مقال جدير بالقراءه والنقاش : الى أين تقودنا أيديولوجيا الإنقاذ الإنسدادية؟د. أسامة عبدالرحمن ا

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-14-2024, 04:25 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عصام جبر الله(esam gabralla)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-11-2005, 04:45 AM

esam gabralla

تاريخ التسجيل: 05-03-2003
مجموع المشاركات: 6116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مقال جدير بالقراءه والنقاش : الى أين تقودنا أيديولوجيا الإنقاذ الإنسدادية؟د. أسامة عبدالرحمن ا

    Quote: الى أين تقودنا أيديولوجيا الإنقاذ الإنسدادية؟المثقف السوداني والأيديولوجيا الإنقاذوية:د. أسامة عبدالرحمن النور

    سودانيزاونلاين.كوم
    sudaneseonline.com
    4/10/2005 4:17 م
    الى أين تقودنا أيديولوجيا الإنقاذ الإنسدادية؟
    المثقف السوداني والأيديولوجيا الإنقاذوية
    د. أسامة عبدالرحمن النور
    ليس هدف هذه الورقة مناقشة قرار مجلس الأمن 1593، كما وليس من أهدافها التعقيب على الكم الهائل من التحليلات والملاحظات والتعقيبات المتعلقة به والتى ملأت صفحات الصحف اليومية الصادرة في الخرطوم، أو التى قدمت من خلال الإذاعة المرئية. الورقة تسعى لاحداث قراءة للخطاب الثقافي الذى عبر عن نفسه من خلال تلك التحليلات والآراء.

    قبل أن أبدأ في محاولة تحليل ملامح هذا الخطاب الثقافي يبدو أنه قد يكون من الأفضل الوقوف عند بعض القضايا والمفاهيم التى من شأنها أن تمكننا من وضع هذا الخطاب في سياقه الصحيح. ذلك أن المفاهيم تُعد مصدراً من مصادر البلبلة في الثقافة عموماً إذ عادة ما يتم شحنها بدلالات مسكوت عنها يغلب عليها الطابع الأيديولوجي. من هنا ضرورة تحديد المحتوى المعرفي للمفهوم الرئيس هنا والمتعلق بالخطاب الثقافي والمثقف المنتج لهذا الخطاب.

    يحاول الخطاب السياسي لأهل الإنقاذ على مدي السنوات التى فرض فيها نفسه بقوة السلاح أن يقوم بدور محوري في توجيه الحياة الثقافية للمجتمع السوداني، لذا فإن أية رغبة في تأسيس مشروع ثقافي بديل تتطلب ضرورة القطع معه، وتأسيس لغة ثقافية مستقلة عنه، الأمر الذى يتطلب ضرورة بناء مرجعية تفكرية مستقلة عن هذا الخطاب، حتى يتمكن المثقف من تشكيل رؤية جادة تتجاوز اكراهات الخطاب الأيديولوجي الإنقاذوي.

    سعت سلطة الإنقاذ لفرض هيمنتها على المجتمع بكل أبعاده، من خلال مجموعة من النظم القانونية المتجسدة في مؤسسات، هذه القوانين تنبع في جوهرها من خطاب أيديولوجي تتخذه الإنقاذ مرجعية لممارستها السلطوية. في سبيل الهيمنة على المجتمع، استخدمت الإنقاذ ولازالت كل الأدوات المتاحة أمامها، والتى من ضمنها المثقف، فحاولت وتحاول توظيفه بهدف إسباغ الشرعية على أفعالها، وبالنظر لمنتج أولئك من المثقفين الذين انقادوا بوعي أو بدون وعي لرغبات الإنقاذ، نلحظ نشوء نوع من العلاقة اللا شرعية بينهما، أشبه ما تكون بزواج المتعة، فكلاهما يقترب من الآخر لغايات تبدو متغايرة، فالمثقفون المنقادون أو أشباه المثقفين، وما أكثرهم، عندما يقتربون من "الإنقاذ – السلطة" فلغرض تسويق بضاعة كاسدة تفتقد لمعايير الجودة الفكرية، في حين أن الإنقاذ تستخدمهم وتصنع منهم مفكرين لتمرير رسائلها ومشاريعها من خلالهم، في المقابل تمنح حمار نيتشه وجوداً متميزاً من الناحيتين المادية والاجتماعية.

