين تقيم ، في السودان أو خارجه - أنني وطيلة عملي الدبلوماسي في وزارة الخارجية لم أنجح حتى الآن في أن أكمل تشييد منزل يأوي أسرتي الصغيرة في مدينة العودة وأنا موظف في الوزارة لما يفوق الثلاثين عاما . وحين توليت مهمة النطق الرسمي كان جل عملي في إطلاق التصريحات وإنجاز المقابلات الإذاعية و التلفزيونية ، يتم عبر جهاز موبايل أهدانيه صديق . و لعلمك أن صوتي الذي كان يخرج للبي بي سي و راديو فرانس و إذاعة الجزائر الوطنية وإذاعة البحرين وكل فضائيات دبي ولندن ، كان يخرج من موبايلي الشخصي وببطاقة مدفوعة القيمة مسبقاً ومن جيبي أنا لا من جيب وزارة الخارجية !، أما سيارة جياد الصغيرة برقم ةحكومي فقد كنت أتولى نصف تكلفة وقودها شهريا من ميزانيتي الشخصية . نحن لا نتكالب لمنفعة شخصية ، إنما ندافع عن انتماء لهذا البلد ، وكوننا ننتمي إليه فهذا دين الأوطان في أعناقنا ، لا ننتظر منفعة مادية من جهة أو شخص ..أو " إنقاذ " ! يؤسفني أن أحكي في أمور شخصية ، بل يؤلمني أن لا أجد سبيلا لدفع الظلم غيره !
لك أيتها الأستاذة الصحفية أن تتخذ ي ما تشائين من المواقف ، و تنتقدين ما ترينه معوجاً قصد التقويم ، و لكن هل كل المشاكل التي أسميتها مشاكل و جئت على ذكرها ، تسبب فيها أناس مثل جمال و علي الصادق !؟
نصيحتي لك أن تأخذي بعض الوقت لتعرفي شيئاً عن وزارة الخارجية السودانية ، أو أي وزارة خارجية لأيّ بلد آخر، وتطلعي على مهامها ، وعلى شيء ٍ من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية و القنصلية ، وعن الدبلوماسية عموماً ، تعريفها ، دورها ، مهامها آلياتها ، والناطقين بإسمها. لو بذلت جهدا بسيطا وبحثت في ماكينة بحث قوقل الإلكترونية ، فإنك تفيدين نفسك بمثل هذه المعلومات، وتفيدين غيرك أيضاً ، وذلك قبل أن ينبري قلمك في الإنترنت قدحاً وذماً ، فإن في ذلك تضليل ما بعده تضليل . أقصاه هو أن يشعر القاريء البريء أنه مستغفل ، يُظن به هبل أو خبال ! أما عنوان مقال الأستاذة في سودانيز أونلاين ، فالأفضل أن نغضّ الطرف عن رداءة الذوق و الإختيار، فإن في شعر أبي الطيب المتنبي ما يمكن أن يُرد به عليها !
*سفير السودان في بيروت
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ليس حشفاً في الكيل يا سعادة الوزير جمال إبراهيم (Re: SARA ISSA)
|
التحية لسعادة السفير جمال محمد إبراهيم ، و شكراً لمساهته في إثراء الصحافة الإلكترونية، وتعليقي على جادت به قريحة السيد/السفير سوف يكون منصفاً له ، ورده علىّ بذلك المقال سوف يزيد من مقامه لا العكس ، ما ننشده هو الحوار ومقابلة الكلمة بالكلمة ، فقد خرق السفير الأديب الأستاذ/جمال إرث العزلة والإنطواء ، وهو يطالع ما يُكتب في صحافتنا الأثيرية ويتناول ما كتبناه بالنقد والتحليل ، هذا شيء لم نألفه في السابق ، وكما قلت هذه البادرة من الواجب أن نقابلها بالشكر والثناء ، حتى ولو كانت كلماته قاسية بعض الشيء ، لكن الرجل مكث في عمله لمدة ثلاثين عاماً ، وانا سنوات عمري لم تتجاوز ذلك إلا بقليل ، فإن لم يكن حق إحترام الخلاف في الرأي ، فمن حقه أن يجد الإعتذار الذي يليق بمقامه ، سوف أكتفي بهذا القدر حتى أتفرغ لكتابة المقال.
| |
|
|
|
|
|
|
|