|
المحاكم الإسلامية في الصومال ونهاية الأسطورة
|
لم أكن أتوقع أن تنتهي صورة المحاكم الشرعية في الصومال بهذا الشكل ، أراها الآن تتراجع وهي مهزومة وتركض نحو مقديشو بعد أن تخلت عن العديد من المواقع الإستراتيجية ، يبرر قادة المحاكم هذا التراجع بالإنسحاب التكتيكي لكن القرائن تقول خلاف ذلك ، أن مليشيات المحاكم الإسلامية المتأثّرة بالنموذج السوداني في ساحات الفداء فرّت من ميدان المعركة وهي لا تلوي علي شيء ، وهي الآن تنتظر نهايتها في مقديشو ، كنا نسمع لزعمائها وهم يتحدثون عن فتح قريب يطال الأراضي الأثيوبية ، كانوا يتحدثون عن الجهاد وينشدون الشعر ويشعرون بدنوهم من الجنة والتي لا سبيل للدخول إليها بسوي ضرب الأعناق وسفك الدماء . كانوا حريصين علي محاربة أخونهم في بيدوا ، وهذه هي معضلة الحركات الإسلامية المتشحة برداء الدين ، تجيد فن الإقتتال الداخلي ولكنها في وجه الأعداء الحقيقيين تفر مهزومة مدحورة ، بدأوا بتكميم المرأة ومنع الصوماليين من مشاهدة مباريات كأس العالم ، أقاموا حد الجلد علي أربعمائة مواطن لأنهم شاهدوا فلماً ( لشاروخ خان ) ، تمت مصادرة أشرطة الفيديو والكاسيت في محلات بدعوى حرمة الموسيقي ، طالبان الصومالية لم تراعي خصوصية التعدد في المجتمعات الأفريقية ، وإذا نظرنا إلي نموذج الدولة الطالبانية نجده بعيد المنال في منطقة الشرق الأوسط ، مهبط الوحي والديانات ، أما هذا النموذج فقد وجد طريقه في أكثر البلاد الإسلامية تخلفاً مثل السودان والصومال وأفغانستان ، المحاكم الشرعية كما تحب أن تسمي نفسها قادت البلاد من حرب إلي حرب ، وتجربتها القصيرة أنتهت بغزو خارجي وتعريض بلادهم للإحتلال ، لكن ماذا فعلت المحاكم تجاه ما يحسه هذا الشعب المنهوك من مشكلات ؟؟ فها ياتري عالجت أزمة اللاجئين في كينيا وجيبوتي ؟؟ وماذا فعلت تجاه التعليم والصحة ومكافحة الأوبئة والقضاء علي الفقر والتفكك الإجتماعي ؟؟ أعتمدت المحاكم الإسلامية علي أسلوب الإرهاب النفسي وتخويف الأعداء بالدين ، وهم يعتقدون بأن ما تعرضت له قوات المارينز في مقديشو في بداية التسعينات يُمكن أن يكون إرثاً يخيف الطامعين والغزاة ، الولايات المتحدة لم تحارب في الصومال كما أن أديس أببا ليست واشنطن ، الجيش الأثيوبي من أقوي الجيوش في أفريقيا بشهادة كل الخبراء والمتابعين ، وله طيران ضارب وخبرة عميقة في الحرب علي طريقة الأمواج البشرية ، وهي طريقة نظامية أستلهمها الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ، غير ذلك فإن أثيوبيا تحظي في حربها الآن بمباركة الإتحاد الأفريقي ، والولايات لم تخفي ترحيبها بتقدم القوات الأثيوبية المُوغل في أرض الصومال ، والمحاكم الإسلامية وقعت في خطأ آخر عندما أعلنت أن الصومال أرض جهاد مفتوحة أمام كافة المجاهدين العرب ، هذه الخطوة أفقدتها المساندة المصرية كما أعطت أثيوبيا المبرر الشرعي لإقصاء المحاكم عن الحكم ، هذه هي تجربة المحاكم القصيرة ، بدأت بمحنة وأنتهت بكارثة .
|
|
|
|
|
|