    إن هذا النمط من العلاقة يرزح تحت وطأة مآسي زواج المتعة الذى عادة ما يكون علاقة عابرة تفتقد لشرط الأبدية، كما أنه لا يثبت فيه نسب، الى جانب أن الاقتران والافتراق لا يستلزم وجود شهود، مما يعني أنه دعارة شرعية، أو كما يسميها نيتشه دعارة تفكرية.
    يحدد لالاند مفهوم السلطة بأنه "مرادف لكلمة قوة/قدرة ... ملكة قانونية أو أخلاقية، حق القيام بشئ ما ... جسم متكون، يمارس هذه السلطة : السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية للأمور المتعلقة بحق الناس، والسلطة المنفذة للأمور المتعلقة بالحق المدني" (1). سلطة الإنقاذ أو حكومة الإنقاذ، سمها ما شئت، كلمة مرادفة للقوة والبطش، كونها الكيان المؤسساتي الوحيد، بحكم الأمر الواقع، الذى يمكن أو من حقه أن تتجلى فيه مظاهر القوة والبطش، فهى الوحيدة التى لديها حق ممارسة العنف كونها الوريثة الشرعية له، بعد أن قامت بمصادرته قسراً من أفراد المجتمع، ومن ثم تجسد فيها بصفتها الاعتبارية. تتوزع السلطة عموماً على ثلاث مؤسسات : مؤسسة تشريعية مهمتها استنباط قوانين تتماشى مع الأيديولوجيا المسيطرة، وسلطة قضائية مهمتها الحكم والفصل بالاستناد الى هذه القوانين، وسلطة تنفيذية يتعلق بها الجانب التنفيذي للقوانين، فهل تركت الإنقاذ لغيرها حق الإسهام في أي من هذه المؤسسات؟ فقط من خلال منظور كهذا يجوز مناقشة أزمة السودان، المأزق الخطير الذى وضعتنا فيه - بوصفنا "أمة سودانوية" و"قطراً أفروعربياً" و"مجتمعاً مدنياً"- الأيديولوجيا الإنقاذوية المسيطرة، لنجد أنفسنا بمواجهة بعضنا الآخر ثم لتدفع بنا الى موقف ننساق فيه كالقطيع معها لمواجهة المجتمع الدولي بسبب جرائم هى ناتج طبيعي لأيديولوجيا إنسدادية أدخلت البلاد في حالة احتراب استدعى تدخل المجتمع الدولي للمرة الثانية.

    الإنقاذ منذ مجيئها سعت بكافة الوسائل، القمعية منها والخبيثة، الى احتكار المجتمع والوصاية عليه عبر آليات تتسم بالعقلانية، وذلك لإعادة إنتاجه بحيث يتمشى مع منطقها ورغباتها، ولإنجاز هذا المطلب كانت الإنقاذ بحاجة الى طبقة متعلمة أو حتى أنصاف متعلمة تساعدها في تكريس هذه الرؤية. هكذا بدأت الإنقاذ في تفريخ تقني السلطة. أستخدم هذا المصطلح وفق التحديد الذى يقدمه لالاند .. "ما يتعلق بالطرق الفنية العلمية أو الصناعية ... يقال بنحو خاص في مقابل المعرفة النظرية التى ينظر في تطبيقاتها" (2). بهذا المعنى يتحدد التقني بصفته ذاتاً لا تمتلك أي نشاط تنظيري، يقتصر دوره على نقل النظرية من مستوى النظر الى مرحلة التطبيق العملي، مما يعني أن التقني ليس صاحب كشف نظري، من هنا فهو لا يشكل أي خطر على الأيديولوجيا الإنقاذوية، كونه وجد لخدمتها.

    لذا فإن خطاب الإنقاذ السائد لا يرحب بوجود المثقف، فهذا الأخير يحمل عادة رؤية ومشروعاً بديلاً للمشروع القائم، لهذا فإن السلطة عادة ما تسعى الى اقصائه وتهميشه، بل والى تكفيره دفعة واحدة. بالمقابل سعت الإنقاذ الى استنساخ مثقف معدل أيديولوجياً وهو ما يمكن تسميتهم "بأشباه المثقف"، تسبغ عليهم مؤسسات السلطة – الإذاعة المسموعة والأخرى المرئية ودور النشر الحكومية والصحافة التابعة – هالة من الاحترام والقدسية، حتى تتمكن من تمرير خطابها ومشروعها من خلالهم. أولا نرى تطابق سياسات الإنقاذ مع التحديد الذى يقدمه فوكو .. "إنتاج الخطاب في كل مجتمع هو في الوقت نفسه إنتاج مراقب، ومنتقى، ومنظم، ومعاد توزيعه من خلال عدد من الاجراءات التى يكون دورها هو الحد الأدنى من سلطاته ومخاطره" (3). لأجل قطع الطريق أمام أي مشروع ثقافي أو سياسي سودانوي جديد، تقوم الإنقاذ بفرض رقابة على آليات إنتاج الخطاب، بدءاً من المدرسة وانتهاءً بمؤسسات النشر وأجهزة الإعلام المسموع والمرئي، فهي المؤسسات التى تمنع رخصة شرعية إنتاج الخطاب، لذا فإن المثقف الحامل لمشروع بديل عادة ما يكون ليس فقط خارج دائرة اهتمام سلطة الإنقاذ بل عرضة لأجهزة قمعها المختلفة وما أكثرها (وهو ما أشار إليه الصادق المهدي في لقائه مع قناة الجزيرة في يوم الجمعة 8/4 الماضي).

    لا يقتصر الأمر على هذا، بل يتجاوزه الى حد إحتكار اللغة، أو ما يمكن تسميته بظاهرة تأمين اللغة الذى يقول عنه روييل .. "اننا لا نقول ما نريد، إن أيديولوجيا معينة تحدد لا فقط طريقتنا في الحديث، كذلك معنى كلامنا. إن ألفاظاً مثل حرية، وفاشية، وديمقراطية، وليبرالية تمتلك دلالات مختلفة حسب أيديولوجيا أولئك الذين يستعملونها" (4).

