|
الصراع الداخلي في دارفور: نافذة للسلام
|
نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط
الصراع الداخلي في دارفور: نافذة للسلام
خلال الأسابيع القليلة القادمة سوف تتاح الفرصة لحكومة السودان، لأن تتخذ قرارا يشكل فرقا بين الحياة والموت، وبين الأمن وعدم الاستقرار بالنسبة لشعب دارفور.
سوف يتقدم الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بعرض مفصل للحكومة السودانية بشأن وجود قوة حفظ سلام هناك مشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وذلك لتنفيذ الاتفاق الذي توصلت إليه الحكومة السودانية في شهر نوفمبر (تشرين ثاني) 2006.
تشكل هذه البعثة جزءا مهما من المحاولات الدولية لدعم شعب السودان، من خلال المساعدة في إنهاء الصراع الذي نجم عنه مقتل ما يُقدّر بحوالي 250 ألف مدني، ودفع بالملايين للخروج من بيوتهم متجهين إلى مخيمات قذرة تفتقر إلى الموارد اللازمة لتوفير المأوى والطعام والأمن، وأدى إلى زعزعة الاستقرار بالمنطقة، ونتيجة لذلك فإن أربعة ملايين مواطن ـ يمثلون ثلثي شعب دارفور ـ يعتمدون حاليا على المساعدات الدولية من الغذاء والاحتياجات الأساسية.
وحتى منذ توقيع اتفاق دارفور للسلام في شهر مايو (أيار) 2006، دُفع بـ230 ألف مواطن آخرين للخروج من بيوتهم، ما أدى لرفع إجمالي عدد النازحين إلى ما يربو على المليوني شخص.
لكن وعلى الرغم من هذا الوضع اليائس تضطر المنظمات الإنسانية للانسحاب من دارفور، بسبب ازدياد حالة عدم الاستقرار هناك، وبسبب القيود المفروضة على تحركاتها. ورفضت حكومة السودان السماح بدخول بعثة مجلس حقوق الإنسان إلى دارفور، حيث كانت البعثة تسعى إلى تقصي الحقائق على أرض الواقع، ويتجاهل جميع الأطراف بإصرار حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على دارفور.
وقد رفضت الجماعات المتمردة من طرفها الانضمام إلى اتفاق دارفور للسلام، وهذه الجماعات مسؤولة اليوم عن غالبية أسباب عدم الاستقرار في دارفور.
لكن لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر. الاتحاد الأوروبي يدرك ذلك، كما أن الأمم المتحدة تدرك ذلك.
لذلك السبب طلب الاتحاد الأفريقي من الأمم المتحدة تولي مسؤولية حفظ السلام في دارفور، وذلك بعد أن تبين بأن بعثة حفظ السلام التابعة للاتحــاد الأفريقــي هناك لم تكن كبيرة أو مجهزة بالدرجة الكافية، لتوفير الحمـاية لمخيمــات اللاجئين والمدن والقرى في جميع أرجاء تلك المنطقة.
ولهذا السبب عمل كل من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بكل صبر مع حكومة السودان، لمحاولة معرفة أي نوع من قوات حفظ السلام بالضبط يمكن للحكومة القبول بها، لوضع نهاية لأعمال العنف.
ولذلك السبب يتعين على المجتمع الدولي أن يلعب دوره بالنظر في سبل منع تدفق الأسلحة والعنف إلى السودان ودارفور، على سبيل المثال عن طريق توسيع حظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة، والسعي لتقييد قدرة المسؤولين عن الأعمال الوحشية على ارتكاب المزيد منها.
كما يجب أن يستمر المجتمع الدولي في العمل على إعادة إحياء العملية السياسية بين الحكومة السودانية والمتمردين في دارفور، وتشجيع جميع الأطراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار. ولكي يحدث ذلك يجب على المتمردين الانخراط بالعملية السياسية بدرجة من الجدية والمسؤولية اللتين فشلوا حتى الآن بإبدائهما، كما يتعين على الحكومة السودانية الإيفاء بالتزامها بالسماح لبعثة حفظ سلام دولية فعالة ومكتملة التجهيز بالدخول إلى دارفور.
في حال تنفيذ جميع هذه الشروط قد تستطيع تلك البعثة أن تضع نهاية لسفك الدماء، واغتصاب النساء والأطفال، وسلب القرى، وعدم اليقين، وقابلية التعرض للعنف، وهو كل ما يعايشه غالبية من في المنطقة طوال السنوات الأربع الماضية.
يجب علينا جميعا، بما في ذلك الحكومة السودانية، أن نبذل قصارى جهودنا لضمان أن تتاح هذه الفرصة لشعب السودان لإحراز تقدم للأمام باتجاه السلام في دارفور والسودان والمنطقة على نطاق أوسع، وليس التراجع إلى الوراء باتجاه الصراع الداخلي.
* الممثل الدائم للمملكة المتحدة
لدى الأمم المتحدة ـ
(خاص بـ«الشرق الأوسط»)
|
|
|
|
|
|