    وضعت الإنقاذ يدها على اللغة وصادرتها لمصلحتها، من خلال تكريسها عبر وسائل التربية والإعلام، فأصبحت دلالة أي نتاج ثقافي أو حتى سياق لغوي أدبي شعري أو روائي مثلاً رهناً بمدى إنسياقها مع لغة الأيديولوجية الإنقاذوية المفروضة قسراً، هكذا فإن أي مشروع ثقافي بديل للأيديولوجيا الإنقاذوية يبدو وكأنه خارج الشرعية لافتقاده للدلالة، كونه كلاماً غير ذي معنى، لا طائل من ورائه، هكذا تعمل الإنقاذ بآلياتها المتنوعة الى تهميشه من هذه الزاوية.

    السيطرة على الرصيد اللغوي أو ما يمكن أن نطلق عليه الرأسمال الرمزي، وفر للإنقاذ أدوات قمعية أكثر عقلانية، فبدل اللجوء فقط وفقط للعنف الجسدي (والذى لم تتخل عنه الإنقاذ)، أصبح في إمكانية الإنقاذ استخدام العنف اللغوي. فالإنقاذ جعلت، عبر فرض لغة خطابها الأيديولوجي، من ممارسة العنف ضد بعض أفراد المجتمع، بل والمجتمع ككل مبررة، فلغة الخطاب السياسي السائد تعطي المبررات لممارسته، وقدمته في صورة درء المفاسد وحماية من ارتكب جرائم بحق الإنسانية ضد أهله وعشيرته للمحافظة على جسم الدولة ومؤسساتها، وحماية السيادة الوطنية، وتقدمه اللغة الإنقاذوية ليس بصفته عنفاً، بل بصفته حرباً مقدسة.

    أصل من ذلك الى القول بأنه لا يصح مطلقاً القول بأن العلاقة بين المثقف السوداني الأصيل والإنقاذ علاقة تتسم بالاعتراف المتبادل، بل هى علاقة تنابذية، فالإنقاذ تقصي المثقف، كونه يحمل مشروعاً بديلاً، والمثقف الأصيل يرفض الإنقاذ كونها تمثل مشروعاً قابلاً للتجاوز. من هنا فإن المثقف الأصيل يتعارض مع الإنقاذ بوصفها أيديولوجيا تحاول فرض سيادتها، يقول محمود أمين العالم في توضيح هذا الفرق "الثقافة في تقديري ليست مرادفة للأيديولوجيا، وقد يكون مفهومها أكبر من مفهوم الأيديولوجيا. إن الثقافة تعني أولاً المعرفة بالمعنى الشامل للمعرفة ... الأيديولوجيا هى نسق من الأفكار والقيم والسلوك المعبرة عن مصالح طبقة من الطبقات الاجتماعية" (5). أيديولوجيا الإنقاذ لاتعبر سوى عن مصالح الرأسمالية الطفيلية التى نهبت ثروات البلاد ولازالت.

    علينا أن ندرك بوضوح حقيقة كون الثقافة ذات حدود أوسع من الأيديولوجيا، فهذه الأخيرة نسَّقية التفكر، لهذا كان التفكر فيها نشاطاً مغلقاً كل شئ فيه محدد سلفاً، في حين أن الثقافة تفكر منفتح لديه الاستعداد للتواصل مع كل مصادر الحقيقة. في المقابل لا تعترف الأيديولوجيا سوى بمصدر واحد تستمد منه الحقيقة، والمتمثل بمنطلقاتها النظرية. إن الأيديولوجيا تعبر عن رؤية ومصلحة شريحة معينة من المجتمع، في حين أن الثقافة تهتم بالإنسان مهما كان انتماءه الأيديولوجي، فالثقافة تفكر أكثر تجريداً من الأيديولوجيا.

    وأعتقد أن الجابري كان على حق عندما رسم علاقة المثقف بالسلطة ... "مع ذلك فلقد شقت الكلمة – الثقافة – طريقها لترتسم كمقولة عصرية تدل على المشتغلين بتفكرهم – لا بأيديهم – في فروع المعرفة، والذين يحملون آراء خاصة بهم حول الإنسان، ويقفون موقف الاحتجاج والتنديد إزاء ما يتعرض له الأفراد والجماعات من ظلم وعسف من طرف السلطات، أياً كانت سياسية أو دينية" (6). من هنا أفترض بأن المثقف السوداني لا يجوز أن ينال الاعتراف بصفته مثقفاً إلا بقطعه مع الإنقاذ، كونه يحمل مفهوماً مميزاً عن الإنسان السوداني بوصفه إنساناً وعن المجتمع السوداني بوصفه مجتمعاً متنوعاً ثقافياً ودينياً وعرقياً، يهدف للدفاع عنهم ضد ظلم وعسف الإنقاذ وأيديولوجيته الإنسدادية، مهما كانت انتماءات هذا الإنسان، فالقضية هنا انتماء ثقافي وليس أيديولوجي.

    في تقديري أن تدشين قطيعة معرفية مع الخطاب الأيديولوجي الإنقاذوي يعد المرتكز الأساس لأي مثقف يرى بأنه يحمل مشروعاً. في هذا أتفق مع رأي لفيف من المفكرين بأن .. "رفض الأيديولوجيا الخاصة السائدة المتعارضة مع كونية توجه المثقف. وذلك انطلاقاً من رفض وضعه كأداة لغايات لم يحددها هو. هذا الرفض الذى يضعه مباشرة في مواجهة السلطة التى صنعته. وهو الذى يحول تقني المعرفة العلمية مثقف يزج نفسه فيما يعنيه" (7).

    أقول بأن ما يكتبه أو يقوله بعض "المثقفين السودانيين" هذه الأيام بمناسبة قرارات مجلس الأمن الخاصة بالسودان تفرض علينا أن نضع الحروف في مكانها الصحيح. إن وعي المثقف لا يرتسم إلا في ظل أيديولوجيا مهيمنة يسعى من خلال نشاطه الفكري لتجاوزها، كونها تتعارض مع منطلقاته، فهى تفكير نسقي يلغي ذاتية الإنسان، في حين أن التفكير الثقافي ذاتوي، يقوم على الإيمان بالذات وتفعيلها. فالمثقف هو الإنسان النرجسي المالك لذاته، وعند انخراطه في خطاب أيديولوجي يفقد هذه الخاصة، لذا فهو في تعارض وجودي ومعرفي مع الأيديولوجيا. وأعتقد أن الخطاب المعبر عنه في الأيام الأخيرة قد أكدَّ على مثل هذا "الانفصام" حيث أصبح بعض من المثقفين، ولا أشير هنا الى أشباه المثقفين، يكتبون ويتحدثون من منطلق تفكير نسقي متسم بالانغلاق، متناسين أن التفكر يتطلب انفتاحاً وايماناً بالحقيقة سواء جاءت من مجلس الأمن الدولي أو من غيره وألا يقوموا بقياس الأشياء بمدى مطابقتها لمنطلقات الإنقاذ الأيديولوجية. من المنطقي أن يكون المثقف السوداني في هذه اللحظات الحرجة بالذات أكثر تجريداً طالما أنه يؤمن بالإنسان إنساناً، فمئات الالاف من الضحايا في دارفور وملايين المشردين هم في البداية من بني الإنسان، وهم سودانيون ثانياً، بعيداً عن أية أيديولوجيا.

    إذا اتفقنا على فرضية كون المثقف يكتسب شرعيته من خلال مواقفه، لا بالاستناد الى أيديولوجيا بعينها وما تفرزه من مؤسسات تمنح الشرعية وفق معيار القرب أو البعد عنها. وإذا اتفقنا من جانب ثان على فرضية أن الأيديولوجي أقرب ما يكون الى التقني الذى تقتصر مهمته على نقل النظرية من اطارها النظري الى تطبيقاتها العملية ومن ثم عجزه عن انجاز أي فتح نظري جديد يكون بديلاً للمشروع الأيديولوجي السائد؛ فإننا يمكن أن نقول وفق هذا المعنى، بأن المثقف مقابل للأيديولوجي، الأول يخلق رؤيته الخاصة، والثاني يتبنى رؤية جاهزة، ولا يكون المثقف مثقفاً إلا إذا حافظ على مساحة فاصلة عن الأيديولوجي، وعند انخراطه في أي أيديولوجيا مهيمنة يفقد خاصة المثقف ويتحول الى تقني. قطعاً قراءة في خطاب العديد من مثقفينا، الذين أكن احتراماً لهم ولإسهاماتهم، قد نجحت الإنقاذ للأسف الشديد في تحوليهم الى مجرد تقنيين وهذه واحدة من المآسي التى لا بدَّ من أخذها في الحسبان.

    هوامش
    ــــــــــــــــــــ

    (1) لالاند، الموسوعة الفلسفية، ترجمة أحمد خليل، منشورات عويدات، ط 1، بيروت 1996، ص. 1012.
    (2) المرجع السابق نفسه، ص. 1428.
    (3) دفاتر فلسفية: اللغة، إعداد وترجمة محمد سبيلا وعبدالسلام بن عبدالعالي، دار توبقال، الدار البيضاء، المغرب 1994، ص. 89.
    (4) المرجع السابق نفسه، ص. 92.
    (5) محمود أمين العالم، "إشكالية العلاقة بين المثقفين والسلطة"، في : المعرفة والسلطة في المجتمع العربي، معهد الإنماء العربي، بيروت 1988، ص. 397.
    (6) محمد عابد الجابري، المثقفون في الحضارة العربية محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1995، ص. 24.
    (7) سهيل القش وآخرون، المعرفة والسلطة مساهمات نظرية وتطبيقية، مركز معهد الإنماء العربي، بيروت 1989، ص. 317.
                  

04-11-2005, 04:56 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال جدير بالقراءه والنقاش : الى أين تقودنا أيديولوجيا الإنقاذ الإنسدادية؟د. أسامة عبدالرحم (Re: esam gabralla)



    www.rosaonline.net





    * صحيفة بريطانية: مفاوضات سرية لعدم اعدام صدام حسين * 500 مليون دولار من البنك الدولي لتعمير اتشية وجزيرة نياس * قريع: اسرائيل تتحمل المسئولية المباشرة عن امن وسلامة الأقصي * زلزال جديد يضرب غرب جزيرة سوماطرة الاندونيسية * سفير فرنسا في مصر: نتضامن مع شعب مصر في محنة حادثة الأزهر * عنان يفتتح اليوم مؤتمر الدول المانحة لجنوب السودان * الأردن يطلب كشفا رسميا باعلان البطريركية الارثوذكسية وعقاراتها بالقدس * وزيرة الخارجيةالامريكية تلتقي بشارون * توغل اسرائيلي في نابلس وموفاز يهدد الفلسطينيين * انفجارات ضد قاعدة عسكرية امريكية في غرب العراق * اعتقال 65 في العراق واختطاف ضابط شرطة * واشنطن تخصص اموالا لجماعات داخل ايران * فوز ريال مدريد علي برشلونة بأربعة اهداف مقابل هدفين ويقترب منه في الترتيب *




    حـــريــــــة الفوضـى ومعنى المواطنة




    هل نحن جادون فى إجراء إصلاحات حقيقية فى الوطن؟ أم سنظل على أوهامنا وأساليبنا ومناهجنا حتى نصحو يوما على المارينز يتجولون فى شوارعنا ليصلحوا لنا على طريقتهم؟ إذا كنا حقا نريد إصلاحاً فلماذا حتى الآن لا نرى سوى جعجعة بلا طحن؟ وكلام دون فعل؟ لماذا لا نرى شيئاً حقيقياً ملموساً فى إعلامنا حتى لا تنطفئ جذوة الأمل فى صدورنا فننكفئ على دواخلنا فى حالة اكتئاب وطنى، أو يستغيث بعضنا بالرمضاء فى الداخل وبالنار فى الخارج؟ ألا ترون العالم كله إلى تغير متسارع لا يرحم المغفلين ولا الانتهازيين ولا المنتفعين؟ هل نكسر أقلامنا ونمزق أوراقنا مرة أخرى يأساً من الراقدين على صدورنا لا يريمون حراكاً؟ سيدى رئيس الجمهورية يعلن أن خروج أمريكا الآن من العراق يعنى تمزق العراق، بينما أجهزتنا الإعلامية كلها تقول شيئاً آخر، سيدى رئيس الجمهورية يتحدث عن الإصلاح ويقدم فى خطوة تاريخية على الانتقال من زمن الاستفتاء إلى الانتخاب، ويضع خريطة إصلاح تبدأ بتكريس المواطنة، وإعلامنا كله فى واد آخر، يكاد يشى إما بأنه لا يفهم معنى المواطنة بطول تباعده عنها، وإما أنه لا يصدق المتغير الآتى ولا يتصور نتائجه، وإما أنه يمارس حرية الفوضى وعدم الانضباط المدمر، إن ما يصدر عنه هو رائحة جثث تعفنت لا تملك لنفسها غير ما تبثه علينا من قبورها! هل يفهم التليفزيون فى بلدى ما يجرى؟ إنه بحاله الراهن يبدو خارج أى فهم، لأن هذه كل قدراته، وليس لديه ما هو أبعد مما هو فيه، هل تفهم صحفنا القومية معنى المتغيرات المتلاحقة فى العالم، وفى شرقنا البائس؟ يبدو أنها لا تفهم ولا تريد أن تفهم، هل يفهم الأزهر؟.. إن نظرة سريعة على هذا كله تكشف أن كلاً من هذه الأجهزة يهيم فى وادى الأفاعى وأساطير علاء الدين، وأن كلاً منها لا علاقة له بالآخر، ولا بالأحداث المتلاحقة، ولا حتى بالوطن، لقد تكلس كل منها وتيبس حتى أصبح مصدرا للأذى والضرر والخرافة والتخلف، وبدا أن كلا منها فى استقلالية فوضوية عن بقية المؤسسات، فلا تعلم هل صحفنا الكبرى هى تابعة لوزارة الإعلام أم تابعة للأزهر أم لا تتبع شيئاً محدداً، ولا تعلم هل التليفزيون المصرى كيان مؤسسى فى الدولة أم هو مركز قوة خاص؟ هل كل هذه الأجهزة والهيئات كيانات منفردة يعزف كل منها نشازا خاصا كما هو حال الأزهر الذى لا نفهم بالضبط موقعه من الإعراب فى الدولة، أو كما هو حال دار الإفتاء، أو كما هو حال النظام المرورى فى شوارع القاهرة الذى يثبت مدى حرية المواطن المصرى إلى حد الفوضى القاتلة؟ هل تمارس كل من هذه الأجهزة الإدارة والعمل كل على طريقتها الخاصة؟ إن الأجهزة الإعلامية الحديثة التى تسمى أجهزة التثقيف العام، أو يفترض أنها كذلك، قد اخترعها أهل العلم، والاختراع لتحقيق مزيد من انخراط الناس فى ممارسة الدولة كلها من أجل التقدم، لكن هذه الأجهزة فى بلادنا تم استثمارها لأغراض أخرى، فسادها خطاب دينى متخلف انتكس بالعقل المصرى إلى زمن السرد الأسطورى لتجييش الناس وفق توجهات هى ضد الناس وضد الوطن وضد المستقبل، ما حدث فى بلادى كان على عكس الغرض الذى من أجله اخترع المخترعون هذه الوسائط الإعلامية، استخدم لمسح وعى الناس العقلى والعلمى وحولوا البشر إلى كائنات شرسة طائفية وعنصرية دون أى فعل منتج يرتقى بهم، علموهم الطاعة والاستغراق فى أسوأ التوجهات الدينية ليهتموا بآخرتهم عوضا عن دنياهم، وبالموت عن الحياة، وبالانتحار عن سعادة الدنيا وبهجتها المنجزة المبدعة المنتجة، وبالكراهية عن الحب والتعايش الإنسانى الراقى، فكان أن ارتدت الكراهية إلى صدورنا، فقمنا نقتل بعضنا بعضا، وقام المواطن ليضرب وطنه وأبناء وطنه بدلا عن إنجاز يرتقى ويشرفنا. لكن اليوم قد اختلف عن الأمس بالكلية ، بينما وسائطنا الإعلامية لم تدرك بعد أن هناك شيئا جديدا يحدث وأن ما تدخله مصر الآن من تحولات قد يأخذ السفينة كلها إلى بحر الظلمات، خاصة أن المعرفة بالجديد لم تعد حكرا على التليفزيون والصحف القومية والأزهر وجهاز التعليم المصرى، شبابنا يدخل الإنترنت ويطالع ويعرف ويفهم حتى لا يكون أقل وأدنى من شعوب الدنيا، رفضا للدونية واحتقارا للذات الصامتة المصمتة، لكن هؤلاء هم الأقلية الذين إذا تحركوا انفلتت منهم الحركة الواعية ليركبها الفاشيون من عروبيين وإسلاميين بفضل إعلامنا نحن، ومع الأسف وياللفجيعة أن يركب الإخوان والعروبيون شارعنا فى استعراض للقوة يثبت للقوى الكبرى فى العالم أنهم التنظيم الوحيد البديل الممكن. إن هذه الجماعات الفاشية ما كان ممكنا لها أن تركب حركة التغيير فى تظاهرات الشارع المصرى، إلا عندما مهد لها إعلام الدولة وتعليمها كل السبل وهيأها لها، وعندما يضبط النظام إيقاع الشارع على الإسلام ليحكمهم به، فإن دعاة الأسلمة فى الشارع يكونون فى نظر الناس هم جحا الأولى بلحم ثوره. لقد راهن إعلامنا عبر أكثر من خمسة عقود على مسح وعى الناس السياسى بالدين لتسكين الأحوال فى الداخل لحكم الناس بالدين عن رضى منهم وقناعة، والمصيبة الواضحة لكل ذى عينين أن كل من راهن هذا الرهان قد خسر بالعشرة، لأن الحد الآخر للخنجر قد أثبت أنه الأقوى والأمضى، فعلتها أمريكا عندما دعمت الصحوة الإسلامية دعما بلا شبيه ولا نظير فى تاريخها، فبقرت الصحوة بطنها وأخرجت أمعاءها فى مانهاتن وواشنطن، وراهنت السعودية وها هى تلملم كل يوم أشلاء أهلها أو ضيوفها من الأبرياء، راهنت الجزائر بعد بعثات الشعراوى والغزالى وبقية ميامين الأزهر، وها هى تذبح كل يوم، راهنت مصر بالإسلام على قيادة المنطقة فى منافستها مع السعودية فى الزمن الناصرى، فأعاد الحجاز فتح مصر على يد أتباع ابن عبدالوهاب ومازالت مصر تراهن رغم ضربات الإرهاب الإجرامية التى تذبح أبناء الوطن وضيوفه واقتصاده قربانا لرب لا نعرفه ولم نعرفه فى إسلامنا قبل صحوتنا الإسلامية. وتستمر مراهنة مصر لتكون الخسائر أكثر دمارا ودموية، لأنه مع استمرار مناهجنا الإعلامية المخترقة بالفاشية الدينية والعروبية قد تم تأهيل الشارع المصرى ليسقط فى حجر الإخوان، ذات يوم كارثى منتظر ومترقب فى انتخابات لا يعلم إلا الله حجم نتائجها على بلادنا، وإذا لم يتغير هذا الخطاب الإعلامى اليوم وفوراً فإن المستقبل سيحاكمه فى الزمن الآتى، بحسبانه كان المجرم الأعظم فى حق مصر والمصريين. إذا كنا حريصين على هذا الوطن الجميل الذى زيناه بالقبح والكراهية والتخلف، وإذا كنا نريد له إنقاذا قبل أن يسقط فى هوة بلا قرار، فعليكم بخطاب مدنى يستهدف مصر لا الإسلام، فللإسلام رب يحميه، أما الوطن فهو فى حماية أهله، وما أكثر ما أصبنا إسلامنا بالضرر بما فعل السفهاء منا. نريد خطابا مدنيا وطنيا لا طائفيا ولا عنصريا، لا إسلاميا ولا مسيحيا ولا عروبيا ولا أعجميا، نريد إعلاما يتحدث كما يتحدث العالم، أن يتحدث لغة العلم والحرية والحضارة، ومع شديد الأسف ولوعة الكبد أن كل هذا لم تبد له أية آثار واضحة أمامنا حتى اللحظة الراهنة. إن ما نراه أمامنا إعلام يعيش زمن الخيل والليل والبعير وتكريس علاقاتنا الدبلوماسية بدولة الجن والعفاريت، ومشهد مذيعاتنا ومذيعينا الفضيحة لمصر كلها، هل تطالعون القناة الثقافية وما فيها من ثقافة؟ هل تشاهدون قناة التنوير وما فيها من تنوير؟ إن مبنى ماسبيرو نفسه قد تم إنشاؤه بعقلية الخمسينيات ليليق بتكنولوجيا الخمسينيات وزمنها، ولم يعد يستوعب الجديد من أنظمة وتجهيزات وآلات، وهو بما فيه من بشر وآلات لن يستوعب أى جديد، وعندما يتحدث هذا الجهاز عن الإصلاح يصيب المشاهد بالرثاء لما آلت إليه أحوال مصر الجميلة، وما أصابها من قبح فى التفكير وفى المنهج وفى القول، لأن إعلامنا ليس إعلاما إنما هو إعلان يروج لبضاعة فاسدة، لا نسمع فيها سوى التمجيد لفلسفات الكهوف والصحراء، هى فلسفات تم تصميمها زمن الغزو العربى ليتمكن الغزاة من السيطرة على عقل الوطن لتركيع الأمة المصرية، وسلاسة قيادتها، فألقى تاريخها ولغتها وهويتها وأدخلها فى تبعية إجبارية لفلسفة إن جازت تسميتها فلسفة، ثم عادت الفتوح مرة أخرى بالصحوة المباركة لنتبع شيئا لا هو مصر ولا هو المستقبل ولا هو هويتنا، ولا هو الإسلام الذى نعرفه ونؤمن به ونحترمه ونحبه. ومع تطور البشرية وارتقائها بنظمها الحديثة فى الحكم والتفكير، ديمقراطية ومنهجا علميا، وثبوت نجاحها أمام أعيننا وتفوقها الذى لا يقارن بخير أمة أخرجت للناس، قام إعلامنا يفسح 35% من مساحات إرساله «بحسب إعلان وزير الإعلام السابق» للدين وحده، هذا ناهيك عن بقية البرامج من دراما وحوارات وعلم وإيمان، هى أيضا تطبيق عملى للفكر الوهابى، عبر عمليات ترقيع لهذا الفكر بما وصلت إليه الإنسانية من فكر وعلم، لنقول أن ما نعتقده خير مما هو عند الغرب وأكثر أصالة، فأصبح لدينا شيء مهلهل لا هو فكر ولا هو علم ولا هو إسلام، أصبحنا أمام ابن غير شرعى لا يمت بقرابة لأبيه وأجداده، أصبحنا أمام شىء لقيط كان الأجدر بنا أن ننسبه إلى الفراش، إلى أبيه الفعلى الذى نأخذ عنه جديده، ولا نقول أنه كان قديمنا، فنسبه زور إلى الزوج المخدوع العقيم العجوز المشلول. إن تمجيد الملبس الباكستانى ولحية أبى لهب وكحل عتبة بن شيبة ومسبحة أبى جهل والقتل صبرا بحسبانه مقاومة، والتمييز بين الدم المسلم وغير المسلم، والتمييز فى الهيئة بالحجاب وإضافته فريضة إلى فرائض الإسلام الخمس، حتى يعرف المسلم من غير المسلم، بذات الفلسفة التى كان يميز فيها الذمى بجز مقدمة الرأس، وختم الرقبة بالرصاص، وشد الزنار على الوسط، والاستئثار بالوظائف والمناصب، هو لون من إعادة الفتح والاحتلال وضرب المواطنة فى مقتل، هو سقوط فى فاشية فاضحة يجب فضحها والتشهير بها على الملأ لتنبيه الناس وليس تمجيدها وتكريسها فى النفوس الضائعة. إن تكريس هذه القيم العنصرية والطائفية فى زمن تحول خطر سيتم فيه استغلال الشارع للوصول إلى قيم لا علاقة لها بالديمقراطية المنتظرة، ولن يفوز بها إلا صاحب هذه القيم بركوب شارع طائفى عنصرى، لأن نموذج التخلف هو النموذج الأوحد المطروح فى السوق والذى لا يسمح بعرض غيره، ولم يسمح حتى الآن!! سادتى أهل القدرة على الفعل فى وطنى، إن أقررتم بضرورة الإصلاح فهو ما يعنى أن بضاعتكم المعروضة حتى الآن هى بضاعة فاسدة، وهو ما يعنى ضرورة الاعتراف بهذا عمليا وعلنيا وإعلاميا وهو ما يعنى ترك المساحة للقول الجديد المختلف حتى يتمكن المواطن من المقارنة والفرز، وهو ما يعنى ألا تواجهونا طوال الوقت بأن ربنا قال وأن نبينا قال ، لأنه فى هذه الحال لن يكون هناك قول آخر ممكن أو قابل للطرح أمام الله ونبيه، لا تركبوا الدين لأغراض ليست دينا، إنما سياسة، واجهونا بقول البشر ليسمح بقولنا أمام قولكم، ولأن الله لن يأتى بنفسه ليصلح، ولأن النبى قد مات منذ أزمان طويلة، ولأن ما تقولون ليس قول الله ولا النبى ولا تبتغون به وجه أحدهما بقدر ما هى مصالحكم منذ مات نبينا وركبتم أعناقنا وسيطرتم على مقدراتنا. ارتفعوا بإعلامنا عن عنصرية العربى الفاشى والمتأسلم، اللاعب بديننا ووطننا، بإلغاء كل مظاهر الأسلمة والعربجة، فإعلامنا مازال مطعما للبيض لا يدخله السود، مازال بنكا لا يودع فيه غير المسلم، مازال بنكا إسلاميا مضحكا هزليا يضحك على ذقون المسلمين، وهم يعلمون ويحيلون الإثم فيه عليه، ارتفعوا بإعلامنا عن لغة الكراهية التى لا تؤدى إلا لخيانة مصرنا، لقد شققتم مجتمعنا شقا، وحاكمتمونا بتهم منها إذكاء الفتنة الطائفية، وأنتم رمزها الأوضح والأسوأ والأبشع. وإذا كان القانون لا يجيز منح الشرعية لقيام أى تشكيل أو تنظيم أو تكتل أو تحزب يقوم على العصبية العرقية أو الطائفية الدينية أو على الجنس أو اللون، بما يفاضل ويمايز بين المواطنين فلماذا أنتم هنا علنا ودون خجل ودون محاسبة قانونية؟ إن الإخوان يقولون نحن جماعة المؤمنين وهو ما يعنى أنهم وحدهم المسلمون الأتقياء، وهو ما يعنى أن بقية أفراد الوطن ليسوا كذلك، وإذا كانت الحكومة قد منعت عنهم الشرعية لهذا السبب تحديداً فلماذا إعلامنا عنصرى عرقى طائفى؟ ولماذا هو شرعى؟ لقد أسقط إعلامنا قيم الحق والخير والجمال لصالح قيم الحلال والحرام، لتصبح قيمة عنصرية بالتمام لأنه الحلال والحرام من وجهة نظر دين واحد من أديان المواطنين، بينما قيم الحق والخير والجمال قيم إنسانية لكل الملل والنحل والعناصر، وهى أهم القيم التى تكون شخصية المواطن وتحدد أسلوب تعامله مع مجتمعه ومع الدنيا، وهى القيم التى لا يشكلها الدين، إنما يشكلها الفن الراقى والآداب بصنوفها والفلسفة بمنطقها ليحكم الإنسان بها على الأشياء حكما محايداً دقيقاً، فيتخذ المواقف المناسبة ويواجه بها ما يعرض له من مشكلات. إن الإنسان فنان بالفطرة فإن قتلنا فيه الفن قتلنا فيه إنسانيته، لكن الفن عندنا كافر، تعلو عليه قيم الصحراء كرا وفرا وسلبا ونهبا وقتلا وتوحشا وافتراسا. إن إعلامنا من طرف خفى يعلى من شأن فناناتنا التائبات عن الفن؟! هل يأملون أن يصبحوا أنبياء؟ أو قديسات؟ بعد أن ذهبت تلك الأمانى بذهاب خاتم الأنبياء والمرسلين؟ لماذا يوجد المشايخ فى الإعلام؟ هل هذا هو دور الإعلام؟ إنهم فيه ليشيروا إلينا : هذا هو ربنا ليصادروا عقولنا مقابل تعريفنا بالله، ليفكروا لنا نيابة عنه، وعنا، والبيعة بهذا الشكل خسرانة تقع علينا كشعب بالخسارة، لأنهم هم من يأكلون الثمار. لقد سبق أن عرفونا بالإسلام عند الفتح فأسلمنا، والحمد لله، لقد وضعوا أساس العمارة، فلماذا هم موجودون عند التحديث بالتشطيب والديكورات الإصلاحية الجديدة؟ لقد أدوا دورهم التاريخى فى زمنهم كأى دور آخر له زمنه، وانتهى دورهم، ومع ذلك يملأون علينا صفحات صحفنا القومية مقررات يومية، وشاشات التلفزة والإذاعة، ولا يكتفون بإذاعة القرآن الكريم..لماذا؟ لديكم إذاعة فاذهبوا إليها ولا تخرجوا لنا من كل صحيفة ولا تدخلوا علينا بيوتنا من شاشة التلفاز فنحن نعرف ربنا وإسلامنا ولم نعد بحاجة إليكم. أنتم تقولون لنا خطبا جميلة لا شك ومواعظ لطيفة لا شك، لكن عندما تحكموننا هل ستحكموننا بهذه الخطب والمواعظ أم كما حكم السلف؟ بالفقه وسيفه الذى لم يتغير مطلقا ولم يتطور منذ عصور الظلام، وحتى اليوم؟ وهل ستعيدون إلينا الرقيق مرة أخرى؟ أم سنكون نحن الرقيق؟ وهل ستطبقون علينا الجلد والرجم والقطع والسلخ والجز؟ أم ستأخذون بحق الإنسان فى حرية الاعتقاد وبحقوق المرأة الكاملة الأهلية على التساوى مع الرجل؟ إذا كنتم ستأخذون بالحقوق الإنسانية الحديثة فلسنا بحاجة إليكم لأن لها أصولها وفلسفاتها المعمول بها فى العالم كله ولم يكن لكم فيها أى دور، وإذا كنتم ستطبقون ما فعله السلف من سلخ وجز رقاب، فلسنا أيضا بحاجة إليكم، وسيكون أولى بكم كهوف تورا بورا أو إلى جوانتنامو، وبئس المصير وساءت مرتفقا.

    سيد القمنى

















                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de